كارلوس لطوف |
توجه عدد من حكام العرب علناً إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالعزاء في وفاة شيمون بيريز.
بعض حكامنا سيحضر الجنازة يوم الجمعة، وآخرون سيوفدون مسؤولين كبار للمشاركة، بيريز أحد كبار مجرمي إسرائيل ويداه ملوثتان بدماء العرب، لكن ذلك لا يعنيهم.
في السياق، لا يخجل مسؤولون عرب من حديث ممجوج عن ضرورة احتواء إسرائيل عربياً، وبعضهم يتحدث عن ضمها إلى جامعة الدول العربية.
تتبادل المزيد من الحكومات العربية بشكل يبدو ممنهجاً؛ علاقات تجارية وأمنية وسياسية مع إسرائيل، وتغض بعضها الطرف عن زيارات متكررة لشخصيات شبه رسمية إلى تل أبيب، أو لقاءات مع مسؤولي الاحتلال.
يتشدّق العرب يومياً، حكاماً ومحكومين، بأن فلسطين قضيتهم الأولى. لا يمر يوم دون أن تسمع حاكماً هنا أو سياسياً هناك يردد تلك المقولات المحفوظة عن القضية والعدو، والأقصى والأسرى وحق العودة، وتهويد القدس وجدار الفصل.
لكن مواقف هؤلاء تجاه فلسطين وشعبها لا تتجاوز الحناجر؛ مجرد دغدغة للعواطف لتحقيق مكاسب سياسية أو انتخابية، وربما تترجم في أحيان قليلة إلى تبرعات، بالأحرى فتات أموال لا يقارن بما ينفقه البعض ببذخ على اللهو والملذات والنساء والرحلات.
يستخدم معظم العرب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ستاراً لإخفاء جبنهم وضعفهم، أو ربما خيبتهم، أو لنقل خيانتهم.
تظل فلسطين تستغيث بالعرب دون مجيب، ويظل الأقصى ينتظر العرب بلا جدوى، لا يتوقف العرب عن الحديث. لكنهم لا يتحركون إلا باتجاه التطبيع مع العدو.
أكثر من نصف قرن مرت ولم يطلق العرب رصاصة لتحرير فلسطين، رغم أن بعضهم يلوك شعارات المقاومة والممانعة ليل نهار.
ومن المؤسف أن بعض العرب يحرّض العدو على المقاومة الفلسطينية، وبعضهم يتهم المقاومة بالإرهاب متماهياً مع العدو، وهناك من يقاطع المقاومة أو يعتقل عناصرها تودداً للاحتلال الذي باتت تربطه بمعظم حكام العرب علاقات وثيقة.
يحفظ جيلي كثير من الشعارات التي تؤكد أن تحرير فلسطين يمر بدمشق، أو يمر ببغداد أو القاهرة أو الرياض، والواقع المؤكد بعد كل هذه السنوات أن تحرير العواصم العربية من فساد واستبداد الحكام، وجبن وتخاذل المحكومين، يبدأ من القدس.
الواقع أن تحرير القدس وإخراج الشوكة الإسرائيلية من خاصرة العرب؛ يبدو الحل الوحيد كي ينصلح حالهم.
لا شك أن الربيع العربي المغدور كان جرس إنذار لهؤلاء جميعاً، ولذلك تحالفوا ضده وتكالبوا عليه.
يتكرّر أن تلمح في أعينهم فرحة النصر، وتسمعهم يتبادلون التهاني بقتل ربيع العرب في مهده.
هكذا يظنون. لكنهم واهمون، فالربيع لم يأت بعد.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق