السبت، 2 أغسطس 2014

سلامة عبد الحميد يكتب: خالد يوسف "الملحد".. نائبا




كنا أربعة في مطار وهران الدولي في الجزائر، في اليوم التالي لحفل ختام مهرجان وهران السينمائي 2011، المخرج خالد يوسف، والممثلة هالة صدقي، والناقد طارق الشناوي، وأنا.
جلسنا كعادتنا نتسامر ونضيع الوقت في انتظار الطائرة التي ستقلنا إلى الجزائر العاصمة، لنركب طائرة العودة إلى القاهرة، تحدثنا في أمور كثيرة، أهمها السينما والثورة، كنت وخالد متحمسين للثورة والحديث عنها وعن مستقبل مصر بعدها، وهالة كارهة للثورة لكنها تخشى التصريح بهذا كوننا أغلبية والثورة في مرحلة توهج، ما دعاها لإظهار ما يبدوا تخوفات من المستقبل، بينما ظل طارق الشناوي على هدوءه يحاول تحويل دفة الحديث إلى الفن.
تحدثنا طويلا عن هوية مصر بعد الثورة في ظل صعود التيار الإسلامي، وقال خالد من بين ما قال إنه كـ"ملحد" لا يخشى الإسلاميين، ويدرك جيدا أنه لن يُسمح لهم بأن يصلوا إلى مركز صنع القرار في البلاد، لكنه أيضا سيقبل بمن تأتي به الديمقراطية أيا كان.
كان هناك شبه اتفاق بيننا على القبول بمن تأتي به الديمقراطية الوليدة في بلدنا الخارجة من عقود ديكتاتورية طويلة، رغم تحفظات هالة صدقي المتكررة.
فجأة وبعد عدة أشهر فقط، وتحديدا في الانتخابات الرئاسية، الجولة الأولى، وكان الخلاف في وجهات النظر بيني وبين خالد لم يبدأ بعد، شاهدت فيديو يظهر فيه خالد بجوار مرشحه وقتها حمدين صباحي، يصليان مع أخرين الفجر في جماعة.
للوهلة الأولى، قلت ربنا هداه، ثم فكرت قليلا فأقنعت نفسي أن الأمر لا يعدوا كونه صورة انتخابية للمرشح المؤمن، تعجب الكثير من الناخبين، لكني تذكرت حديثنا في مطار وهران، هل تخلى خالد عن إلحاده وبات يصلي؟ أم أن حمدين استتابه؟ أم أن الموقف اضطره لذلك؟.
فكرت أن أتصل به هاتفيا لأستوضح موقفه، كدت أفعلها، لكني تراجعت، أخر اتصال هاتفي جرى بيننا قبل الواقعة ضم عتابا منه على ما كتبته عن صديقتنا المشتركة السابقة إلهام شاهين التي كانت تواصل الحديث عن مبارك البطل والثوار الخونة. وبينما كان هو منزعجا من اتهامي لها بالخبل، كنت أواصل التأكيد على أنها تتهمنا جميعا، وهو معنا، بالخيانة والعمالة.
اكتفيت بالكتابة على مواقع التواصل، متسائلا: كيف يصلي صديقي الملحد؟ الملحد أصلا لا يصلي، وجائتني من أصدقاء مشتركين يعرفون التفاصيل، الكثير من الرسائل المستهجنة والرافضة لموقفي، فجأة بات كثيرون منهم يتحدثون بلغة التيار السلفي "انت هتدخل بينه وبين ربه؟، انت هتحاسبه باعتبارك ايه؟"، لم أرد على أي منهم إلا بضحكة شريرة، ليس خالد وحده الذي تحول، كلهم تحولوا، "فامبيرز" جدد يملئون الشارع المصري.
تجاوزت الفكرة بعد فترة، فخالد تحول بالكامل من ثورجي ناصري يقف مع حمدين صباحي، إلى انقلابي، يصور الانقلاب بطائرة عسكرية، ثم ينضم لحملة السيسي ضد صديقه حمدين في الانتخابات الرئاسية، إنها المصالح إذن، ولتذهب المبادئ والشعارات للجحيم.
لذا عندما شاهدت "بوسترا" لخالد من بين بوسترات حملته الانتخابية كمرشح لمجلس النواب، لم أستنكر عليه ما في البوستر كثيرا، يجب أولا التنبيه إلى أن خالد فشل في الحصول على مقعد رئاسة نقابة السينمائيين التي ينتمي إليها، لكنه بلا شك سيحصل على مقعد في مجلس النواب.
لكني مهتم أيضا بتحليل مضمون "البوستر"، الذي يحمل في أعلاه أية قرأنية، "إن ينصركم الله فلا غالب لكم"، فيه ملحد يعمل بوستر يضم نص قرأني؟، يعني هو فيه ملحد بيصلي؟. بس كدا استخدام للدين في السياسة. يا سيدي.. ما علينا.
لفت نظري أيضا تبرأ خالد من مهنته التي عرفه الناس من خلالها، والتي يتفاخر بها طوال الوقت، كتب في تعريف نفسه "المهندس خالد يوسف"، هو بالفعل مهندس بحسب شهادته الدراسية، لكن أين المخرج خالد يوسف؟ وأين الفنان خالد يوسف؟
هو يدرك جيدا أن الناخب لا يحب الفنانين، الفنانين الذين ترشحوا لعضوية البرلمان في مصر، لم يفز معظمهم بالمقعد، لكن لقب المهندس طبعا أفضل وبريقه أوقع لدى المصريين، حتى أن أول رئيس مدني منتخب كان مهندس.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق