الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أساتذة العلوم السياسية.. دولجية ومصلحجية وأمنجية



شعار فريق فني على يوتيوب

يعاني كل من ينتمي إلى الثورة المنقلب عليها أو الذين يطمحون إلى التغيير في مصر، من كثير من العقبات والمعضلات. بينها الإستبداد والفقر وقلة الوعي وضيق الأفق. كان ينبغي أن يتجاوز أساتذة العلوم السياسية تحديدا، تلك المعضلات، ويمثلون وسيلة ليتجاوزها غيرهم بما لديهم من وعي ودراية بالسياسة كعلم.
لكن، ومع الأسف الشديد، ظهر أن أساتذة العلوم السياسية في مصر، أقل وعيا وأكثر فقرا على المستوى العقلي ويعانون من ضيق أفق مركب ينافسون به أكثر أنواع المتشددين في البلاد. هم مجرد "دولجية" بأشكال مختلفة.
اكتشفنا مبكرا بيع العديد من أساتذة العلوم السياسية أنفسهم للنظام، ليعملوا كمحللين لكل كوارثه (جهاد عودة ومحمد كمال مثالا لما يمكن تسميته الأمنجية)، كما أن أساتذة آخرين كانوا يلعبون على الحبل، فلا هم يعادون النظام ولا هم يعملون لصالحه مباشرة (حسن نافعة وعمرو حمزاوي مثالا، ويمكن تسميتهم المصلحجية).
بعد الثورة ظهر فصيل جديد (معتز عبد الفتاح مثال معبر عنه)، نموذج بلا هوية، أو بالأحرى هويته مصلحته، أيا كان من يوفرها له، وبالتالي هو يتقلب بين كل التيارات (وحيد عبد المجيد أيضا مثال مناسب) وهؤلاء يمكن اعتبارهم دولجية.
لكن بحلول عام 2013، باتت الأمور أكثر وضوحا، فظهرت التباينات الصارخة، حيث انخدع أغلب أساتذة العلوم السياسية المفترض فيهم الوعي بالأكلاشيهات الرائجة، وصدقوا الشائعات، حتى أن بعضهم بات يبرر الانقلاب على الديمقراطية، (يمكنك هنا استحضار الدكتور سيف الدين عبد الفتاح في التصريح الشهير الذي يقول فيه إن 30 يونيو موجة ثورية جديدة).
بعد الانقلاب أيضا ظهر نوع جديد من أساتذة العلوم السياسية، هؤلاء الذين أظهروا أنهم يعارضون الحكم العسكري، بينما هو كانوا ضمن معاوله للإنقلاب على الديمقراطية، وإلى هؤلاء ينتمي كل الأساتذة السابقين، والذين ينتمي معظمهم إلى جيل كان ينبغي للثورة أن تحجمه قبل أن تفكر في النجاح، والذين انضم إليهم مجموعة من الشباب أمثال (أحمد عبد ربه الذي اعترف بالمشاركة في وضع خطة مصر 2030 بعد الانقلاب، والذي غادر مصر منذ عام) أو (عاطف بطرس الذي كان أحد المروجين لحملة تمرد والممنوع من دخول مصر حاليا).
من حق أي شخص أن يختار ما يشاء في مجال السياسة، وعليه أن يتحمل نتيجة اختياره، سلبا أو إيجابا، لكن أساتذة العلوم السياسية لا يملكون تلك الرفاهية، رفاهية مخالفة كل المبادئ التي يدرسونها للطلاب، ثم الإعتذار عنها بعد فوات الآوان بحجة الخطأ، (اعترافات عمرو حمزاوي الأخيرة مثالا، وهو الذي خرج من مصر بشق الأنفس).
للأسف.لا جدوى من التنظير السياسي في الوضع المصري لأن معظم من يتحدثون لا يفقهون في علم السياسة، أو يغلبون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، ويتجاهلون النظريات والمبادئ التي يدبجونها في الكتب، والتي لم تعد حتى تنطلي على طلابهم الذين اكتشفوا بشكل متكرر كيف أن أساتذتهم بلا مبدأ، أو على الأقل بلا وعي.
لا يعني هذا أبدا أنه لا يوجد أساتذة علوم سياسية يمكن احترامهم، أو الاستفادة من رأيهم، لكنهم أقلية للأسف.


يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق