عن العربي الجديد
مع فورة الإعلام والفضائيات والبحث عن الأرباح،
بات الرقص قاسماً مشتركاً في كل برامج اكتشاف المواهب الفنية، خصوصاً الغنائية. وظلّت
أصوات المتسابقين تحاول جاهدة منافسة الراقصات والراقصين الذين يظهرون في خلفية
المسرح، ترفيهاً عن الجمهور. ثمّ اكتشفت الفضائيات مؤخّراً أنّ الراقصات في
الخلفية يشغلن الجمهور ويلفتن الانتباه أكثر من المواهب التي تحاول تقديم نفسها،
فتحولت إلى الاهتمام بالرقص نفسه، وتقديمه كموهبة، والعمل على تنظيم مسابقات خاصة.
في برنامج "أراب غوت تالنت" الذي
تنتجه وتعرضه محطة "أم بي سي" السعودية، بات الرقص جزءاً من المسابقات،
وأصبحت المنافسة في الرقص هدفاً لكثير من المشتركين. ولاحقاً، قرّرت محطة "أم
تي في" اللبنانية خوض التجربة، فأنتجت وعرضت برنامجاً بعنوان "رقص
المشاهير". والجدير بالذكر أنّ البرنامجين المذكورين تمّ تقليدهما عن النسخة
الأجنبيّة.
لكن العام الحالي شهد التحول الأبرز والأهم،
فقناة "القاهرة والناس" المصرية قرّرت التحدي ببرنامج اسمه "الراقصة"،
يستغل اسم وشهرة الراقصة المصرية دينا في تحقيق مكاسب وجماهيرية. إلا أن البرنامج
قوبل بعاصفة من الرفض والانتقاد، جعلت القناة تتوقف عن عرضه مؤقتاً، خصوصاً أنّ
البعض استغله سياسياً لاتهام النظام الجديد في البلاد بالدعوة إلى الانحلال.
بينما في لبنان قرّرت محطة "أم تي في"
تكرار التجربة بعد نجاح "رقص المشاهير" في موسميْن سابقيْن، لتقدّم هذا
العام برنامج المسابقات "يلا نرقص" المنقول عن برنامج الرقص العالمي
الشهير So
You Think You Can Dance.
وبحسب البرنامج، "فإن كنتم تظنّون أنّ
العرب لا يجيدون الرقص، فبرنامج (يلا نرقص) كسر المحظور، وأظهر مواهب استثنائية،
ومستوى عاليا لراقصين قادرين بسهولة على المنافسة عالمياً".
الشهرة الواسعة التي حققتها كل من الراقصات
اللامعات، سامية جمال وتحية كاريوكا ونجوى فؤاد وسهير زكي وزيزي مصطفى، ولاحقاً
فيفي عبده ودينا ولوسي وغيرهنّ، وصولاً إلى الراقصة صافيناز، تجعل من الرقص الشرقي
قضية لا يمكن تجاهلها في المجتمعات العربية. بل إنّ اهتمام العالم به، وامتهان
كثيرات من دول أجنبية له، يؤكد أنّ الرقص ليس شيئاً هامشياً على الإطلاق، بل هو فن
احترافي.
ظهور الرقص مبكراً في كل حضارات العالم من دون
استثناء، ورسوم فرعونية على جدران المعابد الباقية التي ضمّت رقصات مختلفة، دليل
على أنّه فن قديم. لكن الرقص في الحضارات القديمة كان جزءاً من طقوس دينية يقوم
بها رهبان وراهبات نذرن أنفسهنّ للإله، قبل أن يتحول لاحقاً، بضعف سيطرة سدنة
الآلهة على المجتمعات، إلى وسيلة للمتعة في بلاطات الحكام، ومواخير البسطاء.
يبقى التناقض اليوم قائماً لدى الكثير من العرب،
الذين يسهرون أمام شاشات الفضائيات، أو يدفعون المال للسفر إلى بلدان غربية قاصدين
المسارح والكباريهات للاستمتاع بالرقص الشرقي والغربي، فإذا ما عادوا إلى بلادهم
ردّدوا جملاً مطاطية مكرّرة حول وقاحة المرأة التي ترقص وتجاوزها للأداب والأعراف.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق