هذه الرسالة وصلتني من صديقي الكاتب باسم شرف تعليقا على منع نشر مقاله في صحيفة "اخبار اليوم" الحكومية بامر الرقيب العسكري المقيم.
نص المقال الممنوع:
كلما
التفت يمينا تجد شخصا يقول : أمريكا واسرائيل تقود الثورة لكي تدمر مصر.. وتلتفت
يسارا تجد فنان لا علاقة له بالثقافة ولا بالوعي غير أنه يتحدث بجملتين مرصعتين
بلغة عربية فصحي ويهتف باسم الديكتاورين مثل صدام والقذافي ومن بعده مبارك ومن
بعدهم المجلس .. ويخبرك بأن كارمن بطلته المفضلة تتحدث عن الديكتاتورية وترفضها ..
يرفضها فنيا ويطبقها حياتيا .. أعتقد أن الكل يعرفه الآن .. سأحكي حكاية بسيطة
حدثت في دولة تشيلي .. وستعرفون هل أمريكا تفضل الرئيس المنتخب والديمقراطية
والربيع العربي أم أنها تكرههم جميعا .. وماهي أدواتها في صنع القرار؟
نجحت
تشيلي في صنع انتخابات نزيهة في سنة 70 وتم انتخاب سلفادور اللندي رئيسا منتخبا .. ووصل للحكم بانتخابات نزيهة توجت الفكر
الإشتراكي ودعمت قوته.. وهذا ما أغضب الأمريكان كعادتهم.. لا يفضلون غير سياستهم..
يلعبون لعبة الأقوياء.. يفضلون اللعب مع العسكر.. يكرهون الديمقراطية في الدول
الأخري وخصوصا التي بها مصالح تخصهم .. إنهم يفضلون التعامل مع الديكتاوريين لأنهم
يحققوا لهم أحلامهم دون الرجوع إلي الشعب.. أمريكا تكره الثورات العربية.
فماذا
فعلت أمريكا بقيادة نيكسون في تشيلي عندما علمت بوصول رئيس منتخب من الشعب؟ .. قررت
التخلص منه؟.. إنها مهمة صعبة.. هنا لن
يلعب مع سلفادور وحده ولكنه سيلعب ضد إرادة شعب بأكمله.. فماذا يفعل؟ يبحث عن
رجل عسكري من جيش تشيلي يتمتع بالحيل الخبيثة وإنعدام الضمير ولديه استعداد
للتضحية في إعلاء اسمه والتغني بحب الذات .اسمه بيونشيه قائد عسكري. وهنا بدأت
الخطة ..
البداية: كيف يجعل المجتمع ينفصل عن الحاكم .. أولا : الإنفلات الأمني عن طريق ترويع
الناس ..كان بيونشيه يوزع العصابات المختصة بالنهب والقتل في الشوارع وتكون
الرسالة واضحة .. ويجعلهم يقولون : لقد ذهب
الأمن والأمان .. ثانيا يلعب بسياسة
التجويع من خلال الضغط علي تشيلي إقتصاديا من أمريكا باستخدام قيادات الثورة
المضادة التي تستفيد بشكل مباشر في عدم وجود نظام حتي لا يتم محاسبتهم .. ثالثا
استخدام الوازع الديني من خلال رجال الدين ويهللون في الطرقات : أفضل لنا أن يحكمنا حاكم ديكتاوري فاسد ولا
يحكمنا ملحد يكفر بالأديان .. وظلت الأمور في تشيلي تنحدر للأسوء علي مدار ثلاث
سنوات من حكم سلفادور ..وفي ساعة الصفر
قرر بيونشيه ان تكون نهاية سلفادور في
قصره في سانتياغو عام 73 ويقوم بعمل انقلاب عسكري بدخول الدبابات القصر ويكتب
مشهدا أليما ملون بلون الدم .. إنها مذبحة دامية أودت بحياة سلفادور ورجاله ..
..
وبدأ يبحث عن الرجال الذين يملكون موقفا معاديا له ولهم تأثير علي جموع الشعب
وينكل بهم.. مثل المغني التشيلي فيكتور جارا الذي قتل في زقاق صغير .. بعد أن تم
سحله هو و30 الف مشاهد في الإستاد .. وظلوا
تحت وطأة الحكم العسكري 17 سنة .. وحتي يظهر بأنه يؤمن بالتعددية قسم السلطة شكليا
علي مجلس عسكري بحري وجوي ووو .. حتي لا يظهر بأنه صاحب القرار وحده بل يشاركه
مجلسا عسكريا .. طلب بوينشيه من الكونجرس أن يصنع دستورا يؤهله للحكم مدي الحياة
ولكنها رفضت .. وبعد أن انتشرت الكراهية في خلايا تشيلي قرر أن يتنازل عن الحكم
لرئيس منتخب علي أن يقود هو الجيش .. قدموه
للمحكمة علي جرائمه .. وأثناء المحاكمة يموت بيونشيه 2006 تاركا تشيلي بها جرحا
استطاع الثوار ان يطهروه من كلاب الدكتاتورية التي تنهش اجساد الشعوب .. ويصنعوا
احلاما جديدة لبلادهم ..
هل
تذكرك هذه القصة بشئ ؟.. لا مانع من ان تستبدل دولة تشيلي بدولة مصر .. وستعرف
ماذا يريد العسكر؟
وأحب
أن أقول .. يسقط يسقط حكم العسكر وعوضي علي الله .
Basemsharf13@yahoo.com
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق