تختلف الأنظمة العربية لأسباب غير منطقية على الأغلب، وأحياناً بسبب الغيرة أو الحسد، فتتأثر على الفور حياة شعوبها التي تربطها علاقات نسب ومصاهرة. أوّل الإجراءات التعسفية عادة يتمثل في منع تنقل الأشخاص بين الدول بحجة الحفاظ على الأمن القومي. تكرر الأمر كثيراً حتى بات يمكن اعتباره جزءاً من اليوميات العربية، ويمكنك أن تسمع من أجيال مختلفة قصصاً عجيبة، بعضها كوميدي، عما يجري خلال فترات الخلاف، غزو العراق للكويت، أو التدخل السوري في لبنان كمثالين، وبعض الأزمات ما زالت قائمة مثل حصار قطر، أو التدخل العسكري السعودي الإماراتي في اليمن. تداعيات الخلافات السياسية دائماً كارثية على الأفراد، خصوصاً الأسر التي تتشتت بسبب منع بعض أفرادها من التجمع على خلفية منعهم من دخول أحد البلدان، أو رفض منحهم تأشيرات دخول. السنوات الأخيرة شهدت تطورات عدة في أزمات تنقل الأفراد، فوصلنا إلى المنع من أداء شعائر الحج والعمرة بسبب الجنسية، أو الإقامة في بلدان على خلاف مع السعودية، أو للمعترضين على قرارات حكام المملكة التي تكرر الزعم بأنها تسير على درب الحداثة. في موسم الحج الماضي انتشرت تفاصيل كثيرة حول منح السعودية تأشيرات مجانية بالمئات لمليشيات طائفية في العراق، ولقائد حزب مسيحي في لبنان، في حين واصلت منع المواطنين والمقيمين في قطر للعام الثاني على التوالي، وضيقت على جميع المعارضين لسياساتها، وخصوصاً اليمنيين والسوريين. حالياً، يواجه من يحملون وثائق السفر الفلسطينية أشكالاً متباينة من المنع من دخول السعودية لأداء مناسك العمرة، وفي حين يؤكد لاجئون فلسطينيون في لبنان والأردن وغيرهما من بلدان اللجوء، أنّهم ممنوعون، أو غير قادرين على الحصول على تأشيرة دخول، تواصل السلطات السعودية الصمت أو التجاهل. ليس المنع قاصراً على السعودية، فقبل أيام، قامت السلطات في مصر بترحيل الممثل الفلسطيني علي سليمان، من مطار الغردقة الذي وصله للمشاركة عضواً في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة السينمائي، كما رفضت منح تأشيرة دخول للمخرج الفلسطيني زياد بكري، رغم أنّ فيلمه مشارك في المهرجان نفسه، ورفضت منح تأشيرة دخول للمخرجة السورية سؤدد كنعان، وكذا بطلة فيلمها المشارك في المهرجان "يوم أضعت ظلي"، السورية سوسن أرشيد. الواقع أنّ فرض تأشيرات دخول بين الدول العربية أمر يجب إنهاؤه فوراً، وربما لو أنّ جامعة الدول العربية مؤسسة حقيقية لكان ذلك أولى مهامها. في المقابل، تتبارى الأنظمة العربية في السماح لغير العرب بدخول أراضيها من دون قيود.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية