التقينا بعد طول غياب لنسترجع ذكريات مرّ عليها نحو 10 سنوات في القاهرة، وفي الإسكندرية، تذكرنا كثيرا من حكايات العمل، والأصدقاء المشتركين. ضحكنا وسخرنا وعلت وجهينا لحظات عبوس.
استغرقتنا لحظات صمت عندما استحضرنا الأيام الأولى من ثورة يناير. هي لم تكن من مؤيديها ومازالت ضدها، لكنها قادمة من عطلة استمرت ثلاثة أسابيع في مصر، وعلى عكس مرات سابقة، تبدو أكثر انزعاجاً من تفاقم الأزمات المعيشية.
انتقل حديثنا إلى صديقة قديمة مشتركة. قالت: هل عرفت أن صديقتنا تزوجت مجدداً؟
قبل أن أرد متعجباً، عادت لتقول: لكنها تطلقت مجدداً بعد بضعة أشهر.
سألتها عن تفاصيل أكثر عن صديقتها الحميمة. لماذا قررت الزواج مجدداً؟ ولماذا لم يستمر الزواج الجديد؟ فقالت لي إنها تزوجت زميل عمل هرباً من الوحدة، لكنها اكتشفت بعد فترة قصيرة أنها باتت غير قادرة على تحمل العيش في ظل رجل بعدما عاشت لسنوات كامرأة حرة.
كانت صديقتنا مطلقة منذ سنوات، وكان طلاقها مفاجئاً لأغلبنا بسبب العلاقة الرائعة التي كانت تربطها بزوجها الذي كنا نلتقيه في مناسبات مختلفة.استطردت في الموضوع، ليس موضوع الطلاق الثاني لصديقتنا، وإنما ظاهرة تفشي الطلاق بين أفراد جيلنا بعكس ما كان عليه الأمر في أجيال سبقتنا.
لم أستطع كتم سخريتي، فقلت إن الأزواج عادة يغادرون إلى القبور قبل زوجاتهم بسنوات، وإن الزوجات على الأغلب يعتبرن السبب الرئيس لوفاة الأزواج.
قالت صديقتي إنها حكت لأمها عن طلاق صديقتها، فعاجلتها الأم بأن الطلاق لم يكن معروفاً في زمانها، وأن غالبية النساء كن يغادرن بيوت أزواجهن فقط إلى القبور.لم تضحك صديقتي، بل شردت قليلاً قبل أن تتمتم بمرارة أن الزيجات البائسة أو الطلاق، رغم كل ما يمكن أن يخلفانه في نفوس النساء من آثار، أفضل كثيراً من تقدم المرأة في العمر دون زواج، وأن لقب المطلقة يظل أفضل من لقب العانس.
هممت بمجادلتها لتأكيد أن العنوسة أفضل من الزواج التعيس، وأن الطلاق أفضل كثيراً من مواصلة زواج بائس، فقاطعتني أصوات الجالسين في المقهى الذين كانوا يهتفون باسم لاعب أحرز هدفاً في مباراة لكرة القدم لم أكن مهتماً بمعرفة طرفيها. قررت وقف حوارنا الكئيب، فسألتها عن المباراة رغم علمي مسبقاً أنها ليست من مشجعي كرة القدم مثلي.
فهمت مقصدي، فقررت مجاراتي في ترك حكايات الزواج والطلاق والعنوسة، إلى كرة القدم التي يحيط بنا مشجعوها، فقادنا الحديث إلى أزمة اللاعب المصري المحترف في ليفربول الإنكليزي محمد صلاح.
قضينا الساعة التالية في الحديث عن هموم الغربة التي يعيشها كلانا.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر
أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق