السبت، 9 يناير 2010

الفضاء السعودي .. على طريق النعجة دولي

للهم لا شماتة، ولكن عظة وتذكيرا، فقد وصلت التجربة الفضائية السعودية إلى مرحلة الشيخوخة المبكرة، لتذكرنا بخالدة الذكر 'النعجة دولي'، التي طبل لها القوم وزمروا باعتبارها أول 'قطفة' في عالم الاستنساخ، ولكن بعد مرور عام تم نشر صورة لها وهي في حالة من الضياع العذري، فقد شاخت، ويقال والله أعلم أنها رقدت على رجاء القيامة، وكم من ملك رُفعت له علامات، فلما علا مات، إلا ملك واحد هو الرائد متقاعد صفوت الشريف ملك مصر والسودان، الذي ستشهد وفاته الأجيال القادمة كما قلنا في زاوية سابقة، وعلى ذكره، فقد أعلن يوم الخميس الماضي ان الحزب الحاكم في مصر لا يسعى لاحتكار السلطة. وقد صدق فمن المعروف ان السلطة هي التي تسعى لاحتكار الحزب!
وكالة الأنباء الألمانية هي التي لفتت انتباهي الى النهاية البائسة للتجربة السعودية في عالم الفضاء، وذلك من خلال سؤال تلقيته من احد الزملاء بها، والذي ذكر ان المملكة تمتلك أكثر من ثلث القنوات الفضائية، والوضع ينذر بكارثة.. ولم تعد كلمة 'كارثة' تهز شعرة فيّ، فالكوارث تنزل على ام رأسي كالمطر، ويكفي مشاهدة تلفزيون الريادة الإعلامية، لكي تقف على كمية هائلة من الكوارث، تتمثل في عدد من المذيعات بها، اللاتي كن من أسباب (الوكسة)الإعلامية التي نحياها.
للوهلة الأولى ظننت ان كلمة 'كارثة' في سؤال الوكالة سالفة الذكر تتمثل في ان يمتلك السعوديون هذا العدد الضخم من الفضائيات، التي تروج للخلاعة، وتحتفي بالتفاهة، وتنافس بجدية في فضاء 'الهشك بشك'، وان كان هذا لم يمنع من إطلاق قنوات دينية، على أساس ان الحسنات يذهبن السيئات.
لكن في الوهلة الثانية وقفت على ان المعنى بـ 'الكارثة' هو ما آل إليه الوضع، فـ 'روتانا' تبيع حصة كبيرة وتستغني عن أكثر من نصف مطربيها وعدد كبير من موظفيها بعد إغلاق قناتين من باقتها. و 'mbc' تعاني ضائقة مالية وتقلص إنتاجها الدرامي. وart تعيش ازمة مالية منذ فترة وباعت 6 قنوات من أهم قنواتها الرياضية لـلـ'الجزيرة'، وهناك شائعات حول تصفية جانب كبير من شبكة قنوات 'اوربيت'.
وقد سألت الوكالة الألمانية حضرتنا، باعتباري خبيرا على 'سن ورمح' : هل الأمر يستدعي أن تتدخل حكومة المملكة وتنقذ هذه الفضائيات السعودية من عثرتها المالية؟ ولم اجب على السؤال، لأن الوكالة السائلة تتعامل مع ما يجري باعتباره 'أمر جد' وليس بالهزل، والإجابة تحتاج الى مفكر، وربما جرى سؤالي على هذا الأساس، وخشيت ان أجيب بخفة وبدون التزام بأصول التفكير الاستراتيجي العميق، فتقول المستشارة الألمانية 'آن لابنة ميركل ان تمد قدميها'. وليست ساقاها عاطفيتين، حتى اقبل التضحية بسمعتي كخبير، ولو كانت من ستمد هي كوندوليزا رايس لقبلت التضحية بنفس راضية وقلب سليم، مع يقيني بأن شارون عندما تغزل فيها كان ينافقها ربما ليرفع من روحها المعنوية، لأنه عندما شهد في حق ساقيها شهادة الزور راح في غيبوبة، ولا يبدو انه سيفيق منها أبدا.
مثلي لا يرى ان كارثة ستحل بالمنطقة، لو قام السعوديون بوقف فضائياتهم او بيعها، ولا أرى ان الامر يستحق أن تقوم المملكة العربية السعودية بمساعدة هذه الفضائيات من أموال الشعب السعودي، لأنها إذا فعلت فانها ستكون مؤهلة للحجر عليها بتهمة السفه، فهذا إعلام لا يمثل إضافة من أي نوع!

العشوائيات الفضائية

سبب أزمة هذه الفضائيات، راجع الى عدم وجود فلسفة وراء إطلاقها، فالسبب وراء هذه العشوائيات الفضائية راجع الى تبني القول المأثور: 'من معه قرش ومحيره يشتري به حمام ويطيره'، ويمكن استبدال 'القرش' بـ 'الريال' او 'الدولار' إتباعا لسياسة 'السعودة'!
باعتباري 'سميع قديم' للشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله فقد استمعت له في احدى خطبه لواقعة لها دلالة، ذكرها قبل اعتقاله في ايلول/سبتمبر 1981، لأنه وبعد هذا التاريخ تم منعه من الخطابة الى ان توفاه الله في سنة 1996، إتباعا لسياسة حصيفة تبناها نظام الرئيس مبارك وهي 'المنع من المنبع'، حتى لا يضطروا الى اتخاذ موقف ضده فيما بعد.
الواقعة تقول ان ثريا عربيا وقف في احد شوارع لندن واخذ يبذر أموالا على الأرض كما يبذر الحب، والإنجليز ينحنون ويأخذونها، وعندما تعجب مستنكر لتصرفه قال لأنني أحب أن ارى الانكليز وهم يحنون ظهورهم على الأرض. وعلق الشيخ بطريقته المعروفة: خيبك الله.
المتابعون لما اكتب ربما لاحظوا انني ذكرت الشيخ اكثر من مرة مؤخراً، وهذا لأنه في هذه الأيام تمر الذكرى الثالثة عشرة لرحيله، وقد مات ودفن بعد ساعة من موته، قبل ان يعلم بذلك مريدوه، وقرأت مؤخراً لشقيقه ان ضابطا من مباحث امن الدولة، وصل الى منزل الشيخ بعد لحظات من الوفاة، وسأل أهله متى ستدفنونه؟.. فقالوا غدا، فقال بحدة: بل الآن، وإذا لم تفعلوا انتم، فسوف نفعل نحن.. فبعد الجنازة التاريخية للمرشد العام الثالث للإخوان المسلمين عمر التلمساني، والنظام يمنع ما استطاع الجنازات الحاشدة، التي تؤكد شعبية المتوفى.. يحاصرون الناس حتى في مثواهم الأخير!
كان المفروض ان تخرج جنازة الشيخ محمد متولي الشعراوي من القاهرة، فجاءت الأوامر بان تخرج من قريته، ومع ذلك كانت الجنازة حاشدة، وعندما أصر قادة حزب الوفد على خروج جنازة زعيم الحزب فؤاد سراج الدين من مسجد عمر مكرم بوسط القاهرة، ولم ينصاعوا للتعليمات الأمنية، تم خطف 'النعش' عقب الصلاة عليه مباشرة، وجرى الاعتداء الأمني على المشيعين، ولم يسلم من ذلك شيخ الأزهر، فعصا الشرطة لا تفرق بين معارض وحكومي، انها مثال على العدالة مغمضة العينين!

دوافع الأثرياء

ما فعله الثري العربي في رواية الشيخ كشك، ربما يفسر دوافع من يمتلكون المال، وأحد رجال الأعمال من غيرالسعوديين، أطلق فضائية من اجل هدف وحيد وهو ان يشارك في لجنة اختيار المذيعات.. ولم أجرب الغنى، ولو في المنام، حتى يتسنى لي الحكم على تصرفات الأثرياء.. كانت جدتي تقول: 'هناك أناس الفقر لهم دواء' أظن انني واحد من هؤلاء، فلو أصبحت ثريا، فلن أطلق فضائية لكي احضر لجان الاختيار، وأتعامل مع المذيعات في 'وسيتي' باعتبارهن اسرى حرب، ولكن لن يهنأ لي بال إلا إذا دخلت القصر الجمهوري.. ولو في بوركينا فاسو.. فالناس فيما يعشقون مذاهب!
وبعيداً عن التفكير الاستراتيجي العميق، فمسألة امتلاك البعض للفضائيات، أشبه بسعي طفلك لأن يتملك لعبة ما، فقد لا تقر له عين ولا يهدأ له بال، حتى يقتنيها، وسوف تفاجأ بعد نضاله في سبيل الحصول عليها انه سرعان ما زهد فيها.
وكثير من الأشقاء السعوديين وغيرهم لم يكن هناك فلسفة وراء إطلاقهم للفضائيات، الا المباهاة من ناحية، ومن ناحية اخرى فان الدافع كان على قاعدة 'من معه قرش ومحيره'.. وواحد من أصحاب الفضائيات اطلق فضائية ليمكن زوجته من ان تكون مذيعة، ثم أطلق لها باقة، لكي تصبح من ملاك 'العزب الفضائية'.. جمع 'عزبة' فكما ان هناك من يستهويهم امتلاك العقارات والأطيان والعزب.. ورايح وين؟ رايح العزبة.. جاي من وين؟ جاي من العزبة.. فهناك من يستهويهم الى جانب ذلك امتلاك الفضائيات! ومهما يكن الأمر، فان خلو الفضاء في زمن السماوات المفتوحة، من الفضائيات السعودية، فان هذا لن يؤثر في حركة الكون شيئا، فلم تكن لكثير من هذه الفضائيات رسالة، ولا حتى في مجال الترفيه.
فهذه فضائيات فشلت في رسالة الترفيه.. وفشلت في كل مجال اخر، فلم ترتق بالدراما مثلا، ولم ترتفع برسالة الفن في العموم، فقد دشنت لسياسة احتكار الفنانين.. من اجل الاحتكار والسلام.. والهدف اشباع الرغبة في الامتلاك، وكثير من الفنانين المحتكرين قبلوا احتكارهم من اجل المال الممنوح لهم، ثم اكتشفوا انهم ماتوا فنيا.
ليست هناك كارثة ولا يحزنون ان انتهى زمن الإعلام السعودي، فلكل شيء إذا ما تم نقصان.. وكم من طير علا وارتفع إلا وكما ارتفع وقع على قفاه.

الأفضل

بمناسبة العام الجديد أقول: ان أفضل مذيعة عربية هي خديجة بن قنة، وأفضل مذيع عربي هو جميل عازر، وأفضل قناة إخبارية هي 'الجزيرة'، وأهم شخصية تلفزيونية هي محمد حسنين هيكل، وأفضل مذيعة بالجزيرة هي منى سلمان، وأفضل مذيع هو محمد كريشان، وأجمل مذيعة هي جمانة نمور (خذوا عيني شوفوا بيها)، وأفضل برنامج تلفزيوني هو 'الاتجاه المعاكس'، وأفضل فضائية مصرية هي 'الحياة'، وأفضل برنامج صباحي هو 'صباح دريم'، وأفضل مذيعة مصرية هي دينا عبد الرحمن، وأفضل برنامج مصري هو ' 48 ساعة'، وأفضل مقدم برامج مصري هو سيد علي، وأفضل مذيع في 'بي بي سي' العربي هو أحمد عبد الحميد، وأفضل مذيع في 'الحرة' هو سيد يوسف، وأهم برنامج في 'العربية' هو 'صناعة الموت'، وأفضل ناقد تلفزيوني هو توفيق رباحي، وأفضل معد تلفزيوني هو عمر عبد العزيز الشحات صاحب برنامج 'الدفاتر القديمة' بالثقافية المصرية، وأفضل مسؤولة بالعلاقات العامة في الفضائيات العربية هي ماري زغرب بقناة 'الحرة' واهم برنامج حواري هو 'أكثر من رأي' ولهذا ألغوه.

أرض ـ جو

تقدم احد نواب الحزب الحاكم في المحروسة بمشروع قانون يجرم الإساءة الى مصر عبر الفضائيات، مع أن أول من يسيء إليها هم من ينظرون الى حكامها على أنهم هم مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق