إعداد الشيخ / محمد خليل حسن الحكايمة
الفصل الاول
التجارب
1964-2001
يعتبر ميلاد جماعات وتنظيمات التيار الجهادي نتاجا طبيعيا للتطورات السياسية لمرحلة ما بعد الإستقلال( الشكلي) عن الإحتلال الغربي في بلاد العالم العربي والإسلامي. كما يعتبر تطورا مرحليا طبيعيا وإفرازا تلقائيا للصحوة الإسلامية المعاصرة التي كانت قد انطلقت منذ سقوط الخلافة تقريبا مطلع الثلاثينيات. أي قبل ميلاد التيار الجهادي بنحو ثلاثة عقود على الأقل. بحسب حداثة أو قدم ميلاد الصحوة الإسلامية وأحوال كل بلد وظروف احتلاله وأوضاعه السياسية عموما.
تولى الإحتلال الحديث للبلاد العربية والإسلامية تحطيم مقومات المقاومة والنهضة في الأمة بعد إسقاط الخلافة، وتمكن من تحطيم مقومات المرجعيات السياسية والدينية والاجتماعية في غالب بلاد العالم العربي والإسلامي. وأدت النقلة النوعية في أسلوب الإستعمار، من الإستعمار القديم أو(العسكري المباشر) لبلاد المسلمين إلى أسلوب الإستعمار الحديث (الاقتصادي والسياسي والثقافي)، وتنصيبه لحكومات الردة من أجيال العلمانية أومن التجمعات الخائنة العميلة) نائبة عنه في تحقيق أهدافه.
وأدى ذلك إلى خروج الأمة من ميدان الصدام لخفاء دور المستعمر الخارجي وتولي الحكومات (الوطنية) المحلية للحكم. وبحكم طبائع الأشياء كان لا بد لتلك الحكومات من أن تصطدم مع مختلف مكونات الصحوة الإسلامية التي قامت أساسا من أجل العودة بالمسلمين بشكل أو بآخر- بحسب كل مدرسة واتجاهاتها ومناهجها- إلى الحياة بناء على تعاليم دينهم والحكم بشريعتهم.
فقد قامت حكومات الإستقلال كلها بلا استثناء في بلاد العالم العربي والإسلامي، على أسس علمانية تفصل الدين عن الدولة. وحكمت جميعها بغير ما أنزل الله، وتولى المارقون من أبنائها مهمة التشريع من دون الله, كما تولوا مهمة العمالة والولاء لأعداء الأمة وخدمة أهدافهم جهارا. هذا بالإضافة إلى ما تحلت به كل تلك الحكومات بلا استثناء من مواصفات الظلم والقهر والاستبداد ومختلف أشكال الفساد الإداري والسلوكي وغير ذلك.
وزرع الاستعمار الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي في فلسطين، وقامت دولة إسرائيل عام 1947 رسميا على معظم أرض فلسطين، ثم أتمت إسرائيل احتلالها بالإضافة إلى أجزاء من مصر وسوريا والأردن ولبنان سنة 1967.
وشكلت قضية فلسطين عبئا ضخما في وجدان العالم العربي والإسلامي.. ورسخ الإستعمار الغربي احتلاله الاقتصادي للعالم العربي والإسلامي واستنزف خيراته. ودعم وحفظ الحكومات الديكتاتورية التي أنشأها فيه.
وهكذا وجدت قواعد الصحوة الإسلامية وقياداتها نفسها أمام هذا الواقع المؤلم الغريب الذي عقب مرحلة الإستعمار. وتعددت المذاهب والآراء داخل أوساط الصحوة ذاتها لمعالجة هذا الواقع مما أدى لتمايز مدارسها واتجاهاتها كما رأينا في الفصل الخامس.
ففي حين رأى بعضهم بأن الحل يكمن في التربية والإصلاح واعتزال السياسة. رأى آخرون الحل والإصلاح في اقتحام ميادينها من البوابة المشروعة (قانونا)، من خلال ما تتيحه تلك الحكومات. رأى الفريق الثالث (والذي نحن بصدده في هذا الفصل) أن الخرق قد اتسع على الراقع، وأنه لا بد من حمل السلاح لعلاج هذه الأوضاع. لاسيما بعدما أثبتت تلك الحكومات وأجهزتها القمعية أنها جاهزة لتقليم أظافر الصحوة دائما عبر تصفية قياداتها باغتيال زعمائها أو زجهم في السجون لعشرات السنين، ومطاردة أتباعهم وتضييق كل سبل الدعوة إلى الله حتى السلمية منها. وهنا بدأت تتبلور الأفكار الأولى لميلاد التيار الجهادي المعاصر. نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن المنصرم.
كانت حركة الإخوان المسلمين (بصورة رئيسية) المحضن الطبيعي الذي يمكن أن تولد فيه مثل هذه الأفكار وتنتشر. فقد كونت دعوة الشیخ حسن البنا مناخا مناسبا لهذه التطورات. ولا أدل على ذلك من شعارها الذي اختصر منهجها ( الله غايتنا. الرسول قدوتنا. القرآن دستورنا. الجهاد سبيلنا. الموت في سبيل الله أسمى أمانينا)، رغم أن فكرها وممارساتها قد حمل كثيرا من الاختلاط الفكري والمنهجي من مؤثرات صوفية وسلفية ووطنية وديمقراطية وسوى ذلك. كما شكلت ممارساتها الجهادية المبدئية دليلا آخر على صلاحية أن تكون محضنا لميلاد التيار والفكر الجهادي في رحمها.
فقد شارك قيادات وشباب الإخوان المسلمون في مصر وسوريا في حرب فلسطين سنة 1947- 19488. وشكل حسن البنا جهازه السري الخاص، وهو الجهاز العسكري للجماعة لأهداف جهادية، وقد قام أعضاء هذا الجهاز بعد اغتيال حسن البنا رحمه الله سنة 1949 بقيادة وإدارة المقاومة السرية في قناة السويس وما حولها مطلع الخمسينيات. وشارك الجهاز في دعم حركة عبد الناصر والضباط الأحرار بالإطاحة بالملك فاروق. ولكن هذا الهالك كان قد رتب مع أعداء هذه الأمة برنامجه الذي تضمن تصفية الحركة الإسلامية في مصر وطليعتها حركة الإخوان المسلمين، فقام بسجن قيادتهم والآلاف من قواعدهم سنة 1954 ووسع حملته عليهم وأعدم بعضهم سنة 19655 وكان من بينهم خيرة مفكريها وعناصرها القيادية.
أما في سوريا وهي المحضن الهام الآخر لحركة الإخوان المسلمين. فقد عصفت الانقلابات العسكرية بحكومات الإستقلال الوطنية الديمقراطية التي توالت منذ 1946. ومنذ 1954 توالت الانقلابات التي رعتها المخابرات الأمريكية وتجاربها في سوريا، إلى أن تم تجهيز الأجواء لحزب البعث العربي الاشتراكي ليقوم بانقلابه سنة 1963. وكان على أولى أولوياته تصفية الصحوة الإسلامية من الإخوان وغيرهم، ومحاربة الإسلام بكل مكوناته.
وشكلت مصر وسوريا المحضن المبكر لميلاد وتبلور فكر الجهاد ونظريات عمله, وتكررت هذه الصورة في مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي. وعملت تلك التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية وحملات التغريب والعلمنة التي قامت بها الحكومات المختلفة على طرح مسائل هامة على فكر الصحوة الإسلامية ومنهجها.
في باكستان، وخلال الخمسينيات شكلت كتابات الأستاذ العبقري الفذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله، مادة أساسية لتبلور فكر الجهاد. فقد انتقد الحالة البليدة التي تعيشها الأوساط الدينية التقليدية في باكستان. وطرح عبر كتبه ومقالاته وجريدة حركته التي أسسها باسم (الجماعة الإسلامية في باكستان) كثيرا من أهم المسائل السياسية الشرعية، وعرض واقع المسلمين المعاصر من خلالها. وكتب عن مقتضيات شهادة التوحيد، وعن أسس الولاء والبراء. وعرف الجهاد وأغراضه وأهدافه. وكتب حول ميلاد الدولة الإسلامية ومميزاتها وعن دستورها ومواصفاتها والطريق لإقامتها. واشتمل أحد أهم كتبه وهو (المصطلحات الأربعة) على كثير من أساسيات الفكر الجهادي المعاصر.
ولكن رائد الفكر الجهادي في العصر الحديث بلا منازع والذي يعود لأفكاره ميلاد منهج التفكير ونظريات الحركة في (التيار الجهادي المعاصر) كان بلا شك الأستاذ الشهيد المعلم (سيد قطب) رحمه الله. الذي ابتدأ حياته أديبا شاعرا وباحثا ناقدا لامعا. وعاش نضوج الفكر خلال الحقبة الصاخبة الحرجة من تاريخ مصر المعاصر خلال الأربعينات والخمسينات والستينات، وهي زوال الملكية وثورة الضباط الأحرار. واحتلال فلسطين والعدوان على مصر. واحتك عن قرب بالإخوان المسلمين وتأثر بحركتهم. وكان لرحلته الدراسية إلى أمريكا أثر بالغ في اكتشافه لطبيعة الحملة الصليبية المعاصرة على العالم العربي والإسلامي، بالإضافة لما حباه الله من بصيرة نافذة وقلم أخاذ وروح شفافة.
وقد شكلت أجواء السجن الذي زجه فيه عبد الناصر مع أكثر قيادات الإخوان المسلمين منذ مطلع الخمسينيات وإلى أواسط الستينيات. المحيط العام الذي خط فيه كتاباته الرائعة التي تعد بحق الأساس الفكري والمنهجي للتيار الجهادي المعاصر في العالم العربي والإسلامي. فقد ضم كتابه الفريد (في ظلال القرآن) وهو تفسير حركي لآيات القرآن الكريم في ضوء ما نقله المفسرون من الآثار، خلاصة النظريات الحركية للفكر الجهادي المعاصر، وخلاصة ما أراد طرحه من مفاهيم. وكان كتابه (معالم في الطريق) هو الأهم على صغر حجمه، وحوى خلاصة ذلك الفكر وطروحاته الجهادية الانقلابية الثورية. وكونت مكتبته الواسعة من الكتب الاخرى من مثل كتاب (خصائص التصور الإسلامي) و(هذا الدين) و(جاهلية القرن العشرين) وغيره. منهجا متكاملا لفكر جهادي حركي معاصر يناسب تلك المرحلة.
كان فكر سيد قطب نقلة نوعية في المسار الفكري للصحوة الإسلامية عموما وللإخوان المسلمين خصوصا. وكان على الحركة (الأم) كما أسموها أن تحدد موقفها من هذه الطروحات.
ووقفت القيادة التقليدية للإخوان في مصر من سيد قطب وأفكاره موقفا رافضا مناوئا. فقد كانت نظرياته في الحاكمية والولاء والبراء، والمفاصلة مع الجاهلية والتمايز في الهوية والمنهج. مفرقا هاما كان على الإخوان أن يقرروا السير معه نحو التطور، أو الافتراق عنه في ردة فعل تحيد بهم حتى عن ثوابت أساسية كان عليها المنهج عندهم.
واختار الإخوان الطريق الثاني تجنبا للصدام مع السلطة، وبدت آثار السجن والقمع والسياط جلية في ملامحهم الفكرية الجديدة. فقد كتب المرشد العام حسن الهضيبي رحمه الله كتابه الشهير (دعاة لا قضاة) ردا على كتاب (معالم في الطريق) وما حمله (في ظلال القرآن) من أفكار المواجهة والصدام مع الجاهلية التي يجسدها النظام السياسي القائم، وما يفرض على المجتمعات من تحول. وهنا افترقت حركة الإخوان المسلمين والصحوة السياسية المعاصرة إلى مدرستين متمايزتين متناقضتين. فجسد كتاب (المعالم) وفكر سيد قطب عموما، فكر الحاكمية والتمايز والمفاصلة، وبالتالي الحكم بالكفر والردة على أنظمة الحكم القائمة والدعوة الصريحة لجهادها ورسم معالم طريق هذا الجهاد.
وشكل كتاب (دعاة لا قضاة) كما يدل عنوانه المعبر، منهج الإخوان الجديد وبداية مسار التراجع الذي ابتدؤوه من حينها، وكانت خلاصة نظريته أن رواد الصحوة الإسلامية عبارة عن دعاة إلى الإسلام والإصلاح، وليسوا قضاة على الحكام والناس وما هم فيه من أحوال، حتى يحكموا بانتمائهم للإسلام أو خروجهم عنه. وشكل هذا الكتاب أحد أهم مرتكزات الإرجاء السياسي المعاصر في الحركة الإسلامية الناهضة، حيث شملت شهادته بالإسلام السلطات المرتدة الكافرة وأركانها في مصر وغيرها.
وكان هذين الكتابين وهذين الفكرين بداية لتشكيل المدرستين الرئيسيتين في الصحوة الإسلامية، وهما المدرسة السياسية، والمدرسة الجهادية. وأدى هذا الجو الفكري إلى ولادة المدرسة الشاذة للتكفير في سجون مصر أيضا على هامش تلك الصراعات الفكرية.
فرغم أهمية كتابات سيد قطب وأولويتها في توليد الهوية الفكرية للتيار الجهادي، إلا أن كتابات هامة أخرى قد برزت في تلك المرحلة في مصر أيضا، يأتي في طليعتها كتابات الأستاذ القانوني الشهيد عبد القادر عوده رحمه الله، والذي أعدمه عبد الناصر. وكذلك كتابات الشيخ المحدث أحمد شاكر رحمه الله وغيرهم.
وقد حاول سيد قطب رحمه الله وضع أفكاره موضع التنفيذ، وحاول تشكيل أول تنظيم جهادي سري يحمل تلك الأفكار من لفيف من الشباب المجاهد الذين كان معظمهم أعضاء في الإخوان المسلمين، إلا أن تجربته الغضة تلك سرعان ما أجهضت وأعدم بتهمتها رحمه الله. ليتحقق له قول رائع ورؤيا صالحة بالغة الدلالة كان قد رآها في سجنه. فقد روى بعض معاصريه في السجن أنه رأى في منامه قبيل إعدامه، دُرج طاولته التي يكتب عليها والذي يحوي الأوراق التي خط عليها أفكاره. ينفتح وتأتي العصافير فتحمل الأوراق وتطير بها في كل اتجاه. فأولها انتشار فكره في أنحاء الدنيا.
ولعله لا يوجد اليوم لغة حية من لغات المسلمين، إلا وقد ترجم إليها كثير من كتب سيد قطب رحمه الله، فضلا عن اللغات العالمية. هذا العملاق الذي أدرك الصليبيون اليوم وزعيمتهم أمريكا في حملتها لمكافحة الإرهاب أثر فكره. فجعلوا مكافحته والنيل منه وتشويهه أحد أهم مرتكزات حملتهم الفكرية الإعلامية الحالية وهجومهم على مناهج التربية والتعليم عامة في بلادنا وعلى مناهج التعليم الديني خاصة.
كان للشهيد سيد قطب رحمه الله تجربة محاولة لكي يضع دعوته وأفكاره موضع التنفيذ. وقد تأسس ذلك التنظيم على نخبة من الشباب المجاهد في مصر ممن عاصروه، وكان أكثرهم من كوادر الإخوان المسلمين في حينها. وقد نشرت وثيقة تاريخية بعنوان (لماذا أعدموني) نسبت للشهيد (سيد قطب) يدل سياقها وشهادة بعض عناصر على صحة نسبتها إليه. وبحسب تلك الوثيقة فقد ذكر سيد قطب أن نخبة من الشباب المجاهد كان قد شكل بعض الخلايا السرية بغية مواجهة نظام عبد الناصر إثر الهجمة الوحشية التي قامت بها أجهزة الأمن والقضاء المصري على الإخوان المسلمين سنة (1965). ومن قبلها سنة (1954) حيث إعدام بعض كوادرهم وسجن عشرات الآلاف منهم في السجون التاريخية الرهيبة. وقد ذكر في تلك الوثيقة؛ أن أولئك الفتية قد قصدوه ليكون أميرا لذلك التنظيم وأنه قد قبل أن يكون موجها وأبا روحيا لهم، وأنه وضع معهم بعض المخططات العسكرية. و ذكر أنه اعتقل مع أولئك الشباب إثر تلك المحاولة.
وقد حكم على (سيد قطب) رحمه الله بالإعدام وقتل مع نفر من أولئك الشباب. حيث وئدت تلك المحاولة في مهدها.
بعض تلاميذ قطب ومعاصريه من الشباب الذين تأثروا بفكره. قد تابعوا النشاط السري والدعوة لأفكاره. لتتحول تلك النشاطات فيما بعد إلى الخلايا الأولية لتنظيم الجهاد المصري.
ظهرت جماعات جهادية عدة بدءاً من حقبة الستينات. لكن (جماعة الجهاد) تحديداً ظهرت على يد الدكتور أيمن الظوهري. وقد سئل: ما الذي أثّر فيك لتكوّن هذه الجماعة؟ ما الذي دفعك إلى تأسيس هذه المجموعة وقد كنتم لا تزالون فتياناً في الثانوية العامة في مدرسة المعادي؟ فقال إنه تأثر أول ما تأثر بكتابات سيد قطب وحادثة الحكم بإعدامه (1966). ووصف الدكتور أيمن سيد قطب بأنه مثل الطبيب الشرعي الذي يشرّح الجثة بمهنية وتقنية عالية وكأنه يعرفها بأدق تفاصيلها.
إذن بدأ هذا المشروع تأثراً بسيد قطب وبشيء آخر حكاه الدكتور أيمن، وهو أنه كان يذهب إلى مكتبة جده شيخ الأزهر القديم الشيخ الأحمدي الظواهري ويقرأ في الكتب القديمة. يقرأ نتفاً من هنا ونتفاً من هناك ويقلّب الكتب. من خلال قراءاته هذه تعمّق عنده روح التديّن. وبما أنه من أسرة ثرية ميسورة فكان يستطيع أن يشتري كتب سيد قطب. بيئة الدكتور كانت بيئة ثقافة. فالدكتور عبد الوهاب عزام باشا الذي كان سفيراً في باكستان، هو الذي ترجم شعر الشاعر الشهير محمد إقبال إلى اللغة العربية، وكان يتحدث لغات عدة وهو الذي شرّح شعر المتنبي في ديوان شهير له، وله كتابات عديدة. وكان الدكتور أيمن يتكلم عنه كثيراً ويحبه.
سئل الدكتور أيمن كيف أسس جماعته، فقال إن المجموعة التي تشكّلت في ناحية المعادي، ضمّت طلبة في الثانوية كانوا يذهبون إلى المسجد معاً كونهم يعرفون بعضهم بعضاً من المدرسة. في تلك الفترة اجتمعوا وكوّنوا أول خلية لنواة جماعة صغيرة واختاروه (الظواهري) أميراً للمجموعة الصغيرة التي ضمت الدكتور أيمن ونبيل البرعي وإسماعيل طنطاوي والدكتور سيد إمام وغيرهم. كانوا في الثانوية العامة في المعادي، ومعظمهم من أبناء هذه المنطقة الراقية. وقال الدكتور إن تأسيس المجموعة حصل في العام 1968، وأنهم كانوا يذهبون في تلك الفترة إلى مسجد الكيخيا في منطقة عابدين بالقاهرة. كان هناك مسجد لجماعة أنصار السنّة، وهي جماعة تركّز على التوحيد وتهتم بالعقائد وتحارب البدع والقبور والطواف حولها.
كان الدكتور أيمن يتردد على مسجد (أنصار السنة) ويلتقي ورفاقه هناك حيث يستمعون إلى الدروس الدينية ويحضرون حلقات التجويد. كانت تلك البداية: جلسة يقرأون فيها القرآن ويتعلمون التجويد على يد أحد المشايخ، ثم من يحترف منهم القرآن وتجويده يُعلّم إخوانه. ثم يقرأون كتب التفسير. وبعد ذلك بدأوا يقرأون كتباً طُبعت في (المكتبة السلفية) مثل كتب إبن تيمية الذي أثّرت فتاويه فيهم تأثيراً كبيراً.
وبحسب ما قال: كانت تلك الجماعة بسيطة لا يتجاوز منظورها كيف ننظر في أمر ديننا وكيف يحصل الخلاص. وكانت هزيمة الحرب الشهيرة في 5 يونيو 1967 عزّزت اقتناع أعضاء المجموعة بضرورة العمل من أجل التغيير. فقد قال الظواهري إنهم شعروا في تلك الفترة، وهم لا يزالون في سن الشباب، بالخجل والعار من هذه الفضيحة، وكانوا يقرأون لبعض الناس الصالحين الطيبين الذين قالوا إن السبب في كل هذه الخسارة هو غياب الشريعة عن الحكم.
كل هذه العوامل أثّرت تأثيراً كبيراً في اتجاه تبني مشروع إسلامي. لكن كيف يتم تنفيذ هذا المشروع في ظل هذه الدولة المتوحشة الكبيرة التي لها مؤسسات وجيش وقوات أمن ومؤسسات، لم يكن ذلك قد تبلور بعد.
في عام 1973، أنشاء الدكتور صالح سرية تنظيمه الذي عرف بعد ذلك باسم (تنظيم الفنية العسكرية) حيث بدأ تكون مجموعة الفنية العسكرية بوصول صالح سرية إلى مصر، وبدأ الاتصال برموز الاخوان من أمثال السيدة زينب الغزالي وحسن الهضيبي رحمهما الله، ونشط في تكوين مجموعات من الشباب وحثهم على وجوب التصدي للنظام الحاكم.
كان صالح سرية محدثاً جذاباً ومثقفاً على درجة عالية من الاطلاع والمعرفة، وكان حاصلاً على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعاً في عدد من العلوم الشرعية،
واتسعت المجموعة التي كونها واستطاعت أن تجند عدداً من طلاب الكلية الفنية العسكرية، وعلى رأسهم كارم الأناضولي. "
وبدأ الشباب يضغطون عى صالح سرية من أجل البدء في المواجهة، فوافق تحت ضغطهم على القيام بمحاولة لقلب نظام الحكم.
وفي عام 1974 كانت أول محاولة لاغتيال السادات والقيام بعمل انقلاب عسكري. و تتلخص في مهاجمة أفراد الجماعة لحرس بوابة الكلية الفنية في صمت لإدخال عدد كبير من الشباب إلى الكلية، ثم بعد ذلك الاستيلاء على الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة إخوانهم الطلبة داخل الكلية مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين أثناء الليل، ثم التوجه بما حصلوا عليه إلى مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه أثناء اجتماعهم".
لم تنجح محاولة الانقلاب لعدم مراعاتها للظروف الموضوعية للواقع ووجوب الإعداد الجيد له. فقد كانت تلك المحاولة تفتقر إلى التدريب في جانب الشباب المكلف بالهجوم على حرس بوابة الكلية، كما أن الخطة كانت تمر بعنق زجاجة في أكثر من مرحلة.
وفشلت خطة الهجوم وتم القبض على كل من صالح سرية وكارم الاناضولي وبعض أعضاء التنظيم وقدموا للمحاكمة العسكرية.
ورغم أن هذه العملية قد أجهضت في بدايتها، إلا أنها كانت إرهاصا بالتغير الجديد في المسار العام للحركة الإسلامية، فقد قررت الحركة أن تحمل السلاح في وجه الحكومة، وحملته بعد حملة البطش الناصرية لتثبت للحكومة أن البطش لا يجدي معها، وأن ما ظنه أعوان عبد الناصر حملة اجتثاث للتيار الجهادي في حملة 1965 لم يكن إلا شرارة الانطلاق.
وسيقت المجموعة إلى المحاكمة، وحكم على صالح سرية وكارم الأناضولي وطلال الأنصاري بالإعدام.
وبدأت الحكومة في مساومة الثلاثة على تقديم طلب للعفو إلى رئيس الجمهورية، أما طلال الأنصاري فقد قدم طلباً للعفو حصل بسببه على تخفيف للحكم إلى السجن المؤبد، أما صالح سرية وكارم الأناضولي فقد أبيا ذلك.
وفي يوم من الأيام تجمع المساجين السياسيون حول صالح سرية في فناء سجن الاستئناف في إحدى الفسحات القصيرة التي كانت تسمح بها إدارة السجن له خلال حبسه الانفرادي المستمر، وألحوا عليه في تقديم طلب للعفو، فقال لهم في يقين المؤمن: وماذا يملك أنور السادات من أمره حتى يملك أن يطيل في عمري شيئاً؟ ثم قال لهم: انظروا إلى هذا السجن الكئيب، وهذا الطعام الرديء الذي يقدم فيه، وإلى هذه المراحيض المسدودة التي نفرغ فيها هذا الطعام. إن هذه هي الدنيا في حقيقتها، فلماذا نتمسك بها؟
وفي الزيارة الأخيرة قبل الإعدام، جاءت زوجة صالح سرية ومعها أولادها التسعة لزيارته في السجن، فقال لها: إذا تقدمت بطلب للعفو فأنت طالق.
وفي يوم التنفيذ دخلت قوة من السجن والمباحث على طلال الأنصاري ليوثقوه ويأخذوه إلى المشنقة فطلب منهم أن يصلي ركعتين سنة الشهادة، فقال له ضابط مباحث أمن الدولة: صلهما عند الذي ستذهب إليه.
وعقب هذه العملية بأشهر معدودات قام يحيى هاشم بمحاولة لبداية حرب عصابات من جبال المنيا.
وففي عام 1975 أنشأ (يحي هاشم) وكان يعمل وكيلاً للنيابة تنظمياً سرياً مكون من 3000 عضواً من الاسكندرية، وحاول أن يقوم بعملية اقتحام للسجن الذي فيه الدكتور صالح سرية وإخوانه، إلا أنه فشل في الاقتحام وقتل أثناء العملية واعتقل باقي الأفراد الذين برأت ساحتهم المحكمة الخاصة بقضية (الفنية العسكرية) من قبل، وعددهم ستون فرداً خرجوا من السجن لينضموا إلى التنظيم الجديد الذي قاده تلميذ الدكتور صالح سرية.
ورغم أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح لأنها لم تراع الظروف الموضوعية اللازمة، إلا أنها كانت مؤشرا آخر على أن التغير في فكر الحركة الإسلامية صار حقيقة ملموسة، وأن الشباب المسلم هذه المرة لم يعد كأسلافه في الأربعينيات. ويحيى هاشم رائد من رواد الجهاد في مصر، وحق له أن يكون كذلك. فقد أنعم الله عليه بنعمة عظيمة وهي نفسه العزيزة وهمته العالية التي حملته على أن يضحي بكل ما يملك غير مبال بحطام الدنيا ولا ما يتكالب عليه الناس. وكانت فيه خصلة أخرى حميدة وهي حماسته في سبيل ما يؤمن به، وكان أيضا ـ رحمه الله ـ ذا نفس صافية تحسن الظن وتتعاطف مع إخوانه المسلمين.
وكان يحيى هاشم وكيلا للنيابة، وهو منصب يتمناه كثير من الشباب، ولكنه كان لا يعبأ بهذا المنصب وكان دائما على استعداد للتضحية به في سبيل الله، وعرف يحيى هاشم عقب انضمامه إلى مجموعه جهاديه ناشئة في أعقاب نكسة 1967.
وحاول بعض من خرج من السجن من تنظيم الفنية العسكرية محاولة إحياء التنظيم مرتين، انتهت المحاولة الأولى بالقبض على المجموعة في سنة 1977، وانتهت المحاولة الثانية بالقبض على الشباب في سنة 1979 نتيجة وجود اختراقات أمنية للمباحث بينهم.
وكان محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» بحدود 1979، من الذين لم يقبض عليهم من المجموعة الثانية، وبدأ فرج الحركة النشيطة في القاهرة والجيزة وشمال مصر.
في هذه الفترة تأسست الجماعة الاسلامية ونشطت في عدد من الجامعات المصرية بدءا من عام (1975). إثر سياسة (السادات) بالانفتاح وإطلاق المجال للجماعات الإسلامية بغية الحد من نشاط التيارات السياسية اليسارية والشيوعية التي شهدت نموا في عهد الناصرية.
وقد نشأت الجماعة الإسلامية على منهج بين الفكر الإخواني والمنطلقات السلفية . وجعلت من تطبيق الشريعة في مصر هدف مشروعها. وقد نحت الجماعة منحى شعبيا من خلال تبني قيادتها للدعوة العلنية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتطبيق بعض أعمال الحسبة في بعض المجالات. وانتشرت خلايا ها عبر المساجد في مصر. وكان منشؤها أصلا في الصعيد، وإليه ينتمي معظم قياداتها. ولكنها امتدت إلى جامعات الوجه البحري في شمال مصر. وقد اتخذت قياداتها من الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن أميرا عاما لها، لما عرف عنه من مواقف العزيمة منذ هلاك (عبد الناصر)، حيث أفتى بعدم جواز الصلاة عليه عند هلاكه، وسجن بسبب ذلك ثم عدد من المواقف الأخرى في عهد السادات.
وإثر زيارة السادات لإسرائيل وإعلانه لاتفاقيات (كامب ديفيد) وبرنامج الصلح والتطبع مع اليهود. نحت الجماعة الإسلامية منحى فكريا جهاديا، وصدرت عن أحد أقطابها وهو الشهيد عبد السلام فرج، أحد أهم الأبحاث الجهادية في العصر الحديث، وهو رسالة (الفريضة الغائبة) وكانت أهميته نابعة من احتوائه على أهم فتاوى الجهاد المعاصر ضد الحكومات القائمة في البلاد العربية والإسلامية ومنها مصر. والحكم عليها بالردة والإفتاء بجهادها وقتال جنودها ورجال أمنها وقياس أحوالها على فتاوى ابن تيمية في قتال التتار ومن كان من أعوانهم من المسلمين المكرهين أو الجاهلين.
وكانت مجموعة الدكتور أيمن، منشغلة آنذاك (فترة السبعينات) في التدريس وتجنيد الأفراد وتوسيع العضوية. وهم كانوا في تلك الفترة يركّزون على الجيش ويبحثون عن الضباط لأنهم يعرفون أن الجيش هو أسهل ورقة للتغيير بدون إهدار دماء. وفي هذا الإطار، تعرّف الدكتور الظواهري على عصام القمري رحمه الله. هناك ضباط إسلاميون دخلوا إلى الجيش كضباط عاديين ولكن حصل لهم تحوّل إسلامي بعد دخولهم القوات المسلحة. أما عصام القمري فإنه يختلف عن هؤلاء. فهو نجح في الثانوية العامة بمجموع عال، لكنه قال لوالده إنه يريد أن يدخل الكلية الحربية ليقتل رئيس الدولة ويخطط للقيام بانقلاب. دخل الجيش من أجل هذا المشروع. التزامه سبق دخوله الجيش. وهو لم يتزوّج، إذ كان عازفاً عن الزواج، ويقول إن الزوجة ستضرّني لأنها ستكون أداة ضغط عليّ.
كانت الجماعات الجهادية تظهر، لكن لم يكن هناك رابط عضوي بينها. استغلت الجماعات المختلفة مناخ الهدوء وكان أعضاؤها يذهبون إلى صحراء دهشور (بعد الهرم) للتدرب على الرماية والسلاح وبعض الأمور البسيطة الأخرى (القتال). كان التدريب يتم قرب القاهرة خصوصاً في دهشور والخطاطبة، في حين كان التدريب في الصعيد يتم في المناطق الجبلية.
كان يتم تدريب الناس على أساس استخدامهم في المستقبل. لم تكن هناك نية للاصطدام مع النظام بشكل مباشر. فنظرية الدكتور الظواهري تختلف عن الآخرين. الآخرون اصطدموا مع النظام فعلاً وكوّنوا بسرعة عملاً، لكنه كان يرى أن هذه الطريقة لن تحل المشكلة لأنه حتى وإن نجحتَ في عملية فإن هناك عقبات أخرى ستعترض طريقك. فأنت لست متغلغلاً في الجيش وليس لك مؤيدين في المناصب الحساسة فيه. فإذا قمت مثلاً بإنقلاب فستجد نفسك محاصراً من الحرس الجمهوري أو القوات العادية وتدخل في صراع معهم وستفشل. فالمسألة ليست مجرد إنقلاب. لا بد أن يحصل إعداد وتغلغل قوي في المؤسسة العسكرية.
واستمرت الجماعات التي تحمل أفكاراً جهادية تعمل بشكل منفرد حتى أواخر السبعينات تقريباً. في 1979 حصل تحالف بينها فتوحدت، وهي التي كانت مسؤولة عن قتل السادات.
حصل التوحد في وقت كان المنحنى التصاعدي في الصراع بين الإسلاميين والسادات مستمراً في الارتفاع. فبعد زيارته إسرائيل وبعد كامب ديفيد، استفز السادات مشاعر الأمة مرة ثانية بعد الثورة الايرانية في 1979 باستضافته الشاه. ووسط هذه الأجواء كان فصيل من المؤمنين بالأفكار الجهادية يخطط لقلب النظام ويرى أن الأمور تسير في مصلحته. فهو يستفيد من هذا المناخ لتجنيد الناس وتأكيد صحة فكرته في شأن السادات.
شعر السادات أن الأجواء لا تسير لمصلحته وأن الشارع يمكن أن ينقلب ضده، فاستخدم وسائل الإعلام التي استعملت مصطلح الخومينية على الثورة الايرانية.
في هذا الوقت حصلت حادثة الزاوية الحمراء، إحدى مناطق القاهرة. بدأت صراعاً على قطعة أرض بين المسلمين والنصارى. سوّر المسلمون قطعة الأرض وأقاموا فيها مكاناً لتعليم القرآن والصلاة. وكان هناك نصراني يدعى كمال عياد، يملك رشاشاً آلياً ويسكن أمام قطعة الأرض. تضايق من هذا المنظر، فنزل وأطلق النار على الأولاد الذين يدرسون هناك فقُتل بعضهم. هاج الناس البسطاء. بدأ الكلام عن أن النصارى المسيحيين يقتلون المسلمين داخل المسجد.
في تلك الاجواء وقبلها تلاقت الأفكار والإرادات بين الجماعات الجهادية. إذ ظهر محمد عبد السلام فرج بعدما قبضت السلطات آنذاك على تنظيم في الاسكندرية يدعى تنظيم (الجهاد) من بين قادته البارزين إبراهيم سلامة. وكان أعضاء هذا التنظيم يعرفون الظواهري، وكانت لهم علاقة مع نبيل نعيم وعصام القمري، وعلى رغم كشف التنظيم، لم يُعتقل محمد عبد السلام فرج وحصل أن عُيّن مهندساً في جامعة القاهرة. وكان مسكنه قريب من بولاق.
محمد عبد السلام فرج بحث وخرج بكتاب (الفريضة الغائبة) الشهير. إذ كان يدعو إلى الجهاد على أساس أنه الفريضة الغائبة وأن ما ترك قوم الجهاد إلا ذلّوا. واستشهد بمجموعة من الأدلة الشرعية. والجديد عنده أيضاً أنه رد على الجمعيات الخيرية والمؤسسية التي كانت تثير شبهات تتعلق بقضية تبني مشروع قضية الجهاد. قال لهم: عندما يأتي موسم الحج تذهبون إلى الحج وتقرأون في فقه الحج. وإذا جاء رمضان تقرأون في فقه رمضان. وفي الزكاة تقرأون عن الزكاة. أما الجهاد، فلا تتكلمون عنه على رغم أن الحكم الإسلامي غير مطبق والسلطة مغتصبة. كانت هذه الأمور موجودة في ذهن بعض الناس، لكنها لم تكن مجمّعة في كتاب مثل كتابه الصغير (الفريضة الغائبة).
تعرّف عبد السلام فرج إلى أخ يدعى شعبان عبد العاطي من بولاق. وعرّفه هذا إلى كرم زهدي، وكان هذا أمير (الجماعة الإسلامية) في الصعيد.
ثم ما لبثت الجماعة الإسلامية أن وفقت في تنفيذ عملية اغتيال السادات في حادث المنصة الشهير، أثناء الاستعراض العسكري السنوي سنة 1981، عندما خرج السادات على قومه في زينته فخسف الله به وبمنصته وأرداه قتيلا. وقد قاد العملية شهيد الجماعة الإسلامية والتيار الجهادي المعاصر. الشهيد البطل خالد الإسلامبولي. وكان ذلك ضمن برنامج انقلابي ضد الحكومة في مصر، لم يقدر أن ينجح منه إلا فقرة اغتيال السادات.
ودارت الأحداث على محورين: المحور الاول:
الهجوم على السادات وأركان حكمه خلال العرض العسكري يوم 6 أكتوبر، في محاولة لقتل أكبر عدد من رؤوس الحكم، وما صاحب هذا الهجوم من محاولة للاستيلاء على الإذاعة. وقد نجح التحرك على هذا المحور في قتل أنور السادات، أما أركان الحكم فقد نجوا، كما لم تنجح محاولة الاستيلاء على الإذاعة. المحور الثاني: القيام بانتفاضة مسلحة في مدينة أسيوط للاستيلاء عليها. تمرد الانتفاضة بعد اغتيال أنور السادات بيومين، أي بعد أن نجح الجيش في السيطرة على البلد وتأمين النظام. وقد نجحت هذه المحاولة في الاستيلاء على بعض مراكز الشرطة، ولكن الحكومة استدعت القوات الخاصة التي بدأت في دك مواقع مقاومة الأخوة فاضطر الشباب المجاهد إلى ترك هذه المراكز لما نفذت ذخائرهم. لقد كان محكوما على تمرد أسيوط المسلح بالفشل فقد كانت انتفاضة عاطفية ذات نصيب متواضع من التخطيط، فقد جاءت متأخرة عن قتل السادات بيومين، كما كانت تستند إلى خطة غير واقعية تهدف إلى السيطرة على مدينة أسيوط ثم التقدم شمالا نحو القاهرة لفتحها، متناسية أية أرقام عن قوة العدو وعتاده.
وهكذا انتهت انتفاضة 1981 بمكسب أساسي وهو قتل أنور السادات، أما ما صاحبها من محاولات فلم يكتب لها التوفيق لعدم توفر الإعداد اللازم لها.
بعد مقتل السادات وبسبب تداخل العلاقات بين أعضاء تنظيم الجماعة الإسلامية الذين نفذوا العملية وأعضاء من تنظيم جماعة الجهاد الذين كان لهم مشاركة فيها. اعتقل عدد من كوادر تنظيم الجهاد العسكريين، من أبرزهم الشهيد الرائد عصام القمري. وهنا لابد من وقفة، فعصام القمري من القلائل الأفذاذ الذين لم يأخذوا حقهم في التعريف بفضلهم وجهادهم،
عصام القمري، رجل جاد أخذ منذ بداية شبابه قضية الإسلام مأخذ الجد، فقرر أن يدخل الكلية الحربية ليغير النظام الحاكم في مصر، هكذا كانت قناعته وهو لا يزال طالباً متخرجاً من المدارس الثانوية، وقد أخبرني يرحمه الله أنه سأل والده بعد دخوله للكلية الحربية: أتدري لماذا دخلت الكلية الحربية؟ فقال له والده: لماذا؟ فقال له: لكي أقوم بانقلاب عسكري في مصر، وذهل والده، لكنه لم يستطع شيئاً فقد كان عصام قد قبل في الكلية الحربية.
وكان مجموع عصام القمري في الثانوية العامة يؤهله لدخول عدد من الكليات العملية (كالطب والهندسة ونحوهما)، وكانت عادة الناس وما زالت، أن يفضلوا الالتحاق بالكليات العملية على الكليات العسكرية، لكن عصام خالف هذا العرف السائد لأمر في نفسه.
وفي الكلية الحربية، تعرّف عصام القمري على محمد مصطفى عليوة، شقيق علوي مصطفى عليوةـ أحد الناشطين في تنظیم الجهاد كذلك، والذي ضمه مع شقيقه إلى المجموعه الجهادية، وهكذا انضم عصام القمري إلى المجاهدين في مصر، ومنذ انضمام القمري إلى هذا الطريق وحتى مقتله، لم يتوقف عن العطاء المثمر والبذل الجاد في سبيل هذا الدين.
وأعانه على هذا المستوى السامي طبيعته وخلقه الراقي، فعصام القمري رجل بكل ما تعنيه كلمة الرجولة من معان، وشهم بكل ما تدل عليه لفظة الشهامة من مدلولات. بل إن كثيراً من المتاعب التي عاناها والتضحيات التي قدمها، برضا واطمئنان، كانت بسبب ما انطوت عليه نفسه الكريمة من شهامة ونخوة.
بعد تخرج عصام القمري في الكلية العسكرية، انخرط في سلاح المدرعات، الذي أحبه وتفوق فيه وكان يكرر لنا أن هذا السلاح يجب أن يكون سلاح المسلمين لما يتوفر فيه من قدرة على حسم المعارك وردع الخصم.
وكان تفوق عصام القمري في سلاح المدرعات، تفوقاً ملحوظاً مميزاً، فقد انكب على العلم العسكري دراسة وفهماً، وعلى الخبرة الميدانية ممارسة وعملاً، لأنه كان يحتسب هذا الجهد في سبيل الله، لذا لم يكن غريباً أن يتفوق في كل دوراته التدريبية وأن يكون الأول على زملائه فيها.
من أجل ذلك، رشح وهو رائد لدورة قادة كتائب في أميركا، وُعد بعدها أن يعود قائداً لكتيبة في الحرس الجمهوري، وكان عصام ينتظر هذا المنصب باهتمام.
ولم يثنه عن هذه الدورة، إلا اجتهاد أحد الاخوة المبالغين، الذي أقنعه أن عام 1981، سيكون عام التغيير في مصر، وأنه قادر على أن يحشد عدداً ضخماً من الشباب المجاهد في الجماعات المجاهدة.
قرر عصام ألا يسافر إلى أميركا، فرشح بدلاً من ذلك لكلية أركان الحرب، وكان بذلك ضابطاً من الضباط النوادر في سلاح المدرعات الذي يرشح لهذه الكلية وهو ما زال رائداً.
وبناء على قناعة عصام بالرأي القائل إن عام 1981 يمكن أن يكون عام التغيير، بدأ يجتهد هو وإخوانه الضباط الذين جندهم، في إخراج كل ما يمكنهم إخراجه من أسلحة وعتاد من الجيش، وكنا نقوم بتخزين هذه الأسلحة.
وأثناء نقل آخر كمية من هذه الأسلحة من عيادتي إلى المخزن المعد لذلك، وكانت عبارة عن حقيبة أوراق بها بعض الأسلحة مع كتب ونشرات عسكرية، ألقي القبض على حامل الحقيبة، لكنه استطاع الفرار وترك الحقيبة، وعن طريق بعض النشرات التي في الحقيبة، وبعض الخرائط الموضح عليها مواقع الدبابات في القاهرة، أمكن الوصول إلى مجموعة الضباط التابعين لعصام القمري، وأدرك عصام الخطر قبل وصولهم إليه، فهرب، لكن قبض على بعض الضباط من إخوانه.
وظل عصام هارباً من فبراير حتى أكتوبر 1981، حتى قبض عليه عقب اغتيال أنور السادات، وطوال هذه الفترة كان عصام صابراً كعادته لا يشكو ولا يتبرم ولا يتذمر ولا يلوم أحداً، بل يهون الأمر ويشد من أزر إخوانه ويقوي من عزيمتهم.
ولم يتوقف عصام عن النشاط في فترة هربه، بل على العكس، كان رغم المشاكل الجمّة التي يواجهها والضغط العصبي والتوتر الذي يعيشه في كل دقيقة، لا يكف عن العمل وبذل الجهد،
فقد استطلع العديد من الأهداف ومواقع القوات ومقار الشرطة وأعد خططاً، وأجرى العديد من التجارب.
وعقب اغتيال السادات، طلب عصام أن يتصل بعبود الزمر، وفي هذه اللحظات الحرجة، تدارس القمري الموقف مع عبود وحاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه، لكن الوقت كان قد فات، فقد كان عصام يفكر في محاولة ضرب جنازة السادات بمن فيها من رؤساء أميركا وقادة إسرائيل، كما كان يفكر في إمكانية الاستيلاء على بعض الدبابات وتحريكها لضرب هدف حيوي أو الهجوم على الجنازة، لكن الإمكانات المتاحة كانت أقل من طموحاته، وكان الوقت قد فات. وانتهت لقاءاتنا بعبود الزمر، بنصيحتنا له أن يحاول الخروج من مصر في هذه المرحلة ليواصل الهجوم في مرحلة أخرى، لكن عبود اعتذر عن هذا الرأي، لأنه كان قد تعاهد مع إخوانه على مواصلة المعركة، رغم أنه اعترف للأخوة في أثناء السجن أنه كان مقتنعاً برأينا، لكن عهده مع اخوانه ألزمه بعدم قبولها.
وكانت لعصام نظرية في العمل الجهادي حاول جاهداً أن يوفر لها الإمكانات، لكن الاقدار لم تسمح له بذلك،
وهذه النظرية ما زالت تمثل اختياراً عملياً مناسباً إن توفرت لها مقوماتها، من بينها: أن أنظمة الحكم في بلادنا قد فرضت من الاحتياطات الأمنية ما لا يمكن مواجهته إلا بقوة مسلحة تملك قوة نيران كبيرة وعدداً من الدروع تستطيع به أن تفرض سيطرتها على العاصمة وخوض المعركة والصمود فيها من أسبوع إلى أسبوعين.
ـ أن الحركة الإسلامية تملك آلاف الشباب الذين يتسابقون إلى الشهادة، لكن هؤلاء الشباب بلا تدريب ولا خبرة قتالية.
ـ أن اختراق الحركة الإسلامية للجيش سيواجه دائماً بحملات التطهير ومن العسير على الحركة الاسلامية أن تجند عدداً كبيراً من الضباط في صفوف الجيش من دون أن ينكشف أمرهم نظراً للمتابعات الأمنية الدقيقة في صفوف القوات المسلحة.
كانت فكرة عصام هي تدريب عدة مئات من الشباب المسلم على السلاح وعلى استخدام وقيادة الدبابات ولو بصورة مبدئية.
أما قوات الشرطة والأمن المركزي وما يتبع وزارة الداخلية، فكان عصام ينظر إليها باستخفاف. وكان عصام ينتقد انشغال الشباب المسلم بالشرطة والهجوم عليها، وعدم نظرتهم إلى الوضع العسكري نظرة عملية تحليلية مبنية على المعلومات.
وكان يثق كثيرا بالشباب المسلم المتدرب ويقول: إن الشرطة تستأسد علينا، لأن اخواننا غير مدربين، أما إذا دربناهم وأعطيناهم قليلا من السلاح، فلن يقف أمامهم أحد. هذه النظرية ظلت مجال نقاش لفترات طويلة قبل السجن وأثناءه، وكثير من توقعاته صدقتها الأحداث.
وهذه الخطة خطة جريئة تعتمد على الاستطلاع الدقيق والتحليل العلمي للمعلومات الواقعية، لذلك فهي تتوافق تماماً مع شخصية عصام التي تكاملت فيها هذه العناصر، القلب الجريء والعلم العسكري والعمل الدؤوب.
ولهذه النظرية تفاصيل كثيرة وجوانب متعددة، لكنني فقط أشرت إلى فكرتها المحورية.
وفی عام 1982 شاء الله أن يقع المقدم في المخابرات الحربية عبود الزمر في الأسر بعد معركة مع القوة التي أرادت اعتقاله، واكتشف المحققون من تعذيب إخوانه أنه قد التقى بعصام القمري الضابط فی الجيش،
كانت المفاجأة ضخمة، الضابط الهارب منذ ثمانية أشهر ظهر مرة أخرى على سطح الأحداث، وبتكثيف المطاردات تم القبض على الدكتور أيمن الظواهري ثم الهجوم على مخبأ عصام القمري في حي الجمالية بالقاهرة، حيث دارت معركة الجمالية المثيرة
وهذه المعركة تحتل أهمية مهمة في تاريخ الحركة، لما أظهرت من حقائق خطيرة في المواجهة بين الإسلاميين وقوات الحكومة، ولما أظهرت من صدق نظرة عصام وبعد نظره.
وهنا لا بد من وقفة لشرح بعض تفاصيل هذه المعركة: دارت هذه المعركة في منطقة منشية ناصر في حي الجمالية، وهي منطقة فقيرة تزدحم فيها بيوت الفقراء المتلاصقة تفصل بينها الحواري والأزقة الضيقة.
وكان عصام مختبئاً في ورشة للخراطة، أنشأها محمد عبد الرحيم الشرقاوي لتكون احدى قواعدنا مع إبراهيم سلامة، ونبيل نعيم، وكانت هذه الورشة عبارة عن بيت متواضع يتكون من ممر غير مسقوف على يساره غرفتان وعن يمينه غرفتان، وفي بداية الممر باب حديدي.
وكانت الورشة تقع في زقاق ضيق، مسدود آخره، ويحيط بها عدد من المنازل، العديد منها مكون من أكثر من طابق.
ولما علمت وزارة الداخلية أن عصام مختبئ في هذه الورشة، حاصرت المنطقة كلها بالشرطة وقوات الأمن المركزي، واستخدمت في الهجوم على الورشة أفضل قواتها، وهي كتيبة مكافحة الإرهاب في الأمن المركزي، واستمرت الكتيبة تحاصر الورشة لعدة ساعات نشرت خلالها أطواقها حول الورشة، واحتلت أسطح المنازل المطلة وركزت عليها مدافعها الرشاشة.
وقبيل الفجر، بدأ النداء من مكبر الصوت على الأخوة في الورشة، أن الورشة محاصرة وعليهم أن يسلموا أنفسهم، وعقب ذلك مباشرة بدأت مجموعة الاقتحام وهي تتكون من أفضل ضباط الأمن المركزي المرتدين للدروع الواقية، في الهجوم على باب الورشة بإطلاق سيل لا ينقطع من الطلقات مع الصياح على الأخوة بالاستسلام واستيقظ الأخوة على هذا الدوي المفزع.
لكن عصام ورفاقه كانوا مستعدين لهذا الاحتمال، لذا فقد ثبتوا سلكاً للكهرباء على بعد سنتيمترات من الباب الحديدي، وكان معهم رشاشان قصيران متهالكان ومسدسان وعدد من القنابل اليدوية.
ولما اقتحمت مجموعة الاقتحام الباب الحديدي، صعقوا بالكهرباء، فارتدوا للخلف مصدومين مفزوعين، وحينئذ لم يمهلهم عصام فعاجلهم بقنبلة يدوية من فوق الباب سقطت في وسط مجموعة الاقتحام فسقطوا بين جريح وقتيل، وما أن سمع ضباط الكتيبة وجنودها ـ بعد ضوضاء الاقتحام ـ صراخ مجموعة الاقتحام حتى شلّهم الرعب، ولف الليل سكون مطبق. وهنا قفز عصام وزميلاه فوق الورشة وبدأوا يمطرون الأسقف المجاورة برصاص الرشاشين اللذين ما لبثا أن توقفا عن العمل، لكن عصام ورفيقيه لم يتوقفا، فأمطروا القوة بعشر قنابل انفجرت فيهم تسع، وانقطعت مقاومة القوة، وهنا أدرك عصام أن الكتيبة قد ضعفت، فخرج الاخوة من باب الورشة فوجدوا في وجوههم جندياً شاهراً سلاحه، لكنه استدار كاشفا ظهره لهم، فأرداه الأخ نبيل نعيم برصاصة في رأسه.
ثم أمرهم عصام بأن يكمنوا وينتظروا إلقاءه لقنبلة يدوية وأن ينطلقوا عدواً في اتجاه انفجارها، وانطلق الاخوة يعدون وسط أطواق الحصار وكأنهم يجرون وسط كتيبة من الموتى والأشباح. واستمر الاخوة في العدو حتى وصلوا لتلال المقطم القريبة، ومن بعد جلسوا يراقبون الكتيبة المثخنة بالجراح وهي تلملم جنودها لينسحبوا إلى سياراتهم. وهنا اقترح إبراهيم سلامة، أن هذه افضل فرصة للهجوم على الكتيبة بما تبقى لدى الأخوة من ذخيرة، لكن عصام قرر الاكتفاء.
واستمر الاخوة في السير في تلال المقطم، وكان في يد ابراهيم سلامة قنبلة يدوية كان قد نزع فتيلها ثم أعاده مرة أخرى، لكنه يبدو أنه قد اهتز من مكانه في أثناء العدو، وتوقف الأخوة قليلا قرب إحدى المغارات.
وأراد إبراهيم سلامة أن يقضي حاجته، فاستدار ليواجه مدخل الغار، وظهري عصام ونبيل على بعد أمتار قليلة منه، وهنا سقطت منه القنبلة اليدوية، ويبدو أن الفتيل تزحزح بعد قليل من سقوطها، وسمع الاخوة صوت انفجار الكبسولة، وهنا انكب ابراهيم فوراً فوق القنبلة ليحمي اخويه منها، وتمزق سكون الليل بانفجار القنبلة الذي مزق أحشاء إبراهيم، التي استوعبت كل انفجار القنبلة.
وكانت مفاجأة قدرية أخرى خارج أي توقع، فبعد أن يفر الأخوة سالمين من قوات الأمن المركزي التي تفوقهم قرابة مائة مرة، يسقط إبراهيم على موعد مع قدره الذي لا يعلمه إلا علاّم الغيوب. ووقف عصام ونبيل مشدوهين مذهولين من هول المفاجأة.
ويشاء القدر، أن يقبض على عصام ثم يقدم إلى المحاكمة في قضية الجهاد، ولم تحضره النيابة لقاعة المحكمة، للتواطؤ مع المباحث، في أول جلسة، وأحضروه هو ورفاعي طه، (المسؤول العسكري لـ«الجماعة الإسلامية» من محبسهما، في سجن القلعة، في الجلسة الثانية.
وكشف عصام في المحكمة، هذه المكيدة، وأصر على شرح ما يعانيه في سجن القلعة من عدوان ضباط المباحث عليه.
وحاول القاضي أن يمرر الموضوع، لكن عصام أصر على الاستمرار في الكلام، وهدد القاضي عصاماً بالطرد، ولم يأبه عصام، ثم أمر بطرده فرفض عصام، وحاول ضباط الأمن المركزي أن يقتربوا من عصام في حذر، لكنه نهرهم، فخافوا وتراجعوا.
وطوال فترة السجن، لم يكف عصام عن التعلم والتعليم والتدريس لأعضاء الجهاد، وكان أهم ما يفكر فيه هو كيف يدبر نجاة الاخوة المنتظر أن يحكم عليهم بالإعدام.
وفي 17 يوليو 1988 خطط الشيخ عصام القمری للهروب من سجن استقبال طره. ولم يكن هروباً عادياً، فقد سبقه إعداد طويل ومعقد توج بالهروب الذي اتخذ أسلوب معركة اقتحام أسوار السجن، واختراق أطواق الحراسة من حوله، ثم عبور النيل إلى الضفة الأخرى.
ودون الدخول في تفاصيل، فقد أسقط في يد وزارة الداخلية التي لم تتوقع أبداً مثل هذه الجرأة في عملية الهروب الصاخب الذي بدأ ينزع قضبان نافذة الزنزانة، ثم أسر حراس العنبر، ثم اقتحام السور الذي يبلغ ارتفاعه قرابة أربعة أمتار بعد إلقاء القنابل الصوتية في اتجاهات متفرقة، ثم الاشتباك مع أحد حراس السور وانتزاع سلاحه منه، ثم الخروج من منطقة سجون طره في منتصف الليل وسط الحراسات المشددة.
وبعد هروب عصام القمري ورفيقيه من السجن، عبروا النيل إلى الضفة الغربية، ثم ساروا على أقدامهم وسط المزارع حتى وصلوا إلى وسط الدلتا.
ونظراً لكثرة المشي، فقد بدأت أقدام خميس مسلم في التشقق ثم التقيح الذي أدى لإصابته بحمى ورعشة، وفي محاولة لعلاج خميس، لجأ الأخوة إلى خالد بخيت عضو الجهاد الذي ترك لهم منزله بمنطقة مساكن إيديال بالشرابية.
ويشاء القدر أن تهاجم قوة من مباحث أمن الدولة منزل خالد بخيت في فجر يوم 25 يوليو 19888، في حملة الاعتقالات الموسعة التي أعقبت هروب الأخوة الثلاثة.
ثم دارت معركة من معارك الشجاعة والبسالة، فبمجرد أن طرق قائد القوة، وهو عقيد بمباحث أمن الدولة، باب الشقة حتى انهارت عليه القنابل الصوتية التي أعدها الأخوة، ثم هجم عليه عصام القمري بسكين المطبخ، ففر هارباً، وألقى مسدسه، كما ولى جنوده وضباطه الأدبار مذعورين، فالتقط عصام مسدس قائد القوة، وسارع الأخوة بالهرب من العمارة إلى الشارع، وأخذوا في العدو.
وعلى ناصية الشارع وقف عصام القمري مشتبكاً بالنيران مع قوة الشرطة ليغطي انسحاب أخويه، فأصابته رصاصة في بطنه سقط فوراً على اثرها، فجاءه أخواه يحاولان أن يحملاه، فنهاهما وأعطاهما سلاحه، وأمرهما بمواصلة الانسحاب، وفاضت روحه إلى بارئها رحمه الله وتقبله فی الشهداء.
وفي عام 1988 بدأ النظام المواجهة مع الجماعة الإسلامية باقتحامات للمساجد، وإلقاء القنابل المسيلة للدموع والقنابل الحارقة داخلها لإجبار الموجودين فيها على الخروج منها، وأطلق الرصاص بلا تمييز. وكانت هذه الجريمة كافية لاستفزاز أعضاء الجماعة الإسلامية فاتسع نطاق الاضطرابات حتى شمل المحافظات بأسرها. وجن جنون وزارة الداخلية فأصدرت الأوامر باطلاق الرصاص وتساقط الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، وامتلأت الشوارع والبيوت بالجرحى والقتلى الغارقين في دمائهم، كما امتلأت لوريات الشرطة بمئات المعتقلين. وكان من الطبيعي أن يرد المجاهدون، وبالطبع فرضت أجهزة الأمن حظر التجول ودفعت وزارة الداخلية بأعداد هائلة من القوات.
وكانت احدی هذه الحملات على حي عين شمس يوم الأربعاء 7 ديسمبر 1988، حين انتهز وزير الداخلية زكي بدر، ورود معلومات عن مسيرة سلمية تنوي الجماعة الإسلامية تنظيمها إلى القصر الجمهوري بالقبة للإعراب عن تأييدها للانتفاضة في فلسطين المحتلة. ولكن الشرطة لم تكن لتسمح أن تترك الجماعة الاسلامية لتعبر عن وجودها في الشارع بمظاهرة مهما كان السبب.
واقتحمت الشرطة مسجد آدم قبل صلاة الفجر واعتقلت كل من بداخله، وقامت بحملة اعتقال واسعة النطاق لجميع أعضاء الجماعة الإسلامية في مناطق عين شمس والمطرية والألف مسكن ومساكن عين شمس، واعتقلت أكثر من 180 شخصا. وخرجت صحف الحكومة ببيان لوزارة الداخلية يتضمن اعترافا بالحملة على عين شمس واعتقال عشرات من أعضاء الجماعة الإسلامية، وزعم البيان أنه تم ضبط منشورات وأسلحة بحوزة بعض المعتقلين، كما اعترف البيان أن قوات الشرطة أغلقت مسجد آدم، وأنها تواصل تمشيط المنطقة بحثا عن أعضاء الجماعة المطلوب اعتقالهم، ولكن البيان لم يذكر اعتقال النساء من زوجات وأمهات وأقارب الهاربين وأطفالهم كرهائن لإجبارهم على تسليم أنفسهم، ولم يذكر أيضا ما تعرضوا له من تعذيب وحشي ليعترفوا بأماكن ذويهم.
وفي تطور سريع للأحداث طعن بائع بسوق عين شمس ضابط الشرطة المقدم عصام شمس، وتوفي الضابط متأثرا باصابته، وفر البائع الذي ثبت من تحقيقات النيابة أن اسمه شريف محمد أحمد، وكان قد تعرض للضرب المبرح عدة مرات على أيدي بعض ضباط المباحث، كما سبق اعتقاله في أحداث اغسطس المذكورة أنفا وتعرض لتعذيب في قسم عين شمس. وكانت نهاية الأحداث تمثيلية سيئة الأدوار قتل فيها شريف محمد أحمد وآخرين معه هما خالد إسماعيل وأشرف درويش رميا بالرصاص، ثم زعمت وزارة الداخلية في بيان أصدرته أن القتلى الثلاثة قاوموا الشرطة أثناء القبض عليهم لمدة ثلاث ساعات في أحد شوارع شبرا، رغم عدم اصابة ضابط أو جندي. كما زعم البيان أنه قد تم العثور على بعض الأسلحة بجوار جثث القتلى الثلاثة، وقتل أيضا أحد قيادات الجماعة الإسلامية بالمنطقة ويدعى جابر محمد أحمد، وادعت الشرطة كالعادة أنه قاوم السلطات وحاول قتل أحد الضباط فاضطرت القوات إلى اطلاق الرصاص عليه.
وفور وقوع الحادث فرض حظر التجول في شوارع المنطقة، وشنت حملة اعتقالات واسعة على المشتبه في صلتهم بالحادث، وكان من أسباب ذلك الحادث دور الضباط في التعذيب الوحشي للمعتقلين في قسم شرطة عين شمس.
وأمر وزير الداخلية حينها باعتقال 300 سيدة وفتاة من أمهات وزوجات وشقيقات قيادات «الجماعة الاسلامية» الهاربين، وعقب تعذيب بشع تعرضن له في قسم عين شمس تم نقلهن إلى إدارة مباحث أمن الدولة في لاظوغلي، حيث تم تجريدهن من ملابسهن، وتعرضن للصفع والركل وألوان السباب. هكذا كانت أحداث عين شمس اعتداء صارخا على «الجماعة الاسلامية» بل وعلى الشعب في كل المنطقة، وكان الهدف منها واضحا، وهو تدمير النشاط الدعوي السلمي الذي كانت تقوم به الجماعة في تلك المنطقة، بعد أن حازت تأييد الناس نتيجة للنشاط الاجتماعي والدعوي الذي بذله أعضاؤها، ولكن الحكومة التي انتهجت سياسة قتل أفراد الجماعات الإسلامية ومنع أي نشاط لها لم تكن لتسمح بذلك، تلك السياسة التي عبر عنها زكي بدر بسياسته المعلنة (الضرب في سويداء القلب، والضرب في المليان).
وقررت الجماعة الاسلامية الرد على أحداث عين شمس، وكان الرد هو إعداد كمين لموكب زكي بدر وزير الداخلية بواسطة سيارة ملغومة في 26 ديسمبر 1989، ولكن الكمين فشل لخلل في المتفجرات داخل السيارة وقبض على سائقها.
وردت وزارة الداخلية بقتل الدكتور علاء محيي الدين في الشارع في وضح النهار في 22 سبتمبر 1990، وكان علاء محيي الدين من قيادات الجماعة الاسلامية النشيطين في المجال الإعلامي، وكان قتله رسالة واضحة للجماعة الاسلامية أن النظام لن يقبل بوجود الجماعات الجهادية، وكان النظام منطقيا مع نفسه، فالجماعات الجهادية هي أخطر معارضة في مواجهته. فهي أقدر الجماعات على تجميع الشباب المسلم والانتشار بينه. وهي أخطر الجماعات على سياسة التطبيع مع إسرائيل، ولن يهنأ لإسرائيل مقام فوق أرض مصر طالما كان تهديد الجماعات الاسلامية قائما.
وردت الجماعة الاسلامية على قتل علاء محيي الدين بنصب كمين لوزير الداخلية عبد الحليم موسى، ولكن شاء الله أن يمر موكب رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب، بدلا منه فوقع في الكمين وهلك في العملية. وهكذا تحولت الجماعة الاسلامية من خطها الدعوي طويل المدى إلى خط العنف بمقاومة عدوان الحكومة عليها بالقتال.
فی عام 1990. دخلت الجماعة الإسلامية في حرب استنزاف مع الحكومة المصرية التي وضعت مخططا لتصفيتها باعتقال كوادرها واغتيال رؤوسها. وتابعت سياستها هذه ولاسيما في عهد وزير الداخلية المجرم حسن الألفي.
وهكذا قررت قيادة الجماعة دخول حرب استنزاف وتصفيات واغتيال مع الحكومة التي بدأت حملات الاعتقال في صفوفها .
في عام 1991 قرر تنظيم الجهاد الذي تشترك قيادته مع قيادة الجماعة الإسلامية بالتواجد في بيشاور (باكستان) والولايات الحدودية في أفغانستان في تلك الفترة من الجهاد الأفغاني
المساهمة في المواجهة نصرة لهم، متجاوزا البرنامج السري في الإعداد والتخطيط لانقلاب عسكري، ظنا منهم أن من الممكن أن يسير هذا البرنامج التكتيكي إلى جانب ذلك البرنامج الاستراتيجي.
حاولت جماعة الجهاد ترتيب أوراقها في الخارج. لكن ذلك كان يحتاج إلى تواصل داخل البلد. فلا بد أن يتصلوا بكوادرهم داخل مصر. وكان الهدف هو تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب وإرسالهم للتدرب على السلاح في أفغانستان. وهذه أصلاً فكرة قديمة لعصام القمري الذي كان يقول إنه ليس سعيداً بالمواجهات بين الشباب وقوات الأمن، وكان يرى أن المشكلة سببها عدم التدريب. كان يعتبر أنه يجب تدريب الشباب تدريباً حسناً على طريقة صنع القنابل والوسائل القتالية وتلقي تدريبات مثل تدريبات الجيش. ومن خلال جمع أكبر عدد من هؤلاء يستطيع السيطرة على المدن، الأمر الذي يوفر دماء كثيرة.
كان الشباب يأتون إلى أفغانستان للتدرب والعودة إلى مصر للقيام بعمليات. وهذه هي المشكلة. فهناك شباب ذهبوا أصلاً للتدرب والعودة للقيام بعمليات. لكن هذا لم يكن في فكر قادة (جماعة الجهاد) أصلاً. إذ كانوا يريدون أن يدربوهم ليكونوا احتياطياً عندما يحين الوقت الذي يحددونه. وكانت عيونهم متجهة إلى الجيش، وليس إلى هؤلاء. لكن ما حصل هو أنهم لم يكونوا يصرّحون للشباب بخطتهم الحقيقية. فحصلت فوضى في الأفكار، وصار بعض الناس الذين عادوا إلى مصر يتكلّمون عن التدريبات في أفغانستان، فقُبض في بدايات التسعينات على حوالي ألف من الشباب الذين تدربوا وحوّلوا إلى المحاكمة في قضية (طلائع الفتح).
بدأت القضية في أواخر 1992 وبداية 1993، واستمرت المحاكمة قرابة شهرين أو ثلاثة. معظم الذين تدربوا قُبض عليهم، وكانوا في شكل مجموعات مختلفة. قُبض عليهم لأن كثيرين منهم لم يكونوا يعرفون ما هي الفكرة الأساسية من وراء تدريبهم. ظنّوا أنهم سيكونون مثل الجماعة الإسلامية التي كان عناصرها يتدربون في أفغانستان وينزلون إلى مصر للقيام بعمليات.
أما جماعة الجهاد فكان بعض من فيها يعرف أن التدريب للمستقبل، لكن كثيرين من الأفراد لم يفهموا ذلك. وهذا من الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة. كان عليهم أن يشرحوا ذلك للذين يأتون للتدرب عندهم كان يحب أن يقولوا للفرد: أنت جئت لتتدرب وليس لكي تذهب وتقوم بعمليات في البلد وتُفسد لنا مشروعنا. فلو فهم ذلك الشباب لما كان حصل بعد ذلك ما حصل من اجتهادات وأخطاء. إذ نزل بعض الشباب إلى مصر بعدما ضاقوا ذرعاً من السرية والكتمان الشديدين في مراكز جماعة الجهاد في أفغانستان.
كانت تحصل أمور تدعو إلى الضحك. فمثلاً كان هناك إثنان في بيت واحد عاشا معاً شهوراً، ولا يعرف الواحد منهما من هو الرجل الآخر في الغرفة المجاورة له. وكان الشخص الموجود في الغرفة يحتاج إلى إذن ليخرج منها. فيطلب الإذن، ولا يُعطى حتى يكون الشخص الآخر داخل غرفته. وتكون المفاجأة أن الشخصين جاران من بلدة واحدة، أو أنهما أصلاً جاءا مع بعض للتدرب وفُصل أحدهما عن الآخر. لكنهما من دون أن يعرفا كانا في مركز التدريب نفسه لشهور يتلقيان دورات خاصة. كان ذلك يُسبب بعض التذمر والضيق.
هذا فكر جماعة الجهاد. إنها تريد أن تقوم بعمل شيء سريع لجهة الحسم، لكنه بطيء زمنياً. وهذا ما قد تعترضه عوائق ومشاكل. فالساحة ليست لك وحدك، وهناك جماعات أخرى تتحرك. والذي حصل أن جماعة تقوم بعمل ما، فتردّ الشرطة المصرية بحملة دهم وتعتقل أشخاصاً من مجموعة مختلفة مختبئين في المنطقة ذاتها. وهؤلاء يكونون من الخلايا التي تعمل في هدوء وتخطط لأمر بعيد في الزمن ولمشروع آخر. فتقبض الدولة عليهم وتكتشف أن هناك تنظيماً آخر يحضّر لمشروع كبير لم يكن عندها علم به. وهذا سببه عدم التنسيق بين الجماعات. وهو الفشل الناتج عن الاختلاف الذي نهى الله تعالى عنه.
أدى ذلك إلى مشكلة داخل جماعة الجهاد. فقال بعض الناس: كيف يُعقل اعتقال كل هؤلاء الناس من دون أن تُطلقوا رصاصة واحدة؟ انتو بتعملوا إيه؟ بتتفرجوا؟ إيه فايدة هذا التنظيم؟
إخواننا في الجماعة الاسلامية يقومون بالعمليات وأنتم نائمون تقولون إن عندكم أموراً استراتيجية بعيدة المدى. هنا حصل الانشقاق.
بعدما عرفت الدولة من خلال التحقيق مع المتهمين أن أعضاء الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد يسافرون للتدرب في أفغانستان، شنّت حملات اعتقال في صفوفهم. إذ كانت تطلب من المشايخ والعُمد وتسأل كل واحد منهم عن الأشخاص الذين غابوا من قريتهم أو حيّهم لأكثر من ثلاثة شهور. طلبت منهم كتابة تقارير عن الغائبين والذين يعودون من السفر. وكان معظم الذين يسافرون إما من الطلبة أو أشخاصاً عاديين يسافرون بحجة العمرة أو لزيارة دولة أجنبية. كانوا يتحججون بأي شيء للسفر. فصارت الدولة تنتظر العائدين وتراقبهم. وكان مفروضاً في هؤلاء أن يعودوا ومعهم على الأقل حقيبة ملابس جديدة أو هدايا لزوجاتهم وأهلهم، في حال كانوا حقاً في سفر. لكن بعضهم عاد وليس معهم سوى تذكرة سفر إياباً. فشكك ذلك في أمرهم، ورُفعت تقارير أدت إلى اعتقال كثيرين منهم. آخرون غادروا قراهم ملتحين ويلبسون القمصان البيض والجلابيات وعادوا حليقين يرتدون ملابس على الطراز الغربي.
وخرجت الصحف الحكومية مزهوة متفاخرة بالقبض على ثمانمائة عضو في جماعة الجهاد بدون اطلاق طلقة واحدة. وقررت الجماعة أن تدخل معركة المواجهة مع الحكومة، بعد أن كان خطها السابق هو الانتشار وتجنيد العناصر استعدادا لمعركة التغيير.
وكان الرد هو الهجوم على موكب وزير الداخلية حسن الألفي بدراجة نارية ملغومة، ونجا الوزير من الموت ولم يصب إلا بكسر مضاعف في ذراعه، وحالت بينه وبين الموت كومة من الملفات كان يضعها إلى جانبه استقرت بها الشظايا.
وتلا ذلك هجوم الجماعة الاسلامية على وزير الإعلام صفوت الشريف، ونجا وزير الاعلام من الكمين.
وتزامن مع ذلك هجوم «الجماعة الاسلامية» على قائد المنطقة العسكرية المركزية باعتباره القائد المصدق على أحكام المحاكم العسكرية، ولم ينجح الهجوم لأن سيارته كانت مصفحة.
ثم قام الأخوة في جماعة «الجهاد» بالهجوم على موكب رئيس الوزراء، عاطف صدقي، بسيارة ملغومة ولكن رئيس الوزراء نجا من الهجوم بخروج سيارته من دائرة الانفجار بأجزاء من الثانية بعد أن أصابتها شظايا الانفجار. وقد نتج عن الهجوم المذكور مقتل طفلة تدعى شيماء، كانت تلميذة في مدرسة مجاورة، وكانت تقف قريبا من موقع الحادث. وقد استغلت الحكومة مقتل الطفلة شيماء ـ رحمها الله ـ وصورت الحادث على أنه هجوم من جماعة الجهاد على الطفلة شيماء وليس على رئيس الوزراء عاطف صدقي. وأظهرت الصحف صور والدي شيماء وهما ينتحبان على ابنتهما، وصور شيماء في طفولتها المبكرة. وحاولت تهييج مشاعر الجمهور بهذه الأساليب، لتبعد أنظار الناس عن القضية الأساسية في الصراع مع الحكومة.
وكان إخواننا المنفذون للهجوم عند استطلاعهم لمكانه قد وجدوا مدرسة تحت الإنشاء، فظنوها خالية من التلاميذ، ولكن تبين في ما بعد أن الجزء الخارجي من المدرسة فقط هو الذي كان تحت التجديد، أما بقية المدرسة فكانت تعمل. وقد آلمنا جميعا مقتل هذه الطفلة البريئة بدون قصد. ولكن ما حيلتنا ولا بد لنا من جهاد الحكومة المحاربة لشرع الله والموالية لأعدائه. وقد أنذرنا أفراد الشعب من قبل عدة مرات، وخاصة بعد الهجوم على وزير الداخلية حسن الالفي، أن يبتعدوا عن مقار أركان النظام ومساكنهم وطرق تحركهم.
ثم قامت جماعة الجهاد بإعداد كمين لموكب حسني مبارك على طريق صلاح سالم، ولكنه لم يمر من هذا الطريق في ذهابه لصلاة العيد ففشلت المحاولة.
وقامت الجماعة بعمليات اغتيال لكبار رجال الشرطة في محافظة أسيوط فقتلت احدي المجموعات اللواء محمد الشيمي والعقيد محمد نجيب.
في 9 أبريل 1994 قتل اللواء رؤوف خيرت، كان رؤوف خيرت من أخطر ضباط مباحث أمن الدولة المحاربين للإسلاميين، وكان يتخذ عددا من الاحتياطات الأمنية الشديدة منها تغيير مسكنه كل عدة أشهر، وعدم وضع حراسة على منزله، وقيادته لسيارته بنفسه في محاولة للظهور بمظهر الشخص العادي الذي لا صلة له بالسلطة، ولكن الجماعة الاسلامية استطاعت التوصول إليه، وعند خروجه من بيته وركوبه سيارته اقترب منه أحد الاخوة وألقى قنبلة يدوية داخل سيارته، فقتل على الفور.
في 11 أكتوبر من العام ذاته، قامت الجماعة (الجناح العسكري للجماعة الاسلامية) بأول عملية ضد السياحة في محافظة قنا.
مع دخول سنة 1995 أصدرت جماعة الجهاد قراراً بوقف أي عمل مسلح. فالحصيلة التي تمت أسفرت عن اعتقال العديد من الشباب ومصادرة كثير من البيوت والشقق والأموال. وقُتل أيضاً العديد من القيادات الكبيرة مثل عادل عوض الذي كان من أنشط الشخصيات في جماعة الجهاد. فقررت الجماعة وقف العمليات. قالوا إن الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها، والجهاد مناط القدرة، ونحن غير قادرين ونخسر كثيراً بتنفيذنا هذه العمليات. وهكذا أوقفت جماعة الجهاد عملياتها لعدم القدرة في عام 1995.
لقد قامت الجماعة الاسلامية بأكبر مواجهة مسلحة في تاريخ مصر بعد تاريخ مقاومة الاحتلال الانجليزي، وتركزت عمليات (الجناح العسكري للجماعة الاسلامية) على محورين:
الأول: ضرب الأفواج السياحية و البنوك (ضرب الاقتصاد)
والثاني: اغتيال كبار المسئولين ورجال الشرطة (أعمدة النظام)
في المحور الأول، قامت الجماعة بـ11 عملية أسفرت عن مقتل 102 من السياح، واستطاعت في آخر عملية في نوفمبر 1997 شل حركة السياحة المصرية وضربها تماماً، أ
ما البنوك فقد قام أعضاء الجناح العسكري بضرب خمسة بنوك وتفجيرها.
أما المحور الثاني: فقد استطاعت الجماعة الإعداد لثلاث محاولات اغتيال للرئيس حسني مبارك خلال الفترة من 1992 إلى 1995 حسب ما ورد في وسائل الإعلام المصرية.
الأولى: كانت علي يد مجموعة من العائدين من أفغانستان.
الثانية: كانت علي يد مجموعة من ضباط الجيش الذين انضموا للجماعة بطريقة سرية.
الثالثة: كانت في أثيوبيا وعلي أيدي قادة الجناح العسكري في الخارج
أما بالنسبة للوزراء فقد قامت الجماعة بثلاث عمليات ضد وزير الداخلية ووزير الإعلام ورئيس مجلس الشعب المصري.
وعلى مستوي أفراد قوات الامن فقد اغتالت الجماعة 277 قائداً من قادة أجهزة الأمن ما بين لواء وعقيد وضابط كان من بينهم اللواء رؤوف خيرت رئيس جهاز مباحث أمن الدولة بوزارة الداخلية.
كما استهدفت الجماعة الاسلامية الاقباط الذين كانوا يعلمون كمخبرين سريين لجهاز أمن الدولة أحياناً فقامت بخمسة عمليات قتلت فيها 34 فرداً.
أما عن استهداف دوريات الأمن في المحافظات ففي كل أسبوع تقريباً كانت الجماعة تقوم بعملية .
ومن الاحصاءات في فترة المواجهة مع النظام من 92 إلى 97:
أولاً: تذكر الاحصاءات التي أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية عن العمليات التي قام بها الجناح العسكري للجماعة الاسلامية الاًتي:
في عام 1993: 173 عملية.
في عام 1994: 333 عملية.
في عام 1995: 97 عملية.
في عام 1996: 125 عملية.
قام الجناح العسكري للجماعة الاسلامية بقتل 364 من عناصرأجهزة الأمن ما بين لواء وجندي.
وفي عام 1997 تبنت الجماعة الاسلامية مبدأ وقف الدعوة للمواجهة المسلحة مع الحكومة، وأعلنت (مبادرة لوقف العنف في مصر ضد الحكومة المصرية من طرف واحد).
وظهر ذلك التناقض للعلن عندما رفضت احدى الفصائل في الجماعة هذا القرار في حادثة (الأقصر) عندما هاجمت إحدى خلايا الجماعة الناشطة في مصر مجموعة من السياح الأجانب وقتلت وجرحت منهم 82 سائحاً. حيث سارعت (القيادات التاريخية الأسيرة) بشجب واستنكار للعملية.
تم تأسيس الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين. إلى جماعة الجهاد خصوصا، والجماعة الإسلامية بصفة عامة.
كان الشيخ (أبو ياسر) (رفاعي طه، المسؤول السابق عن مجلس شورى الجماعة الإسلامية) وقّع البيان، لكنه انسحب منه بعد ضغط من جماعته.
ثم وفي أواسط 2003 فاجأت الحكومة المصرية العالم بتجاوبها الجزئي مع المبادرة بعد 6 سنوات من إطلاقها.
وبدأت بإطلاق دفعات من معتقلي الجماعة الإسلامية .فأفرجت عن عدة ألاف بينهم (الشيخ كرم زهدي) أحد قياداتها التاريخية ثم أفرجت عن باقي أعضاء مجلس الشورى الآخرين. وزاد من خرج من السجن مبادرتهم بمزيد من الكتب والتأصيلات المنهجية لنقض الغزل السابق من بعد قوة أنكاثا ولازالت.
وصارت مبادرة الجماعة الإسلامية محل ثناء من برامج مكافحة الإرهاب الفكرية التي تعج بها وسائل الإعلام العربية هذه الأيام ومحل استشهاد ومضرب مثل لعلماء السعودية وسواها في مكافحة المظاهر الجهادية المتنامية في السعودية وسواها بفعل واقع الحملات الصليبية الأمريكية الأخيرة.
واستمر الدكتور أيمن الظواهري بعزيمته وصبره الدؤوب مع من تبقى من كوادر بمتابعة المحاولة، ولم يستلم للأمر الواقع الذي فرضه النظام العالمي الجديد، والذي جعل المحاولات الجهادية القطرية السرية الهرمية. خارج التاريخ عمليا.
افتتح التنظيم معسكرا خاصا به. واستقطب من تبقى من كوادره وحاول الاستئناف. ولكن الظروف والمعطيات عامة ولاسيما الأمنية منها. جعلت الظواهري يقتنع بالاتجاه المتاح للجهاد والعمل في أفغانستان مع الشيخ أسامة بن لادن في حربه مع أمريكا لأسباب واقعية لقناعات سياسية وميدانية كانت قد استقرت عنده.
وجاء المدد من حيث لا يحتسب أحد،
ففي عام 2004 قامت سرية الشهيد محمد عطا بعملية استشهادية قتلت فيها أربعة أمريكيين في سوق خان الخليلي السياحي بالقاهرة، واستشهد حسن رأفت بشندي منفذ العملية.
وفي 30 أبريل 2004 قامت سرية الشهيد عبد الله عزام بقيادة الشهيد إيهاب يسين بقتل ثلاثة من اليهود أمام المتحف المصري واستشهد منفذ العملية بعد مطاردة مع قوات الأمن، وفي عملية أخرى في نفس اليوم في منطقة مصر القديمة قامت الأختين نجاة يسين وإيمان إبراهيم بفتح النيران على باص سياحي قبل أن تقوم الشرطة بقتلهما.
وفي 6 أكتوبر 2004 قامت سرية الشهيد عبدالله عزام بتفجير فندق هلیتون طابا بسيناء، وأسفرت العملية عن هلاك 35 يهوديا وجرح أكثر من 250 أخرين.
وفي يوليو 2005 قامت كتيبة الشهيد عبدالله عزام بثلاث عمليات في منطقة شرم الشيخ السياحية أسفرت عن هلاك 88 من اليهود والصليبيين.
وفي يونيو 2006 قام ثلاثة من المجاهدين بتفجير المنتجع السياحي في منطقة دهب بسيناء ويعد يومين قام اثنين من الاستشهاديين بعمليتين على القوات الصليبية في سيناء.
وفي أغسطس 2006 أعلن أبوجهاد محمد خليل حسن الحكايمة، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في مدينة أسوان، انضمام (الثابتين على العهد) ومجموعة كبيرة من الجماعة الاسلامية للعمل مع تنظيم القاعدة صفا واحداً ضد العدوان الصهيوصليبي، وعلى رأس المجموعة الشيخ محمد الإسلامبولي شقيق خالد الإسلامبولي ورئيس مجلس شورى الجماعة الاسلامية سابقا مما أثار الهلع في الأوساط الأمنية والقيادات التاريخية للجماعة على حد سواء، كان نتيجة هذا الهلع السماح لرئيس الجماعة ونائبه الشيخ كرم زهدي والشيخ ناجح إبراهيم بالظهور في التلفزيون المصري وبصفتهما الرسمية في الجماعة المحظورة حسب القانون المصري، فقط من أجل القيام بالرد على أفكار ومنهج تنظيم القاعدة، ثم السماح للجماعة بالقيام بحملة إعلامية للافراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون في أحد السجون الأمريكية.
الفصل الثاني
ثانياً :الأحداث التاريخية
1964 - 2006
في 14 فبراير 1946 قام التنظيم الخاص للإخوان المسلمين بأول عملية ضد الإنجليز، حيث تم إلقاء القنابل اليدوية على قطار يقل جنود من القاهرة إلى القناة.
وفي 5 نوفمبر من نفس العام، قام التنظيم الخاص للحركة باغتيال (الخزندار) القاضي الذي حكم علي أعضاء من التنظيم في قضية تفجير مراكز الشرطة وسكنات الإنجليز.
وفي 30 ديسمبر قام بضرب الخمارات وأماكن اللهو التي يرتادها الإنجليز في احتفالات أعياد الميلاد بالقنابل اليدوية.
في عام 1948 قام التنظيم الخاص للاخوان باغتيال رئيس الوزراء (النقراشي باشا) بعد أن أصدر قرارا بحل الجماعة
وفي العام ذاته قتل (أحمد ما هر) على أيدي شباب التنظيم الخاص للجماعة.
وفي عام 1948 قام أفراد غير مكلفين من التنظيم الخاص بقتل عدد من اليهود في شوارع القاهرة رداً على ما كان يحدث في فلسطين.
وشهد العام نفسه العديد من العمليات المسلحة مثل اغتيال (سليم زكي) حكمداربوليس القاهرة، وتفجير أكبر جريدتين للإنجليز وضرب أقسام البوليس بالقنابل أثناء مظاهرة ضد الإنجليز.
وفي العام ذاته ألقي القبض على مجموعة من أعضاء التنظيم الخاص أثناء تدريبهم على السلاح في جبل المقطم.
في عام 1952 قام الإخوان بدور أساسي في ثورة 23 يوليو (الضباط الأحرار) حيث قام أعضاء الجناح العسكري في الجماعة بتأمين الشوارع وحراسة الأماكن الهامة ومباني الدولة، كما كان لها اشتراك فعلي داخل التنظيم، حيث اشترك البكباشي عبد المنعم عبد الروؤف حسين مع مجموعة الضباط الآخرين في التخطيط للانقلاب العسكري وهو العضو المسؤول في الجيش من حركة الإخوان المسلمين.
في 26 أكتوبر عام 1954 وقعت حادثة المنشية التي قام فيها مسلحون باطلاق النار على رئيس الجمهورية، ويذكر الإخوان أنه حادث ملفق للجماعة بعد اختراقها من قبل جهاز مخابرات جمال عبد الناصر.
في عام 1974 كانت أول محاولة لاغتيال السادات والقيام بعمل انقلاب عسكري. وتتلخص في مهاجمة أفراد الجماعة لحرس بوابة الكلية الفنية في صمت لإدخال عدد كبير من الشباب إلى الكلية، ثم الاستيلاء على الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة الطلبة مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين أثناء الليل، ثم التوجه بما حصلوا عليه إلى مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه أثناء اجتماعهم. لكن المحاولة فشلت.
في عام 1975 أنشأ (يحي هاشم) والذي كان يعمل وكيلاً للنيابة، تنظمياً سرياً مكونا من 300 عضواً من الاسكندرية، وحاول أن يقوم بعملية اقتحام للسجن الذي فيه الدكتور صالح سرية وإخوانه، إلا أنه فشل في الاقتحام و قتل أثناء العملية.
في عام 1979 قامت مجموعة من الجماعة بقيادة الأخ علي الشريف باقتحام سجن نجع حمادي بمحافظة قنا، وإخراج عدد من المعتقلين، وتمت العملية باستخدام مسدس واحد وعدد من الأسلحة البيضاء.
في عام 1980 قامت الجماعة بقيادة الأخ علي الشريف بعملية مسلحة على اثنين من محلات بيع الذهب للنصاري في مدينة نجع حمادي، وذلك لتمويل التنظيم المسلح وللقيام بعمليات أخرى.
في 1981 قام الملازم أول/ خالد الإسلامبولي بقتل رئيس الجمهورية أثناء العرض العسكري، ورغم تحفظ المقدم/ عبود الزمر، إلا أنه اتخذ القرار، وكانت المرحلة الثانية من الخطة هي استغلال الاغتيال إذا نجح في عمل انقلاب عسكري، حيث يقوم المقدم عبود الزمر بالتوجه إلى الإذاعة والتلفزيون وبقوة عسكرية وهمية لاعلان نجاح الانقلاب، وسيقوم بتسهيل ذلك الأمر (بطاقة المخابرات الحربية التي كانت معه)، وكذلك المهندس محمد البلتاجي (رحمه الله) الذي يعمل في إذاعة الشعب للتعاون مع المقدم عبود الزمر إذا ما نجح في الدخول إلى الإذاعة، ثم تاتي المرحلة الثالثة من الخطة وبمجرد سماع البيان في الإذاعة يتم القيام بالاستيلاء على مديريات الأمن في المحافظات الرئيسية في البلاد مستخدمين المجموعات التي ثم تدريبها من قبل، ثم اخراج المظاهرات من المساجد تأييداً للثورة الإسلامية الجديدة.
المرحلة الأولى، وهي اغتيال السادات، وبعد يومين تم القيام بعملية للاستيلاء علي مديرية أمن أسيوط فقط. ولم يتمكن المقدم عبود الزمر من التوجه إلى الإذاعة، وبذلك فشلت المرحلة الثانية والمترتب عليها المرحلة الاخيرة، وذلك بسبب بعض الأخطاء الحركية.
في عام 1982 شكل بعض قيادات الجماعة الإسلامية تنظيماً جديداً لمحاولة إخراج القيادات من سجن استقبال طرة، وذلك باختطاف طائرة مصرية ولكن فشلت الخطة نظراً للقبض علي القيادة المنفذة لها، والتي كانت مطاردة من قبل أجهزة الأمن، وهم رفاعي أحمد طه، ومنتصر الزيات، وصلاح عبد القادر، ومحمد الزمر.
في عام 1989 قام مسلحون بإلقاء قنابل على مراكز الشرطة في القاهرة والجيزة ومديرية أمن القاهرة ومكتب أمن الدولة في شبرا وقسم الساحل، وذلك انتقاماً من الذين باشروا التعذيب على أعضاء قضية (تنظيم الجهاد) عام 1981.
في عام 1989 قام الجناج العسكري للجماعة بتفجير سيارة ملغومة أثناء مرور موكب وزير الداخلية زكي بدر، إلا أن العبوة لم تنفجر لحدوث عطل فني، واعتقل المنفذ الدكتور جمال رواش، بعد أن اشتعلت فيه النار بدلا من استشهاده.
في عام 1990 قام الجناح العسكري بإغتيال رئيس مجلس الشعب المصري رفعت المحجوب.
في ديسمبر 1992 تم الكشف عن الإعداد لعملية اغتيال للرئيس المصري، وأثناء الإعداد للعملية تم القبض على المسؤول في المجموعة المكلفة بالعمل، وحكم بالإعدام على ستة من قيادات الجماعة في الخارج، ونفذ الحكم في السادس وهو الأخ شريف أحمد حسن، وسميت القضية (العائدون من أفغانستان).
في نفس العام قامت الجماعة بعمليات اغتيال لكبار رجال الشرطة في محافظة أسيوط، فقتلت إحدى المجموعات اللواء محمد الشيمي والعقيد محمد نجيب
في 11 أكتوبر من العام ذاته، قامت الجماعة (الجناح العسكري للجماعة الإسلامية) بأول عملية ضد السياحة في محافظة قنا.
في 9 أبريل 1994 قتل اللواء رؤوف خيرت.
في 1994 قامت جماعة الجهاد بمحاولة لاغتيال عاطف صدقي رئيس الوزراء.
في نفس العام قامت جماعة الجهاد بمحاولة اغتيال لوزير الداخلية حسن الألفي.
في عام 1995 قامت جماعة الجهاد بتفجير السفارة المصرية في باكستان.
صعدت الجماعة الاسلامية فهاجمت موكب حسني مبارك في أديس أبابا في صيف 1995، ولكن الهجوم لم ينجح ونجا حسني مبارك بسبب تعطل احدى السيارتين المشاركتين في الهجوم.
قامت جماعة الجهاد بالتخطيط لعمليتين في وقت متقارب، واحدة في الخارج لتفجير السفارة المصرية في إسلام آباد في خريف 1995، وأخرى في الداخل ضد السياح الاسرائيليين، وعرفت بقضية خان الخليلي.
في 1997 قامت مجموعة من الجناح العسكري بقتل وجرح 67 سائحاً في مدينة الأقصر.
وفي 7 أبريل 2004 قامت سرية الشهيد محمد عطا بعملية استشهادية قتلت فيها أربعة أمريكيين في سوق خان الخليلي السياحي بالقاهرة واستشهد حسن رأفت بشندي منفذ العملية.
وفي 30 أبريل 2004 قامت سرية الشهيد عبد الله عزام بقيادة الشهيد إيهاب يسين بقتل ثلاثة من اليهود أمام المتحف المصري واستشهد منفذ العملية بعد مطاردة مع قوات الأمن المصرية، وفي عملية أخرى في نفس اليوم في منطقة مصر القديمة قامت الأختين نجاة يسين وإيمان إبراهيم بفتح النيران على باص سياحي قبل أن تقوم الشرطة بقتلهما.
في 6 أكتوبر 2004 قامت سرية الشهيد عبدالله عزام بتفجير فندق هيلتون طابا بسيناء، واسفرت العملية عن مقتل 35 يهوديا وجرح أكثر من 250 أخرين.
في يوليو 2005 قامت كتيبة الشهيد عبدالله عزام بثلاث عمليات في منطقة شرم الشيخ السياحية أسفرت عن مقتل 88 من اليهود والصليبيين.
وفي يونيو 2006 قام ثلاثة من المجاهدين بتفجير المنتجع السياحي في منطقة دهب بسيناء، ويعد يومين قام اثنين من الاستشهاديين بعمليتين على القوات الدولية في سيناء.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر
أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية