خاص:
تناقص
عدد الأفلام السينمائية المنتجة في مصر منذ اندلاع الثورة على الرئيس الأسبق حسني
مبارك في يناير 2011 بشكل ملحوظ، لكن الظاهرة الأهم كانت تغير طبيعة تلك الأعمال وموضوعاتها
وغياب النجوم التقليديين عنها.
وشهدت
السينما المصرية في فترات سابقة تناقص عدد الأفلام لأسباب مختلفة، كما شهدت طفرات
وتغيرات عدة كان أخرها في تسعينات القرن الماضي عندما ظهر ما يسمى ب"السينما
الشبابية" لتختفي عدة أجيال سينمائية سيطرت على البطولة لعقود وتظهر أجيال
جديدة باتت الأن في مرحلة منتصف العمر وانتشرت موضوعات أبرزها الكوميديا والأكشن
ومصطلحات أبرزها "السينما النظيفة" التي لا تضم مشاهدا ساخنة.
لكن
العام الأخير 2013 يشهد تطورا مختلفا في طبيعة
الأعمال السينمائية المصرية، ونظرة سريعة لأهم ما عرض في العام الأخير في دور
العرض المصرية أو الأفلام المنتجة التي لم تعرض بعد يؤكد وجود ما يمكن أن يطلق
عليه إصطلاحا "موجة جديدة" الأبرز فيها العودة إلى الواقعية والتركيز
على موضوعات مجتمعية وغياب أفلام الأكشن والتخلي عن نجوم الشباك.
وتتباين الأسباب بين انشغال الجمهور عن السينما بمتابعة
الأخبار وعزوفه عن أفلام الاكشن بسبب ما تعرضه عليه قنوات التليفزيون على مدار
الساعة من أخبار عنيفة ومشاهد دموية بينما غياب النجوم يمكن تفسيره وفق أليات
تجارية بحتة بينها عدم إقبال الجمهور على دور العرض السينمائي لأسباب اقتصادية
وأمنية في الغالب وبالتالي فإن أي منتج لن يغامر بالتعاقد مع نجم كبير يتقاضى أجرا
باهظا خوفا من عدم تحقيق إيرادات تعوض له تلك الأموال التي دفعها للنجم أو النجوم.
والحديث عن عودة السينما المصرية إلى أفلام الواقع
المجتمعي ليس جديدا في الوسط السينمائي المصري حيث غابت تلك النوعية لأكثر من
عقدين تقريبا بعد مجموعة أفلام رائعة قدمها رواد في هذه النوعية بينهم الراحلان
عاطف الطيب ورضوان الكاشف ومعهم محمد خان وخيري بشارة وعلي بدرخان وأخرين.
ولا يمكن بحال انكار أن أفلام من نوعية "هي
فوضى" ليوسف شاهين و"دكان شحاتة" لخالد يوسف و"واحد صفر"
لكاملة أبو ذكري و"بنتين من مصر" و"فبراير الأسود" لمحمد أمين
وغيرها الكثير هي أفلام حديثة تنتمي إلى السينما الواقعية.
لكن أفلام 2013 تختلف كثيرا عن تلك الأفلام الواقعية في زيادة جرعة
الواقع واللجوء إلى الحوار التلقائي والإرتجال أحيانا، والتصوير في مناطق حقيقية
بعيدا عن البلاتوهات المصنوعة، والأهم من كل ذلك التخلص من قيود البطل النجم
والإعتماد على وجوه جديدة أو ممثليين محترفين مغمورين أو نجوم الصف الثاني
والثالث.
ويعد
فيلم "الشتا اللي فات" للمخرج إبراهيم البطوط نموذجا معبرا عن الموجة
السينمائية الجديدة في مصر، فالفيلم شارك في كتابته أربعة مؤلفين هم ياسر نعيم
وحابي سعود وأحمد عامر بالإضافة إلى مخرجه، بينما اشترك في انتاجه عدد من الشركات
المستقلة بينها شركات يملكها بطليه عمرو واكد وصلاح الحنفي ومخرجه إبراهيم البطوط
ويشترك في بطولته فرح يوسف وعدد كبير من الوجوه الجديدة وعدد من صناع السينما
المستقلة الذين عملو في الفيلم بالمجان دعما لصناعه.
وتدور
أحداث الفيلم حول الأيام الأولى للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك من
خلال ثلاث قصص انسانية الأولى لضابط في جهاز مباحث أمن الدولة والثانية لمقدمة برامج
تليفزيونية والثالثة لمهندس كمبيوتر وجميعهم لهم أدوار أو علاقات وثيقة باحداث
الثورة في أيامها الأولى.
فيلم "هرج ومرج" أيضا نموذج مناسب
للتعبير عن الحالة السينمائية الجديدة في مصر حيث أنتجته شركة جديدة تسمى
"ويكا" للإنتاج والتوزيع وهو التجربة الروائية الطويلة الأولى لمخرجته
نادين خان ابنة المخرج الكبير محمد خان والتي كتبت القصة أيضا بينما كتب السيناريو
والحوار محمد ناصر ويقوم بالبطولة مجموعة من ممثلي الصف الثاني والثالث بينهم آيتن
عامر ومحمد فراج ورمزي لينر وصبري عبد المنعم وهاني المتناوي.
وتدور
قصة الفيلم في إطار من الفانتازيا الاجتماعية حول تنافس شابان على حب فتاة داخل
بيئة مجتمعية منغلقة تقتصر الإهتمامات فيها على تلبية الاحتياجات الأساسية
المتمثلة في المتع وتضييع الوقت بما يجعل الشابين يحولان المنافسة على الفتاة إلى
رهان في مباراة لكرة القدم بينهما على أن يتزوجها الفائز منهما ليرصد الفيلم حالة
الخواء المجتمعي التي يعاني منها بعض الشباب في مصر ممن تنحصر إهتماماتهم في كرة
القدم وألعاب الفيديو وكيفية تعاملهم مع التعبير عن مشاعرهم وسط مجتمع يتزايد فيه
الإنغلاق والإنعزال بسبب أسلوب الحياة الذي يعتمد على التقنيات الحديثة ومواقع
التواصل الإجتماعي.
فيلم
"فرش وغطا" للمخرج والمؤلف أحمد عبد الله أيضا نموذج للموجة الجديدة من
الأفلام التي عرضت في 2013، حيث يظهر فيه نجم واحد هو آسر ياسين ويشاركه
البطولة الممثلين الشباب عمرو عابد ومحمد ممدوح وسيف الأسواني ويارا جبران ولطيفة
فهمي، وتم تصويره بالكامل في أماكن حقيقية في منشية ناصر والقاهرة القديمة، وساهمت
في الإنتاج شركة "مشروع" التي قام بتأسيسها مخرج وبطل الفيلم مع أخرين.
وتدور
الأحداث حول أحد المسجونين الهاربين خلال الأيام التي تلت ثورة يناير 2011
وفتح السجون وانهيار الأمن، حيث يقوم السجين الهارب بالتنقل بين عدد من أحياء
القاهرة العشوائية التي تعاني التهميش في كل المجالات.
ويقدم
فيلم "فرش وغطا" تجربة جديدة على السينما المصرية باعتماده على أدنى حد
من الحوار بين شخصياته مع التركيز على الحكي من خلال الصورة، في إطار يدمج الشكلين
الوثائقي والروائي.
وشارك
الفيلم في مهرجانات عدة بينها مهرجان أبوظبي ومهرجان لندن السينمائي ومهرجان
تورنتو السينمائي في كندا وفاز بـجائزة أنتيجون الذهبية لأفضل فيلم روائي في
مهرجان مونبلييه لأفلام البحر المتوسط بفرنسا.
وفي
فيلم "الخروج للنهار" للمخرجة والمؤلفة هالة لطفي الحائز حتى الأن على
أكثر من 10 جوائز دولية يغيب النجوم الكبار
والممثلين المعروفين ويظهر موضوع واقعي وشخصيات واقعية وأماكن واقعية هي البطل
الحقيقي في الفيلم الذي تدور أحداثه حول محنة أسرة فقيرة في أحد أحياء
القاهرة الشعبية حيث الأب قعيد والأم ممرضة وابنتهما تواجه مشكلة في التعبير عن
مشاعرها وأحلامها بعد أن أصبحت في الثلاثين من عمرها ولم تجد شريك العمر.
في
فيلم "عشم" تأليف وإخراج ماجي مرجان، وهو أول تجاربها الروائية الطويلة،
يشارك في البطولة المخرج محمد خان والمخرج المسرحي محمود اللوزي وسلوى محمد علي وعدد
كبير من الوجوه الجديدة الذين كانو مع النص الجيد سببا في حصول الفيلم على الكثير
من الجوائز في مهرجانات دولية بينها مهرجان مالمو في السويد والمهرجان الدولي
لأفلام الشرق في جنييف.
ويقدم
الفيلم 6 قصص متشابكة تدور حول الطموح والإحباط والأمل تحدث على خلفية أحياء مدينة القاهرة المضطربة التي تقبع على حافة التغيير،
والأبطال بينهم باعة متجولون ولصوص وفتيات تبحثن عن العريس وشباب يبحثون عن فرصة
عمل.
وبين
الأفلام التي تم عرضها في 2013 أيضا فيلم "بوسي
كات" للمخرج والمؤلف علاء الشريف والذي أنتجه أيضا على نفقته، ويقوم ببطولته
عدد من الممثلين الشباب وممثلي الصف الثاني والثالث وبينهم راندا البحيرى وإنتصار
وصوفيا وعلاء مرسي وسامي مغاوري وتدور أحداثه في إطار كوميدي حول فتاة تدير محل "كوافير
حريمي" في منطقة شعبية ليرصد أسرار المناطق الشعبية وسكانها ومشكلاتهم وطبيعة
تعاملهم مع الواقع.
وبينما
أنتج فيلم "الخروج من القاهرة" في 2011 إلا أنه لم يحصل على
تصريح بالعرض إلى في نهاية 2013 بعد أن بات اسمه "الخروج" وتم حذف عدد من مشاهده،
والفيلم للمخرج هشام عيسوي الذي اشترك في كتابته مع أمل عفيفي بينما أبطاله محمد
رمضان وميرهان حسين وكمال عطية.
ويقدم
الفيلم واقع يعيشه سكان العاصمة وكثير من المدن المصرية تتعلق بقصة حب تجمع فتاة
قبطية وشاب مسلم في مجتمع يرفض بالكلية هذا النوع من العلاقات بين المنتمين إلى
الديانتين، وبينما تتشابك قصة الحب المحرمة مجتمعيا مع حالة الفقر التي يعيشها
طرفي القصة تنسج قصة أخرى مأساوية عندما يقرر الشاب الفقير السفر إلى الخارج
لتحقيق طموحاته المؤجلة.
وبين
الأفلام المصرية التي تم إنتاجها في 2013 ولم يتم عرضها تجاريا بعد
"المعدية" الذي كتبه محمد رفعت ويخرجه عطية أمين ويشارك في
بطولته التونسية درة وهاني عادل وعزت أبو عوف وأحمد صفوت والأردنية مي سليم، وتدور
أحداثه حول فتاة فقيرة من جزيرة الذهب "إحدى الجزر الفقيرة وسط نيل
القاهرة" التي تعمل في محل كوافير وتتمنى الزواج من شاب لا يملك أموالا
للزواج منها ليناقش الفيلم قضايا العنوسة والبطالة وتحول الشرفاء تحت ضغوط الحاجة
والفقر إلى مجرمين.
وينتظر
أن يتسبب الفيلم الجديد "أسرار عائلية" في أزمة مجتمعية جديدة حيث يناقش
الفيلم الذي لم يعرض بعد قضية الشذوذ الجنسي في المجتمع المصري مما وضعه في قلب
أزمة مع جهاز الرقابة في مصر الذي طلب من صناعه حذف 13 مشهدا من الأحداث التي تم تصويرها
لتعارضها مع قيم المجتمع.
والفيلم الذي كتبه محمد عبد القادر هو أول
إنتاج لشركة الأمل للإنتاج السينمائي ويعد التجربة الإخراجية الطويلة الأولى
لـهاني فوزي، مؤلف فيلمي "بحب السيما" للمخرج أسامة فوزي و"أرض
الأحلام" لـداوود عبد السيد، ويضع على مواده الدعائية عبارة "قصة
حقيقية" ويقوم ببطولته الوجه الجديد محمد مهران بالاشتراك مع سلوى محمد علي وطارق
سليمان وبسنت شوقي وعماد الراهب وأحمد عبد الوهاب.
أما
فيلم " فتاة المصنع" للمخرج الكبير محمد خان وتأليف وسام سليمان فيعد أول
إنتاج لشركة "داي دريم" للإنتاج الفني، التي تشاركها الإنتاج شركتان
حديثتا الظهور أيضا هما "ويكا" و"أفلام ميدل وست"، والفيلم حاز
على دعم سبع مؤسسات منها صندوق إنجاز التابع لـمهرجان دبي السينمائي وصندوق سند
التابع لـمهرجان أبو ظبي السينمائي وصندوق دعم السينما التابع لـوزارة الثقافة
المصرية.
وقام
ببطولة الفيلم ياسمين رئيس وهاني عادل وسلوى خطاب وسلوى محمد علي مع مجموعة من
الوجوه الجديدة، وتدور أحداثه حول فتاة في العشرين تعمل كغيرها من بنات حيها
الفقير في مصنع ملابس، تتفتح روحها ومشاعرها بانجذابها لتجربة حب تعيشها كرحلة
ومغامرة بدون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال
تقاليده البالية والقاسية.
وعلى
نفس المنوال تقدم المخرجة أيتن أمين فيلمها الأول "فيلا 69" الذي كتبه محمد الحاج ومحمود عزت،
وهو إنتاج مشترك بين شركة فيلم كلينك وشركة أفلام ميدل وست كما حصل على دعم من ملتقى
مهرجان القاهرة السينمائي عام 2010 ومنحة تطوير من صندوق
تمويل هوبرت بالس في مهرجان روتردام السينمائي الدولي.
ويقوم
ببطولته خالد أبو النجا وأروى جودة مع الفنانة الكبيرة لبلبة، والذي يقدم عائلة مصرية
تمر بأزمة، من خلال وجهات نظر مختلفة وتدور أحداث الفيلم حول رجل في منتصف العمر
يعيش في عزلة ببيته، ولكن تأتيه شخصيات من ماضيه لتقتحم عزلته ونمط حياته الذي يتغير
بعد وصول شقيقته وابنها، ونتيجة لذلك يتعرض لتحول جذري في نظرته الجامدة للحياة.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق