الاثنين، 17 يونيو 2013

مثقفو مبارك المعتصمين ضد وزير الثقافة بقلم أحد المعتصمين معهم



نتكلم شوية عن المثقفين:
مش هاتكلم أنا.. عشان أنا مع الرئيس وهم ضده.. سأنقل لكم شهادة صديق وروائي ضد الرئيس، وهو أحد المعتصمين ضد وزير الثقافة الأن في مكتب الوزير، شهادة صديقي العزيز سعد القرش المسجلة في كتابه الصادر بعد الثورة "الثورة الأن".


الكتاب صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ويتكون من 445 صفحة من القطع المتوسط وننشر فصلا كاملا منه جاء بعنوان «مثقفو السلطة» ويسرد فيه «القرش» مواقف التحول الواضحة لمجموعة من كبار المثقفين سواء كانوا كتابا او شعراء مثل احمد عبدالمعطى حجازى وجابر عصفور والسيد ياسين ومحمد سلمانى وجمال الغيطانى ويوسف القعيد والراحلين بعد الثورة انيس منصور وخيرى شلبى، يقول سعد القرش انه فى اغسطس 2010، سطرت اولى صفحات كتاب (كلام للرئيس.. قبل الوداع)، وداعه او وداعى. قلت لاصدقائى: سأتوجه به مباشرة الى حسنى مبارك.
رجحت ان الرجل المسن (82 عاما آنذاك) لن يبقى الا عاما واحدا (سبتمبر 2011) وان على الانتهاء من الكتاب بسرعة، وان يطبع بحروف كبيرة، حتى لايؤجل قراءته، او ترهق عيناه فيتوقف عن القراءة، وان ينشر فى مطلع 2011 وهو فى قمة السلطة، فلا يليق بى انتقاد غائب او مريض او ضعيف. كان فى ذهنى كتاب (البحث عن السادات) ليوسف ادريس. وددت ان اصارحه بشكوكى فى انقلاب ابنه جمال عليه، باستخدام ادوات واقلام اسهمت فى تثبيت عرشه. كانت صحيفة (الكرامة) قد نشرت يوم 9/8/2010 ما يلى:

بعد الاجتماع السرى بين جمال مبارك والمثقفين
أدباء وكتاب: الوريث يلعب بالنار.

بعد انكشاف الامر، كاد السيد ياسين يقول: خذوني. هاج كمن ضبط متلبسا بجريمة، وكتب فى صحيفة (الاهرام المسائى) يوم 14/8/2010 كلاما انشائيا انفعاليا عنوانه (اساطير المثقفين)، قائلا ان الاجتماع نظمته لجنة الثقافة احدى لجان امانة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم. وكانت امانة السياسات اقوى من الحزب والحكومة ويكتسب المحظوظ بعضويتها حصانة تحميه من لعنة شياطين الانس والجن، وتجعله فوق القانون، حيث القانون هو الشخص، والشخص فرد يحكم مصر من الباطن، بعلم ابيه او من دون علمه، وغابت سلطة الدولة، وحضرت سلطة بلطجية لهم قانونهم الخاص، ليعود التاريخ بمصر الى نهاية القرن التاسع عشر، حيث الفتوات اذرع تستعين بهم الحكومة، حين تعجز اجهزة الدولة. قال السيد ياسين ان جمال مبارك رأس اجتماعا يناقش فيه مستقبل الثقافة فى مصر، بحضور اعضاء لجنة الثقافة فى امانة السياسات بالحزب الحاكم، ومثقفين منهم جابر عصفور، وفوزى فهمى، وعماد ابوغازى، ومحمد الصاوى، ويوسف القعيد، والناثر ابراهيم المعلم. فيما بعد، حين سقط نظام مبارك، سيكتب جابر عصفور تحت عنوان (ما فعله الحزب الوطنى بمصر) مقالات فى (الاهرام) عما سماه «كوارث» الحزب الوطنى، الذى كان مبارك رئيسه، وانه فعل بمصر ما لم يفعله بها حزب آخر فى تاريخ الاحزاب المصرية، من إفساد الحياة السياسية باحتكار السلطة، وما لازم ذلك واقترن به من تزوير ارادة الامة والتلاعب الفاضح بانتخابات مجلسى الشعب والشورى وآخر كوارث هذا التلاعب التزوير المشين الذى حدث فى كارثة الانتخابات الاخيرة لمجلسى الشعب والشورى.. وتشجيع التحالف الشائن بين السلطة ورأس المال، وتبنيه والدفاع عنه للاسف وهو الامر الذى تسبب فى نهب المال العام.. ومع ذلك كانت حكومة الحزب الوطنى وامانة سياساته تتباهى بمعدلات تنمية لم ينل منها المحرومون شيئا. (21/2/2011) وسيكون لى مع عصفور وقفات، وأسأل الله الصبر على تحمل كلامه الذى سأتجرعه مضطرا.

ثم استفزنى من رأيتهم شهود الزور، حين قابلوا الرئيس، يوم 30/9/2010: فوزى فهمى، وصلاح عيسي، ويوسف القعيد، ومحمد سلماوي، وعائشة ابوالنور، والسيد ياسين، وانيس منصور وخيرى شلبى، وسامية الساعاتي، واحمد عبدالمعطى حجازى، وجابر عصفور (حسب ترتيب وقوفهم فى الصورة التذكارية بعد مقابلة مبارك). وقد افردت لهم صحيفة «الاهرام» صفحة عنوانها (لقاء مبارك مع المثقفين.. بأقلام كتاب الاهرام)، مزينة بصورهم الملونة.

يواصل سعد القرش فى الصفحة التى تتوسطها صورة كبرى للزعيم كتب السيد ياسين مقالا عنوانه (لقاء ثقافى فريد). فيما بعد وقبل تفجر ثورة 25 يناير 2011 بأسبوع واحد قال لى احد حضور اللقاء على هامش مؤتمر فى الاقصر، ان السيد ياسين كاد يموت، ولكن الله سلم، اذ ظل محصورا بحكم الشيخوخة، وما يصاحبها من امراض كالبول السكرى، واراد دخول الحمام، ولم يجد جابر عصفور وسيلة هو الآخر، فى حين ظل مبارك يتذاكى، ويروى نكات قديمة، لكنها من فمه كانت طازجة، تستحق الضحك. تكلم كثيرا، وهم منصتون. ثم انفجروا مقالات عبروا فيها عن امتنانهم للرئيس الذى صافحهم، وتغنوا بصحة الزعيم، وشبابه الدائم، ورؤاه المستقبلية لخير البلاد والعباد. كتب يسوف القعيد: لقد كان المهم بالنسبة لى صحة الرئيس وحضور ذهنه وتوقده وبساطته ورغبته فى الاستمرار معنا اطول فترة ممكنة. وكتب خيرى شلبى تحت عنوان (مصر فى بعث جديد) انهم كانوا مجموعة من الاصدقاء فى ضيافة اخيهم الاكبر. هذا الشعور اخذ يتأكد ويتعمق من لحظة الى لحظة فى ظنى هذه الاريحية التى اغدقها علينا الرئيس بكرم لم اشهد له من قبل نظيرا لدرجة ان الجلسة استمرت اربع ساعات لم نشعر بمرورها على الاطلاق. اول شعور مبهج تناقلته نظراتنا كان مبعثه الاطمئنان على صحة الرئيس. كانت الشائعات - قاتلها الله - قد القت فى روعنا ان الرئيس فى وعكة صحية.. ان اكبر واهم محصول خرجنا به من لقاء الرئيس هو الرئيس نفسه. لقد خيل الى شخصيا انه كان على سفر ثم عاد الينا قويا فتيا ليقود احلام مصر وطموحاتها فى بعث جديد. اما وعبر احمد عبدالمعطى حجازى عن سعادته حين وجدت الرئيس فى كامل لياقته، موفور الصحة، حاضر البديهة، متوقد الذاكرة.. اسعدنى كذلك ان ارى الرئيس متفقا معنا الى حد كبير حول المبادئ الفكرية والاخلاقية التى يجب ان يكون عليها وجودنا كشعب. (الاهرام 2/10/2010).

وسوف يعود الى حجازى حد ادنى من الوعى يساعده على اكتشاف حقيقة كانت واضحة لغيره، من غير ضيوف مبارك، الا وهى «طغيان مبارك والذين سبقوه قد انهك المصريين واذلهم وبدد ثرواتهم واستنفد قدرتهم على الاحتمال ودفعهم اخيرا الى الثورة». (الاهرام 30/3/2011).

ويقول «القرش» اما خيرى شلبى فلا اظنه كان معنيا ومهموما بالبحث والتحرى، لكى يعيد النظر، ويكتشف بسرعة ان مبارك، الذى راهن على انه سيقود احلام مصر وطموحاتها فى بعث جديد، هو نفسه «الرئيس المخلوع» الذى نفى المصريين وسحقهم.. حيث تخلت حكوماته عن جميع مسئولياتها تجاهه، واصبحت الدولة المصرية ترعى طبقة الاغنياء وحكوماتها حارسة لرأس المال الطفيلى، المنهوب، فحكومة الحزب الوطنى منذ إنشائه، الى اليوم الذى تم حله، كانت هى الفساد بعينه، وكانت تمثل تحالفا للصوص والسفاحين والقتلة والقراصنة، ولم ينس المزايدة، والتحلى بحد اقصى من الشجاعة بعد انتهاء المباراة، اذ قال «إننى اشدد على استمرار محاكمة مبارك. ولو انه حكم عليه بالاعدام فى حالة ادانته سيكون شيئا عظيما». (الاخبار 26/4/2011). ولن يكفى خيرى شلبى عن الشجاعة منتهية الصلاحية، وهو ينتقد مبارك واهله غير الكرام، ويجيب عن سؤال «أخبار الأدب»: هل توقعت كل هذا الكم من الفساد؟ قائلا: أنا كنت أراه، وما خفى أكثر مما كشفه «15/5/2011».

لم يشهد جمال الغيطانى هذا اللقاء وكان قد كتب يوميات الأخبار، فى الشهر التالى لاجراء مبارك جراحة فى ألمانيا لاستئصال الحوصلة المرارية مارس 2010، تحت عنوان «قائد القوات» مشيدا بالسيرة المباركية، منذ أصغى إلى اسم اللواء طيار محمد حسنى مبارك بعد عام 1967، وعرف أن من صفاته «الإرادة الحديدية، والجلد، وسعة الأفق، والذكاء، والسمعة الطيبة والعلاقات الحسنة مع الآخرين»، ثم قال حدثنى زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية بأنه يعرض على الرئيس صحفا تتعرض عناوينها لشخص الرئيس وسياساته فى سابقة تعد الاولى فى الحياة السياسية المصرية منذ تأسيس الدولة الحديثة من محمد على باشا، يقول الدكتور زكريا عزمى إنه لم يكن يبدى غضبا بل كان يبدى قدرا كبيرا من التسامح والصبر معلقا أنها الديمقراطية، وفى السطور الاخيرة من يومياته الطويلة قال الغيطانى: «لقد جنبت خصاله القيادية مصر الكثير من المخاطر فى ظروف عالمية ومحلية مضطربة، ورغم كل المصاعب أشعر بأن قلب مصر يتجدد، يموج بالحركة ويضخ الامل، وعندما رأيت الصور الخاصة باستئناف الرئيس لنشاطه شرعت فى تدوين هذه الشهادة التى تخص أبعادا عامة وخاصة تتصل بالرئيس وملامحه الانسانية، وسعة صدره، وأيضا ما أكنه تجاهه من امتنان ومودة «الأخبار 28/4/2010».

ويستطر القرشى: يوميات الغيطانى إذن دافعها إنسانى تجاه رجل مسن يعانى مرضا، ولا أحسبه فى تلك المدة الزمنية القصيرة كان مشغولا بإعادة النظر فى مبارك، حتى يقول فى ندوة مساء الخميس 7/4/2011 إن نظام مبارك أسوأ نظام مر على مصر.. حتى من الاحتلال الاجنى، فالنظام السابق جرف البلاد، ونهبها بكل طاقته، حتى ان المساحات المخصصة لهموم المصريين فى خطابات مبارك تقلصت.. حتى اختفت تماما وحل محلها سخرية واحتقار وتجاهل «موقع اليوم السابع 8/4/2011»، وسيعجب صبرى حافظ ويعلق بشىء من القسوة على تبدل المواقف قائلا: إن تاريخ جمال الغيطانىفى خدمة نظام الرئيس المخلوع لا يقل نصاعة عن تاريخ مصطفى الفقى كل فى مجاله.. هذا هو جمال الغيطانى الذى كان أحد خدام الاستبداد، «الشروف 22/4/2011» وفى المقال القاسى نفسه، قال صبرى حافظ إن الغيطانى كان مع قرينه يوسف القعيد، أول المبادرين الى مد أيديهم لاخذ ما يمكن من القصعة! وعلامة التعجب له.

بعض الذين شاركوا فى لقاء مبارك من حملة ذيل فستان الهانم، فى أى جمعية أو مجلس تترأسه ومن ذلك منصبها فى مكتبة الاسكندرية، وكان اسماعيل سراج الدين مخلصا فى ابتكار أوهام، على مقاس هوى امرأة نصف متعلمة، منها معهد الدراسات السلام، وحوار الثقافات، ومنتدى الحوار العربى، والرجل بحكم منصبه وصلاحياته ماهر، يجيد حشد جموع من عواجيز الفرح، للدردشة وطحن كلام سبق أن مضغوه، أو مضعه غيرهم، فى السنوات الماضية، حتى أصبحت المكتبة قلعة لا علاقة لها بأهل الاسكندرية ولا مثقفيها ولا جامعتها، على الجانب الآخر من الشارع نفسه.

لم يكن هؤلاء مضطرين للخوض فى المستنقع، ولا يشفع لهم أمام الشعب أن يقولوا إنهم أطاعوا سادتهم وكبراءهم فأضلوهم السبيل، بئس السبيل.

ويقول «القرشى»: كنت أود أن يتسع المجال هنا لاثبت شهادة صلاح عيسى، وأضع لها عنوان «11 مثقفا بقلم صلاح عيسى»، وكثير منهم يصلحون نموذجا لما سماه المثقف الحرفى، وهو يعتبر الثقافة حرفة، ومن حق المثقف أن يقدم حرفته لصاحب السلطان، حتى انتقل من صلابة الاعتراض الى مذلة التبرير، ويقول أيضا: عرفنا مثقفين أقوياء فيهم صلابة حقيقية وشجاعة داخلية، تتوزع على مدى العمر، وتنمو مع التجربة، وتؤثر إيجابيا فى بناء الآخرين، وأخرى فيها صلابة هشة تتجمع فى موقف، أو تتركز فى بضع سنوات، ثم تنكسر مع العمر فتنثنى ولا تعتدل!.. جيلنا من المثقفين العرب ـ مصريين وغير مصريين ـ سيدخل التاريخ من باب السيكولوجيا، لا من باب الادب أو الفن أو الفكر «صلاح عيسى: مثقفون وعسكر».

كنت قد سجلت فى الكتاب/ الشهادة، أن الذين يدفعون بجمال مبارك الى الصدارة، هم الذين كانوا من رجال مبارك، ورجال السادات، ورجال عبدالناصر، كانوا يرون الاتصال بإسرائيل فى زمن عبدالناصر خيانة وطنية ودينية، ثم قالوا فى عصر السادات ان الاعداد «جنحوا للسلم»، وتحت يدى برقية بثتها وكالة أبناء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عام 2001، عنوانها «الرئيس مبارك يهنئى إسرائيل بعيدها» ويقول نصها: أوفد الرئيس محمد حسنى مبارك السيد عمرو حسين جابر الأمين برئاسة الجمهورية الى سفارة إسرائيل بالقاهرة للتهنئة بالعيد القومى، الذى يعنى بالطبع النكبة الفلسطينية، وقدم مبارك عام 2003 التهنئة لشارون بالفوز فى الانتخابات، ولم يجد مؤلف كتاب «تشريح العقل الاسرائيلى» السيد ياسين فى ذلك ما يدعوه للدهشة، مثل دهشته حين تم ضبط اتباع جمال مبارك، وقد سيقوا للاستماع الى تصوره عن مستقبل السياسة فى مصر، هؤلاء الذين ناداهم جمال فاستجابوا هم الغطاء الثقافى لمجموعة مظليين صغار مغامرين، استعان بهم فى اختطاف البلد نحو عشر سنوات، راجعت سيرة عبدالوهاب المسيرى، كان مسئولا عن وحدة الفكر الصهيونى فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، وسافر الى الولايات المتحدة ثم عاد عام 1979 فى ظل سيادة أجواء التطبيع، وقال له السيد ياسين مدير المركز آنذاك إن عودته تعنى الانتحار، فكان ردى عليه إن الحياة حسب الشروط المهينة التى قد يضعها الآخرون ليست امرا عظيما.. وقد يكون الانتحار هو أحسن اختيار، والانتحار فى هذه الحالة ليس انتحارا وانما استشهاداً فى سبيل رسالة.. كنت أجد صعوبة شديدة فى دخول مبنى الأهرام «رحلتى الفكرية.. فى البذور والجذور والثمار».

لم يشعر على الدين هلال أو السيد ياسين أو مفيد شهاب بالنخوة والغيرة على «الحرم الجامعى» الذى انتهك على رءوس الاشهاد إذ جرؤ شهاب رئيس جامعة القاهرة ووزير عدة وزارات فى حكومات متوالية، على منح جمعية «جيل المستقبل» وهى جمعية أهلية غير حكومية يرأسها جمال مبارك، مبنى فى حرم جامعة القاهرة كان مخصصا لمعهد التربية




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق