الخميس، 21 يوليو 2011

موقعة الشاي الثانية


في التحرير كنت أحضر "تويت ندوة" في قلب الميدان إلى جوار مخرج المترو، كنا كتييير وكان الوضع كويس خصوصا واحنا كنا بنناقش موضوع تطهير القضاء في وجود المستشار أشرف البارودي والمحامي نجاد البرعي.
فجأة قام سيد، وسيد لمن لا يعرفه شبه متسول وشبه مصاب بقصور عقلي وشبه مواطن مكسور أو مقهور، هو باختصار شبه مواطن من مئات الألاف مثله يمكن أن نلقي بالتبعية على ما وصلو إليه على مبارك ونظامه ثم المجتمع الذي يعيشون فيه.
المهم قام سيد وخطف المايك من علاء عبد الفتاح منسق التويت ندوة وبدأ في الدعاء للشهداء والكل يؤمن وراءه رغم امتعاض البعض لأن سيد صوته وحش وكلامه غير مرتب وكمان ضيع وقت طويل وظل يرفض إعادة المايك إلى علاء.
شخصيا كنت منزعجا من تدخل سيد في الندوة المفترض أنها خاصة بأصحاب الحسابات على موقع "تويتر" والتي كان تنظيمها في الميدان وفي مكان مفتوح فرصة جيدة ليسمع أخرون لا علاقة لهم بتويتر المناقشات والأراء التي نتداولها نحن على الموقع.
لكني كنت وما زلت أرفض اعتبار سيد كلب شوارع أو التعامل معه باعتباره منبوذ أو مواطن بلا حقوق.
فجأة قام أحد الحاضرين "ليس من المنظمين أصلا" يحاول ابعاد سيد والحصول على المايك منه وكلنا كنا نريد أن نفعل هذا، لكن المفاجأة جعلت سيد يرد بشكل عفوي تماما بلطم الشاب على وجه لتسيل منه الدماء، كلنا وقتها غضبنا من سيد، لكن بالطبع غضب الشاب المصاب كان زائدا عن كل الحدود.
هدأ سيد وجلس في مكانه بعض الوقت وعادت الندوة للإستمرار لكن لم يلبث سيد مجددا أن مرر المحاولة لخطف المايك والحديث، فكانت فرصة الشاب في الإنتقام، فوجئنا به يتحول غلى عسكري أمن مركزي ويقوم بحمل الشاب غير السوي "أو هكذا يبدو" بالقوة ليلقيه خارج المكان.
اعترض بعضنا على الطريقة وكنت من بينهم خاصة وأني كنت أجلس على مقربة، فكان الرد من الشاب بمثابة مفاجأة لي "سيد دا مخبر أصلا".
هكذا بات سيد مخبرا لانه دافع عن نفسه ضد من ظن أنه يحاول الإعتداء عليه، هكذا يبرر أحدنا لنفسه اتهام شخص ما بالعمالة والخيانة أو أنه فلول لمجرد تخليص "ثأر" شخصي منه.
كنت منزعجا من سيد لكني أصبحت متعاطفا معه بعدها ضد الشاب الذي أعتبره معتديا، ولا أقبل منه تصرفه تحت أي منطق مهما كان.
تذكرت تلك الواقعة كلها بسبب "موقعة الشاي الثانية" التي جرت في الميدان مساء الأربعاء 20 يوليو.
بائعو الشاي وغيرهم من الباعة جزء من الميدان وجزء من الثورة، ولا يملك أحد مهما كان اسمه أو دوره أن ينكر أنهم شاركوا في حماية الميدان والدفاع عنه وأن وجودهم يدعم المعتصمين.
فجأة أصبح الباعة عبئا على الميدان وباتو متهمين بالخيانة وبانهم عملاء لأمن الدولة ومخبرين؟.. ما هذا العبث؟ ولماذا نلجأ إلى تلك الأوصاف والتهم دوما لتنفيذ مطالبنا. ألا يمكننا أن نفكر في أمور أكثر احتراما واتساقا مع مبادئ الثورة.
وسائل الإعلام معظمها تكره الإعتصام وتسعى جاهدة لتشويهه وتتخذ من ممارسات الباعة وأشكالهم وأساليبهم في التعامل مطية للتشويه واعتبار أن كل من في الميدان بلطجية أو يكرهون الصالح العام، لن نختلف في هذا.
لكن ألا يوجد في الميدان فلول وثورة مضادة وأشخاص لا علاقة لهم بالثورة؟، هل قمنا بالتفتيش في الصدور مثلما تفتش اللجان الشعبية الظاهر؟، هل وجود بائع منحرف أو فاسد يعني طرد كل الباعة لأنهم منحرفون وفاسدون؟.

عندما تحاول طرد بائع مقتنع أنه يكسب قوته من البيع فأنت تهدد حياته، وعندما تهدد حياته فلا تتوقع منه أن يحافظ على حياتك، هكذا تحول الأمر غلى صدام وهكذا هدد الباعة بحرق الخيام ردا على قيام البعض بتدمير أشياءهم التي لا يملكون في الحياة غيرها.
في الصباح اكتشفت أن الشباب وجدوا الحل المثالي فقاموا بتسجيل أسماء الباعة وتخصيص أماكن لهم على أطراف الميدان لا يتجاوزونها.
هكذا انتهت الأزمة بهدوء وتعقل واستمر تواجد الباعة في الميدان كمكون ضمن مكوناته، وهكذا حقق المعتصمون الخصوصية والمهم أن يحافظوا على الميدان نظيفا طالما أن الباعة هم من كانوا يملأونه بالقذارة.
بعد انتهاء الأزمة قال لي عدد من الأصدقاء الذين يعرفون من في الميدان جيدا إنهم لا يعرفون الأشخاص الذين يحرضون ضد الباعة وأن بعضهم يظهر في الميدان للمرة الأولى.
هكذا ربط الاصدقاء بين ما جرى من عمليات ترويع للباعة وبين محاولات مساعدة وسائل الإعلام الكارهة للنظام في تصوير المتواجدين في الميدان باعتبارهم بلطجية.
عسانا أن ننتبه إذن.....



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق