يحل عيد الأضحى بعد أسبوع، ورغم أن العيد مناسبة للفرح، خصوصاً عند الأطفال، إلا أن ملايين الأطفال العرب في حزن متواصل، بعضهم بات يتيماً، وبعضهم بلا مأوى، أو تعيش عائلته بلا مصدر دخل، وكثير منهم بات نازحاً أو لاجئاً. عيد أطفال فلسطين والصومال والعراق وسورية وليبيا واليمن وغيرها ليس كعيد الآخرين، واهتمام العالم بمعاناة هؤلاء الأطفال غائب، إلا من تصريحات أو كلمات عابرة لا تسمن ولا تغني من جوع. يتعامل البعض مع الأعياد باعتبارها مناسبة لدعم المحرومين، أو التصدّق عليهم، فتنشط مؤسسات وشخصيات في جمع الأموال أو الأغذية أو الملابس لتوزيعها على المحتاجين، لكن فعل ذلك في العيد وحده لا يكفي لسد الحاجات، دون أن نقلل من أهمية تعويضهم في المناسبات عن حرمان يمتد على مدار العام. والأولى من نشاط جمعيات الإغاثة وجمع التبرعات، رغم أهميتها، أن تنشط منظمات حقوق الإنسان لتوفر لهؤلاء حقوقهم، وتعيد إليهم عائلاتهم ومصادر دخلهم، وتعيدهم إلى منازلهم ومدارسهم. ويحل العيد مجدداً في ظل مأساة لجوء عربي يتوزع فيها الملايين على كثير من بلدان العالم، للسنة السابعة على التوالي، وقد فقد آلاف اللاجئين والنازحين حياتهم، جوعاً أو عطشاً أو غرقاً، خلال محاولتهم الهرب من صراعات داخلية، أو قصف جيوش خارجية، أو قمع حكام مستبدين. وفي حين ينفق بعض أثرياء العرب ملايينهم ببذخ على الملذات والمتع في دول أوروبية، تاركين بلدانهم غارقة في الفقر والجهل والفساد، فإن معظم المواطنين العرب لا يملكون من متاع الدنيا شيئاً، بل يموتون خلال محاولات حثيثة للوصول إلى حدود تلك الدول نفسها، في مفارقة لا تخلو من الدلالة. ويتزامن عيد الأضحى مع شعيرة الحج، وللحج شرط هو الاستطاعة، وبينما كل العلماء يفسرون الاستطاعة بأنها تلازم القدرة البدنية مع المالية، إلا أن كثيرين يتجاهلون الاستطاعة البدنية، بينما يفترض في الحاج القدرة على أداء الشعائر، وبعضها مرهق. كثير من حجاج العرب لا تتوفر فيهم الاستطاعة البدنية، وكل عام يموت المئات أثناء الحج بسبب عدم الانصياع للأمر الإلهي، لكن الأكثر عجباً أن كثيرين يرون وفاة الحجاج نعمة بزعم أن هؤلاء ماتوا في "أيام مفترجة" أو في "أرض مقدسة". كما أن الاستطاعة المالية يتعامل معها البعض بلا وعي، فتكرار الحج لتوفر المال هو نوع من الإسراف المنهي عنه في الإسلام، والتبرع بالمال للفقراء والمحتاجين أولى من تكرار الحج حسب إجماع العلماء، والبعض يتجاهل أن منح المال لآخرين لا يملكونه، ولو حتى لأداء الفريضة، أفضل من تكرار الحج.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق