شبَّه الكاتب الأميركي، الحاصل على 3 جوائز بولتيزر، توماس فريدمان، الولايات المتحدة الأميركية في عهد ترامب، بالإمارات العربية المتحدة، معتبراً أن ما يفعله الرئيس الأميركي لا يختلف عما يقوم به الأمراء والملوك في الدول العربية.
وقال فريدمان في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الأربعاء 31 مايو/أيار 2017، إن سياسة ترامب الخارجية أحدثت شرخاً كبيراً في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وأفقدت الولايات المتحدة بعض حلفائها الأوروبيين المؤمنين بالقيم الأميركية وأشعرتهم بأن الدفاع الأميركي عنهم أصبح من الماضي، بحسب تعبيره.
وأضاف فريدمان: “فقد تشكك حلفاؤنا الأوروبيون في التزام أميركا بأمنهم ضد روسيا، وبالقيم المشتركة في التجارة والتغيُّر المناخي، لدرجة أنَّه دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إخبار مواطنيها بأنَّ الأيام التي كانت تعتمد فيها أوروبا على الأميركيين (قد ولَّت بدرجةٍ معينة، ولذا فإنَّه يجب على ألمانيا وحلفائها الأوروبيين حقاً أن يُمسكوا بزمام مصيرهم في أيديهم)”.
واعتبر الكاتب الأميركي أن هذا الأمر يعد سابقة لم تحدث في تاريخ الولايات المتحدة، “ولم يسبق لرئيسٍ أميركي من قبلُ أبداً أن أحدث شرخاً في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أولى جولاته. إنَّ ما فعله ترامب تاريخي”.
ولفت فريدمان إلى أن ميركل هي أول زعيمةٍ كبيرة تتحدَّث بصوتٍ عالٍ عمَّا يُدركه كل حليفٍ للولايات المتحدة الآن: أميركا تخضع لإدارةٍ جديدة.
وأشار الكاتب الأميركي إلى أن “من هي أميركا اليوم؟”. كان السؤال الذي سُئِلَه بشكل متكرر في عدد من زيارته.
وأجاب فريدمان بأن أميركا الجديدة هي: ليست الولايات المتحدة الأميركية بعد من الآن. "إنَّنا UAE الإمارة الأميركية المتحدة الجديدة".
وبحسب مقال فريدمان، فإن إجابته بأن بلاده أصبحت الإمارة المتحدة الجديدة؛ لأن “لدينا أميراً، اسمه دونالد. ولدينا ولي عهد، اسمه غاريد. ولدينا وليةٌ للعهد، اسمها إيفانكا. ولدينا مجلس شورى (الكونغرس) يُصدِّق على أيٍّ كان ما يريده الأمير. ومثل أي نظامٍ ملكي جيد، لا ترى عائلتنا المالِكة أي تضاربٍ في المصالح بين أعمالها الشخصية وأعمال الدولة”.
وتابع فريدمان أنَّ “أية أفكارٍ كينيدية (نسبةً إلى الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي) عالِقة يجب أن تُبدَّد. فلتعلم كل دولةٍ، سواء كانت تريدنا أقوياء أو مُعتلّين، أنَّنا يجب ألا ندفع أي ثمن، وألّا نتحمَّل أي مشقّة، وألا نلاقي أي صعوبة، وألا ندعم أي صديق، وألّا نعارض أي خصمٍ لضمان نجاح الحرية- إلا إذا دُفِع لنا مُقدَّماً. ونحن نقبل الدفع في صورة أموالٍ نقدية، أو شيكات، أو ذهب، أو بطاقات ائتمان، أو تحويلاتٍ مصرفية، أو عملات البتكوين الإلكترونية، أو عُضوياتٍ في منتجع مار آلاغو”.
ويرى الكاتب الأميركي أنَّ “مبدأ ترامب بسيطٌ للغاية؛ وهو أن هناك 4 تهديدات فقط في العالم: الإرهابيون، والمهاجرون، والمُصدِّرون والمُستوردون، وكوريا الشمالية. ولم تعد التهديدات التي تواجه الديمقراطية على قائمة التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة بعد الآن. ولذا، لا يهم مدى بغضك كزعيمٍ أجنبي.
الشروط الستة
واعتبر فريدمان أن بإمكان أي دولة أن تكون أفضل أصدقاء الإمارة الأميركية المتحدة إذا توافرت فيها 6 شروط؛ وهي:
1. إذا دفعت لنا الأموال عن طريق شراء أسلحتنا. ومع ذلك، فإنَّى أُحذِّرك أنَّ السعودية قد رفعت السقف كثيراً، ويبدأ من 110 مليارات دولار.
2. إذا دفعت لنا عن طريق إنفاقٍ دفاعي أعلى بالنسبة لدول الناتو- ليس من أجل ردع روسيا، التي تستخدم الحرب الإلكترونية للتشويش على كل انتخاباتٍ ديمقراطية يمكنها التشويش عليها، ولكن من أجل ردع “الإرهاب”، وهو الشيء الذي تصبح الدبابات والطائرات عديمة الفائدة أمامه.
3. إذا دفعت لنا عن طريق تنازلاتٍ تجارية. ولا يهم بكم تُقدَّر تلك التنازلات. كل ما يهم هو أن يكون بمقدور الأمير ترامب أن يعلن حصوله على “تنازلات”. ولتنظر إلى “التنازلات التجارية” الأخيرة التي حصل عليها ترامب من الصين.
4. إذا دفعت لنا عن طريق تحرير أي مواطنٍ أميركي اعتقلته باتهاماتٍ مُلفَّقة نكايةً في باراك أوباما ولترهيب نشطاء حقوق الإنسان. ولتنظر إلى إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سراح عاملة الإغاثة الأميركية المصرية آية حجازي، التي كانت تعمل مع الأطفال المُشرَّدين.
5. إذا دفعت لنا عن طريق تملُّق أميرنا وإخباره كم أنَّه أفضل من أوباما. ولتنظر إلى الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
6. إذا كنت روسيا ولا تدفع لنا أي شيء.
كانت هذه الشروط التي اعتبرها فريدمان الآن تهم الرئيس الأميركي وليس أي شيء آخر.
وقال فريدمان: “إنه إذا قمت بأي واحدٍ من تلك الأشياء الستة، فإنَّ الإمارة الأميركية المتحدة ستلتزم لك، وهو التزامٌ صارِم، بأنَّك تستطيع فعل أي شيءٍ تريده (في المقابل). فيمكنك حرمان شعبك من أي حقوق إنسانٍ ترغب في حرمانهم منها في المقابل”.
وأضاف الكاتب الأميركي: “يمكنك أن تكون فاسِداً بقدر ما تشاء في المقابل. ويمكنك الغش والفوز في أي عددٍ ترغب فيه من الانتخابات في المقابل. فقط، احرص على استمرار مشتروات الأسلحة، وزيادة المستحقات المدفوعة في الناتو، وتدفُّق التنازلات التجارية الزائفة، ووفرة المجاملات، أو ببساطة كُن فلاديمير بوتين وسيسير كل شيءٍ على ما يرام”.
هل أنا قاسٍ للغاية؟
وتساءل فريدمان: “هل أنا قاسٍ للغاية؟” فأجاب: “على الإطلاق”.
والسبب في ذلك، بحسب الكتاب الأميركي، “هو أن تكون في كوريا وترى كيف نمت تلك الدولة وخرجت من دائرة الفقر على مدار الـ50 عاماً الماضية عن طريق تبنِّيها قيمنا كافة –لدرجة أنَّها للتو اتَّهمت رئيستها بالفساد بعد احتجاجاتٍ سلمية واسعة (بالشموع) استندت بكاملها إلى نمط الديمقراطية الأميركية– كل ذلك يجعلك تنتحب من مجرد التفكير في أنَّ الشيء الوحيد تقريباً الذي قاله ترامب عن كوريا هو أنَّها (راكبٌ مجاني) على حساب جيشنا (وهو حتى أمرٌ خاطئ) وأنَّها يجب عليها أن تُسدِّد ما عليها”.
واعتبر فريدمان أن “الولايات المتحدة استغرقت عقوداً لتأسيس الحلف الأطلسي، وقد جلب لواشنطن الكثير من المزايا الملموسة وغير الملموسة في صورة أمن، واستقرار، ونمو، وصداقات. وفي الحقيقة، بإمكان ترامب التسبُّب في انهيار ذلك، وليس مجرد إحداث صدعٍ أو شرخٍ فيه”.
واختتم الكاتب الأميركي مقاله قائلاً: “هذا الأسبوع، وللمرة الأولى، رأيت الصور الرسمية التي تُزيِّن مدخل قاعات كل السفارات الأميركية. ويبدو فيها نائب الرئيس، مايك بينس، مبتسماً بحرارة. بينما يبدو ترامب متجهِّماً. وإن كان من تعليقٍ مكتوب على هذه الصورة، لكان ذلك التعليق هو: “اخرج من حديقتي”، وقد يكون أيضاً: “فليعلم كل من يدخل هذه السفارة أنَّنا لا نعقد تحالفاتٍ بعد الآن. إنَّنا فقط نقوم بشراكاتٍ كبيرة محدودة. وبدلاً من ذلك؟ اتصلوا برقم 1–202–456–1414. ستجدون المُشغِّلين في وضع الاستعداد”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق