عن العربي الجديد
لم يتمكن أحد من فهم طبيعة النفس البشرية، وربما لن يتمكن أحد، فنفوس البشر أكثر تعقيداً من كل ما في الكون، كما أن الأحداث التي يصنعها البشر فيها من التعقيد ما لا يمكن تفسيره في أغلب الأحيان.
في روايته "قرية ظالمة"، كتب محمد كامل حسين، "ألا فاعلموا وعلموا الناس، أن من الأوثان التي يعبدونها ما ليس حجارة ولا أصناماً، وسيصنع الناس لأنفسهم أصناماً ليست من الحجارة يعبدونها من دون الله، فيضلون بها ضلالا أبعد من ضلال عبادة الأصنام، وسيسمونها مبادئ، وسيضفون عليها م
ن الإجلال ما يزيد على إجلالهم الضمير، وسيقدمون حياتهم قرباناً على مذابحها. كل ذلك تضحية لأوثان يعبدونها، وكلما قضي على معبود مما يخلقون صنعوا غيره ونبذوا الأول".
وفي "الأشجار واغتيال مرزوق" كتب عبد الرحمن منيف: "لولا السجائر لاشتعل العالم بالحرائق. يجب أن يحرق الإنسان شيئاً ما"، وكتب في روايته "النهايات": "كيف يمكن للبشر أن يصمتوا بهذا المقدار، ولهذه الفترة الطويلة؟ كيف يستطيعون نسيان جميع الكلمات والأصوات التي بدأوا بها الحياة وهم ينقذفون من الأرحام".
وفي المتناقضات كتب ماركيز في "الحب في زمن الكوليرا"، يقول "إذا كنا قد تعلمنا شيئاً معا من الحكمة، فإنها تأتي إلينا عندما نصبح غير قادرين على القيام بشيء"، وكتب في "مائة عام من العزلة": "بعد سنوات عديدة من مواجهته الإعدام رميا بالرصاص، لم يبق في ذاكرته إلا كيف أخذه والده بعد ظهر يوم بعيد لاكتشاف الجليد"، وكذا "ما يهم في الحياة ليس ما يحدث لك، ولكن ماذا ستتذكر، وكيف ستتذكره".
وحول الأسئلة المكررة، كتب كازانتزاكس في "زوربا اليوناني": "لماذا. لماذا؟ ألا يستطيع المرء أن يفعل شيئا دون لماذا؟".
وقدم مارتن باغ في روايته الفلسفية الساخرة "كيف أصبحت غبيا" نظرية مختلفة: "الذكاء عاهة، تماماً كما يعلم الأحياء أنهم سيموتون، في حين لا يعلم الأموات شيئا. أعتقد أن كون المرء ذكيا أسوأ من أن يكون أحمق، لأن الشخص الأحمق لا يفهم، في حين أن الشخص الذكي وإن كان متواضعا أو وضيعا مرغم على ذلك".
وتبقى رائعة جورج أورويل "مزرعة الحيوان"، أحد أبرز محاولات تشريح النفس البشرية، ومنها "اتفق أصحاب المزارع على أن يلجؤوا إلى كثير من المبالغة والتهويل، وحتى إلى الكذب والافتراء، لكي تقتنع حيواناتهم أن الثورة التى قامت بها تلك الحيوانات الطائشة كانت وبالا عليها، وأن الحيوانات العاقلة يجب أن تقف إلى جانب أصحاب المزارع"، ومنها أيضا "بما أن الثورة ستتحقق في نهاية المطاف، فما الفرق بين أن نعمل من أجل حدوثها أو لا نعمل؟".
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق