الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

أزمة "ملاك" السعودية.. خطوة في طريق التغيير الطويل

السعودية ملاك في الظهور الأزمة (تويتر)


ارتدت الفتاة العشرينية ملابسها الأنيقة، ووضعت زينتها، ومشطت شعرها القصير، ثم تعطرت وانتعلت حذاءها، وخرجت إلى الشارع لشراء حاجيات شخصية، قبل أن تعود إلى منزلها بسلام بعد قضاء مصالحها.

قصة عادية مكررة تقوم بها ملايين الفتيات والسيدات حول العالم يومياً، لكنها باتت أزمة لأنها وقعت في العاصمة السعودية الرياض الأحد الماضي، رغم أن الفتاة ارتدت ملابس محتشمة، ليس فقط بسبب برودة الطقس، وإنما أيضا بسبب خشيتها من سطوة العادات والتقاليد المتعارف عليها في بلادها.

انتقد كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي فعل الفتاة التي تنتمي إلى إحدى أشهر قبائل جنوب البلاد. استنكر البعض أن تتخلى عن "عباءتها" وغطاء رأسها في الشارع، ووصل الأمر حد التحريض على القبض عليها ومحاكمتها. ولم تخل الانتقادات من اتهام البعض لها بالفسق والفجور.

ألقت الفتاة، وإسمها "ملاك"، حجراً جديداً في بركة يظنها البعض ساكنة رغم أنها عرفت مؤخراً إلقاء كثير من الأحجار، في قضايا المرأة خصوصاً، والحريات عموماً. يمكنك مطالعة التغريدات في هاشتاج #نطالب_بالقبض_على_المتمرده_انجل_الشهري لتكتشف الكثير من المتغيرات في الشخصية السعودية لأسباب كثيرة بينها التعليم.

في يوم تالي، الثلاثاء، قامت مواطنتها "رنيم" بتكرار الأمر نفسه، ولكن هذه المرة في جدة، والمدينة الساحلية معروفة بأنها أكثر تحرراً بفعل التجارة والسياحة.


اليوم الأربعاء، وبينما أزمة "ملاك" مشتعلة، قال الأمير السعودي الوليد بن طلال، في بيان: "حان الوقت أن تقود السعودية سيارتها ونطوي هذه الصفحة وننهي الجدل حولها مثلما فعلنا حيال عشرات التحولات التي فرضها التحول الكبير الذي شهدته البلاد والعالم خلال المائة عام الأخيرة".
بيان الوليد يبدو تطوراً أخطر من لجوء النساء إلى تحدي العادات والتقاليد، خاصة عادات المظهر، حيث أنه يتحدث عن أزمة مشتعلة في البلاد منذ سنوات وتتسبب لها بانتقادات حقوقية دولية.

تتغير السعودية إذن، وإن بشكل بطيء، فمع كل أزمة مجتمعية في أغنى بلد عربي يتجاوب مئات آلاف السعوديين. بات "تويتر" متنفساً حقيقياً في بلد لا يعرف الكثير من وسائل التنفيس المجتمعي، وفي مواجهة الأغلبية المتحكمة من المحافظين، بات دعاة التغيير أيضاً رقماً ملموساً.

في السجال المحتدم حول "ملاك"؛ دافعت كثير من النساء عن مواطنتهن التي ضربت عرض الحائط بكل القيود. 

لو أن أحداً تحدث عن تعيين سعوديات في هيئات حكومية مثل مجلس الشورى قبل عشر سنوات، لاتهمه البعض بالجنون، وربما طالب آخرون بمحاكمته، لكن مجلس الشورى حالياً ثلث عدد أعضائه من النساء، حتى أن النساء أتيح لهن التصويت في الانتخابات البلدية، كمقدمة لمنحهن المزيد من الحقوق السياسية.

ولم يكن في السعودية من يجرؤ قبل خمس سنوات فقط، على الدعوة لتدشين هيئة حكومية للترفيه، ولو فعلها أحد لسخر كل من يعرفون طبيعة المجتمع منه، لكن الهيئة باتت واقعاً ولها مشروعات رائجة.
تتغير السعودية بلا شك. وستتغير أكثر في السنوات القليلة القادمة.




طالع أيضا: وثائقي إعدام الأميرة السعودية


يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الاثنين، 28 نوفمبر 2016

الوثائقي موت في الخدمة - يرصد الانتهاكات ضد أفراد الأمن المركزي في مصر



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

فيلم العساكر.. حكايات التجنيد الإجباري في مصر



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

على هامش وثائقي "العساكر" الذي يتناول قضية التجنيد الإلزامي في مصر



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدرأي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

"عيش سكر وطن".. أصالة تبكي الحياة في سورية





عن العربي الجديد

عائلة عربية بسيطة مثل ملايين العائلات العربية. زوج وزوجة مهمومان بمعاشهما ومستقبل أطفالهما. لكنهما أيضاً يتابعان ما يجري من حولهما، وإن كانا مثل الملايين لا يملكان إلا التعاطف.

يسأل زوجته عبر الهاتف إن كانت تتابع ما يجري في سورية؟ فترد قائلة إنها ستهتم بشؤون أطفاله ومنزله، وتطلب منه أن يحضر معه "عيش، وكيس سكر، وجبنة"، وألا يتأخر في العودة إلى المنزل.

تفاجئه ردودها التي تبدو منها حالة من اللامبالاة بأهمية ما يقوله، وتركيزها على شؤونها الشخصية دون اهتمام ببلاد "تموت عشان الكل قال نفسي".

تواصل الزوجة التجول في بيتها الذي تكشف لنا الصورة بهدوء كم هو بسيط؛ محاولة إنجاز بقية مهامها المنزلية، ثم تفاجئه مجددا: "حبيبي خلاص العيد قرب. بأشيل كام جنيه على جنب. بلاش كالعادة تتهرب. وتقولي إن وضعك صعب".

ويبدو الحديث عن العيد في أغنية أصالة الأخيرة لافتا، وخصوصاً أنه تم طرحها في العيد، وهي خطة ترويجية ذكية لا شك أن طارق العريان مسؤول عنها، وهو الذي عرف عنه مهارة في الترويج لأعماله.

يعاود الزوج استنكار محاولات زوجته التملص من مشاركته الحديث عن ما يجري في سورية، "مين جاب بس سيرة العيد. وليه مش حاسة بالموضوع؟ بلد بتموت عشان الكل مش حاسس".

لن تستوقفك كثيرا رمزية أن مكان التصوير منزل مصري، أو حتى استخدام المفردات المصرية مثل "العيش" الذي يسمي المصريون به الخبر، أو العملة المصرية، وغيرها، فمؤلف الأغنية التي تتجاوز مدتها الحقيقية الدقيقتين بقليل هو المصري محمود طلعت.

وتذكرنا الأغنية الجديدة بتاريخ من الأغنيات الحوارية المصرية الرائعة، والتي برع فيها كتاب أبرزهم حسين السيد، ورغم أن أصالة هي صاحبة الأغنية، والمطرب المصري أحمد فهمي ضيف شرف فيها، لكن اختيار طريقة الديالوغ الحواري لتقديم الفكرة كانت الأنسب لتجسيد الحالة.
وكما برع الكاتب في كتابة الحالة، برع طارق العريان، زوج أصالة، في تصويرها، حيث قدم لنا فيلما قصيرا (185 ثانية) معبرا عن أزمات تعيشها ملايين الأسر العربية، بين محاولة مواصلة الحياة في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، ومحاولة التعاطي مع واقع عربي مأساوي، تعد سورية جرح رئيسي فيه.

مع تكرار الضغط عليها تخرج عن هدوئها، لتنفجر كل الهموم المكبوتة داخلها، وبالتزامن مع تصاعد حدة الموسيقى في اللحن الذي صاغه إيهاب عبد الواحد وتولى توزيعه موسيقيا نادر حمدي، تتصاعد نبرة صوتها لتعلن أنها تتصنع تجاهل ما يجري "ما أنا من كتر أوجاعي. باخاف أوصف مشاعري لحد (...) وقلبي مات على فكرة. لكنه مصر يفضل حي".

يتحول اللحن من الهدوء الحزين الذي بدأت به الأغنية إلى ما يشبه موسيقى نشرات الأخبار، وهي حالة مناسبة تماما لحالة الغليان التي تعبر عنها الكلمات، والتي تصف مشاعر أغلب العرب تجاه الأوضاع في سورية، بل والعراق واليمن. وفلسطين.

"وهو يا سورية دا الموضوع. وطن بيموت عشان الكل. مش سامع. مش فاهم. مش حاسس. عشان الكل قال نفسي"، تصل الكلمات بنا إلى خلاصة القصة، فلا أحد يهتم بالضحايا الذين يسقطون يوميا على مدار أكثر من خمس سنوات، هؤلاء الذين باتوا وقودا لحرب مستعرة لأن أمراء الحرب يريدون أن تستمر.

ولا يمكن في الحديث عن الأغنية تجاهل حالة التمازج بين الشعوب العربية، بطلة الأغنية أصالة سورية وزوجها مخرج الأغنية طارق العريان فلسطيني، وشريكها في الغناء أحمد فهمي مصري، وكذا المؤلف والملحن والموزع، وبينما لم تمنحنا الأغنية أي مؤشر على إمكانية أن يكون الزوج مصريا والزوجة سورية، إلا أن استخدام الغربة في الحوار معبر، وربما كان مؤشرا على ذلك.
جزء من المأساة السورية يتمثل في النزوح واللجوء. ملايين السوريين خرجوا من بلادهم إلى بلاد مختلفة بسبب الأوضاع القائمة. ما يجعل من تجاهل ذلك خطيئة، ولحسن الحظ أن صناع الأغنية انتبهوا إلى ذلك. "فيه ناس الغربة كاسراها. وناس الغربة كارهاها. وناس مضطرة فبتبعد. وشايلة بلدها جواها".

يمكن اعتبار "الكوبليه" نموذجا حقيقيا لما يعيشه ملايين العرب اللاجئين والنازحين والمطاردين في أنحاء الكون، وليس السوريون فقط. وإن كان وجوده داخل النص الذي يصور المأساة يجعله يبدو هامشيا. إلا أن حديث الغربة لافت ولا يمكن تجاهله.

لا تبشر الأغنية بتغير الوضع، لكنها فقط تعيد التذكير بالمأساة الماثلة. الكارثة ليست في الحرب الدائرة فقط، وإنما في لجوء الأخرين ممن يتابعون فصولها إلى تجاهلها، أو بالأحرى تصنع التجاهل. تقول لزوجها بعد فاصل من النحيب: "فهمت حبيبي؟"، فيرد مستسلما: "فهمت خلاص. هاجيب العيش والسكر. ومش هاتأخر".

الخلاصة وفق صناع الأغنية مزعجة، لكنها واقعية، كلنا تزعجه الأحداث الدامية التي تجري من حولنا، بعضنا يشتبك معها بشكل أو بآخر، لكن معظمنا يتصنع تجاهلها ليواصل ممارسة حياته اليومية.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

في وداع محمود عبد العزيز...أفلام طغى عليها "رأفت الهجان"






شكل المسلسل التليفزيوني "رأفت الهجان" جزءا مهما من مخيلة عدة أجيال عربية، إذ كان نموذجا لحالة مفتقدة تمثل الانتصار على العدو الصهيوني، وقت أن كان العرب يعادونه صراحة شعبيا ورسميا، ولا شك أن المسلسل منح بطله محمود عبد العزيز جزءا كبيرا من بريقه كنجم.

لكن التعاطي مع النجم الراحل باعتباره صاحب "رأفت الهجان" فيه الكثير من الظلم لممثل موهوب قدم عشرات الأعمال المهمة، وتجول في أدوار متنوعة مخالفا قوالب التصنيف الشائعة في الفن العربي.

حظي المسلسل بنجاح واسع، وما زال، لكنه حظي أيضا بإمكانات لم تتوفر لغيره من الأعمال، حيث وفر له منتجه التليفزيون المصري كل عوامل النجاح؛ ميزانية مفتوحة، ونجوم أمام الكاميرا وخلفها، ودعاية ضخمة، وكان كل ذلك ضمن أسباب نجاحه إلى جانب نص مهم للكاتب المتمرس في أعمال الجاسوسية والمخابرات صالح مرسي وإدارة المخرج الكبير يحيى العلمي.

وبغض النظر عن بعض المبالغات الدرامية والأخطاء التاريخية، فإنها تظل هامشية في مسلسل طويل من ثلاثة أجزاء يستعرض سنوات ممتدة شهدت أحداثا كثيرة.

يبقى "رأفت الهجان" درة محمود عبد العزيز جماهيريا، لكن المتتبع لتاريخ الفنان الراحل يدرك جيدا أنه ليس أهم أعماله، وربما ليس ضمن الأعمال العشرة الأهم في مسيرته.

بدأ عبد العزيز مشواره الفني منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث قدمه المخرج المبدع نور الدمرداش، والذي مرت يوم السبت ذكرى ميلاده في صمت (1925- 1994)، في مسلسل "الدوامة"، قبل أن يقدمه المخرج عاطف سالم في فيلم "الحفيد" الذي يعد واحدا من أبرز كلاسيكيات السينما المصرية. 


لكن بدايته الحقيقية مع النجومية كانت في الثمانينيات، رغم أنه قدم في السبعينيات أكثر من 25 فيلما، بينها أفلام من بطولته، استغل معظمها وسامته بدلا من موهبته الطاغية.

في مطلع الثمانينيات انتبه محمود عبد العزيز إلى محاولات حصره في أدوار الشاب الوسيم، فقرر التمرد على هذا التصنيف. في فيلم "العار" للمخرج علي عبد الخالق، وهو أحد أفلام قائمة المائة الأهم في تاريخ السينما المصرية، قدم شخصية الطبيب النفسي الذي يصاب بلوثة عقلية بعد أن يضحي بكل مبادئه لصالح خطة مزعومة لإنقاذ العائلة من الفضيحة، ويبقى مشهد نهاية الفيلم الذي يغني فيه "الملاحة.. الملاحة" شاهدا على ميلاد جديد لنجم كبير.

في العام التالي 1983، وبينما كان لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره، قام بتأدية دور والد فتاة مراهقة، قدمتها النجمة شريهان في فيلم "العذراء والشعر الأبيض" إلى جوار نبيلة عبيد. وبعد عامين، قدم خلالهما أفلاما متباينة، استعاده المخرج علي عبد الخالق مجددا في "إعدام ميت"، والذي كان بداية جديدة للنجم الموهوب، حيث قدم الملحمة الوطنية المغلفة بالكوميديا، كما كان مقدمة للاستعانة به لبطولة "رأفت الهجان".

في العام نفسه، قدم أحد أشهر أعماله على الإطلاق "الكيف"، والذي ثبت فيه أقدامه كنجم كوميديا حقيقي في السينما المصرية التي لم تكن تعترف بالكوميدي الوسيم، فالوسيم عادة هو نجم أفلام الرومانسية، منذ أنور وجدي ورشدي أباظة وكمال الشناوي وعمر الشريف وأحمد رمزي، بينما نجوم الكوميديا هم علي الكسار ونجيب الريحاني وإسماعيل يس.

بعد النجاح الواسع لفيلم "الكيف" الذي شاركه بطولته يحيى الفخراني، واصل محمود عبد العزيز البطولات الجماعية رغم أنه بات اسما مطلوبا للبطولات الفردية، حيث قدم دور العقيد توفيق شركس في فيلم "البريء"، وهو أيضا أحد أفلام قائمة أفضل مائة فيلم مصري. وهذه المرة ظهرت بوضوح موهبته المتفردة في دور غاية في الصعوبة، أجاد كتابته وحيد حامد واختاره له المخرج عاطف الطيب، رغم أنه قبل عام واحد قدم في "الكيف" دورا لا يتصور معه القسوة والانفصام النفسي، الذي يتطلبه دور ضابط السجن السادي متقلب المزاج.

قدم محمود عبد العزيز أفلاماً عدة، تتطلب موهبة غير عادية، خاصة تلك التي تعالج مشكلات النفس البشرية، ومنها فيلم "الحدق يفهم" الذي يدور حول شخصية المجرم الهارب الذي يتنكر في زي شيخ، فيظنه أهل قرية مصرية بسيطة شيخا حقيقيا صاحب كرامات.

ولا يمكن في السرد، تجاهل فيلم "الدنيا على جناح يمامة" لوحيد حامد وعاطف الطيب، حيث تظل شخصية "بلحة" نزيل مستشفى الأمراض العقلية في الفيلم، رغم أنها لم تظهر على الشاشة إلا دقائق معدودة، أحد أهم أدواره الكثيرة المتميزة، وربما هي أيقونة الفيلم الذي لم يحظ بنجاح واسع.

استثمر محمود عبد العزيز نجاح "الكيف" في تقديم الأفلام الكوميدية والساخرة، وبينها "السادة الرجال" الذي قدم فيه بعفوية حالة الاضطراب التي تصيب رجلا تجري زوجته جراحة حديثة فتتحول إلى رجل مثله بعد أن رفض طلاقها، وفيلم "سمك لبن تمر هندي" الذي يتناول اتهام الشرطة لأي شخص بالإرهاب دون أدلة، وفيلم "سيداتي آنساتي" الذي تقرر فيه ثلاث صديقات الزواج من رجل واحد يخترنه معا، والأفلام الثلاثة من إخراج رأفت الميهي.

لكن درة أفلامه الكوميدية يظل "الكيت كات" من إخراج داوود عبد السيد، فدور الشيخ حسني تجاوز به محمود عبد العزيز نجاحه المدوي في دور المطرب الشعبي في "الكيف"، وإن كرر فيه الأداء الغنائي المحبب للجمهور، وبينما لا ينسى الجمهور أغنية "يا قفا" وتعبير "أحبك يا ستاموني" في "الكيف"، فإن كثيرين يحفظون أغنية "يلا بينا تعالوا" وتعبير "بتستعماني يا هرم" من "الكيت كات".

وعلى عكس فورة النشاط والتميز التي شهدتها مسيرة محمود عبد العزيز في ثمانينيات القرن الماضي، فإن التسعينيات لم تكن على نفس القدر من الوهج، فبعد عرض الجزء الثالث والأخير من "رأفت الهجان" في 1992، تراجعت أسهمه كثيرا خلال هذا العقد، وإن واصل تقديم فيلم بشكل شبه سنوي. ربما حافظ على شيء من بريقه في فيلمي "سوق المتعة" و"الساحر" مطلع الألفية الثالثة، لكن هذا العقد لا يقارن أبدا بسابقيه.

أما الفيلمان الأخيران في مسيرته "ليلة البيبي دول"، و"إبراهيم الأبيض"، فيمكن اعتبارهما محاولتين شبه ناجحتين لاستغلال اسمه في التسويق، الفيلم الأول توفرت له أغلب عوامل النجاح لكنه لم يحقق النجاح، والفيلم الثاني طغى فيه دور محمود عبد العزيز القصير على دور بطله أحمد السقا.

وكما تم استغلال اسمه في الفيلمين السابقين، فإن المسلسلات الخمسة الأخيرة التي قام ببطولتها كانت نوعاً من المشروعات التجارية التي اعتمد تسويقها على اسمه وتاريخه، دون أن تقدم له شخصيا أي إضافة فنية، وإن دعمت موقفه المالي.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

بوب ديلان.. قراءة في صهيونية الفتى العجوز




في البداية، انشغل العالم بمنح "الأكاديمية السويدية" المغنّي الأميركي، بوب ديلان (75 سنة)، "جائزة نوبل للآداب" لعام 2016، باعتباره أوّل مطرب ينال الجائزة البارزة التي تُمنح للأدباء والشعراء. بعد الإعلان بأيام، بات الاهتمام بتجاهل ديلان لها وعدم تواصله مع الأكاديمية، حتى أنه في يوم إعلان فوزه كان يقدّم حفلاً في لاس فيغاس، ولم يأت على ذكر الجائزة.
إلى الآن، لا أحد يعرف إن كان ديلان سيحضر حفل تكريمه في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر المقبل أم لا، حتى الأكاديمية نفسها لا تعرف، وقالت السكرتيرة الدائمة للأكاديمية، سارة دانيوس، "إذا لم يرد أن يحضر، فلن يحضر، سيكون هناك حفلا كبيرا في كل الأحوال، وتكريم له".
وكتب كثيرون حول العالم عن منح الجائزة العالمية الأشهر في مجال الآداب لمطرب. ليس لصوته أو تميّزه في الغناء، وإنما لأشعاره المختلفة. اتفق البعض واختلف آخرون حول جدارته، وربط البعض بين حصوله عليها وبين جوائز كثيرة حازها في مسيرته، أبرزها 11 جائزة "غرامي" وجائزة "أوسكار" وجائزة "غولدن غلوب".
في العالم العربي، ظهرت كتابات متناثرة حول ديلان ونوبل، عن شعره وموسيقاه. كان معظمها يسخر من منح مغن الجائزة المرموقة، وبعضها يطرح أسماء آخرين أحق منه، مع إشارات محدودة وباهتة إلى علاقته الوثيقة بـ "إسرائيل"، وهجومه على المقاومة الفلسطينية في بعض مراحله.
في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1983 أصدرت "تسجيلات كولومبيا" ألبوم بوب ديلان الجدلي الشهير "الكفّار" (Infidels)، وكان ثاني ألبوماته، وضمّ أغنيته الأكثر دعماً لـ "إسرائيل"، حيث سخر فيها من كل من يؤكّد أنها دولة احتلال، وهي أغنية "فتوة في الجوار" (Neighborhood Bully).
عند صدور الأغنية، كان العالم لا يزال تحت وقع المشاهد الدموية لمذبحة "صبرا وشاتيلا"، في 16 أيلول/ سبتمبر 1982، والتي قُتل فيها نحو 3500 لاجئ فلسطيني وعدد من اللبنانيين، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ العزّل.
وقتها، وصف ناقد صحيفة "نيويورك تايمز" الفنّي، ستيفن هولدن، الأغنية بأنها "دفاع صريح عن إسرائيل"، وأن ديلان "معتوه غاضب يكرّر الرواية الإسرائيلية الخاصة بأنها بريئة ومظلومة ومضطهدة"، وكتب أن ألبوم "الكفّار" يعبّر عن "فنان مضطرب فقد القدرة على التواصل مع العصر الحديث".
في العام نفسه، 1983، زار ديلان "إسرائيل" مجدّداً، لكنه هذه المرة سمح بتصويره هناك وهو يرتدي ملابس اليهود المتشدّدين، بحسب الناقد نفسه. لكن الهجوم الواسع على الأغنية جعله يبرر لهجتها بأنها وجهة نظر تضمّنتها أغنية من آلاف الأغنيات التي قدّمها، حسب قوله في حوار عام 2004.
في أيار/ مايو الماضي، كتب غابي فريدمان في "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحت عنوان "استعادة أغنية بوب ديلان المنسية الداعمة لإسرائيل"، أن مواقف ديلان الداعمة لإسرائيل "تم اختبارها مرّات عدة، وأثبت فيها جميعاً أنه داعم صلب". وكتب عن زيارات ديلان التي لم تتوقف إلى "إسرائيل" منذ الستينيات، وعن حفلاته الثلاث في تل أبيب في 1987 و1993 و2011.
وكشف فريدمان أن ديلان كان صاحب فكرة حفل فريق "رولينغ ستون" الأول في "إسرائيل" عام 2014، نقلاً عن تصريح عازف الغيتار في الفريق، روني وود، وقتها للقناة الثانية الإسرائيلية.
ولا تتوقّف علاقة ديلان بـ "إسرائيل" عند الدعم المعنوي أو الزيارات، حيث أن هناك إشارات عدّة إلى علاقته باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وكذا جماعات متشدّدة في دولة الاحتلال، من بينها حزب "شاس".

الحديث حول ذلك ليس جديداً طبعاً، لكنه متكرّر، حيث كتب أنتوني سكادوتو في "نيويورك تايمز" عام 1971 قائلاً: "اهتمام ديلان بإسرائيل قاده قبل عام إلى علاقة غير متوقّعة مع الحاخام مئير كاهانا واللوبي الإسرائيلي". ولاحقاً، تداول كثيرون حضوره بعض اجتماعات اللوبي الإسرائيلي وتبرّعه له بالمال أحياناً، بحسب موقع "الانتفاضة الإلكترونية".
الغريب أنه وعوض قراءة المعنى السياسي لفوز ديلان بجائزة نوبل للآدب، راح كثر يتداولون مقطعاً صوتياً للمغنّي الأميركي على موقع "ساوند كلاود" يتحدّث فيه عن أم كلثوم، كما تداول مهتمّون حواراً قديماً طويلاً له مع مجلّة "بلاي بوي" يتحدّث فيه عن شغفه بالموسيقى الشرقية، وأم كلثوم، وكأن "كوكب" الشرق بحاجة إلى شهادات، أو أن في كلام ديلان أي جديد يُضاف إلى أسطورتها.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية