السبت، 27 ديسمبر 2014

أجور السعوديين وعجز الموازنة


 * سلامة عبد الحميد

عندما دشن المواطن السعودي محمد الجهني هاشتاج "الراتب ما يكفي الحاجة" منتصف عام 2013، لم يكن يدري أنه سيحدث كل هذا الجدل، ويفتح جرحا كبيرا يتم تجاهله في المملكة، التي كشفت مؤخرا عن عجز في موازنتها، يتزامن مع خسائر كبيرة جراء تدهور أسعار النفط عالميا.
وقتها، برر الجهني الهاشتاج بالبحث عن حلول، نافيا نيته فضح ضعف الأجور أو التفاوت الصارخ في الدخول بين السعوديين، لكن المغردون فجروا الكثير من القضايا لاحقا فيما يخص توزيع الدخل في المملكة، وأجبروا الحكومة على الحديث علنا عن نسب البطالة، ونيتها دراسة زيادة الحد الأدنى للأجور.
مرتب الجهني لم يتجاوز 3 ألاف ريال، يدفع منها ألف ريال قسطا للسيارة، ولا يملك بيتاً أو أرضاً، حسبما قال لوسائل إعلام سعودية، لكنه من خلال الهاشتاج، اكتشف أن حاله أفضل من كثيرين غيره من مواطني الدولة العربية الأغنى.







المثير في الأمر أن الموازنة السعودية تشير إلى أن مخصصات الرواتب والأجور تصل إلى 50 في المئة من إجمالي الإنفاق العام، بينما يتم الحديث عن نسبة بطالة تصل إلى 10 في المئة، ما يعني أن محاولات تخفيض نسبة البطالة المتفاقمة ستزيد من أعباء الموازنة، التي عرفت عجزا هذا العام لأول مرة منذ 6 سنوات.
لكن الجانب الأكثر غموضا في الأزمة، يبقى في تعامل الحكومة السعودية مع التفاوت الواسع في الأجور في البلاد، خاصة مع تواتر الحديث علنا عن وقائع فساد مالي في مشروعات ومؤسسات حكومية، كان أبرزها ما جرى الحديث عنه بعد غرق مدينة جدة بالسيول، رغم مخصصات مبالغ فيها للإنفاق على البنية التحتية.
ووفقا لأرقام رسمية يبلغ متوسط أجور الموظف الحكومي السعودي 6967 ريالا شهرياً (1857 دولارا)، ويبلغ متوسط أجور القطاع الخاص 4801 ريال شهرياً (1280 دولارا)، وبحسب تقارير مصلحة الإحصاء والمعلومات يتوزع 86 في المئة من دخل الأسرة السعودية على السكن والملبس والغذاء.


وليست السعودية وحدها التي يعاني مواطنوها البطالة، ففي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي كشف تقرير لمنظمة العمل العربية، عن تفاقم معدلات البطالة في العديد من الدول العربية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بفعل عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية إثر الثورات والاحتجاجات في المنطقة، حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل من 17 مليونا قبل 2011 إلى نحو 20 مليونا في 2013، ما يجعل معدل البطالة الإجمالي 17 في المئة مقابل 14.5في المئة قبل 2011.








يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

السبت، 20 ديسمبر 2014

يوسف وهبى مع ناهد جبر فى لقاء نادر جدا برنامج سينما القاهرة



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

برنامج سينما القاهرة مع عبد الحليم حافظ تقديم ناهد جبر عام 1971



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

سعاد حسنى مع ميرفت امين فى برنامج سينما القاهرة



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

سينما القاهرة فى منزل رشدى أباظة وسامية جمال



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

السبت، 13 ديسمبر 2014

بوليوود إلى مصر.. بعد قطيعة طويلة



عن العربي الجديد

ظلّ الترويج لمصر سياحياً عبر السينما شعاراً رسمياً وشعبياً مرفوعاً في البلاد على مدار عقود، لكنّ أحداً لم ينّفذه. 

بقي الشعار، بينما واصلت عشرات الأفلام العالمية الهرب، أو تجاهلت التصوير في مصر، بسبب معوقات إداريّة وجمركيّة وأمنيّة، يقف خلفها أشخاص يجهلون قيمة السينما الفنيةّ ومردودها السياحي والاقتصادي الكبيرين على البلاد. 

مؤخّراً، وبشكل مفاجئ، أُعلن في مصر عن استضافة فريق عمل فيلم هندي، ليتمّ تصوير جزء من أحداثه في مصر. الفيلم بعنوان "Love in Cairo" أو "حب في القاهرة"، وعقد للإعلان عن تصويره في مصر مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، بحضور مخرجه Javed Rehman Khan وأبطاله Ratan Apurv وPanchal Maheshbhai... 

لم يذكر البيان أيّ معلومة عن قصّة الفيلم، ولا الأماكن التي سيتمّ تصويره فيها، إلا أنّه ذكر أسماء أبطاله، وهي أسماء من الصفّ الثاني، فبطله الرئيسي راتان أبروف، شارك في فيلمين شهيرين، هما Jail عام 2009 وفيلم Luv U Soniyo عام 2012، لكنّه قدّم في كليهما دوراً ثانوياً. 

ولم يقدم المنتجون الكبار في العالم على التصوير في مصر لسنوات لأسباب كثيرة، معظمها له علاقة بالتدخلات الرسمية. وقصّة لجوء المخرج أنتوني منجيلا، مخرج الفيلم الشهير "المريض الإنجليزي"، الذي تدور أحداثه في صحراء مصر الغربية للتصوير في تونس خير دليل، وتعبّر عن الأمر بوضوح. 

شركات الإنتاج العربية فرّت إلى المغرب وتونس، حتى إنّ مدينة ورزازات المغربية توّجت بلقب "هوليوود أفريقيا"، وشهدت عبر عقود إقبالاً كبيراً من منتجين عالميين، حطوا رحالهم في رحابها، جاعلين منها المكان الأنسب لتصوير أحداث تدور في الصحراء والبيئة العربيين. 

وكانت وزارة الثقافة المصرية أعلنت مطلع يوليو/تموز الماضي أنّها ستسهّل إجراءات تصوير الأفلام الأميركية بعد سنوات، ما اعتبره كثيرون "تعنّتاً في منح تراخيص لتصوير أفلام أجنبية في البلاد"، لكنّ الوزارة لم تعلن عن الخطوات اللازمة لتنفيذ ذلك أبداً، واكتفت ببيان نشرته الصحف المصرية، وتداولته عنها وكالات الأنباء العالمية، فيما بدا نوعاً من الخداع من وزير الثقافة الحالي، ومعه فريق من السينمائيين، لمنتجي السينما العالمية. 

شهدت مصر تصوير عدد من كلاسيكيات السينما العالمية، أشهرها فيلم "الوصايا السبع" عام 1956 للمخرج الكبير سيسيل دي ميل، وأجزاء من فيلم "الجاسوس الذي أحبّني" أو The Spy who loved me عام 1977، وهو أحد أجزاء سلسلة أفلام "جيمس بوند" وقام ببطولته النجم روجر مور... 

الكثير من الأفلام العالمية الشهيرة صوّرت في المغرب والأردن وتونس بديلاً عن مصر، كما دخلت دول أخرى مؤخراً ضمنها الإمارات وقطر في قائمة البدائل، فقد شجّعت هاتان الدولتان الخليجيتان الصناعة السينمائية على أراضيهما. 

وبينما كان تركيز وزارة الثقافة المصرية على السينما الأميركية، خاصة في ظلّ التضييق على الأعمال التركية، التي أعلن عن مشروعات عدّة لها في السابق، لم تنفّذ بسبب الخلاف السياسي، إلا أنّ الفيلم الهندي يتمّ استضافته لأهداف سياحية بالأساس. 

ويقول الخبير السياحي المصري جمال حسن في بيان عن الفيلم الهندي وصل "العربي الجديد": "الفيلم يهدف إلى الترويج والتنشيط للسياحة المصرية في الهند وجميع الدول التي سيوزّع بها"، لكنّ المفاجأة أنّ الفيلم سيتمّ توزيعه وفق البيان ذاته، في تركيا، إضافة إلى دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة وكندا وجنوب أفريقيا واليابان وكوريا الجنوبية، وغيرها. 
وحاولت مصر عام 2004، ممثّلة في مدينة الإنتاج الإعلامي، استضافة مشروع سينمائي أميركي كبير بعنوان "كليوباترا"، لكنّ المشروع لم يظهر للنور أبداً، واقتصر على أخبار نشرتها الصحف مع صور مصاحبة لمنتج أميركي شهير زار القاهرة وقتها. 

وفي العام التالي مباشرة، صوّر مشهد من فيلم "سيريانا" Syriana في أحد شوارع القاهرة، وظهر فيه النجم جورج كلوني متجولاً بين العامّة، بينما صوّر جزء صغير من الجزء الثاني من سلسلة أفلام "المتحوّلون" في مصر عام 2009، وهو الجزء الذي أثار جدلاً سينمائياً واسعاً حول قبول الرقابة في مصر تصويره، حيث تقصف قوّات المارينز الأميركية أهرامات الجيزة بالقنابل في المشهد. 

وفي العام التالي، تمّ تصوير مشهد سريع من فيلم "لعبة عادلة" أو Fair Game بطولة ناعومي واتس وشون بين، كما أعلن النجم توم هانكس قبل أشهر عن اختياره مدينة الغردقة المصرية لتصوير مشاهد من فيلمه الجديد A Hologram for the King، لكن أحداً لم يعرف مصير تلك المشاهد وهل تمّ تصويرها من عدمه

عودة السينما العالمية إلى مصر، وإن من خلال فيلم هندي بأبطال مغمورين، يلفت النظر إلى قطيعة طويلة بين مصر وبوليوود، حيث غاب عرض الأفلام الهندية في دور العرض المصرية نحو 17 عاماً متتالية، انتهت فقط قبل عام بطرح الفيلم الهندي، "شيناي إكسبريس"، للمخرج روهيت شيتي، في دور العرض المصرية أوائل أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بالتزامن مع احتفال الهند بمرور مائة عام على عرض أول فيلم سينمائي هندي طويل عام 1913. 

وللسينما الهندية تاريخ باهر في الشارع المصري، الذي اعتاد مشاهدة الأفلام الهندية في العصر الذهبي لتلك السينما، خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، والجيل الأكبر سنّاً يذكر الأفلام الكلاسيكية مثل "سانجام" و"سوراج"، بينما يرتبط جيل الشباب أكثر بالنجم الشاب شاروخان، من خلال عرض أفلامه تليفزيونياً. 

وشهدت مصر أوائل عام 2010 عرضاً ناجحاً للفيلم الهندي الشهير "اسمي خان" للمخرج كاران جوهار، وبطولة النجم شاروخان، والذي حقّق إيرادات قدّرت بأكثر من مليون جنيه مصري، فيما يعدّ سابقة في تاريخ عرض الأفلام الأجنبية في مصر، لكنّ الفيلم عرض في مصر، باعتباره فيلماً أميركياً وليس فيلماً هندياً، كونه من إنتاج شركتي "فوكس ستار ستوديوز" و"فوكس سيرش لايت". 




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 1 ديسمبر 2014

سلامة عبد الحميد: رضوى عاشور.. رحيل القاهرية عاشقة غرناطة






عن العربي الجديد

"عند موت من نحب نكفِّنه. نلفه برحمة ونحفر في الأرض عميقاً. نبكي. نعرف أننا ندفنه لنمضي إلى مواصلة الحياة"، هكذا كتبت الروائية والناقدة والأكاديمية المصرية رضوى عاشور في روايتها البديعة "الطنطورية" الصادرة في القاهرة عام 2010.

فجر اليوم الاثنين، رحلت رضوى عاشور عن عمر 68 عاماً، تاركةًّ وراءها سيرة انسانية متميزة، وميراثا أدبياً يليق بها.

رحلت تاركة زوجها الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، وابنها الشاعر تميم البرغوثي، وآلافاً من الأصدقاء في أنحاء الأرض، وملايين القراء الذين يدركون الفارق بين الأدب الجيد، وذاك المتكلف أو المصطنع.

"لكل أمر تحت السماوات وقت، للولادة وقت، وللموت وقت، للغرس وقت ولخلع المغروس وقت"، هكذا كتبت رضوى في رائعتها الأدبية "ثلاثية_غرناطة". وفي "الطنطورية" كتبت "أمسى البكاء مبتذلا. ربما لأن الدموع صارت تستحي من نفسها.. لا مجال".

ولدت رضوى عاشور في القاهرة، في 26 مايو/أيار 1946، وهي قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية، يتميّز مشروعها الأدبي بتيمات التحرر الوطني والإنساني، وأعمالها الأدبية والنقدية منشورة بالعربية والإنكليزية، وقد ترجمت بعض أعمالها إلى الإنكليزية والإسبانية والإيطالية والإندونيسية.

وكانت الراحلة تكرر دوما: "أكتب لأنني أحب الكتابة، وأحب الكتابة لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا".

درست اللغة الإنكليزية في كلية الآداب في جامعة القاهرة، وبعد حصولها على شهادة الماجستير في الأدب المقارن، انتقلت إلى الولايات المتحدة حيث نالت شهادة الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس، بأطروحة حول الأدب الإفريقي الأميركي.

في العام 1977، نشرت رضوى عاشور أول أعمالها النقدية "الطريق إلى الخيمة الأخرى" حول التجربة الأدبية لغسان كنفاني. وفي العام 1978 صدر لها بالإنكليزية كتاب "جبران وبليك"، وهو دراسة نقدية شكلت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير سنة 1972.

أما في العام 1979، وفي ظل حكم الرئيس أنور السادات، تمّ منع زوجها الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي من الإقامة في مصر، ما أدى إلى تشتيت أسرتها.

أولى رواياتها كانت "أيام طالبة مصرية في أميركا" عام 1983، وأتبعتها بإصدار ثلاث روايات هي "حجر دافئ"، و"خديجة وسوسن" و"سراج"، وفي الأخيرة كتبت: "الأموات يحتاجوننا كما نحتاجهم، إن لم نوافهم بالسؤال يثقلهم الحزن و تركبهم الوحشـة"، كان الموت بالنسبة لها أمراً هاماً، عبرت عنه في رواياتها كثيرا، بقدر تعبيرها عن الحياة.

لكن تبقى أبرز ابداعاتها الأدبية روايتها التاريخية "ثلاثية غرناطة"، التي صدر الجزء الأول منها سنة 1994، والتي حازت بفضلها على جائزة أفضل كتاب لسنة 1994 في مصر.

في الثلاثية الشهيرة، كتبت رضوى: ما الخطأ في أن يتعلق الغريق بلوح خشب أو عود أو قشة؟ ما الجرم في أن يصنع لنفسه قنديلا مزججا وملونا لكي يتحمل عتمة أيامه؟ ما الخطيئة في أن يتطلع إلى يوم جديد آملا ومستبشرا؟

عملت الراحلة بين العامين 1990 و1993 كرئيسة لقسم اللغة الإنكليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس، ما شغلها بعض الشيء عن الكتابة، ونشرت بين الأعوام 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة، أبرزها رواية "الطنطورية" (2010) ومجموعة "تقارير السيدة راء" القصصية.

لكن مع بداية الألفية الثالثة، عادت للنقد الأدبي، إذ أصدرت مجموعة من الأعمال تتناول مجال النقد التطبيقي، وساهمت في موسوعة الكاتبة العربية  (2004)، وأشرفت على ترجمة الجزء التاسع من موسوعة كامبريدج في النقد الأدبي (2005).

في العام 2007 توجت بجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وأصدرت في العام 2008، ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لزوجها مريد البرغوتي بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى".
وظلت رضوى عاشور حتى وفاتها عضواً فاعلاً في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، واللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية، ومجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات، إضافة إلى عضويتها في مجموعة من اللجان التحكيمية المرتبطة بالمجالين الثقافي والأكاديمي بينها لجنة جائزة الدولة التشجيعية ولجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة.

أما آخر انتاجها الأدبي، فكان سيرتها الذاتية غير المكتملة بعنوان "أثقل من رضوى: مقاطع من سيرة ذاتية"، الصادرة عن دار الشروق في القاهرة في 2013، والتي روت فيها جوانب من حياتها الشخصية، وآرائها في الحياة والأشخاص والأحداث.

تقول رضوى الانسانة في سيرتها الذاتية: "هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دُمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا"، وتكتب الثائرة رضوى "كلما تضمّنت الثورة نقلة نوعية في تاريخ البلد أو في التاريخ البشري، كانت التعقيدات أكبر والشكوك حولها أعنف".
 


 

يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

سلامة عبد الحميد يكتب: صباح مصرية.. عاشت...عملت...تزوّجت وغنّت في القاهرة






عن العربي الجديد
كمواطن عربي، لم يعد يفجعني كثيراً الاستيقاظ على خبر وفاة أحدهم. أصبحت يومياتنا نحن العرب مليئة بالوفيات. لكن الاستيقاظ على خبر وفاة الشحرورة مفجع ومؤلم. - See more at: http://www.alaraby.co.uk/search?searchedtext=%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF&pagenumber=1#sthash.m8083ji2.dpuf


كمواطن عربي، لم يعد يفجعني كثيراً الاستيقاظ على خبر وفاة أحدهم. أصبحت يومياتنا نحن العرب مليئة بالوفيات. لكن الاستيقاظ على خبر وفاة الشحرورة مفجع ومؤلم.
كان الخبر مفجعاً، على الرغم من أنّي أدرك تماماً أنّ الموت حق على الجميع، لكنّ صباح تمثّل الملايين، وأنا واحد منهم. تمثّل رمزاً لحب الحياة والبقاء والتمتع بها.
أذكر في طفولتي الأولى جدلية طويلة بيني وبين أصدقائي حول الشحرورة. كان الجميع يؤكد أنّ صباح مطربة مصرية. وبعضهم يرجع شكلها المميز ولكنتها الغريبة بعض الشيء إلى أنّ مسقط رأسها هو مدينة الإسكندرية، ومنهم من أشار إلى أنّ أمها ليست مصرية. رفضوا جميعهم تقبّل روايتي التي تؤكّد أنّ "الصبوحة" لبنانيّة الجنسيّة، وقد جاءت إلى مصر كغيرها من الفنانات بحثاً عن الشهرة واحتراف الفن. حيث كانت القاهرة في ذلك الوقت، قبلة الفن العربي وهوليوود الشرق.
كما كنت أعدّد جنسيات الفنانين على مسامعهم علّهم يقتنعون، فاستشهدت بالفنانيْن السوريين فريد الأطرش وأسمهان، ووردة من الجنسيّة الجزائرية، وعزيزة جلال من المغرب، والشحرورة من لبنان. استطعت إقناعهم بكل جنسيات الفنانين باستثناء صباح. كانوا واثقين تماماً أنّها مصرية مثلهم، ولم يشككوا للحظة أنّها قادمة من بلد آخر. بعضهم كان يُعلّل بأغنيتها الشهيرة عن فريقيْ مصر الأشهر في كرة القدم، الأهلي والزمالك، لتأكيد نظريته بأنّها مصريّة الأصل، متسائلاً: "هل يمكن أن يغني مطرب غير مصري لقطبيْ الكرة المصرية بتلك الطريقة"؟
مع مرور الوقت، اكتشفت أنّ أغلبية المصريين يعتقدون أنّ الصبوحة مصرية. وليس هذا فقط، بل يرفضون بشكل قاطع القول إنّها لبنانيّة. ويعود السبب بذلك إلى اندماج صباح مع الشعب المصري، وعشق هذا الأخير لها، فأتى الإصرار على وصفها بالـ "المصرية الخالصة". هي نفسها لم تستغرب الأمر، ربّما حافظت في فترات من حياتها، بل كانت حريصة على أن تبدو مصرية، كما يرغب جمهورها المصري.
بعد تخرجي، تخصصت في الصحافة الفنية، ما أتاح لي مقابلة عدد كبير من الفنانين والنقاد. بعضهم كان قريباً من الشحرورة، عمل معها أو تربطه بها صداقة. وكنت دائماً أسأل عنها. كانت تبهرني تلك الشخصية بشكل كبير، لم يكن يعنيني أبداً الجدل المتواصل حول عمرها، ولا حول زيجاتها المتعددة، ولا رغبتها في الزواج من رجال يصغرونها سنّاً. كنت شغوفاًا بتلك الحالة الفنيّة غير المسبوقة، بتلك المرأة الجميلة الموهوبة، بتلك المسيرة الفنية التي لا تنتهي.
كان كل من يعرف الصبوحة عن قرب، يؤكد أنّها شخصية مشرقة مليئة بالحيوية، لا تتأثّر بتقدّم العمر، ولا خيبات الأمل الكثيرة، ولا الظروف المحيطة. كانت دائماً قوية قادرة على تحدي كل الصعاب. تسقط أو تتعثر، فتقوم مجدّداً بحثاً عن فرصة أخرى للنجاح. كانت العيون تلمع كلما تحدث أحد المقربين منها عن مواقف خاصة بها، وكانت رغبتي في الاقتراب منها تزداد مع ازدياد القصص التي أعرفها. شغلتني لفترة فكرة "مصريتها". إذ عاشت في مصر أكثر مما عاشت في لبنان. عملت في مصر أكثر مما عملت في لبنان، وكانت معظم زيجاتها مصريّة. كان هاجس حبها لمصر أكثر من لبنان يطاردني، لكني طرحته بعيداً عن مخيلتي، إذ يبقى الشخص مديناً لمسقط رأسه بالوفاء، حتى وإن لم يعش فيه يوماً.
بات يشغلني لاحقاً حب الجمهور المصري لها، أقترح أسباباً، وأناقش أطروحات ونظريات لتفسير هذا الحب، بعد محاولات عدة، قرّرت أن أشغل نفسي بعملها عوضاً عن البحث عن تبريرات أو أسباب لحب المصريين لها.


كتبت مرات عدة عن صباح من جوانب متعددة، وكلما زادت كتاباتي، كنت أكتشف أنّ تلك الفنانة الكبيرة لم تحصل على ما تستحقه بعد، وأن انشغال البعض بزيجاتها وغيابها عن الساحة، ثم عودتها المفاجئة المتكررة، ولاحقاً أخبار مرضها ووفاتها التي كانت شائعة شبه أسبوعية، كل تلك الأمور شغلت كثيرين عن رصد مسيرة حياة فنانة متميزة، قدّمت للفن أكثر مما قدم غيرها. امراة أعطت الأمل لكثيرين، أنّ الحياة تستمر طالما بقيت الأنفاس ودقات القلوب مستمرة.
كان استمرار قدرة صباح على النجاح في عصر فني يضم عمالقة مثل شادية ووردة ونجاة، وأم كلثوم، أمراً بالنسبة لي غير عادي. كيف قاومت ووصلت وحافظت على مكانتها بين هؤلاء؟ كيف تجاوزت المؤامرات والمشكلات التي قضت على مسيرة فنانين كثيرين؟ كيف استطاعت أن تعبر باب النجومية الذي كان يحتله كل هؤلاء؟
آخر مرة شاهدت الشحرورة، قبل نحو ثلاثة أعوام، كانت ضيفة شرف حفل اختتام مهرجان أوسكار الأغنية المصرية، في قاعة الفندق القاهري المتسعة. كانت الصبوحة قبلة الحفل كله. لا أنسى أبداً ملابسها الحمراء الزاهية، ولا خفّة ظلّها وابتساماتها التي وزّعتها على جميع الحضور. في تلك الليلة التي كانت فيها نجمة فوق العادة، طلبت منها بإلحاح أن تغني لنا. كان منظمو الحفل حرصاء على ألاّ تستجيب. ربّما حرصاً عليها، وعلى صورتها الراسخة في الأذهان، خصوصاً وأنّ مئات الكاميرات وعشرات القنوات الفضائية كانت في المكان في شرف استقبال الصبوحة. إلاّ أنّ كبر سنّها لم يخزلنا، فجأة استجابت للطلب، قرّرت أن تغني، واختفت بقبولها كل الأصوات الرافضة للفكرة، وتكرر استحسان الحاضرين، وتلهفهم لسماعها. وفجأة انطلق صوتها العذب مردداً "ع البساطة البساطة، يا عيني ع البساطة". كانت تحفظ الأغنية جيداً، وتعي تفاصيل ما تفعله تماماً، تكرّر ألفاظاً بعينها، وتشدد على كلمات بعينها، وتبدي دلعاً وغنجاً في كوبليهات محددة، كانت في لحظة وجد وتركيز. هذه هي الصبوحة التي اعتاد على سماعها ورؤية أناقتها وغنجها الجميع، لم تتغيّر.
قالت بعد أن انتهت من الغناء، وبعدما هدأت عاصفة التصفيق "شكرا لكم، كنت عاوزة أغني فعلاً، سعيدة إنكم استمتعتم".
كدت أبكي فرحاً، تلك الفنانة العظيمة تشكرنا لأنّنا استمتعنا بغناءها الجميل، وتتمنى لو أنّنا كنا مستمتعين بغناءها، مثلما استمتعت هي بالغناء لنا. من هذه الشخصية؟ كيف استطاعت على الرغم من كلّ ما مرّت به، أن تحافظ على هذا النقاء الانساني النادر. إنّها حالة خاصة في الحياة، بل إنّها الحياة.. عاشت الصبوحة.. عاشت.

كمواطن عربي، لم يعد يفجعني كثيراً الاستيقاظ على خبر وفاة أحدهم. أصبحت يومياتنا نحن العرب مليئة بالوفيات. لكن الاستيقاظ على خبر وفاة الشحرورة مفجع ومؤلم. - See more at: http://www.alaraby.co.uk/search?searchedtext=%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF&pagenumber=1#sthash.m8083ji2.dpuf






 



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الأحد، 30 نوفمبر 2014

سلامة عبد الحميد: عبد المجيد محمود.. عراب براءة مبارك ورجاله








في ميدان التحرير، وفي ظلّ الثورة المحتدمة خلال الأيام الأخيرة من شهر يناير/كانون الثاني 2011، رفع الثوار في الميدان لافتات ضمنوها مطالبهم وصور شخصيات طالبوا بعزلها من مناصبها، ثمّ محاكمتها. كان الرئيس المخلوع حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، ورئيس وزرائه أحمد نظيف، وأمين التنظيم في الحزب الوطني الحاكم حينها، أحمد عز، أبرز هؤلاء. كما كان للمستشار عبد المجيد محمود (68 عاما)، النائب العام آنذاك، مكانة بارزة بين هؤلاء الذين يطالب الثوار بإقالتهم ثم محاكمتهم.
في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، تنحّى مبارك عن الحكم، ولاحقاً تمّ عزل رموز حكمه، الذين اتهموا بالفساد والقتل، وتمّ القبض على العادلي وعز وآخرين، لكن محمود بقي في منصبه لنحو عامين، على الرغم من تغير الحكومات والأوضاع السياسية في البلاد.

وفي نهاية عام 2012، قرر الرئيس المعزول محمد مرسي إبعاد محمود عن منصبه. كان الشارع المصري ملتهباً بعد حكم صادر في أكتوبر/تشرين الأول 2012، قضى ببراءة المتهمين في موقعة الجمل، وبينهم فتحي سرور وصفوت الشريف، ما أدّى إلى إصدار قرار رئاسي بتعيين محمود، سفيراً لمصر في الفاتيكان، ما يعني إقالته ضمنياً.
استشاط كثيرون غضباً وانطلقت تظاهرات، بدت وكأنّها مدبّرة ضدّ القرار، لم يكن المشاركون فيها يرغبون جدياً، وفق وجهة النظر السائدة حينها، ببقاء محمود. اعتبر كثيرون الأمر استمراراً لهجوم متواصل على مرسي وقراراته، حتّى ولو كان القرار أحد مطالب الثورة التي اتُهم حينها بخيانتها. لاحقاً، تكشّفت الحقائق. لم يكن الهجوم على مرسي، بسبب عزل محمود اعتباطياً، ولم يكن بقاؤه في منصبه تحدياً لمرسي فقط، وإنما للثورة التي جاءت به، ولدماء الشهداء الذين سقطوا فيها، ولتفصيل قضايا فاسدة للمتهمين بقتلهم، فضلاً عن تهم كثيرة أخرى، بينها إفساد الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة في مصر، على مدار عقود.
تفجّرت الأزمة بقوة، أمس السبت، مع اعتماد رئيس محكمة جنايات القاهرة، القاضي محمود كامل الرشيدي، في حكمه ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، على قرار صادر عن النائب العام السابق (محمود) في 23 مارس/آذار 2011. ويفيد القرار المذكور بأنّه "لا وجه لإقامة دعوة جنائيّة تجاه مبارك"، وبالتالي قرر القاضي "عدم جواز نظر الدعوى الجنائيّة المقامة ضدّه، لسبق صدور الأمر الضمني".
يعيد نصّ الحكم ومسوّغاته محمود مجدداً إلى دائرة الضوء، وتعيد كلّ ما كان يثار ضدّه وضد الفريق أحمد شفيق، أول رئيس وزراء بعد مبارك، الذي أصرّ على بقاء محمود في منصبه. ولم يضع الأخير مبارك على لائحة الاتهام الأولى المقدّمة للمحكمة، والتي ضمت العادلي ومساعديه، بل ضمّه للدعوى بعد قرار الإحالة بشهرين، ودفعت هذه الثغرة القاضي للحكم بعدم جواز نظر الدعوى باتهام مبارك بقتل المتظاهرين.
ويُعتبر محمود المسؤول الأول عن إعداد ملف القضيّة، وتجاهله  الكثير من المستندات والأدلة التي تدين المتهمين، واستدعاء شهود النفي واستبعاد شهود الإثبات، ما يجعله المسؤول الأول والأخير عن القضيّة، التي وصلت إلى القاضي مفكّكة، ما أتاح له الحكم فيها بالبراءة.

والمثير في قصة محمود، عودته إلى منصبه السابق كنائب عام بعد نحو ستة أشهر فقط من عزل مرسي له، وذلك بعد حصوله على حكم قضائي من دائرة طلبات رجال القضاء في محكمة استئناف القاهرة، أيّدته لاحقاً محكمة النقض في 2 يوليو/تموز 2013، ليصبح باتاً ونهائياً، لكنّه آثر ترك منصبه كنائب عام، والعودة إلى منصّة القضاء بعد أسبوع واحد على صدور الحكم.
ومنذ وقوع الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، اختفى محمود تقريباً من الحياة العامة، ليكمل مهمّته بنجاح خلال فترة عمله بعد الثورة، وليتفرّغ مع زميله ورفيق دربه رئيس نادي قضاة مصر، أحمد الزند، للإعداد للانقلاب، في وقت ترك فيه النيابة والقضاء، الكثير من الأعوان الذين استفادوا منه سابقاً، وقاموا برد الجميل له لاحقاً، بإكمال ما بدأه.

وفي العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، وافق مجلس القضاء الأعلى، على إعارة محمود إلى دولة الإمارات، للعمل كمستشار في محكمة النقض في إمارة أبوظبي، والتي تُعدّ أعلى مؤسسّة قضائيّة هناك.
وعلى مدى السنوات الثلاث التالية لسقوط مبارك، واجه محمود اتهامات عدة، بينها التواطؤ، وإخفاء أدلة في قضايا قتل وإصابة المتظاهرين، وتعمّد عدم فتح التحقيقات في المئات من البلاغات التي قُدّمت ضدّ رموز الفساد، والتراخي في التحقيقات ضدّ المتهمين من أعوان نظام مبارك".
وكان محمود هو من أصدر قرار تنفيذ سجن مبارك الاحتياطي، داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي، في 13 أبريل/نيسان 2011، وإيداعه إحدى المستشفيات التابعة للقوات المسلحة، بزعم عدم جهوزيّة مستشفى سجن طرة لاستقبال حالته.
يُذكر أن محمود، المولود عام 1946، تخرّج من كليّة الحقوق في جامعة القاهرة عام 1967، وتولى منصب المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا قبل توليه منصب النائب العام منذ عام 2006 وحتى عام 2012.
 



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

السبت، 29 نوفمبر 2014

سلامة عبد الحميد: عن العرب والرقص



عن العربي الجديد



مع فورة الإعلام والفضائيات والبحث عن الأرباح، بات الرقص قاسماً مشتركاً في كل برامج اكتشاف المواهب الفنية، خصوصاً الغنائية. وظلّت أصوات المتسابقين تحاول جاهدة منافسة الراقصات والراقصين الذين يظهرون في خلفية المسرح، ترفيهاً عن الجمهور. ثمّ اكتشفت الفضائيات مؤخّراً أنّ الراقصات في الخلفية يشغلن الجمهور ويلفتن الانتباه أكثر من المواهب التي تحاول تقديم نفسها، فتحولت إلى الاهتمام بالرقص نفسه، وتقديمه كموهبة، والعمل على تنظيم مسابقات خاصة.
في برنامج "أراب غوت تالنت" الذي تنتجه وتعرضه محطة "أم بي سي" السعودية، بات الرقص جزءاً من المسابقات، وأصبحت المنافسة في الرقص هدفاً لكثير من المشتركين. ولاحقاً، قرّرت محطة "أم تي في" اللبنانية خوض التجربة، فأنتجت وعرضت برنامجاً بعنوان "رقص المشاهير". والجدير بالذكر أنّ البرنامجين المذكورين تمّ تقليدهما عن النسخة الأجنبيّة.
لكن العام الحالي شهد التحول الأبرز والأهم، فقناة "القاهرة والناس" المصرية قرّرت التحدي ببرنامج اسمه "الراقصة"، يستغل اسم وشهرة الراقصة المصرية دينا في تحقيق مكاسب وجماهيرية. إلا أن البرنامج قوبل بعاصفة من الرفض والانتقاد، جعلت القناة تتوقف عن عرضه مؤقتاً، خصوصاً أنّ البعض استغله سياسياً لاتهام النظام الجديد في البلاد بالدعوة إلى الانحلال.
بينما في لبنان قرّرت محطة "أم تي في" تكرار التجربة بعد نجاح "رقص المشاهير" في موسميْن سابقيْن، لتقدّم هذا العام برنامج المسابقات "يلا نرقص" المنقول عن برنامج الرقص العالمي الشهير So You Think You Can Dance.
وبحسب البرنامج، "فإن كنتم تظنّون أنّ العرب لا يجيدون الرقص، فبرنامج (يلا نرقص) كسر المحظور، وأظهر مواهب استثنائية، ومستوى عاليا لراقصين قادرين بسهولة على المنافسة عالمياً".
الشهرة الواسعة التي حققتها كل من الراقصات اللامعات، سامية جمال وتحية كاريوكا ونجوى فؤاد وسهير زكي وزيزي مصطفى، ولاحقاً فيفي عبده ودينا ولوسي وغيرهنّ، وصولاً إلى الراقصة صافيناز، تجعل من الرقص الشرقي قضية لا يمكن تجاهلها في المجتمعات العربية. بل إنّ اهتمام العالم به، وامتهان كثيرات من دول أجنبية له، يؤكد أنّ الرقص ليس شيئاً هامشياً على الإطلاق، بل هو فن احترافي.
ظهور الرقص مبكراً في كل حضارات العالم من دون استثناء، ورسوم فرعونية على جدران المعابد الباقية التي ضمّت رقصات مختلفة، دليل على أنّه فن قديم. لكن الرقص في الحضارات القديمة كان جزءاً من طقوس دينية يقوم بها رهبان وراهبات نذرن أنفسهنّ للإله، قبل أن يتحول لاحقاً، بضعف سيطرة سدنة الآلهة على المجتمعات، إلى وسيلة للمتعة في بلاطات الحكام، ومواخير البسطاء.
يبقى التناقض اليوم قائماً لدى الكثير من العرب، الذين يسهرون أمام شاشات الفضائيات، أو يدفعون المال للسفر إلى بلدان غربية قاصدين المسارح والكباريهات للاستمتاع بالرقص الشرقي والغربي، فإذا ما عادوا إلى بلادهم ردّدوا جملاً مطاطية مكرّرة حول وقاحة المرأة التي ترقص وتجاوزها للأداب والأعراف.
 



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الخميس، 20 نوفمبر 2014

سلامة عبد الحميد: محمد محمود... شارع الثورة والجرافيتي.. والشرطة








عن: العربي الجديد

يقبع الشارع في طرف "ميدان التحرير" بوسط القاهرة، ويصل بين شارع القصر العيني الشهير وحي عابدين التاريخي، ويعد أحد أهم محاور المرور في وسط العاصمة، على مدخله من ميدان التحرير يقبع مبنى الجامعة الأميركية وفي منتصفه مكتبتها العتيدة، وهناك في طرفه الثاني مقر وزارة الداخلية، معقل الشرطة العتيد، وأحد مقاصد المشاركين في ثورة يناير 2011 الرئيسية.
يزيد طول الشارع قليلا عن كيلو متر واحد، لكنه شهد أحداثا عدة خلال الثورة المصرية، حيث كان دوما ممرا لهجوم الشرطة على الثوار في الميدان، بل وهجوم من يعرفون بـ"المواطنين الشرفاء"، ومعظمهم تابع للشرطة أو يعمل معها.
 لكن شهرته باتت عالمية، بعد أحداث دامية جرت فيه بدءا من 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، راح فيها عشرات المصريين، ويحتفل بها الأن قلة ممن شاركوا فيها، وسط رفض رسمي كامل، وتهديدات باعتقال من يشارك.
شاهد العالم كله خلال أحداث 2011 قمعا غير مسبوق للثورة المصرية ومن شاركوا فيها، على يد الشرطة والجيش الذي كان يحكم البلاد وقتها ويدعي أنه صديق الثورة وحاميها، بينما كانت الأحداث بمثابة الحد الفاصل مع الثوار الذين باتوا يرددون علنا بعدها هتافهم الأشهر "يسقط حكم العسكر". كثير من المصريين لا يعرف الشخص الذي يُعرف الشارع باسمه، ولا تاريخه، ولا سر بقاء اسمه على الشارع، رغم تغير أسماء معظم شوارع وسط القاهرة بمرور السنين.
أُطلق الاسم على الشارع نسبة لاسم السياسي المصري الراحل محمد محمود باشا (1877- 1941) الذي تولى رئاسة الوزارة في مصر مرتين، والرجل ينتمي إلى أسرة سياسية حيث كان أبوه محمود باشا سليمان وكيل مجلس شوري القوانين وأحد كبار ملاك الأراضي الزراعية في صعيد مصر، وورث عنه ابنه 1600 فدان. وكان محمد محمود أحد أقطاب الجبهة التي مثلت مصر في مفاوضات 1936 التي انتهت بتوقيع معاهدة جلاء الإنجليز عن مصر، وعين رئيساً للوزراء أول مرة في عهد الملك فؤاد الأول منتصف 1928 وحتى أواخر 1929 بصفته رئيس حزب الدستوريين الأحرار.
وتؤكد المراجع التاريخية أن الرجل كان الوحيد الذي امتلك جرأة تعطيل الدستور، ويعلن الحكم بيد من حديد ليلغي الأوضاع التي نجمت عن الحكم الحزبي، وجمعت خطب ألقاها في كتاب بعنوان "اليد القوية" نضح منه أنه لا يحبذ الحكم الدستوري، رغم كونه رئيس حزب اسمه "الدستوريين الأحرار".
بعد أن أصبحت مصر مملكة مستقلة عين محمد محمود باشا مرة أخرى رئيسا للوزارة في الفترة من نهاية 1937 حتى أغسطس/ آب 1939، واحتفظ خلالها بمنصب وزير الداخلية، وبدأت الوزارة أعمالها بحل البرلمان الوفدي، وزيادة صلاحيات جهاز الشرطة وإطلاق يده في البلاد لاعتقال ومطاردة المعارضين.
ومن أهم أعمال مجلس الوزراء خلال تلك الفترة إنشاء وظيفة مفتش عام الجيش المصرى، وصدر مرسوم بتعيين عزيز باشا المصري مفتشا عاما للجيش.
ولأن مصر بعد التخلص من الملكية في 1952 حكمها الجيش، واستخدم الشرطة لتدعيم حكمه وحماية مصالحه، فإن اسم محمد محمود باشا كان لائقا تماما بالشارع الذي يضم مقر وزارة الشرطة المصرية، وربما كان هذا سر عدم تغيير اسم الشارع حتى الأن، وربما كان أيضا سر الهياج الشديد الذي كان يصيب الشرطة والجيش من تمركز الثوار في الشارع وهتافاتهم التي تملأ جنباته، ورسوم الجرافيتي التي تزين حوائطه.
كانت قوات الشرطة والجيش تطارد الثوار في شارع محمد محمود وكأنهم مجرمون، بينما الحقيقة أن العسكريين الذين يركبون المركبات المصفحة والمدرعات، ويطلقون الرصاص والخرطوش وقنابل الغاز، هم من يستحقون المطاردة والمحاكمة على جرائم ارتكبوها في حق البلاد، وجرائم لازالو يرتكبونها في حق العباد.
ظل الشارع بعد تلك الأحداث مزارا للمصريين والأجانب، ومَعلَما على أيام ثورة كانت تتوارى، انطلقت منه عشرات التظاهرات، ونظمت فيه عشرات الوقفات، وتغيرت رسوم "الجرافيتي" على حوائطه عدة مرات، إما لأن النظام الحاكم كان يزيلها، كونها تعبر عن اجرامه وتذكره بضحاياه، وإما لتغييرها لتضم مجرمين جدد، أو متورطين أخرين.
ظل شارع محمد محمود مصدر إزعاج شديد للمجلس العسكري الذي حكم البلاد خلفا للرئيس السابق حسني مبارك، وبنفس طريقته، كما تحول في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى مصدر هجوم رئيسي على جماعة الإخوان، وحمل اسمه أشهر جمل اتهامهم بالتخلي عن الثورة "باعونا في محمد محمود"، وفي ذكرى الأحداث في عهد مرسي رفع المشاركون لافتة على مدخله كُتب عليها "ممنوع دخول الإخوان"، عقابا لهم على اعتماد رواية وزارة الداخلية وقتها وتكذيب روايات الثوار.
يبقى شارع محمود محمود، والأحداث التي جرت فيه، نموذجا على ثورة لم يحمها من قاموا بها، وانقلب عليها من يفترض بهم حمايتها، ودليلا على أن المزيد من الدماء ستهدر، وأن مزيدا من العيون سينطفأ نورها في سبيل الحرية

 




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

السبت، 15 نوفمبر 2014

سلامة عبد الحميد يكتب: عن مصر العجيبة



في مصر العجيبة، يحدثنا إعلام الجيش والشرطة عن ضرورة الوقوف خلف الأجهزة الأمنية التي تحمي البلاد، ويكذبون بترديد أن الثقة بين الشرطة والشعب عادت وأن الشعب بات يثق في قيادته العسكرية أكثر من كل من حكموه سابقا. فيضرب الجيش والشرطة بعضهما في حي محرم بيك بمدينة الإسكندرية، وتحاصر قوات البحرية والشرطة العسكرية قسم شرطة وتغلقه على من فيه.
في مصر العجيبة، يحدثوننا عن قدرات جيشنا الخارقة ومناوراته العظيمة وتدريبه المتطور، وأسره قائد الأسطول الأميركي السادس، ووفقا لأحد إعلاميي الجيش. فتُضرب لنشاته العسكرية من مراكب صيد صغيرة بالقرب من دمياط، يسميها المصريون "بلنصات"، قبل أن تفر هاربة ولا يتم معرفة الجناة. ثم يتم كالعادة القبض على صيادين فقراء كانوا بالقرب من موقع الحادث حتى يمكن "تقفيل" القضية الفضيحة.
وفي مصر العجيبة، يصدعوننا بالبلاد التي باتت في أحسن حال واستعادت قدراتها الاقتصادية. بينما هي تشحت من طوب الأرض، وتعيش على معونات خليجية، وتوقع اتفاقيات مع اليونان المفلسة، أو بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية، ودول أخرى لا يعرف عنها المصريون شيئا.
في مصر العجيبة، الإعلام كله يعزف نغمة واحدة وحيدة، ألفها عسكري جاهل، فيها من النشاز ما فيها، حتى أصبحنا "مسخرة"، وبات العالم يقرأ عن عكاشة ولميس وموسى أكثر مما يقرأ عن السيسي نفسه.
في مصر العجيبة، يحدثوننا عن استعادة البلاد لدورها الريادي في المنطقة. بينما هي تدعم فصيلا في ليبيا وتساهم في قصف معسكرات عدوه جويا، فينتقم منها الفصيل الثاني بتفجير عند سفارتها، ومعاقبة عشرات الألاف من العاملين المصريين هناك.
في مصر العجيبة، يحدثوننا عن القرار المستقل وأننا كسرنا مناخير أوباما و"منيمين" أميركا من المغرب، وأن إسرائيل باتت تحسب لنا مليون حساب. بينما يتم تهجير أهلنا في سيناء من منازلهم وإفراغ الشريط الحدودي من سكانه الذين يعتبرون خط الدفاع الأول، من أجل عيون إسرائيل وحماية أمنها ومصالحها.
في مصر العجيبة، يقتل الجنود في ماسبيرو المتظاهرين المسيحيين، ويطالب التليفزيون الشعب بضرورة التصدي لهم وحماية الجيش، المفترض أنه موجود لحماية الشعب، ثم تجد المسيحيين يتحالفون مع الجيش، الذي قتلهم، ويقفون خلفه للإطاحة بالإسلاميين الذين جاءوا بانتخابات مباشرة قال العالم إنها نزيهة، وإن كان فيها مخالفات فإن الجيش أيضا هو المسؤول عنها باعتباره كان يحكم البلاد وقتها.
ثم في مصر العجيبة، يقتل الجنود في رفح 1 وفي رفح 2 وفي الفرافرة وفي كرم القواديس، ولا أحد يعرف من قتلهم، ولا إلى متى يستمر نزيف الجنود ولا إلى متى يتمكن الجيش من حماية جنوده قبل أن يتفرغ لمهمته الأساسية في حماية البلاد ومن فيها.
في مصر العجيبة، يحدثنا وزير عن تدفق سياحي، بينما الفنادق خاوية على عروشها، والجيش في الشوارع والشرطة تنكل بالمواطنين، والتظاهرات لا تتوقف، والمعتقلات مكتظة بأصحاب الرأي من كل التيارات، ومنظمات دولية كثيرة تنتقد وتهاجم النظام القمعي الجاهل الفاشي.
في مصر العجيبة، تظل ميزانية الجيش سرا، ولا يسمح لأحد بمناقشتها، ثم يسيطر الجيش على نحو نصف مقدرات البلاد الاقتصادية، ويتولى المشروعات التنموية بالأمر المباشر، ثم يجمع قائد الجيش المنقلب على رئيس منتخب أموال من الشعب الفقير لإنجاز مشروع جديد يرى أنه القشة التي قد تنقذه من مصيره المحتوم.
في مصر العجيبة، يكررون على أسماع الشعب الجاهل الفقير ليل نهار أن حاله أحسن من حال أهل سوريا والعراق، رغم أن الأشهر الأخيرة تشهد تصاعدا ملحوظا في أحداث العنف، ويشهد تحول الكثير من الأشخاص إلى حالة أقرب إلى اليأس الذي يدفع الأشخاص إلى الجنون، والجنون هو ما تنتظره بلادنا لتصل إلى الدرك الأسفل، الذي يبدو للأسف، ألا مناص من الوصول إليه.
لا أدري إن كانت تلك مصر العجيبة، أم مصر العبيطة، لكن الواضح أن الأيام القادمة أكثر سوءا وأكثر قتامة، أو بالفعل "أيام سودة".



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

سلامة عبد الحميد يكتب: إديني عقلك








الحفاظ على العقل في هذا الزمن يحتاج قوة وثباتا، كلنا يحاول أن يحافظ على عقله، لكن بعضنا لا يستطيع.
تقوم في مصر ثورة على حكم عسكري استمر 60 عاما، يشارك فيها مئات آلاف المواطنين، بينما الملايين تلعنها وتلعن المشاركين فيها وتعتبرهم خونة وعملاء، يغادر الرئيس الحكم، فيهتف الملايين للثورة الطاهرة والثوار الأبطال.
ينتخب الشعب رئيسا مدنيا لأول مرة، لا يحقق الرئيس ما ينتظره الشارع، محملا بأعباء وحسابات، ومحاطا بعملاء ومؤامرات. يشارك ملايين في ثورة مضادة ويعيدون حكم العسكر، الحكم العسكري الجديد يقرر أن يعاقب الجميع حتى لا يتجرأ أحد على الثورة مجددا.. لا تتعجب.
في الجوار، تحاول السعودية إقناع العالم أنها دولة ديمقراطية، ترفض الاتهامات بالرجعية، البلاد بلا دستور، ولا يوجد قانون حقيقي وإنما محاكم أقرب إلى المجالس العرفية. في السنوات الأخيرة ظهرت نصوص قانونية لكن يظل تطبيقها قاصرا، ما زالت القيود على عمل المرأة قائمة، معظم من يتم إرسالهم للتعلم في الخارج لا يعودون، ترفض الدولة الأغنى عربيا حتى الآن أن تقود المرأة سيارتها بنفسها.. لا تتعجب.
يقصف الجيش الإسرائيلي غزة لمدة تقارب الشهرين، يقتل ويصيب الآلاف، لا يتحرك العالم، لا أحد يشجب ولا يندد حتى، الكل يمنح الفرصة للإجهاز على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لا يهم تدمير غزة، المهم أن تنتهي "حماس".
تثبت حماس أنها أقوى، تقاوم وتضرب العدو في العمق، تحدث أثرا أكثر فداحة من كل قذائفه وطائراته، بصواريخها محلية الصنع، يتحرك العالم ويطلب الهدنة، حماية لأمن إسرائيل.. لا تتعجب.
شرقا، يحتل عناصر الدولة الإسلامية "داعش" مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، لا ينتفض العالم، لا نسمع عن تحالف دولي إلا عندما يهدد هؤلاء مدينة صغيرة اسمها "عين العرب"، بالكردية "كوباني".
باتت كوباني المجهولة عاصمة العالم، وقبلة وسائل الإعلام الدولية، الكل يتحدث عنها، وكأن سقوطها سيغير خارطة الكون.. لا تتعجب.
شمالا وشرقا، تحصل الباكستانية ملالا يوسف على جائزة نوبل للسلام، الناشطة الحقوقية في مجال التعليم لم يتجاوز عمرها الثامنة عشرة، واستخدمت شبكة الإنترنت للتعبير عن رأيها والمطالبة بحقوق النساء، ومقاومة محاولات المتشددين في بلادها منع النساء من حقوق أساسية كالتعلم والعمل.
في 2011 حازت اليمنية توكل كرمان الجائزة نفسها، تظهر ملالا وتوكل معا، فجأة ترفع الفتاتان علامة "رابعة" أمام كاميرات العالم، لا أحد يعترض، بينما في عدد من الدول العربية رفع تلك العلامة جريمة.. لا تتعجب.

فقط حاول أن تحافظ على عقلك.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

محمد منير.. محايد أم منحاز؟





عن العربي الجديد


الكتابة عن محمد منير كالخوض في حقل أشواك. فللمطرب المصري الستيني شهرة طاغية وجمهور يدافع عنه بالحقّ والباطل، ومجرّد الحديث عن منير بأسلوب فيه انتقاد، يبدو أمراً غير مقبول لدى الملايين من عشّاقه، الذين يلقّبونه بـ "الكينج" أي الملك، ولا يكترثون لغيابه المتكرّر مؤخّراً، ولا لتغيّر طبقة صوته بفعل تقدّم السنّ، وغيرها من الأمور التي لها علاقة بعاداته الشخصية. 

لكنّ الانتقاد أمر مطلوب، والفنان الذي لا ينتقده أحد لا بدّ أنّه مات أو قرّر الاعتزال، بينما منير حيّ يرزق، أمدّ الله في عمره، ولم يقرّر الاعتزال، وإن قرّر الانزواء بعض الشيء، يغيب أحياناً ويعود فجأة. 

بعد غياب أكثر من عامين يعود محمد منير بأغنية جديدة، يهديها إلى الجيش المصري في ذكرى الاحتفال بانتصارات أكتوبر. وبينما الأغنية عادية ولا يمكن مقارنتها أبداً بإنتاج المطرب الأسمر، إلا أنّها ترافقت مع حملة إعلامية مكثّفة ومتواصلة، ليس لكون مطربها "متحيّزاً"، وفق عنوان الأغنية، ولكن للترويج لها، وهو أمر بات معتاداً في الوسط الفنّي خلال السنوات الأخيرة. 

ظلّ منير سنوات طويلة يغنّي بلسان الشعب الفقير المحروم، وكان هذا ما يميّزه بين أقرانه من النجوم الكبار، وظلّ سنوات طويلة يغنّي للفقراء في حفلات شعبية في ساحات واسعة زهيدة التكلفة، إلى جوار حفلاته في المنتجعات والقاعات الفخمة المخصّصة للطبقة الراقية. 

لكنّ منطق الأمور هو التغير، ومنير إنسان له أفضاله وأخطاؤه، وليس ملاكاً منزّهاً عن الخطأ.

عندما قامت الثورة في مصر كانت أغنيات منير قاسماً مشتركاً، وكان صمت منير عن التضامن مع الثورة أو دعم نظام مبارك مفهوماً، بينما كثيرون غيره تورّطوا في التحيّز لطرف على حساب الآخر.


في الفترة اللاحقة ظهرت معلومات تؤكد أن أغنية منير الثورية الشهيرة "ازاي"، كانت معدة بالأساس لحملة جمال مبارك الرئاسية، وأنه تم إجراء تعديلات عليها لتصبح أغنية ثورية.
وبينما لم يتمّ تأكيد المعلومة أو نفيها، إلا أنّ من ردّدوها أكّدوا أنّها وردت على لسان مؤلّف الأغنية نصر الدين ناجي نفسه، الذي التزم الصمت وقتها. 

اقرأ أالقصة الكاملة

في أغسطس/آب 2011، وبينما كانت الثورة المصرية قويّة وصوتها هو الأعلى، أعلنت شركة "أرابيكا ميوزيك" للإنتاج الفنّي أنّها تمكّنت - بعد مفاوضات استمرت لأكثر من عام - من التعاقد مع محمد منير على إنتاج وتوزيع ألبومه الغنائي الجديد، الذي يضمّ عشر أغنيات جديدة تتناسب مع أحداث الثورة المصرية، وتواكب التطورات التي تمرّ بها المنطقة العربية. 

وبينما تُنسب "أرابيكا ميوزيك" دائماً للمنتج اللبناني محمد ياسين، إلا أنّ الرائج أنّه شريك فيها مع الشاعر المصري نبيل خلف، ما يجعل الشركة، وفقاً لتقارير صحافية مصرية متعدّدة، "مجرد ستار لغسيل أموال وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي الذي يخضع للمحاكمة حالياً"، كونه "خلف" أحد المسؤولين الإداريين الكبار السابقين في الوزارة. 

ونفى محمد ياسين كثيراً أيّ علاقة بين الشركة وحبيب العادلي، بينما أنكر نبيل خلف مراراً أنّه شريك في "أرابيكا ميوزك"، لكنّ وثائق نشرتها الصحف المصرية وقتها أثبتت أنّ ابنه الممثّل شادي خلف هو شريك في الشركة، بينما نشرت صحيفة "الوفد" المصرية نقلاً عن شرطي سابق أنّ الشركة مملوكة ظاهرياً لمحمد ياسين، بينما هي في الواقع ملك وزير الداخلية السابق حبيب العادلي. 


القصة الكاملة

يتولّى الترويج لأغنية "متحيّز" مؤلّفها أيمن بهجت قمر، ولأيمن قصة مشابهة، فهو مؤلف أغنية "ريّسنا"، التي غنّتها المطربة شيرين عن مبارك قبل أيّام من ثورة أطاحت به، وهو نفسه الذي قال في حوار مع برنامج "360 درجة" إنّ علاء مبارك عاتبه في أغنية "لا باظت ولا خربت" فردّ عليه أنّه من الضروري أن يكتب أحد عن المشكلات القائمة، ثم قال لاحقاً في برنامج "الديكتاتور": "يبدو أنّهم لم يفهموا الأغنية أصلاً" (قاصداً النظام السابق). قبل أن يعتبر اليوم الذي كتب فيه أغنية "ريّسنا" يوماً "مشؤوماً"، ويقول إنّه كان ضدّ عصر مبارك، وضدّ كل ما جرى فيه، "لأنّهم أساءوا لسمعتنا كلنا". 

وكان لأيمن حوار شهير مع الإعلامية منى الشاذلي قبل الثورة يتحدّث عن مناقب مبارك، إذ قال: "من يحبّون مبارك ليسوا منافقين، وليس ضرورياً أن أكون معارضاً للرئيس حتّى أكون شخصاً محترماً". 

يوم 31 يناير/كانون الثاني 2011، بعد يومين فقط من "جمعة الغضب"، قال أيمن بهجت قمر لقناة "الحياة" إنّ "مبارك مظلوم ومفترى عليه"، قبل أن يقرأ على الجمهور قصيدة مؤثّرة بعنوان "رئيسي العزيز"، اعتبرت أنّ الحزب الوطني الحاكم هو السبب في كلّ كوارث مصر"، وكأنّ هذا الحزب كان معارضاً لمبارك، أو أنّ مبارك لم يكن رئيساً للحزب الوطني. 

في القصّة أيضاً مصالح، وصراع كلامي اشتعل بين أيمن بهجت قمر والمطرب عمرو دياب لاحقاً، جعل صفحات إلكترونية تابعة للمطرب الشهير تفضح قصّة شركة استثمارية اسمها "أرابيان رايتس" تمّ تأسيسها في العام 2010، وقيل إنّها مملوكة لمجموعة من الشعراء والملحّنين بينهم الشاعر نبيل خلف، ويشاركه فيها أيمن بهجت قمر، والهدف المعلن منها تحصيل حقوق النشر للشعراء والملحنين، بدلاً من جمعية المؤلّفين والملحّنين المصريّة المعترف بها من منظمة الحقوق الفكرية الـ"ساسيم" في فرنسا. 

لكنّ المفاجأة أنّ "أرابيان رايتس" ترتبط بمجموعة شركات أخرى تمّ تأسيسها في أغسطس/آب 2008 في لبنان، هي "أرابيكا ميوزيك". وقد ضمّت لائحة المساهمين في الشركة شادي، نجل الشاعر نبيل خلف، وكان مساهماً بـ30 في المائة من أسهم الشركتين، وكذلك شخص يدعى وجدي الشناوي قيل إنّه واجهة للشاعر نبيل خلف. 

وقصّة الشاعر نبيل خلف مثيرة للجدل، فقد كان يعمل وكيل أوّل وزارة الداخلية في عهد حبيب العادلي لحسابات الشرطة، وكان منتدباً من وزارة المالية كموظّف مدنيّ بوزارة الداخلية، ويراه البعض متورّطاً في جرائم غسل أموال بظلّ النظام السابق. 

العنصر الثالث في قصّة أغنية "متحيّز" هو الملحّن عمرو مصطفى، وهو أحد أبرز المنتمين إلى جماعة "آسفين يا ريس"، الداعمة للرئيس المصري المخلوع مبارك، وكانت له تصريحات كثيرة شهيرة للهجوم على الثورة المصرية، واسم عمرو مصطفى مرتبط بالكثير من القصص التي لها علاقة باقتباس ألحان غربية شهيرة في أغنيات مصرية، وسبق أن فضحه كثير من الملحّنين والمطربين المصريين، وآخر اقتباساته في أغنية "بشرة خير" التي غنّاها الإماراتي حسين الجسمي.








يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية