الأربعاء، 28 أغسطس 2013

قطع العلاقات الفنية مع تركيا.. شوق جوزال. شوق جوزال




سلامة عبد الحميد

في السياسة افعل ما تشاء.. في الإقتصاد فكر ألف مرة قبل أن  تقطع علاقات لأنك أيضا خاسر...
لكن في الفن والثقافة لا يوجد ما يسمى قطع العلاقات لأسباب سياسية.. فقط يحدث هذا مع إسرائيل المحتلة لأرض عربية، وإن كان القرار غير الرسمي يتم مخالفته من الحكومات ليل نهار تحت سمع وبصر الفنانين والمثقفين الذين لا يجرؤ معظمهم على الهجوم على القرار الرسمي إلا لماما.
حتى الأن لم تقطع الحكومة المصرية أي علاقات سياسية أو اقتصادية مع تركيا، وربما لن تفعل وستكتفي بتصريحات هلامية لوزير الخارجية أو المتحدث الرئاسي أغلبها تنديد وشجب ورفض.. مع تحريض أو "تسليط" جهات أخرى غير رسمية لإصدار بيانات أكثر حدة ومواقف أكثر وضوحا لا ترقى بحال للموقف الرسمي المرتبك جدا.
بالنسبة للفن: سمعنا قبل أيام كلاما فارغا عن نية عدد من القنوات المصرية مقاطعة المسلسلات التركية..أضحكني القرار عندما سمعته للوهلة الأولى لأنه ذكرني بالرجل النحيف الشهير في مسرحية محمد صبحي "الهمجي" الذي كان كل دقيقة يعاجله برد شهير "ما تقدرش".
ثم ظهرت مطالبات لـ نقابة السينمائيين المصرية لقنوات إم بي سي السعودية بمقاطعة المسلسلات التركية بعد أن قاطعت القنوات المصرية تل المسلسلات ثم قاطعت القنوات الإمارتية المسلسلات التركية، والمعروف أن إم بي سي هي التي أدخلت تلك الظاهرة الدرامية في العالم العربي وحققت من خلالها مشاهدة واسعة وبات الجميع يقلدها بعدها.
كنت في البداية أتفهم حالة نفاق السلطة الجديدة التي نعرفها جيدا وتعودنا عليها من المؤسسات الفنية والثقافية في بلادنا.. وحالوت مرارا أن أشرح لبعض هؤلاء أن ما يفعلونه محض عبث. لكن أحدا منهم لا يفهم. أو بالأحرى لا يريد أن يفهم. ما علينا..
تعالو نستعرض الوضع بتبسيط ووضوح: بالأساس تركيا الرسمية لن تتأثر بمقاطعة القنوات المصرية لمسلسلاتها ولن يؤدي هذا القرار العبثي غلى تغيير موقف أردوغان مثلا، وأي شخص يملك ذرة عقل يدرك ان هذا الضجيج الفارغ موجه بالاساس للداخل ولا علاقة له بموقف تركيا مثل الكثير من التصريحات الحكومية العربية..
أسباب هذا كثيرة وواضحة للعيان لكن الكل يتعامى عنها باصرار كوميدي:
أولا: تلك القنوات المصرية اشترت المسلسلات التركية وبالتالي هي الخاسرة بعدم عرضها.
ثانيا: حجم ما تشتريه القنوات المصرية، بل والعربية، من المسلسلات التركية لا يمكن بحال أن يتسبب في أزمة في الإنتاج التركي "يعني كلام فارغ وضجيج بلا داعي".. الإنتاج التليفزيوني الحكومي في تركيا بلغ حجمة في 2012 مثلا أكثر من 90 مليون دولار، غير الإنتاج الخاص، وما يشتريه العرب لا يقارن بما يتم إنتاجه أصلا. 
 ثالثا وهذا أهم: معظم منتجي المسلسلات والفن في تركيا معارضون أصلا لأردوغان ومعظمهم كانو ضمن المعتصمين في "تقسيم" وبالتالي أنت، بغباء منقطع النظير، تعادي من يعادون عدوك "الوهمي أصلا". أردوغان أصلا لا يعجبه الإنتاج التليفزيوني التركي الذي تتهافت على عرضه القنوات العربية وأزمة مسلسل "حريم السلطان" لازالت قائمة في الأذهان.
رابعا: ماذا ستفعلون في المستقبل عندما تعود العلاقات السياسية إلى طبيعتها؟، وسيحدث هذا إن عاجلا أو أجلا، ألا ترى أن من قاطعتهم علنا لن ينسو لك هذا الموقف!!.
خامسا وهذا هو الأهم: إن كنت حريصا على مصلحة النظام السياسي الجديد، الذي يرفضه العالم ويقاطعه سياسيا الجميع تقريبا، لماذا تحرص من جانبك على إضافة مقاطعات جديدة في الجانب الثقافي والفني؟
مخرج سينمائي تركي معروف هو ريز سيليك قال لـ"هوليود ريبورتر" أمس إنه فوجئ بمهرجان الأسكندرية السينمائي يبلغه برفض فيلمه في الدورة الجديدة لأن المهرجان "السينمائي" قرر مقاطعة تركيا لأن حكومتها تتخذ موقفا "سياسيا" رافضا تجاه الحكومة المصرية الجديدة.. وتعجب المخرج من خلط السينما بالسياسة بهذا الشكل خاصة وأنه أيضا يعارض سياسات حكومة بلاده بالعموم.
للعلم: كانت تركيا ضيف شرف الدورة الماضية من مهرجان الأسكندرية وأقام المهرجان للسينما التركية إحتفالية خاصة.
زميلي الصحفي في أحد المؤسسات القومية وصله خبر مقاطعة مهرجان الأسكندرية للسينما التركية، فلم ينشره ليس لأنه معترض على القرار ولكن لأن لديه "سفرية" إلى تركيا فيها تدريب و"مصلحة" على حد قوله.
بالتأكيد ستنتهي الأزمة السياسية، لكن أثار القرارات المتعجلة من الجهات الفنية المتأثرة بلا عقل بالسياسة لن تنسى.. صدقوني.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 26 أغسطس 2013

الشيخ احمد مجاهد قصة شريف وشريفة كاملة



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الشيخ احمد مجاهد قصة زهرة ومروان كاملة



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

موال شفيقة ومتولي للريس حفني حسن | كاملة



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

أغنية "مظلوم" الأصلية التي غناها محمد محيي.. بصوت الريس حفني أحمد حسن



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

خضرة محمد خضر مربعات ابن عروس و الهلالية



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

فضيحة سرقة: أوبريت «تسلم الأيادي»... سطو مسلح على إبداع الآخرين



المصدر: الجريدة

إحتفاء بثورة 30 يونيو، أنجز الفنان مصطفى كامل أوبريت «تسلم الأيادي» تأليفاً وتلحيناً وشاركت فيه نخبة من النجوم من بينهم: حكيم، هشام عباس، غادة رجب، إيهاب توفيق وبوسي... لكن فور عرضه على الشاشات اكتشف أهل الاختصاص أن الأوبريت مجرد سطو على إبداع الآخرين.


تبيَّن أن كلمات أوبريت «تسلم الأيادي» منقولة من أغنية «تسلم الأيادي» من تأليف عبد السلام أمين، غناها محمد الحلو منذ سنوات في احتفالات أكتوبر، واللحن مقتبس من لحن عبد العظيم محمد لأغنية «تم البدر بدري» بصوت شريفة فاضل.
الغريب أن مصطفى كامل لم يذكر في أغنيته التي أهداها إلى الجيش المصري أن الكلمات أو حتى الجمل اللحنية مقتبسة، على غرار ما يحدث في بعض الأغاني، إذ يتم ذكر أن هذه الجملة منقولة من لحن معين، ما يعدّ سوء نية وتعمداً للسطو على إبداع الآخرين، وقد ترددت أنباء عن أن هاني شاكر ومدحت صالح وغيرهما من الفنانين رفضوا المشاركة في الأوبريت، لمعرفتهم باللحن الأصلي وما حدث من سطو عليه.

تهمة ثابتة
يؤكد المطرب إيمان البحر درويش أن واقعة السطو ثابتة على مصطفى كامل في اللحن والكلمات، {ومن المفارقة أن الأخير أراد تسجيل حدث مهم لتظهر الأغنية مع كل ذكرى له، لكنه برهن أننا نعيش مرحلة من الفن الرديء الخالي من الإبداع، أسهل ما فيه النقل والسطو على جهد الآخرين، وفي كل مرة تذاع الأغنية يتذكر الجمهور أنها ليست من إبداعه  بل سطو على إبداع الآخرين.
 يضيف: «يفترض أن يكون لنقابة الموسيقيين دور في منع التعدي على أعمال الآخرين}، ولا بد من أن تتحرّك جمعية المؤلفين والملحنين وألا تنتظر بلاغاً من الورثة. أحياناً لا يكون ثمة ورثة أو لا يتابعون الحركة الفنية، لذا عليها التحرك حفاظاً على التراث الفني من السرقة والسطو{.
يوضح الشاعر سيد حجاب بدوره أن هذا الأوبريت ينتمي إلى نمط قديم من الغناء لم يعد صالحاً اليوم، هو النوع الدعائي أو فن النفاق، «باختصار هي أغنية رديئة لا تنتمي إلى الفن أو الإبداع بصلة، ويفترض أن يكون هذا النوع من الغناء انتهى بعد قيام الثورة، وظهر نوع جديد، خرج من رحم الثورة ومن الميادين، أكثر احتراماً وقرباً من الشارع».
يضيف: «ما زاد هذه الأغنية سوءاً عملية السطو التي حدثت لمجهود آخرين أبدعوا ورحلوا عن عالمنا. بالتالي، لن يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم»، مشيراً إلى أن حقوق الأداء العلني من اختصاص جهة واحدة هي جمعية المؤلفين والملحنين، المنوط بها الحفاظ على حقوق المبدعين من السرقة والسطو.

استغلال ونفاق
طالب الملحن حلمي بكر ورثة عبد السلام أمين وورثة عبد العظيم محمد بالتقدم بشكوى إلى جمعية الملحنين والمؤلفين ضد مصطفى كامل، لحفظ حقوقهم في الأداء العلني لأغنيته التي نقلها عن المبدعَين الراحلَين، موضحاً أن من حق الورثة مشاركة مصطفى كامل ومناصفته في الأداء العلني لهذه الأغنية وأي عائد منها، لثبوت واقعة النقل في الكلمات عن عبد السلام أمين واللحن عن عبد العظيم محمد.
 في الوقت نفسه، طالب حلمي بكر بعدم جلد مصطفى كامل، «يكفيه أنه قدم أغنية نجحت وانتشرت بين الجمهور في وقت قياسي، فيما فشلت الأغاني الوطنية التي ظهرت في التوقيت نفسه»، مشيراً إلى «أن الظروف التي نعيشها والحدث المهم الذي قدمت الأغنية لأجله، يجعلاننا نغفر له، خصوصاً أنها الأنجح والأشهر، وأن فنانين كثراً قدموا أغاني وطنية لم تلقَ نجاح هذه الأغنية».
تعتبر الناقدة ماجدة خير الله أن ما حدث نوع من النفاق قام به مصطفى كامل لركوب الموجة واستغلال حدث كبير، لكن بطريقة سيئة. حتى إنه لم يجتهد ويبدع في لحن خاص به، بل استغلّ لحناً شهيراً وكلمات معروفة لتحقيق شهرة ونجاح لا يستحقهما.
تعزو نجاح الأغنية إلى الفرح الذي ينتاب الشعب وإحساسه بالانتماء، وإلى اللحن الشهير «تم البدر بدري» المحفور في وجدان الجمهور منذ سنوات، مؤكدة أن أي كلمات وأي مطرب مع هذا اللحن سيحققان النجاح.
تضيف أن هذه النوعية من أغاني النفاق لا تعيش كثيراً، «فالأغاني التي قدمت في احتفالات وطنية وكان هدفها نفاق الحاكم انتهت بعد فترة، وهو مصير هذه الأغنية ومطربها، ومصير كل فنان يسخّر فنه نفاقاً لحاكم».

لا  تعليق
رفض الفنان مصطفى كامل التعليق على الاتهام رغم أنه تلقى عشرات الاتصالات من أصدقائه بخصوص هذا الأمر، لكنه أبدى اندهاشه من الربط بين اللحنين واكتفى بالقول: «من الطبيعي أن تتشابه ثيمات بعض الأغاني اللحنية، لكن لا يعني ذلك السرقة»، مضيفاً أن الحدث الذي نعيشه أكبر من أي شخص، ونجاح الأغنية دليل على أنها وصلت إلى الناس. أما الحديث عن سرقة أو نقل فهذا حقد وكره لنجاح لم أتوقعه».  




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

فضيحة مرتضى منصور في مكالمة مع سامى كمال الدين



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الهتاف ضد شيرين في المغرب بعد أن هتفت للسيسي.. قبل أن تهرب من الحفل قبل بدايته



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

السبت، 24 أغسطس 2013

مبادرة زياد بهاء الدين للخروج من الأزمة... ارميها في الدرج جنب إخواتها




من: الشروق

عناصر المبادرة التى طرحها الدكتور زياد بهاء الدين تتضمن 12 بندا ننشر جوهرها كالتالى:
١) التزام جميع الأطراف الراغبة فى الانضمام إلى المبادرة بنبذ العنف والتحريض عليه دون تحفظ أو شروط.
٢) وقف التعرض فورا لدور العبادة واحترام حق جميع المواطنين فى ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وامان.
٣) استكمال خارطة الطريق وفقا لما جاء فى الاعلان الدستورى بما يضمن مشاركة كل القوى السياسية وبحيث يتم الاستفتاء على دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة فى المواعيد المقررة ومع توافر جميع الضوابط القانونية والفعلية لذلك. ٤) الالتزام برفض العزل أو الإقصاء لأى تيار سياسى أو فكرى من الساحة السياسية ومن المشاركة فى التنافس الديمقراطى طالما كان ملتزما بالقانون وبخارطة الطريق وبنبذ العنف أو التحريض عليه وبالسلمية فى المنافسة السياسية وبرفض جميع اشكال التمييز بين المواطنين.
٥) التزام اجهزة الدولة بالحقوق القانونية لكل المواطنين بما فى ذلك حق المتهم فى محاكمة عادلة امام قاضيه الطبيعى واحتجاز المتهمين فى اماكن آمنة ومناسبة ومعلومة لذويهم، وعدم ملاحقة أى شخص فى عمله الوظيفى أو حياته الشخصية تبعا لانتمائه الفكرى أو السياسى طالما لم يكن مرتكبا لجريمة يعاقب عليها القانون.
٦) ضمان حق التظاهر السلمى لكل المواطنين مع قبول حق قوات الأمن فى التصدى لمن يخالف سلمية الاعتصامات أو يقطع الطريق أو يهدد أرواح الناس أو ممتلكاتهم بالقوة أو يحرض على ذلك، مع التزام الدولة بأقصى درجات ضبط النفس الممكنة فى تحقيق ذلك.
٧) التزام الحكومة، بالتشاور مع القوى السياسية والمجتمع الاهلى، باستكمال الإطار القانونى والإدارى والتنفيذى الذى يضمن اكتمال ونزاهة العملية الديمقراطية، بما فى ذلك الغاء حالة الطوارئ فى اقرب وقت ممكن، وصدور تشريعات جديدة تسمح بحرية العمل الاهلى، وحرية تداول المعلومات، وحرية التظاهر السلمى، وتنظيم تمويل الانتخابات، وحظر استخدام الشعارات والمؤسسات الدينية فى الانتخابات، وضمان استقلال اللجنة العليا للانتخابات وإشرافها على العملية الانتخابية بأكملها، والإشراف الاهلى والدولى على الانتخابات.
٨) التزام الحكومة باستكمال بناء المؤسسات التى تساهم فى دعم المسار الديمقراطى، بما فى ذلك اعادة تشكيل وتفعيل المجلس القومى لحقوق الانسان، والمجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للعدالة والمساواة، وتمكينها جميعا من القيام بأدوارها كاملة فى الدفع بالديمقراطية والمساواة بين المواطنين والتصدى الفعال للفتنة الطائفية وحماية حقوق ومكتسبات المرأة فى المجتمع.
٩) التزام الحكومة بوضع الاطار القانونى والمهنى الذى يحمى حرية الرأى والتعبير وتفعيل مواثيق الشرف الصحفى والرقابة الذاتية على الاعلام واستقلاله.
١٠) التزام الحكومة بتبنى قضية العدالة الاجتماعية باعتبارها واحدا من اهم مطالب ثورة ٢٥ يناير وتقديم برنامج وطنى لكيفية تحقيقها بشكل مستدام وضمان الحماية الاجتماعية لمن يستحقونها.
١١) تأسيس ثقافة وممارسات عدم التمييز بين المواطنين وإصدار التشريعات التى تحمى المواطنة والمساواة بين كل فئات المجتمع المصرى.
١٢) تطبيق برنامج قومى للعدالة الانتقالية من خلال لجان قومية مستقلة وتحت الاشراف التنفيذى لوزارة العدالة الانتقالية يكون غرضها اعادة التوافق والوحدة والوئام للمجتمع المصرى عن طريق آليات المكاشفة والمحاسبة والمصالحة وعن طريق متابعة واستكمال اعمال لجان تقصى الحقائق عن مختلف الجرائم المصاحبة للثورة أو التالية عليها، وإصدار قانون العدالة الانتقالية لتطبيق ذلك.
وفى حالة الموافقة على هذه المبادرة من الحكومة ومن القوى السياسية والأهلية، فيقترح الدكتور زياد بهاء الدين تكوين مجموعة عمل من الحكومة والرئاسة وممثلى القوى السياسية والاهلية لمتابعة تنفيذ هذه المبادرة طوال المرحلة الانتقالية، على ان تقدم توصياتها ونتائج أعمالها أولا بأول إلى لجنة المصالحة الوطنية ومجلس الدفاع الوطنى ومجلس الوزراء كما تقوم بإعلانها تباعا إلى الرأى العام المصرى.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الأحد، 18 أغسطس 2013

قصة قصيرة... أحمد السلفي الكاره للسياسة الذي وهب نفسه للقصاص لأصدقاءه





كنت عائدا من عملي في الساعة 6 مساء تقريبا...
قابلني في الطريق وعلى وجهه وملابسه أثار اشتباكات. قال لي إنه كان في مسيرة كوبري أكتوبر إلى رمسيس وشاهد الموت بعينه. هو جاري وأعرفه منذ 7 سنوات تقريبا لأنه يمتلك محال ملابس في المنطقة أتردد عليها..
اسمه أحمد عمره 32 عام. ملتحي ومتدين.. لا علاقة له بالسياسة. أثناء الثورة كان مرتبكا ولا يفهم ما يجري ويخشى على عائلته وعمله. بعد تنحي مبارك بأيام قابلني في الطريق فاستوقفني وقال لي إنه يعلم أنني كنت معتصما بالتحرير. ويريد أن يفهم ما يجري بالضبط. قلت له كان مبارك فاسدا وكان يجب خلعه. ويكفي ما كان يفعله أمن الدولة بمن هم مثلك من الملتحين.. اكتفى بهز رأسه ولم يمنحني رد فعل مفهوم.
بعدها رأيته متجاهلا الاستفتاء على الدستور رغم أن معظم السلفيين كانوا ناشطين جدا في الدعوة للتصويت بنعم. ثم لم يشارك في انتخابات مجلس الشعب.. اكتفى بالعمل في محاله التي تشهد رواجا جيدا ويديرها مع أشقاءه الاصغر ويعمل فيها عدد كبير من الباعة..
قبل الجولة الرئاسية الأولى قلت له من ستختار. فقال لن أختار أحدا.. لست معنيا بالأمر أصلا.. في الجولة الثانية قالي لي إنه ذهب للصندوق لأول مرة في حياته وانتخب مرسي. بعدها انقطع تماما عن السياسة مجددا. لا مع ولا ضد. وكان مثل أخرين يجد مرسي مخطئا ويلوم عليه ويرى أن هناك مؤامرة تحاك ضده. ويكتفي بالدعوة له بالصلاح..
فجأة بعد الإنقلاب على مرسي عرف أحمد الذي لم يحضر مظاهرة في حياته طريق الشارع.. كان يذهب إلى رابعة أو النهضة يوميا.. عندما قابلني مساء أمس قال لي إنه حزين لأن الأربعاء الدامي فاته في الإعتصام حيث لم يكن موجودا.. لكنه يشعر بالكثير من الغضب لأن عددا كبيرا من أصدقاءه استشهد. وأنه قرر أن يحمل السلاح..
لم أصدق ان يتحول هذا الشاب السلفي الرقيق إلى شخص يحمل كل هذا الغل.. فقلت له لكن هذا سيزيد المشكلة تعقيدا.. فقال استخرت الله قبل أن أتخذ القرار.. فقلت الاستخارة تكون على الحلال وما تقوله ليس حلالا.. فقال وليس قتلنا بدم بارد أيضا حلالا.. 
لم أستطع أن أجادله لكني قلت له: لماذا لا تعود سيرتك الأولى وتتجاهل السياسة.. فكان رده مفاجئا: لست معنيا بالسياسة وإنما بالقصاص لأصدقائي وقد استودعت الله زوجتي وابنتي واخوتي وقررت ألا أعود إلا بالقصاص أو بالشهادة.. فقلت له إنك لست في وعيك وما تقوله ليس حقا ولا صوابا. لا في الدين ولا حتى في الحياة وعلوم السياسة.
تركته على وعد أن نلتقي مجددا اليوم.. لكن قبل قليل وصلني منه اتصال قال: لي فيه: أنا متجه إلى مسجد الفتح وسلاحي مصحفي وايماني وربما لا أعود. فادع الله لي.. واغلق الهاتف
اللهم سلم أحمد وأعده إلى أهله معافى...
لقد وصلنا إلى مرحلة الجنون المتبادل بالفعل.. اللهم احقن دماء جميع المصريين




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الخميس، 15 أغسطس 2013

مصر بتفلس.. وانت عاوز تقطع العلاقات مع أمريكا وأوروبا.. طب خللي السيسي ينفعك



السيسي إلى جوار تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي

الجهل مستمر.. وناس كتير عمالة تقول نقاطع أمريكا ونقاطع أوربا وهجص كتير من دا وكأننا عايشين في كوكب البلا لا..
بص يا أمور:
أمريكا بتدفعلك سنويا 2 مليار دولار معونة. غير إن تسليح جيشك كله وقطع غياره أمريكي. وأوروبا بيوصلك منها معونات ومساعدات مدنية تقريبا 2 مليار دولار أيضا. خصوصا من فرنسا وألمانيا. 
وعندك دين يتجاوز 30 مليار دولار للخارج وفيه فوايد سنوية تحتاج للتفاوض حول تخفيضها ومواعيد دفعها.. وعندك أزمة اقتصادية طاحنة منذ الإطاحة بمبارك وتوقف الاستثمار والسياحة تحتاج فورا لقرض صندوق النقد الدولي. الذي يتحكم فيه أمريكا وأوربا. 
وقرض صندوق النقد يسهل عليك الحصول على منح وصفقات تجارية من كل دول العالم لأنه بمثابة خطاب ضمان للإقتصاد المصري.. يعني بروح أمك ما تعملش فيها بطل بالأونطة وتقوللي استقلالية وبتاع.. انت ملتزم بالتعامل معاهم وارضاءهم عشان ليك عندهم مصالح مباشرة.. بالبلدي كدا بفلوسهم... 
الأهم بقى: مصر تنفق سنويا من مخزون النقد الإحتياطي مليار ونصف المليار دولار. اللي هو دلوقتي 12 مليار فقط.. يعني هتفلس في حدود 3 سنين بالكتير عشان فيهم ديون وفوايد. وحكومة الببلاوي العرة اقترضت دين داخلي في أول شهر شغل ليها قيمته 81 مليار جنيه من غير غطاء مالي أصلا.. ومخزون الوقود بتاعك يكفي فقط 3 شهور وبدأ النهاردة التفاوض مع قطر على صفقة غاز. ومخزون القمح بتاعك هيكفيك كمان 6 شهور بالكتير.. 
يعني كلها شهر وتبدأ أزمة بنزين وسولار وغاز حقيقية مش مصطنعة زي اللي كانت أيام مرسي. وكلها 3 شهور وما تلاقيش عيش للأكل.. أما الفلوس السعودي والإماراتي اللي جت فدي اتصرفت على الداخلية. سلاح وقنابل غاز عشان التخلص نهائيا من الاخوان. والكويت تراجعت عن المنحة اللي قالت عليها بضغوط داخلية. والسعودية بعد هوجة "الراتب ما يكفي" مش هتقدر تديك ولا ريال تاني. 
عاوز تعيش الدور وتقول ناكل من عرق جبينا ونشتغل وبتاع أقولك: الاحصائية الرسمية للعامل والموظف المصري تؤكد أنه يعمل 27 دقيقة في اليوم.. ياريت تشتغل يا حيلتها.
عاوز تعيش مرحلة الصناعة الوطنية أقولك وماله بس احنا دلوقتي مزنوقين وبنتكلم على شهور.. والصناعة الوطنية الميتة محتاجة من 5 إلى 7 سنين لتدشينها مجددا. ومش هنستحمل الوقت دا أبدا خصوصا مع بقاء الوضع السياسي كما هو الأن مسدود بما يعني غياب الاستثمار والسياحة.
لازم كمان أقولك إن النهاردة مجموعة من الشركات العالمية وقفت شغلها في مصر نهائيا ومنها جنرال موتورز للسيارات اللي قفلت مصنع مصر. وشركة "شل" للبترول اللي قفلت مكاتب مصر وغيرها.
هتفكر تشد الحزام تبقى جدع لو عرفت.. بس هاقولك كمان إن شد الحزام يعني فرض ضرائب تصاعدية على الدخل ورفع الدعم عن الوقود فيما يخص المصانع الكبرى، ودا هيجنن البهوات الكبار اللي عندهم استعداد يولعوا البلد كلها بس محدش ييجي ناحية فلوسهم ومصالحهم.

يعني السيسي يسير بمصر إلى أوسخ أيامها اقتصاديا... عاوز تفهم افهم.. عاوز تفضل حمار براحتك.. بس حل عن دماغنا. أو بمعنى أصح غور في داهية.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

رويترز نقلا عن دبلوماسيون: الغرب حذر السيسي حتى النهاية من فض الاعتصامات بالقوة




باريس (رويترز) - 
حرص حلفاء غربيون على تحذير الزعماء العسكريين لمصر حتى اللحظة الأخيرة من استخدام القوة في فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي مجادلين بانهم سيجدون صعوبة في التغلب على الضرر السياسي والاقتصادي.
وكانت النهاية العنيفة للمواجهة التي استمرت ستة اسابيع بين جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي والقوات المسلحة التي أطاحت بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا قد بدت مرجحة بمجرد ان اعلنت السلطات الجديدة الاسبوع الماضي ان الوساطة الاجنبية فشلت.
لكن دبلوماسيين غربيين يقولون ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واصلا ارسال رسائل منسقة الى قائد القوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي ونائب الرئيس المؤقت محمد البرادعي اثناء عطلة عيد الفطر التي انتهت الاحد الماضي للحث على تسوية عن طريق التفاوض.
وقال مبعوث الاتحاد الاوروبي برناردينو ليون الذي شارك في قيادة مساعي الوساطة مع نائب وزير الخارجية الامريكي وليام بيرنز "كانت لدينا خطة سياسية على الطاولة قبلها الطرف الاخر (الاخوان المسلمون)."
وقال ليون لرويترز في مقابلة عبر الهاتف "كان يمكنهم تبني ذلك الخيار. لذلك فكل ما حدث اليوم كان غير ضروري." ونقلت المناشدة الاخيرة الي السلطات المصرية يوم الثلاثاء قبل ساعات من بدء فض الاعتصامين بالقوة.
وكان وزير الخارجية الامريكي جون كيري صريحا بصورة غير معتادة في إدانة فرض حالة الطواريء في ردة الى حكم مستبد على مدى 30 عاما تحت قيادة الرئيس الاسبق حسني مبارك حليف الولايات المتحدة الذي اطاحت به انتفاضة شعبية في 2011 .
وقال كيري "في كل مناسبة في الاسبوع المنصرم... قمنا نحن وغيرنا بحث الحكومة على احترام حقوق حرية التجمع وحرية التعبير عن الرأي وحثثنا ايضا كل الاطراف على حل هذه الازمة سلميا وأكدنا ان المتظاهرين يجب ان يتجنبوا العنف والتحريض."
وقال دبلوماسيون ان بعضا من اكثر الرسائل الامريكية حزما نقلت بصورة شخصية الى السيسي في مكالمات هاتفية شبه يومية من وزير الدفاع تشاك هاجل.
واتخذت الولايات المتحدة خطوة نادرة للتعبير عن عدم رضاها عن حليف استراتيجي في الشرق الاوسط مرتبط بمعاهدة سلام مع اسرائيل عندما أوقفت واشنطن الشهر الماضي تسليم اربع طائرات حربية اف-16 بموجب برنامجها للمساعدة العسكرية.
وقال مصدر مشارك في الاتصالات الدبلوماسية ان واشنطن دفعت ايضا السعودية لابلاغ السيسي أنه يحتاج الى حل سلمي لا يقصي أحدا "للاحتفاظ بالدعم السياسي والمالي الدولي".
وسعى المفاوضان الامريكي والاوروبي والى جانبهما وزير خارجية قطر الذي كانت بلاده ممولا مهما لحكومة مرسي ووزير خارجية الامارات التي أيدت اطاحة الجيش به إلى نيل موافقة الجانبين على سلسلة من الاجراءات المتبادلة لبناء الثقة. وكانت الاجراءات ستبدأ بالافراج عن سجناء بما يؤدي الى خروج مشرف لمرسي وتعديل الدستور واجراء انتخابات جديدة العام القادم.
وقال مصدر عسكري مصري ان الجيش لم يصدق ان جماعة الاخوان ستوافق في نهاية الامر على اتفاق وشعر انهم كانوا يخادعون لكسب الوقت. واضاف "قالوا للوسطاء شيئا وقالوا لمؤيديهم شيئا اخر."
وقال المصدر الدبلوماسي ان الوسطاء الغربيين حاولوا اقناع السيسي بأن مصر ستعاني استقطابا سياسيا ومصاعب اقتصادية لفترة طويلة إذا حدث حمام دم.
واضاف المصدر انه تم تحذير السيسي ووزير الداخلية محمد ابراهيم صراحة من ان البرادعي سيستقيل إذا اختارا القوة بدلا من التفاوض وهو ما يجرد الجيش من مصدره الرئيسي لكسب الاحترام لدى الليبراليين والمدنيين.
وأعلن البرادعي استقالته عقب هجوم الاربعاء قائلا انه يعتقد ان التوصل الى حل سلمي كان لا يزال ممكنا وان القمع الحكومي يساعد المتطرفين.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الاتصالات الدبلوماسية "المتشددون لديهم قدرة مشهودة على تجاهل الحقيقة."
وقال المصدر العسكري المصري ان الجيش اصبح في موقف صعب بسبب الغضب العام بعد تصريحات انتقادية من عضوي مجلس الشيوخ الامريكي السناتور جون مكين والسناتور لينزي جراهام اثناء زيارتهما لمصر الاسبوع الماضي وما تسرب من تقارير عن اتفاق محتمل بين السلطات والاخوان.
وحذر الوسطاء من ان اي تحرك لفض الاعتصامين بالقوة قد يؤدي الى مقتل المئات ويدفع كثيرين من النشطاء السلفيين الذين دعموا الاطاحة بمرسي الى الانضمام للاخوان في معارضة شديدة للسلطات.
وكانت الرسالة الاقتصادية واضحة بنفس الدرجة. وقال المصدر الغربي انه تم تحذير مصر من انها لا يمكنها تحمل تبعة الاستمرار في انفاق احتياطياتها من النقد الاجنبي بمعدل 1.5 مليار دولار شهريا حتى تنفد.
ومع انحسار السياحة والاستثمارات بسبب الاضطرابات السياسية منذ الاطاحة بمبارك في 2011 تقلصت الاحتياطيات الاجنبية بأكثر من النصف لتصبح أقل مما يغطي واردات ثلاثة اشهر حين اطيح بمرسي في الثالث من يوليو تموز.
وكانت السعودية والامارات والكويت التي أسعدها خروج الاخوان المسلمين من السلطة إذ يرونهم تهديدا للاسر الحاكمة في الخليج قد سارعت بالتعهد بمساعدات بقيمة 12 مليار دولار للسلطات الجديدة في مصر بما يتيح لها التغلب على نقص وشيك في الوقود والقمح.
وحسب معدل الانفاق الحالي يمكن لتلك الاموال ان تسمح بتسيير الامور في مصر لأقل من عام.
وقال المصدر ان العقول الاكثر حكمة في الحكومة أدركت ان مصر تحتاج دعما دوليا اوسع بما في ذلك التعاون مع صندوق النقد الدولي لانعاش الاقتصاد لكن مثل هذه الحجج لم تجد آذانا صاغية لدى المؤسسة الامنية.
من بول تيلور
(اعداد عماد عمر للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي





يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

رؤية تحليلية... اسرائيل تهتف: يحيا السيسي.. يسقط السيسي





ناس كتير مش فاهمين حكايات كتير أو فاهمينها بالعكس بسبب حالة التشتيت الكامل التي يخضعون لها من جانب وسائل الإعلام المصرية التي يمكنك بمنتهى الأريحية أن تطلق عليها "إعلام الفلول" بلا استثناء، بغض النظر عن بعض الوجوه التي تدعي أنها ثورية أو التي التحقت بالثورة في فترة لاحقة، أو حتى الإعلاميين الثوار، وهم أقلية نادرة، والذين باعوا القضية بالمال أو تحت الضغوط.
الأيام الاخيرة وحدها شهدت حالة من الخلط الشديد فيما يخص موقف اسرائيل مما يجري في مصر، الكل يروج المواقف الإسرائيلية وفقا لما يخدم توجهاته، فمؤيدي الإنقلاب يعتبرون ما تفعله اسرائيل من ثناء على السيسي أو الإنقلاب ودعوات المسئولين فيها دليل على أن اسرائيل مشتركة مع الإخوان في المؤامرة الكونية على الإنقلاب، ومناهضي الإنقلاب يروجون نفس المواقف والتصريحات باعتبارها دليل إدانة دامغ للسيسي ومن معه ويتهمونهم صراحة بالخيانة والعمالة لبني صهيون.
منذ اليوم الأول الأول للثورة على مبارك استشعرت اسرائيل خطرا عظيما، فالكيان الصهيوني فقد عند الإطاحة بمبارك كنزا استراتيجيا وحليفا وفيا، وبعد محاصرة السفارة الإسرائيلية وتسلق حوائط البناية التي تضمها وإلقاء أوراق السفارة في الشارع من الشبابيك ثم إجبار الدبلوماسيين على عدم استخدام هذا المبنى مجددا، باتت المخاوف الإسرائيلية من مستقبل العلاقات مع الدولة المصرية أمرا واقعا، رغم أن في هذا الإيجاز السابق الكثير من التفاصيل التي لا تخلو من العمالة والخيانة الرسمية من مسئولين داخل مصر.
مع وصول مرسي إلى سدة الحكم باتت المخاوف أكبر، فمرسي على مدار عام كامل من حكمه كان واضحا أنه لا يعترف باسرائيل ويعاديها ولم يأت على ذكرها صراحة مرة واحدة في كل أحاديثه، وينصر عليها أهل غزة ويهتم بالقضية الفلسطينية، سيبك من الكلام الفارغ بتاع رسالة صديقي الحميم بيريز، أو شائعات إعلام الفلول التي اعتبرت إجبار اسرائيل على فض حصار غزة وزيارة هشام قنديل لها حماية لأمن اسرائيل، لأن الواقع يؤكد عكس هذا تماما.

في ضوء ما سبق فإن الإنقلاب كان في صالح اسرائيل ولا شك أنها كانت داعمة وربما من المخططين أيضا بصورة أو بأخرى، وعليك بتتبع وتحليل الكثير من الأمور التي وقعت بعد الإنقلاب ومنها: زيارة البرادعي الغامضة لإسرائيل التي كانت أول زياراته الخارجية بعد تولي منصبه، ثم تزايد وتيرة تدمير الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، وتصاعد نبرة العداء لحركة حماس في مصر، ثم انتشار مركبات وعناصر للجيش في سيناء باتفاقات مسبقة مع الجانب الإسرائيلي بحجة القضاء على الإرهاب.. والخوف من الإرهاب في تلك الحملة اسرائيلي في المقام الأول ثم مصري بعد ذلك بمراحل كثيرة.
يعني بالبلدي كدا اسرائيل سمحت للجيش المصري بادخال قوات ومعدات لتحمي نفسها من الجهاديين في سيناء دون أن تكلف نفسها عناء مقاومتهم بنفسها، والجيش المصري استخدم تلك الحملة لإدعاء أنه له دورا في سيناء وأن هناك تهديدات إضافة بالطبع إلى تشويه الإخوان باعتبار أن كل من له لحية إخواني وأنه لا فارق بين الإخوان والسلفيين والجهاديين وتنظيم القاعدة.
ثم جاءت عملية التفجير أو إطلاق الصواريخ الأخيرة في سيناء والتي أوضحت، رغم كل النفي الرسمي المصري، أن اسرائيل اخترقت المجال الجوي المصري وقامت بضرب أهداف ترى أنها تهددها، وللعلم فإنه ليس أول اختراق وإنما سبقه اختراقات كثيرة تم التعمية عليها أو لم يسمح بنشرها في عهد مبارك وعهد طنطاوي وربما في عهد مرسي أيضا.
ثم أخيرا الحديث عن اطلاق صواريخ على ايلات الاسرائيلية من سيناء، وهي واقعة مثيرة جدا لأسباب عدة منها قوة التفجير وتوقيته والإرتباك الذي أحدثه، وهو ما سيتم نفيه بالطبع لاحقا كالعادة أو تكييفه بما يخدم أهداف سياسية.
يمكن النظر إلى الصواريخ التي أطلقت من سيناء على اسرائيل باعتبارها رد صريح على اختراق الطائرة الاسرائيلية بدون طيار للمجال الجوي المصري وتفجير أهداف.. ويمكن اعتبار الواقعتين، وفق نظرية المؤامرة، خطة كبيرة محبوكة لضمان استمرار العمليات العسكرية في سيناء وتبرير أرواح المواطنين الأبرياء الذين يسقطون فيها والذين يثيرون الكثير من الحنق والمطالبة بالثأر في نفوس شباب القبائل هناك.
الأهم من كل ذلك أن تلك الأحداث المتلاحقة تؤكد مجددا أن سيناء كانت ولازالت خارج السيطرة الأمنية والعسكرية، وهناك كثيرون داخل سيناء يرون الأمر مقصودا ويشيرون بوضوح لأيادي المخابرات التي تعبث في الملف منذ سنوات ولا تريد إغلاقه لأسباب كثيرة ليس المجال هنا لتفصيلها.

نعود إلى الهدف الأساسي من هذه التدوينة وهو: لماذا تفعل اسرائيل كل هذا بالسيسي؟. 
السيسي بات يظهر على أغلفة الصحف الإسرائيلية وكأنه بطل قومي وبات المسئولون الإسرائيليون يحتفون به علنا ويطلبون دعمه، وفي الأمر وجهتي نظر: وجهة النظر المعلنة أن السيسي هو الحليف القادم وبالتالي فإن دعمه أمر ضروري لأنه حتى الأن متفاهم ولا يعمل خارج التنسيق المباشر.
لكن الأخطر في الأمر هو وجهة النظر الثانية التي يتغافل عنها البعض، ربما عمدا، وهي الخاصة بمخاوف إسرائيل من نجاح السيسي في التحول إلى زعيم.
اسرائيل لا تريد زعماء في مصر.. بل تريد حكاما ضعفاء خانعين أو منساقين.. زعيم في مصر أيا كان اسمه أو وصفه أو انتماءه أمر خطير على مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، وبالتالي فإن عملية حرق السيسي من تحت الستار قائمة في اسرائيل وفي غيرها من الدول التي تبدو متعاطفة معه منذ وقوع الإنقلاب.
في رأيي أن السيسي انتهى دوره والكثير من الأطراف الأن تعمل على إيجاد بديل له أو إقصاءه من المشهد بالكامل دون وقوع كارثة..
  
 




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الأحد، 4 أغسطس 2013

لا لفض الإعتصامات بالقوة.. حافظوا على أرواح المصريين.. وقع معنا



بيان للتوقيع
تنص مواثيق ودساتير العالم أجمع على حرية التجمعات والتظاهرات والإعتصامات، وبات التظاهر والإعتصام متاحا في مصر بعد سنوات طوال من القمع والخوف والمنع كأحد أبرز نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير.
ولم تنقطع التظاهرات والمسيرات والإعتصامات في مصر منذ يناير 2011 وحتى الأن في أماكن مختلفة ولأسباب كثيرة متباينة، وكلها كان يقطع الطرق أحيانا أو يعطل المرور أحيانا أو يشهد اشتباكات مع مواطنين أو مع قوات الشرطة والجيش أحيانا.
وفي كل الإعتصامات والتظاهرات السابقة في مصر اتهمت قوات الأمن المعتصمين والمتظاهرين بأنهم خارجون عن القانون أو مسلحون أو يعتدون على حريات الأخرين ويقطعون الطرق وصولا إلى تهم التمويل الخارجي والعمالة وأحيانا الخيانة وغيرها الكثير من التهم التي أصبح تكرارها غير مستساغا وفقدت مصداقيتها من كثرة اكتشاف أنها محض أكاذيب وبات الهدف من وراءها معروفا.

ويشدد الموقعون على هذا البيان أن تجاربهم مع فض قوات الأمن أو الجيش لأي اعتصام في مصر على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تلك القوات غير مدربة على عمليات فض الإعتصامات باحترافية تحقن الدماء، بل وربما هي غير حريصة على أرواح المعتصمين، حيث راح عشرات الضحايا وأصيب المئات واعتقل الألاف من المعتصمين في عمليات فض سابقة شاهدها الجميع صوتا وصورة.

وعليه فإن الموقعين على هذا البيان يرفضون بشكل قاطع ما يتم الترويج له حول نية قوات الأمن فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية وميدان نهضة مصر بالقوة بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع مطالبهم، حيث أن هذا الفض ينذر بسقوط مزيد من الضحايا على أيدي قوات الأمن وقوات الجيش وهو الأمر الذي كان له مؤشرات واضحة خلال الشهر الأخير من خلال ما جرى أمام دار الحرس الجمهوري ثم ما جرى أمام النصب التذكاري ووقوع نحو 400 قتيل وألاف المصابين.
ويطالب الموقعون على البيان كل العقلاء في مصر للدعوة إلى البحث عن حلول سياسية للأزمة القائمة تحقن دماء المصريين وتعيد الهدوء إلى الشارع دون الجور على حقوق أي طرف ودون الإنحياز لطرف دون الأخر.
ويشدد الموقعون على ضرورة التوقف عن ترويج الشائعات وبث روح التحريض والتخوين من جانب جهات وشخصيات رسمية ووسائل إعلام بعينها تجاه المعتصمين في الشوارع، كما يطالبون بضرورة قيام قيادات المعتصمين بالتهدئة وعدم بث روح التحريض ضد المخالفين لهم في الرأي.
ويؤكد الموقعون على البيان أنهم عازمون في حال الإصرار على فض الإعتصامات بالقوة المميتة على التصدي بأجسادهم كحائط صد لأي محاولات لفض الإعتصام لتكون دماءهم أول الدماء التي يسيلها من ينوون فض الإعتصام دون مراعاة لحرمة دماء المصريين التي بات كثيرون يستهينون بها في ظاهرة لم تعرفها مصر سابقا.
كما أنهم يحملون كلا من الفريق عبد الفتاح السيسي والمستشار عطية منصور والدكتور محمد البرادعي والدكتور حازم الببلاوي واللواء محمد إبراهيم مسئولية تلك الدماء.


اللهم احم مصر والمصريين واحقن دماءهم..

الموقعون:
د. سيف الدين عبد الفتاح   أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
الإعلامية أميمة تمام  التليفزيون المصري
الإعلامي وسام عبد الوارث   قناة الحكمة
د. محمود خفاجي   أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الأزهر
د. أماني مهدي    مدرس الفن والتصوير في جامعة حلوان
السفير إبراهيم يسري
عمرو عبد الهادي   محامي
سلامة عبد الحميد   صحفي
عبد الرحمن فارس  عضو المكتب التنفيذي لحزب التيار الشعبي
د. الشيماء الأناضولي  مدرس مساعد جامعة حلوان
د. طارق قريطم  أستاذ مساعد الجراحة جامعة الاسكندرية
د. عاصم الثاني  أستاذ مساعد الجراحة كلية طب سوهاج
علاء الجمل  صحفي
د. أسامة علي   رئيس مجلس إدارة المدارس القومية
عماد العيوطي   مخرج
حسام الغمري  كاتب مسرحي
د. شيرين رزق مدرس مساعد كلية أداب جامعة حلوان
اسراء الحكيم   صحفية



Sherin Rizk شيرين رزق مدرس مساعد باداب فرنسي حامعة حلوان



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الفريق الشاذلي الولاء لله اولاً قبل اي شئ



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الفتي في المفتي.. من الأخر: السيسي جاب جاز





بص يا سيدي:
السيسي اللعبة كبرت منه ومعدش قادر يلمها بعد الرافضين للإنقلاب ما غرقوا البلد مسيرات ومظاهرات. اقترح عليه المتنيل هيكل ينزل الناس بتوعه تاني الشارع بحجة تفويضه في مكافحة الإرهاب. اللي هي أصلا يعني شغلانة الجيش اللي بيقبض مرتباته عليها أصلا وبيستمد شرعيته منها.
قووم السيسي طلع عمل الشويتين بتوعه كممثل عاطفي وطالب الناس تنزل الشارع تفوضه في محاربة الارهاب. اللي هو الاعتصامات يعني.. ونزلوا الناس وعملو الفرح ورقص وهيصة وفوضناك واخترناك واتجوزناك إلخ الخ..
قووووم اتصل بيه وزير الدفاع الأمريكي هاجل قاله فكك من الأفلام دي يا سيسي. احنا اللي اخترعنا الحرب على الارهاب أصلا. والهري دا ما ياكلش معانا..
قوووم بعدين جات أشتون قالتله: الكلام بتاع فض الاعتصامات دا تبله وتشرب ميته. والناس اللي نزلت يومين وهتنسى وخلاص.. وهات الطيارة عايزة أقابل مرسي.
قوم السيسي معجبوش الكلام وراح قايل للأسطى ببلاوي يعمل فيلم تفويض الداخلية في فض الاعتصامات، ولاحظ طبعا إختفاء حدوتة الأرهاب اللي اتهزق عليها من أمريكا وأوربا.
قوووم طلعت الست درية أخت أمين الحزب الوطني في دمياط اللي بقت وزير الإعلام قالت إن مجلس الوزراء الببلاوي يفوض الداخلية في فض الإعتصامات وفتح الطرق ومنع العنف، اللي هي أصلا شغلتهم اللي بيقبضوا عليها مرتباتهم من غير تفويض.
قووووم الداخلية قالت للمعتصمين قدامكم مهلة لإخلاء الميادين ومش هنمسك حد منكم لو ساب الإعتصام. وسمعت إنهم هيطلعو للي هيمشي بطاقات كمان.
قوووم المعتصمين قالوله تعالى فض رابعة والنهضة لو دكر وإحنا هنعملك اعتصام في كل ميادين البلد. وعملوا بروفة عند مدينة الانتاج وفي الألف مسكن.
قوووم الداخلية جابت ورا. والسيسي جاب ورا. والبرادعي قال إن الاعتصام مش هيتفض بالقوة. والشيخ حسان "لا أنام" قال إن السيسي وعده إن الإعتصامات مش هتتفض وكدا يعني. هو أصلا عارف كويس إنه ما يقدرش يفض اعتصام بالحجم دا من غير دم يغرقه من ساسه لراسه ويخليه مجرم حرب مطلوب في كل محاكم الدنيا.
قوووم ايه بقى.. اللعبة دلوقتي بقت على المكشوف وفضيحة السيسي بقت بجلاجل ومعدش عارف يعمل ايه. حتى اعترف إنه زعلان إن أوباما ما كلموش من يوم الإنقلاب وسايب هاجل يكلمه كل يوم. رغم إن دا الطبيعي لأن هاجل وزير دفاع زيه يعني.
يعني لا الارهاب نافع ولا التفويض نافع ولا الإعلام نافع ولا الإشاعات نافعة ولا السلاح نافع ولا جهاد النكاح ولا الكورة الأرضية ولا اغمز بس بعينك واحنا ملك يمينك.
طب وبعدين؟؟؟؟
الحل دلوقتي حاجة من اتنين: السيسي ومرسي يروحوا يقضوا المعاش في جزر الكاريبي ومنشوفش وشهم الاتنين تاني.. أو واحد منهم يموت وأنصاره يخلصوا على أنصار التاني. أو الحرب الأهلية تقوم والبلد دي كلها تروح في داهية.. أو نستورد حد من المريخ يحكم البلد ونرمي كل دول في الزبالة.
بس كدا أربع حلول مش اتنين..

يا عم ما تاخدش في بالك: يعني هم اللي نزلوا يوم 30 يونيو كانو تلاتين مليون؟  ولا يكونش الإخوان هم سبب سقوط الأندلس؟!



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الخميس، 1 أغسطس 2013

يزيد صايغ يكتب: فوق الدولة.. جمهورية الضباط في مصر




المصدر: كارنيجي

الكاتب: باحث رئيسي في مركز كارنيجي للشرق الأوسط


يدور الصراع في مصر بين المسؤولين الجدد المُنتَخَبين ديمقراطياً، وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حول قيادة مستقبل البلاد في حقبة مابعد مبارك. فالمجلس الأعلى، الذي حكم مصر منذ أوائل العام 2011، يسعى إلى ترسيخ وصايته على البلاد في الدستور. والسلطات المدنية تحاول بدورها انتزاع السلطة من مؤسسةٍ عسكريةٍ شكّلت دعامة الحكم السلطوي لعقود، وتسعى الآن إلى البقاء فوق القانون. وهذا الواقع إنما يضع مصير العملية الانتقالية في مصر على المحك.
بعد العام 1991، وسّعت القوات المسلّحة المصرية توغّلها التام في كلّ مجال تقريباً من مجالات نظام حسني مبارك القائم على المحسوبيات. وجرت استمالة كبار الضباط عبر وعدهم بتعيينهم بعد التقاعد في مناصب رئيسة في الوزارات والهيئات الحكومية والشركات المملوكة للدولة، ومنحهم رواتب إضافية وفرصاً مربحة تُمكِّنهم من كسب دخل إضافي وزيادة موجوداتهم المادية، وذلك مقابل ولائهم للرئيس. جمهورية الضباط هذه شكّلت أداةً أساسيةً للسلطة الرئاسية، ولاتزال تحتفظ بنفوذها السياسي المتغلغل حتى بعد سقوط مبارك، مخترقةً جهاز الدولة والاقتصاد على السواء، لا على مستوى القيادة وحسب، بل أيضاً على المستويات كافة.
لذلك، وبغية تفادي الوصاية العسكرية الصريحة، لابد أن يتوصّل كلٌّ من الرئيس الجديد، محمد مرسي، والأحزاب السياسية في مصر، إلى توافق راسخ على الحدّ من الصلاحيات الاستثنائية التي يسعى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى تضمينها في الدستور الجديد. كما أنه من الضروري تثبيت الرقابة المدنية الفعّالة على تفاصيل ميزانية الدفاع وأي مصادر أخرى للتمويل العسكري.

مع ذلك، يجب أن يلزم القادة المدنيون الحذر. فكلما أحرزوا مزيداً من التقدّم، كافحت جمهورية الضباط أكثر لإحكام قبضتها على ما لها من سلطات، مستخدمةً شبكاتها الواسعة المتغلغلة في جميع أنحاء جهاز الدولة بغية عرقلة سياسة الحكومة وإصلاحاتها، وإعاقة تأمين الخدمات العامة، وتقويض النظام الديمقراطي الناشئ. إن جمهورية مصر الثانية لن تولد إلا عندما تزول جمهورية الضباط عن الوجود.

اليد الطولى لجمهورية الضباط

قدَّمَ تسليم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة رسمياً إلى الرئيس المنتخب محمد مرسي، في 30 حزيران/يونيو 2012، مؤشّراً مهماً على نهاية مرحلة مضطربة في عملية الانتقال السياسي في مصر وبداية أخرى يبدو أنها ستكون أطول وأكثر تعقيداً. إذ سيتعيّن على الرئيس المنتخب، في المستقبل القريب، أن يتعامل مع المجلس العسكري الذي يمارس السلطة التشريعية صراحةً، ويسعى إلى السيطرة على صياغة الدستور الجديد. أما على المدى البعيد، فسيواجه المسؤولون المنتخبون ديمقراطياً "جمهورية الضباط"، المتمثّلة بشبكات عسكرية مستديمة تخترق كل فروع ومستويات إدارات الدولة والقطاعات الاقتصادية المملوكة لها تقريباً. ومالَم يتم تفكيك جمهورية الضباط، فسوف تستخدم نفوذها السياسي الواسع وسيطرتها على الجيوب البيروقراطية والاقتصادية الرئيسة لمنع مرسي أو أي رئيس بعده من ممارسة السلطة الحقيقية، وإسقاط أي حكومة مستقبلية لاتكون على مزاجها.
واليوم بلغت جمهورية الضباط امتدادها الأوسع. فيتمتّع كبار الضباط بإمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من الوظائف الحكومية بعد التقاعد، وبرفض الحصول على الخدمات والسلع المدعومة، وبالسيطرة على الموارد والفرص الكبيرة ضمن الاقتصاد المدني، وبالمكانة الاجتماعية المرموقة. كما أن جمهورية الضباط تمارس سيطرة حصريّة على ميزانية الدفاع، والمساعدة العسكرية الأميركية، والشركات المملوكة للمؤسّسة العسكرية. يُضاف إلى ذلك أن جمهورية الضباط تستند إلى شعور عميق بالأحقيّة المؤسّسية والشخصية. ولذا، إن تقليصها وردّها إلى حجمها الطبيعي سيكون عملية دقيقة وطويلة تستغرق سنوات عديدة.
من جانبه، أخذ المجلس العسكري يحدّد المصالح التي يعتزم الدفاع عنها بصراحة متزايدة، فرسم الخطوط الحمراء، وأصدر تحذيرات غير مسبوقة في فظاظتها، ردّاً على كل مايعتبره تحدّياً للمكانة الاستثنائية التي يحتفظ بها لنفسه. ومن هنا تبدو المؤشّرات مثيرة للقلق. يسعى المجلس العسكري إلى فرض إدراج مواد في الدستور المصري الجديد تمنحه وصاية عسكرية دائمة. ولو نجح في ذلك، فستكون قدرة السلطات المدنية في المستقبل على وضع السياسات المستقلّة وتنفيذها لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تواجه مصر مقيّدة بشدّة. وفي هذه الظروف، سوف تعاني أي حكومة منتخبة ديمقراطياً من عدم استقرار مزمن.

دمج المقرّبين

ظهرت جمهورية الضباط في الأصل في أعقاب إطاحة النظام الملكي على يد القوات المسلحة المصرية في العام 1952، وخصوصاً بعد تثبيت العقيد جمال عبد الناصر رئيساً للبلاد عن طريق الاستفتاء الشعبي في العام 1956. وقد جرى نزع الصبغة العسكرية جزئياً عن مجلس الوزراء إلى حدّ كبير في عهد خلفه أنور السادات في السبعينيات، واستمر هذا الاتجاه في ظلّ التهميش السياسي الظاهري للقوات المسلحة المصرية خلال رئاسة حسني مبارك، التي بدأت في العام 1981، وهو رابع عسكري يشغل هذا المنصب منذ أن تعيَّنَ اللواء محمد نجيب رئيساً للوزراء في العام 1952، ثم رئيساً للجمهورية في العام 1953. لم تَزُل جمهورية الضباط يوماً، بل توسّعت بأشكال جديدة لتصبح الدعامة الأساسية لنظام مبارك القائم على المحسوبيات، إلى أن خرجت من ظلّه لتتولّى السلطة الكاملة في أوائل العام 2011.
على النقيض من تصوير القوات المسلحة المصرية في عهد عبد الناصر على أنها عامل تغيير اجتماعي في "الثورة من فوق"، التي أطلقها الرئيس آنذاك، حيث أشرفت على إعادة توزيع الأراضي و"مَصْرَنة" القطاعين الصناعي والمالي في الخمسينيات، وثم على السياسات الاشتراكية بدءاً من أواخر العام 1961 فصاعداً. أدّى دمج القوات المسلحة ضمن نظام مبارك إلى تخلّيها الكامل عن مهمتها الإيديولوجية السابقة. فتم استقطاب كبار الضباط إلى النظام الرئاسي القائم على التمتّع بالنفوذ والمحسوبية، وجرت استمالة القوات المسلحة ونزع الصبغة والدور السياسيَّين عنها. لكن بدل أن تنأى المؤسّسة العسكرية بنفسها عن الساحة، باتت خفية بفضل حضورها الطاغي: حيث تغلغلت جمهورية الضباط في الحياة المدنية لدرجة أصبح معها وجودها أمراً اعتيادياً وطبيعياً، ليس في نظر الآخرين وحسب، بل أيضاً، وهذا الأهم، في نظر أفرادها أنفسهم.

طائفة الضباط

بعد العام 1991، سارت عملية الدمج في نظام المحسوبية التابع لمبارك، من خلال الوعد بمنح "بدل ولاء" يحصل عليه كبار الضباط عند التقاعد، وذلك مقابل امتناعهم عن الانخراط في السياسة وقبولهم لرواتب متدنّية نسبياً، خلال سنوات الخدمة في القوات المسلحة. بالنسبة إلى الغالبية العظمى، يتضمّن هذا البدل فرصة لمواصلة وظيفة في القطاع الحكومي، مايضيف راتباً ثانياً إلى المعاش التقاعدي العسكري، ولكل منهما العلاوات والبدلات المرتبطة به.
يمكن للمتقاعدين العسكريين الذين تربطهم علاقات مع جهات نافذة أن يأملوا في تعيينهم في وظائف في الجهاز الحكومي المدني توفّر لهم فرصاً مربحة خاصة تمكِّنهم من تأمين دخل إضافي أو مضاعفة موجوداتهم المادية إلى جانب الرواتب والمعاشات. بالنسبة إلى القلّة، يجري التعيين الثاني بالتزامن مع الخدمة الفعلية في القوات المسلحة، مايخدم تكوين السيَر الذاتية وبناء العلاقات تمهيداً للحصول على مناصب أفضل بعد التقاعد. في كثير من الأحيان، يكون هؤلاء الضباط في طريقهم إلى تولّي مناصب قيادية عليا في فروع القوات المسلحة التي ينتمون إليها، ويمكن أن يطمحوا إلى الانضمام إلى مجالس إدارات الشركات التجارية المملوكة للدولة بعد تقاعدهم من الجيش. وهؤلاء هم الأكثر حظاً، والأكثر ولاءً.
فضلاً عن ذلك، نشأ بدل الولاء بوصفه حافزاً قوياً للصفين الثاني والثالث من الضباط كي يمتثلوا للنظام ريثما يأتي دورهم. بالنسبة إلى الضباط الذين يتقاعدون برتبة لواء، ويحصلون على مبلغ مقطوع يصل إلى 00040 جنيه مصري (6670 دولاراً)، ومعاش تقاعدي شهري يصل إلى 0003 جنيه (500 دولار)، لابدّ أن يشكّل احتمال حصولهم على رواتب شهرية تتراوح بين 100000 ومليون جنيه (16670 إلى 166670 دولاراً)، بحسب بعض التقارير، حافزاً قوياً. لكن نظام المحسوبية بات يعمل اليوم بطريقة مغايرة للنمط السائد في الثمانينيات، عندما عمل وزير الدفاع آنذاك، المشير عبد الحليم أبو غزالة، لكي يحقّق توجُّه القوات المسلحة نحو الاكتفاء الذاتي اقتصادياً الفائدة لجميع الضباط بلا استثناء. أما في عهد المشير محمد حسين طنطاوي، الذي عُيِّن وزيراً للدفاع في العام 1991، فإن فئة قليلة من أصحاب الرتب العليا ظلّت تحقّق القدر الأكبر من المكاسب نتيجة دمجها في نظام مبارك، فيما خسر الضباط ذوي الرتب المتوسطة والدنيا الكثير من المكاسب والمزايا الصغيرة إثر تعديل الإنفاق العام في مصر بعد ذلك الزمن.
رسّخت سياسة مسار مزدوج غير رسمية هذا الفصل. وفقاً لضباط ومسؤولين حكوميين سابقين أُجريَت معهم مقابلات لإعداد هذه الورقة، فإن صغار الضباط، ممَّن يعتبرون ذوي توجّهات سياسية أو غير جديرين بالثقة، لاتتم ترقيتهم بعد رتبة رائد، وبدلاً من ذلك يستكملون سنوات الخدمة الاعتيادية ثم يتقاعدون كما هو معهود في أوائل الأربعينات من أعمارهم على أبعد تقدير. وحدهم الضباط الذين يعتبر ولاؤهم مؤكداً يتجاوزون هذا الحاجز غير المرئي. وعندما يصل هؤلاء الضباط إلى الرتب الوسطى – أي مقدم، عقيد، عميد - يميلون إلى تحمّل رواتبهم وظروفهم المعيشية المتواضعة على أمل أن دورهم سيأتي أيضاً.
هذا لايعني أن عدد المستفيدين كان متواضعاً. بل على العكس تماماً، إذ تضخّمت "طائفة" الضباط الكبار، كما وصفها عالم الاجتماع المصري أنور عبد الملك في أوائل الستينيات، بشكل كبير نتيجة لعدد من التدابير. وكانت باكورة ذلك استحداث رتبة عسكرية رفيعة جديدة، هي فريق أول، في نهاية فترة التدخّل المصري في الحرب الأهلية في اليمن بين العامين 1962 و1966. هذا أدى إلى زيادة كبيرة جداً، ودائمة، في عدد الضباط الذين يمكن ترقيتهم إلى رتبة فريق ولواء.
إضافةً إلى ذلك، ظلّ احتياج القوات المسلحة إلى كبار الضباط ثابتاً على الرغم من انتهاء حالة الحرب مع إسرائيل في العام 1979، حيث يبلغ عدد الجنود في الخدمة الفعلية 468500، و479000 في الاحتياط، و72000 في القوات شبه العسكرية المرتبطة بالقوات المسلحة. كما توفّر القوات المسلحة عدداً كبيراً من كبار الضباط التنفيذيين والإداريين في وزارة الداخلية ومديرية المخابرات العامة التي تتبع الرئيس.
ولعل مازاد من عدد كبار الضباط هي الترقية التلقائية من رتبة عميد عند التقاعد (السن القصوى 54 سنة) إلى رتبة لواء. هذا يزيد من مكافأة نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي والعلاوات والبدلات الأخرى، ويزيد إلى حدّ كبير عدد الألوية المتاحين للتعيين في الجهاز الحكومي المدني والشركات التجارية المملوكة للدولة.
يرتكز هذا النظام أيضاً إلى آلية "الاستدعاء"، وهي العقود التي تبلغ مدّتها ستة أشهر قابلة للتجديد والتي يتم إصدارها لجميع الضباط الكبار عند التقاعد، وتسمح لهم بالبقاء في الزي العسكري وفي الخدمة الفعلية (باستثناء قيادة العمليات). ويمكن تجديد عقود الاستدعاء لمدة تصل إلى عشر سنوات، علماً أنها قد تمتدّ في بعض الأحيان إلى ضعفي هذه المدة. وتنفّذ العقود حتى لو كان المتقاعدون يشغلون مناصب أخرى مقابل راتب في القطاع المدني، سواء كان عاماً أم خاصاً. وبالنسبة إلى حَمَلة رتبة لواء، الذين يبلغ سن تقاعدهم الأقصى 58 سنة، فالاستدعاء يعزّز عضويتهم في جمهورية الضباط ويمدّ نفوذ القوات المسلحة بشكل كبير خارج الحدود الرسمية للمؤسّسة العسكرية.

عوامل الدمج في نظام محسوبية مبارك

ثمّة عوامل ثلاثة متضافرة دفعت دمج جمهورية الضباط في نظام المحسوبية التابع لمبارك. كان أولها تصميم مبارك على ألا يجازف بصعود رجل عسكري قوي آخر يمكن أن يشكّل تحدّياً لسلطته. وقد انعكس هذا في قيامه في العام 1989 بإقالة وزير الدفاع أبو غزالة، الذي كان يتمتع، بحسب اعتقاد الكثيرين، بشعبية تفوق شعبية رئيس الجمهورية، سواء داخل القوات المسلحة أم بين عامة الشعب. وبعد فترة فاصلة تولّى خلالها اللواء يوسف صبري أبو طالب (الفريق لاحقاً)، والذي يحظى بتقدير كبير، هذا المنصب، عُيّن طنطاوي وزيراً للدفاع في أيار/مايو 1991. في ظلّ طنطاوي، الذي وصفه ضباط مصريون لم يكشف عن أسمائهم بأنه "كلب مبارك"، حسب مانُقِل عنهم في برقية للسفارة الأميركية في العام 2008 نشرها موقع "ويكيليكس"، تم استقطاب المستوى القيادي في القوات المسلحة إلى قلب نظام المحسوبية.
ثانياً، أدّى الصراع المتصاعد مع الجهاديين الإسلاميين المسلحين، والذي ازداد مرارة بعد محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في العام 1995، إلى تسريع ضمّ سلك الضباط في القوات المسلحة إلى داخل نظام مبارك، علماً أن ذلك لم يكن واضحاً في البداية، نظراً إلى الاتجاه نحو زيادة الاعتماد على الأجهزة الأمنية. فقد ازداد عديدها ليصل إلى مايقدّر بـ1.4 مليون، وفقاً لبعض التقديرات، عند إطاحة مبارك، أو مايعادل قرابة 1.5 أضعاف حجم القوات المسلحة واحتياطيها مجتمعَين. في غضون ذلك، ارتفعت ميزانية وزارة الداخلية السنوية ثلاثة أضعاف مقارنةً بالزيادة التي شهدتها ميزانية الدفاع (أنظر الجدول 1).1
تحاول السلطات المدنية انتزاع السلطة من مؤسسةٍ عسكريةٍ شكّلت دعامة الحكم السلطوي لعقود، وهذا الواقع إنما يضع مصير العملية الانتقالية في مصر على المحك.شاع الاعتقاد أن ظهور "الدولة الأمنية" قد همّش القوات المسلحة، لكن صعود نجم الأجهزة الأمنية في المعركة ضد الإسلاميين، الذي حوّل الأنظار عن المؤسسة العسكرية، كان نوعاً من ذرّ الرماد في العيون لأن القوات المسلحة استمرت في لعب دور لاغنى عنه في المحافظة على النظام. أصبح المتقاعدون العسكريون يشغلون وظائف في جميع مستويات الحكم المحلي، حيث عملوا كذراع تنفيذية وأمنية موازية تتبع في نهاية المطاف الرئيس من خلال المحافظين الذين يعيّنهم. كما قامت القوات المسلحة، ولاتزال تقوم، بتقديم الضباط من الخدمة الفعلية لتولّي عدد كبير من المناصب القيادية والإدارية العليا في وزارة الداخلية ومديرية المخابرات العامة، مايدلّ ويؤكّد على دور القوات المسلحة العضوي في الحفاظ على نظام مبارك.
أما العامل المتضافر الثالث فتمثّل في نقطة التحوّل التي حدثت في العام 1991 عندما أطلق مبارك حملة كبرى لخصخصة المشاريع الاقتصادية التابعة للقطاع العام، على خلفية شطب جزء كبير من ديون مصر الخارجية، وإعادة التفاوض بينها وبين صندوق النقد الدولي على اتفاقية العام 1987، في أعقاب حرب تحرير الكويت. لم تؤدِّ الطريقة التي أُديرَت بها الخصخصة إلى "رأسمالية الدولة" ولا إلى اقتصاد سوق حرة حقيقي، بل إلى تطوّر رأسمالي مشوّه. وقد وفّر ذلك فرصة لكبار الضباط في القوات المسلحة للوصول إلى حيِّز كبير من الاقتصاد المصري الذي بقي مملوكاً للدولة. ويتم هذا الاحتواء للضباط ليس فقط من خلال التعيين في مجالس إدارات تلك الشركات، بل أوجدت الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة في الفترة التالية فرصاً جديدة للضباط السابقين المتواجدين في الإدارة المدنية، للحصول على الثروة أو لزيادة أملاكهم وموجوداتهم.

العودة إلى المجتمع العسكري 

يمكن اعتبار جمهورية الضباط التي عاودت الظهور بعد العام 1991 شكلاً مسخاً من "المجتمع العسكري" الذي قام في عهد عبد الناصر، وفقاً للوصف الذي أطلقه آنذاك أنور عبد الملك. إذ كان الدمج في نظام مبارك يعني أن مبارك هو الذي يتولّى "مجمل سلطة القرار السياسي، وليس مجرّد السيطرة على جهاز الدولة".2 بقيت القوات المسلحة لاعباً أساسياً في "نظام الحكم متعدّد الأطراف المتصارعة" المؤلّف من قوى مؤسسية وسياسية متنوّعة بإشراف الرئاسة، ومنها الأجهزة الأمنية والاستخبارية، والجماعات الاقتصادية الرئيسة، والحزب الوطني الديمقراطي، وخصوصاً عقب صعود نجم جمال مبارك، نجل الرئيس، ومَن حوله من وزراء ورجال أعمال متنفّذين بعد العام 2000، الذي هدّد بإخفاء أو تقليص نفوذ القوات المسلحة.3 وعلى الرغم من تغلغل جمهورية الضباط إلى أعماق جهاز الدولة، لم يُضفِ ذلك على المؤسسة العسكرية دوراً سياسياً استثنائياً. في الواقع، لم يكتَفِ مبارك بتطبيق تحذير عبد الناصر بأننا "لانريد سياسيين داخل الجيش"، بل عكس أيضاً وبنجاح أطروحة عبد الناصر القائلة بأن "الجيش ككلّ يشكّل في حدّ ذاته قوة في العملية السياسية الوطنية".4 إن عملية دمج كبار الضباط من قبل مبارك، التي ضمنت ولاءهم وإذعانهم له، أبعدتهم في الوقت نفسه عن واقع مصر الاجتماعي والسياسي، وقلّصت قدرتهم على المبادرة أو الإبداع، لكنّها لم تقلّص من رغبتهم في حماية سلطاتهم المكتسبة وامتيازاتهم المتراكمة.

يظهر ذلك الإرث جلياً اليوم في سلوك المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تسلّم مقاليد الحكم التنفيذية والتشريعية الكاملة من مبارك في 11 شباط/فبراير 2011. ويتألّف المجلس في العادة من وزير الدفاع ومساعديه الأساسيين (للشؤون المالية والقانونية وغيرها)، ورؤساء أركان فروع القوات المسلحة الرئيسة، ورؤساء الاستخبارات العسكرية وغيرها من المديريات، وقادة المناطق العسكرية الخمس. ولقد عمل المجلس الأعلى جاهداً لإقناع الضباط وضباط الصف والأفراد بأنه يمثّل مصالح القوات المسلحة ككلّ، وليس فقط مصالح كبار الضباط أو الشريحة العليا منهم. لكن، في الواقع، سعى المجلس إلى الدفاع عن الموقع المتميّز للمؤسسة العسكرية، التي تمتطي جهاز الدولة واقتصادها من خلال شبكات الضباط العاملين والمتقاعدين التي تتكوّن منها جمهورية الضباط. وإذا مابدت الفواصل بين القوات المسلحة والمجلس الأعلى وجمهورية الضباط غير واضحة، فيعود ذلك إلى حقيقة أنها مغشية وضبابية فعلاً. فإن ذلك الغموض، ومعه إمكانية التنفّذ من هيئة إلى أخرى وحرية التصرف، هو بعينه مايجهد المجلس العسكري لإدامته.
غير أن المجلس العسكري اضطر، على الرغم من ذلك، إلى الخضوع إلى عملية اختبار وتعلُّم غير مألوفة حين خرج من ظل مبارك واحتلّ موقع الصدارة في السياسة المصرية في أوائل العام 2011. فقد وجد صعوبة جمة في تقديم رؤية اجتماعية أو برنامج اقتصادي أو خطة سياسية متكاملة للعملية الانتقالية، وتعثّر مراراً حين حاول أن يصوغ تحديداً واضحاً لمصالحه أو أن يبتكر صيغاً دستورية لحمايتها. لم يكن المجلس رافضاً تماماً للسماح بحدوث انفتاح سياسي وإعلامي، كما لم يكن قادراً بشكلٍ كامل على التنبّؤ به أو الحيلولة دون حدوثه. لكنه كان أيضاً عاجزاً عن تصوّر أي سياسة تتطلّب إصلاحاً جوهرياً أو تغييراً هيكلياً إذ يعتبر أن ذلك ينطوي بالضرورة على تهديد ضمني له، فكيف به أن يشرع بمثل هذه السياسة. بل على العكس تماماً، عندما وجد المجلس العسكري نفسه في مواجهة عملية انتقالية غير مألوفة ومقلقة، لجأ إلى قيمه الأبوية وإرثه السلطوي، فاتخذ المواقف المتحفّظة والدفاعية أكثر فأكثر كلما شعر بوجود تحدٍّ مباشر لمكانته أو مصالحه الأساسية. وهذا يفسّر الكثير من ارتباكه وتردّده وتغييره المتكرر للمسار طيلة تعامله مع العملية الانتقالية.
مع ذلك، كان المجلس العسكري يصرّ بعناد تام على احتكار السلطة لتحديد الترتيبات الانتقالية، وتسلسلها، وجدولها الزمني. فقد رفض أن يحذو حذو نظيره الجيش التونسي، الذي ترك مهام تخطيط العملية الانتقالية وإدارتها بعد هروب الرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011، إلى "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"، المؤلّفة كلياً من المدنيين. في المقابل، أجاب المجلس العسكري لمحاوريه من المدنيين الذين اقترحوا ترتيباً مماثلاً بعد إطاحة مبارك: "نحن لانعمل على هذا النحو. لانعمل من خلال لجان مدنية عسكرية مختلطة". لكن تبيَّن أن إدارة المجلس العسكري للعملية الانتقالية في مصر تتّسم بالفوضى، إذ شوّش المجلس على العملية الدستورية، وأخّر التشريعات التي تحتاج إليها البلاد جداً، وتدخّل بطريقة مزاجية في الإدارة المالية؛ كما فشل في إصلاح وزارة الداخلية وإعادة العمل الشرطيّ، مع أن هذا كان أحد المجالات التي كان يمكن أن يحقّق فيها تقدّماً حقيقياً.
هذا السجل الحافل يؤكّد أن تصوير المجلس العسكري لنفسه منذ إطاحة مبارك بأنه وصي على الثورة المصرية، ينطوي على قدرٍ كبير من التحوير. فهو لم يبدأ بالعملية الانتقالية، بل اضطلع فيها في أحسن الأحوال بدور القابلة الذي فرضته عليه حركة الاحتجاج الجماهيرية، أو تصرّف في أسوأها على نحو استباقي، حيث أزاح الرئيس لكي يجهض حصول تغيير ثوري أعمق ويحمي نفسه. ويجدر التذكير بأن طنطاوي قد شغل منصب وزير الدفاع على مدى السنوات العشرين الأخيرة لحكم مبارك، وهي أطول فترة يمضيها أي شخص في هذا المنصب منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة والجيش العصري على يد محمد علي في أوائل القرن التاسع عشر.5 كان طنطاوي، إلى جانب أعضاء آخرين في المجلس العسكري، بمَن فيهم كبار مساعديه في وزارة الدفاع، قد تجاوزوا بالفعل سن التقاعد الرسمي المحدّد لكبار ضباط القوات المسلحة، وذلك قبل نقل السلطة إليهم في العام 2011 بوقتٍ طويل. وهذا لايمكن تفسيره إلا من خلال دورهم في حماية نظام المحسوبية الذي أقامه مبارك والاستفادة منه. البقاء كل هذه المدة الطويلة في المنصب إنما يعكس الولاء السياسي من جانب طنطاوي وزملائه الضباط لمبارك، وليس كفاءتهم المهنية العسكرية.
هذا الاستنتاج أكّده التقييم المسرّب من موظفي السفارة الأميركية في برقية تعود إلى العام 2008 بأن "الجهوزية التكتيكية والعملياتية للقوات المسلحة المصرية قد تراجعت" في عهد وزير الدفاع. ويصف ضباط ومسؤولون أميركيون مطّلعون على برامج المساعدات العسكرية لمصر القوات المسلحة المصرية بأنها لم تعد قادرة على القتال. أما الخبيران البارزان في الشؤون المصرية، كليمنت هنري وروبرت سبرنغبورغ، فيقولان بصراحة: "ليس الجيش المصري قوة محترفة منيعة كما يصوِّره الكثيرون. فهو مترهِّل وتتكون نواته من ضباط مدلّلين تم تسمينهم ضمن نظام المحسوبية الذي أقامه مبارك. أما تدريبه فيتّسم بعدم الانتظام، في حين تعاني معداته من افتقار شديد إلى الصيانة، كما يعتمد على الولايات المتحدة للحصول على التمويل والدعم اللوجستي".6 ويظهر ضباط مصريون صغار تم الاستشهاد بهم من دون ذكر أسمائهم في برقيات ويكيليكس وفي تقارير صحفية نشرت مؤخّراً - إدراكاً مماثلاً لهذا التراجع، في حين يشكو كبار الضباط المتقاعدين الذين تمَّت مقابلتهم في إعداد هذه الورقة من كون القوات المسلحة لاتزال تتمسك بعقيدة العمليات السوفييتية ولاتزال تحتاج إلى تطوير قدرة حقيقية في العمليات القتالية بالأسلحة المشتركة، على الرغم من أن الأميركيين يتولّون منذ ثلاثة عقود أعمال التدريب إلى جانب إقامة المناورات الأميركية المصرية المشتركة.
باختصار، يبدو أن القوات المسلحة أصبحت أكثر انغلاقاً من دون أن تكتسب الكفاءة كقوة مقاتلة. وبمعزل عن المظهر الخارجي للمؤسسة العسكرية المصرية، وإبرازها لذاتها كمؤسّسة تتسم بالحرفيّة في المقام الأول، أصبحت بلا ملامح واضحة، تمثّلها شبكات الضباط غير الرسمية التي تتغلغل في جهاز الدولة واقتصادها عبر نقاط لاتعدّ ولاتحصى، بقدر ماتمثّله فروعه القتالية الرسمية. لم تُختبَر القوات المسلحة في القتال منذ أربعة عقود – باستثناء مساهمة محدودة في عملية "عاصفة الصحراء" في الكويت في العام 1991، ويصفها الضباط الأميركيون بأنها كانت "خائبة" - وبالتالي يبدو أن الروح الجماعية لدى كبار الضباط تعتمد على الذهنية الدفاعية والتصوّر المحافظ بأن الإصلاح والتغيير يشكّلان مصدر تهديد كامن لهم، أكثر من اعتمادها على شعور حقيقي بأنها تضطلع بمهمة وطنية. هذا التراجع في الاحتراف المهني لدى القوات المسلحة المصرية وفاعليتها العملياتية ناتج إلى حدّ كبير عن التحوّل الهام الذي شهدته جمهورية الضباط بعد العام 1991.

جمهورية الضباط، النموذج المُعدَّل

من الشائع أن يكون للمؤسّسة العسكرية في الأنظمة الديكتاتورية حضور كبير ليس في المواقع الحكومية وحسب، بل أيضاً في المجالات التي تقع تماماً خارج نطاق اختصاص القوات المسلحة في مجالات الإدارة العامة، والبنية التحتية، والخدمات، والشرطة وأجهزة حفظ النظام العام، وفي مجالات الاقتصاد التي تسيطر عليها الدولة. وقد سارت عملية تنحية القوات المسلحة عن المشاركة العلنية أو المباشرة في السياسة في عهد مبارك جنباً إلى جنب مع تغلغل كبار الضباط في جهاز الدولة، وبالتالي في الاقتصاد السياسي في البلاد، حيث بلغ ذلك حدّاً غير مسبوق. وبعد أن انحسرت جمهورية الضباط إلى حدّ ما في عهد السادات، وخلال العقد الأول من حكم مبارك، نجد أنها تتوغل حالياً في القطاعين المدني والاقتصادي على نحوٍ أوسع بكثير، وهي تفعل ذلك لا على مستوى "المرتفعات المُسَيطِرة" وحسب، بل أيضاً على جميع المستويات.

نظرة تشريحية

كتب عبد الملك في العام 1967 أن الضباط الذين "نزعوا زيّهم العسكري وتخلّوا عن كل امتيازات الرتبة... حصلوا في المقابل على وظائف رئيسة في الدولة، مشكّلين بذلك الأغلبية الساحقة من كبار الموظفين الدبلوماسيين، ونسبة كبيرة من رؤساء ومديري وأعضاء مجالس الشركات الحكومية، إلخ. كما شكلوا نسبة كبيرة جداً من الوزراء ووكلاء الوزراء، والمدراء العامين ومدراء الوزارات المختلفة، إضافةً إلى السواد الأعظم من كبار العاملين والإداريين في الأجهزة الأمنية، فضلاً عن نسبة كبيرة جداً من المناصب الرئيسة في مجال الثقافة والصحافة والإذاعة والتلفزيون".7 وقدّر عبد الملك أن قرابة 1500 ضابط "تم تعيينهم في المراتب العليا في المؤسسة غير العسكرية" بين العامين 1954 و1962. 8أدّى إضفاء الصبغة المدنية على المجلس الوزاري وإدارات الدولة في عهد السادات إلى تغيير هذه الصورة بشكل ملحوظ مع بداية الثمانينيات، لكن المثير للاهتمام أكثر هو أن تشخيص عبد الملك يصلح مجدداً وبشكل دقيق لوصف الوضع الحالي.
اليوم، يكاد لايوجد دبلوماسيون مصريون (عدا الملحقين العسكريين) من القوات المسلحة، كما أن عدداً قليلاً من كبار المسؤولين في وسائل الإعلام ينتمون إليها سابقاً، مع أن مَن انتمى إليها منهم يشغل مناصب رئيسة في تلك الوسائل. لكن ارتفعت نسبة الوزراء ذوي خلفية عسكرية مجدداً خلال حكم مبارك، مقارنةً بعهد السادات: فإن الضباط السابقين في القوات المسلحة قد احتفظوا بشكل شبه دائم بحقائب الدفاع، والإنتاج الحربي، والطيران المدني، والتنمية المحلية (الحكم المحلي)، كما أمسك بعضهم أحياناً بوزارات أخرى مثل النقل، والاتصالات، والبيئة، والتضامن الاجتماعي (الشؤون الاجتماعية). إضافة إلى ذلك، كثيراً مايكون وكلاء الوزراء والمدراء العامون للوزارات من العسكريين المتقاعدين.
بيد أن التركيز على عدد الضباط السابقين في المناصب الرفيعة، والذي يُعتبر تقليدياً مؤشّراً على عسكرة (أو تراجع عسكرة) السياسة والحكومة في مصر، يؤدّي إلى حجب عدد العسكريين المتقاعدين في المناصب الإدارية في جميع مستويات الإدارات المدنية والشركات التجارية المملوكة للدولة. فعدد هؤلاء يصل إلى الآلاف، وذلك خلافاً لما كان عليه الحال في عهد عبد الناصر، حيث كانوا يتركّزون في المراتب العليا من تلك القطاعات، وقُدِّر عددهم آنذاك بـ1500. كما أن أغلبية الذين يشغلون المناصب العليا هم ممَّن يحملون رتبة لواء، مايعني أن هناك آخرين كثراً وأقل وضوحاً للعيان من "الضباط الإداريين" من الرتب المتوسطة في وظائف أدنى في جميع أجهزة الدولة. فضلاً عن ذلك، يتوفّر الضباط السابقون على خيار البقاء في زيهم الرسمي إذ كانوا لايزالون يخدمون المؤسسة الدفاعية، والاحتفاظ عموماً بـ"امتيازات الرتبة"، وهذا أيضاً خلافاً لما كان عليه الحال في عهد عبد الناصر.
تُجسِّد جمهورية الضباط الشاسعة والمترامية الأطراف اليوم نتيجة تراكمية لوظيفتين رئيستين قامت بهما خلال السنوات العشرين الأخيرة من حكم مبارك. فقد عملت، أولاً وقبل كل شيء، كحامي السلطة الرئاسية للملاذ الأخير وأداة للمحافَظة على النظام عبر تغلغله البيروقراطي في الدولة المصرية. ولم يمارس سلطته من خلال السيطرة المباشرة على مجلس الوزراء، كما كان عليه الحال في عهد عبد الناصر. وتركّز التغلغل البيروقراطي بشكل خاص على هيئات رقابية وإدارية منتقاة، وعلى الحكم المحلي، وعلى الأجهزة الأمنية ولو بطريقة يشوبها التوتّر أحياناً.
وتمثّلت الوظيفة الثانية في توفير مسارات لمواصلة الوظيفة وضمان الدخل المالي لكبار الضباط في مرحلة مابعد التقاعد، وتأمين مصادر دخل رئيسة للقوات المسلحة ككلّ. ولعل هذا يشكّل الإرث السياسي لعملية الدمج في نظام مبارك، الذي تسعى جمهورية الضباط إلى الاحتفاظ به كأولوية اليوم. وقد تحقّق ذلك من خلال اختراق القوات المسلحة لجهاز الخدمة المدنية بشكل عام، والسيطرة على بعض الخدمات والبنية الأساسية والأشغال العامة، والبرامج المتعلّقة بالأراضي (حيث يتّخذ الكثير منها حالياً شكل شركات تجارية مملوكة للدولة)، والسيطرة الحصرية على المشروعات الاقتصادية المملوكة للمؤسّسة العسكرية.

الأجهزة الرقابية والإدارية المركزية

من بين أجهزة الرقابة المتعدّدة في الدولة المصرية، يمكن القول أن هيئة الرقابة الإدارية تُعتبر الأهم. وهي تمثّل أيضاً النموذج الأكثر أهمية لاختراق المؤسسة العسكرية للإدارات المدنية. تأسّست هذه الهيئة في العام 1958 للتحقيق في الانتهاكات الإدارية والمالية، ويشمل اختصاصها مكافحة الفساد في جميع أنحاء البلاد، وفي أجهزة الدولة كافة، باستثناء القوات المسلحة، التي لاتخضع إلى أي رقابة مدنية عدا رقابة الرئيس، الذي كان دائماً عسكرياً سابقاً إلى أن تم انتخاب مرسي.
كان من الواضح أن الهدف من هذه الهيئة هو أن تكون أداة للسلطة الرئاسية. فهي واحدة من بين "عدد كبير من الأجهزة والمبادرات الرامية إلى مكافحة الفساد... والتي يسيطر عليها الرئيس بشكل مباشر أو غير مباشر".9 ويطابق دورها دور هيئة النيابة الإدارية، التي أنشئت بموجب قانون وُضِع في العام 1954 لإجراء تحقيقات قضائية في الفساد المالي والإداري في جهاز الخدمة المدنية، كما يتقاطع مع وظائف الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي كان أيضاً يرفع تقاريره حصراً إلى الرئيس منذ العام 1988. الفرق المهم هو أن رئيسَي وموظفي الهيئتين الأخيرتين هم من المدنيين، وتحديداً من المحامين والمحاسبين المؤهّلين، في حين يأتي رئيس وكبار مسؤولي هيئة الرقابة الإدارية دائماً من القوات المسلحة، حيث يرأس خليط من ضباط الجيش والشرطة أقسامها التنفيذية وفروعها الإقليمية.
في ظل حكم مبارك، عملت هيئة الرقابة الإدارية كوسيلة لترهيب المعارضين ومعاقبتهم، والسيطرة على مؤيّدي النظام. وكان بالإمكان أيضاً كبح جماحها عندما تهدّد تحقيقاتها السياسيين أو رجال الأعمال المقرّبين من الرئيس. في العام 1996، استُبدِل رئيسها اللواء أحمد عبد الرحمن، بعد إصراره على متابعة التحقيق في قضية فساد ضد وزير الإسكان إبراهيم سليمان.10 وكان بديله اللواء هتلر طنطاوي أكثر إذعاناً على مايبدو، حيث جدّد له مبارك ثلاث مرات. بعد تقاعد طنطاوي في العام 2004، نُشِرَت اتهامات بأنه استغلّ منصبه للحصول على عدد من الأملاك، بما في ذلك سكن ضباط مدعوم وأراض في مناطق تطوير عالية القيمة، حيث يُزعَم أنه نقل بعضها إلى أولاده وأحفاده.11 كما جُدِّد لخليفة طنطاوي، اللواء محمد التهامي، أربع مرات منذ أن انتهى تعيينه الأصلي في العام 2008، كان آخرها من جانب المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري في كانون الأول/ديسمبر 2011، على الرغم من المزاعم بأن التهامي كان أيضاً متورّطاً بممارسات فاسدة.
إضافة إلى ذلك، تمثّل هيئة الرقابة الإدارية وسيلة لاستعادة اختراق الجيش لإدارات الدولة. إذ يتلقى جميع وزراء الحكومة بشكل روتيني قوائم من هذه الهيئة - وكذلك من هيئة التنظيم والإدارة في القوات المسلحة - تحوي أسماء ومؤهّلات الضباط الذين شارفوا على التقاعد ويسعون إلى الحصول على وظائف جديدة. للوزراء إسمياً الحرية في عدم توظيف أي منهم، لكن من الواضح أن بعض الوزارات والإدارات المدنية أصبحت أشبه بإقطاعات عسكرية يشغل فيها الضباط السابقون دائماً المناصب العليا.
ويتعزّز هذا النمط من خلال عمل الهيئة المركزية للتنظيم والإدارة، المسؤولة عن تطوير وإصلاح جهاز الخدمة المدنية وعن "التعبئة للمجهود الحربي" وفقاً للمادة 8 من القانون الرقم 118 للعام 1964، الذي أنشئت بموجبه. رئيسها الحالي، اللواء صفوت النحاس، انضم أصلاً عند تقاعده من سلاح الجو، إلى طاقم مكتب رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد، ليشغل منصب الأمين العام لمجلس الوزراء إلى أن تم تعيينه في الهيئة المركزية في العام 2004، مايؤكّد على وجود الحلقة التي تتعزّز ذاتياً من الشبكات والتعيينات لعسكريين في المناصب الإدارية المدنية.

الحكم المحلي

يشهد مجال الحكم المحلي المجال أكبر تركيز للضباط المعيَّنين في مناصب مدنية، حيث يلعبون دوراً مباشراً في المحافظة على النظام، على جميع مستويات السلطة البلدية بدءاً من المحافظات وصولاً إلى أحياء المدن والقرى. وقد برز الحكم المحلي أساساً في عهد عبد الناصر باعتباره وسيلة مهمة لتأكيد سيطرة الرئيس على أنحاء البلاد، وذلك عبر موازاة، والحدّ من، سلطات ومسؤوليات وحتى ميزانيات الوزارات الحكومية المركزية وغيرها من الهيئات والسلطات المدنية العامة. المحافظون هم ممثلو الرئيس وأعلى المديرين التنفيذيين وأرفع مسؤولي أمن في كل محافظة. ويُعتبَر التقسيم الموازي لمصر إلى خمس مناطق عسكرية مُكمِّلاً للهيمنة على الهيئات المدنية، باعتبار أن إحدى مهام قادة المناطق العسكرية هي التنسيق مع المحافظين والسلطات المدنية المحلية لضمان الأمن الداخلي.
ظل هيكل الحكم المحلي يتّسم بدرجة عالية من التراتبية الهرميّة منذ العام 1960، عندما أُعيد تقسيم البلاد إلى 26 محافظة، حيث تتدفّق السلطة حصراً من أعلى إلى أسفل. يوجد في مصر حالياً 27 محافظة، في أعقاب عملية إعادة التنظيم الأخيرة التي شهدها العام 2011، علماً أن محافظة القاهرة تنقسم أيضاً إلى أربع مناطق إدارية، يرأس كلاً منها نائب محافظ، ثلاثة منهم ضباط سابقين. في المرتبة الهرمية التالية يوجد 166 "مركزاً" و200 منطقة حضرية توصَف بأنها "مدن" على مستوى البلاد ككلّ (وفقاً لإحصائيات العام 2002). ثم تأتي مئات أحياء المدن– كان في القاهرة وحدها 23 حياً في العام 2002، و34 بحلول العام 2012 وفقاً لإحدى الإحصائيات، إلى جانب أحياء الجيزة، التي تشكّل محافظة منفصلة، علماً أنها جزء من مدينة القاهرة الكبرى - و4617 قرية، منها 920 قرية كبيرة بما يكفي ليكون لها مجلس محلي خاص بها (بحسب إحصائيات العام 2002).
يُشكَّل الهيكل بكامله عن طريق التعيين من أعلى. إذ يعيّن رئيس الجمهورية المحافظين في حين يتولّى رئيس الوزراء تعيين رؤساء المراكز والمدن والأحياء؛ ويعيّن المحافظون رؤساء القرى، أما وزارة الداخلية فتُعيِّن العمدة في القرى الصغيرة "التابعة" التي ليس فيها مجالس محلية. فهناك مجلس محلي على كل مستوى بدءاً من المحافظة نزولاً، يتألّف أعضاؤه من الموظفين برواتب الذين يعيّنهم رؤساء كل مستوى كي يتولّوا المهام التنفيذية، ويرأس كل مجلس أمين عام وأمين عام مساعد. وهناك هيكل موازٍ من "المجالس الشعبية المحلية" المنتخبة التي توفّر لمسة ديمقراطية، لكنها لمسة تجميلية بحتة كونها لاتملك أي صلاحيات تنفيذية على الإطلاق، وتقوم فقط بتقديم نصائح "استشارية" إلى جانب الموافقة اسمياً على الميزانيات المحلية.
وباستثناء "المجالس الشعبية المحلية" – وذلك لسبب واضح يتمثّل في أنها لاتتمتّع بأي صلاحيات أو موارد تُذكَر – يوجد عدد كبير من الضباط السابقين في مستويات وأنحاء هيكل الحكم المحلي كافة، مايوفِّر لهم الأمان الوظيفي بعد التقاعد، فيما يخدم وجودهم بسط نفوذ السلطة الرئاسية لتشمل كل ركن من أركان البلاد. يجدر الذكر أن 50-80 في المئة من المحافظين لهم خلفية عسكرية في أي وقت من الأوقات منذ التسعينيات، في حين جاء 20 في المئة آخرين من الشرطة أو أجهزة الأمن الداخلي.12 فضلاً عن ذلك، يجري توزيع مناصب المحافظين وفقاً لنمط واضح، حيث يتولّى عادةً قادة المناطق العسكرية السابقون (وهم من القوات البرية) مناصب المحافظين في محافظات القاهرة (أو المناطق الفرعية الأربع)، والسويس وسيناء، على سبيل المثال، في حين يتولّى الدفاع الجوي وحرس الحدود والبحرية مناصب المحافظين في المحافظات الغربية والجنوبية والإسكندرية ومحافظة البحر الأحمر.
غير أن تركيز المعلِّقين عادةً على عدد المحافظين الذين يتم استقدامهم من القوات المسلحة يُخفي بشكل صارخ الحجم الحقيقي لتوغّل المؤسّسة العسكرية في الحكم. فالضباط المتقاعدون يشغلون نسبة أكبر من المناصب الثانوية، مثل نائب المحافظ، ومدير مكتب المحافظ، والأمين العام والأمين العام المساعد للمجلس المحلي في المحافظة. ويتكرّر هذا بشكل واسع النطاق في كل المستويات الإدارية الدنيا من المراكز والمدن وأحياء المدن والقرى. ويكفي ذكر مثال واحد لتلخيص النمط العام: في 22 شباط/فبراير 2012، وقَّع وزير الإنتاج الحربي، اللواء علي إبراهيم صبري، اتفاقاً لتطوير سوق الجملة في محافظة الجيزة، وقد وقَّع عن الطرف الآخر الرئيس التنفيذي لسوق الجملة اللواء محمد سامي عبد الرحيم، وذلك بحضور نائب محافظ الجيزة اللواء أسامة شمعة والأمين العام للمجلس المحلي اللواء محمد الشيخ ومساعده اللواء أحمد هاني. على الرغم من هذا المثال، وحتى لو كان هناك ضابط سابق واحد فقط يشغل منصباً في كل هيئة تنفيذية ضمن كل مستوى من مستويات الحكم المحلي – وهذا بالتأكيد افتراض متواضع جداً – يصل المجموع الكلي للمناصب التي يشغلها ضباط سابقون من القوات المسلحة في هيكل الحكم المحلي على المستوى القومي إلى نحو 2000.
ولاتنتهي المسألة هنا. فالحكم المحلي يكرّر عمل الوكالات الحكومية المركزية أو يشرف عليها، في مجال الخدمات والتنمية الاجتماعية والصحية والرعائية والتربوية، حيث يوجد للمحافظة، وكل مركز من المراكز والمدن التابعة لها، مدراء للتخطيط والعقارات المالية والمشاريع و الشؤون الفنية والهندسية. إضافةً إلى ذلك، يدير هؤلاء مجموعةً واسعةً من الدوائر الخدماتية وفروع شركات المرافق العامة والكيانات الحكومية الأخرى، التي تحتاج جميعها إلى الموظفين. في كثير من الحالات، تُملأ هذه الوظائف بالضباط السابقين. وفي كثير من الأحيان يتولّى أيضاً المتقاعدون من القوات المسلحة، وكذلك من أجهزة الشرطة أو الأمن، رئاسة الدوائر المتخصصة. وهذه تشمل، على سبيل المثال، دائرة المحاجر والخدمات الجيولوجية وشعبة البيئة في محافظتي سيناء والبحر الأحمر، وهما محافظتان غنيتان بالموارد الطبيعية المجزية وتوفران فرصاً للحصول على دخل إضافي غير رسمي. وبما أن لدى المحافظين مستشارين عسكريين، فمن الطبيعي أن يأتي هؤلاء المستشارون من القوات المسلحة. وبإضافة هؤلاء المتقاعدين إلى المجموع العام، يصل عدد الضباط السابقين الذين يشغلون مناصب إدارية في مفاصل الحكم المحلي كافة إلى آلاف عدة.
بدا أن ظهور "الدولة الأمنية" في عهد مبارك بعد العام 1991، التي احتلّت فيها الأجهزة الأمنية موقع الصدارة في فرض سلطة الرئيس في الحفاظ على النظام، أزاح القوات المسلحة إلى الهامش. وأدّى ذلك أحياناً إلى التنافس الحاد على الموارد والنفوذ المؤسّسي. وقد نظر ضباط القوات المسلحة إلى وزارة الداخلية وأجهزة الشرطة والأمن المرتبطة بها نظرة ازدراء تعمّقت خلال العقد الأخير من حكم مبارك، وعاد ذلك جزئياً إلى الاعتقاد أنها مشتركة في دائرة الفاسد التي أخذت بالتوسّع منذ صعود نجم جمال مبارك، نجل الرئيس، والسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي تبنّاها. غير أن تغلغل ضباط القوات المسلحة في وزارة الداخلية ومديرية المخابرات العامة، ودور المتقاعدين العسكريين والأمنيين على حدّ سواء في هيكل الحكم المحلي، إنما يوحي أيضاً بدرجة من تكامل الأدوار بين المؤسستين العسكرية والأمنية في الحفاظ على النظام.
ويرجّح أن يزداد ذلك التكامل بشكل ملحوظ، بعد أن أكّد المجلس الأعلى للقوات المسلحة صدارته منذ تولّيه السلطة في شباط/فبراير 2011. فقد أضعف مباحث أمن الدولة وحجّمها، وترك الشرطة وقوات الأمن المركزي ذات المعنويات المنهارة تائهةً، فيما رفع من شأن مديرية المخابرات العامة لتكون ذراعه وأداته الداخلية الرئيسة إلى جانب الاستخبارات العسكرية، التي كان وزير الدفاع طنطاوي قد أوكل إليها ببعض مهام المراقبة الداخلية حتى قبل سقوط مبارك بسنوات عدة. وعلى الرغم من أن الشرطة والأجهزة الأمنية سوف تُلحَق مجدّداً بالسلطات المدنية من الآن فصاعداً، إلا أن ذلك سيكون اسمياً، والمجلس العسكري يتموضع بوضوح ليحتفظ بالنفوذ الحاسم. ومايشير إلى ذلك هو إعادة تأهيل مباحث أمن الدوة وقوات الأمن المركزي، الفاقدة للشرعية منذ انتفاضة 2011. فإن تحسين قدراتها البشرية وعتادها من شأنه إراحة أجهزة القوات المسلحة (الاستخبارات والشرطة العسكرية) من عبء حفظ النظام العام، غير أن سعي المجلس العسكري أيضاً إلى حسين صورة أجهزة الأمن الداخلي لدى الجمهور خلال مديح دورها في حماية الدولة منذ ثورة العام 1952، إنما يعزّز من ارتباطها بجمهوية الضباط ويعيد ضمناً اصطفاف قطاع الأمن بكامله خلف القوات المسلحة. وصحيح أن كل ذلك لن يزيل تماماً التنافس بين المؤسستين، غير أن المرجح أن يزداد التكامل في مابين اختراق المتقاعدين العسكريين والأمنيين لجهاز الدولة، مايعزّز مرتكزات جمهورية الضابط.

الخدمة المدنية
 

يخترق ضباط القوات المسلحة السابقون قطاعات الخدمة المدنية كافة، حيث يديرون الجامعات، أو يتواجدون في مجالس إدارة الكليات الأكاديمية أو مراكز البحوث المتخصصة، كما يعملون مدراء وموظفين في المعاهد القومية للمقاييس والمعايير وللتغذية، وجمعيات حماية المستهلك ومراقبة المياه، والمستشفيات الحكومية والملاعب الرياضية. كما يرأس ضباط آخرون هيئات متنوعة مثل الإذاعة والتلفزيون، والمجلس القومي للشباب، والهيئة العامة للأبنية التعليمية، والجمعية العامة للمعاهد القومية التي تتولّى إدارة المدارس الأجنبية التي صودِرَت في أواخر الخمسينيات، إضافة إلى الهيئة العامة للتنمية الصناعية. كما يتولّى المتقاعدون العسكريون رئاسة وشغل قسم كبير من الوظائف في الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء - التي تُعتبَر المصدر الرئيس للبيانات بالنسبة إلى جميع الجهات الحكومية والجامعات ومراكز البحوث والمنظمات الدولية - وفي العديد من الهيئات التي تخدمها. والقائمة تكاد لاتنتهي.

المرافق والأشغال والبنية الأساسية العامة

ثمّة عدد مُلفِت من الضباط (معظمهم من المتقاعدين، لكن بعضهم لايزال في الخدمة الفعلية) هم أعضاء في مجالس الإدارة لمجموعة كبيرة من المرافق العامة المملوكة للدولة ومشاريع البنية الأساسية الرئيسة ومايرتبط بها من أشغال وخدمات. العديد من هذه المرافق هي جزء من الشركات التجارية القابضة الكبيرة التي تأسَّست كمشاريع اقتصادية مملوكة للدولة خلال المرحلة الأولى من الخصخصة بدءاً من العام 1991 (أي تحويل المشاريع الاقتصادية للقطاع العام إلى شركات تجارية تعمل في إطار القواعد المالية للضرائب والأجور المطبّقة على الشركات الخاصة).
كما أن الضباط هم رؤساء أو أعضاء في مجالس إدارة الشركات القابضة للطيران والمطارات، والنقل البحري والبري (بما في ذلك جميع هيئات الموانئ البحرية) والكهرباء والمياه والصرف الصحي – والعديد من شركاتها الفرعية التي تملكها جزئياً أو كلياً. كما يهيمنون على قطاعي النفط والغاز الطبيعي التابعَين للقطاع العام، وعلى شركات الخدمات المتّصلة بها. والأمر نفسه ينطبق على بعض المرافق الأخرى مثل الشركة المصرية للاتصالات "إيجيبت تيليكوم" Egypt Telecom، التي هي الآن شركة مساهمة تحتكر خطوط الهاتف الثابتة، وتمتلك حصة متنامية في سوق الهواتف المحمولة، كما ينطبق ذلك أيضاً على الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
يتمتع المتقاعدون العسكريون أيضاً بتمثيلٍ كبير في الوزارات والهيئات الحكومية التي تتعامل مع القطاعات المتعلّقة بالأراضي مثل الإسكان، وإدارة العقارات، والأشغال العامة، والاستصلاح والتنمية الزراعية، والسياحة. فهم يهيمنون على الجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان، والذي يتولّى بناء المساكن والطرق الدائرية في المدن والجسور. كما يضطلعون بدور قيادي في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التي يديرها لواء متقاعد في القوات المسلحة. ويرأس المتقاعدون العسكريون أيضاً الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وهي الهيئة المسؤولة عن مشاريع الري والاستزراع العملاقة في "توشكي" وفي شمال سيناء والعوينات الشرقية والوادي الجديد، والقطاعات ذات الصلة مثل الصوامع والتخزين الزراعي. كما يتولّى عسكريون متقاعدون إدارة هيئة التنمية السياحية وهيئة الأوقاف، التي تتولّى إدارة الأوقاف الإسلامية ومصادر دخلها بالتوازي مع وزارة الأوقاف.
يوفّر الحصول على وظيفة في هذه الهيئات المختلفة عملاً مضموناً للمتقاعدين. على سبيل المثال، ينتقل الضباط السابقون في سلاح الطيران مباشرةً إلى قطاع الطيران المدني والمطارات. كما ينتقل ضباط البحرية إلى العمل في مجال النقل البحري والموانئ البحرية وقناة السويس. أما نظراؤهم في سلك الإشارة فينتقلون إلى العمل في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ في حين يتّجه أفراد الجيش إلى مجال البناء والنقل البري والأشغال العامة. ويتولّى عادةً رؤساء الأركان السابقون من مختلف أفرع القوات المسلحة، الذين يتقاعدون برتبة فريق، أكثر المناصب الإدارية ربحيةً، حيث يترأسون العديد من أكبر الشركات القابضة المملوكة للدولة. لكن حتى أولئك الذين يجري تعيينهم في مجالس إدارات الشركات الفرعية، أو يتم توظيفهم كمستشارين، يشكّلون أقلية تحظى بالامتيازات بالمقارنة مع العدد الأكبر من المتقاعدين العسكريين الذين يُدمَجون في إدارات الدولة المدنية (كما ستتم مناقشته ذلك لاحقاً).

المشاريع الاقتصادية العسكرية

تدير جمهورية الضباط اقتصادها العسكري الرسمي الخاص، الذي يدرّ عليها مصادر دخل لاتمرّ عبر الخزينة العامة. يوجد مكتب خاص في وزارة المالية يُدقِّق في حسابات القوات المسلحة والهيئات التابعة لها، وعلى الأرجح بالتنسيق مع مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، إلا أن بياناته وتقاريره لاتخضع إلى سيطرة أو إشراف البرلمان أو أي هيئة مدنية أخرى. ويُعتقَد أن جزءاً من العوائد يُنفَق على بدلات الضباط ومساكنهم، وعلى إدخال تحسينات أخرى على مستويات المعيشة. أما الباقي فيُعاد استثماره أو يُستخدَم لتكملة الإنفاق على الصيانة والعمليات والمقتنيات التي لاتغطيها ميزانية الدفاع أو المساعدات العسكرية الأميركية.
يتكوّن الاقتصاد العسكري من أربعة أقسام رئيسة هي: الصناعات العسكرية التي تتبع وزارة الإنتاج الحربي، والهيئة العربية للتصنيع المملوكة للدولة، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة لوزارة الدفاع، والمشاريع المُدِرّة للدخل الخاصة بالقوات المسلحة، بما في ذلك النوادي والفنادق العسكرية وعقود الأشغال العامة المدنية التي تتولاها هيئة الهندسة العسكرية، ودائرة الأشغال العسكرية، ودائرة المياه التابعة لها. وقد تفرّع هذا القطاع بأكمله إلى مجموعة متشعّبة ومتنوّعة ومتزايدة الأهمية للإنتاج المدني وتقديم الخدمات في القطاع المدني منذ التسعينيات. وشيئاً فشيئاً يتصرّف اقتصاد المؤسّسة العسكرية كقطاع تجاري، ساعياً إلى إقامة الشراكات أو المشاريع المشتركة مع الشركات المحلية والأجنبية الخاصة، وباحثاً عن فرص للتصدير والاستثمار في الخارج.13

"هذا لنا": إعادة النظر في المجتمع العسكري المصري

إن أحد أكثر الأمور لفتاً للنظر المفارقة بين المدى الشمولي لحضور القوات المسلحة في حياة مصر، وبين قلّة مايعرفه أي شخص من خارج المؤسسة العسكرية، وربما من داخلها، بتركيبتها الاجتماعية. ويعكس هذا المزيج المتناقض من التغلغل والعزلة الطريقة الخاصة التي تفاعلت بها جمهورية الضباط في آن مع التحول الاقتصادي الليبرالي الجديد وتوطيد السلطوية السياسية منذ العام 1991. في العقد الأول، اتّسم تفاعلها أساساً بالتكيّف السلبي. فقد نُقِلَت الشبكات غير الرسمية، التي تشكّلت في الكلية العسكرية وخلال الخدمة الفعلية، إلى داخل الإدارات المدنية للدولة، وذلك مع قيام الضباط الموظفين في تلك الإدارات بتعيين زملائهم المتقاعدين في مناصب إدارية أو هيئات استشارية. كما استُنسِخَت تلك الشبكات في مشاريع تجارية مملوكة للدولة، حيث يقوم المدراء والإداريون ومسؤولو المقتنيات من ذوي الخلفيات العسكرية بمنح العقود إلى الإدارات الإنتاجية أو الخدماتية في القوات المسلحة، أو بتلقّي عقود منها لإنجاز مجموعة واسعة من خدمات البناء والتصنيع والتركيب والتجهيز والصيانة.
تعاملت جمهورية الضباط بدرجة أكبر من المبادرة مع الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي وفَّرها تعميق الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة منذ أوائل الألفية الثالثة. وتتمدّد شبكات الضباط حالياً على نحو متزايد إلى القطاع الخاص أيضاً، إذ إن عدداً قليلاً فقط من الشركات المسجَّلة رسمياً توظّف ضباط متقاعدين أو احتياط، كما أن الضباط قد يكونون في طور تشكيل شركاتهم الخاصة للفوز بعقود من الباطن. ولايقلّ أهمية عن ذلك طموحُ الشركات التجارية المملوكة للدولة التي يديرها عسكريون متقاعدون، والشركات المملوكة للمؤسّسة العسكرية، للعمل في الأسواق الإقليمية والدولية الأوسع.
باختصار، أصبح كبار الضباط المتجذرين بقوة في قطاعات الاقتصاد المدني أكثر ميلاً إلى المبادرة التجارية والاقتصادية. فهم يمتطون الحدّ الفاصل بين المجالين العسكري والمدني، والعام والخاص، لكنهم لايزالون يعتمدون حتى الآن اعتماداً كلياً على التعيين السياسي والمنصب الإداري في داخل الدولة لتأمين مدخل إلى الاقتصاد والحصول على الفرص. وسواء كانوا يطمحون بصورة متعمّدة إلى الاندماج التام في "الطبقة الوسطى الجديدة" الآخذة في الصعود أم لا، إنهم بالتأكيد يحاكونها عبر تلمّسهم للفرص التي تمكِّنهم من تأمين زيادات حادّة في الدخل القابل للتصرّف به، والمضاربة في قطاع العقارات، والانتقال إلى مايشبه المجتمعات المسوّرة.
لاتزال هذه الاتجاهات في طور النشوء. إذ لاتوجد حدود واضحة المعالم بين المرحلة الأولى من الدمج في نظام مبارك للمحسوبيات خلال التسعينيات، وبين المرحلة الثانية التي تزامنت مع تكثيف السياسات الاقتصادية والاجتماعية الليبرالية الجديدة وتعميق الخصخصة بدءاً من العام 2000. كما أن الحدود مبهمة بين جناح جمهورية الضباط الذي يتّسم بميله البارز إلى المبادرة التجارية والاقتصادية، وبين السواد الأعظم من سلك كبار الضباط. لكن بالنسبة إلى الجميع شكَّل الارتفاع الكبير في المداخيل القابلة للتصرف بها الفائدة الأكبر، ولو أنها توزّعت على نحو غير متكافئ في أوساط جمهورية الضباط برمّتها.

الاستيلاء على فرص الدخل

يعتبر ضباط القوات المسلحة العاملون والمتقاعدون على حقّ أن الرواتب وظروف الخدمة متدنّية، ويدركون تماماً أن الرواتب في القطاع الخاص، وحتى في المؤسّسات التجارية المملوكة للدولة، قد ارتفعت أكثر بكثير من مرتباتهم خلال العقدين الماضيين من الخصخصة المتتالية. وكما يشير المتقاعدون على سبيل المثال، إن الحدّ الأدنى لراتب الطيار الذي يعمل في شركة الطيران الوطنية، مصر للطيران، يفوق بمرات عدة راتب طيار مقاتل من سلاح الجو يمتلك سنوات عديدة من الخبرة. وهذا يفسّر الشعور بالامتعاض الذي يبديه بعض المتقاعدين عند سماعهم الحديث عن "امتيازات" المؤسّسة العسكرية. لكن بالنسبة إلى غالبية الضباط المتقاعدين، الفرصة لزيادة المعاشات التقاعدية، وتعويضات نهاية الخدمة، وعلاوات التقاعد الممنوحة لمدى الحياة براتب مُكمِّل ثانٍ، والبدلات الإضافية المتّصلة به، هي الأمر الأهم.
تبدأ الفرص خلال الخدمة الفعلية في الواقع، بالنسبة إلى الضباط الذين يتم انتدابهم إلى وزارة الدفاع أو الكليات العسكرية أو الشركات أو المصانع المملوكة للمؤسّسة العسكرية، أو الذين يُعَيَّنون ملحقين عسكريين في السفارات المصرية في الخارج أو "أعضاء منتدبين" في مجالس إدارة الشركات التجارية المملوكة للدولة. جميع هؤلاء يتلقون راتباً ثانياً، إلى جانب المكافآت أو البدلات أو المزايا الإضافية المرتبطة بكل منصب.
يأتي في المستوى الأعلى التالي المتقاعدون العسكريون الذين يُعيَّنون كمستشارين في الوزارات وفي الهيئات الحكومية الأخرى، أو في الشركات التجارية التي تقدم خدماتها لتلك الوزارات والهيئات. ويتمكّن أصحاب النفوذ من الحصول على عدد من هذه التعيينات الاستشارية بالتوازي، التي ينطوي في الغالب أو في المُطلَق، على القيام بغير المهام الشكلية أو بالحضور الرمزي. وتشير التقارير إلى أن الرواتب الاستشارية تتراوح بين 6000 و28000 جنيه مصري (1000 و4670 دولاراً) في الشهر، إلى جانب البدلات والمكافآت التي تُقدَّر بـ10000 جنيه (1667 دولاراً) شهرياً. تُعتبَر هذه المبالغ لاتُذكَر وفقاً للمعايير الدولية، لكنها بالتأكيد أعلى من معاشات التقاعد التي يحصل عليها كبار ضباط القوات المسلحة في نهاية خدمتهم (حيث لايتجاوز راتب اللواء الـ500 دولار).
أما الأوفر حظاً فهم المتقاعدون العسكريون الذين يُعيَّنون في مجالس إدارة الشركات التجارية المملوكة للدولة، أي الشركات القابضة والشركات التابعة لها أو المشاريع المشتركة معها، التي يبلغ عددها الإجمالي نحو 150. ويشير بعض الضباط الذين يتحدّثون من داخل المؤسسة الأمنية أو الإدارية، إلى أنه من الشائع أن تتراوح الرواتب بين 100 ألف و500 ألف جنيه شهرياً (16666- 83333 دولاراً) شائعة، ويُعتقَد أيضاً أن الشراكات الخفيّة ترفع الدخل السنوي لمَن يحصلون على أعلى أجر إلى مابين 12 و100 مليون جنيه (مليونا دولار و16.67 مليون دولار).14 ثمة مقياس يُعيَّن بواسطته كبار القادة العسكريين في الشركات القابضة المملوكة للدولة الأكثر ربحية عند تقاعدهم، في حين يتم تعيين الأقل رتبة في شركات فرعية أو تابعة. ويتّبع منحُ المناصب الإدارية في المؤسسات التابعة للقوات المسلحة، مثل النوادي الاجتماعية والفنادق، منطقاً مشابهاً، مع أن جدول الرواتب فيها أدنى بكثير يُمنَح المتقاعدون العسكريون المتنفّذون أفضل المواقع، مثل وسط القاهرة أو المنتجعات الساحلية قرب الاسكندرية أو العريش، في حين يتولّى أصحاب الحظوة الأقلّ إدارة مرافق أقلّ جاذبية في أماكن نائية نسبياً.

إستنساخ طائفة الضباط

يُضاف إلى الدخل القابل للتصرف به توفير المساكن المجانية أو المدعومة للضباط، التي يحقّ لهم قانوناً تأجيرها أو بيعها. وكما هو الحال بالنسبة إلى حقهم في الحصول على راتبٍ ثانٍ، فإن الضباط العاملين، الذين يكلّفون بواجبات خارج القوات المسلحة، يحصلون على مسكن إضافي عن كل وظيفة جديدة يحصلون على راتب من خلالها. من الواضح أن هذا الأمر يفيد على وجه التحديد الضباط ذوي الرتب المتوسطة والعليا المؤهلين لهذه التعيينات، وليس صغار الضباط. كلما ارتفعت الرتبة، ازدادت جودة المساكن، إذ بات كبار القادة يحصلون الآن في العادة على فيلات بدلاً من الشقق. ويستخدم بعض الضباط الدخل الناتج عن الإيجار أو البيع لبدء مشاريع خاصة بهم، في حين يشتري بعضهم الآخر أسهماً في شركات القطاع العام المملوكة للقوات المسلحة أو التي يرأسها ضباط سابقون، أو يساهمون معاً في إطلاق مشاريع خاصة بهم، مثل المجمّعات السكنية ومراكز التسوق.
نطاق كل ذلك كبير. فبحلول منتصف الثمانينيات، "تم بناء مايقرب من خمسة في المئة من مجموع المساكن التي شُيّدت في البلاد من قبل الجيش ولأجل الجيش، بما في ذلك نسبة كبيرة داخل المدن العسكرية الجديدة المتناثرة في الصحراء".15 ومنذ العام 1991، أشرف وزير الدفاع طنطاوي على انتقال سكن الضباط بالجملة باتجاه مايسمى بالمدن العسكرية أو المدن "الصحراوية"، حيث شُيِّد 24 منها، في حين لاتزال ثلاث مدن أخرى قيد التخطيط والإنشاء ولايزال يُطلَق اسم "المدن العسكرية" على أول جيلين من هذه المدن، التي تم تخصيص قطع سكنية كبيرة منها ومايرتبط بها من مرافق للضباط. هذه المدن، التي يُطلق عليها حالياً اسم "المجتمعات العمرانية الجديدة"، مفتوحة أيضاً أمام الطبقة الوسطى الجديدة الصاعدة التي توسّعت مع تعميق خصخصة الاقتصاد المصري خلال العقد الماضي. وهي تفاخر حالياً بسكانها البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، ويُتوقَّع أن يصل عددهم النهائي إلى 17 مليون نسمة. ومع انتقال الضباط إلى تلك المدن، استأجر أو استملك المدنيون المنتمون إلى الطبقة الوسطى أو دون الوسطى والتجار الصغار مساكنهم السابقة في مناطق مثل مدينة نصر في القاهرة، التي بنيت أصلاً لإسكان الضباط، مايقدّم دليلاً إضافياً على الفصل المترسّخ بين الفضائين العسكري والمدني.
وتعزّز العزلة نفسها بنفسها. تتجدّد شبكات الضباط في النوادي الاجتماعية الكثيرة التي يقيمها كل فرع وإدارة من القوات المسلحة، وحتى المصانع العسكرية كل على حدة، في المدن المصرية الرئيسة. توفّر هذه الأندية الخدمات المدعومة لسلك الضباط، سواء العاملين منهم أم المتقاعدين، حيث تُستخدم كصالات أفراح أو لتقديم الطعام في المناسبات الاجتماعية الأخرى، وذلك بنصف سعر الصالات التجارية. كما يوفّر بعضها الإقامة المؤقّتة للضباط، إضافة إلى الفنادق والمنتجعات التي تديرها المؤسسة العسكرية في المناطق الساحلية المرغوبة في سواحل الشمال وسيناء والبحر الأحمر. وبإمكان المدنيين أيضاً، الذين لديهم المال والعلاقات، استخدام مختلف هذه المرافق، وفي أغلب الأحيان هؤلاء هم أفراد الطبقة السياسية أو أجهزة الدولة أو أبناؤهم. ولعل مايكشف عن طبيعة الوعي الطبقي الجديد لجمهورية الضباط هو أن المنقّبات والرجال الذين يرتدون الجلابية الفلاحية، يُمنَعون من دخول النوادي العسكرية، وذلك لما لهذه الأزياء من دلالة واضحة على تدنّي المستوى الطبقي.16
فضلاً عن ذلك، تدير القوات المسلحة متاجر وتعاونيات استهلاكية ومحطات وقود خاصة بها، حيث يستطيع العسكريون وأفراد عائلاتهم شراء السلع الاستهلاكية بأسعار مخفّضة. كما تحصل العائلات على "كارنيه"، وهي قسائم لشراء الاحتياجات المنزلية الأساسية؛ وقد يحصل الضباط المتنفّذون على عدد إضافي من الدفاتر "الكارنيه" الإضافية، بدلاً من العدد المخصّص لهم والذي يكون عادةً اثنين أو ثلاثة، حيث يستطيعون إعطاءها إلى الأقارب أو الأصدقاء. هذه الميزات الأخيرة مُتاحة لجميع الجنود وضباط الصف والضباط المتطوّعين (أي غير المجنّدين) في القوات المسلحة والبالغ عددهم 148500، لكن هذا يحجب حقيقة أن معظم المزايا والامتيازات تُجيَّر لصالح كبار الضباط.
لايزال الدخول إلى سلك الضباط يوفّر وسيلة لارتقاء السلم الاجتماعي وضمان الأمان الوظيفي بالنسبة إلى الكثيرين.17 لكن فيما لحق سلك الضباط بالأنماط الاستهلاكية والسكنية المنفصلة للطبقة الوسطى الجديدة، أصبح الانضمام إلى السلك يتّسم بدرجة أقل بكثير من الديمقراطية. وأدّى ذلك إلى إلغاء تدريجي لأحد أهم مظاهر المساواة الاجتماعية التي تميّز بها عهد عبد الناصر، والتي سهّلت دخول أبناء العائلات الفقيرة أو الأمية وعائلات الطبقة دون الوسطى إلى الكليات العسكرية. أما الآن، فلا تتجاوز نسبة الترقّي من رتبة جندي متطوّع أو ضابط صف (غير المجنّدين) عشرة في المئة من نسبة الضباط الجدد الذين يتم قبولهم. أما الذين يصبحون ضباطاً بهذه الطريقة، فلا يُرَقَّون إلى مابعد رتبة نقيب، مايحدّ من عدد ونفوذ المقبولين ممَّن ينتمون إلى جماعات الدخل المحدود. ويشكّل التحصيل العلمي حاجزاً إضافياً، حيث يُحظَّر على المتقدِّمين الذين لايحمل والداهم شهادات جامعية من دخول الكلية العسكرية. وفي كل الأحوال، ينتمي الحاصلون على درجات عليا في امتحانات القبول عادةً إلى عائلات قادرة على تحمّل نفقات المدارس الخاصة أو الدروس الخصوصية الإضافية.

المدنيون بوصفهم أعيالاً

يتمثَّل الوجه الآخر لآثار الاندماج في نظام المحسوبيات الذي أسّسه مبارك على جمهورية الضباط، في تخلّيها عما تبقّى من تعلّق بإرث العهد الناصري المتمثّل في السياسات الحكومية الاجتماعية الهادفة إلى إعادة توزيع الثروة. وتبنَّت بدلاً من ذلك مقاربة أبوية تجاه الغالبية العظمى من المصريين الذين لم يستفيدوا من الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي طُبِّقَت خلال العقد الماضي. وقد تحولت الرعاية الاجتماعية والتنمية إلى صدقات وحظوات، بدل أن تكون استحقاقات، تمنح وفقاً لتقدير ومزاج القادة، باستخدام الأموال والأصول التي يتحكّمون بها حصراً.
فحين تبني القوات المسلحة الجسور والطرق السريعة بين المدن والطرق الدائرية والمخابز ومحلات الجزارة في الأحياء المدنية الفقيرة، ومحطات تنقية المياه وتحليتها، تصفها بأنها "هدية إلى شعب مصر"، متجاهلةً حقيقة أن الموارد المستخدمة في نهاية المطاف تأتي من المال العام أو ينبغي أن تدخل إلى خزينة الدولة. وحرصاً منها على تعزيز صورتها كفاعلة خير، تعلن القوات المسلحة دورياً كذلك عن توزيع عشرات الآلاف من "الشنطات" الغذائية المجانية على الفقراء والمستفيدين من الضمان الاجتماعي في عيدي الفطر والأضحى.
وقد لجأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصورة متزايدة إلى تبنّي هذا الموقف الأبوي، بعد أن بدأت علاقته بالأحزاب السياسية الجديدة، وخصوصاّ الإسلاميين، تتّسم بالخصومة بعد صيف العام 2011. ففي تشرين الأول/أكتوبر، على سبيل المثال، أعلن طنطاوي تخصيص 3876 فداناً من الأراضي التي يسيطر عليها الجيش لبناء مساكن للمدنيين في أسيوط، ثم أصدر مرسوماً يقضي بالتبرع بملياري جنيه مصري (333 مليون دولار) من أموال الجيش لبناء "مساكن اجتماعية" في المدن لذوي الدخل المحدود، وذلك في ذروة الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري التي شهدها شهر تشرين الثاني/نوفمبر. كانت المبادرة الأخيرة جزءاً من خطة وطنية لبناء مليون وحدة سكنية في كل محافظات مصر على مدى خمس سنوات؛ وتقوم القوات المسلحة ببناء 25000 وحدة منها، إلى جانب "التبرع" بأراضٍ في القاهرة وحلوان ومدن أخرى. بعد ذلك بأسبوعين فقط، أعلن المجلس العسكري أنه سيقرض البنك المركزي مبلغ مليار جنيه (167 مليون دولار) لدعم الجنيه المصري حين تعرّض سعر صرفه إلى التراجع. باختصار، يزعم المجلس العسكري أنه ضخّ مامجموعه 12.2 مليار جنيه مصري (2.33 مليار دولار) من موارده الخاصة في جهاز الدولة خلال السنة المُنتَهية في آذار/مارس 2012.
تقوم هذه النزعة الأبوية للمجلس العسكري على ثقافة عسكرية تعتبر المدنيين أقلّ شأناً أو "أعيالاً". في عهد عبد الناصر كانت الجداريات والأشكال الفنية الأخرى في وسائل الدعاية السياسية تُظهِر الجنود وهم يصنعون المستقبل يداً بيد إلى جانب الفلاحين والعمال والمعلمين أو المثقّفين. لكن الملصق الذي تصدَّر الحملة الإعلامية التي أطلقها المجلس العسكري، في آذار/مارس 2012، تحت عنوان "الجيش والشعب إيد واحدة"، كشف عن نظرة مختلفة تماماً. يتمثّل الجيش، في هذا الملصق، في صورة جندي بكامل عدّته القتالية، أما الطفل الرضيع الذي يحمله هذا الجندي بين ذراعيه فهو كناية عن "الشعب". ويستحضر ذلك إلى الذهن المصطلح العامي المصري "عيال" (أي المُعالين) الذي يُستخدَم لوصف الزوجات والأطفال، والذي يذكِّر أيضاً بالنداء المباشر الذي وجّهه مبارك إلى "أبنائي" الشعب المصري في خطاب متلفز خلال الأيام الأخيرة من حكمه. وهذا يعكس الاعتقاد بأن المجلس العسكري هو بالضرورة "الأعلم" عندما يتعلّق الأمر بمصالح مصر واحتياجاتها، كما يعكس قناعته، التي لاتقل أنانيّة عن ذلك الاعتقاد، بأن السياسيين والبيروقراطيين المدنيين أقل كفاءة ونزاهة ووطنية، أو على أقل تقدير يحتاجون إلى التوجيه الأبوي.
وقد استخدم الخطاب المعادي للمدنيين لتبرير اختراق الضباط السابقين لجميع أجهزة الدولة، وإشراك القوات المسلحة والشركات والهيئات الاقتصادية العسكرية في تقديم الخدمات الاجتماعية والمنافع العامة الأخرى إلى جانب مجموعة واسعة من السلع الاستهلاكية. وتعود جذور هذا الخطاب إلى سعي عبد الناصر إلى تعزيز مؤهّلات كبار الضباط، ليجعل منهم "مجموعة من الكوادر التكنوقراطية القادرة على تحدّي نظرائها المدنيين بفاعلية".18 لكن الادعاء اليوم بأن المدراء العسكريين يستطيعون القيام بكل شيء على نحو أفضل من نظرائهم المدنيين، ينطوي على قدرٍ من التضليل والخداع. فإن قدرة المتقاعدين العسكريين على "تدبير الأمور" هي نتيجة مُتوقَّعة لأنهم هم الذين أوجدوا جزءاً كبيراً من النظام الإداري الذي يعملون ضمنه وتتوغل فيه شبكاتهم، مايسهِّل عليهم السلوك بسهولة وأمان عبر دهاليزه.
في الحقيقة، إن ارتفاع معدلات الفساد في مصر (صنّفتها منظمة الشفافية الدولية في العام 2011 في المرتبة 112 من بين 182 بلداً) ومؤشّراتها الاجتماعية الضعيفة (يعيش 40 في المئة من السكان عند أو تحت خط الفقر المتمثل بدولارين في اليوم، في حين عاودت الأمية الارتفاع لتصل إلى 27 في المئة وفقاً للأرقام الرسمية) لايُعتبَر مؤشراً إيجابياً على المساهمة التي قدمتها جمهورية الضباط لإدارة الدولة المصرية. لذلك، لجأ المجلس العسكري مراراً وتكراراً إلى خطاب قومي قائم على استحضار "انتصار" القوات المسلحة في حرب العام 1973 ضد إسرائيل، مقروناً بإشاراته المتكرّرة إلى "الأيدي الخفيّة" و"المؤامرات الخارجية"، للدفاع عن مصادرته الحقَّ في تحديد المصلحة الوطنية.

يستخدم المجلس العسكري هذا الخطاب ليدافع عن زعمه بأنه لايمكن عموماً ترك الشؤون الخارجية والدفاع في أيدي القادة المدنيين، وليؤكّد على حقّه في التدخّل في مجالات السياسة الداخلية مثل توفير الغذاء أو إعادة الهيكلة الاقتصادية بحجّة أنها قد تؤثّر على الأمن القومي من خلال التسبّب في حدوث اضطرابات اجتماعية وعدم استقرار سياسي. ويدّعي المجلس العسكري، عبر وضع هذه العناوين تحت عنوان "الأمن القومي"، أن له وضعاً خاصاً يستوجب اعتباره وصيّاً على النظام الدستوري في مصر، مايضفي عليه واجب منع التأثيرات المحتملة المُزَعزِعة للاستقرار الناجمة عن عملية التحوّل الديمقراطي "المفرط". وها هو يقوم بذلك الآن باسم "الثورة": فمن خلال مصادرته لهذا المصطلح، والخلط بينه وبين إطاحة القوات المسلحة النظامَ الملكي في العام 1952، يعيد المجلس العسكري تنصيب نفسه على أنه الأب المؤسّس للتحوّل الديمقراطي في مصر، ويبرّر احتفاظه بالسلطات التقديرية والاستقلال الكاملين.

الدفاع عن جمهورية الضباط

قام المجلس العسكري، وبعناد متزايد منذ إطاحة مبارك، بالتعبئة للدفاع عن مكانته الاستثنائية، وعن المصالح الجوهرية لجمهورية الضباط، فيما قدّم ذلك وكأنه دفاعاً عن القوات المسلحة. فبعد عقود نأى بنفسه فيها عن لعب دور مباشر في السياسة الوطنية والحكومة، أعاد منذ تولّيه السلطة في شباط/فبراير 2011 تعريف علاقته بالدولة المصرية، وبالتالي تأكيد أولوياته المؤسّسية والسياسية على نحو أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. ويسعى المجلس العسكري إلى الحفاظ على امتيازاته السياسية، ومكافآته المادية، ومكانته الاجتماعية التي يعتقد أنها جميعاً استحقاقات لقاء دفاع القوات المسلحة عن مصر، كما يسعى إلى تعزيزها بحصانة قانونية رسمية عن أي من أفعاله، ماضياً أو مستقبلاً، على حدّ سواء.
وبالنسبة إلى المجلس العسكري، هذا يفضي على وجه التحديد إلى تأكيد حقه في السيطرة المطلقة على ميزانية الدفاع، والمساعدات العسكرية الأميركية، واقتصاد المؤسّسة العسكرية الرسمي والمشاريع التابعة له. كما يمارس حرية التصرّف المطلقة في استخدامه الأصول والموارد الناشئة عنها جميعاً. فضلاً عن ذلك، يرغب المجلس العسكري في الحفاظ على النفوذ الفعلي لجمهورية الضباط في جهاز الدولة وفي الجزء المملوك للدولة من الاقتصاد المصري، وعلى الفرص التي يوفّرها هذا للتمدّد إلى القطاع الخاص أو القطاع المختلط على نحو متزايد. أما نجاح المجلس العسكري أو فشله في الحفاظ على الوضع الراهن من خلال إنشاء وصاية عسكرية رسمية، فيتوقّف على كيفية تطوّر العملية السياسية والدستورية في الفترة المقبلة.

تشكّل الوصاية العسكرية

كان فرض شكل من أشكال الوصاية العسكرية أمراً مرجّحاً على الدوام، لكنه لم يكن حتمياً. لقد أصبح المجلس العسكري أكثر قوة وأكثر عرضة في آن، بعد إطاحة مبارك. فالانتفاضة الشعبية قذفته إلى واجهة الصدارة السياسية، لكنها اضطرّته أيضاً إلى البحث عن وسائل يعوّض بها خسارة شبكة العلاقات الشخصية والتفاهمات غير الرسمية التي أمّنت جمهورية الضباط في ظل حكم مبارك. ولعلّ هذا يفسر سلسلة المحاولات التي يقوم بها المجلس العسكري لتحويل السلطات التي تولاها في شباط/فبراير 2011 إلى مبادئ "فوق دستورية" من شأنها إضفاء الطابع المؤسّسي الثابت على امتيازاته وحصانته ضمن ترتيبات رسمية، ووضعها بشكل دائم فوق الدولة المصرية.
كان آخر هذه المحاولات الإعلان الدستوري المكمّل الذي أصدره المجلس العسكري في 17 حزيران/يونيو 2012. بهذه الخطوة، أعلن المجلس عن نيته الانتقال إلى الموقع القيادي الأول، منهياً فترة العِرضة وعدم اليقين التي نجمت عن إطاحة مبارك في السنة السابقة. في ظاهر الأمر، فإن السلطات المُطلَقة التي أسبغها المجلس العسكري على نفسه صالحة فقط إلى أن يُصاغ دستور جديد يحدِّد صلاحيات الرئاسة والبرلمان ويسمح بإجراء انتخابات عامة جديدة. لكن عملياً، رتّب المجلس العسكري "المجالات المحجوزة" التي يسعى إلى تكريسها كصلاحيات واستثناءات دائمة في الدستور الجديد. وقد وضع المجلس نفسه في منزلة بارزة تمكّنه من فرض الشروط، وخصوصاً عبر تمكين نفسه من طلب إعادة صياغة المواد الدستورية التي يعترض عليها، وجعْل انتخاب برلمان جديد يتوقّف على إقرار الدستور الجديد.
إضافةً إلى ذلك، جاء الإعلان الدستوري المكمّل على الفور في أعقاب القرار الذي اتخذته المحكمة الدستورية العليا – التي يرأسها قاضٍ عسكري سابق عيّنه مبارك في العام 2009 – باعتبار انتخاب ثلث أعضاء البرلمان غير قانوني وقانون الانتخابات الجديد الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2011 غير دستوري. على ذلك، أصدر المجلس العسكري مرسوماً إضافياً أمَرَ بحلّ البرلمان برمّته. وبذلك ألغى الإعلانان الصادران عن المجلس العكسري كل شيء أُنجِز تقريباً خلال الأشهر الستة عشر السابقة من المرحلة الانتقالية. وهكذا، فرض فعلياً المجلس العسكري من جانب واحد مرحلة انتقالية ثانية، من دون التشاور مع الأحزاب السياسية ومرشّحي الرئاسة كما فعل في الماضي. وحدها الانتخابات الرئاسية جرت وفقاً للإجراءات والجدول الزمني اللذين حدّدهما المجلس العسكري في 30 كانون الثاني/يناير 2012.
حتى في ذلك الوقت، لم يُغامِر المجلس العسكري بالنتيجة، فتحرّك بسرعة لتعزيز موقفه. وبعد يوم من نشر الإعلان الدستوري المُكمِّل، أعلن المجلس العسكري إعادة تشكيل مجلس الدفاع الوطني، الذي كان قد أحياه قبل أربعة أيام، وأصدر القواعد والإجراءات التي تحكم عضويته. كان مجلس الدفاع حتى ذلك الحين غير فاعل، فقد أنشئ أصلاً في عهد عبد الناصر ثم أُسِّس رسمياً في دستور العام 1971 كأداة للسلطة الرئاسية، لكن لم يصدر قانون يحدّد نظامه الأساسي، ونادراً ما اجتمع أو مارس أي سلطة واضحة. ويسعى المجلس العسكري الآن إلى تحويل مجلس الدفاع إلى آليّة مؤسّسية يمكنه من خلالها ضمان استقلاله الدائم عن السيطرة المدنية، وفي الوقت نفسه ممارسة الرقابة والتدخّل، وفقاً لتقديره، في مجالات السياسة المدنية.
طبقاً للدستور، يترأّس رئيس الجمهورية مجلس الدفاع الوطني، لكن المجلس العسكري حشد كل الظروف ضدّه بإعلانه أن المجلس سيتكوّن من 16 إلى 17 عضواً، منهم 10 إلى 12 من صفوف المجلس العسكري. وقرّر كذلك أن مجلس الدفاع لاينعقد أو يتّخذ قرارات إلا بحضور أغلبية أعضائه. هكذا، فإن مجلساً عسكرياً مصغّراً سيقود فعلياً الدولة المصرية بشكل دائم.
وتأكيداً على استقلاليته وحرمان مرسي بشكل استباقي من سلطاته أكثر من ذلك، أعلن المجلس العسكري تالياً أنه عيّن جنرالاً مديراً للرئاسة. ثم أكّد المجلس أن رئيسه طنطاوي سيحتفظ بمنصب وزير الدفاع في الحكومة القادمة وبصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة المصرية.

بين الوصاية العسكرية و"الدولة الخفيّة"

يتعيّن على مرسي والأحزاب السياسية في مصر التوصّل إلى توافق قوي على الحدّ من السلطات الاستثنائية التي يسعى المجلس العسكري إلى تضمينها في الدستور الجديد، من أجل تجنّب قيام وصاية عسكرية صريحة. كما عليهم تعزيز هذا التوافق من خلال ماتبقّى من العملية الانتقالية وبمستوى من الوحدة الوطنية لم يظهروه حتى الآن. وعليهم الإدراك بأن هواجس ضباط القوات المسلحة حيال رواتبهم وظروفهم المعيشية حقيقية، والبحث عن سبل لكي تعالج الحكومة تلك الاحتياجات الفعلية. غير أن ذلك يعزّز ضرورة تحقيق الرقابة المدنية الفعّالة على تفاصيل ميزانية الدفاع وأي مصادر تمويل أخرى تستفيد منها القوات المسلحة، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية والاقتصاد العسكري. فيجب توفير احتياجات القوات المسلحة كأحد واجبات السلطتين التشريعية والتنفيذية، وليس كاستحقاق يمليه المجلس العسكري عبر سلطاته التقديرية.
ولايقلّ أهمية عن ذلك بالنسبة إلى الهيئات المدنية الناشئة أن تقف في وجه ادّعاءات المجلس العسكري بأنه يقوم بدور الوصاية بوصفه "حامي" الدستور، أو أنه يتمتّع بوضع استثنائي يضعه بشكل دائم فوق السلطة والقانون المدنيَّين. ويظهر مرسوم أصدره طنطاوي في 10 أيار/مايو 2011، يمنع مقاضاة ضباط القوات المسلحة المصرية، العاملين والمتقاعدين على حدّ سواء، المتّهمين بـ"الكسب غير المشروع" أمام غير المحاكم العسكرية، أن عدم الخضوع إلى القانون المدني يشكّل هاجساً خاصاً للمجلس العسكري.
لم يتعلّم المجلس العسكري حتى الآن أنه لايمكنه أن يحتفظ بكل شيء وألا يتخلّى عن أي شيء. بيد أنه غير قادر على ترجمة السلطات التي لايزال يملكها أو المستويات العالية من الثقة والقبول التي لايزال ينالها من المواطنين عامةً، إلى تعبئة سياسية فعّالة، ولا إلى إضفاء الشرعية على تدخّله المستمر في المجال المدني. هذا يوفّر لمرسي والطبقة السياسية الجديدة الناشئة إمكانية توسيع الانفتاح الديمقراطي في مصر بحيّز ضيّق ولكن حيوي. لكن يجب أن يتوقّعوا أنهم كلّما تقدّموا، ازدادت مقاومة الشبكات والمعاقل الإدارية المتبقية لجمهورية الضباط. إن حضورها ونفوذها باديان تماماً للعيان حتى الآن، غير أن قيام السلطات المدنية بتقليصها في ظلّ التحوّل الديمقراطي قد يجعلها تتحوّل إلى "دولة خفيّة" مُبطَّنة، تعرقل سياسات الحكومة والإصلاحات وتعيق تقديم الخدمات العامة، مايؤدّي إلى تقويض أداء وشرعية السلطات المدنية المنتخبة ديمقراطياً. ولن تولد الجمهورية الثانية في مصر إلا عندما تُفَكَّك جمهورية الضباط وتُستَخرَج من باطن الدولة المصرية بالكامل.


هوامش

  1. أرقام وزارة الداخلية من وزارة المالية، بحسب:
    International Crisis Group, Lost in Transition: The World According to Egypt’s SCAF, Middle East Report, No. 121, 24 April 2012, p. 10.
    أرقام وزارة الدفاع مأخوذة من إصدارات متعاقبة من الميزان العسكري، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لندن.
     
  2. Anouar Abdel-Malek, ”The Crisis in Nasser’s Egypt”, New Left Review, I/45, September-October 1967, p. 73
     
  3. أدين بهذا المصطلح إلى توفيق أكليمندوس، مراسلة إلكترونية، 23 تموز/يوليو 2012.
     
  4. Anouar Abdel-Malek, Egypt: Société Militaire, Editions de Seuil, 1962, p. 330
     
  5. محمد بك لازوغلو (1822-1839)، أول شخص يشغل هذا المنصب، هو الوحيد الذي قاربت مدة شغله المنصب المدة التي أمضاها طنطاوي. بين العام 1839 وبين إطاحة الملكية في العام 1952، شغل 47 شخصاً آخرين المنصب، بعضهم أكثر من مرة، وأُجري 15 تعييناً آخر (بما فيها تعيينات مكرّرة) في السنوات الـ40 للجمهورية الأولى، إلى أن أصبح طنطاوي وزيراً للدفاع. الوزيران اللذان أمضيا مدة خدمة طويلة قبله في الحقبة الجمهورية هما عبد الحكيم عامر (1954-1967) وعبد الحليم أبو غزالة (1981-1989). وفقاً للموقع الرسمي للقوات المسلحة المصرية http://www.mmc.gov.eg
     
  6. الاقتباس من:
    ”A Tunisian Solution for Egypt’s Military: Why Egypt's Military Will Not Be Able to Govern”, Foreign Affairs, 21 February 2011.http://www.foreignaffairs.com/print/67290
     
  7. Anouar Abdel-Malek, ”The Crisis in Nasser’s Egypt”, New Left Review, I/45, September-October 1967, p. 75
     
  8. Anouar Abdel-Malek, ”Nasserism and socialism”, The Socialist Register, Vol. 1, 1964, p. 45
     
  9. بحسب:
    The Business Anti-Corruption Portal, The Austrian Development Agency’s, accessed 19 February 2012. http://www.business-anti-corruption.dk/country-profiles/middle-east-north-africa/egypt/initiatives/public-anti-corruption-initiatives/

     
  10. وفقاً لمسؤول كبير سابق في الهيئة، المقدّم معتصم فتحي، في مقابلة بعنوان "ضابط في الهيئة الإدارية: فاسدون كبار في الحكم"، موقع صحيفة الوفد، 3 آذار/مارس 2011.
    http://www.alwafd.org/index.php?option=com_content&view=article&id=20568&catid=151&Itemid=69
     
  11. ثمة عرض تفصيلي لذلك في مقالة محمد سعد خطّاب تحت عنوان "لماذا لاتحاكموا هتلر طنطاوي وضباط الرقابة الإدارية الفاسدين فوراً؟"، مدوّنة سودانيز أونلاين، 22حزيران/يونيو 2011.
    http://www.sudaneseonline.com/arabic/permalink/5408.html
     
  12. عدد المحافظين من خلفية عسكرية في عهد السادات مأخوذ من:
    Robert Springborg, Mubarak’s Egypt: Fragmentation of the Political Order, Westview Press, 1989, p.5
     
  13. يوجد وصف لذلك في:
    Shana Marshall and Joshua Stacher, ”Egypt's Generals and Transnational Capital”, Middle East Report, No. 262, Vol. 42, Spring 2012
     
  14. عن الرواتب الشهرية، أنظر مقابلة مع ضابط الأمن السابق اللواء محمد مصطفى الكاشف، موقع صحيفة الوفد، 1 نيسان/أبريل 2011.
    www.alwafd.org/حوارات-وملفات/95-حوارات/29638-الكاشف-مكالمة-تيلفون-تحمي-تجار-المخدرات
     
  15. Robert Springborg, "The President and the Field Marshal: Civil-Military Relations in Egypt Today”, MERIP Middle East Report, July-August 1987, p. 8
     
  16. فُرِضَت القيود نفسها على الدخول إلى مراكز التسوق التجارية ("المول") التي تملكها أو تديرها جمعيات الضباط المتقاعدين، إلى أن تبيّن أن زواراً أثرياء من دول الخليج يرتدون الملابس المشابهة.
     
  17. بحسب:
    Zainab Abul-Magd, ”The Egyptian Republic of Retired Generals”, Foreign Policy, 8 May 2012.
    http://mideast.foreignpolicy.com/posts/2012/05/08/the_egyptian_republic_of_retired_generals#.T6mg6L1GjvN.facebook
  18. Anouar Abdel-Malek, ‘The Crisis in Nasser’s Egypt’, New Left Review, I/45, September-October 1967, p. 75




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية