الأحد، 19 أغسطس 2018

أصل الداء العربي


اعتبر عدد كبير من العرب على مواقع التواصل، وصول بضعة من المهاجرين العرب، أو المسلمين، إلى مراكز صنع القرار في عدد من دول العالم، أمر يستحق عقد الأفراح وأنه بداية لليال الملاح، دون أن يكون لذلك أية مؤشرات. المنطق يقول إن الأهم من اختيار منتمين إلى بلادنا أو ثقافتنا في برلمانات غربية، أن يكون لهؤلاء دور حقيقي أو مؤثر في تغيير مواقف تلك البلاد التي باتوا يحملون جنسيتها من بلادنا التي كانوا، أو آباءهم، يحملون يوما جنسيتها. أما مجرد حصولهم على المناصب فهو محض خبر عادي. طالبت بعض الأصدقاء بضرورة تأجيل الاحتفال إلى حين حصول ما يستحق، فإن اتخذ أحدهم أو إحداهن، موقفا يستحق الاحتفال، فلنحتفل ونرقص ونغني، أما أن نحتفل "قبل الهنا بسنة"، فهذا أمر مؤسف، خصوصا وأن تجاربنا في هذا السياق لا تبشر بخير. لكن أصدقائي أصروا على أنها فرصة فرح علينا اقتناصها. تعالوا نستعرض بعض الوقائع: الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أصول أوربية، جده ألماني، لكن ها هو يستعدي أوروبا كلها، بفرض رسوم وضرائب واعلان ما يشبه الحرب الاقتصادية. والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من أصول أفريقية، أبوه من كينيا، فماذا فعل لصالح أفريقيا غير الخطابات الرنانة؟ عمدة لندن صادق خان مسلم باكستاني الأصل، فهل له دور واضح في مواجهة الإسلاموفوبيا في بريطانيا؟ عين أكثر من وزير ووزيرة من أصول عربية، غالبيتهم من دول المغرب العربي، في حكومات فرنسا المتعاقبة، فهل عمل أيهم على دفع فرنسا للاعتذار عن عقود من احتلال بلدانهم الأصلية؟ معلوم أيضا أن عدد من دول أميركا الجنوبية حكمها أبناء مهاجرون عرب، فهل استفاد العرب من هذه الدول خلال فترات حكم هؤلاء لها؟ ولا يجهل أحد أن للعرب استثمارات بالمليارات في الدول الكبرى، فضلا عن صفقات السلاح التي لا تتوقف، فهل استفادت الشعوب العربية بأي شكل مما تمثله تلك الاستثمارات؟ أو غيرت تلك الأموال المتدفقة من طريقة تعامل تلك الدول معنا، أو نظرة بعضها الدونية إلينا؟ يقول صديقي إنها ليست استثمارات وإنما ضريبة يدفعها حكامنا لحماية عروشهم. الخلاصة أن المجتمع العربي مريض، ولا فارق يذكر يحسب لاختلاف التصنيف الديني أو القومي أو الثقافي، فالكل سواء للأسف، وأصل الداء هو الاستبداد، وعندما يتحرر العرب، عسى أن يكون قريبا، سيكون الشفاء. لكن التحرر هو الخطر الأكبر على المستبدين الذين يحرصون على عدم حصولنا على الحرية حتى لا نرفض سيطرتهم، كما أنه خطر على داعميهم من الخارج، فلو امتلكنا قرارنا لن نسمح لهم مجددا بسرقة ثرواتنا.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق