بات كلّ ظهورٍ للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك يترافق مع فيديو للناشط الإلكتروني الساخر جاسر الأنور الذي اشتهر بتقليده، عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، حتى أن الفيديو الأخير الذي يعلّق فيه بصوت مبارك على حكم محكمة النقض المصرية ببراءته من تهمة قتل المتظاهرين، حقق ملايين المشاهدات.
يوضح الأنور لـ"العربي الجديد"، أنه يقلد مبارك منذ عام 1996 تقريباً، وأنه كان يفعل ذلك في جلسات الأصدقاء والعائلة، وأحياناً في وسائل المواصلات، ومع زملائه في الجامعة، ويقول "حتى أنني قمت مرة بتقليده في حضور مسؤول الحزب الوطني بالإسكندرية، رغم كل التحذيرات من مدى خطورة الأمر، كل ذلك قبل أن تظهر مواقع التواصل التي سهلت انتشار الفيديوهات".
ويضيف "أول فيديو نشرته لتقليد مبارك عبر مواقع التواصل، كان بعد ثورة يناير، حينها كانت جودة الصورة والصوت سيئة بسبب ضعف كاميرا الهاتف، والفيديو الثاني كان بعد واقعة مقتل مشجعي نادي الزمالك عندما قيل إن الإخوان هم من قاموا بقتلهم، ولم ينتشر جيداً لأن اسمي على مواقع التواصل لم يكن رائجاً مثلما هو الحال الآن، أما بداية الشهرة فكانت بسبب فيديو بصوت مبارك تعليقاً على مباراة كرة قدم خيالية بين الأهلي والزمالك، قام بنشره أحد المشاهير".
وفي ما يخص طريقة العمل على الفيديوهات التي ينشرها، يشير الأنور إلى أن الارتجال هو السائد "أبدأ التصوير بعد اختيار الموضوع دون تحضير، وأعتمد على الارتجال وما يرد على ذهني حول الموضوع، وهناك الكثير من المؤثرات التي تحكم ذلك، وأبرزها حالتي النفسية وقت التصوير". ويرى أن الأمر ليس سهلاً، ويحتاج إلى تركيز وذهن حاضر وخيال واسع، وأنه بات متمكناً منه مع مرور الوقت. ويضيف "لم أكن مهتماً بالشهرة كمقلد، اهتمامي الأكبر كان بانتشاري ككاتب، فلدي مجموعة قصص قصيرة منشورة بعنوان "بالمقلوب"، وأعشق الكتابة منذ الصغر".
وعن شهرته التي حصدها بسبب تقليد شخصية مبارك، قال إنه يستطيع تقليد الكثير من الشخصيات الأخرى، "أقلّد ممثلين ومطربين ومذيعين، حتى أنني قلدت معمر القذافي وقت ثورة الشعب الليبي عليه، لكن ظروف عملي تمنعني من تقديم الكثير من الفيديوهات، وربما تمر أوقات كثيرة بدون تسجيل أي فيديو، وهذا يؤثر على تمكني من إتقان الشخصيات التي أصبحت متمكناً من تقليدها، الموضوع يحتاج ممارسة وتدريباً متواصلاً، ربما الاستثناء هما مبارك والرئيس المصري الراحل أنور السادات، لأنني أقلدهما طوال الوقت، حتى في كلامي اليومي مع الزملاء والأصدقاء".
وينتظر الأنور، وهو مهندس مدني، الانتقال إلى مرحلة جديدة بعد الشهرة على السوشال ميديا، ويقول "أتمنى طبعاً الانتقال إلى شاشة التلفزيون من خلال تقديم برنامج له فكرة محترمة وسط اللامنطق الذي نعيشه حالياً، عُرض عليّ مشروع برنامج تلفزيوني، لكنه لم يكن مناسباً ورفضته، وبعدها جاءتني عدة عروض من شركات إنتاج لتصوير مسلسل درامي كوميدي بعنوان "الغيبوبة"، وبالفعل صورت حلقة "بايلوت"، وحالياً نحن في مرحلة التفاوض مع بعض القنوات لإنتاجه".
في المقابل، لا تخلو موهبة الأنور من التعرض للمضايقات والاتهامات، ويقول "تعرضت لمشاكل عدة بدأت بشتائم ورسائل تهديد على فيسبوك، واتهامات بينها التمويل الأجنبي والخيانة، وانتهت بأن أخبرني بعض أصدقائي ممن تربطهم علاقات برجال أمن، أن اسمي بات على قائمة ترقب الوصول في مصر، بتهمة إهانة رموز الدولة والتحريض ونشر أكاذيب. لكن مشكلاتي الأبرز منذ بدأ انتشار فيديوهاتي كانت في مجال العمل، حيث أصبحت أواجه مشكلات في الحصول على عمل، أرباب العمل يقبلون السيرة الذاتية لكنهم يخشون توظيفي بعد معرفة أنني أعارض النظام الحالي في مصر".
يبقى الانتشار الأوسع للساخر المصري عبر "فيسبوك"، وهو يرى أنه مقصّر في نشر فيديوهاته عبر "يوتيوب" رغم أن كثيرين أبلغوه أنه يمكن أن يحقق عائداً مادياً وانتشاراً أكبر، "نظراً لأنني أصور فيديوهاتي بكاميرا الهاتف المحمول وبدون إمكانيات تذكر، أرى أن الانتشار الحالي لها جيد، وأرى أن الأفكار التي أقدمها في الفيديوهات تدعم انتشارها أكثر من مجرد تقليد الشخصيات، إضافة إلى أنني أتجنب تماماً استخدام ألفاظ أو تلميحات خارجة عن الآداب العامة على عكس ما يفعل معظم من يقدمون فيديوهات مماثلة".
ويختم جاسر الأنور حديثه مع "العربي الجديد"، قائلاً "فيديوهاتي ليست وسيلة للضحك أو السخرية فقط، وإنما أهتم أن تضم رسالة، وليست أفكاري مقتصرة على السياسة وإنما أهتم بنشر الأفكار الإيجابية والأخلاق الحميدة ونشر الوعي. وأتمنى أن أوفق قريباً في تقديم برنامج "توك شو" يعتمد المنطق، البرامج القائمة في أغلبها منحازة، بعضها في أقصى اليمين والأخرى في أقصى اليسار، بينما أرغب في تقديم الآراء وترك الحكم للجمهور بعد الإحاطة بتفاصيل كل موضوع، وعدم تغييب أي وجهة نظر فيه على عكس السائد حالياً".
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق