الثلاثاء، 26 يناير 2016

السبت، 23 يناير 2016

الخلاف السعودي الإيراني بشأن سوريا يمتد إلى دافوس




قال مشاركون في اجتماع عقد خلف الأبواب المغلقة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس السويسرية الأسبوع الماضي، إن الاجتماع الذي استهدف بحث سبل تحقيق السلام في سوريا؛ شهد خلافات بين شخصيات سعودية وإيرانية كبيرة.
وسلط الخلاف بين الأمير السعودي تركي الفيصل ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الاجتماع الضوء على الخصومة بين الدولتين اللتين تخوضان حربا بالوكالة في سوريا واليمن. وعقد الاجتماع يوم الأربعاء، واقتصرت المشاركة فيه على من وجهت إليهم الدعوة.
وقطعت الرياض العلاقات الدبلوماسية وروابط التجارة والنقل مع طهران قبل أسبوعين إثر اقتحام محتجين السفارة السعودية في إيران. واندلعت الاحتجاجات بعد إعدام رجل دين شيعي بارز في المملكة مما أثار غضب الإيرانيين.
ويشير الخلاف أيضا إلى بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم إجراء محادثات سلام تدعمها الولايات المتحدة وروسيا بشأن سوريا هذا الأسبوع في جنيف كما هو مقرر. وليس ثمة اتفاق على من سيمثل معارضي الحكومة السورية ويطالب مقاتلو المعارضة المدعومون من الرياض أن توقف روسيا ضرباتها الجوية في سوريا أولا.
والتقط مصور يعمل لدى جهة رسمية صورة لمصافحة بالأيدي بين الأمير تركي وظريف خارج الغرفة. ولم توزع الصورة كما تبخرت أي إشارات على الدفء عندما جلس الاثنان إلى الطاولة مع مسؤولين كبار آخرين ومسؤولين في الأمم المتحدة.
وقال أحد المشاركين في الاجتماع طالبا عدم ذكر اسمه بسبب سرية الجلسة "كان بمثابة حوار الطرشان".
ونفى ظريف عقد أي اجتماع سري مع الأمير تركي وهو رئيس سابق للمخابرات السعودية وسفير سابق في الولايات المتحدة. وردا على سؤال في مؤتمر صحفي في نفس اليوم عما إذا كان سيلتقي أي مسؤولين سعوديين في دافوس قال ظريف "لن يعقد أي اجتماع سري".
وأكد الأمير تركي لرويترز أنه حضر الجلسة مع ظريف وآخرين لكنه أحجم عن التعليق على ما تردد معللا ذلك بقواعد السرية في الاجتماع.
وحضر الاجتماع أيضا مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى ووزيرا خارجية إيطاليا والنمسا ومسؤولون من تركيا وعدة دول غربية.

* الصراع الطائفي
قال مشاركون في الاجتماع إن دي ميستورا افتتح الاجتماع بالقول إن المناخ ملائم لإجراء محادثات السلام في جنيف لأن كل القوى الخارجية تريد حلا سياسيا للحرب المستمرة منذ خمس سنوات في سوريا.
لكن عددا من المتحدثين في الاجتماع شككوا في دوافع روسيا للتدخل في الصراع منذ سبتمبر/أيلول من خلال شن ضربات جوية لدعم الرئيس السوري بشار الأسد. وشكك هؤلاء في أن تكون موسكو أو طهران ترغبان في أي اتفاق يتضمن رحيل الأسد عن السلطة في نهاية المطاف.
وقال ظريف إن إيران تؤيد التوصل إلى حل سياسي ووضعت خطة من أربع نقاط عندما وجهت إليها الدعوة أخيرا للمشاركة في الجهود الدبلوماسية الدولية بشأن سوريا العام الماضي. واستبعدت إيران لسنوات من المشاركة في أي جهود بإصرار من الولايات المتحدة والسعودية.
ودون أن يذكر أي دولة بالاسم وجه ظريف صفعة مستترة للسعودية عندما شجب من يؤججون ويستغلون الخلافات الطائفية بين السنة والشيعة في المنطقة على حد قوله.
وفي مؤتمره الصحفي اتهم ظريف السعودية بإنفاق ملايين الدولارات للضغط على الكونجرس الأمريكي ضد الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي. وأدى الاتفاق مع طهران إلى رفع عقوبات الأمم المتحدة عن إيران الأسبوع الماضي.
وأضاف ظريف أن الرياض أصيبت بالذعر بعد الهجوم على السفارة وأن السعوديين بحاجة "للعودة إلى صوابهم".
وقال مشاركون إن الأمير تركي رد على ذلك خلال الجلسة المغلقة وهاجم دور إيران في الصراع السوري. ونقل عن الأمير تركي قوله لظريف إنه يعجبه ما يقوله لكنه يستغرب عندما يرى أفعاله.
وأضاف مشاركون أن الأمير تركي (70 عاما) الابن الأصغر للملك الراحل فيصل بن عبد العزيز اتهم إيران بإرسال عشرة آلاف مقاتل على الأرض في سوريا لدعم الأسد. وتابعوا أنه وصف الرئيس السوري بأنه "إرهابي يقتل شعبه" وتبقيه طهران في السلطة.
وقال أحد المشاركين إن تعليقات الأمير كانت أكثر حدة من المتوقع وأصابت بعض من حضروا الاجتماع بالصدمة.
ودون أن يعلق على الانتقادات المتبادلة قال الأمير تركي لرويترز إن قائد الحرس الثوري الإيراني تباهى بأن إيران لديها 120 ألف مقاتل في دول عربية.
واعترفت إيران بمقتل ضباط في حرسها الثوري في سوريا لكنها تنفي أن يكون لديها مثل هذا الوجود العسكري الكبير في البلاد أو أنها تشارك في العمليات القتالية بشكل مباشر.
وقال مسؤولون قريبون من دمشق ومطلعون على التطورات العسكرية إن مئات المقاتلين الإيرانيين انضموا للحرب على الأرض في سوريا منذ أن بدأت روسيا ضرباتها الجوية في سبتمبر أيلول وإن الكثيرين منهم موجودون قرب حلب.
وذكر دبلوماسي من الشرق الأوسط أن الوجود الإيراني يقدر بنحو ألفين من قوات الحرس الثوري لكنه زاد بانضمام آلاف عدة من المتطوعين الشيعة من دول مثل باكستان وأفغانستان والعراق حصلوا على تدريب عسكري في إيران.
ولم يرد ظريف على انتقادات الأمير تركي أثناء الاجتماع ولم يسفر ما تبقى من الجلسة عن شيء. وقال أحد المشاركين إن دي ميستورا عبر عن أسفه قائلا "هذه ثالث سنة نتحدث فيها بشأن سوريا ولا نصل إلى شيء."
وأضاف أن حديث الأوروبيين المشاركين في الجلسة اقتصر على الأزمة الإنسانية وأزمة اللاجئين وسبل منع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 19 يناير 2016

فهمي هويدي عن أزمة هشام جنينة: فضيحة غير مسبوقة




ما حدث مع المستشار هشام جنينة ليس أزمة، لكنه فضيحة غير مسبوقة فى مصر. إذ رغم أن خلفيات القصة لم تعرف تفصيلاتها بعد، إلا أن القدر الذى تسرب منها حافل بالإثارة وعناصر الدهشة. ذلك أن الرجل أعد دراسة عن تكاليف الفساد فى مصر بناء على طلب وزير التخطيط. الذى كان مهتما بإنجازها قبل موعد اليوم العالمى لمكافحة الفساد فى ٩ ديسمبر.
وكان الوزير أشرف العربى قد سبق له تشكيل لجنة فى إطار وزارته لدراسة الموضوع، واختار من جانبه اثنين من خبراء جهاز المحاسبات لتمثيله ضمن أعضائها. لكن الخبيرين وجدا أن لجنة وزارة التخطيط اعتمدت على بيانات منشورة فى الصحف المصرية، واعتبرا أن تلك البيانات غير مدققة. وأن لدى جهاز المحاسبات تقارير أعدتها لجان فنية حول الملفات المطروحة. وبناء على ذلك تم الاتفاق على أن يقوم الجهاز بالمهمة. وبالفعل شكلت لجنة مثلت فيها ١٤ إدارة ذات صلة بالموضوع، سميت لجنة إعداد دراسة تحليل تكاليف الفساد. وقد وضعت تحت تصرف اللجنة التقارير التى سبق لخبراء الجهاز إعدادها. وظل وزير التخطيط يستعجل انتهاء اللجنة من مهمتها قبل ٩ ديسمبر حتى أنه أرسل من يمثله إلى رئيس جهاز المحاسبات أكثر من مرة لكى يطمئن إلى ذلك. وبالفعل أنجزت اللجنة الدراسة المطلوبة فى الموعد، وأرسلت نسختين منها واحدة إلى رئاسة الجمهورية والثانية إلى وزير التخطيط. وفى الصدارة منها نص صريح على أنها رصدت تكاليف الفساد فى مصر خلال ٤ سنوات فى الفترة ما بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٥.
تسرب الخبر إلى الصحفيين وسئل المستشار هشام جنينة أثناء حضوره إحدى المناسبات عما انتهت إليه لجنة تكاليف الفساد فقال لمندوبة موقع «اليوم السابع» إن اللجنة قدرت التكاليف فى السنوات ما بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٥ بنحو ٦٠٠ مليار جنيه. إلا أن الموقع نشر الرقم منسوبا إلى عام ٢٠١٥ وحده، فى حين أن مجلة «روزاليوسف» نشرت الخبر منسوبا إلى الأعوام الأربعة، كما ذكره المستشار جنينة.
بعد النشر حدثت مفارقة غريبة ومريبة. ذلك أنه رغم أن الإشارة إلى سنوات الدراسة الأربع صريحة فى التقرير الذى أرسل إلى الرئاسة وإلى وزير التخطيط، إلا أن الضجة التى حدثت استندت إلى ما نشره موقع اليوم السابع وتجاهلت ما نشرته روزاليوسف. توالت بعد ذلك التطورات التى يعرفها الجميع. إذ شكلت لجنة لتقصى الحقائق لم تعرف قائمة أعضائها، وإنما عرف أن بعض الجهات الخاضعة لرقابة جهاز المحاسبات التى رصدت بحقها مخالفات، مثلت فيها. وخلال أسبوعين يفترض أن تكون اللجنة قد فحصت فيها البيانات التى أعدتها اللجان الفنية فى جهاز المحاسبات عن السنوات الأربع، ثم نشرت الصحف بعض ما خلصت إليه اللجنة المذكورة. وأبرزت ما ذكرته فى تقريرها عن تعمد التضليل وسوء النية فى تقرير جهاز المحاسبات. وإذ ألمحت إلى أن ذلك كان مقصودا لتشويه سمعة البلاد وتجريح حكم الرئيس السيسى خلال السنة الأخيرة، فإن التعليقات الصحفية تحدثت عن أن ذلك كان مقصودا لإثارة البلبلة والفوضى قبل موعد الذكرى الخامسة للثورة فى ٢٥ يناير. وبذلك أصبحنا إزاء مجموعة من المفارقات والأكاذيب تمثلت فيما يلى:
● إخفاء حقيقة أن تقرير جهاز المحاسبات كان بطلب من وزير التخطيط، وأنه تضمن نصا على أنه يخص أربع سنوات وليس سنة واحدة، وتجاهل حقيقة أنه قدم قبل ٩ ديسمبر بطلب من وزير التخطيط أيضا ليكون جاهزا قبل اليوم العالمى لمكافحة الفساد. ولا علاقة له بذكرى ٢٥ يناير.
● إنكار أن التقرير أعدته لجنة مثلت فيها ١٤ إدارة بجهاز المحاسبات لها صلة بالموضوع، وأن تلك اللجنة اعتمدت على تقارير مدققة أعدها خبراء الجهاز عن السنوات الأربع. ومن ثم فإن التقرير لم يكن رأيا لرئيس الجهاز وإنما كان بمثابة تجميع لخلاصة تلك التقارير الفنية خلال تلك السنوات.
● لجنة غامضة لإبداء الرأى فى تقرير فنى لم يطلع عليه أحد، وأعدت اللجنة تقريرها عن ٤ سنوات خلال أسبوعين، ولم ترسله إلى جهاز المحاسبات للرد على الملاحظات التى وردت فيها. وإنما جرى تسريب مضمونه إلى الصحف مباشرة. واعتمدت تعليقات وسائل الإعلام على ما ورد فيه من تجريح واتهامات.
● فى حين لم يطلع الرأى العام على التقرير الأول أو الثانى، ولا عرف حقيقة اللجنة التى أعدت الرد، فإن جريدة الأهرام الصادرة أمس (الأحد ١٧/١) نشرت تقريرا حول «أزمة أرقام جنينة» تخيرت له عنوانا على ثمانية أعمدة نصه كما يلى: نواب: الاعتذار للشعب أو الإحالة إلى المحاكمة. وهؤلاء «النواب» لم يكونوا سوى نائب واحد نشرت الجريدة اسمه وصورته. وفى العدد ذاته تعليق لأحد الكتاب طالب فيه بإقالة المستشار جنينة أو استقالته. وكان الكاتب ذاته قد امتدحه فى مقال سابق، بعدما زاره فى وساطة لصالح أحد المقاولين الكبار فى محافظة المنيا، ولكن الوساطة لم تنجح لأن الجهاز اكتشف أن المقاول كان ضالعا فى الفساد!
إن «لوبى» الفساد فى مصر أكبر وأخطر مما نتصور!



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 12 يناير 2016

محمد بن سلمان.. الملك السعودي المقبل





سايمون هندرسون


تكثر التكهنات بأن الحاكم القادم للمملكة العربية السعودية الذي سيخلف الملك سلمان لن يكون ابن أخيه ولي العهد الأمير محمد بن نايف بل نجله البالغ من العمر 30 عاماً، ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن الصعب التنبؤ كيف ستحدث عملية الخلافة هذه، ولكن ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي كان سابقاً من المفضلين لدى الولايات المتحدة، يتعرض للتهميش المتزايد سواء في المملكة العربية السعودية أو في العالم على نطاق أوسع. وبخلاف الأمير محمد بن نايف المعروف بقائد مكافحة الإرهاب المطيع بل الصارم البالغ من العمر 56 عاماً، من المرجح أن تكون الشخصية الجديدة التي ستخلف الملك سلمان عند وفاته أو تنحيه، الأمير محمد بن سلمان الملتحي والذي يرتدي الصنادل، وتجتمع في شخصه قامة ومظهر ملك صحراء هوليوودي. ولكن هل يُعتبر الأمير محمد بن سلمان القائد المناسب لتولي زمام الحكم عند تبادل الإهانات الدبلوماسية بين بيت آل سعود وإيران، والتصدي لخطاب تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» ومقاتلة المتمردين في اليمن المجاورة، وفي الوقت نفسه التعامل مع سعر النفط الأكثر انخفاضاً عبر التاريخ؟ ينشط النقاش حالياً حول هذا السؤال في العواصم الرئيسية في العالم، وفي قصور المملكة العربية السعودية على ما يبدو.
مفردات النقاش
داخل السعودية، يُعرف الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان بـ "المحمدين". وفي موقف شهير، أشار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في العام الماضي بشكل غير مباشر ولكن واضح إلى الأمير محمد بن سلمان، الذي يتولى في آن واحد منصب وزير الدفاع ورئيس هيئة صنع القرار الرئيسية الاقتصادية والنفطية في المملكة العربية السعودية، كـ "شاب عديم الخبرة". وهناك تسميات أخرى أقل تشجيعاً، على غرار "المراهق".
ولكن سياقاً مهماً يتضمن كلمة يتم تجنبها بشكل متزايد في المملكة والعالم على نطاق أوسع وهي الخرف، بالإشارة إلى الصحة العقلية للملك سلمان. ويفسر هذا الوضع الصحي بشكل شبه مؤكد، بالإضافة إلى المحبة التي يكنها الملك لنجله، لماذا استطاع الأمير محمد بن سلمان اكتساب قوة وسلطة كبيرتين. وقد رد محامو الديوان الملكي السعودي على إشاعات خافتة عن وضع الملك الصحي، كما هو الحال في "تصحيح" غامض بعض الشيء لسيرة إلكترونية نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" حول الملك سلمان بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2015:
"خضعت هذه المقالة للتعديل لتصحيح وصف سابق لم يتم التحقق منه حول الصحة العقلية للملك سلمان. إن تأكيد المقالة بأن الملك سلمان كان ' يُعتقد على نطاق واسع... بأنه يعاني من الخرف ' كان قائماً على تكهنات غير دقيقة ومن دون أساس بحيث لا يتطابق مع معايير النشر الخاصة بصحيفة "واشنطن بوست". وقد أكد الديوان الملكي السعودي، من خلال محاميه، لصحيفة "واشنطن بوست" أن الملك سلمان "لا يعاني حتماً من الخرف أو من أي نوع آخر من العاهات العقلية".
ولم تخضع منظمات إخبارية أخرى لمثل هذه المذلة الظاهرة. فالنسخة الإلكترونية لتقرير مجلة "ذي إيكونوميست" الصادر بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير 2015 حول "نظام حكم الزعماء كبار السن في المملكة العربية السعودية" تتضمن جملة مفادها أن الملك سلمان "ليس رجلاً صغير السن" مع الإشارة إلى أنه "يعاني من الخرف كما يقال". إلا أن المجلة قد حصلت على لقاء مطول، بما في ذلك مقابلة رسمية، مع الأمير محمد بن سلمان، لتظهر كقصة غلاف لعدد 9 كانون الثاني/يناير 2016. وقد يكون من اللافت ربما أن مقالاتها الأخيرة لم تُشر إلى صحة الملك.
وفي المقابل، يتم الإفصاح عن حقيقة الوضع الصحي للملك في تعليقات جانبية صغرى، على غرار تعليق أدلى به مسؤول أمريكي في أيلول/سبتمبر الماضي ومفاده أنه سيُعقد اجتماع في البيت الأبيض بين الملك سلمان والرئيس أوباما و"سيتم تدوين محتواه بدقة". وعلى المستوى الصحفي، تميل المقالات نحو الحذر، كما هو الحال في السيرة التي قدمتها مجلة "نيويوركر" في 21 كانون الأول/ديسمبر 2015 عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والتي كشفت عن أن الملك سلمان يقرأ تصريحاته على جهاز "آي پاد". وبالمثل، أشارت مقالة نشرتها صحيفة "فاينانشل تايمز" في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 إلى هيكل السلطة النظري القائم على الملك وولي العهد وولي ولي العهد كما يظهر في عروض الشوارع الكبرى، موضحة: "ولكن إذا ما سألت أي سعودي عن مكان تركز السلطة اليوم، لقال لك إنها بيد الأمير الشاب".
السيرة الذاتية الأميرية
في حين تنحصر مؤهلات الأمير محمد بن نايف العلمية بارتياده كلية الفنون الحرة في ولاية أوريغون الأمريكية ولكن من دون حصوله على شهادة منها، تعلم الأمير محمد بن سلمان في جامعة الملك سعود في الرياض، وحصل منها على شهادة بكالوريوس في القانون. ولكن بخلاف معظم الأمراء السعوديين البارزين، لا يتكلم الأمير محمد بن سلمان اللغة الإنكليزية بطلاقة، إذ أنه استعان بمترجم في خلال مقابلته مع مجلة "ذي إيكونوميست". وبعد إكمال دراساته الجامعية، تشير سيرته الإلكترونية إلى أنه عمل لفترة في القطاع الخاص، مما يعني في حالته على الأرجح أنه قد استفاد من معارفه الملكية لتكوين ثروة شخصية. وقد أمضى الأمير محمد بن سلمان سنوات بالقرب من والده الملك سلمان عندما كان حاكم الرياض، كما لعب دور الموفِق بين أفراد العائلة المالكة، والمنفِذ عند الحاجة، مما أكسبه ثقة كبيرة بذاته وجعله يتخطى عائقاً محتملاً وهو تشنج لا إرادي في عضلات الوجه. وكونه الابن الأول لسلمان من زوجته الثالثة والمفضلة على الأرجح، التي تعلق على ما يبدو آمالاً كبرى على نجلها الأمير محمد بن سلمان، فقد ساعده ذلك أيضاً على البروز.
منافسين داخل بيت آل سعود
عندما كان والده وزير دفاع بين العامين 2011 و2015، اشتُهر الأمير محمد بن سلمان بإقالته نواب الوزراء. وفي الفترة الممتدة من نيسان/إبريل 2013 حتى حزيران/يونيو 2014، شغل أربعة أمراء مختلفين هذا المنصب، الذي بقي شاغراً منذ ذلك الحين، مما يفسر افتقار الأمير محمد بن سلمان على ما يبدو لقاعدة دعم واضحة ضمن الأسرة الملكية، وحتى ضمن إخوانه وأشقائه، باستثناء الدعم الذي يقدمه له والداه. وقد تمت ترقية أحد أشقائه وهو الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى منصب نائب وزير النفط  إلا أنه يكبر الأمير محمد بن سلمان بخمس وعشرين عاماً. وبعد أن أمضى الأمير عبد العزيز بن سلمان وقتاً مطولاً جداً في بيروقراطية النفط، فهو يعتبر على الأرجح أن العمل لصالح شقيقه الأصغر بكثير أمر محبِط. ولا يصعب تكهن هوية بعض الشخصيات المعارضة للأمير محمد بن سلمان. والجدير بالذكر أنه في اجتماعات "مجلس الشؤون السياسية والأمنية" الأساسي، الذي يترأسه الأمير محمد بن نايف، يجلس الأمير محمد بن سلمان جانباً، بينما يظهر في أغلب الأحيان الأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني، الذي أفل نجمه منذ وفاة والده الملك عبدالله، في الصور وهو يمازح الأمير محمد بن نايف.
ويُزعم أن مجموعة من الأمراء النافذين - ولكن ليس بالضرورة في هذه الأيام - تؤيد تسلم الأمير أحمد، أخ الملك سلمان، الحكم، علماً أنه كان وزير داخلية لمرة واحدة. ويقال إن الأسرة الحاكمة تريد إعادة الخلافة إلى النظام التقليدي الذي يسلم فيه أخ الحكم لأخيه، بدلاً من اتباع نظام الخلافة من الأب إلى ابنه كإجراء روتيني. إن الدعم الذي يتمتع به الأمير أحمد ضمن العائلة المالكة والرغبة بمنع الأمير محمد بن سلمان من تسلم العرش قد يكونان كافيين لتخلي الأمير محمد بن نايف، الذي ليس لديه أبناء، عن إرثه الحالي المفترض. وهناك افتراض بأن الأمير محمد بن سلمان سيدفع الملك سلمان إلى مناهضة هذه الخطة عاجلاً وليس آجلاً، خشية أن تكون أولى خطوات الأمير محمد بن نايف، في حال توليه العرش، اختيار ولي عهد جديد بدلاً من الأمير محمد بن سلمان. وفي ما يتعلق بالملك، يمكنه أن يتخلى عن منصب رئيس الوزراء ويسلمه للأمير محمد بن سلمان، وهي مناورة تجعله أعلى إدارياً من الأمير محمد بن نايف، الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء. وفي الواقع، أصبحت معاملة الأمير محمد بن نايف بازدراء إحدى خصائل الأمير محمد بن سلمان الشهيرة. وكما تشير مجلة "ذي إيكونوميست": "في خلال ساعات [الاجتماع] الخمس، ذُكر الملك سلمان مرة؛ أما نسيبه ولي العهد الأمير محمد بن نايف، فلم يُذكر قط..." وتُظهر صورة للرجلين في اجتماع عُقد في تشرين الأول/أكتوبر برئاسة الأمير محمد بن نايف، الأمير محمد بن سلمان وهو يقرأ مجلة. ويصعب تصديق بعض محاولات الإيحاء بأن الرجلين يعملان حالياً معاً بشكل جيد.
سيناريوهات الأزمة
على الرغم من أن الأزمة المستجدة مع إيران هذا الأسبوع قد هيمنت على التغطية الإعلامية الخارجية للمملكة، إلا أنه على الصعيد المحلي، تُعتبر الحرب في اليمن، التي يتم ربطها عن كثب بالأمير محمد بن سلمان، أكثر قضية قد تقضي على المستقبل المهني للأمير الشاب. فالقتال، الذي ما زال على ما يبدو يحظى بتأييد عامة الشعب في المملكة، مكلف جداً من الناحية المادية ويتوقع أن يستمر لمدة طويلة من دون أن يأتي بنتائج واضحة. كما أن الميزانيات المحدودة، الناتجة عن انخفاض سعر النفط والمرتبطة أيضاً بالسياسة النفطية السعودية الحالية وبالأمير محمد بن سلمان، قد تحتم التخلي عن هذا الأخير. وتعتبر واشنطن أن الأمير محمد بن سلمان غير مؤهل لاستلام السلطة [أو غير فاهم]، إذ أن افتقاره للخبرة والنضوج قد ظهر جلياً من خلال تعليقاته في المقابلة التي أجرتها معه مجلة "ذي إيكونومست"، والتي بدا فيها عازماً بشكل عام على مضاعفة جهوده بدلاً من تحويل مساره. وهو بالتأكيد لا يبدو أنه يريد الاعتراف بالهزيمة.
العالم يراقب
إن الأمير محمد بن سلمان هو حالياً من يلجأ إليه قادة العالم والصحفيون الزائرون في الرياض. فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد اتصل به بدلاً من الملك أو الأمير محمد بن نايف لكي يحاول تهدئة الأزمة السعودية-الإيرانية المستجدة. ويتم الإصغاء لتعليقات الأمير محمد بن سلمان حول السياسة النفطية بقدر ما يتم الإصغاء للتعليقات المقتضبة لوزير النفط المخضرم، علي النعيمي، بالرغم من كونها أكثر صوابية. وقد تحدث الأمير محمد بن سلمان إلى مجلة "ذي إيكونومست" عن عملية بيع جزئية لشركة النفط الحكومية "أرامكو السعودية"، بما في ذلك على نحو مثير للفضول عن فساد محتمل في الشركة، الأمر الذي فاجأ المراقبين في القطاع وقوض النعيمي بالفعل. ومستشهداً بونستون تشرشل، قال الأمير محمد بن سلمان إن الفرص تأتي خلال الأزمات وأشار إلى خطة أشمل لتوسيع القطاع الخاص في المملكة. وكونه في الثلاثين من العمر فقط، يملك الأمير محمد بن سلمان السلطة الضرورية لإعلان هذه الرؤى. ولكن ما إذا كان سيملك السلطة في يوم ما لتطبيق هذه الرؤى فهي مسألة أخرى تماماً.

سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

السبت، 2 يناير 2016

فيلم (Joy)... نموذج أميركي للنجاح العملي وسط الفشل الأسري





من يومين رحت السينما. اتفرجت على فيلم جديد. بقالي شهر تقريبا معملتهاش. الفيلم كان أمريكاني جدا جدا. اسمه (JOY) ودا اسم البطلة اللي هي جنيفر لورانس، بطلة  (The Gunger Game) أبوها في الفيلم هو النجم روبرت دينيرو، وصديقة أبوها هي ايزابيللا روسيلليني بنت النجمة السويدية الراحلة إنجريد بيرجمان والمخرج الإيطالي الشهير روبرتو روسيلليني، والتلاتة دول لوحدهم في الفيلم كفاية بالنسبة لواحد زيي عشان يدخل فيلم، أنا باتفرج على أي فيلم وباستمتع، حتى لو مش كويس.

لكن كمان المفاجأة بالنسبة لي كانت في ممثل مش معروف بالنسبة لي عمل دور طليق البطلة ومستشارها، اسمه إدجار راميريز، واللي كان منافس قوي جدا في الفيلم لنجم أميركي شاب هو برادلي كوبر.

مخرج الفيلم هو ديفيد راسل، وهو مخرج كويس انتاجه مش كتير، وشفت له قبل كدا كام فيلم منهم (Silver Linings Playbook) و(American Hustle)  واللي كان فيهم برضه روبرت دينيرو وجنيفر لورانس وبرادلي كوبر، وإن كان فيلمه (The Fighter) هو الأشهر والأكثر نجاحا.

الفيلم بيحكي ببساطة عن قصة الست اللي اخترعت الممسحة اللي بتتعصر باللف من غير ما تعصرها بايدك، واللي راسها بتتخلع وتتحط في الغسالة عشان تنضف وبعدين تتركب تاني، أه فيلم بحاله عن الاختراع دا، وهو بالمناسبة رغم بساطته اختراع عظيم جدا بالنسبة للناس اللي بتنضف البيوت بنفسها.

المهم، الاختراع هو أساس الفيلم طبعا، لكن القصص اللي على هامش الاختراع هي الأهم، وطبيعة العلاقات داخل الأسرة، وفي المجتمع هي الأكثر جذبا، لمشاهد مثلي على الأقل.

بداية لا يمكن إهمال التركيبة الهوليودية بامتياز لأبطال الفيلم، دينيرو الحائز على الأوسكار مرتين، وروسيلليني ابنة النجوم هما أميركيان من أصول إيطالية، لورانس وكوبر أميركيين، راميريز من فنزويلا، وهناك شخصيات أخرى من أصول لاتينية وأفريقية وأسيوية، يعني النموذج الأميريكي الواسع.



لكن الأحداث أيضا أميركية جدا، ولا يمكن أن تجد تلك التفاصيل في العلاقات أبدا إلا في فيلم أميركي، البطلة منفصة عن زوجها ووالد طفليها المطرب الفاشل، لكنه رغم ذلك يعيش في الطابق السفلي من المنزل، أمها ووالدها منفصلين، والأم تعيش معها في نفس المنزل لكنها هائمة في عالم المسلسلات التلفزيونية بالكلية ولا تتحرك تقريبا من سريرها، حتى أنك ربما حتى منتصف الفيلم تظن أنها قعيدة.

واستخدم المخرج المسلسلات التليفزيونية في الفيلم بطريقة متميزة، ففي كل مشكلة يظهر مشهد من المسلسل التليفزيوني يعبر تماما عن الأزمة، أو يشوش على مخيلتنا كمشاهدين فيما يخصها، الأهم أن مشاهد المسلسل التليفزيوني داخل الفيلم كانت مصنوعة بالكلية، وفريق عمل المسلسل المتخيل هم ممثلون يديرهم مخرج الفيلم ضمن فريق العمل، وليسو كما قد يتخيل البعض شخصيات مسلسل حقيقي تم الاستعانة بلقطات منه.

يختلف الأب مع خليلته التي يعيش معها، فتأتي به خليلته إلى منزل الأسرة طالبة منهم أن يستعيدوه مجددا لأنه لم يعد يناسبها، يعيش الأب في نفس الطابق الذي يسكنه طليق ابنته رغم أنهما لا يتفقان على شيء أبدا، لدى البطلة أخت غير شقيقة من أبوها، تحيا على الغيرة وتحاول دوما إفشال أي نجاح لأختها، بينما وسط هذه الأسرة التعيسة البغيضة تبقى الجدة العطوفة "ميمي" بارقة الأمل الوحيدة بالنسبة للبطلة.

وسط كل هذا الفشل الأسري تحاول البطلة (جوي) تحقيق حلمها في تسويق اختراعها الذي يراه أفراد أسرتها أنفسهم فاشلا، أو على الأقل بلا قيمة، تلتقي شابا وسيما يعمل بالتسويق (كوبر)، فيظن المشاهد لوهلة أنه ستنشأ بينهما قصة حب، لكن الأمر يقف عند حدود الصداقة البريئة، ويلتقي أبوها بسيدة ثرية من خلال خدمة هاتفية للتعارف، فتكون مصدرا لتمويل المشروع، تسعى أختها دوما لإفشالها، ويقف أبوها بلا حراك لمنع ذلك، بينما يدعمها طليقها وصديقة طفولتها.

وبينما تسير الأحداث، تستدعي البطلة "سباكا" لإصلاح أنابيب المياه المنفجرة في المنزل، فتقع أمها في غرام السباك الأسود القادم من هايتي وتخرج من عزلتها الطويلة.

تتوالى الأحداث وينجح المشروع ثم يفشل، ثم ينجح مجددا، لتتحول البطلة إلى سيدة أعمال شهيرة في مجال تسويق الأدوات المنزلية عبر خدمة البيع من خلال التليفزيون، والتي كانت في مرحلة انطلاقها الأولى خلال الفترة التي تدور فيها أحداث الفيلم في مطلع الثمانينات، لكن تظل الأسرة سبب تنغيص حياتها، فهم يسعون طوال الوقت لابتزازها وإفشالها، بينما هي لا تتوقف عن الإنفاق عليهم وتمويل نزواتهم ومشروعاتهم الفاشلة.


تركيبة سينمائية جيدة لعلاقات طبيعية في مجتمع يحاول تسويق نفسه باعتباره النموذج الأمثل لحياة بسيطة بلا تعقيدات فيما يخص العلاقات الشخصية، لكن تلك الحياة المحملة بالطمع والخذلان من جانب أقرب الأقربين، وبالفشل والسعي إلى النجاح في الحياة العملية، تقدم صورة أخرى عن مجتمع لا ييأس من تكرار التجربة، على المستوى الأسرى وفي العلاقات العاطفية، وفي العمل.





 يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية