الجيش المصري وواشنطن.. علاقة متينة تربطها المعونة
___________________________________________
رغدة رأفت
فى ظروف الارتباك الراهنة التى يمر بها المجتمع
المصرى، أضطر الرئيس مرسى استدعاء الجيش فى بورسعيد، بسبب تدهور الوضع الأمنى، فى
حين أن الرئيس مرسى وجماعته كانوا أكثر الناس استعجالا، لكى يسلم الجيش السلطة،
ويسرع فى الخروج من المعادلة السياسية.وكان لهم ما أرادوا وخرج الجيش بالفعل من
الواقع السياسى.
تحذير وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي من
"انهيار الدولة" إثر أحداث العنف التي صاحبت الذكرى الثانية لثورة 25
يناير، أثار تساؤلات حول دور الجيش في المرحلة الحرجة التي تعيشها مصر الآن، وسط
مطالبات بتدخل المؤسسة العسكرية لوضع حد للأزمة السياسية حتى لا تنجرف البلاد نحو
الفوضى..
موقف الجيش وتفاعلاته مع الصراع السياسي، لايمكن
فهمه بمعزل عن فهم العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية، والقوات المسلحة
المصرية.
ثمن المعونة
منذ إبرام اتفاقية السلام عام 1979، ومصر تحصل على
مساعدات عسكرية، تقدر بحوالي 1.3 مليار دولار سنويًّا، إلا أن هذه المساعدات تثير
جدلًا وانتقادات واسعة، من قبل أكاديميين، وجماعات الضغط السياسية المختلفة في
واشنطن، منذ عهد مبارك، ورغم ذلك تحافظ الإدارة الأمريكية على تقديم هذه
المساعدات، واستمرار العلاقة مع مصر، وهو ما ترجمته ورقة بحثية أعدت فى جامعة
"بنسلفانيا"، بقولها: إن "القاهرة وواشنطن استفادتا من العلاقة
الاستراتيجية، التي استمرت لثلاثين عامًا".
وفي 2007 قال السفير الأمريكي الأسبق لدى القاهرة،
فرانسيس ريتشاردوني، في مذكرة رفعها لوزارة خارجية بلاده: "بفضل المساعدات،
أيدت مصر الأهداف الاستراتيجية الإقليمية للولايات المتحدة، لمدة ثلاثين عامًا،
وحافظت على السلام الدائم مع إسرائيل، وامتنعت عن عرقلة العمليات العسكرية
الأمريكية في الشرق الأوسط، وتعاونت مع المخابرات الأمريكية، لمكافحة الجماعات
المتطرفة، والإرهاب في المنطقة".
وأضاف: "مصر استفادت من علاقتها بأقوى جيش في
العالم، وحدثت قواتها وأسلحتها، فهي ثاني أكبر دولة تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية،
وعاشر أكبر جيوش العالم، وتمثل المساعدات الأمريكية لها 85% من ميزانيتها
العسكرية، كما أن 6600 من ضباط الجيش، تلقوا تدريبات عسكرية في الولايات المتحدة،
منذ 1995، وحوالي 600 ضابط يحضرون تدريبات عسكرية كل عام".
وأوضح أنه "بموجب المساعدات، تستضيف مصر، مرة
كل عامين، بالتعاون مع القيادة المركزية الأمريكية، (النجم الساطع)، أكبر مناورة
عسكرية متعددة الجنسيات، في منطقة الشرق الأوسط، وعلى مدار 30 عامًا تجتمع وفود
عسكرية رفيعة المستوى، إما في القاهرة أو واشنطن، لمناقشة العلاقة على وجه
التحديد، فيما يخص الدفاع والتعاون العسكري، والسياسة الاستراتيجية".
ويتابع "خلال سنوات عهد مبارك، تعرضت المساعدات
العسكرية الأمريكية لانتقادات واسعة، من جماعات الضغط السياسية في أمريكا، ورأى
عدد من رجال الكونجرس الأمريكي، ضرورة تخفيض المساعدات لسببين رئيسيين، أولهما: أن
حجم هذه المساعدات لا يتناسب مع الدعم، الذي تقدمه مصر للولايات المتحدة، وأهدافها
الاستراتيجية في المنطقة، وثانيهما: أن نظام مبارك يعتمد على القمع والخوف، مما
يعني أن الولايات المتحدة تقر بمساعدة دولة لا تمارس الديمقراطية"، حيث رأي
أعضاء الكونجرس، أن استمرار المساعدات، يستوجب مزيدًا من الانفتاح علي إسرائيل،
وبذل جهد أكبر لوقف التهريب لقطاع غزة، عبر حدوده مع مصر، ومكافحة الإرهاب، ومنح
حرية أكبر للأقليات الدينية في مصر، تحديدًا الأقباط، لذا دعوا، أكثر من مرة، إلي
تقليصها، أو جعلها مشروطة.
ما بعد الثورة
عندما اندلعت ثورة يناير وأطاحت بالرئيس، مبارك،
أعلنت الولايات المتحدة دعمها لها، بحجة أنه يجب على أقوي دولة فى العالم مساندة
الشعوب، التي تبدأ طريقها نحو الحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وكان
للجيش المصري دور كبير، في إجبار مبارك على التنحي.
وبدا الدور، الذي لعبته أمريكا فى مصر، بعد الثورة،
واضحاً، تماماً، منذ 25 يناير 2011، وحتي تسلم الرئيس محمد مرسي الحكم، من المجلس
الأعلي للقوات المسلحة، وما تبعها من عملية الإطاحة بقيادات المجلس، المشير حسين
طنطاوي، ونائبه الفريق سامي عنان، وآخرين.
ورغم أن نظام حكم الرئيس مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين،
يشوبه ممارسات استبدادية، إلا أن الإدارة الأمريكية تلتزم الصمت، وسط موقف يبدو
محايداً من الجيش المصري، وهو ما دعا المعهد العربي الأمريكي، للتساؤل عن سر هذا
الصمت، ويحاول الإجابة عنه في تقرير نشر حديثاً، بالقول: "غياب الجيش المصري
من المشهد، لا يعني، على الإطلاق، أنه بمعزل عن الحياة السياسية في مصر، فتسليم
المجلس العسكري السلطة للإخوان، بعد الانتخابات الرئاسية، لم يحمل في طياته عودة
الجيش، نهائيًّا، إلى ثكناته، وتخليه عن المسئولية تجاه ما يحدث في البلاد".
ويرى التقرير أن "الدور الذي يلعبه إخوان مصر،
كوسيط محايد، بين إسرائيل وحماس، هو الذي دفع الإدارة الأمريكية للصمت، تجاه
استبداد الإخوان في الحكم"، مؤكداً "أن واشنطن تحتفظ في الوقت نفسه،
بقنوات اتصالها بالجيش المصري، لمنع انزلاق البلاد نحو الفوضى، لأنها لا تجد
بديلًا عن الإخوان، كما أنها تخشي صعود السلفيين، لأن المعارضة الليبرالية مشتتة،
لكن لا يمكنها الاعتماد على الجيش، في حكم مصر بشكل مباشر، لأن تجربة المجلس
العسكري، كانت عبئًا على القوات المسلحة، مما دفع واشنطن إلى دعم الانتقال لسلطة
مدنية، يقودها الإخوان".
ومازالت المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، محل
نقاش داخل أروقة الكونجرس، حيث يرى البعض أنها غير مجدية، بعد وصول الإخوان للحكم،
لأن التهديد بقطعها لن يدفع الجماعة، لعمل إصلاحات سياسية واقتصادية في البلاد،
إلا أن البعض الآخر يرى أن تخفيضها، أو قطعها، سيضر بشركات بيع الأسلحة في
الولايات المتحدة، مثل شركتي "لوكهيد مارتين"، و"جنرال
داينميكس"، مما يضر بالاقتصاد الأمريكي في نهاية المطاف، حيث ينفق الجيش
المصري أموال المساعدات على شراء الأسلحة، حسب قول ديفيد شنيكر، مدير برنامج
السياسة العربية بمعهد واشنطن .
الجيش لاعب سياسي
علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية، على
تصريحات السيسي قائلة: إنها "تذكير بنفوذ الجيش"، الذي قاد المرحلة
الانتقالية في البلاد، مشيرة إلى أنه "رغم عودة الجيش إلى ثكناته، فإنه لا
يزال يحتل مكانة خاصة في حفظ النظام، بدليل أنه تولى مسئولية حفظ الأمن في مدن
القناة، في ظل أحداث العنف، التي وقعت مع ذكرى ثورة يناير".
ونقلت الصحيفة عن ياسر الشيمي، الباحث بمجموعة
الأزمات الدولية، أن "الجيش إذا ما رأى أن البلاد في حالة خطر، سيتدخل
لقيادتها، أي أن سقوط الرئيس هذه المرة، سيؤدي إلى أن تحكم المؤسسة العسكرية مصر،
ولن يتكرر ما حدث منذ عامين، بسقوط مبارك"، متسائلة: عما إذا كانت تصريحات
السيسي، تحمل في طياتها استعداد المؤسسة العسكرية، للانقلاب على حكم الإخوان في
البلاد.
ونقلت "الجارديان" عن عدد من الخبراء
والمحللين السياسيين، قولهم: إن "تصريحات السيسي، تهديد مبطن للحكومة لإنجاز
العمل المطلوب، بالحوار مع القوى السياسية، لتهدئة الشارع"، مشيرة إلي أن
القيادة العسكرية تتحدث بهذه القوة، لأنها مازالت تلعب دوراً قوياً فى العملية
السياسية، رغم انسحابها، بتسليم مرسي السلطة.
وتستمد المؤسسة العسكرية قوتها، من سيطرة رجالها على
عدد كبير من المناصب الإدارية، في البلاد حتى الآن، كما أنها تدير قدرًا كبيرًا من
المصالح الاقتصادية، في أنحاء الجمهورية، فما زالت المؤسسة العسكرية تتحرك
باستقلالية، وتعتبر نفسها مؤسسة ذات وضع خاص، داخل البلاد.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية،
قد تحدثت عن المساعدات العسكرية لمصر، في تقرير نشر في مارس 2011، أكدت فيه أن
"الجيش المصري أصبح يستخدم أموال المعونة الأمريكية، في تقديم خدمات
للمدنيين، وليس لرجال الجيش، مثل المستشفيات العسكرية، التي تقدم العلاج للمدنيين،
مما يثير استياء المواطن الأمريكي، الذي يرى أن أموال دافعي الضرائب يستفيد منها
غيره، إلا أن الإدارة الأمريكية لها أهداف استراتيجية للتأثير على مصر، من خلال
أموال المعونة، لذلك تحرص على استمرارها".
وعلى الرغم من أن التقارير الأمريكية أكدت، فور
تعيين السيسي وزيرًا للدفاع، أن الولايات المتحدة فوجئت بالتغييرات، التي قام بها
مرسي في الجيش، إلا أن الإدارة الأمريكية بدت واثقة في وزير الدفاع الجديد، مدركة
أن التغييرات ما هي إلا تعاقب للأجيال، بإزاحة رموز أصبحت أكثر عزلة في مصر بعد
الثورة، وذلك حسب مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية
"لديفيد أجناتيوس"، مما يعني أن قنوات الاتصال بين الولايات المتحدة
والجيش، ما زالت مفتوحة، وهذا يطمئن الإدارة الأمريكية على مصالحها في المنطقة.
وقلل المسئولون الأمريكيون من شأن الشائعات، التي
ترددت بوجود علاقة بين السيسي وجماعة الإخوان المسلمين، وأكدوا أن السيسي معروف
جيدًا للجيش الأمريكي، حيث قضى عامًا من التدريب الاحترافي في الولايات المتحدة،
وكان يعتبر مديرًا متميزًا للمخابرات الحربية.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، علم الولايات
المتحدة الأمريكية، مسبقاً، بالمباحثات التي جرت في مصر، والتي أدّت إلى الإعلان
عن فريق جديد للقيادة العسكرية، غير أنها لم تكن تعلم بتوقيت هذا الإجراء، وقالت
الناطقة باسم الخارجية الأمريكية "فيكتوريا نولاند": "إن الذين
عُينوا في القيادة العسكرية الجديدة، أشخاص نعرفهم، وعملنا معهم في السابق،
وأغلبهم تابع دورات تدريبية في الولايات المتحدة".
ووقتها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"
الأمريكية: إن وزير الدفاع السابق، حسين طنطاوي، قدم وزير الدفاع المصري الجديد،
عبدالفتاح السيسي، "لجون برينان"، مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب، خلال
زيارته لمصر في أكتوبر، باعتباره من سيخلفه فى المنصب.
وأوضحت الصحيفة أن طنطاوي والسيسي، كانا قد تناولا
طعام العشاء مع الوفد الأمريكي، برئاسة "برينان"، مضيفة أن طنطاوي قدم
السيسي للوفد، كقائد مستقبلي لوزارة الدفاع، مشيرة إلى أن السيسي كان يجري اتصالات
مكثفة مع "آن باترسون"، سفيرة الولايات المتحدة الحالية في مصر.
وقال مسئول كبير في إدارة أوباما، للصحيفة عن
السيسي: "هذا هو الشخص الذي عملنا معه لفترة طويلة، والذي أظهر نفسه حريصًا
على العمل مع الولايات المتحدة، والذي يقدر قيمة السلام مع جيران مصر".
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الاتصالات بين السيسي
وأمريكا، يعود تاريخها إلى أكثر من 30 عامًا مع الولايات المتحدة، حيث أخذ دورة
تدريبية أساسية للمشاة، في "فورت بينينج" بولاية جورجيا عام 1981.
ومن بين من شملتهم الترقية، أيضًا، اللواء محمد
العصار، الذي عين مساعدًا لوزير الدفاع، وكان العصار مسئولًا عن العلاقات مع
الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يكون من أسباب ترقيته، بجانب انتقاده المبكر
للرئيس السابق بعد الإطاحة به.
القاهرة- واشنطن
وبالعودة إلى 25 يناير 2011، لمراجعة الزيارات
المتبادلة التي لا تنقطع، بين الجيش المصري والولايات المتحدة، نجد أن رئيس أركان
الجيش السابق، الفريق سامي عنان، ووفدًا مؤلفًا من 25 عضوًا، كانوا في واشنطن
لإجراء محادثات عسكرية، مع قيادات وزارة الدفاع الأمريكية، ثم قُطعت الزيارة بعد
استدعاء عنان في اليوم الثالث للثورة، دون أن يكشف عن تفاصيل الزيارة.
وبعدما تولى المجلس العسكري، قيادة البلاد في
المرحلة الانتقالية، استمرت الزيارات المتبادلة، مما يوضح أن واشنطن حريصة على
إبقاء قنوات الاتصال، مع الجيش المصري، مفتوحة، حتى بعدما سلم المجلس العسكري
السلطة للإخوان، بعد أول انتخابات رئاسية بعد الثورة، في يونيو الماضي، ويؤكد هذا
الكلام تصريحات السيناتور الأمريكي "جيمس أنهوف" هذا الأسبوع ،التي قال
فيها: إنه "لا يحب الرئيس المصري، محمد مرسى، بل يعتبره عدواً، بعكس الجيش
المصري، الذي يعتبره صديقاً للولايات المتحده".
داهية الجنرالات..
العصار.. وسيلة الجيش للحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن
___________
فرح يسري
بوجه بشوش وصرامة عسكرية، ولباقة وقدرة على الحديث، وانفتاح
على الشباب، وعلاقة جيدة بالولايات المتحدة الأمريكية، يقف اللواء محمد العصار بين
أقرانه، من قيادات المؤسسة العسكرية المصرية، كـ"داهية سياسية"، له دور من
وراء الستار فيما جري ويجري بمصر.
بدا العصار، الذي يشغل حالياً منصب مساعد وزير الدفاع
لشئون التسليح، وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أحد مهندسي عملية الإطاحة بالمشير
حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، ونائبه الفريق سامي عنان، في 12 أغسطس 2012، وكان
أول من علق من القيادات العسكرية علي إقالة الرجلين، قائلاً:"ما تم كان بتوافق
مع قيادات الجيش".
وتمتع العصار، مثل غالبية زملائه، بحب الشعب المصري،
بعد ثورة يناير، الذي لم يدم طويلاً، إذ أدت المعارك السياسية وما تبعها من اشتباكات،
راح ضحيتها عشرات المواطنين، إلى اهتزاز هيبة الجيش وصورة قياداته عند المصريين، إلي
حد طالب فيه البعض بإقالتهم، ومحاسبتهم على "جرائمهم ضد المتظاهرين".
ويُحسب الجنرال على أفراد الحرس القديم، الذين يشكك البعض
في إخلاصهم للثورة، لأنهم صعدوا إلي أعلي المراتب العسكرية، في عهد الرئيس السابق،
حسني مبارك، ويرجح أن العصار كان إحدى الركائز الأساسية فى الجيش، القريبة من نظام
الحكم السابق، وعلى الأرجح من أي نظام، وبدا ذلك واضحاً في عملية الإطاحة بطنطاوي وعنان،
إذ أن مرسي حرص على إصدار قرار، بتعيينه مساعدًا لوزير الدفاع.
ويرجع البعض ترقية العصار إلي خبراته الواسعة فى العلاقات
الخارجية، وعلاقته الطيبة جداً بواشنطن، حسبما نشرت صحيفة "جلوبال بوست"،
في حين يصف الكثيرون الجنرال، بأنه شخصية لبقة، صاحب وجه بشوش، يتمتع بوقار وجدية عسكرية،
تصل فى بعض الأحيان إلي الصرامة، ويجيد التحدث مع وسائل الإعلام، وكان أول من مثل العسكريين
الذين ظهروا في الإعلام، بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، وهو يدعي للمشاركة فى فعاليات
كثيرة بواشنطن، ولا يخلو جدول مواعيده من محاضرات في الولايات المتحدة.
وما يلاحظ على العصار، خلال مداخلاته الإعلامية أو مؤتمراته
الصحفية، هو تغير اللهجة وطريقة الحوار، بتغير النافذة الإعلامية، ففي مصر يتمتع حواره
بالصرامة والثبات الشديدين، كرجل عسكري فى أرض المعركة، ويصل أحياناً إلي درجة الهجومية،
أما في واشنطن- على الأقل فيما يظهر من لقاءاته- فيغلب على حديثه التساهل والدفاعية
في بعض الأحيان.
وفي مؤتمر صحفي حضره فى واشنطن، يوليو 2011، رفض العصار
التعليق على سؤال، يدين استنكار المؤسسة العسكرية للتمويل الأجنبي، لمنظمات المجتمع
المدني، في حين أن أغلب ميزانية القوات المسلحة، تأتي في إطار المعونة الأمريكية لمصر.
ولعل النغمة المتساهلة التي يضفيها العصار على أحاديثه في واشنطن، هي نتيجة اختلاف
اللغات، فلديه قدرة، شبه كاملة، على فهم اللغة الإنجليزية، ولكن قدرته على التحدث بها
متوسطة، فهو ضليع بالمفردات الضرورية، ولكنه يتحدثها بلكنة مصرية قوية.
ولعل هذه النغمة تنفعه، أحيانًا، فى الإبقاء على سريان
المياه فى مجاريها، فوجوده كمساعد وزير التسليح لمدة سبع سنوات، ثم ترقيته بعد الثورة،
دليل على تمرسه وامتلاكه للأدوات الضرورية، لطمأنة واشنطن، واستخلاص أكبر منافع للجيش
المصري من البنتاجون.
وبنظرة على بعض وثائق "ويكيليكس"، نكتشف بعض
مواقف العصار، الأكثر حسماً مع الإدارة الأمريكية. ففي نوفمبر 2008، طالب العصار الإدارة
الأمريكية، بالتقدم باعتذار رسمي في أسرع وقت، وتحديد مبلغ تعويضي "وافٍ"
لتهدئة غضبة الشارع المصري وأسرة المواطن، محمد عفيفي، الذي لقى حتفه بنيران البحرية
الأمريكية.
ويمكن القياس على ذلك في مواقف أخرى للعصار، مثل موقفه
من زيادة المعونة الأمريكية لإسرائيل، وإشارته إلى أن ذلك "قد يؤثر على نجاح العلاقات
المصرية - الأمريكية".
وبعد عامين من الثورة، والكثير من الأحداث، التي أدت
إلى ضيق الشارع المصري من الحكومة الحالية، تعالت بعض الأصوات، مرة أخرى، منادية بعودة
الجيش المصري للحياة السياسية، "لضبط وربط البلد"، وربما يكون للعصار، فى
الفترة المقبلة، دور أكبر من الدور الذى لعبه فى الماضى.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق