كتب: سلامة عبد الحميد
منذ أشهر ونحن نحذر كل أصدقاءنا في برامج التوك شو حتى الرياضية منها من التجاوز لأن نية وزير الإعلام أنس الفقي في تقييد حريتهم باتت موقفا صريحا تحدث عنه عدة مرات بعدما جاوز بعضهم الخطوط الحمراء ظنا منهم أننا في عصر الحرية الذي لم يقصف فيه قلم ولم يعنف فيه إعلامي حسبما يردد الوزير.
ومنذ فشل الفقي في تمرير وثيقة البث الفضائي في إجتماع وزراء إعلام الدول العربية العام الماضي بعد معارضة عدد من الوزراء أبرزهم القطري واللبناني، منذ تلك الواقعة والوزير حريص على "قصقصة ريش" كل من يعيشون وهم الحرية الإعلامية ويتحين الفرص لذلك.
ومؤخرا مع إنشاء لجنة المتابعة والرصد الإعلامي التي يرأسها الدكتور فاروق أبوزيد أستاذ الإعلام بات واضحا أن الوزير وجد الألية القانونية أو المهنية - لا تفرق- لوقف أو تهديد أي وسيلة إعلام تقدم محتوى لا يرضي الوزير أو الحكومة أو الحزب- أيهم أو كلهم- وكلهم في سلة واحدة إلى جوار سلة ثانية ليست بعيدة عنهم تضم رجال الأعمال النافذين.
الإعلامية منى الشاذلي وبرنامجها "العاشرة مساء" أبرز برامج قناتي "دريم" التي يملكها رجل الأعمال أحمد بهجت تعد أبرز الموقوفين عن العمل بأوامر مباشرة أو غير مباشرة من لجنة فاروق أبوزيد التي تدرس حاليا موقف البرنامج بعد الحلقة التي انتقدت ترشيحات الحزب في الإنتخابات القادمة والتي أظهرت وضعا هزليا غير متوقع وجوده إلا في مصر.
سخرية منى الشاذلي وأسئلتها الصريحة لم تعجب كثيرين في حزب الأغلبية الذي انتقدت قيادات كبيرة فيه الحلقة وطالبت بالتحقيق مع المذيعة وكأنها قالت أمورا لم تحدث أو لم تستنكرها الصحف ويسخر منها غالبية الشعب.
أزمة منى مع الحزب الوطني محتدمة منذ فترة وربما وصلت ذروتها قبل عدة أشهر عندما استضافت مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع في لقاء طويل، ووقتها ظهر مالك "دريم" أحمد بهجت بنفسه عبر برنامج "90 دقيقة" ليلوم على الشاذلي حالة الدعاية الصريحة للإخوان فيما اعتبر وقتها بداية لحالة التوتر بين مقدمة البرنامج ومالك القناة.
دعونا نتحدث عن أزمة "العاشرة مساء" باعتبارها حلقة جديدة في حلقات التكميم الإعلامي من جانب الحكومة التي باتت صريحة في التطبيق خلال الأشهر الماضية بدءا من وقف برنامج عمرو أديب "القاهرة اليوم" مرورا بإيقاف القنوات الدينية بالجملة وبعضها حتى تم وقفه دون مبررات على الإطلاق مما دعاها لمقاضاة الوزير شخصيا، وصولا إلى أزمة صحيفة الدستور التي لا يمكن فصلها عن الحالة القائمة.
الشهر الأخير شهد أيضا عشرات الإنذارات للعديد من القنوات بينها "Otv" التي رفعت فورا شريط الأخبار، وبرنامج "الحياة اليوم" الذي استنكر بيانا أصدره مجلس القضاء الأعلى حول حلقة انتقدته معتبرا الأمر محاولة لتكميم الأفواه.
لكن الأكثر سخرية في الأمر كان تقريرا للجنة التقييم الإعلامي طال قطاع الأخبار في التليفزيون المصري ورصد في محاولة كاريكاتورية لإظهار الديمقراطية عددا من التجاوزات في برامجها وخاصة "صباح الخير يا مصر"، والأكثر سخرية أن قطاع الأخبار لم يعجبه التقرير وأصدر رئيسه عبد اللطيف المناوي ردا عليه يفند ما ورد فيه.
خلاصة الأمر أن الوزير أنس الفقي قرر تأديب كل الفضائيات التي تقدم برامجا جماهيرية، فإما أن تلتزم المنهج الحكومي ولا تخرج عن الخطوط المرسومة سلفا وإما أن نفتش في ملفاتك وندقق في حلقاتك لنستخرج منها "القطط الفاطسة" لإجبارك على الإعتذار مبدئيا أو على التوقف في النهاية.
ولا يعقل أبدا أن يكون إيقاف "القاهرة اليوم" وإنذار "الحياة اليوم" والإطاحة بإبراهيم عيسى من "Otv" ثم الحالة الغامضة التي يقبع فيها برنامج "العاشرة مساء" حاليا، لا يعقل أن تكون كل تلك الإجراءات أمرا غير مدبرا أو لا يقف وراءه مسئول ربما أكبر من وزير الإعلام نفسه.
شخصيا أعلم أن الوزير يفاخر بأنه استطاع تحجيم القنوات الفضائية قبل الإنتخابات بفترة كافية، وأنه يعتبر قدرته على معاقبة وإنذار المارقين منهم حسب رأي اللجنة التي شكلها نجاحا واسعا، وأنه يعمل في الفترة القادمة على "توضيب" المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي التي يقوم عدد من موظفي مكتبه يوميا برصد ما فيها ورفع تقرير يومي بما ينشر فيها.
نهاية القول أن القادم أسوأ وأننا على وشك الرجوع إلى الخلف سنوات كاملة فيما يخص الحرية الإعلامية في التليفزيون الذي بات الملجأ الأول للجمهور العادي الذي لا يملك رفاهية قراءة الصحف اليومية أو لا يتمكن من فهم ما فيها بعكس حالة الشرح التفصيلي القائمة في البرامج.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق