سلامة عبد
الحميد
علاقتي بالسادة
الذين يطلقون على أنفسهم نقاد السينما في العالم العربي متوترة، أرى عادة أننا
كعرب لا نعرف تلك المهنة المحترمة وليس لدينا إلا نزر يسير جدا ممن يمكن أن يقال
عنهم إنهم نقاد.
لكن هذا رأيي
وحدي تقريبا بينما معظم الزملاء والأصدقاء يمكنهم أن يحصروا أسماء أكثر من 10 ألاف
ناقد سينمائي عربي، وهو رقم ربما يتجاوز عدد الصحفيين العرب المتخصصين في الكتابة
عن السينما بعدة أضعاف.
دعك من رأيي
لأنه يخصني، ودعك من موقفي المعلن من نقاد السينما العرب الذي عبرت عنه صراحة في
مقال قديم كان عنوانه "الله يحرق النقاد" كان سببا في توجيه سهام النقد
لي واتهامي حتى بالسرقة ومقاطعة البعض لي "مش مهم".
لكن تعال نتحدث
عن عنوان مقالي هذا، فالواضح للجميع أن كل من يملك زاوية للكتابة في صحيفة أو موقع
أو حتى مدونة أو حساب على موقع تواصل إجتماعي في مصر كان حريصا على الكتابة عن
أفلام موسم العيد التي تصدر إيراداتها فيلم "عبده موتة" ولازال، وتحكمت
فيها أفلام من انتاج الأخوين "السبكي".
ورغم أن هذا
حال مواسم الأعياد في مصر منذ سنوات، إلا أن البعض في عيد الأضحى الأخير كموسم
سينمائي اعتبرها ظاهرة جديدة تستحق التعليق وصولا إلى حالة "الهري" التي
باتت سمة أساسية مؤخرا.
فكرت مع نفسي
وقلت كيف تجرؤ كصحفي يكتب عن السينما أن تتجاهل هذه المناسبة الهامة ولا تدلي
بدلوك في الموضوع؟ كيف تمر من بين يديك تلك الفرصة العظيمة للكتابة دون أن تدون
رأيك "وتعمل فيها بتفهم زي كل اللي كتبوا ومحدش أحسن من حد يعني".
سبق أن عبرت عن
رأيي في القضية في تدوينات على مواقع التواصل وفي نقاشات مع أصدقاء تباينت أراءهم،
لكن يبدو أنني كنت مغاليا في رأيي ويبدو أن البعض اعتبر القضية أزمة وجود وكارثة سينمائية
تهدد تاريخ مصر الطويل باعتبار أن تلك الأفلام تقدم ابتذالا غير مسبوق.
في الواقع قرأت
أيضا لأصدقاء وزملاء وأساتذة أراء أخرى جيدة ومحايدة ومنطقية تضع الأمر في مكانه
ومكانته ولا تتجاوز.
لكن أحدهم قرر
استفزازي قائلا إن "عبده موتة" و"باقي أفلام السبكي في العيد إسفاف
وابتذال يليقان بالمرحلة التي نعيشها، وهو حر طبعا في رأيه، لكنني عندما سألته إن
كان شاهد أيا من أفلام العيد كان رده "لا أشاهد هذه الزبالات!!".. ولما
سألته إن كان يعرف من هو منتج فيلم "ساعة ونص" قال إنه لا يعرف لكنه حسب
رأيه "منتج محترم وبريق أمل في هذه الأيام السيئة!!".
أسقط في يدي
فعلا... كنت أود أن أعنفه على رأيه المبني على ما نقل إليه وليس ما اكتشفه بنفسه
من خلال مشاهدة الأفلام التي يراها سيئة أو مبتذلة، وكنت أود أن أصدمه بالقول إن
السبكي منتج الأفلام التي يعتبرها "زبالة" هو نفسه المنتج المحترم لفيلم
"ساعة ونص" الذي يراه بريق أمل.
كنت بالفعل على
وشك أن أدخل معه في نقاش حقيقي وجاد حول كونه مخطئا وضرورة أن يشاهد قبل أن يحكم،
وحتمية أن يعرف قبل أن يطلق رأيه ويروجه... لكنني اكتشفت أنه لا يستحق وأنني لو
فعلت فإنني أضيع وقتي مع شخص أقل ما يقال عنه أنه جاهل وغبي.
كمشاهد عادي لو
أنك ترى فيلم "دينا" أو فيلم "فيفي" مبتذل أو يضم إسفافا أو
لا يليق بك كمواطن فأنت حر في عدم مشاهدته أو حتى تحريض من تعرفهم على ذلك، لكن
كصحفي متخصص أو شخص يدعي أنه ناقد سينمائي ليس من حقك أبدا أن تطلق حكما على عمل
فني لم تشاهده، حتى ولو أن أشخاصا تثق فيهم، كما قال لي، شاهدوه وعبروا لك عن
صدمتهم مما فيه.
إن كانت أفلام
العيد السيئة حسب قولك حققت حتى الأن إيرادات تقترب من الخمسين مليون جنيه فإن عدد
من شاهدوها يقترب من المليون مواطن، ولو أن حضرتك تعتبر نفسك أكثر ثقافة أو تأدبا
أو وعيا من المليون مواطن فهذا شأنك وحدك وأنصحك أن تراجع طبيبا نفسيا أولا ثم
تجلس إلى نفسك لتراجع أين تعيش وطبيعة المجتمع الذي تعيش فيه وطبيعة صناعة السينما
في هذا المجتمع.. وكلها أمور على من يكتب عن السينما أن يدركها جيدا قبل الكتابة،
فما بالك لو أنه يزعم أنه ناقد سينمائي.
صديقي العاقل قال
لي: كل عيش يا صاحبي، وأنا قررت أسمع كلامه.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق