لو كنت "سمّيعاً" أو عاشقاً للموسيقى العربية
القديمة، خصوصاً الطقاطيق والأدوار والموشحات، فلا يمكنك أن تخطئ اسم وأغنيات وموسيقى
إمام عيسى، المعروف بـ"الشيخ إمام".
ينتمي الشيخ إمام (1918 – 1995) إلى شجرة وارفة الظلال
من الشيوخ الفنانين الذين حملوا مشعل الموسيقى العربية في مصر مع نهاية القرن التاسع
عشر ومطلع القرن العشرين، وبينهم الشيخ سيد درويش (1892 - 1923) والشيخ أبو العلا محمد
(1884 – 1942) والشيخ زكريا أحمد (1896 – 1961) والشيخ درويش الحريري (1881 -
1957) وغيرهم.
في نهايات القرن التاسع عشر، لم يكن العمل في تأليف الموسيقى
صنعة لائقة في المجتمع المصري، إذ اعتُبر غناء الرجال أمراً مشيناً، وكان يطلق على
المغنيات اسم "العوالم" (جمع عالْمة بتسكين اللام). في المقابل، كان قرّاء
القرآن والمنشدون شخصيات مرموقة، فكل من يمتلك صوتاً جميلاً يلجأ إلى الإنشاد أو ترتيل
القرآن، وكانت مهنة مربحة نسبياً وقتها.
لاحقاً، بدأ عدد من الشيوخ المشاهير، بعضهم قرّاء وبعضهم
منشدون، يتحوّلون إلى الغناء على استحياء. وشجعت الشهرة الطاغية التي حازها "فنان
الشعب" الشيخ سيد درويش في عمره القصير، كثيرين على العمل في الموسيقى والغناء.
ومع التطور الموسيقي الذي عرفته مصر مطلع القرن العشرين
على أيدي مجموعة من الموسيقيين البارزين، بات تحوُّل الشيوخ إلى فنانين أمراً مكرّراً،
وإن ظلّ هؤلاء يحملون لقب "الشيخ" من دون لقب الفنان.
كان المجتمع المصري ينطوي على نظرة سلبية إلى المشتغلين
في الفن، فالممثل يُسمّى بالـ"مشخصاتي" والممثلة "آرتيست" والمطرب
"صَيِّيتْ" والمطربة "عالمة". مفردات حملت دلالات سلبية آنذاك.
في إحدى زياراته لحي الغورية الشعبي في وسط القاهرة، ساعدت
مجموعة من أهل قريته، أبو النمرس، إمام عيسى على امتهان الإنشاد وتلاوة القرآن. خلال
تلك الفترة، التقى بالشيخ درويش الحريري، الذي تولى تعليمه الموسيقى. ثمّ تعرّف لاحقاً
إلى الشيخ زكريا أحمد.
في ذلك الوقت، كان العمل بالفن أكثر قبولاً في المجتمع
المصري، كانت شهرة أم كلثوم وعبد الوهاب طاغية، والسينما بدأت تجد طريقها إلى المصريين،
وانتشرت المسارح في المدن الكبرى. ربما ذاعت شهرة الشيخ إمام بين أقرانه من الموسيقيين
الشيوخ، كون الكثير من تراثه لا يزال باقياً، وتحول الكثير من طقاطيقه وأغنياته إلى
محفوظات يحرص كثيرون على غنائها، لا شك أن للسياسة فضلاً في ذلك.
تحوّل الشيخ سيد درويش إلى فنان الشعب لأنه كان فنان ثورة 1919، ولم يحُز الشيخان زكريا أحمد أو أبو العلا محمد شهرته نفسها رغم أنهما قدّما منجزاً موسيقيّاً مهمّاً، إلا أنّهما حرصا أكثر على الفن كصنعة، ولم يوظفا الموسيقى والغناء في دعم النضال السياسي.
ربما كانت تلك نقطة قوة صاحب "شيّد قصورك"، فالكثير من أغنياته يمكن اعتبارها أناشيد سياسية أو هتافات تعلو في التظاهرات.
ورغم مرور 20 عاماً على رحيله، إلا أن أغنياته لا زالت باقية وتتردد، وشهدناها في ميادين الثورات العربية.
تحوّل الشيخ سيد درويش إلى فنان الشعب لأنه كان فنان ثورة 1919، ولم يحُز الشيخان زكريا أحمد أو أبو العلا محمد شهرته نفسها رغم أنهما قدّما منجزاً موسيقيّاً مهمّاً، إلا أنّهما حرصا أكثر على الفن كصنعة، ولم يوظفا الموسيقى والغناء في دعم النضال السياسي.
ربما كانت تلك نقطة قوة صاحب "شيّد قصورك"، فالكثير من أغنياته يمكن اعتبارها أناشيد سياسية أو هتافات تعلو في التظاهرات.
ورغم مرور 20 عاماً على رحيله، إلا أن أغنياته لا زالت باقية وتتردد، وشهدناها في ميادين الثورات العربية.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق