بمناسبة تظاهر طلاب جامعة الأزهر وقطعهم لطريق النصر بسبب تسمم زملاءهم في المدينة الجامعية تذكرت مظاهرات عام 2000 الحاشدة ضد رواية "وليمة لأعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر التي اعتقل بسبب عشرات الطلاب وأغلقت صحيفة الشعب وجمد حزب العمل...
بقلم: دكتور محمد عباس
لخصت صحيفة الحياة
المشكلة الناشبة الآن فى أطناب الثقافة ففى مصر بكلمة جامعة حين قالت: "إنهم
يعالجون هذه بتلك!! "
وهذه هى أزمة الوليمة..
وتلك هى الأزمة الأخيرة.. وهو واقع مضحك ينطبق عليه قول الشاعر:
وكم ذا بمصر من المضحكات … ولكنه ضحك
كا لبكا..
والحقيقة أننى منذ نشبت
الأزمة الجديدة لا أكف عن الضحك..
فقد انكشفت العورات وبانت
السوءات و أصبح الخلان بعضهم لبعض عدو..
اختلطت الأمور.. حتى أنك
تقرأ الآن الأهرام أو الأخبار فتظن أنك تقرأ صحيفة الشعب.. بل إن الشعب كانت أكثر
هدوءا ووقارا..
وترى فاروق حسنى على شاشة
التليفزيون يتكلم فكأنك تسمع عادل حسين أو محمد عباس!!.
حتى رفعت السعيد نفسه بدا
كما لو أنه قد تاب فراح - رغم ما نشر عن علاقته بالمطبعة الخاصة التى
تطبع هذه الأعمال: مطبعة الأمل -يدافع عن الفضيلة..!!..
نعم..
حتى رفعت السعيد راج
يدافع عن الفضيلة ..
أما الأهرام ( 22/1) فقد
نشرت على لسان الأستاذ ثروت أباظة من هجوم على التنويريين ما لم تنشره
الشعب أبدا:
" .. يعلنون حربا
على وزير الثقافة الذى صادر لهم كتبا دنيئة تصف عمليات الجنس بصورة وقحة فاجرة ،
واتخذ الوزير الإجراءات الحاسمة ضد موظفيه الذين سمحوا لهذه الكتب بأن تطبع وتصدر
عن وزارة الثقافة.. وطبع تلك الكتب فى ذاته سواء كان من وزارة الثقافة أو
من أى ناشر آخر كبيرة تصغر إزاءها كل الكبائر. والذى لا يؤيد الوزير فيما ذهب إليه
يكون أقرب إلى القوادين. فالقواد الفاسق المحترف ينشئ صلة قذرة بين فاسق من الرجال
وعاهرة من النساء، أما كتاب هذه الكتب فيشيعون الفاحشة النتنة بين كل
قرائهم.(..) إن المعركة قائمة بين النجس والطهارة وبين الشرف والانحطاط، وليس
هؤلاء الشيوعيون بمثقفين كما يطلقوا على أنفسهم.. بل إنهم لعمرو الله كفرة فجرة
جهلاء لا شأن لهم بالثقافة ولا صلة لهم بالأدب(..) ليس هؤلاء مثقفين ولن يكونوا و
إنما هم شيوعيون دعاة فسق وفجور وخنا، تواضعوا أن يطلق على كل شيوعى ملحد أنه
مثقف( .. ) ومهما حاولوا أن يسموا أنفسهم مثقفين فإن أحدا لن يصدق ما يزعمون.. و
إنما هم دعاة جنس وضيع، يتوقون إلى أن تشيع الفاحشة بين الناس، ولا ينتظر من
الملحدين الكفرة غير هذا.."
وفى موضع آخر يصف ثروت
أباظة العلاقة بينهم بأن لهم بينهم وشائج ليست بين غيرهم من المؤمنين بالله
والحرية فإذا صات أحد منهم فى أقصى أطراف المعمورة فما يلبث صوته أن
يصل إلى رفاقه - عبر مسارب وضيعة - فى المعمورة كلها فإذا بنقيقهم يعلو
ويرتفع حتى يملأ أرجاء الدنيا.
يا إلهى..
لقد أغلقت الشعب و جمد
حزب العمل لأنه قال أقل من هذا بكثير.. فى وضع أخطر من هذا بكثير.. فثمة إجماع -
حتى من أدعياء التنوير أنفسهم - على أن ما بالروايات الثلاث من عهر يكاد لا يقارن
بما جاء فى رواية الوليمة..
فى صحيفة المساء ( 7/1)
يقول فاروق حسنى عن بعض مطبوعات وزارته ( هل ثمة علاقة لغوية بين الوزير والوزر!!..
وبين الوزارة والأوزار؟!!).. يقول: " اكتشفت كم الإباحية وامتهان الدين
والعادات والتقاليد (..) .. أى عمل لا يراعى المجتمع الذى يتوجه إليه هو عمل غير
فنى ولا يستحق الاحترام.. وفى صحيفة الحياة ( 9/1: ولاحظ يا عزيزى القارئ الآن أن
9/1 كان يوم الثلاثاء.. موعد صدور صحيفة القاهرة.. وسنعود لهذا الموضوع.. ) كان
فاروق حسنى يصرح ( أو يصرخ!) : " لن أتراجع عن مواجهة " قلة الأدب
" وكتابات البورنو"..(.. ) أنا مع المجتمع ضد أى تأليف رخيص ووظيفتى
الأساسية هى حماية قيم المجتمع من بورنو الآداب .. و إذا سمحوا
لصديقاتهم وزوجاتهم وبناتهم بأن يقرءوا مثل تلك العبارات الواردة فى الروايات فأنا
لا أسمح لطوائف الشعب بالاطلاع على قلة الأدب..(..) إن ما ورد فى الروايات الثلاث
لا يمكن أن يخرج من غرفة نوم .."..
فى التليفزيون، كان فاروق
حسنى يضيف وصفا إلى غرفة النوم:" غرفة نوم قذرة فى بيت سئ السمعة.."
فى صحيفة الأهرام
(11/1) كان أحمد بهجت يكتب: " .. بقدر ما أحزننا و أغضبنا موقف
الوزير من رواية وليمة لأعشاب البحر بقدر ما أرضانا موقفه الأخير.."..
فى صحيفة الأسبوع ( 15/1)
وفى مطبوعات أخرى كثيرة منها تحقيق مطول للأهرام العربى كان أحد المبعدين وهو أحمد
عبد الرازق أبو العلا مدير النشر يقول: " الوزير الآن يقف بشراسة ضد أعمال
أقل خطورة إذا قورنت بوليمة أعشاب البحر" ..
فى أخبار اليوم العدد
2932 كان وزير الثقافة يصرح: المسئولون بهيئة قصور الثقافة انحرفوا.." ..
وفى أهرام 14/1 كان عبده
مباشر لا يكتب مقالة وإنما ما يصلح لاستعماله مذكرة قانونية مجيدة للدفاع عن صحيفة
الشعب.. كان يمكن أن تحتاج الشعب إليها لولا أن لديها بالفعل أربعة أحكام نهائية
لم تنفذ.. كان يتكلم عن حطأ التنويريين فى الربط بين الفحش والبذاءة والتطاول
على الأديان ومابين الإبداع.. وكان يتهمهم فى دينهم : " إذا كان من اليساريين
من ينكر الخلق والخالق من منطق عقيدى أو فكرى أو فلسفى فإن من الفطنة ألا يصطدموا
بالرأى العام..(..) .. إذا كان هذا النفر قد اختار الإلحاد طريقا واقتناعا ومذهبا
فإن من حق المؤمنين بالله وكتبه ورسله أن يدافعوا عما يؤمنون به.. (..) وعندما
يثور هؤلاء المؤمنون ويعبرون عن غضبهم من تطاول هذا الروائى على الذات الإلهية أو
شخصية المصطفى (..) فإن أحدا لا يمكن أن يصف غضبتهم بالتخلف أو أن يتهمهم بالعداء
للتنوير والإبداع."..
دعكم يا قراء من ذهولى
جانبا وواصلوا القراءة:
" لماذا كتب السورى حيدر
حيدر روايته " وليمة لأعشاب البحر بكل ما فيها من خروج على الدين؟ ولماذا
وافق من وافق على إعادة نشر هذه الرواية بالقاهرة؟ وهل كان يدرى ما تحويه الرواية
من تجاوز؟ أم أنه لم يكن يدرى؟ لكن الجميع أصبحوا على علم عندما ثار الرأى العام
والمؤسسات الدينية على الرواية فلماذا استمروا على موقفهم ولم يسارعوا
بالاعتذار عن الوقوع فى هذا الخطأ؟ لماذا استمروا على موقفهم فى تأييد الرواية
وكاتبها؟ ولماذا أعلنوا تحديهم للجميع؟ ولماذا بدءوا فى حملة التبرير ولالتفاف من
حول القضية؟ ولماذا اتهموا الجميع بالتخلف والعداء للمجتمع المدنى والعمل بإصرار
على هدم هذا المجتمع؟ ألا يقوم المجتمع المدنى إلا على أكتاف أعداء الدين؟(..) إن
فكرة المجتمع المدنى لا تقوم أبدا على أحادية الموقف ولا أن يكون هذا الموقف
بالضرورة يساريا ملحدا(..) بالضرورة كان على هؤلاء النفر أن يدركوا أنهم
ماضون بإصرار على الاصطدام بالجميع، بالرأى العام والسلطتين التنفيذية والتشريعية
والأزهر و..و.."..
ويواصل عبده مباشر مقالته
الساخنة بينما أضرب بذهول كفا بكف و أصيح:
فلماذا أغلقوا الشعب
إذن..
عبده مباشر كتب مذكرة
قانونية رغم أنه صحفى.. الأستاذ الدكتور مجمد الشحات الجندى الأستاذ بكلية الحقوق
كتب هو الآخر فى أهرام 26/1 مقالا يتجاوز فيه ما كتبه عبده مباشر .. وعشرات
وعشرات.. وكنت أواصل تساؤلى الداهش:
لماذا أغلقوا الشعب إذن؟
وفى أهرام 21/1 كان فتحى
سلامة يكتب عن نكسة هيئة قصور الثقافة : " كل المؤشرات كانت تدل
على سقوط الهيئة فى أيدى قلة من محترفى الارتزاق بالأدب.. أكلوا على
موائد كل العصور(..) وما أبدعوا شيئا..(..) قادوا حركة التثقيف العامة..(..) ..
دون وازع من ضمير؟؟"
ثم يتطرق فتحى سلامة إلى
عمليات الفساد والنهب ونشر الفجور وتسهيل الدعارة فى الهيئة( و أذكر
القارئ المذهول أن صحيفة الأهرام هى التى نشرت ذلك) : " بيع خشب المسارح بعد
شرائه بيوم واحد على شكل كهنة.. نقل أجهزة الصوت والتكييف إلى بيوت
مديرى القصور، وتأجير بعض البيوت الثقافية للسكن المفروش، ويعف اللسان عن أشياء
أخرى حدثت وتحدث فى جراج العجوزة وقصور طنطا وبعض القصور الأخرى.." ..
يا إلهى..
فلماذا هاجمونا.. ولماذا
أغلقوا الشعب إذن؟..
وعلى عاتق من تقع دماء
أبنائنا فى الأزهر؟!..
بسبب ثلاث روايات نشبت
أزمة ثقافية جديدة .. أو على الأحرى ليست جديدة.. وإنما هى
امتداد انتفاضة ( نعم : انتفاضة!!) الوليمة.. التى حاولوا دفنها وهى فى
قلوب الناس حية.. دفنوها ولم تمت.. فظلت تلقى بظلالها القاتمة الدامية على الوضع
الثقافى وتشير إلى الجناة الخطاة.. حتى أن الكاتب داود الشريان يقول فى مقال له فى
صحيفة الحياة (11/1) أن السلطات الثقافية المصرية تحاول علاج موقفها
فى أزمة الوليمة بموقفها الآن.
الآن تثبت الأحداث
للجميع أن انتفاضة الوليمة التى كان لصحيفة " الشعب الأسيرة " شرف
تفجيرها كانت تدشينا لبداية الانهيار والانكسار فى التيار العلمانى الذى غزا
البلاد مع الحملة الفرنسية، وأحكم حصاره عليها مع الاحتلال الإنجليزى، ثم أجاد
التنكر مع الثورة مستترا بثياب اليسار.
الآن تثبت الأحداث للجميع
أن مصر لن تكون أبدا تركيا الثانية.. و أن من يقاوم العلمانية والتغريب ليس اتجاها
دينيا محددا وإنما رجل الشارع العادى.. وأن مقاومته تلك ستنجح..!!..
الآن.. ومنذ قامت صحيفة
الشعب المجاهدة بأداء واجبها فى التصدى للفحش المتنكر باسم الإبداع يبدأ
الانهيار.. وكما قلنا منذ البداية.. أن ما حدث فى معركة الوليمة يشبه ما حدث فى
معركة السويس.. أنه نهاية عصر وبداية عصر.. نهاية عصر سيطرت فيه الشللية والسطحية
وممارسة البلطجة باسم الفكر.. ليبدأ - إن شاء الله - الفكر المستنير فعلا وقولا..(
لا حظوا أننى تجنبت استعمال ألفاظ الكفر والإلحاد التى استعملها الأهرام.. فترى:
هل كان لى الحق فى تجنبها؟!)..
لن أحاول سرد
الأحداث التى تتطور وتتصاعد ، وتتابعها محطات الإذاعة وقنوات التليفزيون..
لكننى فقط أقتنص ومضات من هنا وهناك ربما تكون إضاءات تزيل بعض مساحات
الدهشة.. على أننى أنبه القارئ ألا يجهد عقله فى محاولة للفهم.. لأن ما يحدث يشبه
رواية لكافكا أو مسرحية لصمويل بيكيت أو قصة ليوجين أونيل .. أو أى عمل لا
يعتمد سوى العبث منطقا.. ويستحيل على المراقب الخارجى
أن يخضعه لعقل أو منطق.
بدأت الأزمة بطلب إحاطة
قدمه النائب محمد جمال حشمت وهو عضو فى جماعة الإخوان المسلمين
التى حصل أعضاؤها على أصوات تفوق ما حصلت عليه أحزاب المعارضة قاطبة
حول روايات ثلاث تحتوى على مشاهد فاحشة.. ( عبثية أولى:
نتحدث عن بعض إصدارات وزارة الثقافة فقط، وإلا ما كانت ثلاث روايات.. و
إنما مئات تنشرها دور النشر الخاصة تنتظم بعضها سلاسل أسبوعية تحتوى على ما لا
يمكن تصوره من عهر.. وبعضها ترجمات نصية لمجلات جنسية تصدر فى أوروبا و إسرائيل..
لكنها هناك غالية الثمن.. أما فى مصر.. فرخيصة جدا .. حيث أن الدولة
هنا كانت تدعمها.. وهو ما لا يحدث حتى فى الغرب)..
استجاب وزير الثقافة لطلب
الإحاطة بإبعاد السيد على أبو شادى عن موقعه.. وهنا بدأ زلزال المثقفين الرسميين..
زلزال لم تحدثه فيهم انتفاضة الشعب الفلسطينى ولا تزوير الانتخابات ولا خمسين ألف
معتقل..
اعتبر المثقفون إبعاد
السيد على أبو شادى إعلانا للحرب..
لكن التساؤل: هل السيد
على أبو شادى رمز للثقافة المصرية فعلا؟!..
لقد كان الرجل بطل أزمة
الوليمة بلا منازع.. ولقد أصدر بصددها بيانا كان فضيحة على المستوى الإبداعى
والفكرى.. ونكتفى بأن نذكر أنه نصب الفاعل وحر المبتدأ ونصب المجرور..
بعد شهور أصدر السيد على
أبو شادى كتابا كانت الفضيحة فيه أشد : السينما والسياسة- مكتبة الأسرة 2000.
والذى يتهم فيه السينما - وهى إحدى أدوات الإبداع ولا ريب- بممارسة دورها فى تغييب
الواقع بأفلامها الرخيصة.. إنها سينما كارهة لجمال عبد الناصر ولذلك فهى كريهة
متلعثمة مزيفة مضللة لا تجيد إلا نبش القبور ومنازلة الموتى وتستخدم أحط الوسائل
فى التزييف والتزوير والتضليل والتشهير..( الألفاظ السابقة بالنص.. وكذلك
التالية).. كما يتحدث عن ردة السادات فى السبعينيات وتصوير الأفلام لعهد عبد
الناصر برؤية جائرة وادعاءات رخيصة.. و أن صناع هذه الأفلام أفرزوا سمومهم وحاولوا
بسهامهم المغرضة النيل من نظام عبد الناصر ووصمه بالدكتاتورية والإرهاب، (..)
ممدوح الليثى قلب الحقائق وشوه رؤية نجيب محفوظ وغرس أنيابه فى التجربة
الناصرية..(..) رجال السينما تجار كل فترة يبحثون عن طريق لإرضاء السلطة( يذكر
عشرات المخرجين وكتاب السيناريو) ولا يفلت منه حتى نجيب محفوظ فيصف روايته الكرنك
بأنها تقرير أدبى سريع ومتعجل كما يواصل على أبو شادى هجوما شرسا على
مئات الكتاب والمخرجين والمنتجين.. ولقد مارس هذا الهجوم كله متجاهلا أنهم - من
وجهة نظره هو نفسه- مبدعون.. وليس ثمة قيد على الإبداع كما يدعى.. لكنه لم يغفر
لهم أبدا أنهم هجوا جمال عبد الناصر بألفاظ لم يرد فيها أن جمال عبد الناصر خراء..
أو أن المومس أفضل منه.. أو أنه يرى صورة جمال عبد الناصر فى مومس وهو يطؤها.. أو
أنه يبول على عظامه البالية.. لم يغفر لهم كل ذلك لكنه غفره
لحيدر حيدر عندما قاله وقال أكثر منه مائة مرة.. ليس على جمال عبد الناصر.. بل على
الله والقرآن والرسولe . إنه لم يغفره له فقط، بل
نشر الرواية الكافرة ودافع عنها.
تجاهل السيد على أبو شادى
أيضا موقف الرسول e من الشعراء ( وهم
بالطبع مبدعون) والذين تناولوا شخصه الكريم والإسلام بالهجاء فى قصائدهم.. لقد أمر e بقتل
بعضهم حتى لو تعلق بأستار الكعبة..!!
فى برنامج تليفزيونى
أذاعته قناة أبى ظبى كان السيد على أبو شادى يتحدث عن جهده للإبداع
والتنوير، و أن هذا الجهد لو استمر عشر سنوات أخرى لأصبح المجتمع المصرى على درجة
من التحضر تجعله يتقبل مثل هذه الأعمال الإبداعية التى أقاله الوزير بسببها..
الأعمال التى وصفها الوزير نفسه بأنها ليست أدبا ولا إبداعا و إنما هى دعارة
لفظية..
يا إلهى..
أخذت أراجع ككل شئ حولى
فلا ريب أن فى الأمر خطأ ما..!!
لا يمكن أن يكون أحد كبار
المسئولين عن الثقافة فى مصر هو الذى يقول ذلك..
لعل خللا فى الإرسال قد
حدث فأدى إلى أن تستمر صورة على أبو شادى على شاشة التلفاز بينما الصوت لأحد آخر..
على قناة أخرى!!..
لكن الوجه كان وجهه
والصوت صوته..
أخذت أهز رأسى بعنف..
فربما الخلل فى سمعى..
لكنه راح يكرر نفس القول
مؤكدا أنه لولا نجيب محفوظ وأقرانه ما وصلنا إلى الدرجة التى نحن عليها الآن..
ولولا الروايات الثاث و أمثالها لتوقف قطار الإبداع فما استطعنا أن نصل بعد سنوات
عشر إلى هدفه المقدس.. حين يتقبل المجتمع هذه الروايات و أمثالها دون أى رد
فعل..!!
عشرة أعوام من المجهود
المتواصل كى نجعل الشعب يتقبل الدعارة!!..
وهذا المجهود المضنى تقوم
به وزارة الثقافة..
لماذا؟!..
لوجه من يبذل هذا المجهود
المضنى إن لم يكن لوجه الشيطان؟!..
ألا أدلكم على طريقة تعفى
وزارة الثقافة من هذا المجهود المضنى وما يشمله من احتمالات لانتفاضات الشعب غير
المتحضر وانفجارات كانفجار طلاب الأزهر الشريف ( تساءل التنويريون عن سبب
تظاهرهم.. أما نحن فنتساءل عن السبب الكارثة الذى لم يجعل الأمة كلها
تفعل مثلهم) ..
ألا أدلكم على طريق
أيسر..
نعم ..
الكباريهات ستكون أقوى
تأثيرا و أشد فعالية من قصور الثقافة للوصول إلى هدفهم المنشود..
نعم..
أسندوا هذا العمل إلى
قواد لا إلى رئيس هيئة أو كيل وزارة أو وزارة ثقافة..
نعم.. القواد سينجز هذا
العمل أسرع و أفضل..
ولن يستهلك من عرق الجياع
ميزانية.. على العكس.. من الممكن أن نفرض عليه من الضرائب والإتاوات ما يعدل وضع
الاقتصاد المختل.. وما يضارع دخل قناة السويس..!!
يا إلهى..
إننى أتذكر ما كتبه فتحى
سلامة فى الأهرام عن انحرافات مشبوهة فى قصر ثقافة طنطا وجراج العجوزة..
ويبدو أن فتحى سلامة ساذج
مثلنا..
لقد ظنها انحرافات..
لم يسعفه الفهم التنويرى
الإبداعى إلى أنها ليست انحرافات.. بل جزء من الخطة المضنية لتنوير
الشعب والتى لن تأتى بكل ثمارها إلا بعد سنوات عشر..!!..
المفاجأة الأولى كانت فى
موقف وزير الثقافة المصرى السيد فاروق حسنى.. وهو الموقف الذى
عبر عنه جمال الغيطانى رئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب (
صحيفة مصرية عالية الصوت جدا.. تمثل على سبيل الحصر والإحاطة التنويريين
المصريين.. لا يتجاوز توزيعها 700 نسخة أسبوعيا.. فى شعب تعداده سبعين
مليونا..)..
صرخ جمال الغيطانى فى
مقاله بالعدد 392 والصادر بتاريخ 14 يناير( عبثية أخرى: العدد موجود عند باعة
الصحف منذ الخميس 11 يناير!!.. ولا تحاول السؤال يا عزيزى القارئ أرجوك.. فليست
لدى أى إجابة).. صرخ يقول:
"بالأمس جريدة
الشعب.. واليوم وزير الثقافة..
بالأمس محمد عباس..
واليوم فاروق حسنى.."
ولما كنت أنا "محمد
عباس!!" فإن علىّ أن أعترف أن السيد فاروق حسنى قد تجاوز مواقفى من رواية
الوليمة.. فأنا لم أقل على سبيل المثال أن كل المعجبين بالوليمة هم على شاكلة
أبطالها وعلى ذلك يحب استبعادهم و إقصاؤهم… لم
أتهم أيضا أشخاصا محددين بالضلوع فى مؤامرة ضد الثقافة.. لكنه فعل .. لم أقل ذلك
ولم أفعل ذاك .. لكن السيد الوزير قاله وفعله.
اتهم مساعديه بالانحراف
والتآمر.. ونشرت الصحف التى تؤيده أن ما يفعلونه هو دعارة بالكلمات..
تجاوز الوزير ما قلت وما
فعلت..
ما أدهشنى.. أن السيد
الوزير كرر بالحرف الواحد ليس أقوالى فقط.. بل و أفعالى أيضا.. عندما راح أمام
شاشات التلفاز يعرض على المذيع صفحة من رواية ويتحداه أنه إن استطاع قراءة سطر
منها فإنه سيتراجع عن موقفه!!.. وكان مبعث الدهشة.. أننى عندما فعلت ذلك مع رواية
الوليمة هاجمنى السيد الوزير بكل شراسة متهما إياى بالاجتزاء وعدم فهم النصوص
الأدبية التى لا تقرأ بمثل تلك الطريقة.. لكن هاهو اليوم يدافع بكل حماسة عما
هاجمه الأمس بكل شراسة.. ( لا تسلنى عن السبب يا عزيزى القارئ)..
قلت لنفسى - عازفا
- إن الله جلت قدرته قادر على أن ينصر الإسلام ولو بفاروق حسنى..!!..
فى تواطؤ جماعى على الكذب
راحت بعض الأصوات العالية تندد بالمصادرة، ورغم أن المصادرة
كانت هى الفعل الصحيح إلا أنها لم تحدث، فما حدث ( أو على الأحرى ما لم يحدث بعد )
أن الوزير يعد ( أو يتوعد ) أنه لن ينشر مثل هذه الأعمال بعد ذلك، مجرد امتناع عن
النشر، وهو حق لا مراء فيه لأى ناشر فى أى مكان من هذه الدنيا،
بل يحدث من دول كفرنسا، ليس بمصادرة الكتب فقط، بل وبمواجهة
أدوات الغزو القافى الأمريكى، مستنيرو فرنسا يفعلون ذلك، أما مستنيرونا فلهم رأى
آخر، ثم لماذا لا يذهب أى كاتب من هؤلاء إلى أى ناشر خاص ليختبر فحولته
الأدبية، ولير، ولنر معه، من سيقبل نشر مثل هذه الأعمال، أو ليذهب أى واحد منهم،
لينشر عمله على حسابه، ولير إن تجاوز توزيعه بضع عشرات من النسخ.
تجاهل مستنيرونا مع سبق
الإصرار والترصد أن وزارة الثقافة تختلف عن أى ناشر عادى، و أن ما يجوز
للناشرين العاديين من تراوح فى المبادئ والقيم لا يجوز لوزارة الثقافة، تماما كما
أنه يوجد فى أى مجتمع شخص يراود فتاة عن نفسها أو يدفعها إلى الفساد،
لكن أن يكون هذا الشخص هو أبوها فذلك ما لا يمكن تصوره ولا احتماله. تجاهل
مستنيرونا ذلك، لا تجاهل جهل بل تجاهل كذب، لأن محمد حسنين هيكل كتبها فى مقالته
الشهيرة فى مجلة "الكتب وجهات نظر" عدد يوليو
2000، حين أكد أن ما تنشره الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة يحمل صك ضمان للقارئ بأن
هذه القيم التى تنشرها هى خلاصة ما ارتضاه المجتمع.
لم يتساءل أحد إن كانت
وظيفة وزارة الثقافة هى نشر القبح للفاشلين.. وهو أمر دأبت الوزارة عليه لفترة
طويلة، فلما انتوت توبة يعلم الله دواعيها انطلقت الجوقة من قواعدها الأدبية فى
خمارات وسط البلد تهاجم بمنتهى العنف.. وليس ذلك تعبيرى.. إنما هو تعبير صحيفة
النبأ الوطنى (14/1) فى أحد المانشيتات: " إصدار بيانات شجب الإبداع فى صحة
كاسات الويسكى"؟؟!!.. وكان أحد مانشيتات صحيفة الحقيقة(20/1) : "جزاء من
يهين المقدسات أن يضرب بالحذاء"..
وكنت أقول لنفسى: لم نكتب
فى الشعب مثل هذا.. فلماذا أغلقوها إذن؟!
ثم رحت أتمتم:
يبدو أن الأصل فى الأشياء
عندنا الإباحة.. أما هم.. فإن الأصل فى الأشياء عندهم الأباحة..!!(
بمعنى القباحة باللهجة القاهرية)..
صحيفة الميدان، العدد 385
فى 16 يناير 2001، ( وهى صحيفة خاصة ، كانت مع توجهات الوزير بنفس الدرجة
التى أيدته بها فى أزمة الوليمة، رغم التناقض بين الموقفين) ، نشرت دراسة
للصحافى وحيد رأفت يفضح فيها إنتاج أولئك الحداثيين، وكيف أن شاعرا كبيرا قرأ
قصيدة أحدهم فكتب مقالا فى مجلة روز اليوسف - المعروفة بتوحهاتها
الحداثية - يصرخ فيه : شعر هذا أم شذوذ.
وتواصل صحيفة الميدان -
وهى حداثية!- : شاعر آخر كتب قصيدة عن زواج أبيه بعد موت أمه من امرأة
أخرى .. يعبر فيها عن سعادته لأن أباه سيمارس معها الجنس من المؤخرة.. شاعر ثالث
منهم ماتت جدته ودخل يغسل حثتها مع أبيه ولفت نظره أنه يراها عارية لأول مرة فمد
يده إلى فرجها.
وتواصل صحيفة
الميدان لتنقل إلينا حكاية ديوان " ليكن" لهدى
حسين والتى أسست فى ديوانها مدرسة جديدة فى الشعر هى مدرسة شعر المراحيض. إنها
تشرب القهوة مع عشيقها فى المساء فتغرق فى التأمل : كيف ستطرز هذه القهوة برازها
فى الصباح!!.. وفى قصيدة (!!) أخرى تصف ممارسة الجنس بينما تمسك شرجها كى لا يفرغ
فضلاته!!.
وتواصل الصحيفة وصفها
لهؤلاء الأدباء الذين تطبع لهم وزارة الثقافة مثل هذه الأعمال فيذهبون ليدخنوا
الشيشة على البارات فإذا ما هاجمهم أحد صرخوا فى وجهه: أنت ضد جرية
الإبداع.
الأخلاء بعضهم لبعض
عدو..!!
صحيفة الوفد المصرية أبدت
شماتة غير طبيعية فى صحيفة القاهرة ( التابعة لوزارة - أو على الأحرى وزير -
الثقافة).. وفى رئيس تحريرها السيد صلاح عيسى.. والذى شكل - مع جمال الغيطانى -
كتائب الهجوم الثقيل على الإسلاميين و آزروا السيد الوزير كثيرا فى ورطته إبان
أزمة الوليمة وكانت أصواتهما أعلى الأصوات.. تساءلت صحيفة الوفد عما
سيكتبه صلاح عيسى.. لكن القاهرة صدرت وليس فيها حرف واحد عن الأزمة التى تشتعل..
ولم يكن أكثر مدعاة للدهشة من صمته سوى قدرة السيد الوزير على الحديث..
فى العدد التالى من صحيفة
القاهرة كانت الفضيحة ..
( العدد الأربعون: الصادر
بتاريخ 16 يناير: الثلاثاء)اضطرت الصحيفة لكسر عنق الحقيقة وهى تحاول تغطية
موقفها، ففى الصفحة الأولى هاجمت بجرأة من انتقد موقفها و راحت تعلمه أبجديات
الصحافة، فى كذب صريح: أن الصحيفة تصدر صباح الثلاثاء، لكنها تطرح فى الأسواق مساء
الإثنين، لذلك يجب أن تكون فى المطبعة صباح الأحد، و أنه لا
توجد صحيفة واحدة نشرت أى خبر عن الأزمة قبل
صباح الأربعاء، تعمدوا الاقتصار على ذكر أيام الأسبوع دون ذكر التواريخ
لأن ذلك يساعدهم على تضليل القارىء.
والتبرير كله كذب فى كذب،
كذب حداثى!!، فلقد كان مانشيت " الحياة" الثانى يوم الأحد 7
يناير عن هذه الأزمة، وبالطبع فإن صحيفة الحياة قد عرفته قبلها بيوم، القدس العربى
والشرق الأوسط أيضا نشرتا الخبر يوم الأحد 7 يناير. أما الصحف المصرية، فقد
نشرت جميعها - بلا استثناء - الخبر صباح الأحد
مع الحياة، فى الجمهورية كان الخبر بارزا فى الصفحة الأولى بعنوان: " روايات
مبتذلة وراء إعفاء أبو شادى من قصور الثقافة- فاروق حسنى: لن نسمح أبدا
بالتطاول على الأديان والتطاول على المجتمع، ونشرت صحيفة
المساء الخبر مساء السبت 6 يناير ثم تقريرا مفصلا عن الموضوع يوم الأحد
7 يناير، وصدرت صحيفة الأسبوع يوم الإثنين 8 يناير وبها تعليق على الأزمة، كذلك
واصلت كل الصحف اليومية تغطيتها للموضوع، أما صحيفة القاهرة التى صدرت
يوم الثلاثاء 9 يناير فلم يكن بها خبر واحد. وفى صحيفة الشعب المصادرة
كانت تطرح فى الأسواق مساء الإثنين، يوم الثلاثاء 9 يناير صدرت صحيفة
القاهرة وليس بها كلمة واحدة عن الموضوع برمته، ولو حتى كحبر، ولو ذرا للرماد فى
العيون، وكان يمكنها فى العدد التالى أن تعتذر، لكنها لم تفعل، فعلت العكس، إذ
فوجىء القراء بها تقول فى الصفحة الأولى فى جرأة تحسد عليها ( لم تكن
هناك صحيفة واحدة قد نشرت شيئا عنها ( الأزمة ) ، إذ لم تبدأ الصحف فى النشر عن
الموضوع إلا يوم الأربعاء).!!! ( علامات التعجب لا تكفى، فمن لنا بفقيه
يضيف إلى علامات الترقيم كعلامات التعجب والاستفهام علامات جديدية كعلامات النواح
والاستسلام)..
ربما لا تستحق هذه النقطة
كل هذا التفصيل، لكن المهم فيها ليس الأحداث، بل الجرأة على الكذب المفضوح،
والجرأة الأكثر على الهجوم بوقاحة على من يرفضون تصديق هذا الكذب.. وهذا هو المنهج
الذى تتبعه كثير من المطبوعات التى تدعى التنوير.
إننا ندرك عمق الورطة
التى وجد صلاح عيسى نفسه فيها.. وهى أنه مضطر للدفاع اليوم عما هاجمه بالأمس..
وبدأت عداوة الخلان..
وكتبت صحيفة أخبار الأدب مهاجمة صلاح عيسى:
" وللأسف ما لم
يستطع أن يقوم به عبد الناصر والسادات مع صلاح عيسى نفسه قام به -
ويا للسخرية - فاروق حسنى"
وتواصل أخبار الأدب
هجومها على صلاح عيسى فى عدد 20 يناير:
" يكفى أنك ترضى
لنفسك الآن إشغال الموقع الذى كان يعمل فيه محمد فودة…"
..!!
وضحكت..
كان صلاح عيسى حكيما جدا
ومتوازنا ومتمالكا لأعصابه ( وهو الذى لم يعرف عنه ذلك أبدا).. وكان موقفه جديرا
بالاحترام كله لولا أن أصداء تشنجاته إبان أزمة الوليمة ماتزال فى وعى الناس
وذاكرتهم..
ولم يكن الأمر أمر حق ولا
حقيقة..
إنما كان: أينما يكون
الوزير فأنا خلفه.
ونشرت القاهرة أيضا عن
على أبو شادى فى عدد 23 يناير:
" فأما المذهل فهو
أن ينحرف نهر الدموع الهادر عن مجرى الثقافة والتنوير ليصب فى اتجاه اسم الشهيد
على أبو شادى دون غيره وكأن القضية هى فقدان الأمة لعزيز عليها لا
فقدان مخطئ لموقعه الذى يضعه كل عدة أشهر فى مأزق كبير. و أما المضحك غاية
الإضحاك، فهو أن الشهيد العظيم، والرمز الثقافى العريق، ليس فى واقع الأمر، سوى
موظف بسيط قضى ربع قرن من الزمان على الدرجة السادسة الكتابية فى دهاليز وكهوف
وزارة الثقافة لولا قليل من الحنجلة وكثير من الاتصالات الشللية الطابع فانتدب من
قاع الوزارة إلى …"
أما على أبو شادى فيقول
فى العدد 3877 من روز اليوسف: إذا كنا عصابة فالوزير زعيمنا، ويضيف أن رواية
الوليمة تحوى من الفحش أضعاف الروايات الثلاث..!!
ويكتب أحمد الشيخ فى مجلة
التصوف الإسلامى" العدد 263" : " هناك عصابة نسميها عصابة قهوة ريش
من جيل الستينيات ورموزها البساطى والقعيد والغيطانى وهى ليست الأفضل لكنهم يشيعون
فى كل مكان أنهم الأفضل فى كل شىء ولقد انكشفوا أمام الجميع(..) تحاملوا على الحق
سعيا وراء الكراسى (..) افتعلوا الفضائح المجانية.. "..
إذا بليتم فاستتروا..!!
فى العدد 3980 من المصور
كان مكرم محمد أحمد يكتب:
" هل كان يمكن أن
يتطور الأمر إلى هذا الصدام بين الشرطة وطلبة جامعة الأزهر لو أن رواية وليمة
لأعشاب البحر" صدرت عن ناشر مصرى يتبع القطاع الخاص(..) أغلب الظن أن الأمور
ما كان يمكن أن تصل إلى حدوث ما حدث.."
وهى كلمة حق متأخرة جدا،
لم توقف سفك دماء أبنائنا الأبطال فى جامعة الأزهر ولن تعيد ما سمل من عيونهم..
تحدى وزير الثقافة كل
الصحف التى تعارضه - وكان واضحا أن تحديه الرئيسى لأخبار الأدب - أن تنشر الفقرات
الفاضحة من الروايات سبب الأزمة.. وانتظر الناس كيفية استجابة جمال الغيطانى
للتحدى.. لكن صحيفته عندما صدرت .. نددت بكل ما قاله الوزير وكل ما لم يقله..
ولكنها لم تشر من قريب أو بعيد إلى موضوع التحدى!!.. لكنها
ردت ردا غير مباشر.. عندما نشرت لوحة من إبداعات الوزير.. وكانت صورة عارية
تماما.. لامرأة..( فى الأسبوع التالى اعترفت الصحيفة أن اللوحة ليست للوزير)..
أما جمال الغيطانى فراح
يكرر ما كرره فى الوليمة عن الطريقة الخاصة التى ينبغى اتباعها فى قراءة الأدب -
وهى طريقة لم يفصح عنها أبدا.. لكنه أشار أنها طريقة لا يجيدها إلا
التنويريون من بعض أساتذة الجامعة.. ولست أدرى كيف أتقن جمال هذه اللغة السرية رغم
أن خبراته السابقة كلها قبل أن تحتضنه الدولة - كما يعترف هو نفسه -
كانت كعامل " فنى فى نسيج السجاد" .. لكن هذه الخبرات لم تمنعه من أن
يستنكر على أساتذة الأدب والنقد وعلماء الأزهر أن يتصدوا للأعمال الأدبية..
الغريب.. أن الأستاذ جمال الغيطانى الذى يثير كل هذه العواصف على كل
من يحتج على الكفر والعهر فى الأعمال الأدبية مهما بلغ تجاوزها ومهما بلغت إدانة
الهيئات الدينية لها كان قد أثار فى العام الفائت أزمة كبرى بسبب
تعيين إمام غير صوفى لمسجد مولانا الإمام الحسين، ذلك أن الإمام رفض حضور الاحتفال
بمولد سيد الشهداء باعتباره بدعة. أقام الدنيا على أمر من الفروع أقل ما يقال عنه
أنه لا إحماع عليه، ويدافع عن أمور - كالوليمة - قال تقرير المجمع
الأعلى للشئون الإسلامية أن من يعلم بما فيها فلا يستنكره فهو كافر..
الغريب أيضا أن الأستاذ جمال الغيطانى الذى يزعم الدفاع
عن سمعة مصر الثقافية هو الذى شوهها بالكذب وورط صحيفة الحياة معه بخبر
عن حرق دواوين أبى نواس، إذ نشرت فى العدد 13813 بتاريخ 31/1 وفى صفحتها
الأولى: " أعلن الأديب جمال الغيطانى أن وزارة الثقافة احتجزت أخيرا جزأين من
ديوان أبى نواس وأحرقت الكميات التى طبعت فعلا" .. ولا يكتفى الغيطانى بذلك
بل يضيف : " أن الديوان صدر فى أربعة أجزاء وطرح جزءان منه فى الأسواق قبل
تفجر الأزمة الأخيرة و أضاف أن الوزارة احتجزت الجزأين الأخيرين و أحرقت نسخهما
" .. وراحت وكالات الأنباء تتناقل أنباء الفضيحة، وكان ما قاله
الغيطانى كذبا ، كذبه فى العدد التالى على الفور رئيس هيئة قصور الثقافة.. ويبدو
أن الغيطانى خشى من ردود الأفعال السياسية على هذا التشهير بالوطن
بمعلومات كاذبة فاضطر فى عدد الحياة 13815 إلى محاولة مداراة الفضيحة و
التنصل من الألفاظ التى قالها متذرعا أنه قالها على سبيل المجاز لا الحقيقة!!.
وكانت فضيحة أخرى..
فعند كثير من الناس خاصة أولئك التنويريين لا الوطن يهم ولا الدين
ولا الله ولا الرسول e .. أستغفر الله
العظيم..
لشدما تغير جمال الغيطانى، ليتحول من مشروع مبدع ( رغم رفض الناقد
الكبير فاروق عبد القادر لكل إبداعاته واتهامه له بالسرقة الأدبية وتضمين أعماله
صفحات كاملة من كتب التراث دون الإشارة إلى المصدر) إلى مسكين تطارده لوثة نوبل..
فيبدو أنه بعد حصول نجيب محفوظ عليها أصاب الوهم الغيطانى أنه يمكن أن يحصل عليها
هو الآخر، وكان على درجة من الحصافة بحيث يدرك أن إبداعه يقصر عن
ذلك، فحاول أن ينالها عن طريق معارك الثقافة التى يدمر فيها هوية أمته الثقافية
لصالح الثقافة الغربية التى يسميها زورا بالتنوير.. لكنها هى الثقافة التى يمكن
أن تمنحه جائزة نوبل.
ولا تستفهم يا عزيزى
القارئ فليس لدى أى تفسير.
يوم الإثنين 22/1 كانت كل
الصحف تنشر عن محاكمة الكاتب منكر الأديان " صلاح الدين محسن" وهو
بائع بوية .. نعم .. بائع بويه اعتبرته أخبار الأدب التى يرأسها جمال الغيطانى من
المبدعين..
فى صحيفتى الأهرام
والأسبوع كان الخبر يقول: " وقال أشرف العشماوى وكيل نيابة أمن الدولة فى
مذكرة الاتهام التى قدمها إلى المحكمة: أن المتهم استغل الدين فى الترويج والتحبيذ
لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة بطريق الكتابة وقام بتأليف وطباعة
وتوزيع بعض مطبوعاته التىتضمنت ازدراء وتحقير الدين الإسلامى وتطاولا على الله عز
وجل والرسول والقرآن والتهكم على أركان الإسلام الخمسة والسخرية من
المسلمين(..) اعترف صلاح محسن أثناء التحقيقات أنه ينكر وجود الله ولا يؤمن
بالأديان و أنه حمل على عاتقه ترويج هذه الأفكار ونبذ الشعائر الدينية التى
وصفها بأنها شعائر البدو والجهل المقدس .. (..) .. والدعوة إلى عهد تنويرى يقوم
على نبذ الأديان خاصة الدين الإسلامى الذى أعتبره خرافة وجهلا بدويا مقدسا توارثته
الأجيال منذ 14 قرنا وهو السبب فى تخلف الدوال الإسلامية حتى الآن..(..) وفى آخر
صفحة من كتابه مذكرات مسلم كتب وصيته وطلب فيها من أهله و أصدقائه عدم تلاوة
القرآن فى سرادق العزاء الذى سيقام له بعد وفاته والاكتفاء بإذاعة بعض الأغانى
لعبد الوهاب وفيروز"..
كانت هذه هى المحاكمة
الثانية لبائع البوية الذى أعلن الكفر، وكانت محكمة أمن الدولة قد نظرت القضية فى
يوليو الماضى وقضت فيها بإدانة المتهم وحبسه ستة شهور مع وقف التنفيذ كى لا يحوله
الآخرون إلى بطل و شهيد ، واستأنفت النيابة الحكم، وصدر قرار بمنعه من السفر، لكنه
حاول الهرب من مطار القاهرة قبيل جلسة الاستئناف، فألقت الشرطة القبض عليه وقدمته
إلى المحكمة محبوسا، وكانت أخبار الأدب لسان جمال الغيطانى مصرة على تحويله إلى
بطل وشهيد فراحت تندد بالقبض عليه، ولم تكتف بذلك، بل كتبت فى عدد20/1: "
الصديق صلاح الدين محسن: لعل خطابى هذا أن يتسرب إليك حيث تقبع الآن وحدك فى
زنزانة ضيقة بسجن طرة تترقب محاكمتك بتهمة ازدراء الأديان(..) .. أقول لك إن البرد
والصمت اللذين يشيعهما بلاط الزنازين طالما التهما على مهل سنوات من حياة مثقفين
متمردين من قبلك تمردوا بلا توقف، و أن قضية الصراع بين الشعور بالحرية
وهيبة الاستبداد قصة قديمة(..) ..إن اعتقالك أمر يمس مبدأ
رئيسيا أصبح الدفاع عنه بقوة ضرورة ألا وهو مبدأ حرية الاعتقاد والإبداع والتفكير
..(..) ..كثيرا ما ساءلت نفسى بعد ذلك: لماذا لم ندافع عنك؟.."
كان الأمر فضيحة بكل
المقاييس..
ولم تكتف صحيفة أخبار
الأدب بموقفها ضد الأمة.. وضد الأزهر.. وضد خطباء المساجد.. وضد طلبة الأزهر.. وضد
فتوى مئات العلماء.. ولم تتوقف عن تسفيه بيان لعلماء الأزهر ضد منهجها المنحرف فى
فهم الإبداع.. كان بيانا وقعه سبعون عالما يحملون جميعا درجات الدكتوراه.. كان
نصفهم على الأقل يحمل هذه الشهادة فى اللغة أو النقد أو الأدب.. ومع ذلك فإن صحيفة
أخبار الأدب.. ازدرتهم جميعا لتنصر بائع البوية السفيه الذى أعلن كفره..!!
فى عدد أخبار الأدب
الصادر يوم السبت 27 يناير توقفت البراكين والأعاصير والانفجارات فى
أخبار الأدب فجأة .. ولم يكن ذلك لتغير اقتناع أو اكتشاف حقيقة..
لكن الرئيس مبارك كان قد
ألقى خطبة قبل يومين فى معرض الكتاب، وبدا أنه يؤيد الموقف الجديد لفاروق حسنى..
وابتلعت أخبار
الأدب ألسنتها..
الوجه المكفهر ابتسم..
والملامح المتشنجة ارتخت.. والصوت النشاز العالى أصبح أرق من همس عاشق.. بل على
العكس.. تحولت أخبار الأدب 180 درجة لتنشر آراء من يؤيدون ويعارضون
وزير الثقافة.. وانسحبت هى من الميدان..
وفى صحيفة الحياة 27/1
كان جمال الغيطانى يندب حظه معلنا أنه يفكر فى التوقف عن الكتابة..
وتذكرت يوم القيامة..
عندما ننكر ذنوبنا.. فيشهد الله علينا ألسنتنا وأيدينا وأرجلنا .. فتشهد.. فينظر
المذنب إليها فى خيبة أمل بلا حدود وهو يقول: عنكم كنت أنافح.. فيذهبوا به إلى
النار..
أحسست أن جمال الغيطانى
يعانى نفس خيبة الأمل.. وهو ينظر إلى السلطات ويقول: أعرف أنها لم تكن ثقافة ولم
نكن مثقفين.. عنكم كنا ننافح.. ونحن جزء من النظام لكنكم تخليتم عنا.. أما وقد
تخليتم عنا فلن أكتب بعد الآن.
***
وذات الحكمة التى أصابت
صحيفة القاهرة أصابت أيضا أخبار الأدب..!!
أتذكر من الشعر الحداتى
الذى دافعت عنه أخبار الأدب سطرا يتحدث عن تحول كلبة شرسة إلى كلبة وادعة ناعمة
رقيقة حين اشتاقت للمضاجعة!!..
مثقف أمن الدولة
انكشف موقف التنويريين..
لم يكن الأمر بالنسبة لهم
ثقافة بل كان سياسة.. كان مهمة محددة أسندت إليهم..
إنهم كالجندى الغبى..
الذى راح يطلق الرصاص فى اتجاه ما بعد أن سمع أن قائده يأمر بذلك..ولم يدرك الغبى
أن المواقع تتحرك.. وأنه بعد التغير يطلق النار على سادته.. وكم كان خزى الجندى
الغبى عندما أدرك ذلك، كم كان خزيه ومحاولاته الصامتة للاعتذار واكتساب ثقة سيده
من جديد..
كان العار وكان الخزى
وكانت الرقة..
تنبثق فى ذاكرتى شطر ( هل
يجوز تسميتها شطرا؟) من قصيدة حداثية من نوع القصائد التى تعتبرها أخبار الأدب إبداعا..
وهى فى قصيدة منشورة فى كتاب شعر الحداثة فى مصر- هيئة قصور الثقافة. والشطر يقول:
" رقة كلبة مشتاقة
للمضاجعة.."..
لم يكن أدعياء التنوير
أبدا مثقفين حقا.. كانوا جنودا.. وظنوا أن دورهم يقتصر دائما على مهاجمة الإسلام
والمسلمين ( لا نقول مثلهم المتأسلمين أو الإسلاميين) .. و أن هذا هو ثمن بقائهم
فى مناصبهم..
وعندما جاءت انتفاضة
الوليمة لم يدرك هؤلاء أن معادلة شديدة الخطورة قد جدت.. وتمثلت فى الموقف الأخير
لوزارة الثقافة.. معادلة جعلت أمن الدولة لا يقتصر على أمن الحكام فقط.. بل يمتد
ليشمل احترام دين الأمة وتقاليدها..
لم يدركوا ذلك إلا بعد أن
رأوا "البلدوزر" يتجه نحوهم ليسحقهم.. فتفرقوا فى فزع وهلع وكلهم يدعى
حكمة.. لم نر منها إبان انتفاضة الوليمة حبة خردل..!!
لا تقتصر الأزمة على
صحيفتى القاهرة و أخبار الأدب.. فثمة صحف أخرى كانت على وشك الإفلاس إبان أزمة
الوليمة.. حددت موقفها أيامها فى ضراوة الهجوم علينا لسبب واحد لا علاقة له بالدين
ولا بالفكر ولا بالأدب.. وإنما تنحصر علاقته فى إعلانات وزارة الثقافة التى انهملت
عليها لتقيلها من عثرتها.. هذه الصحف تجد نفسها الآن فى أزمة.. فهى من ناحية لا
تملك مهارة السيد الوزير فى الدفاع عن الشىء وضده.. ومن ناحية أخرى تعرض نفسها إما
للسقوط فى أعين القراء.. أو فقدان الإعلانات كمصدر تمويل..
فى أحاديث غير منشورة قيل
أن مسئولا كبيرا اجتمع بالصحافيين راجيا ألا يذيعوا ما يقول..
قال المسئول: لقد ظلمنا
الإسلاميين واتهمناهم دائما بالتآمر.. ولكن الواقع يثبت لنا أنهم ليسوا هم
المتآمرين.. الطرف الآخر هو الذى يتآمر.. وهو الذى تمرس طول عمره على العمل
من تحت الأرض.. انظروا التصعيد المنظم والاستقالات المتتالية التى لا يستطيع
التنسيق بينها سوى تنظيم سرى.. و .. و .. و..
___
فى إذاعة لندن كان المذيع
يسأل وكان المستنير يجيب صارخا متشنجا ومقررا أن كل المثقفين ضد وزير الثقافة و
أنهم قد وقعوا على بيان بذلك.. فقال له المذيع أن ذلك ليس
صحيحا على إطلاقه لأنه - أى المذيع قد استقصى الأمر بنفسه.. واكتشف
العديد من التنويريين يعضدون موقف الوزير ولم يوقعوا على البيان.. و أخذ يعدد
أسماءهم.. فإذا بالتنويرى المتشنج يصيح: إذن هو إجماع لا ينقصه إلا هؤلاء!.. فسأله
المذيع : كم عدد الموقعين على بيانكم المناهض للوزير؟ .. وبلا خجل ولا استشعار
للمفارقة أجاب المستنير: ثلاثة وعشرين!!..
ولم يقتصر الأمر على
ذلك.. فقد تحدث مستنير آخر - يبدو أنه غير حساباته - ليسحب توقيعه على البيان
متهما التنويريين بالتزوير و أنهم أضافوا إلى التقرير بعد توقيعه!..
كثير من التنويريين
يواجهون وزير الثقافة بأن ما ورد فى الوليمة أضعاف مضاعفة لما ورد فى الروايات
المصادرة( أولهم على أبو شادى نفسه): روز اليوسف 20/1
إن حجم الاعتراض على قرار
تنحية على أبو شادى عن موقعه تدل على أحد أمرين: إما أن هذا الرجل هو أفضل
رجل فى مصر التى لم تشهد أبدا عبر تاريخها الطويل هذا الحجم من
الاعتراض على تنحية موظف، و إما أن يكون لسبب آخر ألمح إليه وزير الثقافة نفسه،
هذا السبب هى أن جماعات التنويريين، ورغم أنها جالسة مجلس التدليل على حجر السلطة
التى اصطفتها ووضعتها فى مواضع المسئولية، إلا أن هذه الجماعات تتصرف كالجماعات
السرية، تنطلق الإشارة من التنظيم ليتداعى أعضاء هذا التنظيم داخل البلاد
وخارجها على إبداع رجل واحد!!..
كنت أود أن أشكر وزير
الثقافة على موقفه لولا أنه مازال - ربما فى حياء - يدافع عن موقفه من الوليمة
متجاهلا بيان الأزهر.. وهنا أود أن أسأله:
- حتى كمسلم عادى وليس
مسئولا: ألا يشعر بالرعب من الدفاع عن عمل قال بيان الأزهر وبيان الشيخ يوسف
القرضاوى أن الدفاع عنه كفر؟..
ثم أن الوزير مازال يتهم
انتفاضة الوليمة - وهى بالفعل انتفاضة سوف يشهد التاريخ أنها كانت نقطة تحول فى
مجرى الثقافة العربية- مكررا اتهاماته السابقة بالتمويل والتآمر
الأجنبى. فهل يسمح لى أن أسأله:
ألا يعد هذا الاتهام لنا
اتهاما فى نفس الوقت لأجهزة الأمن وعلى رأسها وزير الداخلية بالتقصير؟!.. فلقد
اكتشف هو جريمتنا التى عجزت أجهزة أمن زميله عن إثباتها وتقديمنا للمحاكمة بسببها
طول هذا الوقت..؟..
ثم.. ألا تدل الشعبية
التى حققها فاروق حسنى بقراراته الصائبة أننا كنا نهدف لخير النظام فعلا عندما
طالبناه بمثل هذه القرارات إبان أزمة الوليمة؟ .. وكل هذه الشعبية كانت ستكون -
وبصورة أكثر عمقا واقتناعا - من نصيب النظام كله..
يبذل التنويريون مجهودا
خارقا لتبرير تناقضهم وتراجعهم وعكس مواقعهم .. وبأن ما يحدث ليس تمثيلية
هزلية رديئة لا يكاد يقول أحد فيها الحقيقة.. لكن.. لا أحمد زويل.. ولا أينشتين
نفسه بقادر على إقناع الناس أن حاصل جمع 3+7 لا يساوى عشرة!!..
أفلس أدعياء التنوير
وانفضحوا..
شلة.. أو عصابة من بعض
السينمائيين انضمت إلى الجوقة احتجاجا على وزير الثقافة.. وكأنما إدراكهم للإبداع
لا يتجاوز ساقى إلهام شاهين وصدر يسرا..!!..
أما الإبداع الحقيقى فلا
علاقة لهم به..
***
لا أكف عن التساؤل: لماذا
أغلقوا الشعب إذن؟!
لم يكن لدى شك فى أن ما
حدث سيحدث.. و أن الله سيجعل بأسهم بينهم ليكشفوا العورات جميعا فذاك وعد الله
ووعيده بأن يلحق خزى الدنيا و عذاب الآخرة بمن يريدون شيوع الفاحشة بين المؤمنين..
المشكلة كلها ليست مشكلة
ثقافة وليست مشكلة مثقفين..
كمجلس نيابى وصل أعضاؤه
إلى مقاعدهم ليس لأنهم يمثلون الشعب تمثيلا حقيقيا.. بل عن طريق التزوير.. فإن جل
مثقفينا قد وصلوا إلى مراكزهم عن طريق تزوير آخر.. وهم لذلك لا يمثلون سوى ثقافة
مزورة للأمة.. ولا يمكن لمثل هؤلاء أن يحرصوا على الثقافة الحقيقية.. تماما كما لا
يمكن للنائب المزور أن يمثل مصالح أمته..
نعم.. المشكلة هى أن معظم
من يتصدرون الساحات الثقافية ليسوا مثقفين حقيقيين.. بل هم البدائل
الفارغة المضمون التى وضعتهم السلطة مكان المثقفين الحقيقيين..
نعم.. مثقفون غير
مثقفين..
وهذا ليس غريبا فى عالمنا
العربى.. فثمة جيوش لا تحارب أبدا.. وثمة أجهزة أمن لا تفعل إلا ترويع أمن الناس..
و أجهزة إعلام لا هم لها إلا حجب الحقائق ونشر الأكاذيب.. و أجهزة تعليم تجهل..
و.. و.. و..
فما الغرابة إذن أن يكون
جل مثقفينا الرسميين غير مثقفين؟!
هذا واقعنا.. وعلينا أن
نعترف به - لا أن نستسلم له..
والاعتراف بالحق دائما
فضيلة.. لكنه أحيانا يكون فضيحة..!!
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق