أطلقت زميلتنا السوريّة اسم "جولان" على ابنها، تيمّناً بالهضبة التي احتل العدو الصهيوني أغلب مساحتها بعد حرب
1967، بالتزامن مع احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية.
يوم انطلاق ما يقال إنه
"الانتخابات الرئاسية" في مصر، كان جولان بصحبة أمه في مكتبنا، وكان محط
أنظار الزملاء، وخصوصا الزميلات.
بدأت الزميلة ملاطفة رضيعها قائلة
"سيسي"، فضحك الطفل الذي لم يتجاوز بضعة أشهر من عمره، وكلما كررت أمه
اللفظ نفسه، كرر الضحك، لتؤكد لنا أن هذه أحد ألعابهما اليومية المحببة.
لا يدرك "جولان" لصغر سنه، أن
هذا اللفظ الذي تداعبه به أمه هو اسم الرئيس المصري، وهو لا يعرف بالطبع أن هذا
اليوم يوافق أول أيام التصويت على تمديد فترة حكم السيسي لمصر، وسيعرف حين يكبر أن
الديكتاتور الدموي صاحب الاسم الذي أضحكه صغيراً يثير الضحك حول العالم كلما تحدث،
على الرغم من كل ما تضمه أحاديثه من كوميديا سوداء.
في الأيام التالية، وربما حتى اليوم،
تحولت وقائع الانتخابات المصرية إلى وسيلة البهجة الأكثر انتشاراً بين الزملاء من
كل الجنسيات، هؤلاء يستعرضون صوراً لمصوتين صادفوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي،
وهؤلاء يشاهدون لقطات فيديو متداولة عن الانتخابات، أو يتابعون حديث إعلامي أو
فنان أو رياضي مصري عن الانتخابات، وكلها تنتهي بوصلات من الضحك، وإطلاق
"قفشات" و"نكات".
تعتبر الانتخابات ممارسة سياسية جادة.
لكنها في مصر باتت مصدراً للكوميديا منذ تم إقرارها كبديل للاستفتاء على بقاء
الرئيس في منصبه في 2005، وزادت الكوميديا بعد ثورة يناير 2011، وكأن تلك
الكوميديا المصاحبة للانتخابات مقصودة للتسفيه من قيمتها، خصوصاً أن هؤلاء الذين
نظموا كل الانتخابات التي عرفتها مصر، لا يؤمنون بالديمقراطية أو تداول السلطة،
كما يحرصون على الإجهاز على أبسط مبادئ النزاهة والشفافية.
هذا العام، لم تكن فيديوهات وصور الرقص
أمام مراكز التصويت هي الظاهرة الأبرز، كما كان الأمر سابقاً، بل تفوقت عليها
مشاهد كبار السن والمقعدين الذين احتفت القنوات المحلية بمشاركتهم في التصويت
بمقاعدهم المتحركة، والذين تظهرهم صور ولقطات أخرى يسيرون بشكل طبيعي.
فجأة ظهرت مشاهد مراقبين أميركيين
يشاركون فلاحين مصريين ومشرفين على الانتخابات الرقص بالعصا على موسيقى
"الطبل البلدي" أمام مركز للتصويت بمحافظة المنوفية، وتُظهر مراقباً آخر
يدخن "الشيشة"، وآخرين يتناولون "الفطير المشلتت" الذي تشتهر
به المحافظة.
انتشرت اللقطات حول العالم، لتكون
النموذج الأكثر تعبيراً عن هذه الكوميديا التي يسمونها "العرس
الانتخابي".
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق