الجمعة، 25 ديسمبر 2015

من رسالة فان جوخ الأخيرة





"..كل الألوان القديمة لها بريق حزين في قلبي. هل هي كذلك في الطبيعة أم أن عيني مريضة؟ ها أنا أعيد رسمها كي أقدح النار الكامنة فيها.
في قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألواني أن تُظهرها، في حقول "الغربان" وسنابل القمح بأعناقها الملوية. وحتى "حذاء الفلاح" الذي يرشح بؤسا، ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة. للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها في الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك.
اليوم رسمت صورتي الشخصية ففي كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسي:
أيها الوجه المكرر، يا وجه "فان" القبيح، لماذا لا تتجدد؟
أبصق في المرآة وأخرج.
واليوم قمت بتشكيل وجهي من جديد، لا كما أرادته الطبيعة، بل كما أريده أن يكون:
عينان ذئبيتان بلا قرار. وجه أخضر ولحية كألسنة النار. كانت الأذن في اللوحة ناشزة لا حاجة بي إليها. أمسكت الريشة، أقصد موس الحلاقة وأزلتها.. يظهر أن الأمر اختلط عليّ، بين رأسي خارج اللوحة وداخلها.
حسنا الآن أستطيع أن أسمع وأرى بأصابعي. بل إن إصبعي السادس "الريشة" لتستطيع أكثر من ذلك: إنها ترقص وتداعب بشرة اللوحة.


أجلس متأملاً :
لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده وبدأ وجه اللوحة يسترخي أكثر. آه يا إلهي ماذا باستطاعتي أن أفعل قبل أن يهبط الليل فوق برج الروح؟ الفرشاة. الألوان. وبسرعة أتداركه: ضربات مستقيمة وقصيرة. حادة ورشيقة..ألواني واضحة وبدائية. أصفر أزرق أحمر.. أريد أن أعيد الأشياء إلى عفويتها كما لو أن العالم قد خرج تواً من بيضته الكونية الأولى.
مازلت أذكر:
كان الوقت غسقا أو ما بعد الغسق وقبل الفجر. اللون الليلكي يبلل خط الأفق. آه من رعشة الليلكي. عندما كنا نخرج إلى البستان لنسرق التوت البري. كنت مستقراً في جوف الشجرة أراقب دودة خضراء وصفراء بينما "أورسولا" الأكثر شقاوة تقفز بابتهاج بين الأغصان وفجأة اختل توازنها وهوت. ارتعش صدري قبل أن تتعلق بعنقي مستنجدة. ضممتها إلي وهي تتنفس مثل ظبي مذعور.ولما تناءت عني كانت حبة توت قد تركت رحيقها الليلكي على بياض قميصي.منذ ذلك اليوم، عندما كنت في الثانية عشرة وأنا أحس رحيقها الليلكي على بياض قميصي.منذ ذلك اليوم، عندما كنت في الثانية عشرة وأنا أحس بأن سعادة ستغمرني لو أن ثقباً ليلكياً انفتح في صدري ليتدفق البياض.. يا لرعشة الليلكي.
الفكرة تلحّ علي كثيراً فهل أستطيع ألا أفعل؟ كامن في زهرة عباد الشمس، أيها اللون الأصفر يا أنا. أمتص من شعاع هذا الكوكب البهيج. أحدق وأحدق في عين الشمس حيث روح الكون حتى تحرقني عيناي.
شيئان يحركان روحي: التحديق بالشمس، وفي الموت.أريد أن أسافر في النجوم وهذا البائس جسدي يعيقني! متى سنمضي، نحن أبناء الأرض، حاملين مناديلنا المُدمّاة .
- ولكن إلى أين؟
- إلى الحلم طبعاً".






يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

عودة رفيق الميدان









كنا شركاء نفس الأفكار ونفس القناعة، وتشاركنا الاعتصام في الميدان مطالبين بإسقاط النظام والعيش والحرية والكرامة والعدالة. 
تعرّضنا معاً للقمع والضرب والمطاردة، كنا نراهن بحياتنا لتحرير بلدنا وأهلنا من الفساد والاستبداد، لم نكن نخشى وقتها الموت؛ سقط أصدقاء ورفاق لنا إلى جوارنا صرعى برصاصات النظام الغادرة. 
ليلة 11 فبراير/شباط 2011، رقصنا سوياً ابتهاجاً بتنحي رأس النظام، رفعنا أصواتنا بهتافات النصر الحالمة بالمستقبل، شاركنا البهجة ملايين المصريين، ربما كان هذا أول يوم يهتف فيه ملايين المصريين ضد مبارك، بعد سنوات طوال من الخوف والقمع. 
يكذب أو يبالغ من يكرر أن ملايين المصريين ثاروا على مبارك، الواقع أن بضع مئات آلاف المصريين فقط ثاروا، كان هناك ملايين الرافضين لحكمه بالطبع، لكنهم كانوا خائفين يترقبون، هؤلاء هم الذين انهالوا على الميادين فور إعلان تنحيه عن الحكم لصالح جيشه الذي كان معولاً في إجباره على التنحي. 
ظلّت أفكارنا متقاربة، ونقاشنا لا يتوقف بعدما تخيلنا أنه إسقاط النظام، وسريعا؛ ربما بحلول مارس/آذار من نفس العام، جمعنا يقين أن ثورتنا لم تكتمل، وأن جيش مبارك قرر أن يوقف مسارها وينتقم من كل من شارك فيها. 
شاركنا سويا، مجددا، في التظاهرات والفعاليات ضد ما كنا نسميه وقتها "حكم العسكر"، وطالبنا بسقوطه مثلما فعلنا مع مبارك، وعشنا في العام اللاحق انتصارات وهزائم، وأصبح يقيننا أن الجيش لن يترك البلد لنا كمدنيين.


















باتت علاقتنا ملتبسة بوصول الإخوان إلى الحكم، انحاز هو للفريق الكاره لهم، رغم أنه انتخب محمد مرسي رفضاً لأحمد شفيق، بينما قاطعت أنا الجولة الثانية من الانتخابات اعتقاداً أنه سيتم تزويرها. 

لم يكد يمر على مرسي في الحكم شهر حتى بدأ يعلن رفضه لحكمه ويطالب بسقوطه، متأثراً بدعوات كان واضحا أنها مفتعلة وممولة ومقصودة ظهرت في الشارع، بينما كنت رغم بعض انتقادي لمرسي وتصرفاته كحاكم، أدعو إلى منح الديمقراطية الوليدة الفرصة وأحذر من عودة "حكم العسكر". 
نشط هو سريعا في الجبهة الرافضة، بينما ظللت على موقفي؛ أثني على الجيد وأنتقد ما لا يعجبني، لكننا حافظنا على الحياد تجاه بعضنا. 
لاحقاً بدأ الدم يسيل في الشوارع، ووجدته ينسى كل قناعاتنا مطلع عام 2011 حول المجرمين والفاسدين والمتآمرين، ويكرّر تلك النغمات النشاز التي يطلقها هؤلاء الذين كنا ثواراً ضدهم.

لم يعد يعتبر العسكر هم العدو، بات العدو بالنسبة له هو المدني المغلوب مثله، كفر بكل ما كنا نردده من شعارات حول ضرورة تخليص البلاد من هيمنة المؤسسة العسكرية، قرر فجأة وربما دون وعي أن ينحاز إلى الطرف القوي على حساب الطرف الضعيف، رغم أن تجربتنا معا أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن القوي لن يتوقف قمعه على فئة أو تيار.

واجهته بكل قناعاتي، وذكرته أنها كانت قناعاته في يوم ما قريب، لكنه كان قد تجاوز حد التفكير وسيطرت عليه الكراهية، وأعماه إعلام الثورة المضادة عن التدبر في ما هو مقدم عليه.
سقط بلدنا في المستنقع العسكري مجدداً، واستغرق صديقي المحكوم بنظرية المؤامرة وفكر الكراهية والتضليل الإعلامي الواسع؛ شهوراً حتى أدرك ما شارك وغيره في إيصال البلاد إليه، بدأ ينتقد شيئا فشيئا، ثم بدأ يعلن أن هذا النظام الذي ساعد على الإتيان به خان كل ما كان متفقا عليه، ثم تحولت صدمته إلى يقين بانقلاب النظام على من شاركوه الانقلاب على النظام المدني المنتخب، وفشله في توفير أبسط حقوق الناس من أمن وطعام.

في النهاية استفاق صديقي، وإن كان لم يعترف حتى الآن بالخطأ الذي وقع فيه، وإن ظل حتى الآن يتهم آخرين بالمسؤولية عما فعله مع آخرين، لكنه بدأ أخيرا يطالب برحيل الجنرال.









يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

فيلم الجيش "حياة شهيد".. ما كل هذا السخف والسفه



من الفيلم

في أيام الثورة الأولى. كنا نذهب إلى دار ميريت للنشر في شارع قصر النيل، لنرتاح قليلا أو نستخدم الحمام، ونرجع الميدان تاني نقعد في الخيمة. في ميريت كان فيه بعض المقيمين بشكل دائم، واكلين شاربين نايمين، محششين كمان، وكان منهم الممثل أحمد عبد العزيز.
وقتها كنت مبسوط إنه مخافش زي باقي الممثلين، اللي إما تضامنوا مع السلطة، أو بلعوا لسانهم، وكان هو مبسوط إني كواحد بتاع صحافة فنية موجود في الميدان، وكان ساعات بينزل الميدان يشقر علينا، مع أخرين بينهم المخرج مجدي أحمد علي اللي كان راشق برضه في ميريت، وكنا ساعات بنقعد ندردرش.

في هذا الوقت كان أشرف زكي نقيب الممثلين وقتها، والنقيب حاليا، ينظم مظاهرات الفنانين والمشاهير لدعم النظام في مصطفى محمود، وكنت سعيد إن مثلما النظام معه فنانين، فإن الثورة معها فنانين أيضا.
في هذا الوقت لم يكن صراع الثورة مع الحكم العسكري واضحا، كانت المطالب كلها تنحصر في إسقاط حسني مبارك، وكان أحمد عبد العزيز متفقا مع المطالب بدليل تمركزه في ميريت على مسافة مئات الأمتار من قلب الميدان.
لاحقا، تحولت الثورة إلى مطاردة جرائم العسكر، وظهر الهتاف الشهير "يسقط حكم العسكر"، وكان أحمد عبد العزيز أيضا في ميريت، ما يعني عدم رفضه للمطالب الجديدة، بينما اختفى أشرف زكي أو كاد يختفي، وإن حاول المجلس العسكري مكافأته على مظاهرات دعم مبارك بمنحه منصب رئيس جهاز السينما التابع لمدينة الإنتاج الإعلامي.
مما سبق يمكنك أن تكتشف تباينا واضحا بين الشخصين، أحمد عبد العزيز وأشرف زكي، لكن في ظل حكم محمد مرسي، اتفق النقيضين، وبات عبد العزيز وزكي في نفس المعسكر ضد حكم الإخوان، والأمر هنا أيضا مقبول وله ما يفسره.
ثم انقلب الجيش على مرسي، وعادت ريمة إلى عادتها القديمة، فالفنانين عادوا للعمل، والتعريص للحاكم، ونفاق الشرطة، وعاد أشرف زكي نقيبا للممثلين، ولم يحظ أحمد عبد العزيز الذي اشتهر في "الوسية" و"ذئاب الجبل" و"المال والبنون" وغيرها من المسلسلات المعروفة، بأي بريق جديد، حتى أن كثيرين لا يتذكرون مجددا هتافه الشهير "عباس الضو قال لأ".

أشرف زكي في مصطفى محمود

قبل أيام شاهدت فيلما قصيرا أنتجه الجيش المصري بمشاركة التليفزيون الحكومي، بعنوان "حياة شهيد"، ضمن خطة الترويج لمشروع تفريعة قناة السويس، المعروف إعلاميا باسم "قناة السويس الجديدة"، وكان من بطولة أحمد عبد العزيز وأشرف زكي.
يحكي الفيلم قصة أحد شهداء حرب أكتوبر المجهولين الذي تم اكتشاف رفاته خلال حفر التفريعة الجديدة، ويقوم أحمد عبد العزيز بدور الجندي المجهول، بينما تقوم بدور أمه كريمة مختار، التي يبدأ الفيلم بعبارات منمقة لها،  بينما أشرف زكي أحد المشرفين على الحفر.
فنيا لا يمكن اعتبار الفيلم القصير جيدا، فهو فقير الانتاج إلى درجة تجعل أفلاما مستقلة لطلاب في سنوات دراستهم الأولى في أكاديمية الفنون أفضل منه، كما أن الفكرة الجيدة التي اعتمد عليها، لم يتم استغلالها جيدا، فظهرت في قالب من المبالغة والركاكة، لكن العيب الأهم يتمثل في أداء الممثلين المفتعل، والحوار المسرحي شديد المباشرة الذي يقترب إلى حد كبير من حوارات الإذاعة المدرسة أو طابور الصباح في أي كتيبة عسكرية.
يهتز أحمد عبد العزيز خلال الأحداث بطريقة كوميدية في محاولة منه للتعبير عن دهشته أو فرحته، بينما أشرف زكي يبدوا وكأنه يكرر حوارا لا يفهم معناه.
إخراجيا، تتداخل المشاهد التمثيلية مع المشاهد الأرشيفية المكررة لحرب أكتوبر بطريقة يمكن وصفها بأنها كوميدية، كما تظهر بعض المؤثرات البصرية والتفجيرات التي لا تليق بفيلم رسوم متحركة، في ظل تطور كبير في تقنيات المؤثرات.

الفيلم ومدته 16 دقيقة، حرص على توصيل الرسالة المطلوبة من قبل من مولوه، ما جعله يفقد كل مقومات هذا النوع من السينما الدعائية، فلا هو تلاعب بالمشاعر، ولا قدم صورة مبهرة، ولا حتى منحنا أداء الممثلين رغبة في التركيز على حوارهم المكتوب بغرض الترويج للمشروع الاقتصادي، ولو على حساب دماء شهداء لم يحظ أيهم بحقه من الدولة التي تمنح المال والنفوذ والشهرة فقط للجنرالات.







 يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

"حبايبي بالميات" أغنية مصرية نادرة غناها طلال مداح من كلمات ميشيل طعمة وألحان غازي علي



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

محمد أمزاوي.. شاب لندني كويتي الأصل بات "الجهادي جون" الشهير






فرانس برس

لم يكن الشاب اللندني من أصل كويتي، محمد أمزاوي، واسمه الحركي "الجهادي جون"، يعاني من أي مشاكل، كان من هواة كرة القدم وألعاب الفيديو، إلى أن تبنى التطرف ليصبح قاتلا يوصف "بالبارد والسادي والذي لا يرحم" في تنظيم الدولة الإسلامية.
وشن الجيش الأميركي الخميس، غارة جوية استهدفت "الجهادي جون" الذي ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية وظهر في تسجيلات فيديو لإعدام رهائن، لكن لم يؤكد مقتله.
وأوضح متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بيتر كوك، في بيان، أنه لا يعلم ما إذا كان "الجهادي جون"، واسمه الحقيقي محمد أمزاوي قتل. وقال "نحن بصدد تقييم نتائج العملية هذه الليلة (ليل الخميس الجمعة) وسنعلن عن معلومات إضافية بطريقة مناسبة".
وفي وثيقة مدرسية، كتب أمزاوي عندما كان في العاشرة من العمر "أريد أن أصبح لاعبا لكرة القدم". ويبدو في صورة لصفه مبتسما يرتدي البزة المدرسية الحمراء بين رفاقه.
ومحمد أمزاوي ولد في الكويت في 1988. وانتقل والداه جاسم وغانية إلى العاصمة البريطانية في 1993 بعد حرب الخليج.
وفي لندن عاشت العائلة "الهادئة" و"المحترمة" حسب جار قديم لها، في غرب المدينة، حيث كان والده يدير شركة لسيارات الأجرة ووالدته ربة منزل.
ووصفه صديق سابق له أنه كان "شابا لندنيا نموذجيا" يمضي وقته مع رفاقه و"لم يكن متأثرا بالأفكار الدينية حينذاك".
وفي 2006 انتسب إلى جامعة ويسمينستر لمتابعة دراسة المعلوماتية، واحتفظ في مرحلة أولى على الأقل بسمعته كشاب "مهذب" يميل إلى "ارتداء ملابس الموضة". لكن سلوكه تبدل في مؤشر ربما على بداية تطرفه. فقد أرخى لحيته وتجنب النظر بشكل واضح إلى النساء.

ويبدو أن 2006 كانت سنة مهمة لأموازي الذي بدأ يثير اهتمام جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني. فبعد حصوله على شهادته الجامعية، سافر مع صديقين إلى تنزانيا بحجة القيام برحلة في المحميات الطبيعية. لكنه سجن لفترة قصيرة في دار السلام، حيث كانت السلطات المحلية قد تلقت طلبا من لندن التي كانت تخشى أن يتوجه إلى الصومال.
وأبعد الشاب وقتها إلى مطار شيبول في أمستردام. وحسب روايته التي نقلتها منظمة كيج للدفاع عن حقوق المسلمين التي تتخذ من لندن مقرا لها، أن جهاز الاستخبارات الداخلية مارس عليه ضغوطا في محاولة لتجنيده. ونسبت المنظمة تطرفه إلى "مضايقات الأجهزة الأمنية" البريطانية.
وردا على سؤال لعميل سري عن الحرب في أفغانستان، قال "ما رأيي؟ نرى كل يوم في الأخبار أبرياء يقتلون".
وتوجه أمزاوي بعد ذلك إلى الكويت ليعيش مع عائلة خطيبته، ثم عاد إلى لندن في مايو/أيار 2010.
كانت الاستخبارات البريطانية مقتنعة حينذاك أن شيئا ما يحدث لدى أمزاوي. فقد تحدثت وثائق قضائية نقلتها وسائل الإعلام البريطانية أن الشاب على علاقة "بصبية لندن" الشبكة المتطرفة القريبة من تنظيم الشباب الإسلامي فرع تنظيم القاعدة في الصومال.
وأصبح قريبا في لندن، من بلال البرجاوي، المقاتل في حركة الشباب الذي قتل بعد ذلك بضربة لطائرة بدون طيار في يناير/كانون الثاني 2012.



 وبعد ذلك، أصبحت مسيرته في بريطانيا غير واضحة. ففي 2012 حاول مغادرة البلاد لكن السلطات البريطانية منعته قبل أن يختفي. في 2013، أصبح أمزاوي في سورية. وقد تغير نهائيا ووصفته شهادات عدة بأنه قاتل بدم بارد.
وذكرت صحيفة الغارديان أنه "في السنتين الأخيرتين تسلق سلم الرتب في التنظيم (الدولة الإسلامية) ليلعب دورا مهما بين المقاتلين الأجانب". ومثل غيره من الجهاديين، غير اسمه ليصبح أبو عبد الله البريطاني، وظهر في الرقة معقل تنظيم الدولة الإسلامية في سورية.
وقال عضو سابق في التنظيم الجهادي للصحيفة البريطانية نفسها "أذكر أنني رأيته عدة مرات". وأضاف "بالنسبة لنا كان هو الإنجليزي الذي يقتل الناس". كما وصفه سجين سابق بأنه "بارد وسادي ولا يرحم".

وأصبح "الجهادي جون" رمزا لوحشية تنظيم الدولة الإسلامية. وقد ظهر في عدة تسجيلات فيديو لقطع رؤوس رهائن غربيين، مرتديا ملابس سوداء وملثما ومسلحا بسكين، وظهر في لقطات لرهائن أميركيين وبريطانيين ويابانيين، بملابس برتقالية اللون قبل إعدامهم، مطلقا تهديدات بالإنكليزية وبلكنة بريطانية ضد حكومات بلدانهم. ولم يكن ظاهرا منه سوى عينيه.



 وظهر أموازي في تسجيل فيديو للمرة الأولى في أغسطس/آب 2014، يظهر قتل الصحافي المستقل "فولي" البالغ من العمر 40 عاما، والذي فقد في سورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بقطع الرأس.
وأثار التسجيل الذي حمل عنوان "رسالة إلى أميركا" استياء العالم. وأوضح التنظيم في هذا التسجيل أنه قتل فولي لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمر بشن ضربات على الجهاديين في شمال العراق.

وبعد أسبوعين قتل الرهينة الأميركي ستيفن سوتلوف بالطريقة نفسها. وظهر في التسجيل "الجهادي جون". وقالت والدة سوتلوف، شيرلي سوتلوف، لشبكة إن بي سي، إنه حتى ولو قتل أموازي "فهذا لا يعيد لي ابني"، مضيفة "من يعلم إن كان قتل" فعلا.

وظهر "الجهادي جون" أيضا في تسجيلات لإعدام البريطاني ديفيد هاينس الذي كان يعمل في القطاع الإنساني، وآلن هينينغ سائق سيارة الأجرة البريطاني في مانشستر، والأميركي بيتر كاسيغ واليابانيين هارونا يوكاوا ثم كينجي غوتو.









 يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

وائل غنيم: الحرية لأحمد ماهر. الحرية للمعتقلين




كتب الناشط المصري المعروف وائل غنيم، اليوم الثلاثاء، تدوينة طويلة عن الناشط المصري المعتقل، أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب السادس من أبريل التي عارضت نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وشاركت في ثورة يناير 2011، ثم شاركت في الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد في 2013.

وانطلقت اليوم في مصر حملة للإفراج عن المعتقلين، والذي تؤكد مصادر حقوقية غير رسمية أن أعدادهم تجاوزت الرقم 50 ألفا، معظمهم من الشباب، وعدد كبير منهم من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وشباب ثورة يناير.

وعنون غنيم، الذي غادر مصر، تدوينته الجديدة "عن ناشط السبوبة أحمد ماهر"، ساخرا من الاتهامات التي يروجها النظام الحاكم حاليا للنشطاء المشاهير، واتهامات طالته شخصيا قبل أن يغادر البلاد.

وكتب غنيم: "2008 كانت أول مرة أسمع عنه (ماهر)، وكان بسبب صورة على فيسبوك لشخص ظهره مليء بالسحجات من التعذيب. عرفت أن أمن الدولة خطفوه دون إذن نيابة ولا حكم قضائي. عذب أثناء التحقيق معه في أمن الدولة وتم تهديده بإنه لازم يبطل اللي بيعمله وإلا هتبقى العواقب وخيمة. والسبب؟ إنه حاول مع مجموعة تنظيم دعوات عامة للإضراب في 2008 لمعارضة نظام مبارك".

وأضاف: "وقتها مكنتش مهتم بالسياسة فسألت نفسي: هو ليه شاب يعرض نفسه للخطر؟ غالبا أحمد ماهر دا مجنون. لكن في 2010، وبعد أسابيع من انشاء صفحة (كلنا خالد سعيد)، أرسلت رسالة لأحمد ماهر من إيميل أدمن الصفحة. قلتله عايزين ننسق بين الصفحة وحركة 6 أبريل على شرط احترام رغبتي في إخفاء شخصيتي الحقيقية. كنا نتكلم مع بعضنا عن طريق Gmail Chat لفترات طويلة، ونحاول ننسق المواقف ودعوات الحراك السياسي. علاقتنا-وإن كانت افتراضية- سمحت بجانب من المعرفة الإنسانية التي جعلت لأحمد ماهر عندي معزّة خاصة جدا".

"في 2011 قبل اندلاع الثورة بأسبوع، تقابلنا بالصدفة في ندوة عن الإنترنت، وكنت حاضرا بصفتي مسؤول في جوجل الشرق الأوسط، فسألته بطريقة متشككة عشان أشوف رد فعله (من غير ما يعرف إني أدمن صفحة كلنا خالد سعيد): تفتكر يا أحمد هيحصل فعلا ثورة كمان كام يوم؟ قال لي: إن شاء الله مبارك هيسقط، أنا عمري ما شفت الشباب متحمس بالشكل ده، وصفحة كلنا خالد سعيد على فيسبوك هتعلن أماكن التظاهر كمان كام يوم، فابقى تابع الصفحة عشان تعرف التفاصيل وتنزل تشارك معانا. فقلتله حاضر هاتابعها إن شاء الله" حسبما كتب غنيم.



ولم يسرد غنيم في تدوينته أيا من تفاصيل اللقاءات التي جمعته بأحمد ماهر في أعقاب اندلاع الثورة، وخاصة تلك التي جمعتهم بالمجلس العسكري للتباحث حول مصير مبارك، ولا ما جمعهم برئيس الوزراء وقتها أحمد شفيق.


ثم بدأ غنيم يحكي ملاحظاته عن ماهر: "أحمد ماهر من أكتر الشباب اللي اتشوه في الإعلام لأنه كان بيمثل حركة 6 أبريل. اتهموه إنه عميل وممول. وطلعت مئات الشائعات عليه من شخصيات إعلامية بعضها يتقاضى الملايين لبث سمومه في وسائل الإعلام لغسيل دماغ الناس واقناعهم أن الحرية خطر والديمقراطية بدعة وإن حقوق الإنسان مؤامرة".

"المضحك المبكي أن أحمد ماهر اللي معروف بلقب "العميل" و"الممول" و"ناشط السبوبة" كان ولازال يعيش مع أسرته الصغيرة حياة عادية جدا. وشقته اللي اشتراها بالتقسيط على سنين طويلة ثمنها لا يتجاوز مرتب شهر واحد لإعلامي من الإعلاميين اللي بيشوهوا فيه ليل نهار في التلفزيون، ويقنعوا الشعب المصري إنه ناشط سبوبة وبيتمول من الخارج، واغتنى بعد الثورة"، حسبما كتب.

وأوضح غنيم: "أحمد ماهر زينا كلنا مش ملاك. كلنا وقعنا في أخطاء كتيرة أغلبها كان لسذاجتنا وحداثة عهدنا بالسياسة. ماهر عمره ما عمل حاجة شايف إنها ضد مصلحة بلده، وعمره ما سرق ونهب فلوس أهل البلد الغلابة، وعمره ما تاجر بشعارات أو سعى لمناصب ميستحقهاش أو مش أهل ليها".
وأضاف: "لما هاحكي لأولادي عن مصر 2011، مش هانسى أحكيلهم عن الشاب المصري السكندري اللي وهو عنده 30 سنة انتفضت جهات سيادية ووسائل إعلامية وشخصيات سياسية عشان يحاربوه ويشوهوا سمعته. بالضبط كده، منظومة فاشلة بتحارب شبابها على إنهم الخطر اللي بيواجه البلد، مش الجهل والتخلف والفساد والظلم. والمهم إنهم لما لقوه مكمل في طريقه رغم كل اللي بيعملوه فيه، حبسوه".

وختم الناشط وائل غنيم تدوينته قائلا: "أحمد ماهر وآلاف الشباب مثله هم الأمل. والأمل في مصر محبوس. الحرية لأحمد. الحرية لكل مظلوم".


عن ناشط السبوبة أحمد ماهر2008 أول مرة أسمع عنه كان بسبب صورة شفتها على فيسبوك لواحد ضهره مليان سحجات من التعذيب. عرفت...
Posted by Wael Ghonim on Tuesday, 27 October 2015



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

الخميس، 22 أكتوبر 2015

ليلة القبض على مورجان فريمان في مصر




طرق موظف جهاز الرقابة، الباب طرقات سريعة متتابعة، قبل أن يدلف سريعاً إلى غرفة واسعة قديمة الأثاث، يبدو أنها لم تجدد منذ سنوات، توجه مباشرة إلى الجالس إلى مكتب كبير في وسط القاعة، وعاجله بأن لديه قنبلة.

تنبه الجالس، وهو موظف أكبر سناً، وقال للموظف الشاب: هات ما عندك، فقال الشاب: "مورغان فريمان في مصر"، تردد الجالس قليلاً قبل أن يقول بصيغة العالم ببواطن الأمور: "نعم. سمعت. لا شك أن الوزارة ستنظم له حفل استقبال، وسأكون من المدعوين".

تهلل وجه الموظف الشاب الذي اكتشف أن رئيسه لا يعلم سبب وجود النجم العالمي في البلاد، وقال: "لكنه يصور فيلما، وبدون تصريح". عندها اعتدل الموظف الكبير الذي يجلس على مقعد رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية المصري، وبدأ يسأل الشاب عن التفاصيل.

سرد الشاب معلوماته. "جاء فريمان إلى مصر ليصور فيلما وثائقيا بعنوان (حكاية الله)، الفيلم من إنتاج عملاق الأفلام الوثائقية (ناشيونال جيوجرافيك)، وفريمان يقوم بدور الراوي".

لمعت الفكرة التي جاء بها الشاب في عقل رئيس الرقابة، هو موظف قديم "ويفهمها وهي طايرة" كما يقول المصريون عن أنفسهم، لكنه كموظف قديم أيضا يعرف أن لكل شيء طريقة وترتيبا. طلب من موظفه أن يذهب إلى الأرشيف ويبحث عن تصريح باسم الفيلم، وأن يحضر له كل ما يخص الشركة المنتجة من تصاريح سابقة.

ذهب الشاب فورا لتنفيذ أوامر رئيسه، والذي يعلم علم اليقين بعدم وجود تصاريح، كونه موظفا قديما في الجهاز، بينما التقط الرئيس هاتف مكتبه واتصل بصديقه الصحافي المعروف، وقص عليه الموضوع، طالبا رأيه في طريقة التصرف. في البداية، أنكر عليه الصحافي ما ذهب إليه عقله من التصدي لتصوير الفيلم بما لديه من صلاحيات قانونية في هذا الشأن، محذرا من الفضيحة الكبرى التي ستحدث بسبب الموضوع.

لكن رئيس الرقابة عاجله بأنه يريد أن يظهر اسمه، وأن الأمر ليس فيه ما يشين، لأنه يقوم بمهام عمله وفق نصوص القانون. فهم الصحافي الموقف، وقرر أن يستغله أيضا لصالحه، وشجع رئيس الرقابة على أن يتخذ إجراءاته الرسمية، على أن ينشر هو "الخبر القنبلة" على حد وصفه، باعتباره انفرادا له.
جاء في نص الخبر: قرر رئيس الرقابة على المصنفات الفنية المصرية إبلاغ جهاز الأمن الوطني لوقف تصوير فيلم "قصة الله" الذي يصوره النجم العالمي مورغان فريمان لصالح شركة ناشيونال جيوجرافيك في مصر.

نشر الخبر بالفعل، وأحدث الجدل المنتظر منه، جلس رئيس الرقابة في مكتبه منتشيا يتلقى اتصالات هاتفية من كل الاتجاهات، وكان يلوح في جميعها بصلاحياته والقانون الذي ينفذه، لكن فجأة وصله اتصال من جهة لم يكن يتوقعها، قال المتصل بانفعال: "إنت مجنون، إنت مش عارف اللي إنت عملته دا تسبب في إيه؟".




لم يكن الرجل في منصب يؤهله للرد على المتصل المهم بنفس الطريقة التي ظل لساعة أو أكثر يرد بها على وسائل الإعلام التي تواصلت معه، لم يملك إلا أن قال: "أنا بأعمل شغلي يا أفندم. لم أتجاوز القانون"، فكان رد المتصل: "أي قانون؟ الفيلم حاصل على تصريح بالتصوير من هيئة الاستعلامات قبل أربعة شهور، حتى لو لم يحصل على تصريح، كيف تقرر أنت في أمر بهذه الأهمية دون الرجوع إلينا؟".

ارتبك رئيس الرقابة، لم يجد ما يدفع به التجاوز عن نفسه، اكتفي بتمتمات من عينة "كان لازم يوصلنا نسخة من التصريح. يا أفندم أنا باحاول أشوف شغلي. الفيلم يتحدث عن الذات الإلهية وهذا غير مقبول".

كل محاولات الرجل للتبرير لم تٌقبل، فبدأ مرحلة الصمت المطبق، بينما المتصل الذي يبدو أنه مسؤول كبير في الدولة، واصل إبلاغه بأن ما فعله أحدث رد فعل سلبيا جدا، وأن السفارة الأميركية في القاهرة أبدت انزعاجها، وأن وزير السياحة استنكر ما جرى بعد يوم واحد من ترحيبه بالنجم العالمي، أملا في أن يسهم في ترويج الصورة الآمنة لمصر.

وتابع: "مورغان فريمان نفسه طلب مغادرة مصر وعدم استكمال تصوير الفيلم، وصورة مصر أمام العالم اهتزت، خاصة أن جزءا من الفيلم صور بالفعل في تركيا، ووسائل الإعلام ستستغل الواقعة للتدليل على عدم وجود حرية رأي أو تعبير في مصر"، وواصل: "مسؤول كبير في جهة سيادية هاتفني قبل قليل غاضبا، وقال لي: انتو ليه عاوزين تكرروا كارثة فيلم (المريض الإنجليزي)؟، وبعدين إزاي انت موظف قديم ولا تعرف إن تصاريح الأفلام التسجيلية الأجنبية لا علاقة لها بجهاز الرقابة وإنما تتبع هيئة الاستعلامات؟".

أسقط في يد الرجل الذي كان يرغب في الحصول على بعض الأضواء، وإظهار نفسه باعتباره يقوم بمهام عمله على الوجه الأكمل، ليجد أنه بات مسؤولا عن عاصفة من الانتقادات التي لن تتوقف عنده، بل ربما تطاول الدولة كلها، ولمعرفته بطريقة سير الأمور، واستشعاره خطورة ما فعله على مستقبله الوظيفي، حاول التزلف إلى المسؤول قائلا: "انصحني حضرتك بالحل"، وصلته الإجابة السريعة المقتضبة عندما أغلق المتصل الهاتف بدون رد.



*قصة من خيال الكاتب 



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

هاشتاج...#مورجان_فريمان



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

ديلي ميل: الإمارات تدفع لشركة علاقات عامة 60 ألف استرليني شهريا لتشويه قطر والإخوان المسلمين






عن: عربي 21


شبكات نفوذ حاكها كاميرون وشيوخ العرب تخترق بريطانيا: ارتباطات أزلام رئيس الوزراء الذين عملوا سرا لصالح المنعمين عليهم من أثرياء الشرق الأوسط. فقط الآن تيسرت سبل الكشف عن المدى الذي ذهبت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة لاكتساب مثل هذا النفوذ، فقد مولت دولة الإمارات العربية المتحدة – التي تشتهر أكثر ما تشتهر بمنتجعاتها الساحلية في دبي – شبكة سرية تربط بين شخصيات نافذة وقوية في بريطانيا وفي الخليج.
تشتمل هذه الشبكة على بعض أقرب المقربين من دافيد كاميرون والهدف منها هو صياغة سياسة المملكة المتحدة بحيث تتوافق مع الطموحات السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونجحت في استهداف كبار الصحفيين العاملين في الصحف البريطانية وفي مؤسسة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والذين أوعز إليهم شن هجمات سافرة على دولة قطر أكبر منافسيها وخصومه.
 تظهر الوثائق المسربة أن حكام دولة الإمارات العربية المتحدة وقعوا عقدا لستة أعوام بقيمة ستين ألف جنيه استرليني شهريا مع مؤسسة لوبي (ضغط سياسي) مقرها لندن واسمها كويلار كونسلتانتس.
إنها واحدة من أثرى الأرستقراطيات في العالم، أرض العجائب والغرائب في العالم العربي، أرض يشع منها بريق الحلي والزخارف التي تقتنى بفضل عوائد النفط الهائلة – من ناطحات سحاب تعانق السماء، إلى السيارات الفارهة وإلى مجمعات التسوق الضخمة – ناهيك عن الثروات الشخصية المتراكمة التي تكاد أرقامها الفلكية تذهب بالعقول والأحلام.
مثل هذه الثروة يشترى بها النفوذ والسلطان داخل أوروبا، وبشكل رئيسي داخل بريطانيا. وفقط الآن تيسرت سبل الكشف عن المدى الذي ذهبت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة لاكتساب مثل هذا النفوذ.
بإمكان "ذي ميل أون صنداي" الآن أن تكشف عن الطريقة التي قامت من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة – التي تشتهر أكثر ما تشتهر بمنتجعاتها الساحلية في دبي – بتمويل شبكة سرية تربط بين شخصيات نافذة وقوية في بريطانيا وفي الخليج.
تشتمل هذه الشبكة على بعض أقرب المقربين من دافيد كاميرون والهدف منها هو صياغة سياسة المملكة المتحدة بحيث تتوافق مع الطموحات السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة على حساب منافسيها في الشرق الأوسط.

نجحت هذه الشبكة في استهداف كبار الصحفيين العاملين في الصحف البريطانية وفي مؤسسة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والذين أوعز إليهم شن هجمات سافرة على دولة قطر أكبر منافسي دولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة – مع أن أحد الشخصيات البارزة اعترف، بل وتفاخر، في رسالة إيميل أنه تمكن من الحفاظ على سرية علاقة الإمارات العربية المتحدة بهذه الشبكة.
وشنت دولة الإمارات العربية المتحدة هجوما دبلوماسيا أقنع رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون بأن يأمر بإجراء "مراجعة" بشأن الموقف من جماعة الإخوان المسلمين – وهي الجماعة التي تشكل معارضة للنظام داخل الإمارات – بينما عملت في الوقت ذاته على استهداف أحد النشطاء بسبب تسليطه الضوء على سجل الإمارات المروع في مجال حقوق الإنسان.
تظهر الوثائق المسربة التي حصلت عليها هذه الصحيفة أن حكام دولة الإمارات العربية المتحدة سعوا لتحقيق أهدافهم من خلال إبرام عقد لستة أعوام بقيمة 60 ألف جنيه استرليني شهريا مع مؤسسة لوبي (ضغط سياسي) مقرها لندن واسمها "كويلار كونسلتانتس"، وهذه المؤسسة يملك جزءا منها اللورد تشادلينغتون، رئيس فرع حزب المحافظين في دائرة كاميرون الانتخابية في ويتني داخل مقاطعة أكسفوردشاير.
تنص الاتفاقية على أن وظيفة مؤسسة كويلار هي "الترويج للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة والدفع قدماً بأهدافها". وتضيف إن "جميع النشاطات التي تعتبر جزءاً من هذه المهمة سيتم القيام بها بسرية تامة".
ومن الأمور بالغة الأهمية التي تكشف عنها رسائل الإيميل أنه عندما التقى عضو بارز من فريق كويلار بصحفي نافذ وسلمه ملف "البحث" الذي أراد منه أن يستخدمه، قال له إن هذا التقرير السري لا علاقة له البتة بالممولين الإماراتيين، مؤكدا أنهم لا علم لهم إطلاقا به. ولكنه قام مباشرة بعد ذلك بإخبار زملاء له وإخبار الممولين في لندن وفي الخليج عن لقائه بالصحفي، واعدا إياهم بعقد المزيد من مثل هذه اللقاءات.
يعتبر هذا النفي انتهاكا محتملا لمعايير عمل اللوبي (الضغط السياسي) وأمرا تقول موسسة كويلار الآن إنها تمقته وتنأي بنفسها عنه. ولكن أصحاب العلاقة الخليجيين الذين يمولونها كان يعلمون يقينا بالضرر المحتمل الذي يمكن أن يعود عليهم فيما لو أذيع الأمر وأصبح معروفا للعامة. وقد عبر عن ذلك مسؤول إماراتي رفيع المستوي بالقول إن تسريب هذه المعلومة أمر خطير لأنه سيعطي الانطباع بأننا نتدخل في "الشؤون المحلية للملكة المتحدة".
ويكشف تحقيق "ذي ميل أون صنداي" النقاب عما يلي:
عندما بدأ سريان العقد في عام 2009، كان كبير المحامين عن الإمارات في بريطانيا جوناثان  هو أحد المشاركين في تأسيس مؤسسة كويلار، والذي أصبح الآن اللورد هيل – وهو واحد من أقرب المقربين من كاميرون، الذي اختاره في العام الماضي ليشغل منصب مفوض الاتحاد الأوروبي عن بريطانيا مكلفا بالاستقرار المالي. وكان قبل ذلك يشغل منصب رئيس مجلس اللوردات.
فيما بعد أصبح الشخص الأساسي في تشغيل هذا العقد هو المسؤول السابق في وزراة الخارجية البريطانية جيرارد راسيل، الخبير في شؤون العالم العربي، والذي اختاره رئيس الوزراء السابق طوني بلير بنفسه ليترأس وحدة الإعلام العربي في وزارة الخارجية ما بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. وكان هو الشخص الذي أرسل رسالة إيميل إلى رؤسائه في لندن وفي الإمارات يتفاخر فيها بأنه كان "يمرر المعلومات" إلى الصحفي أندرو غيليغان في صحيفة الصنداي تيليغراف – والذي أنكر في حديث معه أنه يعمل لصاحل الإمارات العربية المتحدة.
ليس هذا فحسب، بل كان راسيل أيضا قد التقى بالصحفي كون كافلين في صحيفة الديلي تليغراف وزوده بمعلومات كما رتب عدة لقاءات مشابهة مع مراسل البي بي سي بول آدمز، الذي وصف أحد هذه اللقاءات في رسالة إيميل بأنه كان "رائعا".
ويعمل مع مؤسسة كويلار في الخليج مدير نادي مانشستر سيتي لكرة القدم سايمون بيرس، وهو بريطاني كلف بتجميل صورة الإمارات في الخارج، بالإضافة إلى رئيسه في العمل رئيس نادي مانشستر سيتي خلدون المبارك، وهو العضو المنتدب لمؤسسة مبادلة، صندوق الاستثمار الضخم التابع لأبو ظبي والذي يقال بأنه يدفع لطوني بلير مليون جنيه استرليني سنويا.
كان بيرس سيعدا  بشكل خاص بسلسلة من المقالات التي كتبها غيليغان العام الماضي هاجم فيها قطر متهما إياها بالتواطؤ في عمليات جمع الأموال للإرهابيين. وكان قد أرسل رسائل بالإيميل إلى زملائه من كبار المسؤولين في الإمارات زاعما أن المقالات كانت "من ثمار جهودنا لتغيير المفاهيم في بريطانيا وتغيير قواعد اللعب" وواعدا  بأن "ثمة المزيد على الطريق". واستهدفت كويلار صحفيا آخر في الصنداى تليغراف هو روبرت مينديك الذي انبرى هو الآخر لكتابة مقالات تتهم قطر بالتورط في تمويل الإرهاب.
أرسل بيرس نسخا من رسائل الإيميل إلى أنور قرقش، وزير الخارجية في الإمارات، وإلى خالد بن محمد بن زايد، ابن ولي عهد أبو ظبي، الذي كان مكلفا برصد المنشقين الإماراتيين في مقر دائرة الأمن والمخابرات المخيفة، والمتهمة من قبل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس واتش بممارسة التعذيب ضد المعتقلين المتهمين بالانشقاق والمحتجزين لديها بدون محاكمة.
تسلمت ذي ميل أون صنداى سلسلة من رسائل الإيميل التي سربها أحد العاملين على وجه التحيذر والتنبيه لم يؤكد صحتها راسيل ولم ينفها، وقد جاء تحقيقنا بعد كشف ويكيليكس عن أن المملكة العربية السعودية حاولت الضغط سياسيا على المملكة المتحدة لتدعها تترأس مجلس حقوق الإنسان التابع للأممم المتحدة، وذلك بالرغم من سجلها في مجال الإعدام بقطع الرؤوس ومن خلال الصلب، وتأتي أيضا بعد الخلاف الذي نشب داخل الحكومة الأسبوع الماضي، والذي تمخض عنه إلغاء مايكيل غوف عقدا كانت المملكة المتحدة سترسل بموجبه خبراء بريطانيين لتدريب حراس السجون في المملكة العربية السعودية.




لا تسلم عمليات اللوبي (الضغط السياسي) أو ما يسمى أحيانا "استشارات" من النقد، ذلك لأنها أعمال ضبابية يتسنى من خلالها للأثرياء وللشركات وللدول شراء النفوذ داخل الحكومة وداخل وسائل الإعلام. وبعد فضيحة "المال مقابل السؤال" التي تفجرت في تسعينيات القرن الماضي – والتي كشفت النقاب عن أن أعضاء في البرلمان كانوا يتلقون مالا مقابل توجيه أسئلة نيابة عن عملائهم – شكل قطاع الأعمال في هذا المجال ما بات يعرف بجمعية المستشارين السياسيين المحترفين.
يقول العاملون في مجال اللوبي إن للجمعية "مبادئ موجهة للسلوك" يتوجب أن تكون دوما واضحة ودقيقة بشأن هويتك وهوية أي منظمة تمثلها، سواء بشكل مباشر أو على أساس استشاري. وينبغي على العاملين في هذا القطاع بناء على هذه المبادئ أن يلتزموا دوما بتقديم معلومات صحيحة وصادقة وأن يتحلوا بالنزاهة والأمانة فيما يقومون به.
عندما التقى كل من جيرارد راسيل والباحث في مؤسسة كويلار عباس بوبتاني، الذي كان يعمل من قبل في قسم العلاقات العامة داخل مؤسسة الصحة العامة، بصحفي الديلي تليغراف غيليغان في الرابع من آذار/ مارس من عام 2014، كان راسيل حينها يعمل منذ عامين على تنفيذ بنود العقد الإماراتي. وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها هذه الصحيفة  أن جيرارد ومؤسسة كويلار كانا في عام 2012 يمارسان الضغط السياسي على الحكومة لإلغاء حاجة مواطني الإمارات العربية المتحدة إلى الحصول على تأشيرة دخول إلى بريطانيا.
تنص قواعد جمعية المستشارين السياسيين المحترفين بأنه يتوجب على العاملين في مجال اللوبي (الضغط السياسي) تسجيل زبائنهم في سجل. وكانت كويلار قد أعلنت أنها تعمل مع وزارة الشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا قد يعني أن غيليغان كان يعرف بأن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت زبونا لدى كويلار. ولكنهم عندما التقوا، أكد له راسيل بأن اللقاء هذه المرة والمعلومات التي قدمها له أثناءه لم يكن للإمارات العربية أدنى علاقة به.
مباشرة بعد لقائه مع غيليغان، كتب راسيل إلى وزير الخارجية قرقش وإلى المسؤول السياسي في سفارة الإمارات في لندن محمد الحربي وإلى رئيسه البريطاني جون آيزينهامر، المشارك في تأسيس كويلار، يقول: “شرحنا له بأننا إذ نلقتي به لم نكن نفعل ذلك بالنيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الإمارات لم يكن لها أي علم بحصول هذا اللقاء.”
وأضاف: “أتوقع أننا سنرى شيئا منشورا نتيجة لهذا اللقاء فيما بعد … نحن نقترح أن نستمر في تطوير العلاقة مع غيليغان وأن نمرر له المواد بشكل منتظم.”
وكتب يقول إن غيليغان عمل لصالح عمدة لندن بوريس جونسون "مستشارا مدفعوع الأجر لشؤون ركوب الدراجات الهوائية". ومضى راسيل، وبمنتهي الغرابة، يقول إن ذلك "يمنحنا تأكيدا إضافيا على أنه لن يكتب أي شيء من شأنه أن يلحق الضرر بالإمارات". ويبدو أن هذه الإشارة ذات علاقة بزيارة قام بها  جونسون مؤخرا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وتحدث عنها لدى عودته بشكل إيجابي.
من ضمن المعلومات التي مررت لغيليغان خلال الاجتماع معه مواد تدعي وجود شخص متطرف داخل قطر، كما جرى خلال اللقاء التركيز على المعارضة الإماراتية، وبشكل خاص على أعضائها الذين يتخذون من لندن مقرا لنشاطاتهم  التي تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان في الإمارات.
ومن بين الذين أثاروا خنق الإمارات وغيظها شاب كان حينها في السابعة والعشرين من عمره يدعى روري دوناغي، والذي كان يحضر رسالة الماجستير في حقوق الإنسان في جامعة لندن، ثم ما لبث أن أسس المركز الإماراتي لحقوق الإنسان في لندن وكتب مدونة حول الانتهاكات التي تمارسها دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
يتفاخر راسيل في رسالة الإيميل التي بعث بها بأنه ضمن في الملف الذي سلمه لغيليغان "دليلا" يتعلق بدوناغي. ما لبث غيليغان بعدها أن نشر مقالا يزعم أن دوناغي له "ارتباطات" بالمتطرفين، الأمر الذي نفاه دوناغي بقوة.
ويشير راسيل في رسالة الإيميل إلى مدير  نادي مانشستر سيتي لكرة القدم بيرس، والذي كان مسؤولا عن تبييض سمعة الإمارات في الخارج من خلال عمله كمدير تنفيذي للاتصالات في سلطة الشؤون التنفيذية التابعة لإمارة أبو ظبي. كتب راسيل يقول: “أنوي موافاتك بمقترح يشرح كيف يمكننا أن نقوم بالمزيد من هذا النوع من العمل، وأن نبني في المستقبل على علاقاتنا مع الصحفيين الذين هم موضع ثقة لدينا. أظن أن سايمون بيرس قد يكون مهتما بمعرفة أننا عقدنا هذا اللقاء، فهل ترى أن أخبره الآن؟"
تقول رسالة الإيميل بوضوح إن بيرس كان مهتما جدا، وفي أيلول/ سبتمبر نشر غيليغان سلسلة من المقالات التي هاجم فيها قطر متهما إياها بأنها تمثل ملاذا آمنا للإرهابيين – وهي التهمة التي ينفيها القطريون بقوة. وما لبث مينديك أن تبنى الطرح ذاته في كتاباته.
وفي الصباح الذي ظهرت فيه أول مقالة حول هذا الموضوع، أرسل بيرس رسالة بالإيميل إلى مسؤول الأمن الإماراتي بن زايد وإلى وزير الخارجية قرقش، وضع في خانة عنوانها كلمة "دوي"، وجاء نصها على النحو التالي "صاحب السمو، الدكتور أنور، أعتقد أنكم بحاجة لأن تروا هذا – إنه أحدث ما أثمرته جهودنا – يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تغيير المفاهيم في المملكة المتحدة وتغيير قواعد اللعبة – ولدينا مزيد".
وكلما كتب غيليغان مقالا تمخض عنه رد فعل مشابه.
إلا أن بيرس كان في البداية أكثر حذرا في الخامس من مايو كتب راسيل إليه وإلى قرقش وإلى الحربي حول الإخوان المسلمين، حليف جماعة الإصلاح المعارضة في الإمارات، والتي تقول مجموعات حقوق الإنسان إنها تعرضت لقمع وحشي داخل البلاد.
قال راسيل إنه أراد أن يزود الصحفيين بمعلومات ومواد، مثل روجر بوييس من صحيفة التايمز، والذي بدا متعاطفا مع جماعة الإخوان المسلمين، يحذرهم من خلالها من أنها ليست جماعة معتدلة بل متطرفة وأنها يمكن على المدى البعيد أن تولد التطرف.
وتحدث راسيل في هذا الإيميل عن العلاقة الدافئة مع كافلين من صحيفة التليغراف، وهو ناقد لاذع لجماعة الإخوان المسلمين وهدف غير مقصود لمؤسسة كويلار، وقال: “نحن على تواصل مع كافلين ولكننا تجنبنا تناول موضوع الإمارات في حوارنا معه.”
يشير رد بيرس إلى أنه كان مرعوبا من العواقب المحتملة لتسرب أي معلومات حول جهود اللوبي (الضغط السياسي) التي تمارس نيابة عن الإمارات، وقال: “أخذا بعين الاعتبار ارتباط مؤسسة كويلار بسفارة الإمارات … ثمة مجازفة كبيرة في إجراء أي تواصل مع الآخرين سواء في السر أو في العلن. نحن أطراف معنية، وكافة العناصر متاحة لخلق انطباع بأننا نتدخل في الشأن المحلي للملكة المتحدة.”
في الواقع تصرح الوثيقة المسربة فعليا بأن "التدخل" في سياسة المملكة المتحدة هو بالضبط ما تهدف مؤسسة كويلار إلى تحقيقه، حيث تنص على "إنجاز" أهداف سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال "إستراتيجيات التواصل مع برلمان المملكة المتحدة ومع الصحافة وغير ذلك من الدوائر فيها".
إضافة إلى أنها تزود كافة أعضاء المجموعة البرلمانية الخاصة بالإمارات من كل الأحزاب بموظفين للقيام بأعمال السكرتاريا مجانا. وبموجب شروط العقد، فإنها تنظم رحلات مدفوعة الأجر بالكامل لمن يرغب من أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس اللوردات والصحفيين بزيارة الإمارات. في الواقع، ما أن أرسل بيرس رسالته بالإيميل في مايو حتى كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تحرز نجاحا مذهلا لسياستها.
يقول واحد من أهم اللاعبين الدبلوماسيين إن الضغط الدبلوماسي الذي مارسته الإمارات العربية المتحدة، والذي تناغم مع ضغوط مارستها المملكة العربية السعودية والنظام الدكتاتوري العسكري في مصر، هي التي أقنعت كاميرون بالإعلان عن إجراء "مراجعة" بشأن الإخوان المسلمين في الأول من نيسان/ إبريل من عام 2014.
ترأس هذه المراجعة سفير المملكة المتحدة لدى السعودية السير جون جينكينز. كانت هذه الخطوة مباغتة للحكومة البريطانية ومفاجئة لها، فقد تعاملت وزارة الخارجية على مدار عامين مع الإخوان المسلمين بوصفها "منظمة بإمكاننا أن نتفاهم معها" بل وأجرت محادثات مع زعامات فيها قبل أن يطيح بهم العسكر من السلطة في مصر.
ولكن، وبعد مرور ما يزيد عن عام عن الموعد الذي كان من المفروض أن تنشر فيه المراجعة، لا أثر لها على الإطلاق، وثمة من يرى أن ذلك يعود إلى إخفاق السير جون في إدانة جماعة الإخوان المسلمين بدعم الإرهاب كما كانت تتمنى دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول العربية.
لقد فاجأ السير جون الجميع حينما لم يتضمن تقريره توصية بحظر الجماعة داخل بريطانيا.
انتهت مدة العقد الموقع بين كويلار ودولة الإمارات العربية المتحدة في الأول من آب/ أغسطس. أما راسيل، فكان قد غادر المؤسسة في العام الماضي. واستقال اللورد تشادلينغتون من موقع الرئيس التنفيذي للشركة الأم لمؤسسة كويلار، واسمها هانتسويرث، بالرغم من احتفاظه بأسهمه فيها.

أصر راسيل الليلة الماضية أنه لم يكن مخادعا ولا مراوغا حينما أخبر غيليغان إنه لم يكن يعمل بالنيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة.
فهو لم يطلب تفويضا من الإمارات العربية المتحدة حتى يتواصل مع غيليغان ولم يخبر من كانوا يدفعون راتبه عن الاجتماع إلا بعد أن حصل. وقال: “لقد كنت أمينا صادقا.”
ونفي راسيل أن يكون قد أخل بمبادئ السلوك التي تشترطها جمعية المستشارين السياسيين المحترفين، وقال إن هذه المبادئ لا تنطبق على الاجتماعات التي يعقدها العاملون في اللوبي (الضغط السياسي) مع الصحفيين، وإنما تنطبق فقط على الاجتماعات التي يعقدونها مع المسؤولين والسياسيين. بالفعل، يمكن أن يكون هذا واحد من التفسيرات لضوابط جمعية المستشارين السياسيين المحترفين. إلا أن المدير الحالي لمؤسسة كويلار ألاسدير ماري، وهو صحفي سابق في صحيفة ذي ميل أون صنداي، يقول: “نتوقع من العاملين لدينا أن يلتزموا دائما وأبدا بالضوابط السلوكية لجمعية المستشارين السياسيين المحترفين. إن الادعاء بأن هذه الضوابط لا تنطبق على الاجتماعات التي تعقد مع الصحفيين إنما هو تفسير ضيق لا نتبناه هنا.”
حاولنا بالأمس الحصول على تصريحات من غيليغان واللورد تشادلينغتون وبيرس وقرقش، إلا أنهم جميعا رفضوا الإدلاء بأي تصريح.
ومع ذلك يستمر راسيل في احتلال موقع مرموق، فقد قام هذه السنة بالترتيب لسلسلة لقاءات جرت، وحضرها هو، بين بلير وزعيم حماس خالد مشعل في قطر.
كيف أمكن تحقيق ذلك؟ لا يقول راسيل في ذلك إلا ما يلي: “عليكم أن تسألوا طوني بلير.” إلا أن مكتب السيد بلير رفض التعليق بشيء على ذلك.
  





يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية