الاثنين، 11 نوفمبر 2013

سلامة عبد الحميد يكتب: الإنقلاب على مرسي للحفاظ على "عرق الجيش"




 خاص:

مصر فيها متخلفين.. بس كمان فيها أحرار، وفيها طبعا مخدوعين ومغفلين، هكذا معظم الشعوب حول العالم أصلا.
لكن الغالبية العظمى في مصر ناس طيبين بحكم سنين الفقر والجهل والقهر، وملهمش في أي حاجة وفي الغالب مع الرايجة وبيصقفو للمنتصر أيا كان وبيهللو للي معاه القوة وبيكرهو من غير ما يفكرو ولا يحكمو العقل والمنطق وبيحبو برضه من غير ما يفكرو ولا يحكمو العقل والمنطق.. "سلو بلدنا كدا".
لكن الواقع مش محتاج تزويق، والجرائم واضحة للي عاوز يشوف والمجرم معروف.
اللي لسه لغاية دلوقتي مش عاوز يشوف جرائم مبارك المركبة اللي دمرت أجيال شخص مفيش منه فايدة والنقاش معاه أو محاولة إقناعه أصلا عيب ونقصان عقل.. فسيبك منهم دول خالص.
لكن كمان فيه فئة كبيرة في بلدنا بتعبد الجيش من دون الله "والعياذ بالله" مش عشان الجيش يستحق العبادة ولكن برضه "سلو بلدنا"، أصلا في معظم دول العالم الشعوب تحترم الجيوش، لكن في مصر الموضوع زايد حبتين تلاتة أربعة.
مفيش أي تعارض بين حبك للجيش واحترامك لأفراده وبين محاسبة اللي يغلط منهم أو اللي يخون منهم أو اللي يقتل الشعب منهم، بالعكس تماما: المحاسبة جزء من محبتك وإحترامك لجيشك عشان يفضل محترم ووطني.
في العالم كله "المحترم قصدي" الجيوش عليها قيود واسعة ولها حدود لا يمكن تجاوزها حتى يتم ضمان عدم حدوث إنفلات فيها لأن الإنفلات في الجيوش عادة مدمر وكارثي.
في مصر حتى الأن لازال الجيش فوق المسائلة وفوق الحساب وميزانيته سرية ولا يطلع عليها أحد الخ الخ.
وبعد أن كان الجيش في عصر سابق لا يمكن أن يلتفت فيه قائد أو ضابط أو عسكري إلا بأمر الحاكم بأمر الفساد المخلوع، باتت سلطة الجيش بعد مبارك أكثر توسعا واستفحالا.
النظرية الرائجة أصلا أن الجيش وقف إلى جوار الثورة ضد مبارك لهذا السبب، حتى يسيطر جنرالاته بأنفسهم على مقدرات الجيش التي تحتكر نحو 40%  من إقتصاد البلاد وفق تقديرات دولية "تتناقص النسبة كثيرا في تقديرات أخرى وتزيد كثيرا في تقديرات أخرى".
في عهد طنطاوي ومجلسه العسكري تحول الجيش بدلا من الواقع النظري المستمر منذ عهد عبد الناصر إلى الواقع الفعلي المعاش الذي يصدق عليه أنه "فوق الدولة" وفق توصيف الباحث زياد صايغ في تقريره المتميز في معهد كارنيجي الأمريكي.


في عهد مرسي بدأت عملية تخلص من هيمنة الجيش على نحو نصف مقدرات البلاد وكانت الخطوة الأولى في عزل طنطاوي وعنان، وعندها استشعر جنرالات الجيش الخطر على مصالحهم الإقتصادية الضخمة، ورغم كل ما أشيع وقتها عن تحالف بين الإخوان والمؤسسة العسكرية إلا أن انقلاب الجيش على مرسي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها كانت أوهام تم ترويجها بمهارة، ثم إن ظهور طنطاوي في احتفالات أكتوبر الأخيرة يؤكد مجددا أن الجيش كان يستشعر الخطر من استمرار حكم مرسي الذي كان ينوي إعادة الجيش إلى دوره الطبيعي في حماية البلاد وليس الدور المفتعل في التحكم في إقتصادها. وأن الاحاديث المفتعلة عن "أخونة الدولة" وتغيير هويتها لم تكن إلا لعبة متقنة لمنع مرسي أو من يأتي بعده من رؤساء منتخبين من تحييد الجيش أو تغيير الهوية العسكرية للبلاد إلى هوية مدنية حقيقية.


لكن أيضا حفل عهد مرسي بالكثير من التوافقات مع الجيش وجنرالاته والتطمينات لهم على حساب مدنية الدولة ومصالحها، ووفق دستور 2012 فإن المؤسسة العسكرية استمدت وضعا مميزا يزيد فعليا عما كانت عليه في عهد مبارك وطنطاوي، ربما كان هذا نوع من المهادنة لجنرالات الجيش وربما كان خضوعا لضغوط مباشرة منهم، عموما فمواد الجيش في دستور 2012 فيها تجاوز لحدود دوره الطبيعي وفعالية سيطرة الرئيس المنتخب أيا كان اسمه على الجنرالات في المستقبل.
لكن ما جرى بعد الإنقلاب في 3 يوليو كان غير مسبوقا، بات الجيش يعلن بوضوح أنه الدولة وأن باقي المؤسسات تعمل لديه وفي خدمته وتأتمر بأمره، القرارات الإنفعالية الخاطئة لقائد الجيش السيسي في بيان الإنقلاب أدت إلى وضوح نيته في السيطرة والهيمنة العسكرية على مصر للكافة "عدا المغيبين طبعا وعبيد البيادة وكارهي الإخوان والمستفيدين".
ثم القرارات التالية التي بينها عدم تدخل المؤسسات المنتخبة في اختيار وزير الدفاع "تم تثبيتها من عهد مرسي"، والقرار الجمهوري "الطرطوري" بألا يقسم ضابط الجيش بالولاء لرئيس الدولة وإنما لقائد الجيش، ثم ما يتم طبخه حاليا في أروقة التعديل الدستوري السري من مميزات للجيش، وصولا إلى تسريبات السيسي الخاصة بضرورة تحصينه في الدستور، ومنحه الحق في العودة لمنصبه كوزير للدفاع في حال فشله في الحصول على مقعد الرئاسة في الإنتخابات الرئاسية الخ الخ.
كل هذا وغيره يؤكد أن مصر الأن وربما لسنوات قادمة ستعيش الكابوس العسكري في أقسى صوره وأكثرها عنفا، خاصة مع التأييد الفلولي الجامح والإنبطاح الواضح لكل القوى التي كان يطلق عليها ثورية، وبعضها انبطح خوفا من بطش العسكر وبعضها كرها في الإخوان.


تعالو معا في ذكرى محمد محمود نستعرض عددا من جرائم العسكر "شرطة وجيش" خلال السنوات الثلاث الماضية.

- في فبراير 2011 وقعت أحد أشهر أحداث الثورة على مبارك "موقعة الجمل" وكان دور الجيش فيها واضحا بالتواطؤ الصريح مع البلطجية والشرطة وتسهيل مهمتهم في دخول الميدان سواء بفتح الطريق من قبل المدرعات المحيطة بالميدان أو تسهيل مهمة المهاجمين من قبل الحرس الجمهوري أمام مبنى ماسبيرو أو ما جرى طيلة الليلة من اعتقالات وتواطؤ ضد المتظاهرين.

- في مارس 2011 تدخلت قوات الجيش في عملية فض لإعتصام في ميدان التحرير بالقوة واحتجزت عددا من المعتصمين وعذبتهم فيما عرف بـ"سلخانة المتحف المصري" وكان بينهم المطرب رامي عصام والممثل علي صبحي.

- في شهر أبريل 2011 كان هناك اعتصام واسع في التحرير وانضم إليه عدد من ضباط الجيش الذين أطلق عليهم اسم "ضباط 8 أبريل" وتم الإبلاغ عنهم من قبل بعض النشطاء والقبض عليهم وقتل بعضهم في الميدان.

- في نهاية شهر يونيو اعتدت قوات الشرطة بقسوة مفرطة على عدد من أسر شهداء الثورة أمام مسرح البالون

- في شهر سبتمبر 2011 حاصر مئات المتظاهرين السفارة الاسرائيلية وطالبو باغلاقها وطرد السفير فاعتدت عليهم قوات من الشرطة والجيش بعنف قبل أن تسمح لهم لاحقا باقتحام مبنى السفارة وانزال العلم من عليها في واقعة شهيرة

- في شهر أكتوبر وأمام مبنى التليفزيون اعتصم مئات المسيحيين للمطالبة بحقوقهم ليتم سحلهم وقتلهم ودهسهم بشكل مباشر من قوات الجيش ومدرعاته فيما عرف باسم "مذبحة ماسبيرو"


- في شهر نوفمبر 2011 تم فض اعتصام محدود في الميدان بالقوة المفرطة ما أدى إلى مقتل عدد من المتظاهرين لتبدأ أحداث محمد محمود التي تورط فيها الجيش والداخلية بوضوح وراح ضحيتها العشرات ومئات المصابين، لا تنخدع في أن المواجهات كانت بين المتظاهرين والداخلية لأن الجيش كان موجودا في كل المواجهات وكان حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية هو المسئول عن وزارة الداخلية وكان هتاف المتظاهرين الابرز: حمدي بدين يا حمدي بدين.. ليلتك سودة ليلتك طين.

- في شهر ديسمبر 2011 بدأت أحداث مجلس الوزراء التي كانت امتدادا لأحداث محمد محمود وجرى فيها الكثير من الفضائح العسكرية الشهيرة وبينها تبول جندي جيش على المتظاهرين من فوق مجلس الشعب والإعتداء على ست البنات واعتقال العشرات

- لكن في نهاية يناير 2012 وقعت واحدة من أبرز المجازر في ستاد بورسعيد الذي قتل فيه عمدا وتحت نظر وربما بترتيب مفتعل من العسكر "شرطة وجيش" أكثر من 70 من مشجعي النادي الأهلي في مجزرة ستاد بورسعيد


جرائم العسكر لا تنتهي ولك أن تتذكر الإفراج عن المتهمين في قضية التمويل الأجنبي وخروجهم إلى بلادهم في طائرة خاصة من مطار القاهرة رغم كونهم على ذمة قضية تنظرها المحاكم
كل هذا وغيره لا يمكن أبدا أن يقارن أبدا بما جرى بعد الإنقلاب سواء في مجزرة الحرس الجمهوري الدامية أو مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة التي راح فيها على الأقل 2000 مواطن مصري يتم النظر إليهم حتى الأن باعتبارهم ارهابيين.

هؤلاء هم العسكر الذين يحكمون مصر ويحرصون على البقاء في الحكم لحماية مصالحهم الإقتصادية أولا ولأن محاكماتهم ستكون قاسية ولن ترحمهم أو ترحم كل من ساعدهم وما أكثرهم من كل التيارات.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق