كنت منذ اليوم الأول،
ضد إطاحة الرئيس المنتخب، لأنني كنت أرى أبعاد الثورة المضادة التي لا تستهدفه وحده،
وإنما كل الاستحقاقات التي حققها المصريون عندما ثاروا على منظومة الفساد المالي والإداري
والأمني والعسكري، التي كان يجلس على قمتها المخلوع حسني مبارك.
كنت أتوقع المستقبل
المظلم الذي تعيشه مصر الآن، قمع وقتل وتقسيم، وإهدار ثروات البلاد في صفقات غاز المتوسط،
واتفاقية سد النهضة الإثيوبي، وصولاً إلى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، أو بالأحرى
بيعهما.
كانت خطة إطاحة الرئيس
المنتخب تسير على قدم وساق، من دون أن تبذل إدارته أو حتى جماعته شيئاً لإيقافها، لم
يكن يخطر ببالي في الأشهر الأخيرة من حكم محمد مرسي، وقوع هذه المجازر الجماعية.
ما حدث كان أقسى
من كل الكوابيس، لكنني أحد من صَدَمَتهم بقسوة أكبر حالة الشماتة، والتحريض على مزيد
من الدم من جانب أشخاص كانوا قبلها ينتحبون على دماء بضعة أشخاص سقطوا برصاص الشرطة
في عهد مرسي.
منذ اليوم الأول
لعزل مرسي، في انقلاب عسكري مكتمل الأركان، كنت أصر على أنه لا ضرورة لعودة مرسي إلى
الحكم، مهما كانت المبررات التي يسوقها بعض أنصاره كدليل على ضرورة عودته لإسقاط كل
الكوارث التي أحدثها السيسي.
كان ومازال الأهم
أن تقوم الثورة، وأن يعود الثوار الحقيقيون، وليس نشطاء الثورة الذين ناموا في سرير
العسكر، ولا أشك أنها ستقوم، ليس لإعادة مرسي إلى الحكم، ولكن للقصاص من كل من قتل
المصريين، سواء في ذلك من قتلوهم بالرصاص أو من قتلوهم بتعليم فاشل ورعاية صحية متدنية
وحقوق ضائعة في الداخل والخارج، وكذا من قتلوهم بقبول حكم فاسد قاتل.
قاد السيسي انقلاباً
عسكرياً، وحذّر قلة من أنه سيقود البلاد إلى الهاوية، وهؤلاء اتهموا بالخيانة والعمالة
وتم التحريض عليهم من أشخاص يدّعون الحرص على الديمقراطية ويزعمون الوطنية.
حكم السيسي أكثر
من ثلاث سنوات أوصلت البلاد إلى الحضيض، كان يبشر بأنها ستكون "أد الدنيا"،
ثم قال إنها "شبه دولة"، وأشار إلى أنها "طابونة"، وزعم أن أهلها
"فقراء أوي"، وعليه الآن، وكذا كل من أيدوه، أن يتحمّلوا التبعات.
أذكر أني كتبت في
هذا المكان، قبل ثلاثة سنوات: "تذكروا، عندما يفشل السيسي، وسيفشل قريباً، وعندما
تخرجون مجدداً إلى الشوارع تنادون بإسقاط النظام، وستفعلون إن عاجلاً أو آجلاً، تذكروا
أن الحكم العسكري لم يجعل أي بلد في العالم دولة محترمة، وأن هتاف (الشعب والجيش يد
واحدة) أطلقه العسكر، وأن من سينادي مجدداً بحكم عسكري سيكون خائنا".
إلى أن نلتقي في
ميدان التحرير.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق