بلغ عمري أمس أربعين سنة، فجلست أستعرض ما مرّ بي فيها من أحداث، وأكثرها شخصي، لأنني على قناعة أن تلك الأحداث ستدعمني في ما بقي لي من عمر في هذه الدنيا.
ولدت في قرية في دلتا نيل مصر لأسرة متوسطة الحال يمتهن أفرادها الزراعة، لكني عشت أغلب سنوات عمري في القاهرة، كان جدي لأبي شيخاً، وكذا جدي لأمي، وقيل لي، إن صلة النسب بين العائلتين كانت لأنهما شيخان.
لم أعرف أياً من الجدين اللذين ماتا قبل ولادتي، كما لم أعرف جدتي لأبي التي سبقت جدي في الوفاة، عرفتُ فقط جدتي لأمي عدة سنوات قبل أن تلحق هي الأخرى بالباقين.
كانت أمي ربة منزل، ورحلت عنا سريعاً متأثرة بمرض قاتل قبل أن تكمل الأربعين. كنتُ حينها في الخامسة عشرة وترك رحيلها المفاجئ أثره في حياتي اللاحقة، وبعد أقل من خمس سنوات غادر أبي الدنيا ولم يكد يكمل السابعة والأربعين. كنت حينها في العشرين من عمري، وأدرس اللغات في جامعة الأزهر بعد أن رفضت دراسة الهندسة على خلاف رغبة أبي.
بعد رحيل أبي تغيرت حياتي وحياة إخوتي كلياً، كنت أدرس في الجامعة، وكذا أخي البكر، بينما أخي وأختي الأصغران في مراحل التعليم قبل الجامعي.
كنت أعمل منذ سنوات مراهقتي الأولى في فترات الصيف كنوع من البحث عن التحرّر وتحقيق الذات. كان أبي يشجعني رغم غضب أمي. ثم لما ماتت أمي ولحقها أبي بات العمل الصيفي ضرورة لتوفير مصروفاتي الشخصية بعد أن تأثرت أحوالنا المادية.
بعد تخرّجي بفترة قصيرة بدأت العمل في الصحافة، ومنذ ذلك الحين أواصل نفس المهنة على مدار نحو 18 سنة. لكن تلك السنوات شهدت كثيراً من الأحداث أيضاً، فقد تزوجت في سن الخامسة والعشرين، وأنجبتُ ابني البكر بعدها بنحو عام ونصف، وبعد ثلاث سنوات أنجبت ابني الأصغر، وهما أثمن ما أملك في الحياة.
عرفت حياتي المهنية مراحل صعود وهبوط، وتنقلت خلالها بين مؤسسات عدة، وعملت مع شخصيات متباينة، وكثيراً ما كنت أعمل في أكثر من مكان في نفس الوقت لتوفير الرفاهية لعائلتي.
أزعم أنني كنت أعيش حياة جيدة مقارنة بكثير من أقراني، وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، لكن انطلاق الثورة في مصر كان بمثابة تحوّل كبير في مسار حياتي، وترتّب على تطوراتها وانتصاراتها وانكساراتها، تغيير كبير في أوضاعي الشخصية والمهنية.
أعيش بعيداً عن بلادي وعن أولادي وإخوتي منذ أكثر من أربعين شهراً، وما أقسى الشعور بالغربة، لولا أن البديل أكثر قسوة.
مرّت سنواتي الأربعين بأفراح وأتراح، وفشل ونجاح، ويكفيني الآن أنني حر، أو بالأحرى حريص على حريتي، ولست نادماً على كثير مما فعلته في تلك السنوات.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ولدت في قرية في دلتا نيل مصر لأسرة متوسطة الحال يمتهن أفرادها الزراعة، لكني عشت أغلب سنوات عمري في القاهرة، كان جدي لأبي شيخاً، وكذا جدي لأمي، وقيل لي، إن صلة النسب بين العائلتين كانت لأنهما شيخان.
لم أعرف أياً من الجدين اللذين ماتا قبل ولادتي، كما لم أعرف جدتي لأبي التي سبقت جدي في الوفاة، عرفتُ فقط جدتي لأمي عدة سنوات قبل أن تلحق هي الأخرى بالباقين.
كانت أمي ربة منزل، ورحلت عنا سريعاً متأثرة بمرض قاتل قبل أن تكمل الأربعين. كنتُ حينها في الخامسة عشرة وترك رحيلها المفاجئ أثره في حياتي اللاحقة، وبعد أقل من خمس سنوات غادر أبي الدنيا ولم يكد يكمل السابعة والأربعين. كنت حينها في العشرين من عمري، وأدرس اللغات في جامعة الأزهر بعد أن رفضت دراسة الهندسة على خلاف رغبة أبي.
بعد رحيل أبي تغيرت حياتي وحياة إخوتي كلياً، كنت أدرس في الجامعة، وكذا أخي البكر، بينما أخي وأختي الأصغران في مراحل التعليم قبل الجامعي.
كنت أعمل منذ سنوات مراهقتي الأولى في فترات الصيف كنوع من البحث عن التحرّر وتحقيق الذات. كان أبي يشجعني رغم غضب أمي. ثم لما ماتت أمي ولحقها أبي بات العمل الصيفي ضرورة لتوفير مصروفاتي الشخصية بعد أن تأثرت أحوالنا المادية.
بعد تخرّجي بفترة قصيرة بدأت العمل في الصحافة، ومنذ ذلك الحين أواصل نفس المهنة على مدار نحو 18 سنة. لكن تلك السنوات شهدت كثيراً من الأحداث أيضاً، فقد تزوجت في سن الخامسة والعشرين، وأنجبتُ ابني البكر بعدها بنحو عام ونصف، وبعد ثلاث سنوات أنجبت ابني الأصغر، وهما أثمن ما أملك في الحياة.
عرفت حياتي المهنية مراحل صعود وهبوط، وتنقلت خلالها بين مؤسسات عدة، وعملت مع شخصيات متباينة، وكثيراً ما كنت أعمل في أكثر من مكان في نفس الوقت لتوفير الرفاهية لعائلتي.
أزعم أنني كنت أعيش حياة جيدة مقارنة بكثير من أقراني، وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، لكن انطلاق الثورة في مصر كان بمثابة تحوّل كبير في مسار حياتي، وترتّب على تطوراتها وانتصاراتها وانكساراتها، تغيير كبير في أوضاعي الشخصية والمهنية.
أعيش بعيداً عن بلادي وعن أولادي وإخوتي منذ أكثر من أربعين شهراً، وما أقسى الشعور بالغربة، لولا أن البديل أكثر قسوة.
مرّت سنواتي الأربعين بأفراح وأتراح، وفشل ونجاح، ويكفيني الآن أنني حر، أو بالأحرى حريص على حريتي، ولست نادماً على كثير مما فعلته في تلك السنوات.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق