الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

لن أنتخب خالد علي مجددا





مطلع عام 2012، قرر المحامي الشاب خالد علي ترشيح نفسه لرئاسة مصر في مواجهة مرشحين كان هو أصغرهم سناً، ولما كان خالد ابن جيلي، وشريك ميدان، ومعبر عن أحلامنا في تمكين الشباب والتخلص من حكم "العواجيز"، الذي جثم على صدر بلادنا لعقود، قررت مع عدد من أصدقائي التصويت له في الانتخابات.
وقتها كانت الغالبية العظمى من الأصدقاء والزملاء منقسمة بين مرشحين آخرين؛ هما عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي.
وقتها لم يكن الخلاف السياسي يفرق الأصدقاء، كنا نجلس في مقاهي وسط القاهرة لنتناقش ونتجادل، كل منا يروج لمرشحه ويظهر عيوب المرشح المنافس الذي انحاز له صديق من بين الحضور، كانت أزهى عصور الديمقراطية بحق، رغم أننا كنا نسخر من المصطلح الذي تم إطلاقه زورًا وبهتانًا على العقد الأخير من حكم حسني مبارك.
في جلسة جمعتني برفاق التحرير، قررنا التخلص من الانحيازات والحديث بشكل منطقي، أذكر أن أحدهم واجهني بأن فرص خالد علي محدودة للغاية، وأن ترشحه يساهم في تفتيت الأصوات التي يمكنها أن تسهم في نجاح مرشح آخر من مرشحي الثورة، في مواجهة مرشح الإخوان ومرشح الجيش.

وقتها قلت للأصدقاء صراحة إن قناعتي أن أياً من المرشحين لا يملك فرصة، وأن مرشح "الإخوان" ومرشح الجيش/الشرطة، هما الأوفر حظاً، فرد أحد الحضور: ولماذا نجهد أنفسنا إذاً في دعم هؤلاء؟ أليس الأولى أن نختار أحد المرشحين الأوفر حظاً؟ فرد أحدهم: وهل توافق على أي من المرشحين الأوفر حظاً؟
ساد صمت قررت قطعه بهجوم مباغت على مرشحيهم، فقلت إن أبو الفتوح كمرشح لا فارق بينه وبين محمد مرسي وحازم صلاح أبو إسماعيل كمرشحين إسلاميين، وإن حمدين كناصري لا يفرق عندي كثيراً عن عمر سليمان وأحمد شفيق كمرشحين عسكريين.
لم يعجب كلامي الأصدقاء، وتوترت الجلسة التي كانت لطيفة، فقرر أحدهم أن يشن هجوماً مضاداً، وقال إن انحيازي لخالد علي أقرب إلى مقاطعة الانتخابات. قفزت الفكرة إلى ذهني فجأة، فقلت: أظن أنك على حق، هي مقاطعة ايجابية للانتخابات التي لا أتوقع أن تكون ديمقراطية تحت حكم عسكري قمعي.
حصل خالد علي على 124 ألف صوت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، والتي انتهت إلى جولة إعادة بين مرشح الإخوان مرسي ومرشح العسكر شفيق، كان صوتي أحد الأصوات القليلة التي حصل عليها مرشح الشباب، وكنت فخوراً بأن حملته محدودة الموارد التي لا تحظى بأي دعم من أي فصيل في نظام الحكم استطاعت الحصول على هذا العدد من الأصوات الذي اعتبره كثيرون هزيلاً.
بعد الجولة الأولى عدت وأصدقائي إلى المربع الأول، إلى أي فريق سننحاز، فريق الإخوان أم فريق العسكر؟
عندها دبت بيننا خلافات واسعة، فريق أصر على ضرورة مقاطعة التصويت، وفريق أصر على تأييد أي شخص غير مرشح الإخوان، وفريق ثالث كنت ضمنه، أصر على تأييد أي شخص غير مرشح العسكر.
في الشهر التالي، كنت أحد من يهاجمون المرشح أحمد شفيق ليل نهار، لكنني لم أكن داعماً لمرسي كمرشح، لم أكن مقتنعاً بأي منهما، لكن الإخوان كانوا وما زالوا عندي أفضل من العسكر.
يوم التصويت، ذهبت إلى لجنة الانتخابات فوجدت العاملين في اللجنة يدفعون الناس دفعاً إلى التصويت لشفيق تحت سمع وبصر الشرطة والقضاة المشرفين على العملية الانتخابية، حتى إنني اختلقت أزمة مع أحدهم وهددته بفضحه إن لم يتوقف عن توجيه الناخبين.
عندما ذهبت إلى الصندوق للإدلاء بصوتي، أصابتني الحيرة، فأنا ضد شفيق قلباً وقالباً، لكني لست مقتنعاً بمرسي أيضاً. حملت ورقة التصويت وعدت أدراجي دون أن أدلي بصوتي، لتظل عملية تصويتي لخالد علي هي المرة الوحيدة التي أدلي فيها بصوتي في أي انتخابات مصرية.
في انتخابات ترشح السيسي للرئاسة، قاطع كل المرشحين السابقين المهزلة، إلا حمدين صباحي الذي استحق لقب "الكومبارس"، وقال خالد عنها إنها ليست انتخابات وإنما "مسرحية هزلية". كان هذا رأيي أيضاً. لكن عدداً من الأصدقاء عاشوا أوهام فوز حمدين في مواجهة العسكر والشرطة والثورة المضادة والنظام القديم.
خسر حمدين خسارة مدوية، لم يحصل حتى على نصف مليون صوت، في مقابل ملايين السيسي، وتفاخر السيسي بأنه خاض انتخابات ديمقراطية في مواجهة مرشح معروف سبق له خوض السباق، وبات حمدين محللاً صورياً لرئاسة السيسي.
قرر خالد علي الترشح للانتخابات الرئاسية 2018 في مواجهة السيسي، ولست أعلم ما الذي تغير في "المسرحية الهزلية" حتى يشارك فيها، أزعم أن الهزل زاد خلال السنوات الأربع التي حكم السيسي فيها البلاد بعد الانقلاب على كل مكتسبات الثورة، وأن خالد سيكون "الكومبارس" الجديد الذي يحلل الفترة الثانية من رئاسة السيسي بعد حمدين.
لهذا لن أنتخب المحلل الكومبارس.






يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق