الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

وائل غنيم: الحرية لأحمد ماهر. الحرية للمعتقلين




كتب الناشط المصري المعروف وائل غنيم، اليوم الثلاثاء، تدوينة طويلة عن الناشط المصري المعتقل، أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب السادس من أبريل التي عارضت نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وشاركت في ثورة يناير 2011، ثم شاركت في الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد في 2013.

وانطلقت اليوم في مصر حملة للإفراج عن المعتقلين، والذي تؤكد مصادر حقوقية غير رسمية أن أعدادهم تجاوزت الرقم 50 ألفا، معظمهم من الشباب، وعدد كبير منهم من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وشباب ثورة يناير.

وعنون غنيم، الذي غادر مصر، تدوينته الجديدة "عن ناشط السبوبة أحمد ماهر"، ساخرا من الاتهامات التي يروجها النظام الحاكم حاليا للنشطاء المشاهير، واتهامات طالته شخصيا قبل أن يغادر البلاد.

وكتب غنيم: "2008 كانت أول مرة أسمع عنه (ماهر)، وكان بسبب صورة على فيسبوك لشخص ظهره مليء بالسحجات من التعذيب. عرفت أن أمن الدولة خطفوه دون إذن نيابة ولا حكم قضائي. عذب أثناء التحقيق معه في أمن الدولة وتم تهديده بإنه لازم يبطل اللي بيعمله وإلا هتبقى العواقب وخيمة. والسبب؟ إنه حاول مع مجموعة تنظيم دعوات عامة للإضراب في 2008 لمعارضة نظام مبارك".

وأضاف: "وقتها مكنتش مهتم بالسياسة فسألت نفسي: هو ليه شاب يعرض نفسه للخطر؟ غالبا أحمد ماهر دا مجنون. لكن في 2010، وبعد أسابيع من انشاء صفحة (كلنا خالد سعيد)، أرسلت رسالة لأحمد ماهر من إيميل أدمن الصفحة. قلتله عايزين ننسق بين الصفحة وحركة 6 أبريل على شرط احترام رغبتي في إخفاء شخصيتي الحقيقية. كنا نتكلم مع بعضنا عن طريق Gmail Chat لفترات طويلة، ونحاول ننسق المواقف ودعوات الحراك السياسي. علاقتنا-وإن كانت افتراضية- سمحت بجانب من المعرفة الإنسانية التي جعلت لأحمد ماهر عندي معزّة خاصة جدا".

"في 2011 قبل اندلاع الثورة بأسبوع، تقابلنا بالصدفة في ندوة عن الإنترنت، وكنت حاضرا بصفتي مسؤول في جوجل الشرق الأوسط، فسألته بطريقة متشككة عشان أشوف رد فعله (من غير ما يعرف إني أدمن صفحة كلنا خالد سعيد): تفتكر يا أحمد هيحصل فعلا ثورة كمان كام يوم؟ قال لي: إن شاء الله مبارك هيسقط، أنا عمري ما شفت الشباب متحمس بالشكل ده، وصفحة كلنا خالد سعيد على فيسبوك هتعلن أماكن التظاهر كمان كام يوم، فابقى تابع الصفحة عشان تعرف التفاصيل وتنزل تشارك معانا. فقلتله حاضر هاتابعها إن شاء الله" حسبما كتب غنيم.



ولم يسرد غنيم في تدوينته أيا من تفاصيل اللقاءات التي جمعته بأحمد ماهر في أعقاب اندلاع الثورة، وخاصة تلك التي جمعتهم بالمجلس العسكري للتباحث حول مصير مبارك، ولا ما جمعهم برئيس الوزراء وقتها أحمد شفيق.


ثم بدأ غنيم يحكي ملاحظاته عن ماهر: "أحمد ماهر من أكتر الشباب اللي اتشوه في الإعلام لأنه كان بيمثل حركة 6 أبريل. اتهموه إنه عميل وممول. وطلعت مئات الشائعات عليه من شخصيات إعلامية بعضها يتقاضى الملايين لبث سمومه في وسائل الإعلام لغسيل دماغ الناس واقناعهم أن الحرية خطر والديمقراطية بدعة وإن حقوق الإنسان مؤامرة".

"المضحك المبكي أن أحمد ماهر اللي معروف بلقب "العميل" و"الممول" و"ناشط السبوبة" كان ولازال يعيش مع أسرته الصغيرة حياة عادية جدا. وشقته اللي اشتراها بالتقسيط على سنين طويلة ثمنها لا يتجاوز مرتب شهر واحد لإعلامي من الإعلاميين اللي بيشوهوا فيه ليل نهار في التلفزيون، ويقنعوا الشعب المصري إنه ناشط سبوبة وبيتمول من الخارج، واغتنى بعد الثورة"، حسبما كتب.

وأوضح غنيم: "أحمد ماهر زينا كلنا مش ملاك. كلنا وقعنا في أخطاء كتيرة أغلبها كان لسذاجتنا وحداثة عهدنا بالسياسة. ماهر عمره ما عمل حاجة شايف إنها ضد مصلحة بلده، وعمره ما سرق ونهب فلوس أهل البلد الغلابة، وعمره ما تاجر بشعارات أو سعى لمناصب ميستحقهاش أو مش أهل ليها".
وأضاف: "لما هاحكي لأولادي عن مصر 2011، مش هانسى أحكيلهم عن الشاب المصري السكندري اللي وهو عنده 30 سنة انتفضت جهات سيادية ووسائل إعلامية وشخصيات سياسية عشان يحاربوه ويشوهوا سمعته. بالضبط كده، منظومة فاشلة بتحارب شبابها على إنهم الخطر اللي بيواجه البلد، مش الجهل والتخلف والفساد والظلم. والمهم إنهم لما لقوه مكمل في طريقه رغم كل اللي بيعملوه فيه، حبسوه".

وختم الناشط وائل غنيم تدوينته قائلا: "أحمد ماهر وآلاف الشباب مثله هم الأمل. والأمل في مصر محبوس. الحرية لأحمد. الحرية لكل مظلوم".


عن ناشط السبوبة أحمد ماهر2008 أول مرة أسمع عنه كان بسبب صورة شفتها على فيسبوك لواحد ضهره مليان سحجات من التعذيب. عرفت...
Posted by Wael Ghonim on Tuesday, 27 October 2015



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

الخميس، 22 أكتوبر 2015

ليلة القبض على مورجان فريمان في مصر




طرق موظف جهاز الرقابة، الباب طرقات سريعة متتابعة، قبل أن يدلف سريعاً إلى غرفة واسعة قديمة الأثاث، يبدو أنها لم تجدد منذ سنوات، توجه مباشرة إلى الجالس إلى مكتب كبير في وسط القاعة، وعاجله بأن لديه قنبلة.

تنبه الجالس، وهو موظف أكبر سناً، وقال للموظف الشاب: هات ما عندك، فقال الشاب: "مورغان فريمان في مصر"، تردد الجالس قليلاً قبل أن يقول بصيغة العالم ببواطن الأمور: "نعم. سمعت. لا شك أن الوزارة ستنظم له حفل استقبال، وسأكون من المدعوين".

تهلل وجه الموظف الشاب الذي اكتشف أن رئيسه لا يعلم سبب وجود النجم العالمي في البلاد، وقال: "لكنه يصور فيلما، وبدون تصريح". عندها اعتدل الموظف الكبير الذي يجلس على مقعد رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية المصري، وبدأ يسأل الشاب عن التفاصيل.

سرد الشاب معلوماته. "جاء فريمان إلى مصر ليصور فيلما وثائقيا بعنوان (حكاية الله)، الفيلم من إنتاج عملاق الأفلام الوثائقية (ناشيونال جيوجرافيك)، وفريمان يقوم بدور الراوي".

لمعت الفكرة التي جاء بها الشاب في عقل رئيس الرقابة، هو موظف قديم "ويفهمها وهي طايرة" كما يقول المصريون عن أنفسهم، لكنه كموظف قديم أيضا يعرف أن لكل شيء طريقة وترتيبا. طلب من موظفه أن يذهب إلى الأرشيف ويبحث عن تصريح باسم الفيلم، وأن يحضر له كل ما يخص الشركة المنتجة من تصاريح سابقة.

ذهب الشاب فورا لتنفيذ أوامر رئيسه، والذي يعلم علم اليقين بعدم وجود تصاريح، كونه موظفا قديما في الجهاز، بينما التقط الرئيس هاتف مكتبه واتصل بصديقه الصحافي المعروف، وقص عليه الموضوع، طالبا رأيه في طريقة التصرف. في البداية، أنكر عليه الصحافي ما ذهب إليه عقله من التصدي لتصوير الفيلم بما لديه من صلاحيات قانونية في هذا الشأن، محذرا من الفضيحة الكبرى التي ستحدث بسبب الموضوع.

لكن رئيس الرقابة عاجله بأنه يريد أن يظهر اسمه، وأن الأمر ليس فيه ما يشين، لأنه يقوم بمهام عمله وفق نصوص القانون. فهم الصحافي الموقف، وقرر أن يستغله أيضا لصالحه، وشجع رئيس الرقابة على أن يتخذ إجراءاته الرسمية، على أن ينشر هو "الخبر القنبلة" على حد وصفه، باعتباره انفرادا له.
جاء في نص الخبر: قرر رئيس الرقابة على المصنفات الفنية المصرية إبلاغ جهاز الأمن الوطني لوقف تصوير فيلم "قصة الله" الذي يصوره النجم العالمي مورغان فريمان لصالح شركة ناشيونال جيوجرافيك في مصر.

نشر الخبر بالفعل، وأحدث الجدل المنتظر منه، جلس رئيس الرقابة في مكتبه منتشيا يتلقى اتصالات هاتفية من كل الاتجاهات، وكان يلوح في جميعها بصلاحياته والقانون الذي ينفذه، لكن فجأة وصله اتصال من جهة لم يكن يتوقعها، قال المتصل بانفعال: "إنت مجنون، إنت مش عارف اللي إنت عملته دا تسبب في إيه؟".




لم يكن الرجل في منصب يؤهله للرد على المتصل المهم بنفس الطريقة التي ظل لساعة أو أكثر يرد بها على وسائل الإعلام التي تواصلت معه، لم يملك إلا أن قال: "أنا بأعمل شغلي يا أفندم. لم أتجاوز القانون"، فكان رد المتصل: "أي قانون؟ الفيلم حاصل على تصريح بالتصوير من هيئة الاستعلامات قبل أربعة شهور، حتى لو لم يحصل على تصريح، كيف تقرر أنت في أمر بهذه الأهمية دون الرجوع إلينا؟".

ارتبك رئيس الرقابة، لم يجد ما يدفع به التجاوز عن نفسه، اكتفي بتمتمات من عينة "كان لازم يوصلنا نسخة من التصريح. يا أفندم أنا باحاول أشوف شغلي. الفيلم يتحدث عن الذات الإلهية وهذا غير مقبول".

كل محاولات الرجل للتبرير لم تٌقبل، فبدأ مرحلة الصمت المطبق، بينما المتصل الذي يبدو أنه مسؤول كبير في الدولة، واصل إبلاغه بأن ما فعله أحدث رد فعل سلبيا جدا، وأن السفارة الأميركية في القاهرة أبدت انزعاجها، وأن وزير السياحة استنكر ما جرى بعد يوم واحد من ترحيبه بالنجم العالمي، أملا في أن يسهم في ترويج الصورة الآمنة لمصر.

وتابع: "مورغان فريمان نفسه طلب مغادرة مصر وعدم استكمال تصوير الفيلم، وصورة مصر أمام العالم اهتزت، خاصة أن جزءا من الفيلم صور بالفعل في تركيا، ووسائل الإعلام ستستغل الواقعة للتدليل على عدم وجود حرية رأي أو تعبير في مصر"، وواصل: "مسؤول كبير في جهة سيادية هاتفني قبل قليل غاضبا، وقال لي: انتو ليه عاوزين تكرروا كارثة فيلم (المريض الإنجليزي)؟، وبعدين إزاي انت موظف قديم ولا تعرف إن تصاريح الأفلام التسجيلية الأجنبية لا علاقة لها بجهاز الرقابة وإنما تتبع هيئة الاستعلامات؟".

أسقط في يد الرجل الذي كان يرغب في الحصول على بعض الأضواء، وإظهار نفسه باعتباره يقوم بمهام عمله على الوجه الأكمل، ليجد أنه بات مسؤولا عن عاصفة من الانتقادات التي لن تتوقف عنده، بل ربما تطاول الدولة كلها، ولمعرفته بطريقة سير الأمور، واستشعاره خطورة ما فعله على مستقبله الوظيفي، حاول التزلف إلى المسؤول قائلا: "انصحني حضرتك بالحل"، وصلته الإجابة السريعة المقتضبة عندما أغلق المتصل الهاتف بدون رد.



*قصة من خيال الكاتب 



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

هاشتاج...#مورجان_فريمان



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

ديلي ميل: الإمارات تدفع لشركة علاقات عامة 60 ألف استرليني شهريا لتشويه قطر والإخوان المسلمين






عن: عربي 21


شبكات نفوذ حاكها كاميرون وشيوخ العرب تخترق بريطانيا: ارتباطات أزلام رئيس الوزراء الذين عملوا سرا لصالح المنعمين عليهم من أثرياء الشرق الأوسط. فقط الآن تيسرت سبل الكشف عن المدى الذي ذهبت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة لاكتساب مثل هذا النفوذ، فقد مولت دولة الإمارات العربية المتحدة – التي تشتهر أكثر ما تشتهر بمنتجعاتها الساحلية في دبي – شبكة سرية تربط بين شخصيات نافذة وقوية في بريطانيا وفي الخليج.
تشتمل هذه الشبكة على بعض أقرب المقربين من دافيد كاميرون والهدف منها هو صياغة سياسة المملكة المتحدة بحيث تتوافق مع الطموحات السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونجحت في استهداف كبار الصحفيين العاملين في الصحف البريطانية وفي مؤسسة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والذين أوعز إليهم شن هجمات سافرة على دولة قطر أكبر منافسيها وخصومه.
 تظهر الوثائق المسربة أن حكام دولة الإمارات العربية المتحدة وقعوا عقدا لستة أعوام بقيمة ستين ألف جنيه استرليني شهريا مع مؤسسة لوبي (ضغط سياسي) مقرها لندن واسمها كويلار كونسلتانتس.
إنها واحدة من أثرى الأرستقراطيات في العالم، أرض العجائب والغرائب في العالم العربي، أرض يشع منها بريق الحلي والزخارف التي تقتنى بفضل عوائد النفط الهائلة – من ناطحات سحاب تعانق السماء، إلى السيارات الفارهة وإلى مجمعات التسوق الضخمة – ناهيك عن الثروات الشخصية المتراكمة التي تكاد أرقامها الفلكية تذهب بالعقول والأحلام.
مثل هذه الثروة يشترى بها النفوذ والسلطان داخل أوروبا، وبشكل رئيسي داخل بريطانيا. وفقط الآن تيسرت سبل الكشف عن المدى الذي ذهبت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة لاكتساب مثل هذا النفوذ.
بإمكان "ذي ميل أون صنداي" الآن أن تكشف عن الطريقة التي قامت من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة – التي تشتهر أكثر ما تشتهر بمنتجعاتها الساحلية في دبي – بتمويل شبكة سرية تربط بين شخصيات نافذة وقوية في بريطانيا وفي الخليج.
تشتمل هذه الشبكة على بعض أقرب المقربين من دافيد كاميرون والهدف منها هو صياغة سياسة المملكة المتحدة بحيث تتوافق مع الطموحات السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة على حساب منافسيها في الشرق الأوسط.

نجحت هذه الشبكة في استهداف كبار الصحفيين العاملين في الصحف البريطانية وفي مؤسسة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والذين أوعز إليهم شن هجمات سافرة على دولة قطر أكبر منافسي دولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة – مع أن أحد الشخصيات البارزة اعترف، بل وتفاخر، في رسالة إيميل أنه تمكن من الحفاظ على سرية علاقة الإمارات العربية المتحدة بهذه الشبكة.
وشنت دولة الإمارات العربية المتحدة هجوما دبلوماسيا أقنع رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون بأن يأمر بإجراء "مراجعة" بشأن الموقف من جماعة الإخوان المسلمين – وهي الجماعة التي تشكل معارضة للنظام داخل الإمارات – بينما عملت في الوقت ذاته على استهداف أحد النشطاء بسبب تسليطه الضوء على سجل الإمارات المروع في مجال حقوق الإنسان.
تظهر الوثائق المسربة التي حصلت عليها هذه الصحيفة أن حكام دولة الإمارات العربية المتحدة سعوا لتحقيق أهدافهم من خلال إبرام عقد لستة أعوام بقيمة 60 ألف جنيه استرليني شهريا مع مؤسسة لوبي (ضغط سياسي) مقرها لندن واسمها "كويلار كونسلتانتس"، وهذه المؤسسة يملك جزءا منها اللورد تشادلينغتون، رئيس فرع حزب المحافظين في دائرة كاميرون الانتخابية في ويتني داخل مقاطعة أكسفوردشاير.
تنص الاتفاقية على أن وظيفة مؤسسة كويلار هي "الترويج للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة والدفع قدماً بأهدافها". وتضيف إن "جميع النشاطات التي تعتبر جزءاً من هذه المهمة سيتم القيام بها بسرية تامة".
ومن الأمور بالغة الأهمية التي تكشف عنها رسائل الإيميل أنه عندما التقى عضو بارز من فريق كويلار بصحفي نافذ وسلمه ملف "البحث" الذي أراد منه أن يستخدمه، قال له إن هذا التقرير السري لا علاقة له البتة بالممولين الإماراتيين، مؤكدا أنهم لا علم لهم إطلاقا به. ولكنه قام مباشرة بعد ذلك بإخبار زملاء له وإخبار الممولين في لندن وفي الخليج عن لقائه بالصحفي، واعدا إياهم بعقد المزيد من مثل هذه اللقاءات.
يعتبر هذا النفي انتهاكا محتملا لمعايير عمل اللوبي (الضغط السياسي) وأمرا تقول موسسة كويلار الآن إنها تمقته وتنأي بنفسها عنه. ولكن أصحاب العلاقة الخليجيين الذين يمولونها كان يعلمون يقينا بالضرر المحتمل الذي يمكن أن يعود عليهم فيما لو أذيع الأمر وأصبح معروفا للعامة. وقد عبر عن ذلك مسؤول إماراتي رفيع المستوي بالقول إن تسريب هذه المعلومة أمر خطير لأنه سيعطي الانطباع بأننا نتدخل في "الشؤون المحلية للملكة المتحدة".
ويكشف تحقيق "ذي ميل أون صنداي" النقاب عما يلي:
عندما بدأ سريان العقد في عام 2009، كان كبير المحامين عن الإمارات في بريطانيا جوناثان  هو أحد المشاركين في تأسيس مؤسسة كويلار، والذي أصبح الآن اللورد هيل – وهو واحد من أقرب المقربين من كاميرون، الذي اختاره في العام الماضي ليشغل منصب مفوض الاتحاد الأوروبي عن بريطانيا مكلفا بالاستقرار المالي. وكان قبل ذلك يشغل منصب رئيس مجلس اللوردات.
فيما بعد أصبح الشخص الأساسي في تشغيل هذا العقد هو المسؤول السابق في وزراة الخارجية البريطانية جيرارد راسيل، الخبير في شؤون العالم العربي، والذي اختاره رئيس الوزراء السابق طوني بلير بنفسه ليترأس وحدة الإعلام العربي في وزارة الخارجية ما بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. وكان هو الشخص الذي أرسل رسالة إيميل إلى رؤسائه في لندن وفي الإمارات يتفاخر فيها بأنه كان "يمرر المعلومات" إلى الصحفي أندرو غيليغان في صحيفة الصنداي تيليغراف – والذي أنكر في حديث معه أنه يعمل لصاحل الإمارات العربية المتحدة.
ليس هذا فحسب، بل كان راسيل أيضا قد التقى بالصحفي كون كافلين في صحيفة الديلي تليغراف وزوده بمعلومات كما رتب عدة لقاءات مشابهة مع مراسل البي بي سي بول آدمز، الذي وصف أحد هذه اللقاءات في رسالة إيميل بأنه كان "رائعا".
ويعمل مع مؤسسة كويلار في الخليج مدير نادي مانشستر سيتي لكرة القدم سايمون بيرس، وهو بريطاني كلف بتجميل صورة الإمارات في الخارج، بالإضافة إلى رئيسه في العمل رئيس نادي مانشستر سيتي خلدون المبارك، وهو العضو المنتدب لمؤسسة مبادلة، صندوق الاستثمار الضخم التابع لأبو ظبي والذي يقال بأنه يدفع لطوني بلير مليون جنيه استرليني سنويا.
كان بيرس سيعدا  بشكل خاص بسلسلة من المقالات التي كتبها غيليغان العام الماضي هاجم فيها قطر متهما إياها بالتواطؤ في عمليات جمع الأموال للإرهابيين. وكان قد أرسل رسائل بالإيميل إلى زملائه من كبار المسؤولين في الإمارات زاعما أن المقالات كانت "من ثمار جهودنا لتغيير المفاهيم في بريطانيا وتغيير قواعد اللعب" وواعدا  بأن "ثمة المزيد على الطريق". واستهدفت كويلار صحفيا آخر في الصنداى تليغراف هو روبرت مينديك الذي انبرى هو الآخر لكتابة مقالات تتهم قطر بالتورط في تمويل الإرهاب.
أرسل بيرس نسخا من رسائل الإيميل إلى أنور قرقش، وزير الخارجية في الإمارات، وإلى خالد بن محمد بن زايد، ابن ولي عهد أبو ظبي، الذي كان مكلفا برصد المنشقين الإماراتيين في مقر دائرة الأمن والمخابرات المخيفة، والمتهمة من قبل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس واتش بممارسة التعذيب ضد المعتقلين المتهمين بالانشقاق والمحتجزين لديها بدون محاكمة.
تسلمت ذي ميل أون صنداى سلسلة من رسائل الإيميل التي سربها أحد العاملين على وجه التحيذر والتنبيه لم يؤكد صحتها راسيل ولم ينفها، وقد جاء تحقيقنا بعد كشف ويكيليكس عن أن المملكة العربية السعودية حاولت الضغط سياسيا على المملكة المتحدة لتدعها تترأس مجلس حقوق الإنسان التابع للأممم المتحدة، وذلك بالرغم من سجلها في مجال الإعدام بقطع الرؤوس ومن خلال الصلب، وتأتي أيضا بعد الخلاف الذي نشب داخل الحكومة الأسبوع الماضي، والذي تمخض عنه إلغاء مايكيل غوف عقدا كانت المملكة المتحدة سترسل بموجبه خبراء بريطانيين لتدريب حراس السجون في المملكة العربية السعودية.




لا تسلم عمليات اللوبي (الضغط السياسي) أو ما يسمى أحيانا "استشارات" من النقد، ذلك لأنها أعمال ضبابية يتسنى من خلالها للأثرياء وللشركات وللدول شراء النفوذ داخل الحكومة وداخل وسائل الإعلام. وبعد فضيحة "المال مقابل السؤال" التي تفجرت في تسعينيات القرن الماضي – والتي كشفت النقاب عن أن أعضاء في البرلمان كانوا يتلقون مالا مقابل توجيه أسئلة نيابة عن عملائهم – شكل قطاع الأعمال في هذا المجال ما بات يعرف بجمعية المستشارين السياسيين المحترفين.
يقول العاملون في مجال اللوبي إن للجمعية "مبادئ موجهة للسلوك" يتوجب أن تكون دوما واضحة ودقيقة بشأن هويتك وهوية أي منظمة تمثلها، سواء بشكل مباشر أو على أساس استشاري. وينبغي على العاملين في هذا القطاع بناء على هذه المبادئ أن يلتزموا دوما بتقديم معلومات صحيحة وصادقة وأن يتحلوا بالنزاهة والأمانة فيما يقومون به.
عندما التقى كل من جيرارد راسيل والباحث في مؤسسة كويلار عباس بوبتاني، الذي كان يعمل من قبل في قسم العلاقات العامة داخل مؤسسة الصحة العامة، بصحفي الديلي تليغراف غيليغان في الرابع من آذار/ مارس من عام 2014، كان راسيل حينها يعمل منذ عامين على تنفيذ بنود العقد الإماراتي. وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها هذه الصحيفة  أن جيرارد ومؤسسة كويلار كانا في عام 2012 يمارسان الضغط السياسي على الحكومة لإلغاء حاجة مواطني الإمارات العربية المتحدة إلى الحصول على تأشيرة دخول إلى بريطانيا.
تنص قواعد جمعية المستشارين السياسيين المحترفين بأنه يتوجب على العاملين في مجال اللوبي (الضغط السياسي) تسجيل زبائنهم في سجل. وكانت كويلار قد أعلنت أنها تعمل مع وزارة الشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا قد يعني أن غيليغان كان يعرف بأن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت زبونا لدى كويلار. ولكنهم عندما التقوا، أكد له راسيل بأن اللقاء هذه المرة والمعلومات التي قدمها له أثناءه لم يكن للإمارات العربية أدنى علاقة به.
مباشرة بعد لقائه مع غيليغان، كتب راسيل إلى وزير الخارجية قرقش وإلى المسؤول السياسي في سفارة الإمارات في لندن محمد الحربي وإلى رئيسه البريطاني جون آيزينهامر، المشارك في تأسيس كويلار، يقول: “شرحنا له بأننا إذ نلقتي به لم نكن نفعل ذلك بالنيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الإمارات لم يكن لها أي علم بحصول هذا اللقاء.”
وأضاف: “أتوقع أننا سنرى شيئا منشورا نتيجة لهذا اللقاء فيما بعد … نحن نقترح أن نستمر في تطوير العلاقة مع غيليغان وأن نمرر له المواد بشكل منتظم.”
وكتب يقول إن غيليغان عمل لصالح عمدة لندن بوريس جونسون "مستشارا مدفعوع الأجر لشؤون ركوب الدراجات الهوائية". ومضى راسيل، وبمنتهي الغرابة، يقول إن ذلك "يمنحنا تأكيدا إضافيا على أنه لن يكتب أي شيء من شأنه أن يلحق الضرر بالإمارات". ويبدو أن هذه الإشارة ذات علاقة بزيارة قام بها  جونسون مؤخرا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وتحدث عنها لدى عودته بشكل إيجابي.
من ضمن المعلومات التي مررت لغيليغان خلال الاجتماع معه مواد تدعي وجود شخص متطرف داخل قطر، كما جرى خلال اللقاء التركيز على المعارضة الإماراتية، وبشكل خاص على أعضائها الذين يتخذون من لندن مقرا لنشاطاتهم  التي تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان في الإمارات.
ومن بين الذين أثاروا خنق الإمارات وغيظها شاب كان حينها في السابعة والعشرين من عمره يدعى روري دوناغي، والذي كان يحضر رسالة الماجستير في حقوق الإنسان في جامعة لندن، ثم ما لبث أن أسس المركز الإماراتي لحقوق الإنسان في لندن وكتب مدونة حول الانتهاكات التي تمارسها دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
يتفاخر راسيل في رسالة الإيميل التي بعث بها بأنه ضمن في الملف الذي سلمه لغيليغان "دليلا" يتعلق بدوناغي. ما لبث غيليغان بعدها أن نشر مقالا يزعم أن دوناغي له "ارتباطات" بالمتطرفين، الأمر الذي نفاه دوناغي بقوة.
ويشير راسيل في رسالة الإيميل إلى مدير  نادي مانشستر سيتي لكرة القدم بيرس، والذي كان مسؤولا عن تبييض سمعة الإمارات في الخارج من خلال عمله كمدير تنفيذي للاتصالات في سلطة الشؤون التنفيذية التابعة لإمارة أبو ظبي. كتب راسيل يقول: “أنوي موافاتك بمقترح يشرح كيف يمكننا أن نقوم بالمزيد من هذا النوع من العمل، وأن نبني في المستقبل على علاقاتنا مع الصحفيين الذين هم موضع ثقة لدينا. أظن أن سايمون بيرس قد يكون مهتما بمعرفة أننا عقدنا هذا اللقاء، فهل ترى أن أخبره الآن؟"
تقول رسالة الإيميل بوضوح إن بيرس كان مهتما جدا، وفي أيلول/ سبتمبر نشر غيليغان سلسلة من المقالات التي هاجم فيها قطر متهما إياها بأنها تمثل ملاذا آمنا للإرهابيين – وهي التهمة التي ينفيها القطريون بقوة. وما لبث مينديك أن تبنى الطرح ذاته في كتاباته.
وفي الصباح الذي ظهرت فيه أول مقالة حول هذا الموضوع، أرسل بيرس رسالة بالإيميل إلى مسؤول الأمن الإماراتي بن زايد وإلى وزير الخارجية قرقش، وضع في خانة عنوانها كلمة "دوي"، وجاء نصها على النحو التالي "صاحب السمو، الدكتور أنور، أعتقد أنكم بحاجة لأن تروا هذا – إنه أحدث ما أثمرته جهودنا – يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تغيير المفاهيم في المملكة المتحدة وتغيير قواعد اللعبة – ولدينا مزيد".
وكلما كتب غيليغان مقالا تمخض عنه رد فعل مشابه.
إلا أن بيرس كان في البداية أكثر حذرا في الخامس من مايو كتب راسيل إليه وإلى قرقش وإلى الحربي حول الإخوان المسلمين، حليف جماعة الإصلاح المعارضة في الإمارات، والتي تقول مجموعات حقوق الإنسان إنها تعرضت لقمع وحشي داخل البلاد.
قال راسيل إنه أراد أن يزود الصحفيين بمعلومات ومواد، مثل روجر بوييس من صحيفة التايمز، والذي بدا متعاطفا مع جماعة الإخوان المسلمين، يحذرهم من خلالها من أنها ليست جماعة معتدلة بل متطرفة وأنها يمكن على المدى البعيد أن تولد التطرف.
وتحدث راسيل في هذا الإيميل عن العلاقة الدافئة مع كافلين من صحيفة التليغراف، وهو ناقد لاذع لجماعة الإخوان المسلمين وهدف غير مقصود لمؤسسة كويلار، وقال: “نحن على تواصل مع كافلين ولكننا تجنبنا تناول موضوع الإمارات في حوارنا معه.”
يشير رد بيرس إلى أنه كان مرعوبا من العواقب المحتملة لتسرب أي معلومات حول جهود اللوبي (الضغط السياسي) التي تمارس نيابة عن الإمارات، وقال: “أخذا بعين الاعتبار ارتباط مؤسسة كويلار بسفارة الإمارات … ثمة مجازفة كبيرة في إجراء أي تواصل مع الآخرين سواء في السر أو في العلن. نحن أطراف معنية، وكافة العناصر متاحة لخلق انطباع بأننا نتدخل في الشأن المحلي للملكة المتحدة.”
في الواقع تصرح الوثيقة المسربة فعليا بأن "التدخل" في سياسة المملكة المتحدة هو بالضبط ما تهدف مؤسسة كويلار إلى تحقيقه، حيث تنص على "إنجاز" أهداف سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال "إستراتيجيات التواصل مع برلمان المملكة المتحدة ومع الصحافة وغير ذلك من الدوائر فيها".
إضافة إلى أنها تزود كافة أعضاء المجموعة البرلمانية الخاصة بالإمارات من كل الأحزاب بموظفين للقيام بأعمال السكرتاريا مجانا. وبموجب شروط العقد، فإنها تنظم رحلات مدفوعة الأجر بالكامل لمن يرغب من أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس اللوردات والصحفيين بزيارة الإمارات. في الواقع، ما أن أرسل بيرس رسالته بالإيميل في مايو حتى كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تحرز نجاحا مذهلا لسياستها.
يقول واحد من أهم اللاعبين الدبلوماسيين إن الضغط الدبلوماسي الذي مارسته الإمارات العربية المتحدة، والذي تناغم مع ضغوط مارستها المملكة العربية السعودية والنظام الدكتاتوري العسكري في مصر، هي التي أقنعت كاميرون بالإعلان عن إجراء "مراجعة" بشأن الإخوان المسلمين في الأول من نيسان/ إبريل من عام 2014.
ترأس هذه المراجعة سفير المملكة المتحدة لدى السعودية السير جون جينكينز. كانت هذه الخطوة مباغتة للحكومة البريطانية ومفاجئة لها، فقد تعاملت وزارة الخارجية على مدار عامين مع الإخوان المسلمين بوصفها "منظمة بإمكاننا أن نتفاهم معها" بل وأجرت محادثات مع زعامات فيها قبل أن يطيح بهم العسكر من السلطة في مصر.
ولكن، وبعد مرور ما يزيد عن عام عن الموعد الذي كان من المفروض أن تنشر فيه المراجعة، لا أثر لها على الإطلاق، وثمة من يرى أن ذلك يعود إلى إخفاق السير جون في إدانة جماعة الإخوان المسلمين بدعم الإرهاب كما كانت تتمنى دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول العربية.
لقد فاجأ السير جون الجميع حينما لم يتضمن تقريره توصية بحظر الجماعة داخل بريطانيا.
انتهت مدة العقد الموقع بين كويلار ودولة الإمارات العربية المتحدة في الأول من آب/ أغسطس. أما راسيل، فكان قد غادر المؤسسة في العام الماضي. واستقال اللورد تشادلينغتون من موقع الرئيس التنفيذي للشركة الأم لمؤسسة كويلار، واسمها هانتسويرث، بالرغم من احتفاظه بأسهمه فيها.

أصر راسيل الليلة الماضية أنه لم يكن مخادعا ولا مراوغا حينما أخبر غيليغان إنه لم يكن يعمل بالنيابة عن دولة الإمارات العربية المتحدة.
فهو لم يطلب تفويضا من الإمارات العربية المتحدة حتى يتواصل مع غيليغان ولم يخبر من كانوا يدفعون راتبه عن الاجتماع إلا بعد أن حصل. وقال: “لقد كنت أمينا صادقا.”
ونفي راسيل أن يكون قد أخل بمبادئ السلوك التي تشترطها جمعية المستشارين السياسيين المحترفين، وقال إن هذه المبادئ لا تنطبق على الاجتماعات التي يعقدها العاملون في اللوبي (الضغط السياسي) مع الصحفيين، وإنما تنطبق فقط على الاجتماعات التي يعقدونها مع المسؤولين والسياسيين. بالفعل، يمكن أن يكون هذا واحد من التفسيرات لضوابط جمعية المستشارين السياسيين المحترفين. إلا أن المدير الحالي لمؤسسة كويلار ألاسدير ماري، وهو صحفي سابق في صحيفة ذي ميل أون صنداي، يقول: “نتوقع من العاملين لدينا أن يلتزموا دائما وأبدا بالضوابط السلوكية لجمعية المستشارين السياسيين المحترفين. إن الادعاء بأن هذه الضوابط لا تنطبق على الاجتماعات التي تعقد مع الصحفيين إنما هو تفسير ضيق لا نتبناه هنا.”
حاولنا بالأمس الحصول على تصريحات من غيليغان واللورد تشادلينغتون وبيرس وقرقش، إلا أنهم جميعا رفضوا الإدلاء بأي تصريح.
ومع ذلك يستمر راسيل في احتلال موقع مرموق، فقد قام هذه السنة بالترتيب لسلسلة لقاءات جرت، وحضرها هو، بين بلير وزعيم حماس خالد مشعل في قطر.
كيف أمكن تحقيق ذلك؟ لا يقول راسيل في ذلك إلا ما يلي: “عليكم أن تسألوا طوني بلير.” إلا أن مكتب السيد بلير رفض التعليق بشيء على ذلك.
  





يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

إدمان المسلسلات متى يتحول اللولع بمتابعة الأعمال الدرامية



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

الخميس، 1 أكتوبر 2015

عن صحفي عاوز يقتل مليون مصري.. ارحمنا يارب





أول مرة أسمع اسم الصحافي المصري علاء حيدر، رئيس تحرير وكالة الأنباء المصرية الرسمية حاليا، كانت في أبريل/نيسان 2012، وصلتني منه، دون سابق معرفة، رسالة إلكترونية تضم بيانا صحافيا يرغب في نشره، حول رواية له بعنوان " سقوط مبارك ومن بعده المتأسلمين"، عرف نفسه في البيان باعتباره مدير تحرير وكالة أبناء الشرق الأوسط.
ركاكة البيان كانت واضحة جدا، لكني كنت متمرسا على تفهم ركاكة أسلوب كثير من الصحافيين في المؤسسات الحكومية المصرية، وتجاهلت الركاكة بعدما علمت أنه محرر في القسم الفرنسي في وكالة الأنباء المصرية الرسمية، وبالتالي فليس مهتما بالعربية، وإن كان وصوله إلى منصب مدير تحرير الوكالة أمر عجيب والحال كما ذكرت.
الرواية التي كان الكاتب يصر على أنها "كتاب"، ترصد بحسب البيان سالف الذكر "تسع شخصيات مؤيدة ومعارضة للرئيس السابق مبارك دخلت في غيبوبة طويلة إثر حادث مروري وقع قبل سقوط مبارك بأكثر من شهر لتستفيق هذه الشخصيات بعد فترة تراوحت بين 6 إلى 8 أشهر لتجد مبارك وولديه جمال وعلاء في قفص الاتهام فاعتقدت أن علاء وجمال يستعدان للعب مباراة في التنس بسبب ملابسهما الأنيقة ناصعة البياض المصممة وفقا لأحدث خطوط الموضة الفرنسية، فيما أعتقد البعض الآخر أن الأمر لا يزيد عن كونه إحدى حلقات برنامج الكاميرا الخفية على أساس أن المصريين لا يثورون أبدا على حكامهم منذ عهد جدهم الأكبر الفرعون خوفو".
ورغم ما في الأمر من مغالطات تنكر أن المصريين ثاروا كثيرا على حكامهم، ورغم الركاكة وعدم اقتناعي بما أورده الكاتب حول مبارك في روايته، خاصة وأنه من المعروف تماما أن الوصول إلى سدة مكتب باريس في الوكالة الرسمية لا يمكن إلا أن يكون بموافقات أمنية ومخابراتية، ورضا رأس النظام الذي حاول الكاتب اتهامه بالفساد "بمنتهى الحنية، في الرواية، إلا أن الأكثر وضوحا كان أن الرواية جزء من الحملة الجارية على قدم وساق لشيطنة الإسلاميين وتقديمهم باعتبارهم خطرا على الدولة، وهي الحملة التي كان المجلس العسكري الحاكم وقتها يديرها باقتدار.
حكى لي حيدر في مكالماتنا الهاتفية الكثيرة عن بعض مما كان يفعله في مكتب باريس، وأن مهام عمله كانت تقتصر في بعض الأحيان على تنظيم مواعيد "الهانم"، وهو اللقب الشائع عن سوزان مبارك، زوجة الرئيس السابق، وهو أمر لم يكن يخفى علي.
بعد عام وبضعة أشهر، وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2013، وبعد انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب، عاد علاء حيدر للتواصل معي، الأمر هذه المرة كان متعلقا بمشروع سينمائي يجهز له، كان وقتها يحاول الانتهاء من سيناريو فيلم عن الممثلة كاميليا (1919- 1950) التي ماتت في حادث طائرة مشكوك في تفاصيله حتى الأن.
قال لي إنه خلال عمله في مكتب الوكالة بباريس كانت له صلات بجهاز أمني فرنسي، وأنه اطلع على وثائق سرية حول كاميليا، واستخدمها في كتابة عمل فني سيقدم مفاجآت عنها. وأنه يفكر في تحويل العمل من فيلم إلى مسلسل تليفزيوني.
لاحقا أرسل لي الحلقات الأولى من المسلسل بالفعل، ولازالت كلها عندي، ثم بدأ في طلب مساعدتي على إيجاد منتج للعمل وترشيح أبطال مناسبين، كما ناقشني في ترشيح إيناس الدغيدي كمخرج.
الواقع أن السيناريو لم يكن عظيما، لكن خبرتي في هذا المجال تؤكد أنه ليست كل السيناريوهات التي تصل مرحلة الانتاج جيدة، وإن تحويل السيناريو المكتوب إلى عمل فني مهمة يقوم بها فريق عمل كبير.
للمناسبة، تابعت مؤخرا أن مسلسلا تليفزيونيا عن كاميليا يتم التجهيز له من بطولة غادة عادة وإخراج زوجها مجدي الهواري، لكني لم أجد عليه اسم حيدر، وإنما كتب أن مؤلفه هو الممثل محمود البزاوي.
لاحقا. وكنت وقتها لم أغادر مصر، عرفت بخبر اختيار علاء حيدر رئيسا لتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، لم أتعجب، فالوكالة ليست إلا دكانا صحافيا تديره المخابرات العامة والعسكرية وجهاز أمن الدولة (الأمن الوطني حاليا)، ودورها الأساسي ترويج النظام حتى ولو بالكذب أو الاختلاق، وبالتالي فالمهنية أو الصلاحية أمور لا قيمة لها في مقابل الثقة والانصياع للأوامر.
لم أستهجن أبدا، بعكس أخرين غيري، ما قاله حيدر مؤخرا في تصريحات مثيرة، أكد فيها أنه "لو كان محل عبد الفتاح السيسي في فض اعتصام ميدان رابعة العدوية الشهير، لقتل مليوناً من المعتصمين"، مبرراً ذلك بأنه ضرورة" حتى يعيش 90 مليون مصري في أمان".
كما لم تفاجئني خطيئته المعلوماتية حول عدد ضحايا فض اعتصام رابعة، حيث قال إن "النظام قتل 150 فقط في رابعة وليس ألفين كما يتردد"، رغم أن هذا النظام الذي يتحدث عنه نفسه قال رسميا إن العدد أضعاف ذلك.

إنها يا سادة الصيغة المتبعة في اختيار المسؤولين عن المنصات الإعلامية في مصر منذ عقود، المطلوب هو من ينفذ ولا يناقش، من ينقل لا من يكتب، من ينتظر البيان الرسمي ولا يسعى إلى تحري الحقيقة، وأظن علاء حيدر نموذج جيد لتطبيق هذا الواقع.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية