الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية قانون العزل السياسي في مصر وببطلان انتخابات ثلث أعضاء مجلس الشعب المصري بما يعنيه من حل للمجلس صدر بناء على حيثيات دستور مبارك الذي أسقطته ثورة يناير وليس بناء على الشرعية الثورية والإعلان الدستوري وقانون الانتخابات الجديد الذي أتى بمجلس شعب في انتخابات تنافسية !!
هو حكمٌ إذاً ببطلان الشرعية الثورية ليحل محلها شرعية دستور علقته الثورة, هو حكمٌ أصدرته محكمة تستمد شرعيتها من مشروعية النظام القديم لا من شرعية الثورة !!
المهزلة لم تتوقف ، كان يفترض بهذه المحكمة وبناء على ذات حيثيات حكمها القاضي بحل مجلس الشعب أن تقضي ببطلان المجلس العسكري ومعه التعديلات الدستورية وما يتمخض عنها من انتخابات رئاسية فكلها تمّت بناء على الإعلان الدستوري لا الدستور المعلق الذي تدين له المحكمة بالولاء وليس للثورة ومشروعيتها ومؤسساتها الثورية !! لكنها أبقت على المجلس العسكري وعلى الانتخابات الرئاسية والتي إن لم تأتي نتائجها وفقاً لما يشتهيه النظام القديم فإن الباب مفتوحا أمام إصدارها حكماً آخر يقضي ببطلان الانتخابات الرئاسية لعدم دستورية التعديلات الدستورية التي أجريت بموجبها هذه الانتخابات .
وعلى ذلك هل يمكن القول أن هذه المحكمة والتي نعجب كيف لم يتم تعليق عملها في اليوم الذي تم فيه تعليق العمل بالدستور – أصدرت حكمها خدمة لاعتبارات وأهداف سياسية انقلابية تسعى لإعادة النظام القديم الذي تعد ركناً ركيناً منه و تستمد منه شرعيتها ومشروعيتها؟
إن لم تفعل قوى الثورة شيئاً مغايراً يحفظ السيادة للشعب والمشروعية للثورة ، فإن الثورة المصرية ستكون على بعد أيام فقط من العودة الكاملة لنظام حسني مبارك بدستوره وأشخاصه ومؤسساته، وفي هذا الوقت الحرج ليس من المجدي الحديث عن من هو المسؤول عن هذا الوضع المرتبك والملتبس الذي آلت إليه الثورة المصرية ، الأجدى من ذلك أن نتحدث عن الإجراء المناسب الذي يتعين على قوى الثورة أن تفعله وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين لإنقاذ الثورة وتحقيق أهدافها ، هذا الإجراء هو ما بحـّـت لأجله أصوات شباب الثورة وقواها طيلة العام والنصف من عمر الثورة لكنه قوبل بتجاهل من قبل الإخوان مثلما قوبل بتآمر من قبل المجلس العسكري ، وهو العودة إلى الشرعية الثورية وتشكيل مجلس رئاسي توافقي أو رئيس يتم التوافق عليه يدير البلاد وفق إعلان دستوري خلال فترة انتقالية محددة يناط بها إنجاز الدستور ومن ثم إقامة الانتخابات التشريعية والرئاسية .
الترتيب على هذا النحو بالغ الأهمية .. منطق الثورة يقول هيئة رئاسية أو رئيس توافقي ، يليه دستور جديد يستفتى عليه ، ولاحقاً انتخابات تشريعية ورئاسية ،حين يتم الترتيب على هذا النحو فساعتها فقط يمكننا القول أننا أمام شرعية ثورية مسنودة بإرادة شعبية غلابة .
هذا الأمر يتطلب انسحاب الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة من الانتخابات والذهاب مع قوى الثورة الى الميادين لفرض الحل الثوري على المجلس العسكري الذي على وشك أن ينقل السلطة بالكامل إلى نظام مبارك ، بدل أن ينقلها إلى الشعب .
ناصحة أقول لأعضاء الإخوان وأنصارهم أن عليهم أن يذهبوا إلى ميدان وساحات التحرير وليس إلى صناديق الاقتراع التي ثاروا عليها وجربوها خلال ثلاثة عقود من حكم المخلوع حسني مبارك، والتي سيديرها اليوم بنفس مؤسسات نظامه وشخوصه .
ألم يأن لإخوان مصر أن يعتصموا بحبل الثورة المتين ويطرحوا أنفسهم كشركاء في الثورة وشركاء في الدولة والقرار بدلاً عن التعلق بقشة الأمل الزائف بأوهام التمكين كحكام لا شريك لهم !!
أيها الإخوان : إن ذهابكم إلى الانتخابات بعد حل مجلس الشعب والانقلاب على الشرعية الثورية خطأ فادح ، فهو فضلاً عن كونه يضعف شعبيتكم ويقلل من فرصكم في بناء شراكة مستقبلية مع بقية القوى الثورية والسياسية فإنه أيضا يعد إقراراً منكم بشرعية المحكمة الدستورية التابعة لمبارك ونظامه وحكمها الصادر اليوم ، وإقراراً منكم ببطلان الشرعية الثورية ، وهو أيضاً مشاركة ديكورية في انتخابات معلومة النتيجة للجميع - إلا أنتم - بـأنها ليست لصالحكم !!.
أيها الإخوان مشفقة ومحبة أقول : لن يكون بإمكانكم النزول للشارع بحجة أن الانتخابات مزورة إذ سيعد ذلك عدم قبول باللعبة الديمقراطية التي شاركتم فيها وانقلاباً عليها، ستجدون أنفسكم خارج شرعية العملية الدستورية الموهومة والتي ارتضيتموها بعد أن أخرجتم أنفسكم من الشرعية الثورية !!
بعد ساعات من صدور الحكم القاضي بحل مجلس الشعب وبطلان عضوية ثلث أعضائه، سمعنا مرشح حزب الحرية والعدالة يدعو المواطنين للتوجه إلى صناديق الاقتراع ، ويحذر في نفس الوقت من ثورة أخرى إذا أعلنت النتيجة لصالح شفيق بحجة التزوير!. إن ثورة كهذه ستكون ثورة إخوانية خالصة نظراً لمحدودية المطالب ونوعية المشاركين، محدودية المطالب المحتجة على تزوير الانتخابات ستحرمها من مسمى ثورة شعبية لتصنف على أنها تمرد على عملية انتخابية أقروا بشرعيتها عبر مشاركتهم فيها إلا أنهم رفضوها حين جاءت النتائج لا تستهويهم ، هذا ما سيقال ولن تجدوا حينها من يدافع عنكم ، كما أن نوعية المشاركين في الثورة المحتجة على التزوير لا المطالبة بمجلس رئاسي انتقالي أو رئيس توافقي ، هذه الثورة ستقتصر على الإخوان فقط فما ثمة ما يدعوا غير الإخوان للمشاركة في احتجاجات على تزوير انتخابات ليس لهم مرشح فيها !
وحتى وإن حدثت المعجزة وفاز مرشحكم فإن الحكم بعدم دستورية هذه الانتخابات من قبل المحكمة الدستورية على غرار ماحدث لمجلس الشعب قابل للتكرار، وحتى لو لم تفعل .. فإن افتقاركم لغطاء مجلس تشريعي وفي ظل فراغ دستوري ينظم الصلاحيات ويحدد المسؤوليات من شأنه أن يجعل من رئيسكم عملياً مجرد رئيس شرفي للمجلس العسكري الذي سيبقى من جهة محتفظاً بمهامه وإعلانه الدستوري ليفعل ما يشاء ، ومن جهة أخرى محتفظاً بمحكمة نظام مبارك الدستورية ليمنعكم من أن تفعلوا ما تشاؤون !!
غير ذلك فإن افتقاركم لغطاء الشراكة في الحكم واستياء أغلب القوى الثورية من أداءكم والتي سينظم إليها بالطبع الفلول وأنصار شفيق سيضاعف ما تعانونه من عزلة، وسيجعل من نزول تلك القوى للمطالبة بإسقاط الرئيس شيء مؤكد وبشكل يومي أو شبه يومي في الميادين والساحات والشوارع ، الأمر الذي من شأنه أن يمنح المبرر الكافي واللازم للجيش بمجلسه العسكري لأن ينزل عند رغبة جماهير ميدان التحرير ويستغني عن خدماتكم كرئيس شرفي تطالب الجماهير بهيئة رئاسية بديلة له , نتائج كل السيناريوهات المحتملة تدعوكم للانسحاب والالتحام بقوى الثورة والتنسيق والتوافق معها بدلاً عن التنسيق والتوافق مع المجلس العسكري بعلم أو بدون علم ، والمراهنة عليها بدل المراهنة على المجلس العسكري بعلم أو بدون علم أيضاً !
أيها الإخوان مشفقة ومحبة أقول : لن يكون بإمكانكم النزول للشارع بحجة أن الانتخابات مزورة إذ سيعد ذلك عدم قبول باللعبة الديمقراطية التي شاركتم فيها وانقلاباً عليها، ستجدون أنفسكم خارج شرعية العملية الدستورية الموهومة والتي ارتضيتموها بعد أن أخرجتم أنفسكم من الشرعية الثورية !!
بعد ساعات من صدور الحكم القاضي بحل مجلس الشعب وبطلان عضوية ثلث أعضائه، سمعنا مرشح حزب الحرية والعدالة يدعو المواطنين للتوجه إلى صناديق الاقتراع ، ويحذر في نفس الوقت من ثورة أخرى إذا أعلنت النتيجة لصالح شفيق بحجة التزوير!. إن ثورة كهذه ستكون ثورة إخوانية خالصة نظراً لمحدودية المطالب ونوعية المشاركين، محدودية المطالب المحتجة على تزوير الانتخابات ستحرمها من مسمى ثورة شعبية لتصنف على أنها تمرد على عملية انتخابية أقروا بشرعيتها عبر مشاركتهم فيها إلا أنهم رفضوها حين جاءت النتائج لا تستهويهم ، هذا ما سيقال ولن تجدوا حينها من يدافع عنكم ، كما أن نوعية المشاركين في الثورة المحتجة على التزوير لا المطالبة بمجلس رئاسي انتقالي أو رئيس توافقي ، هذه الثورة ستقتصر على الإخوان فقط فما ثمة ما يدعوا غير الإخوان للمشاركة في احتجاجات على تزوير انتخابات ليس لهم مرشح فيها !
وحتى وإن حدثت المعجزة وفاز مرشحكم فإن الحكم بعدم دستورية هذه الانتخابات من قبل المحكمة الدستورية على غرار ماحدث لمجلس الشعب قابل للتكرار، وحتى لو لم تفعل .. فإن افتقاركم لغطاء مجلس تشريعي وفي ظل فراغ دستوري ينظم الصلاحيات ويحدد المسؤوليات من شأنه أن يجعل من رئيسكم عملياً مجرد رئيس شرفي للمجلس العسكري الذي سيبقى من جهة محتفظاً بمهامه وإعلانه الدستوري ليفعل ما يشاء ، ومن جهة أخرى محتفظاً بمحكمة نظام مبارك الدستورية ليمنعكم من أن تفعلوا ما تشاؤون !!
غير ذلك فإن افتقاركم لغطاء الشراكة في الحكم واستياء أغلب القوى الثورية من أداءكم والتي سينظم إليها بالطبع الفلول وأنصار شفيق سيضاعف ما تعانونه من عزلة، وسيجعل من نزول تلك القوى للمطالبة بإسقاط الرئيس شيء مؤكد وبشكل يومي أو شبه يومي في الميادين والساحات والشوارع ، الأمر الذي من شأنه أن يمنح المبرر الكافي واللازم للجيش بمجلسه العسكري لأن ينزل عند رغبة جماهير ميدان التحرير ويستغني عن خدماتكم كرئيس شرفي تطالب الجماهير بهيئة رئاسية بديلة له , نتائج كل السيناريوهات المحتملة تدعوكم للانسحاب والالتحام بقوى الثورة والتنسيق والتوافق معها بدلاً عن التنسيق والتوافق مع المجلس العسكري بعلم أو بدون علم ، والمراهنة عليها بدل المراهنة على المجلس العسكري بعلم أو بدون علم أيضاً !
كم سيكون علينا أن نحشد من الأدلة والبراهين لنحث الإخوان المسلمين في مصر إلى ما يتعين عليهم فعله إن لم يكن من أجل الثورة فحفاظاً على الحركة والحزب ، يقولون إن أفضل سبل التعلم ما يأتي عن طريق التجربة والخطأ، فلندعهم يخوضون التجربة، ولن يذهب ماقلناه سدى ، عله يجعل من الدرس بليغاً والعبرة ناصعة !
الحائزة على جائزة نوبل للسلام .
15-يوليو-2012
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق