الخميس، 8 نوفمبر 2012

سلامة عبد الحميد يكتب: مهرجانات مصرية مرتبكة ومنظمون السجن أولى بهم






سلامة عبد الحميد

قبل أيام وصلتني تفاصيل عن مهرجان إسترالي يسمى "مهرجان الموسيقى العربية"، في الحقيقة كنت سعيدا جدا بالأمر وزادت سعادتي عندما علمت أن نجم المهرجان الأول هو عمرو دياب، بعيدا عن رأيي في عمرو دياب ونجوميته وموهبته وغير ذلك، سعادتي كانت بسبب اختيار فنان مصري ليكون نجم المهرجان.
دارت في رأسي مصطلحات تقليدية مثل "مصر أرض الفنون" و"حضارة مصر" و"هوليود الشرق" وغيرها من الأكلاشيهات الجاهزة التي يتم تصديرها لنا منذ عهد عبد الناصر حول "الريادة" و"التفرد" وكون مصر صاحبة السبق في الفن والثقافة في الشرق الأوسط وأحد علاماتهما في العالم.
لوهلة خدعت نفسي بتلك الأكلاشيهات وصدقتها وكنت على وشك تكرارها، قبل أن أصدم سريعا مع قراءة التفاصيل المبدئية للمهرجان وخاصة تلك المتعلقة بالتنظيم والإعداد.
وجدت نفسي سريعا متورطا في سب وقذف وإهانة كل القائمين على الأنشطة الفنية والثقافية في مصر الذين يستحقون في رأيي، ووفقا لخبرات سابقة ومتابعات حالية، يستحقون السجن، ولا بلاش، خليها العزل من مناصبهم لأنهم، وباستخدام أقصى درجات ضبط النفس والتأدب، غير مؤهلين على الإطلاق لشغل هذه المناصب ناهيك عن كونهم فاسدون أو لصوص أو يعملون بالواسطة والمحسوبية وليس بالقدرات والخبرات والمهنية.
تعالو أستعرض معكم بعضا من التفاصيل التي وصلتني عن المهرجان الأسترالي المقرر إقامته في شهر فبراير من عام 2013 أي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الأن. رغم أنه يفصلنا عنه وقت ليس بالقصير وصلتني صورا من مسرح المهرجان الرئيسي المجهز من الأن لحفل الإفتتاح وصورا ضوئية لتذاكر حفل الإفتتاح وكذا صورا لمواد الدعاية "فلايرز" و"بوسترات" و"أوت دورز" وبالطبع قبل كل هذا معلومات عن حجز تذاكر حضور حفلات المهرجان التي باتت على وشك النفاد تماما.
علمت أيضا أن التجهيز للمهرجان بدأ في شهر يوليو الماضي أي قبل 8 أشهر كاملة من موعده وأن كافة التفاصيل الخاصة بالتنظيم والتمويل والمواعيد والضيوف والنجوم وغيرها منتهية منذ شهر تقريبا قبل أكثر من 100 يوم على موعد المهرجان.



تعالو سريعا نقارن الأمر بما يجري في مصر، ليس جلدا للذات ولا إهانة لقدراتنا، وليس بالطبع تقليلا من شأن أحد أو غضبا من أحد حتى من سترد أسمائهم لاحقا كأمثلة، وإنما كمحاولة للإعتراف بما نحن فيه أملا في التغيير والتطهير.
في مصر المرتبكة، سواء قبل الثورة أو بعدها، تعقد المهرجانات "بالبركة" ولا يملك صحفي أو فنان أو حتى متابع عادي تفاصيل واضحة أو محددة عن فعالياتها، ودائما ما يأتيك رد مكرر "ربنا يسهل" أو "لسه شوية"، حتى أن فعاليات كثيرة تتغير على الهواء أو لا يتم ابلاغ المعنيين بالتغطية أو المتابعة بتغييرها أصلا.
في مصر المرتبكة يصدر وزير للثقافة قرارا بالإمتناع عن تمويل المهرجانات القائمة وعدم تمويل مهرجانات جديدة، ثم يتغير الوزير فيقرر خليفته مسح قرار سلفه "بأستيكة" ويعيد المهرجانات الرئيسية إلى حظيرة وزارته دون أن يفصل في جدوى تلك المهرجانات بشكلها الحالي، أو قدرة القائمين على تنظيمها منذ سنوات في تحقيق نجاح بعد سنوات طوال من الفشل المتكرر إداريا وفنيا.
في مصر المرتبكة لا تجد بوسترا أو "أوت دور" لمهرجان الموسيقى العربية الذي يفتتح اليوم الخميس رغم مرور سنوات طويلة على بدء انعقاده، ولا تسمع أبدا أنه يستضيف نجما كبيرا أو يضم حفلات لنجوم مرموقين يتسابق الجمهور على حضورها، مع كامل الإحترام لكل المشاركين فيه وهم فنانون نحضر أو نسمع عن حفلاتهم في الأندية والساقية والمنتجعات.
في مهرجان الموسيقى العربية المصري تمتلأ قاعات الحفلات عادة بالصحفيين والإعلاميين، ووجودهم بالطبع مطلوب، لكن الغالبية العظمى في قاعات الحفلات الضيقة أصلا تكون لأقارب العاملين في المهرجان ودار الأوبرا ووزارة الثقافة، وأخرون يشترون من السوق السوداء التذاكر من هؤلاء العاملين، ويحدث هذا بالطبع في كل المهرجانات المصرية الحكومية.
في مصر المرتبكة كان الناقد علي أبو شادي يحتل 9 مناصب بينها إدارة المركز القومي للسينما والرقابة على المصنفات ومهرجان الإسماعيلية والمهرجان القومي للسينما وغيرها، ثم يتوارى بعد الثورة كونه أحد رجال فاروق حسني، لنكشتف أن الوزير الحالي صابر عرب يعيده مجددا إلى الصدارة ويعينه رئيسا للجنة المهرجانات ومستشارا للوزير للشئون السينمائية.
في مهرجان القاهرة السينمائي يعود عزت أبو عوف الذي لم يقدم إنجازا واحدا خلال عمله كرئيس للمهرجان "وربنا يشفيه"، وتعود سهير عبد القادر سيدة المهرجان الأولى على مدار أكثر من 10 سنوات والحاكم الأمر الناهي في كل تفاصيله إلى مكانها مجددا باعتبارها المنقذ أو "بايونيك وومن" رغم أن تاريخ عملها في المهرجان يؤهلها لقضايا عديدة أقل ما ينتج عنها ربما العزل من الحياة الإدارية نهائيا.
في مصر المرتبكة التي يقال عنها هوليود الشرق وصاحبة أكثر من 100 سنة سينما وصاحبة المهرجان السينمائي الدولي الوحيد في الشرق الأوسط يتولى الفنان المخضرم محليا محمود عبد العزيز رئاسة لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي، بينما في دبي التي لا تملك أي تاريخ في السينما وصاحبة المهرجان السينمائي السياحي ترأس النجمة العالمية كيت بلانشيت لجنة التحكيم.
العوض على الله.. ويبقى الأمل....





يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق