الجمعة، 26 أبريل 2019

التجربة الأوكرانية



يمكن التعامل مع فوز الممثل فلاديمير زيلينسكي (41 سنة) بانتخابات الرئاسة في أوكرانيا على أنه تعبير صاخب عن حالة السخط المتزايدة تجاه النخب السياسية الفاشلة، وهي حالة ليست مقصورة على أوكرانيا، وإنما لها ما يدعمها حول العالم. يتوقع البعض أن يتحول نجاح الكوميدي الأوكراني في رئاسة بلاده إلى مثال يحتذى في بلاد أخرى تعاني بسبب فساد الطبقة السياسية، لكن أخرين يتوقعون فشلا مدويا للممثل الذي لا يمتلك أية خبرات سياسية، وأن يمنع هذا الفشل تكرار تجربة التمرد على النخب السياسية في أي بلد أخر. ينحدر زيلينسكي من أسرة يهودية من الطبقة المتوسطة، وولد في بلدة صغيرة بوسط أوكرانيا، وغالبية أفراد عائلته يعملون بالتعليم، لكنه اتجه مبكرا إلى العروض الكوميدية ليصبح أحد أشهر نجوم البلاد، ولديه شعبية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي. ليست أوكرانيا دولة صغيرة أو هامشية، فضلا عن كونها أحد نقاط التماس الساخنة بين مراكز القوى العالمية، ومسرح للصراع الروسي الأميركي الأوربي الصيني الدائر للسيطرة على الجمهوريات السوفييتية السابقة، وروسيا تحتل شبه جزيرة القرم الأوكرانية منذ 2014. وتظل أكثر الأمور إثارة في قصة زيلينسكي متمثلة في نجاحه المبهر في استخدام الكوميديا والسخرية ومواقع التواصل في تدمير هيبة السلطة، وهو أسلوب اعتمدته ثورات الربيع العربي في بداياتها، ثم اعتمدته لاحقا الثورات المضادة. الأربعيني الأوكراني ليس أول ممثل يتولى منصب الرئاسة، لكن المثير أنه لم يعرف عنه يوما ميلا إلى ممارسة السياسة، على عكس الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان (1911- 2004) الذي كان حاكما لولاية كاليفورنيا قبل رئاسته. الدور السياسي الوحيد الذي قام به الرئيس الأوكراني المنتخب، كان تجسيده شخصية مدرس تاريخ قادته الصدفة ليصبح رئيسا للجمهورية في المسلسل التليفزيوني الكوميدي "خادم الشعب". فجأة، تحول التمثيل إلى واقع، وفاز الممثل الكوميدي الشهير بمنصب الرئيس متفوقا على منافسيه، الرئيس الحالي ورئيسة الوزراء السابقة. لا يعرف بعد إن كان زيلينسكي سيكرر ما فعله في المسلسل من محاربة الفساد والبيروقراطية وإقصاء رموز السلطة الفاسدة، لكن انتقادات معارضيه تركز على كونه مجرد أداة في يد رجل الأعمال الذي يمتلك القناة التي تعرض مسلسله الكوميدي ذائع الصيت. المفارقة المثيرة تتمثل في أن المسلسل التليفزيوني ينتهي بسجن الرئيس المنتخب، وسيطرة رموز النظام القديم على الدولة مجددا، وتقسيم البلاد. فهل يتكرر الأمر نفسه في الواقع؟ هذا ما سيكشف عنه المستقبل.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الخميس، 4 أبريل 2019

"روز اليوسف" تفرم كتاب "فضائح السيسي بيه"... اقرأ الكتاب الساخر




داخل مؤسسة "روز اليوسف" الصحافية في مصر، وقعت أحداث قصّة مضحكة مبكية، تمّ على إثرها إعدام كتابٍ يحمل عنوان "فضائح السيسي بيه". 
وتقول تفاصيل تلك القصة التي روتها لـ"العربي الجديد" مصادر مطلعة داخل المؤسسة إن موظفين من "روز اليوسف" التي تمتلك مطابع ضخمة كانوا يقومون بجرد المخازن التي تحتوي على الكتب والإصدارات الخاصة بالمؤسسة، وإذا بهم يعثرون على عدد من نسخ كتاب للكاتب الساخر الراحل يوسف عوف، فكانت المفاجأة بعنوان الكتاب "فضائح السيسي بيه"، والذي صدرت طبعته الأولى عام 1994.
لم يعرف موظفو الجَرد ماذا يفعلون بالنسخ التي عثروا عليها من الكتاب القديم فوضعوها في إحدى زوايا المخزن لحين البت في أمرها، ثم انتشر الخبر بين صحافيي وموظفي "روز اليوسف" فتولى أحدهم ممن لهم علاقات وطيدة مع الأجهزة الأمنية الإبلاغ عن وجود الكتاب الذي يحمل عنوان "فضائح السيسي بيه" في المخازن. وعلى الفور اتصلت الأجهزة الأمنية بإدارة المؤسسة التي يرأس مجلس إدارتها عبد الصادق الشوربجي لتسأل عن أسباب وجود هذا الكتاب، فما كان من الإدارة إلا أن أمرت بجمع كل النسخ الموجودة من الكتاب وفرمها وعدم الإبقاء على أي منها.
ويوسف عوف هو أحد الأسماء المصرية البارزة في عالم الكتابة الساخرة، وعلم من أعلام الكوميديا منذ ظهور اسمه في برنامج "ساعة لقلبك" الذي كان يقدم في خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن.
واشتهر عوف بتقديم الأعمال الكوميدية الراقية التي تعتمد على ما يسمى بـ"كوميديا الموقف" والمفارقات والمفاجآت المثيرة بإيقاع سريع وحوار مختصر مكثف لاذع يثير الضحك بسهولة. ويعتبر كتابه "فضائح السيسي بيه" أحد أهم مؤلفاته التي تميزت بالأسلوب الفكاهي الغارق في السخرية، والذي ينقل القارئ معه في رحلة خيالية إلى إحدى هيئات القطاع العام التي استشرى فيها الفساد، فيقرأ فضائح نشرت في الصحف كما يقرأ معلومات مثيرة أخفتها ملفات التحقيق عن انحرافات وجرائم استغلال نفوذ داخل تلك الهيئة بأسلوب ساخر يثير الضحك أحياناً ويثيرالأسى في أحيان أخرى.
ولد يوسف عوف الكاتب الكوميدي والمؤلف المسرحي والإذاعي والسينمائي في 31 يناير/ كانون الثاني 1930، وتوفي في 28 إبريل/ نيسان 1999، ونال بكالوريوس الزراعة سنة 1950 وعرف بأسلوبه الساخر في الكتابة بسخريته من الواقع وتحويل الدموع إلى ضحك.

يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية