في
أيام الثورة الأولى أنجبت سيدة في نهاية عقدها الثاني. كان الطفل سليما لكن السيدة
أصيبت بنزيف الولادة، وهو أمر يتوجب معه نقل الدم إليها ووضعها في الرعاية المكثفة
فورا حتى تستعيد عافيتها. نقلتها الأسرة من مستشفى إلى مستشفى وفي كل مكان ينتقلون
إليه يكون رد المدير أو المسئول "عندنا تعليمات من الداخلية إن الرعاية ما
يدخلهاش حد غير الضباط المصابين وتركها فاضية عشان عندهم اصابات كتير". أخت
السيدة كانت في كل مستشفى تعمل خناقة كبيرة لكن في الأخر تاخد أختها وتمشي سعيا لإنقاذها
لأنهم رافضين يكسروا أوامر الداخلية رغم توسلاتها أحيانا وهياجها أحيانا أخرى خوفا
على سلامة شقيقتها. في أخر مستشفى وهي مستشفى خاص غالي قوبلت فيها بنفس الرد
المعتاد "الرعاية للضباط فقط" ماتت السيدة جراء النزيف. وجلس الطبيب
المسئول يبكي بحرقة لأنه حسب قوله لم يستطع انقاذها بتكسير أوامر الشرطة.. فهاجت
عليه شقيقة المريضة وقالت له أنت شريك الشرطة في قتل أختي. وسيحاسبكم الله على
قتلها يوم القيامة.
في
نوفمبر 2011 فوجئ أهالي حي الكيت كات على نيل الجيزة بشاب يطلق ثلاثة رصاصات على
ضابط في كمين مستقر على جانب الطريق. كان مع الضابط أمين شرطة وجنديين فرا فور بدء
إطلاق الرصاص. وكان الشاب يبدو هادئا مركزا في هدفه ولم يوجه سلاحه إلى أحد غير
الضابط الذي يبدو أنه كان يعرفه جيدا. تجمهر الأهالي حول الشاب وكادو يفتكون به
لولا أن هدد الجميع بسلاحه ليحمي نفسه، ثم بدأ يروي لهم قصته بايجاز قائلا أنه من
السويس وأن هذا الضابط كان معاون مباحث في قسم الأربعين وقتل شقيقه الأصغر وأخرين
في أيام ثورة يناير أمام العشرات من المواطنين. وأن المحكمة برأت الضابط من التهمة
والداخلية قامت بنقله الى القاهرة حفاظا على حياته وأنه ظل 7 أشهر يبحث عنه حتى
عرف مكانه وقرر أن يأخذ بثأر شقيقه وأصدقاءه.. الناس في الشارع تأثرت بالقصة
وتركوا الشاب يغادر المكان. بعدها نشرت الصحف خبر مقتل الضابط في مطاردة للصوص في
حي الكيت كات رغم أن نصف سكان الحي يعرفون سر مقتله.
في
سبتمبر 2013 وتحديدا في القاهرة احتكت سيارة شخص من أهالي الحي الشعبي بسيارة ضابط
شرطة. نزل الضابط بكل صلفه وغروره ليعاقب السائق الذي تجرأ واحتك بسيارته، كان
السائق الأخر مراهق في السابعة عشرة في نهاية المرحلة الثانوية لكن له بنية قوية
كونه ينتمي إلى أسرة "معلمين" في سوق الخضار، بدأ الضابط يكيل للفتى
التهديد والوعيد، بينما الفتى يرد بكلمات محدودة مفادها "عربيتك سليمة ولو
على الخدوش أنا أصلحهالك"، لم يعجب ثبات الفتى الباشا الضابط فبدأ يسبه ويسب
أمه وأبوه، فغضب الفتى وطلب منه أن لا يشتم أهله، فزاد هياج الضابط واشتبك مع الفتى
باليدين فما كان من الفتى إلا أن طرحه أرضا. أخرج الضابط سلاحه الميري وأطلق
الرصاص على الفتى فأرداه قتيلا.. تجمع الأهالي الذين يعرفون القتيل وأهله جيدا
وتلقى الضابط علقة موت حقيقية تركته حطام انسان قبل أن ينقذه بعض المتواجدين من
المعلمين الكبار.. مات الفتى وأصبح الضابط هيكل انسان مدمر لن يمكنه العودة لعمله
أو لحياته الطبيعية مجددا، لكن أهل القتيل ظلو يتوعدون ويهددون بقتل الضابط وكل
عائلته ثأرا لابنهم، قبل أن تتدخل قيادات أمنية وشخصيات من المنطقة لإقرار التصالح
بالقوة بعد دفع دية القتيل لأهله.
25
يناير 2014: طفل صغير يعتقله ضابط فيقول الطفل ببراءة أنا مع السيسي حتى يفلته..
وطفل صغير اعتقل ضابط أمه فيجري نحوه ويقول خدني أنا وسيب أمي. وطفل صغير يخرج
أبوه الذي كان يحمله ويلهو معه في الصباح مبتهجا ليعود في المساء جثة هامدة برصاصة
في الرأس من ضابط يفترض أن يحميه ويأمنه.. أعلم أنكم لا تخشون الله ولا ترجون له
وقارا.. لكن ألا تخشون من غضبة هذا الجيل. أظن هؤلاء الأطفال لن يرحمو أحدا في هذا
البلد. الظلم ظلمات والغضب يفقد الانسان العقل والرحمة. اللهم ارحم مصر وأهلها من
أنفسهم.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق