حينما اندلعت حرب الأيام الستة عام 67 بنتائجها الوخيمة على مصر دولة وشعبًا؛ كان اليسار المصري بتنظيماته "المنحلة" قد خرج من السجون الناصرية (عام 1964) متمسكًا بعدم وجود عمل تنظيمي ماركسي حزبي كما تعهد قبل ذلك (لأجهزة حكم عبد الناصر) .
وكنت أنا واحدًا ممن وقعوا على وثيقة - مثل مئات آخرين - تعلن انتهاء العمل السياسي المنظم للحزب "الشيوعي - حدتو" في الأيام الأخيرة، قبيل إغلاق معتقل الواحات الخارجة، حيث كنت أقضي مدة العقوبة بعد محاكمة عسكرية.
ومع ذلك بقيت بعض التنظيمات الصغيرة والانشقاقات التنظيمية تحاول أن تلملم أعضاءها وتُضَمِّد جروح السجن السياسية والتنظيمية. وبالطبع البحث عن عمل.
عينت الدولة الناصرية ضابطًا مخابراتيًا لكي يفرز طلبات التقدم للعمل والحصول على القوت من الشيوعيين السابقين. أفلح البعض في اقتناص وظائف إدارية وثقافية واقتصادية وتنظيمية كبيرة حتى وصل الأمر إلى تعيينهم كوزراء (الاقتصادي إسماعيل صبري عبد الله، وفؤاد مرسي الذي كان في وقت ما "زعيم " الحزب " المصري").
وفشل البعض في الحصول على أية وظائف لأسباب مجهولة.
كان البحث عن القوت والعمل يشغل معظم أعضاء اليسار المصري بعد الخروج من السجون والإفراج عنهم.
ينبغي أن يكون هناك تعاملان وفهمان لليسار المصري؛ ما قبل السجون وما بعدها. ثم متابعة تطور فكر اليسار المصري في السجون سلبًا وإيجابًا، وذلك بالنسبة للقضية الأساسية وهي الموقف من دولة ونظام عبد الناصر السياسي.
خَلَق هيكل، عبر لطفي الخولي، مجلة "الطليعة" وكانت بالفعل إنجازًا يساريًا صحافيًا، ناقشت المجلة وعرضت أفكار تسعى لتأصيل "المجموعة الاشتراكية" كتنظيم يساري سري يحيط بناصر، ويتخذ قرارات مثل تأميم البنوك.. إلخ، وهي قرارات اعتبرها اليسار في السجون اشتراكية.
كما أسس حسن فؤاد مجلة "صباح الخير" باعتبارها عملًا غير مسبوق في الصحافة المصرية والعربية، كما قام سعد كامل (حركة السلام المصرية) بإرساء قواعد وأسس الثقافة الجماهيرية وقصور الثقافة، متخذًا من النمط السوفيتي نموذجًا يحتذى به.
لكن من الخطأ التعامل مع اليسار كحزمة واحدة. وكذلك من الخطأ التعامل معه بنفس التعامل معه وقت ما قبل حملات الأمن المصري (الناصري) للقضاء على اليسار المصري التي بدأت في ديسمبر/كانون الثاني عام 1958، وتوالت حتى ديسمبر عام 1960.
أي أنه ينبغي أن يكون هناك تعاملان وفهمان لليسار المصري؛ ما قبل السجون وما بعدها. ثم متابعة تطور فكر اليسار المصري في السجون سلبًا وإيجابًا، وذلك بالنسبة للقضية الأساسية وهي الموقف من دولة ونظام عبد الناصر السياسي، (و"حدتو" تعاملت مع ناصر شخصيًا ومع بعض الضباط الأحرار مثل خالد محيي الدين قبيل 23 يوليو)، وكذلك متابعة تطور علاقة اليسار المصري باليسار العربي واليسار العالمي، ثم علاقته بالاتحاد السوفيتي.
بدون فهم هذه العلاقات المعقدة لا يمكن استيعاب دور اليسار المصري السلبي في زلزال هزيمة 67، وما تلاها من زلازل هزت وحركت وفجرت أسس العلاقة بين المواطن المصري من جهة، وبين النظام السياسي/ العسكري الذي يحكمه من جهة أخرى.
كنت أنا مجرد متابع في حركة اليسار المصري، وعضو فيها منذ العام 1955، ثم وَقَّعَت على حل "الحزب" أي التنظيم الأكبر أيامها لحدتو، وكان ذلك قبيل أسابيع من "إفراج" عبد الناصر عن المسجونين والمعتقلين الشيوعيين الذين تمركز معظمهم في معتقل الواحات الخارجة. ثم رجعت مرة أخرى في الإسكندرية بعد الحل، وانضممت إلى "خلايا متمردة" سرعان ما فكت نفسها، لأنضم بعد ذلك إلى التنظيم الجديد في العراق عام 1975، ثم أتركه بلا عودة – حتى الآن - في بيروت عام 1981. أستطيع أن أقول بقدر كبير من الثقة أن أزمة اليسار المصري جاءت من داخله بالأساس.
وبدون الدخول في تفاصيل سياسية/تاريخية وأيدولوجية لا أملك توثيقًا لها، خاصة بعد أن تقلبت بين تنظيمين ماركسيين الأول هو "طليعة العمال" المغالي في اليسارية، لأتركه في السجن بالقناطر الخيرية وانضم إلى حدتو "البرجماتية" التي اتخذت لنفسها لقب "الحزب الشيوعي المصري"، يمكنني هنا أن أقول ملاحظاتي التي أحاول جهدي أن اجعلها موضوعية ولا شخصية.
لاحظت خلال تواجدي في السجون والمعتقلات التي جمعت قادة اليسار المصري والشيوعي أن معظم القادة لا يقرأون سوى بالعربية، عدا قلة منهم، وبالتالي فمستواهم النظري في القضايا الأيدولوجية يعتمد على الترجمة "الشامية" أيامها.
هذه المقدمة السريعة ضرورية لتقييم يسار مصر في فترة من أدق فترات وجوده، أي المنطقة الزمنية لحرب 1967، ما بعد الحرب وما قبلها، أي في وقت ازدهاره بعد زيارة ناصر لباندونج ثم هزيمة ما أطلقت عليه أجهزة ناصر الإعلامية "العدوان الثلاثي" للجيش المصري. واحتلال مدن القناة خاصة بورسعيد أكبرها.
فمثلما كان عبد الناصر "يظن" أن في بلده جيشًا يقوده صديقه الصدوق، الذي سمى ناصر واحدًا من أبنائه على اسمه "عبد الحكيم"، كان اليسار المصري يظن أيضًا أن كل ما يقوله ناصر إنما هي حقائق لا تقبل الجدل، وبالتالي آمن اليسار المصري بصواريخ مصر وطائراتها وجندها وأسطولها، وتناسى الفرق بين الدعاية والإعلام الحربي وبين الحقائق.
لكن الأخطر من جميع هذا هو مأزق اليسار الأيدولوجي.
فقد لاحظت خلال تواجدي في السجون والمعتقلات التي جمعت قادة اليسار المصري والشيوعي أن معظم القادة لا يقرأون سوى بالعربية، عدا قلة منهم، وبالتالي فمستواهم النظري في القضايا الأيدولوجية يعتمد على الترجمة "الشامية" أيامها، وما تبعث به موسكو عبر معهد الاستشراف السوفيتي من ترجمات غير دقيقة للأصول النظرية الماركسية واللينينية (والستالينية بعد أن أضاف ستالين نفسه إلى منظري الماركسية – اللينينية).
كانت تلك ترجمات شائهة ومعقدة وصعبة الفهم بلغتها العربية المقعرة، وبالتالي فالمستوى النظري لمعظم مفكري اليسار المصري و"حدتو" التي كانت أكبر التنظيمات؛ كان يعتمد في الأساس على التجربة الحدتاوية في العمل الجماهيري والنقابي والاستفادة من فعل الخطأ والصواب.
أقول هذا لأن "الإجراءات التنظيمية" التي قام بها ناصر من تأميمات وصفتها حدتو بأنها "اشتراكية" أثارت دهشة كبيرة في أرجاء العالم، وهو ما جعل خروشوف يقول لأحد مبعوثي ناصر إليه "كيف تقيمون اشتراكية بدون وجود طليعة اشتراكية والشيوعيون في السجون؟"
ثم جاء التقرير الفاجع للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عن جرائم "الرفيق ستالين "، وكذا عن إمكانية الانتقال السلمي للاشتراكية في بلدان العالم الثالث التي تكافح الإمبريالية العالمية.
هذه الاشتراكية (الناصرية) التي وصفتها بعض التنظيمات الصغيرة بأنها "رأسمالية دولة" قادت اليسار سوقًا إلى "حل" التنظيمات (مع أسباب أخرى لوجستية مثل إيمان الشيوعيين المصريين بإمكانية تغيير مسار فكر ناصر والإسراع بناصر لتبني اشتراكية حقيقية). بدأت "حدتو" الحل، وسبقتها بقية الأحزاب، وخاصة "المصري" بقيادة الرفيق خالد (فؤاد مرسي).
لذلك كانت صدمة اليسار المصري مضاعفة عند الهزيمة، فلم يستطع اليسار المصري، الذي خرج من المعتقلات والسجون مهلهلًا أن يقود أو يبلور أية حركة فكرية انتقادية لموقف اليسار من ناصر، ولموقف اليسار من حل التنظيمات، ولموقف اليسار من الهزيمة. فهو كان يسارًا "منزوع الدسم"، بلا طعم ولا لون ولا رائحة؛ جثة ميتة لكنها ما زالت لم تمت إكلينيكيًا.
ولعل الهزيمة في 67 أطلقت رصاصة الرحمة على الجثة مثلما أطلقت رصاصة الرحمة على الناصرية، التي انتهت بموت ناصر بعد سنوات ثلاث من الهزيمة وسبقها موت عامر (أو انتحاره)، وتبوأ السادات الحكم ليقضي على "الفكرة " الناصرية بسرعة غريبة بدون مقاومة اللهم من أفراد ومجموعات صغيرة.
كانت هزيمة 67 كابوسًا أقوي من كابوس الحياة اليومية في مرحلة "السِلم القلق" بين حربين (56 و67)، وهكذا أزاح الكابوس الأكبر الكابوس الأصغر، خاصة بعد نتائج حرب 67 من هزيمة عسكرية واحتلال الضفة الشرقية من القناة، وتهجير أهالي مدن القناة، وانطلاق ما يسمى بحرب الاستنزاف.. إلخ.
ولأن اليسار اعتبر أن "إجراءات ناصر" الاقتصادية تطبيقات اشتراكية، بل ونظّر لوجود "مجموعة" اشتراكية تحيط بناصر يقودها ويترأسها على صبري الذي اعتبره اليسار المصري يسار السلطة، بالتالي استكان اليساريون والشيوعيون إلى الطمأنينة الناصرية التي وعده بها ناصر "بأن لا يعتقل اليسار مرة أخرى". هكذا فقد اليسار المصري عدة مفاصل أساسية لكي يكون يسارًا حقيقيًا، ومن أسباب ذلك:
أولًا: فترات غياب طويلة في السجون والمعتقلات لقيادات اليسار، فتخلفت عن متابعة اليومي للشعب المصري وقراءتها في "النظرية" والتطبيق لأحزاب يسار عربية وأوربية وافريقية.
ثانيًا: فقدان الاتصال بأزمة حكم ناصر التي تتزايد وتستحكم لكن في الخفاء وفجرّتها الهزيمة.
وبالتالي كانت الهزيمة مفاجأة كاملة لليسار المصري كما للشعب كله، كما لعبد ناصر نفسه والحلقة الضيقة المحيطة به، كان يوجد في مصر يساران؛ أحدهما يسار قبل الهزيمة وكان في "جبهة ما" مع السلطة غير معلنة "ينظّر في المعهد الاشتراكي" لتأصيل نظرية "المجموعة الاشتراكية" ثم بعدها التنظيم الطليعي. ثم يسار ما بعد الهزيمة الذي بدا يعي دوره الجديد المفروض عليه، والذي كان دورًا غير مسبوق لليسار المصري، أي كيف يتعامل مع "أسباب الهزيمة ومسببيها؟".
أما الإعلام المصري فكان يسيطر عليه الرقباء العسكريون بحجة "الحرب"، وكان اختيار ناصر للأهرام وهيكل واضحًا فيه ثقة ناصر بالشخص وبالمؤسسة العريقة، واخترع هيكل اصطلاح "النكسة" بدلًا من الهزيمة، و"لم نخسر الحرب لكننا خسرنا معركة"، أو وضع للهزيمة ردائها الخاص كقميص عثمان، وهو حق يراد به باطل.
مع أن اليسار أيامها كان يسيطر على بعض أجهزة الإعلام إلا أن إنجازات هذا "اليسار" في مجالات عملهم كانت هزيلة بتحكم سيطرة الرقباء من الضباط من جيش وشرطة على مقدرات العمل اليساري المصري الجماهيري.
لنتأمل ظهور السيدة العذراء على قمة كنيسة الزيتون الأرثوذكسية في القاهرة لتخفف عن شعب مصر مسلميه ومسيحييه عبء عار الهزيمة وتجعله يصبر ؛ فالعذراء – كما أعلنت التفسيرات الدينية والإعلامية - اختارت مصر من القِدَم لتلتجئ إليها مع الطفل يسوع ومن هنا جاءت الآية النبوءة "مبارك شعبي مصر". (مصر معطوفة بياء الملكية كما جاء في النص المترجم إلى العربية من التوراة).
وعَزَف اليسار بشكل ما وراء هيكل في مقطوعة "النكسة"، وتم السماح لبعض اليسار "الشارد" أن يظهر في الإعلام، الذي كان رسميًا، لكن تحت عين الرقيب الساهرة.
أخبرني الراحل مصطفى درويش في حوار بيننا أن "مجلس الشعب المصري آنذاك لم يستطع تقبل فكرة وجود أفلام غربية مثل (انفجار) و(لا دولشي فيتا) في دور العرض المصرية خوفًا من إلهاء المصريين عن واجباتهم الوطنية"، وأن ثروت عكاشة أطاح به كرقيب للسينما أكثر من مرة ثم أعاده مرة أخرى للرقابة من اجل أن (يبحبحها) بعض الشيء من التزمت الرقابي الأخلاقي/ السياسي.
ومع أن اليسار أيامها كان يسيطر على بعض أجهزة الإعلام مثل السينما (محمود توفيق صهر الضابط يوسف الصديق) وفي المسرح (يوسف إدريس) وفي الثقافة الجماهيرية (سعد الدين وهبة وخالد محيي الدين)، و عبد العظيم أنيس في صحيفة المساء، وغيرها من صحف ومجلات أُعطيت لليساريين (مؤقتًا) مثل دار أخبار اليوم لمحمود أمين العالم وقبلها الهيئة المصرية للكتاب، وحمروش في المسرح، وغيرهم من اليساريين (بدون تنظيم اللهم إلا التنظيم الطليعي)، إلا أن إنجازات هذا "اليسار" في مجالات عملهم كانت هزيلة بتحكم سيطرة الرقباء من الضباط من جيش وشرطة على مقدرات العمل اليساري المصري الجماهيري، إضافة إلى تخوف وقلق القادة والعاملين بهذه المؤسسات من القيام بأية مبادرات خلاقة.
ثلاث سنوات فقط ما بين الهزيمة ورحيل عبد الناصر، لكن خلال هذه السنوات أيضا تصارع اليساريون مع بعضهم البعض في المؤسسات التي تسلموها ليعملوا فيها، تطبيقًا لمرض اليسار المصري المتأصل في الصراع غير المبدئي، والذي يتخذ في كثير من الأحيان شكلًا سياسيًا كما حدث في الصراع بين جماعة على صبري من ناحية وجماعة شعراوي جمعة من ناحية أخرى داخل التنظيم الطليعي والاتحاد الاشتراكي والمعهد الاشتراكي.
ولم يستطع اليسار أن يلملم شمله في عهد السادات، الذي انقض هو أيضًا على بقايا اليسار ومن بقي منهم في مصر، ولم يهاجر إلى ليبيا أو العراق إبان حُكم "الجبهة".
جاءت كامب ديفيد كنهاية أصيلة لهزيمة سبعة وستين، مع أنها جاءت نتيجة حرب ثلاثة والسبعين التي حرم السادات الشعب المصري من انتصاراتها القليلة، ونَكَّل بقاداتها مثلما فعل مع الفريق سعد الدين الشاذلي.
خرج اليسار من سجون ومعتقلات ناصر محبطًا وخائبًا وبدون ثقافة ماركسية حقيقية مطلعة على المتغيرات في رؤية ومواقف أحزاب الغرب الشيوعية.
اعتقد أن اليسار العربي بأشكاله المختلفة وخاصة المصري، باعتبار أن مصر "أكبر" دولة تعدادًا، هو صورة مصغرة للدولة في روتينها وفوضويتها واستحالة الوصول إلى "نتيجة سياسية أو تنظيمية" منطقية أيًا كانت.
فمثلما تعمل أجهزة الدولة المصرية ببطء مقصود وعدم حرفية وفوضوية أصيلة متعمقة في المزاج المصري، كان اليسار – ولعله ما يزال – يمثل الدولة فالناس صورة مصغرة من حكامهم.
أنجز اليسار المصري بعض الإنجازات الوطنية مثل اشتراكه وقيادته في مقاومة بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي في 56، لكنه وقف عاجزًا محبطًا مذهولًا أمام حجم انفضاح الكذبة الكبيرة لحكم ناصر، ولانهزام جيش مصري كبير مخلص، لكن قادته كانوا في واد أخر غير ذي زرع.
حجم الهزيمة جاء بحجم انكشاف العري الذي كان مستورًا عند النقيضين "الناصرية" واليسار. وأؤكد هنا على التناقض الفكري والاجتماعي بين الناصرية التي تعتمد أساسًا على القومية وعلى نظرية المستبد العادل ( صوت العرب – أحمد سعيد) واليسار الذي يدافع وينادي "بالوطنية" والديموقراطية: أي مصر أساسًا؛ بدون الإيمان بقومية عربية (موقف خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري أيامها من "الوحدة بين مصر وسوريا") يراها قريبة من الفاشية والنازية عبر تاريخها ووقفاتها في الحرب العالمية الثانية مع خصوم التحالف الغربي مثل النازية ولفاشية.
أخيرًا كان اليسار المصري قد خرج من سجون ومعتقلات ناصر محبطًا وخائبًا وبدون ثقافة ماركسية حقيقية مطلعة على المتغيرات في رؤية ومواقف أحزاب الغرب الشيوعية، وخاصة الفرنسي والايطالي، بل واختلف مع الحزب الشيوعي السوداني الذي رفض "الانصياع " لموسكو بتحليلها عن النميري بأنه أيضًا يقود الدولة إلى الاشتراكية.
وكان موقف الحزب السوداني صحيحًا إلى درجة قتل عبد الخالق محجوب على يد النميري بعد انقلاب فاشل قام به بعض الضباط الشيوعيين والقوميين السودانيين.
لكن ثورة خمسة وعشرين يناير أتاحت فرصة العمر الأخيرة لليسار المصري أن يخرج من الملفات والانقسامات وينطلق مع الشعب في الشوارع، لكنه لم يستطع أيضًا أن يقوم بدور قيادي في الثورة إلا عبر شباب يساري ثوري فوضوي، لا علاقة له باليسار المصري القديم في عهد عبد الناصر.