استخدمت الصحافة الرسمية في تغطيتها الأمنية لمحاكمة 20 مصري و عشرة إماراتيين أسلوب دعاية نازية ؛كطريق لمواصلة تزييف الحقائق وتشويهها أمام المجتمع الإماراتي والعالمي؛معتمدة على حكايات شبيه بتلك الحكايات التي وقعت في خلال محاكمة الناشطين الإماراتيين الـ94 التي استمرت خلال الفترة بين مارس /آذار-يوليو/تموز 2013م.
ومارست التغطية الأمني للمحاكمات تضليلاً للقارئ عبر عدة فقرات ، بالإضافة إلى اجتزاء النصوص وعدم تركيزها على الإنسان وحقوقه بالإضافة إلى كلامه عن تعذيبه ؛ فالصحافة الموضوعية حتى وإن لم تكن محايدة تضع حديث الإنسان عن كرامته وحوادث قتله أو تعذيبه على رأس الصفحة ، فمن الواضح أن تعامل الصحافة الرسمية ينبع كونها وسيلة دعاية وترويج أفكار يمليها جهاز أمن الدولة للتأثير على الرأي العام الإماراتي.
بالنظر إلى الأعداد الصادرة في يوم الأربعاء 13نوفمبر/تشرين الثاني ، وفي تغطية لجلسة المحاكمة الثانية التي حدثت في اليوم السابق (الثلاثاء 12نوفمبر /تشرين الثاني) يلاحظ القارئ الصحفي حجم التزييف للحقائق والتي محقت أي حديث عن الموضوعية والمهنية الصحفية. وبالإضافة لذلك فقد تناقضت تلك الصحف في تقاريرها بين النفي والإثبات كما يرصد هذا التقرير.
عنونت صحيفة الخليج تقريرها عن تغطية المحاكمة بالقول" محكمة أمن الدولة تمكن متهمي "الخلية" من حيازة أوراق القضية"[1]. وهذا العنوان عارٍ عن الصحة ويعطي انطباع للقارئ أن المحكمة سلمت أوراق القضية للمعتقلين –أحرار الإمارات ومصر-.
صحيفة الإتحاد في عددها ذكرت ما يرد على القول السابق الذي قال أن المحكمة أعطت ملف القضية "للمتهمين" (وعزا الطنيجي –رئيس المحكمة- في الجلسة، التي استمرت لنحو 5 ساعات، التأخر في تسليم المتهمين ملفات القضية شاملة لوائح الاتهام، إلى حرص المحكمة على أن تكون هذه الملفات جاهزة ومتكاملة؛ لضمان حصول المتهمين على حقوقهم في ذلك كاملة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن محامي الدفاع يحتفظون بنسخ من تلك الملفات". [2]
حديث القاضي كذب تقرير الخليج في ذات الجلسة وذكرته صحيفة الإتحاد في نفس اليوم ، وهنا يطرح تسأل خطير للغاية عن مدى جدية محاكمة لم تكتمل أوراقها بعد ؟!! ،ومتى يمكن أن تسلم تلك الأوراق إذا علمنا أن الثلاثاء المقبل هي الجلسة الأخيرة تتم فيها النيابة مرافعتها؟!!!
وفي جزء أخر لم يمكن المعتقلين من مقابلة محاميهم بعكس ما قالته صحيفة الخليج أن هناك تمكين للمحامي من مقابلة موكليه ؛في حين أن تغطية صحيفة البيان الإماراتية[3] :" بدأ حديثه-يقصد المحامي- مع القاضي بضرورة تمكين المحامين من لقاء موكليهم فأمر القاضي بذلك." والأمر لايعني التمكين بأي حال من الأحوال وبالرغم أن هفوات الصحافة الرسمية في بعض النقاط وتفلتها لشعورها –ربما- بالحرج من إستمرار أكاذيب الجلسة الماضية ؛إلا أنها مارست حملة تزييف على للحوادث في المحكمة.
تقول صحيفة البيان :"وشهدت قاعة الاتحاد أمس في المحكمة الاتحادية العليا صخبا غير عادي من قبل بعض المتهمين المواطنين في الخلية والمحكوم عليهم سابقاً في قضية التنظيم السري الإماراتي، هاجم خلالها أحد المتهمين بالقضية الجديدة الاعلام والقضاء والنيابة العامة، وذلك بالتزامن مع دخول الاعلاميين إلى قاعة المحكمة".[4]
يبدو أن النص السابق واضح ففيه محاولة إثارة الشارع أن المحاكمة تجري لمجموعة من (الرعاع) وغير المهذبين في ذكر كلمة (صخبا غير عادياً) بينما في الحقيقة أن المتهمين أكاديميين ومفكرين مثلوا الإمارات في المحافل الدولية ؛ والمصريون المعتقلون ساهموا في بناء الدولة لسنوات طويلة جداً.
وفي التقرير –البيان- تلبيس يؤثر على مستقبل الصحافة الإماراتية ويؤكد أن الجهة الأمنية التي تقف وراء الدعاية النازية تفتعل قضية صداميه بين القضاء كمؤسسة إماراتية يحترمها الجميع وبين الشارع المطالب بالإصلاح ؛فقد أضافت الصحيفة على قول أحد الناشطين بمهاجمة الإعلام (والقضاء)!! ،في حين أن المعتقل المصري وجه عتاباً حاداً لصحيفة الإتحاد عندما ذكرت خبراً أن السفير المصري نفى شكواهم من التعذيب أثناء التحقيقات ؛ في حين أنها لم تذكر رأيهم وحديثهم أنهم تعرضوا للتعذيب ، وهو أمر بديهي في الصحافة أن ينشر القولين حتى وإن كانت الوسيلة تتبع جهة مضادة.
وقالت صحيفة الإتحاد :"تعالت هتافات المتهمين في لحظة طلب القاضي تدوين اعتراضهم على عدم تمكنهم من مشاهدة وجوه المحققين أثناء التحقيقات، مشيدين بعدالته".[5]
ولعل كلمة (مشيدين بعدالته ) دخلت ضمن قائمة التشبيهات فكيف يمكن لمتهم سياسي لم يتلق أوراق القضية حتى جلسة المرافعة النهائية للنيابة!!! ؛ولكن هذا الوقوع الموضوع والمهني يعد خرقاً فالمعتقلين سياسيون ينظرون إلى ألمحاكمات باطلة ولا يوجد فيها أدنى معايير العدالة .
لكن هذا الوقوع للصحيفة يؤكد خطاء صحيفة البيان الفادح بأن المعتقلين هاجموا القضاء والنيابة العامة.
هذا التحليل ركز على جوانب محددة فقط من التناقض في تقارير الصحافة الرسمية التي ترد على بعضها والتي تكشف حجم التلفيق الذي مارسته على الرأي العام الإماراتي والعالمي في محاولة لتشويه الحقيقة الواضحة .
وفي العمق فقد تجنبت الصحافة الحديث عن الآتي :
1- عما ذكر في تحقيق الطب الشرعي وقت تسليم التقرير للقاضي ما إذا كان قد تم تعذيبهم أو لا ، فالصحافة يجب أن تسأل وتبحث.
2- تجنبت الحديث عن سبب العتاب الحاد لأحد المعتقلين لصحيفة الإتحاد.
3- تجنبت الحديث عن إدعاءات التعذيب التي تحدث بها المعتقلون.
4- لم تذكر الصحف إطلاقاً التناقضات التي أحرجت المحكمة والنيابة لدى شهود الإثبات الذين استمروا بالحديث طوال 4 ساعات.
5- الصحف لم تتحدث عن طلب الدكتور المنصوري الحديث مع شيوخ الدولة في أمور هامة ، أثناء مطالبته بنقصل للحديث معهم .
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق