كتب:
شريف أبو الفضل
فى
جلسة 13 سبتمبر 2011 استمعت المحكمة لشهادة اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية
السابق، مدير جهاز المخابرات السابق، فى محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه
علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه، المعروفة بـ"محاكمة
القرن".. وهى الشهادة التى كانت المحكمة أصدرت قرارا بسريتها وحظر نشرها
بوسائل الإعلام.
قال
سليمان فى شهادته إن جهاز المخابرات مهمته جمع معلومات عن الخارج، مما يمكن الجهة
السيادية من اتخاذ القرارت، و"بالنسبة للشأن الداخلى فإن هناك هيئة مخابراتية
لتبادل المعلومات مع الجهات الداخلية، مهمتها حماية الأجانب ومقاومة الجاسوسية"،
وأضاف سليمان: طبقا للمعلومات الاقتصادية كان لدينا معلومات بأن الاقتصاد المصرى
لديه خطط مستقبلية للتحسن، لكن ذلك التحسن لا يصل إلى محدودى الدخل، وبالتالى نتجت
بطالة وشكوى مستمرة من ارتفاع الأسعار، وبدأت المطالب تتزايد برفع المرتبات، وظهرت
عناصر مناهضة للنظام تعمل من أجل إثارة الجماهير، وفى عام 2005 كان هناك نشاط
أجنبى مع منظمات غير حكومية فى الساحة، تعمل على إثارة المجتمع المصرى، وظهر
برنامج أمريكى يسمى الديمقراطية والحكم الرشيد.
وتابع
سليمان: تم تخصيص أموال، وكان هناك اتفاق لهذا البرنامج مع الحكومة المصرية، لكن
الطرف الأمريكى خالف الاتفاق وبدأ فى منح بعض هذه المنظمات من وراء ظهر الحكومة،
وعلى ضوء هذا تقدم الجانب المصرى بشكاوى عدة لنظيره الأمريكى، لكنه لم يعرها أى
اهتمام، وبدأ الأمريكان فى تدريب وحشد بعض العناصر للعصيان المدنى والإضرابات
وخلافه، واستمر هذا النمط حتى عام 2010، وحال انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى عهد
مبارك انسحبت القوى السياسية وأصبح مجلس الشعب لا يشكل جميع التيارات، وأدى ذلك
إلى الغضب الشعبى.
وقال
سليمان إنه كان يتم عمل تقارير بشكل شهرى ورفعها لرئاسة الجمهورية عن الحالة
الأمنية والأوضاع فى مصر أو طرحها فى الاجتماعات، وكان مبارك يكلف الحكومة بعمل
التوصيات الواردة فى التقارير.
وعن
أحداث 25 يناير 2011 أكد نائب الرئيس السابق أنه اعتبارا من شهر أكتوبر 2010 رصد
جهاز المخابرات العديد من الاتصالات التى تدور بين الحركات المعارضة وعناصر
خارجية، دارت حول تدريب المصريين على دورات تدريبية لكيفية حشد المتظاهرين،
والاحتجاج ومواجهة الشرطة، من بينها دورة بولندا، وفى غضون يناير الماضى رصد
الجهاز دورة أخرى بالقاهرة لمدة 3 أيام لنفس الهدف، وتوقعنا أن تحدث مظاهرة يوم 25
يناير.
وأضاف
سليمان أنه فى شرم الشيخ، خلال المؤتمر الاقتصادى الذى انتهى فى 9 يناير 2011، طلب
من مبارك ضرورة عقد اجتماع لبحث الموقف، وأنه تبادل معلوماته التى حصل عليها مع
هيئة الأمن القومى ومباحث جهاز أمن الدولة المنحل، مشيرا إلى أن هذا يعد عملا
روتينيا يوميا -على حد وصفه.
ووجهت
المحكمة للواء عمر سليمان سؤالا كان نصه: هل حددت معلومات المخابرات أسباب
التظاهرات وفئات المتظاهرين يوم 25 يناير الماضى؟.. فأجاب: "فى متابعة الجهاز
للفيسبوك تعرفنا على أن المتظاهرين من فئات مختلفة ومعظمهم من حركة كفاية و6
أبريل، وكلنا خالد سعيد، وبعض التيارات السياسية الأخرى، ولكن هذه التظاهرات
تعودنا عليها فى المرات السابقة.
وحدد
سليمان الأشخاص الذين حضروا اجتماع القرية الذكية يوم 20 يناير 2011، وهم الدكتور
أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت، وعدد من رؤساء الأجهزة الأمنية، وحبيب
العادلى وزير الداخلية وقتها، وأنس الفقى وزير الإعلام فى ذلك الوقت، وحضره أيضا
وزير الاتصالات ورئيس المخابرات العامة، وقال للمحكمة إنه طرح وجهة نظره بأن يوم 25
سوف تكون تظاهرات، ولابد من الاستعداد جيدا، وكان لحسن الحظ أن جميع المعلومات
تؤكد عدم مشاركة جماعة الإخوان المسلمون فى التظاهرات، وبالتالى توقعوا أن تمر
كسابقاتها، وأفصح العادلى فى الاجتماع عن بعض المعلومات عن التظاهرات، وقدرة
الشرطة على التصدى لها بالطرق المعتادة، وتحدث وزير الإعلام عن المحطات الأجنبية
وتدخلاتها وكيفية الرد عليها، وتمت دراسة الأمر فى حالة تطوره، وإنه فى حالة
اشتراك الإخوان المسلمون أكد العادلى أنه سوف يجهض هذا بالقبض على عدد من قيادات
الجماعة.
وشهد
سليمان بأن الشرطة كانت تؤمن التظاهرات حتى تمام الساعة الثامنة من مساء يوم 25
يناير، ثم صدرت تعليمات بفض التظاهرات، باستخدام العصى والمصدات وخراطيم المياه،
ومن خلال متابعته للأحدث من يوم 25 حتى 28 يناير الماضى قال إنه فى يومى 26 و27 لم
تكن هناك أحداث جسيمة.
وأضاف
:إنه أثناء متابعة النشاط الفلسطينى "تبين وجود اتصالات بين حركة حماس وبدو
سيناء، وخروج بعض المجموعات من خلال الأنفاق الموجودة بين غزة والحدود المصرية،
وإنه تم الاتفاق على مد البدو بالأسلحة والذخائر، فى مقابل معاونتهم على إخراج
عناصر من حركة حماس من السجون، وكان ذلك تحديدا يوم 27، وبالفعل قام البدو بتهيئة
المناخ لعملية التهريب بضرب نقطة شرطة الشيخ زويد، وضرب عشوائى فى جميع المناطق
المحيطة بالأنفاق عن طريق الأسلحة النارية، حتى لا تقترب الشرطة أو حرس الحدود،
وتمت عمليات التهريب للأسلحة والذخائر والمفرقعات والألغام، وقامت كتائب عز الدين
القسام فى الاتجاه الآخر من الحدود المصرية بنشاط عسكرى حتى لا تتدخل قوات حرس
الحدود".
وشهد
سليمان بأن العادلى أبلغ مبارك بتفاقم الوضع يوم جمعة الغضب، وطلب مساعدته بالقوات
المسلحة، وأنه لم يتوقع أحد هذا الحجم من البشر الذى شارك فى التظاهرات، ولا يمكن
لجهاز الشرطة منفردا أن يقوم بحماية التظاهرات والممتلكات العامة.
وردا
على سؤال للمحكمة حول ما إذا كان الرئيس السابق أصدر أمرا بالتعامل مع المتظاهرين..
قال اللواء عمر سليمان: لم يصدر أمرا، ولا علم لى باتصال حدث من الرئيس بوزير الداخلية،
وطبقا لمعلومات المخابرات فإن قوات فض الشغب لا تتسلح بالأسلحة النارية، وأن
الإصابات التى حدثت للمتظاهرين قد تكون من قوات أخرى غير قوات فض الشغب.
وعن
الخطة التى وضعها للتعامل مع الأحداث، عقب يوم 28 يناير 2011، قال نائب الرئيس
السابق إنه سادت حالة من الانفلات الأمنى، وأكد أنه تعرض لمحاولة اغتيال، ونتيجة
لصعوبة الموقف طلب من مبارك تشكيل لجنة تقصى حقائق، ولم تصل إلى نتيجة حاسمة
لمعرفة قتلة الثوار، وأن سلاح الخرطوش يكون عادة مع جهاز الشرطة، لكن الإصابات
بالسلاح النارى أمر غريب.
وأضاف:
"أعتقد أنه حدث للدفاع عن النفس"، ونفى قدرته على تحديد مسئولية حبيب
العادلى عما حدث، وقال إنه كقارئ للأحداث يرى أن ما حدث فى مصر أكبر من إمكانيات
وقدرات الشرطة، ومن الممكن أن تكون الإصابات والوفيات نتجت عن الفوضى.
وعن
علاقة المخلوع بحسين سالم قال سليمان إن التشجيع على الاستثمار شئ والصداقة شئ
آخر، و"أنا لا أعلم حجم صداقة الرئيس السابق بحسين سالم، لكن كنت أشاهده فى
مناسبات كثيرة بصحبته، وبصفتى مرءوس لمبارك ليس من مهمتى متابعة تصرفاته الشخصية".
وأضاف أنه ليس لديه معلومات استخباراتية عن الفيلات التى منحها سالم لمبارك، لكن
كمعلومات شخصية فإنه كان يعلم أن سالم كان يبنى لمبارك عددا من الفيلات بشرم الشيخ.
وأكد
سليمان في شهادته أنه عقب توليه منصب نائب الرئيس كلفه المتهم الأول –مبارك- بإيجاد
حلول لحماية النظام والبلد، وأن موافقة مبارك على تشكيل لجنة تقصى حقائق دليل على
علمه بالتظاهرات وما حدث فيها، وأنه لم يبد له أى حديث جانبى ينم عن علمه بقتلة
الثوار، وأكد أن أشرطة الفيديو التى تم تقديمها للمحكمة لم تقم المخابرات
بتصويرها، لكنها تخص المتحف المصرى.
ثم
ناقشت المحكمة الشاهد حول تصدير الغاز لإسرائيل، فقال سليمان إن معلوماته عن هذه التهمة
أنه كان اتفاقا بين أنور السادات ومناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل فى ذلك الوقت
والرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر على إمداد مصر لإسرائيل بمواد بترولية فى حدود
2 مليون طن سنويا بالسعر العالمى، وحدث ذلك فى غضون عام 1979 عقب توقيع اتفاقية
السلام، واستمر بيع البترول حتى زاد حجم الاستهلاك المحلى داخل مصر وتناقصت
الكميات المصدرة لإسرائيل، وعلى هذا الأساس حدث اتصال بين شركات البترول المصرية
وشركة كهرباء إسرائيل لإمداد الجانب الإسرائليى بالغاز الطبيعى.
وشهد
نائب الرئيس السابق بأن إسرائيل كانت تسعى إلى التطبيع والتبادل التجارى والهدف هو
الحفاظ على عملية السلام ومصالح مصر القومية والإستراتيجية، وأنه فى عام 2000 تم
عرض تصدير الغاز داخل مجلس الوزراء لمجموعة من دول حوض البحر المتوسط وهى "إسبانيا-
إيطاليا- تركيا- الأردن- إسرائيل- لبنان"، واتفق المجلس على 3 مشروعات منها
تصدير الغاز لإسرائيل، وتقدم رجل الأعمال حسين سالم إلى هيئة الاستثمارلإنشاء
شركات بهدف التصدير، وتمت الموافقة الأمنية.
وقال
إن جهاز المخابرات كان مهتما جدا بتلك المشروعات لأنها تصنع مصالح مشتركة وتدعم
عملية السلام وفرض نفوذ وأغراض أخرى، وأن جهاز المخابرات ظل يتابع الأمر حتى جاءت
الانتفاضة الفلسطينية فى أكتوبر عام 2000 فتوقف المشروع، حتى تمت المصالحة وعاد
الجهاز لدفع المشروع مرة أخرى، وتم توقيع عقد التصدير عام 2005 بين شركة شرق البحر
الأبيض المتوسط والهيئة المصرية العامة للبترول –طرف أول- وشركة كهرباء إسرائيل
كطرف ثان، وتم ضخ الغاز فى عام 2008، وأصدر الرئيس السابق قرارا برفع سعر الغاز
بما لا يقل عن 3 دولار، وذهب سليمان فى مهمة رسمية لإسرائيل وطلب من رئيس الوزراء
الإسرائيلى فى ذلك الوقت تعديل الاتفاقية.
ونفى
الشاهد أن يكون الرئيس مبارك تدخل فى تسعير الغاز أو مطالعته عقد التصدير وقال إن
المختص بهذا هو هيئة فنية متخصصة.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق