المصدر: الصوت الحر
تقول
نظرية لعلماء أمريكيين تدعي «النوافذ المحطمة»: أنه
إذا تركت نافذة زجاجية محطمة ببيت في شارع دون إصلاحها، فستبدأ
نوافذ أخرى تتحطم في الشارع، ثم في المنطقة ثم في الحي وهكذا… ما يعني أن الأخطاء الصغيرة تتحول مع الوقت إلى
كوارث كبيرة إذا لم نتوقف عندها أولا بأول
لتصحيحها، وهكذا الحال مع الأخطاء الصغيرة في صياغة الخبر الصحفي، لأن خطأ صغير بتحرير خبر صحفي يمكن إلا
يمنع القارئ من متابعة الخبر في نافذة
إعلامية، ولكن تكرار هذه الأخطاء مع الوقت سيقف بالتأكيد عائق يصد
القارئ عن متابعة هذه النافذة الإعلامية بشكل كامل، ولهذا التعامل مع هذه الأخطاء الصغيرة الخاصة بالصياغة أولا
بأول أمر هام، يستدعي أن نقف عند الأخطاء الأكثر
شيوعا لنشير إليها في هذا المقال.
من
أهم الأخطاء الخاصة بالأسلوب، الانتقال من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب والعكس
مثل: «وقال عمرو موسى
أن فكرته الخاصة بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية تعتمد على عدد من الأسباب، وأنا سأسعى لعرضها
على الرئيس عدلي منصور والقوى السياسية والخطأ هنا
أن المحرر نقل كلام عمرو موسى بضمير الغائب أولا، ثم
انتقل إلى ضمير الأنا دون فاصل. لذلك يفضل دوما وضع كلام المصدر بين علامتي «تنصيص» مثل: وقال عمرو موسى: إن
«فكرتي الخاصة بإجراء الانتخابات البرلمانية
قبل الرئاسية تعتمد على عدد من الأسباب، وسأسعى لعرضها على
الرئيس عدلي منصور والقوى السياسية".
كذلك من الأخطاء الشائعة، وجود رأي شخصي أو تخمينات من محرر بالخبر مثل: "ووقف مبارك في القفص يفكر في كيف سيجيب على السؤال التالي» فهذا تخمين من المحرر لا يصح كتابته بالموضوع، وكذلك: «يسعى رئيس قطاع الأخبار، للاستعانة بأصحاب الخبرة في مجال النشرات الإخبارية، في إطار خطته التطويري، وهي خطة طموحة» فهنا وصف الخطة بالطموحة يعد رأي من المحرر لا يصح كتابته بالخبر.
بالنسبة
للأخطاء الخاصة بالزمن هناك خلط يحدث بين استخدام «العام» و«السنة». والواقع أن
العام هو العام التأريخي المحدد إما بتقويم «ميلادي أو هجري» أو
بحدث استثنائي مثل: «عام ثورة يناير»، أما «السنة» فهي
أي فترة 12 شهرا، وبناء عليه فكل عام سنة أي 12 شهرا لكن ليست كل سنة عام فهناك السنة المالية أو الضريبية. وبالتالي
يستحسن كتابة: «أطل علينا عام 2014» و«المعارضة التايلاندية
تنتظر الانقلاب العسكري الـ19 في 80 سنة".
كذلك
بالنسبة للأيام والأشهر والأعوام يفضل استخدام
المقبل وليس القادم فالقادم من القدم.. كما يفضل عدم استخدام هذا اليوم أو هذا الشهر أو هذا العام بل تستخدم
اليوم فقط أو الشهر الحالي أو الجاري لأن «هذا» تعني
الإشارة إلى شيء معين سبق ذكره، فلا يصح أن نقول «مدير مرور
الجيزة: افتتاح موقفين للسيارات بالمنيب الخميس القادم» بل نقول: «مدير مرور
الجيزة: افتتاح موقفين للسيارات بالمنيب الخميس المقبل»، وكذلك لا يصح كتابة: «يستضيف
منتدى القاهرة للتغير المناخي أكبر فعالياته لهذا العام» بل تكتب: «يستضيف منتدى القاهرة للتغير
المناخي أكبر فعالياته العام الحالي".
كذلك من الأخطاء الشائعة استخدام كلمة «ليلة» في إشارة إلى مساء اليوم نفسه فيقال ليلة السبت باعتبار أن المقصود هو السبت ليلا لكن ليلة السبت هي في الواقع الليلة التي تسبق يوم السبت أي الجمعة ليلا. كما لا يصح استخدام الصيغة التي تدمج يومين مثل أن نقول: « شارك العشرات الاثنين، في تشييع قبطي مصري من اثنين قتلا بهجوم على كنيسة شرق ليبيا ليلة الجمعة السبت»، فهذا الاستخدام يؤدي إلى إرباك القارئ، والصحيح هو أن نقول «ليلة السبت"
كما أن من الأولى استخدام كلمة «أشهر» مع الأعداد من 2 إلى 9 وليس «شهور» فكلمة شهور تكون في العدد الكثير أما أشهر في العدد القليل، فيقال «4 أشهر» ولا يقال «4 شهور» طبقا للقاعدة النحوية.
أيضا من الخطأ استعمال صيغة «في أسرع وقت» والأصح استعمال «في أقرب وقتٍ»، لأن الوقت لا يسرع.
بالنسبة
للمكان من الأخطاء الشائعة، استخدام «حيث» لأي غرض غير الإشارة للمكان، فهي ظرف
مكان، ومن الخطأ إيرادها للتفسير مثل «إيقاف
عمليات الإصدار الجديدة لشهادات الإيداع الدولية في بورصة لندن، حيث تخطت الحد
الأقصى المسموح به»، أو بعد تاريخ كالقول “وواصل «الببلاوي» نشاطه اليوم، حيث التقى»، والصحيح
هنا استخدام ظرف الزمان مثل «حين» أو «عندما"
أيضا هناك خلط لدى البعض حول استخدام «الباء» و«في» فكثير يستعملون «الباء» بدل «في». ولضبط استعمال هذين الحرفين يجب معرفة أن «الباء» تدل على الوسيلة والاستعانة، أما «في» فتدل على الظرفية. فيقال: «سافر بالطائرة» لأنها واسطة السفر. لكن لا يقال «مقيم بالقاهرة» بل نقول: «في القاهرة». ولا نقول «أقيمت المباراة بالإسكندرية» ولكننا نقول: «في الإسكندرية"
أيضا هناك خلط لدى البعض حول استخدام «الباء» و«في» فكثير يستعملون «الباء» بدل «في». ولضبط استعمال هذين الحرفين يجب معرفة أن «الباء» تدل على الوسيلة والاستعانة، أما «في» فتدل على الظرفية. فيقال: «سافر بالطائرة» لأنها واسطة السفر. لكن لا يقال «مقيم بالقاهرة» بل نقول: «في القاهرة». ولا نقول «أقيمت المباراة بالإسكندرية» ولكننا نقول: «في الإسكندرية"
كذلك
كثير ما تستعمل «لام الجر» بدل «إلى» مع أن اللام تنم على
الإسناد والتبعية والسكون، ولا توحي بالحركة. وبالتالي فالأفعال
التي توحي بالحركة يجب استخدام «إلى» معها، فضلا عن أن بعض الأفعال تتعدى ضرورة بـ «إلى» لا بـ «اللام» مثل: «سافر الرئيس
إلى الكويت» و«وصل وزير الدفاع
الأمريكي إلى القاهرة» لأن سافر ووصل ينمان عن الحركة، بينما استعمال
كالأتي: «وجه سؤال لوزير الخارجية"
كذلك
من الأخطاء الشائعة عند تحديد أسماء الموجودين
في الصور، فيقال مثلا إلى يمين الصورة ويقصد به الشخص الواقف إلى اليمين بالصورة، بينما من في يمين الصورة هو
الشخص الواقف إلى اليسار بالنسبة لمشاهد للصورة.
كما يستخدم كثير حروف جر إضافية في غير موقعها، فيقال مثلا «في داخل» مع أن «داخل» في حد ذاتها كافية للتعبير عن المطلوب، فلا يصح أن نقول «ضبطت كمية كبيرة من كروت الميموري في داخل لعب أطفال» لكن يقال «ضبطت كمية كبيرة من كروت الميموري داخل لعب أطفال"
كما يستخدم كثير حروف جر إضافية في غير موقعها، فيقال مثلا «في داخل» مع أن «داخل» في حد ذاتها كافية للتعبير عن المطلوب، فلا يصح أن نقول «ضبطت كمية كبيرة من كروت الميموري في داخل لعب أطفال» لكن يقال «ضبطت كمية كبيرة من كروت الميموري داخل لعب أطفال"
وتستخدم كلمة «أخلى» للمكان مثل: «أخلت قوات الأمن ميدان التحرير من المتظاهرين» حين يقع الفعل على المكان، فيما تستخدم كلمة «أجلى» مع الأحياء مثل: «روسيا تجلي رعاياها من سوريا» حين يقع الفعل على الأشخاص.
كنا أكدنا في مقال سابق عن صياغة الخبر الصحفي أنه إذا لم تضف الجملة في توصيل المعلومة شيئا أحذفها، وكذلك الحال بالنسبة للكلمات التي لا ضرورة لوجودها، والتي أصبحت تستعمل بشكل كبير من جانب بعض المحررين، خاصة الجدد منهم، وتعد من الأخطاء بالصياغة، ومن أكثر هذه الكلمات تكرارا كلمة «قام»، التي باتت تستعمل في كل مكان ولتغطية أي عجز لغوي. فمثلا أصبح يقال: «قام بالكلام» و«قام بالقتل» و«قام بالهرب»… ألخ، مع أنه من الأسهل استخدام الفعل المجرد كالقول «تكلم» و«قتل» و«هرب» ولكن قد يكون السبب هو التهرب من بذل جهد في تصريف الفعل. ويستخدم البعض عبارات مثل «أقام فلان مظاهرة» و«أقام حاجزا» و«أقام حفلا» و«أقام بيتا»، مع أنه من الأسهل والأفضل والأفصح استعمال أفعال أنسب لذلك مثل «نظم مظاهرة» و«نصب حاجزا» و«استضاف حفلا» و«شيد بيتا"
كذلك
كلمة «تم» ومعناها الحرفي «اكتمل»، إذ اعتاد البعض
استخدامها أصلا لتلافي التشكيل في حالة المجهول. فبدلا من كتابة «اعتُمد» استُخدمت عبارة «تم اعتماد». ولكن
هذا الاستعمال بدعة لا وجود لها في الأدب
العربي ولا في قواعد اللغة والبلاغة. ويأتي استخدام «تم» في بعض الأحيان معيبا
ومغالطا للمضمون، إذ يقال مثلا «تمت محاولة الاغتيال» أو
«تمت المفاوضات الفاشلة». فكيف تتم المحاولة إذا كانت مجرد محاولة، أو كيف تتم المفاوضات إذا فشلت؟ ولذلك
يفضل استخدام كلمة «جرى» التي قد تعني استمرار الفعل، لكنها على الأقل،
لا تعني إكماله أو اكتماله.
أيضا بعض المحررين يفرط في استخدام كلمات انتشرت بخاصة مع النصوص المترجمة مثل «عدم» و«غير»، فبدلا من كلمة «ظالم» يكتب البعض «غير عادل» ويكتب البعض «غير منظم» بدلا من «عشوائي» أو «مرتبك»، أو يكتب «عدم الاستقرار» بدلا من «الاضطراب»، أو يكتب «عدم القدرة» مع أن هناك كلمات كافية شافية مثل «العجز» و«التعذر"
وعليه،
إذا وجد المحرر أو المترجم نفسه مجبرا على استخدام كلمة قريبة من «عدم» فبإمكانه
استخدام «تجنب» و«تحاشي» مثل «عدم التفكير
في الترشح للرئاسة» تكتب «تجنب
التفكير في الترشح للرئاسة
من الأخطاء التي تتكرر كثير أيضا سوء استخدام حرف «الواو» دون مبرر خصوصا بعد الذي أو التي، كأن يقال: «توفى الفريق رضا حافظ، وزير الإنتاج الحربي، والذي كان أحد أبطال حرب أكتوبر». هنا لا حاجة مطلقا للواو فلا هي للعطف ولا للسببية ولا للقسم ولا لأي سبب مفهوم. وهناك خطأ آخر يتعلق بحرف «الواو» وهو الاستغناء عنه بالفاصلة «،» فيقال مثلا :زار الرئيس عدلي منصور السعودية، الكويت، الإمارات، والبحرين». وهذا استخدام وارد في اللغة الإنجليزية فقط أما في العربية فـ«الفاصلة» لا تحل محل «الواو» والصحيح هو «زار الرئيس عدلي منصور السعودية، والكويت، والإمارات، والبحرين.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر
أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية