الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

مصريون يستغلون أمية الانترنت لإنشاء مراكز شعبية لاستخراج بيانات الناخبين أمام اللجان


من: سلامة عبد الحميد=


القاهرة 28 تشرين ثان/ نوفمبر- تجمع عدد كبير من المواطنين من مختلف الأعمار حول شاب في نهاية العشرينيات على مقربة من مقر لجنة انتخابية في اليوم الأول من المرحلة الأولى في انتخابات مجلس الشعب المصري (احدى غرفتي البرلمان) لمعرفة أرقامهم وأماكن لجانهم الانتخابية.
جلس الشاب العشريني على كرسي عادي وأمامه طاولة متواضعة عليها جهاز كمبيوتر محمول "لاب توب" متصل بالإنترنت يفتح دائما الموقع الالكتروني الرسمي للجنة العليا للإنتخابات في مصر الذي تتاح من خلاله معرفة أرقام الناخبين في لجانهم الانتخابية المنتشرة في أنحاء الدوائر.
يدعى الشاب عادل سيد (27 عاما) وهو حاصل على شهادة جامعية من كلية التجارة ويمتلك بالمشاركة مع صديق له مقهى انترنت متواضع في منطقة "الضاهر" التي تقع بين ميداني رمسيس والعباسية في محافظة القاهرة.
قال عادل إنه لاحظ قبل أيام اقبالا واسعا من جانب المواطنين من مختلف الأعمار والمستويات الإجتماعية والثقافية على مقهى الانترنت الخاص به لمعرفة أرقامهم الانتخابية وأماكن لجانهم وأنه كان في البداية يفعل هذا بالمجان لكنه اكتشف أن الأمر يمكنه أن يدر عليه دخلا اضافيا فقرر أن يحوله إلى مهمة عمل مقابل أجر بسيط.
وأضاف: "لدينا خبرة مماثلة تخص استخراج نتائج الشهادات الدراسية على مدار سنوات وأرقام الناخبين ليست مختلفة كثيرا عن نتائج الإمتحان فالناس يريدون معرفتها خاصة هؤلاء الذين لا يمتلكون القدرة على الولوج للإنترنت بأنفسهم أو لا يوجد في عائلاتهم من يفعل لهم ذلك وهم النسبة الأكبر في الحي الذي ينتمي إلى أحياء القاهرة الشعبية في معظمه".
وأوضح أنه كان يتقاضى عن استخراج الرقم للشخص الواحد في مقهاه الالكتروني نصف جنيه مصري (الدولار الأمريكي يوازي 6 جنيهات تقريبا) وهو رقم بخس يستطيع أي شخص عادي دفعه بينما يتقاضى لاستخراج الرقم ومكان اللجنة اليوم أمام المقر الانتخابي جنيها كاملا يدفعه الناس دون اعتراض أو تأفف لأنه يوفر عليهم رحلة عذاب طويلة من البحث عن المكان.
وردا على سؤال حول مشروعية ما يفعله قال عادل سيد إنه يكسب قوتا حلالا من خلال تقديم خدمة للمواطنين دون أن يخل بالقانون أو يتدخل في اختياراتهم لمرشحيهم أو الأحزاب المتنافسة وبالتالي فإن العمل مشروع ويمكن اعتباره مركز خدمة ناخبين شعبي طالما لم توفر الحكومة بديلا له.
التقينا أيضا سعيد الحاج (53 عاما- بائع متجول) الذي حصل لتوه على رقمه في الجدول الانتخابي وعرف مكان لجنته قبل أن يتوجه إلى لجنته للإدلاء بصوته فقال: "مليش في النت (لا أعرف الانترنت) ولابد أن أعرف رقمي ولجنتي عشان (من أجل) التصويت بدلا من اللف على كل اللجان لمعرفة لجنتي والأفضل أدفع جنيها من أن أضيع وقتي لأني أريد التوجه لعملي لكسب قوت يومي".
وتابع: "لم أكن أشارك في الانتخابات قبل ذلك لأني لم أكن أستفيد منها شيئا لأن الناجح كان معروفا مسبقا سواء كانت أصواتنا له أو ضده لكني هذه المرة مهتم أن أعرف نتيجة أول انتخابات بعد الثورة وأن يكون صوتي مؤثرا فيها".
في الجوار أيضا محمد سالم (29 عاما- عامل بناء) ينتظر دوره ليحصل على رقمه ومكان لجنته ويقول: "كان لازم الحكومة تعملنا حاجة (وسيلة) نعرف منها أرقامنا ولجنتنا لأن اللجان في الانتخابات الجديدة تغيرت عن الانتخابات الماضية".
ويستطرد سالم: "صوتت في الانتخابات السابقة وأشهد أنها كانت مزورة تماما لكن أيضا الانتخابات الجديدة مش مفهومة. محدش (لا أحد) عارف طريقة اختيار المرشحين ومعظم المرشحين أصلا مش (غير) معروفين" مضيفا أنه جلس مع عدد من شباب الحي المتعلمين يسألهم عن التصويت والفردي والقائمة ووجدهم غير واثقين مما يقولون وبعضهم يخالف رأيه الأخرين "فما بال غير المتعلمين أمثالي" على حد قوله.
وقال أحد ضباط الشرطة المكلفين بتأمين العملية الانتخابية خارج اللجان "طلب عدم ذكر اسمه": "ليس هناك ضير في قيام أحد المواطنين باستخراج المعلومات الانتخابية للمواطنين مقابل مبلغ من المال طالما أنهم يدفعون دون اكراه وطالما كان بعيدا عن محيط اللجنة ولا يتسبب في تعطيل المرور أو يؤثر في توجيه الناخبين لمرشحين بعينهم".
وأضاف أنه رصد نفس الظاهرة أمام لجان أخرى من خلال اتصاله بزملاء له في نفس الدائرة وأنهم أبلغو قياداتهم بها وأن أحدا من القيادات لم يعترض عليها.
وتجرى الانتخابات المصرية على ثلاثة مراحل بدأت الأولى منها اليوم الاثنين في 9 محافظات هي القاهرة والأسكندرية والسويس وأسيوط والبحر الأحمر والأقصر وكفر الشيخ وبورسعيد على أن تعلن النتائج النهائية للانتخابات بعد المرحلة الثالثة في أذار/ مارس القادم.
وتعد تلك الانتخابات الأولى بعد الثورة المصرية وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم وتستمد أهميتها من كون البرلمان الناتج عنها مسئولا عن اختيار اللجنة التأسيسية للدستور المصري الجديد.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق