من: سلامة عبد الحميد
انتهت
موقعة محمد محمود مؤقتا بانتصار إرادة
الشعب في ميدان التحرير على القتلة من الشرطة والجيش، وبصعود أرواح طاهرة بريئة
إلى ربها وإصابة عدد كبير من المصريين برصاص دخان الجهاز الأمني الشرطي والعسكري.
انتهت
المعركة وكلنا حزن على من سقطوا صرعى وجرحى، وكلنا غيظ واحتقان متزايد من هؤلاء
العسكريين في الشرطة والجيش الذين اتحدوا ضد المواطنين السلميين في الميدان.
لم
تنته رغم توقف الأزمة حالة الاحتقان بل زادت فبينما كان المطلب الشعبي في البداية
تحديد موعد واضح لرحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، إلا أنها
تطورت بعد سيل الدماء المنهمر إلى ضرورة رحيل المجلس العسكري فجأة ويغالي البعض
وهذا حق أصيل لهم إلى حد محاكمة المجلس بالكامل عن إهدار 10 أشهر من عمر البلاد بلا جدوى وقتل ما يقرب من أربعين مصريا بدم بارد.
تعالو
نسرد الأزمة منذ بدايتها لمجرد التأكيد على العنوان والتذكير بالأحداث التي يحاول
البعض الأن تجهيلها أو تزييفها..
انتهت
الجمعة لطيفة عفيفة مفيهاش مشكلات، يوم السبت صباحا كان في الميدان وبالتحديد في
الصينية أقل من مائتي شخص هم مصابو الثورة وعدد من أهالي الشهداء فوجئوا في
السابعة صباحا بهجوم كثيف من رجال الأمن المركزي الذين ضربوهم وطردوهم واعتقلو
بعضهم في وحشية شاهدتها مصر كلها.. في صحيفة الشروق اليوم الخميس تصريح لمسئول
أمني يقول إن من طلب فض الميدان كان عصام شرف وأن من قام بفضه كان الشرطة العسكرية
وليس الأمن المركزي رغم أن جميعنا شاهد الذي يفض يرتدي ملابس الأمن المركزي..
عموما معظم المتواجدين في الميدان يعلمون جيدا أن عناصر الجيش يرتدون أحيانا ملابس
الشرطة المدنية لتنفيذ مهامهم بدلا منهم أو لينفذوا ولا يلصق الأمر بهم.
امتلأ
الميدان بعد انتشار خبر فضه بالقوة والاعتداء على المصابين وأهالي الشهداء وتراجعت
القوات إلى شارع محمد محمود الذي تم غلقه من جانب الثوار وتحصينه لمنع الهجوم على
الميدان مجددا. لتستمر دفقات القنابل والخرطوش والرصاص المطاطي طيلة اليوم والليلة
ويبدأ سقوط الشهداء والمصابين بالمئات.
الأحد
كان نهاره استكمالا لما جرى طيلة نهار وليل السبت، لكن في المساء وقع حادث جديد
شديد العنف على الميدان، هذه المرة كانت من قوات عسكرية صريحة ترتدي زي الشرطة
العسكرية لكن كل من شارك معنا وبعضهم من عناصر الجيش السابقين أكدوا أنهم ليسو شرطة عسكرية
وإنما قوات خاصة.. يقولون تلات سبعات أو تلات تسعات أو حتى كلونيا تلات خمسات مش مهم.
هجوم
الجيش على الميدان كان أقوى كثيرا من هجوم الشرطة واستخدم فيه كمية من القنابل الدخانية
غير مسبوقة على الاطلاق، ووقع فيه فظائع جعلت الكل يفهم الموقف بلا مواربة.. إنها
حرب ابادة للتحرير ومن فيه.
كل
مصر شاهدت جندي الجيش الذي يجر فتاة مصرية من شعرها ويسحلها على أرض الميدان قبل
أن يخلصها منه شرطي.. ومصر كلها فجعت بمشهد الشرطي الذي يجر جثة على أرض الميدان
ويلقيها على كومة من القمامة.. الكثيرين لم يدققو في المشهد الأخير وإلا لاكتشفو
عددا من الجثث المكومة خلف حاجز الرصيف في المنطقة التي ألقيت فيها جثة شهيد
التحرير على القمامة.
هجوم
الجيش على الميدان مساء الأحد كان وحشيا وكاد ينهي التجمع في الميدان لولا الإصرار
الشديد على العودة الذي كان واضحا من اصرار الشباب على التجمع في اتجاهات عدة
والدخول كقوة هادرة لا يمكن أن يتصدى لها كل قوات الجيش والشرطة الموجودة في
القاهرة كلها.
على
المغرب دخلت الميدان أفواج متجمعة كان أبرزها من شارع طلعت حرب وقصر النيل الذي
شهد معركة أشبه بمعركة 28 يناير، ثم ظهر الألتراس ودخلو بقوة أفزعت كل العسكر خاصة
وأنهم كانو يغنون شعارهم الأثير "مش ناسيين التحرير" ويطلقون الشماريخ
في الهواء ليستقبلهم المواطنون في التحرير استقبال الأبطال المنتصرين.
من
التحرير توجه الألتراس إلى شارع محمد محمود مباشرة، هم قادرون على مواجهة الأمن
المركزي جيدا ولهم معه جولات وصولات انتصروا في معظمها. ولديهم ثأر بايت مع الشرطة
التي اعتدت عليهم مرات عدة.
لابد أيضا أن نرصد مبادرات التهدئة وكنت حاضرا في اثنين منها أولها كان صاحبها الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، حكى لي الرجل القصة كاملة في الميدان قائلا إنه طلب منه من جانب قيادة أمنية التوسط لدى الثوار لوقف الأزمة فطلب لقاء مع القيادات الأمنية وبالفعل ذهب إلى مقر وزارة الداخلية والتقى عدد من القيادات بينهم مدير الأمن وعدد من مساعدي الوزير وأنه فوجئ أيضا بوجود اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية.
اتفق شاهين وفق قوله مع المتواجدين على التهدئة فور توقف الشرطة عن ضرب القنابل وعاد إلى الميدان ليعلن ذلك عبر مكبرات الصوت وبالفعل هدأ الثوار وبدأ بعضهم حتى بالانصراف وكان هذا في الرابعة صباحا تقريبا.
قبل السادسة صباحا بدأ الضرب مجددا وبقوة ووصل داخل الميدان، وفضح مظهر شاهين الداخلية بوضوح قائلا إنهم خانو العهد وكسرو الهدنة وقرروا الاستمرار في قتل المصريين.. لاحظو أن حمدي بدين كان جزءا من اتفاق الهدنة.
عصر الأربعاء قرر مجموعة من شيوخ الأزهر المبادرة بفصل الثوار عن الشرطة حقنا للدماء وبالفعل وصلو إلى الحاجز الفاصل وجرى الاتفاق برعاية الجيش الذي ظهر في كل الموقف طيلة فترة الهدوء.. صلى الشيوخ ومعم مواطنون المغرب في مكان الاتفاق وفي الركعة الأخيرة بدأ التجهيز لخيانة جديدة.. فجأة اختفى الجيش.. فجأة انهمرت القنابل على رؤوس الشيوخ ومن معهم.
طيب.. يقولون أن الثوار كانو يريدون اقتحام وزارة الداخلية من شارع محمد محمود.. اشمعنى من الشارع دا يمكن لأن الهجوم على الميدان في المرتين السبت والأحد كان من خلاله.. لكن من يريد اقتحام المكان يمكنه أن يقتحمه من أي شارع أخر.. منصور أو فهمي أو الشيخ ريحان.. لكن من يريد اقتحام وزارة محصنة لن يلتزم بالطوب فقط. كان يمكن للثوار أن يقتحموا الداخلية باستخدام أدوات أخرى متاحة لو أرادوا وليست الوزارة عصية أبدا على الاقتحام.
عموما
وزارة الداخلية ليست قريبة أبدا من مكان تواجد الثوار في شارع محمد محمود، عموما الشرطة كانت تريد كسر
شوكة الميدان فقط، عموما الجيش كان واقفا يدعم الشرطة في ضرب المتظاهرين، عموما
المجلس العسكري سكت أربعة أيام عن القتل العلني الذي لا يمكن أبدا أن يحدث بدون
أوامر المجلس العسكري وإلا.. تعالو نحلل "وإلا" دي بقى.
استمرار
الشرطة في ضرب المتظاهرين لمدة ثلاثة أيام يعني أن المجلس العسكري أمرها بذلك
بدليل أنه لم يطلب منها وقف الضرب وقد قال اللواء مختار الملا بوضوح في مؤتمر صحفي أن الشرطة مارست حقها في الدفاع عن نفسها وأنه لم يكن يملك أن يطلب منهم عدم الدفاع عن وزارتهم.. وربما يعني أن المجلس لم يأمر وإنما الشرطة
متمردة على أوامر المجلس العسكري.. عموما في الحالة الأولى يكون المجلس قاتل يجب
اعدام أعضاؤه فورا. في الحالة الثانية المجلس فاشل ويجب أيضا محاكمة أعضاه فورا
لأنهم المسئولون عن هذا الوضع.
يا
اخوانا ارحمونا من التهجيص. لا أجد لفظا أنسب منها.. المجلس العسكري والداخلية ايد
واحدة في قتل المصريين.
م الأخر.. الشعب
يريد محاكمة القتلة فورا.....
الصور لصديقي الفنان: سمير عشرة
الصور لصديقي الفنان: سمير عشرة
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق