الجمعة، 26 ديسمبر 2008

أحب الشتاء وأكره البرد

طالما عشقت الشتاء واللمة حول موقد الفحم أمام أطباق التمر والسوداني ومشروب السحلب بالمكسرات شريطة أن تضم مائدة التسالي يوسف أفندي لأني أفضله كثيرا عن البرتقال رغم بزوره المزعجة
لكن نزلات البرد المتكررة التي أصابتني في شتاء 2008 جعلتني أقرر كراهيتي للشتاء طالما أنه سبب اصابتي بالبرد
في العادة أشعر بالنعاس عندما أجوع وأشعر بالتوعك عندما أكل بعد جوع
لكن مع نزلات البرد لا يفارقني النعاس ولا التوعك
وهما معا يزعجانني جدا
أحيانا لا أملك بدا من المواجهة
لكن في الغالب أستسلم

الخميس، 25 ديسمبر 2008

في "دخان بلا نار" .. الأمن والمخابرات والإعلام يحكمون الشعوب

استولت الحكومة على أرض المواطن البسيط لتنشا طريقا عموميا في وسط البلد المزدحم دون أن تدفع له مقابل تلك الأرض فقرر المواطن أن ينصب نفسه شرطي مرور على رأس الطريق باعتباره يملكه، لكنه اكتشف أن أبلغ رد على تصرف الحكومة معه أن يخالف قوانينها فيفتح الطريق للمارة والسيارات طالما كانت الإشارة حمراء بينما يوقف الطريق في حال كانت الإشارة خضراء.
مشهد معبر جدا في الفيلم اللبناني المصري "دخان بلا نار" الذي بدأ عرضه تجاريا في القاهرة مساء أمس الخميس يمكننا اعتباره صورة رمزية لما تعيشه الشعوب العربية من قمع ودكتاتورية تجعل أفرادها يلجئون للحصول على حقوقهم بأيديهم طالما أن القانون لا يمنحهم تلك الحقوق.
الفيلم يعرض في مصر في 8 نسخ فقط باعتباره فيلم غير مصري رغم أنه من انتاج شركة مصر العالمية التي كان يملكها الراحل يوسف شاهين والتي ألت إلى وريثه جابي خوري ورغم أن بطله الرئيسي مصري هو خالد النبوي وهي صورة أخرى من تحكمات الرقابة وغرفة صناعة السينما التي لا تراعي أن للفيلم العربي حقا في أن يعامل في مصر بنفس الطريقة التي تعامل بها الأفلام المصرية في الدول العربية.
يحرص الفيلم منذ المشاهد الأولى على انتقاد الوضع في الداخل اللبناني الذي تسيطر عليه أجهزة المخابرات المختلفة والذي يمكن ربطه بسهولة بالوضع في كثير من الدول العربية فالسفارة الأمريكية ومن خلفها الـتظهر أياديهم وينتشر أعوانهم في كل مكان والأمن الحكومي إما غير قادر على التصدي لهيمنة السفير الامريكي على مقاليد الأمور وإما "مطنش" يقتل أمن السفير بشكل عشوائي أحد المارة في الشارع لمجرد أنه تباطأ في الإبتعاد عن مسار موكب السفير لم يظهر أثر للشرطة على الإطلاق وإنما ذهب مندوب السفارة وعلى وجهه مظاهر العنجهية والصلف إلى عشيرة الشاب المقتول ليساومهم على ثمن دمه الذي حدده بـ60 ألف دولار يمكنه زيادتها إلى المائة مقابل التصالح وعدم مساس السفارة أو أمنها بالشر.
  • ورغم أن موقف عميد العائلة كان مشرفا عندما رفض الدية وطالب بحضور السفير شخصيا لتقديم اعتذار رسمي تم رفضه بالطبع إلا أن الأبقى في الذاكرة يظل صورة مندوب السفارة الذي دخل جنازة الشاب اللبناني دون خوف وكأنه يتحدى أي الحاضرين أن يمسه مدعوما بقوة سفارته وسيطرتها على كثير من مقاليد الأمور.
    بصيص الأمل الذي بثه المخرج سمير حبشي في الفيلم عندما قتلت عشيرة الشاب المقتول كامل أفراد القوة الأمنية للسفارة لم يكفنا كمشاهدين لنسيان غرور هؤلاء القتلى عندما أطلقوا الرصاص على الشاب دون ذنب.
    وبينما كان الموضوع الأساسي للفيلم يدور حول تدخل الجهات الأمنية وأجهزة المخابرات في توجيه الإعلام والسيطرة على ما يقدمه الإعلاميون والصحفيون إلا أن حالة الغموض التي ضمتها الكثير من المشاهد أدت إلى نوع من الإرباك للجمهور الذي بدا له أن جميع الأجهزة تعمل ضد البطل الذي ألقي القبض عليه دون أن نعلم من المسئول عن ذلك
    نسجت معا لتؤكد أنهم جميعا سواء اللبنانيون والسوريون والأمريكان وبينما كان التركيز على الدور الأمريكي الأكثر وضوحا إلا أن شبح سوريا لم يكن بعيدا أبدا خاصة وأن المخرج عرض عددا من المشاهد الوثائقية لتظاهرات في بيروت تطالب بالإنسحاب السوري من لبنان.
    لكن كان واضحا جدا في السيناريو الذي كتبه المخرج بنفسه أن وسائل الإعلام مسيسة وأن الأمن يتحكم فيما تبثه بشكل أو بأخر فعندما هاجمت عشيرة الشاب المقتول أمن السفارة الأمريكية وقتلوهم جميعا خرجت التصريحات الرسمية لتعلن عبر وسائل الإعلام أن تنظيم القاعدة هو المسئول عن العملية دون أدنى ذكر لما فعلوه بشاب لبناني برئ.
    نفس الأمر تكرر عندما فجر مواطن عجوز سيارته بقنبلة يدوية أثناء محاولته وضع القنبلة فيها حرصا على حمايتها بعدما سرق منه قبلها سيارتين لتخرج وسائل الإعلام مؤكدة أن التفجير قام به بعض العناصر التي تسعى إلى زعزعة الأمن الداخلي.
    المشاركين لبنانيين والأحداث تدور في لبنان فكان مجرد متابع للأوضاع بكاميراته التي ترصد أحداثا عدة استعدادا لكتابة سيناريو فيلم يسعى لإخراجه عن أسباب القمع في الدول العربية
    وفي حين قرر البطل في الفيلم أنه لجأ إلى لبنان لإعداد فيلمه لأن فيها هامشا أوسع من الحرية إلا أن أحد أولاد البلد أكد له أن الكثير من البلدان بما فيها مصر تمتلك قدرا أكبر من حرية التعبير بدليل أنه يمكن أن يقتل في لبنان دون أن يعرف المسئول عن قتله لأن الجهات التي يمكن أن تقتله متعددة.
    وبينما ضم الفيلم الكثير من الرموز الواضحة للقمع والإرهاب والتسلط إلا أن كثيرا من متابعيه عابوا عليه بطء الإيقاع الذي كاد يعصف بأحداثه التي ضمت الكثير من المشاهد التسجيلية إلا أن النهاية جاءت تحمل المزيد من الرموز التي لم الفيلم يحتاجها لأنه يقدم موضوعا لا يحتاج إلى الفانتازيا ولا يقبل التعامل معه من الخارج لأنه يهم قطاعا واسعا من الشعوب العربية.فعندما تقبض جهة أمنية على البطل المصري الجنسية لتسأله عن الجهة التي يعمل لصالحها من بين جهات متعددة يظهر الحكم عبر شاشات الفضائيات ليعلن أنه رئيس خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة جاء إلى لبنان للقيام بتفجيرات وأحداث شعب دون أن يعلن الحكم عليه رغم التصريح بالإتهام.سمير حبشي قدم لنا في النهاية نصا يظهر على الشاشة يؤكد أن البطل خرج من السجن في عام 2017 بعد تكشف فضيحة أمريكية مدوية خاصة بتنظيم القاعدة، ولا يتركنا حتى يذكرنا بمأساة أخرى تجري في العراق التي انتقل بطله ليعيش فيها ساعيا لتصوير فيلمه الجديد.