الجمعة، 26 أغسطس 2016

مواجهة مع النفس




عن العربي الجديد

تواجهنا عادة اتهامات من جانب أشخاص ينصبون أنفسهم قضاة؛ بعضهم يظن نفسه من الملائكة، سبب الاتهامات في العادة هو الخروج عن السائد.

نعيش في عالم بات يعتبر من يغرّد خارج السرب، أو يتبنى رأياً مغايراً، شخصاً مارقاً، أو خائناً، وربما إرهابياً، خاصة لو كان يخالف ما يسعى لترويجه قادة القطيع من أكاذيب وشائعات.

عادة لا يعنيني رأي أناس يرون أنفسهم، ومن يتفقون معهم في التوجه أو الرأي أو المصلحة، لا يخطئون، بينما كل الآخرين شياطين.

لا تغضب ولا تنزعج، ينبغي أن تتجاوز تلك المرحلة، يفترض أنك خضت عشرات الصدمات، وتجاوزت عشرات المنحدرات في حياتك، خاصة في علاقتك بمن كنت تظنهم أصدقاءك.

في مصر مثل شعبي يقول "سيب صاحبك يقول رأيه. بكره يتغير أو يغير رأيه".

شخصياً يؤسفني أنه لم تعد تزعجني خسارة الأصدقاء، خسرت بالفعل الكثير منهم، أجد نفسي أحياناً فخوراً بخسارة هؤلاء.

لا أهتم بهؤلاء الذين يدمنون تصنيف البشر، فهذا ليبرالي وذاك يساري وهذا إسلامي، وأتفهم أن كثيراً من البشر من حولي تشكل وعيهم فقط بعد الربيع العربي، بعضهم تشوّه وعيهم بالأحرى.

السياسة قذرة يا صديقي، ونحن لسنا سياسيين ولا نريد أن نكون قذرين. السياسيون لوثتهم المصالح والمواءمات والاتفاقات، وكلهم ينتظر دوره ليتسلم راية الفساد، أو على الأقل يقصي مخالفيه.

إياك أن تظن أن هذا التيار أشرف من ذلك، أو أن تلك الفئة أسوأ من منافستها، أو أن هذا القيادي أفضل من ذاك. كلهم طالبو سلطة أو باحثون عن مصلحة، لا راغبون في صالح الوطن أو المواطن.

نحن ملح الوطن، ونحن ضحاياه. لا تثق في من لم يخض يوماً معركة حقيقية، أو لم يعش الخطر في الشارع. هؤلاء طامعون أو أفاقون لا مناضلون.

لكنك في الوقت ذاته يجب أن تواجه نفسك بحقيقة نفسك، وأن تقتنع تماماً بحقيقة ضعفك الإنساني، وبوقوعك في أخطاء سببها إما أطماعك أو مخاوفك، وربما جهلك.

يكرّر صديقي دوماً أن معظمنا مجرد مشروع مواطن فاسد لم يجد الفرصة، فيستنكر صديق آخر رأيه، ويؤكد أن معظمنا مواطن على الهامش لا يقدم ولا يؤخر، أو مجرد رقم في صندوق انتخابات يمنح لمن يقدر أن يدفع، أو من يقدر أن يخدع.

أواجههم عادة بأن كل البشر لديهم مشكلات. صدقني أنك في جزء من شخصيتك عنصري، وأنك تكذب، أحياناً بلا وعي، وأحياناً عن قصد كامل.

اعلم أن تجاهلك لخطأ يرتكبه أحد من يتفقون معك في الرأي أو التوجه، وفضحك لنفس الخطأ حال ارتكبه من يخالفونك هو تزوير وتضليل، صدقني أنك لو واجهت نفسك بحقيقة نفسك فإنك ستكتشف أن إيمانك بالحق منقوص أو مغلوط.

صدقني أو لا تصدقني. أنت حر طبعاً.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق