عند جامعة القاهرة السبت
الماضي قال المتظاهرون المؤيدون لقرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة إن شبكة الأخبار الأمريكية الشهيرة
"""سي إن إن" قالت عنهم إنهم نظمو المظاهرة الأكبر عالميا خلال السنوات
العشر الأخيرة.. في حالة تلبس بالكذب البين الذي ردده إعلاميون مؤيدون في الفضائيات.
وأمس الثلاثاء قال المتظاهرون المعارضون عند قصر الإتحادية وميدان
التحرير ومناطق أخرى إن وكالة الأنباء "رويترز" أذاعت أن عددهم في أنحاء
البلاد وصل إلى 25 مليون مواطن.. في حالة تلبس بالكذب البين الذي ردده إعلاميون مؤيدون في الفضائيات أيضا.
الحقيقة أن المتظاهرون يكذبون
وأن هذا الذي قيل يمكن أن يحاسب عليه قضائيا من أطلقوه لو تم تحديدهم، كما أنه من الواجب
أن يحاسب قانونا عليه كل الإعلاميين الذين روجوه وهم كثيرون للأسف في ظل حالة من
اختلال المهنية في الوسط الإعلامي.
فلو أن الداعية خالد عبد
الله شخصيا كان رئيس شبكة "سي إن إن" فإن الشبكة لم تكن تملك أبدا أن تعلن
أن مظاهرة التأييد عند جامعة القاهرة ومحيطها هي المظاهرة الأكبر في السنوات العشر
الأخيرة عالميا حتى لو كان من يذيع الخبر مخمورا أو مجنونا.
ولو أن حمدين صباحي شخصيا
هو رئيس تحرير وكالة "رويترز" فإن الوكالة لم تكن تملك أبدا أن تذيع
خبرا يضم أن عدد المصريين المتظاهرين في الشارع المصري عددهم 25 مليون حتى لو
كان محرر الخبر أو المراسل مخمورا أو مجنونا.
لا تملك أيا من شبكات
الأخبار أو وكالات الأنباء التي تحترم نفسها أصلا وفقا لـ"ستايل بوك"
صريح تلتزم به أن تروج أخبارا غير موثوق فيها أو تتحدث عن أرقام دون توثيق لها،
وفي المناطق المشتعلة تحديدا أو التي تضم خلافا مثلما هو الأمر في فلسطين أو
العراق أو أفغانستان أو اليونان أو حتى أمريكا وقت احتجاجات "احتلو وول
ستريت" وهي أمور أشبه بما يجري في مصر الأن.. في تلك الأوقات ووسط الأحداث
تكون الحساسية في ذكر الأرقام أكبر بكثير من نظيرتها في الأيام العادية.
والتاريخ يشهد أن تجاوزات
وقعت في عدد من وسائل الإعلام العالمية تجاه مناطق صراع انحازت فيها لطرف على حساب
الأخر تحولت سريعا إلى فضائح مدوية تعاير بها الشبكة أو الوكالة وكان نتيجتها
انهاء عمل المسئول عنها، وأخرها ما جرى في تقرير حول فضيحة مزعومة تم بثه وتبين عدم
صدقيته فأطاح بجورج انتويسل مدير هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي شخصيا.
لكن الأمر في مصر لا تسير
بهذا الشكل عادة ومعظم الإعلاميين الذين يظهرون علينا في الفضائيات ليل نهار ثبت
أنهم كذبوا ودلسوا وزوروا أحداثا ووقائع مرات عدة والفيديوهات التي توثق تلك
الوقائع موجودة ومتداولة.
مساء أمس الثلاثاء واليوم
الأربعاء مثلا هالني ما جاء على لسان الكثير من مقدمي برنامج التوك شو من ثناء على
موقف وزارة الداخلية التي انسحبت من محيط الإتحادية بعد اشتباكات هامشية مع
المتظاهرين، المفارقة أن الجميع تقريبا برر للداخلية ضرب المتظاهرين في أحداث
"محمد محمود 1" وأحداث مجلس الوزراء بحجة حماية مقر الوزارة، والجميع
بلا استثناء برر للجيش ضرب المتظاهرين الذين حاصروا مقر وزارة الدفاع.
المفارقة الأبرز أن الجميع
يشيد باداء الداخلية بعد أيام قليلة من الهجوم الشديد عليها بسبب الاشتباكات في
ميدان سيمون بوليفار، وكان الذائع أن الداخلية في وسط القاهرة هي "داخلية
مرسي" وأن الداخلية عند الاتحادية هي "داخلية مصر" ولا عزاء للعقل
والمنطق.
قبل أسبوع تقريبا نظمت
"جبهة الإنقاذ" اجتماعا مع مقدمي البرامج من مختلف الفضائيات للتنسيق فيما
بينهم حسبما أعلن وقتها.. ولاشك عندي أن القنوات الدينية لديها وإن لم تجتمع ما
يشبه الميثاق المعلن على سياساتها. وبالتالي فليس منطقيا أن نستغرب ما نسمعه في القنوات
ولا أن نقبل أن يهاجم أي من الفريقين الأخر.. فنحن بوضوح شديد لدينا إعلام مؤيد وإعلام
معارض وكلاهما يكذب على الشعب.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق