الخميس، 1 مارس 2012

سلامة عبد الحميد يكتب: فنانو الثورة.. وجهات نظر تخالف رأي الشارع



صديقي صحفي محترم ومهني لكن علاقته بالكتابة عن الفن تقريبا مثل علاقتي بالكتابة عن الرياضة "سطحية" والعكس صحيح فعلاقته بالرياضة تماثل علاقتي بالكتابة عن الفن.. صديقي ثورجي متعصب لكنه أيضا عقلاني جدا ولا يخجل من قول الحق حتى لو كان ضد الثورة وحتى لو كان فيه إتهاما صريحا لأحد الثوار.. والمفترض أن نكون جميعا مثله.
عادة ما يهاجم صديقي عددا من الشخصيات الفنية البارزة في الثورة مثل المخرج خالد يوسف والممثلتان جيهان فاضل وبسمة وأخرين، وجهة نظره أن هؤلاء الفنانين الذين يقر تماما بأنهم موهوبون وثوريون، يرى أنهم يسيئون للثورة دون أن يدرون.
وجهة النظر تستحق النقاش بالفعل وأنا شخصيا بات لدي شبه قناعة بها من واقع نقاشات طويلة مع مواطنين عاديين لا علاقة لهم بالثورة إلا من خلال ما يشاهدونه في التليفزيون أو يقرأونه في الصحف.
يعتبر صديقي أن الشعب في أغلبيته الكبرى ينظر لهؤلا الفنانين باعتبارهم مارقين ويتهمهم بانهم مارقون وأنهم فاسدون أخلاقيا، والأخلاق في نظر المواطن البسيط تعني بشكل أو بأخر الدين والمبادئ وهي أمور يحرص كثيرون على بقاءها وإن كان بعضهم لا يطبقها.
البعض ينظر إلى خالد يوسف على أنه مخرج أفلام العري والجنس والفضائح والوضع نفسه ينطبق على الممثلتان.. لا أحد سيذكر لهم مواقفهم أو أراءهم السياسية أو الإجتماعية في حين تبدو مشاهد أعمالهم الفنية ماثلة دائما في الواجهة.. وبالتالي يطلب بعض المهتمون بصالح الثورة أن يختفو عن الواجهة ويتركوا الساحة لوجوه أخرى أكثر قبولا لدى رجل الشارع.
رجل الشارع في الغالب الأعم مضلل أو يستمرئ أن يبقى في الظلام، فهو اختار رجال موسمون بأنهم متدينون لمجرد أنهم "بتوع ربنا" دون أن يسأل عن معرفتهم بالسياسة أو الإقتصاد أو قدرتهم على تطوير البلاد وإزاحة مشكلاتها المتراكمة، وهو نفسه الأن الذي يتهكم على أداءهم.

في مصر بالطبع حالة من التناقض يمكن تفسيرها بوضوح من خلال علاقة المواطن بوسائل الإعلام.. المواطن فيما يخص وسائل الإعلام غير واضح المعالم على الإطلاق.. وسائل الإعلام بالطبع لا تعبر عن الحقيقة بالنسبة لي ولمن هم مثلي من العاملين بهذه المهنة أو بالنسبة لمن يرون الحقائق بأعينهم في الشارع في العادة، لكنها بالنسبة للغالبية العظمى من المواطنين في مصر وهم الفئة الغالبة والمؤثرة في كل حدث سياسي، هي بالنسبة لهؤلاء تقترب من حد القداسة فيما يخص تشكيل الوعي والرأي.

يظل المواطن المصري لساعة يلعن التليفزيون الذي يقدم له أشخاصا لا يعرفهم ولا يعرفونه وأماكن لم يشاهدها في حياته، ويتحدث عن البذخ والنفاق الذي يشاهده في شكل وملابس وأجور العاملين فيه، ثم هو يحدثك عن الصحف الكاذبة ويكرر على مسامعك جملة "كلام جرايد" التي تعني في مصر أن القارئ لا يصدق وسائل الإعلام.
لكن رغم كل هذا فإنه في الواقع يصدق ما يشاهده بعينه دون وعي أو تبصر لكونه منطقيا أو مقبولا أو مهنيا، وهو أيضا "المواطن" يصدق ما يقرأه حرفيا دون أن يعمل عقله ولو قليلا في التفاصيل والمعاني.. إنها طبيعة مصرية خالصة، أو قل "خصوصية".
دعنا من المواطن ولنعد إلى الفنانين.. فالفنانين حاليا يثيرون جدلا واسعا في المجتمع، بعضه جدي والأخر هزلي.. لكنه أيضا يبقى جدلا مفيدا ربما مسلي وربما كاشف وربما أيضا مغري لمن يحبون النميمة وما أكثرهم في مصر.
كلنا يذكر هؤلاء الذين وضعو في القائمة السوداء مثل سماح أنور التي طالبت بحرق الثوار والتي فشلت كمخرجة في الكويت مؤخرا. أو طلعت زكريا الذي تحدث عن علاقات جنسية كاملة في ميدان التحرير والذي لم يشاهد فيلمه بعد الثورة أحد.. أو عفاف شعيب صاحبة مطالب "البيدزا والريش" التي توارت عن الأنظار إعلاميا.. أو حتى أحمد بدير الذي بكى على مبارك والذي اتضح مؤخرا أنه كان أحد المهرجين الذين ينقلون إلى القصر الرئاسي لإضحاك الرئيس المخلوع.. لكن دعك من هؤلاء وغيرهم.
فالساحة الأن حبلى بنجوم لهم تصريحات جديدة ربما تكون كوميدية أكثر من كونها جدية، فالمخرجة إيناس الدغيدي التي قالت قبل أشهر إنها لن تبقى في مصر لو أن الإسلاميين حكموها، وهاهم الإسلاميون يحكمون والدغيدي باقية، ولست هنا أطلب منهاالمغادرة بالطبع، لكن المثير أنها ظهرت قبل أيام في برنامج تليفزيوني مع معتز الدمرداش تتغزل في مرشح رئاسي إسلامي هو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وتؤكد أنها سترشحه دون غيره.
أما الممثلة غادة عبد الرازق التي كانت ضد الثورة وظهرت في ميدان مصطفى محمود مع أبناء مبارك فإنها ظهرت مع خيري رمضان لتؤكد أنها لم تكن يوما ضد الإخوان أو مختلفة مع منهجهم في الحكم.. بل بدا من كلامها تلميحا أنها كانت "إخوانية" لكنها لم تكن تملك التصريح بهذا في ظل النظام السابق، الذي كانت تبكي عليه ولازالت، كون جماعة الإخوان كانت محظورة.



أما الراقصة والممثلة لوسي فإنها دخلت السياسة من الباب السلفي معلنة أنها قررت التبرع بأجرها في مسلسلها الجديد لصالح حملة أطلقها أحد رموز السلفية الشيخ محمد حسان دون أن تحدد كم يبلغ هذا الأجر وكيف ستوصله إلى الشيخ في الحملة، ربما لأنها تحب ألا "تعلم يمينها ما أنفقت يسارها" كما في الحديث الشريف.
لا يمكننا الحديث عن الفنانين دون أن نذكر الزعيم عادل إمام الذي كان أحد ابرز داعمي مبارك وتوريث ابنه من بعده وهو الأمر الذي كرره علنا مرات عدة.
عادل إمام بات فجأة مثار جدل لسببين أولهما حكم صدر ضده بالحبس لأسباب بينها ازدراءه للدين الإسلامي فتحول فجأة إلى رمز وزعيم رغم أنه كان على رأس القائمة السوداء التي أطلقها الثوار للفنانين الذين هاجموا الثورة وحرضوا عليها.
الحادث الثاني وأنا لا أصدقه مبدئيا فهو الإعلان عن تلقيه تهديدات باختطاف أحفاده والمطالبة بفدية مليون جنيه، والتي اكتشفنا تاليا أن من قام بها كان أحد العاملين لديه.
ما الذي يقصده هؤلاء من تلك التصريحات؟.. ولماذا الأن؟.. السؤال يبدو سهلا وعليه أمثلة سابقة مثل قيام الراقصة الشهيرة بالسفر للعمرة كل عام لغسل ذنوبها. وتمويل زميلتها الشهيرة أيضا لمائدة رحمن شهيرة في رمضان من كل عام كزكاة عن مالها وصحتها.
لكن لو أن هذه الطريقة التي كانت تقاس بها الأمور قبل الثورة، فهل هكذا تقاس الأمور بعد الثورة.. الإجابة طبعا.. وابقى سلملي على الثورة...





يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق