الثلاثاء، 14 يونيو 2011

"المصري" محمد خان

* سلامة عبد الحميد

يكفيك أن تشاهد فيلم "زوجة رجل مهم" لتكره جهاز أمن الدولة وكل الأجهزة التي كانت مخصصة لحماية الشعب فبات الشعب يطلب الرحمة من الله وحدها مما يفعله فيه العاملون فيها، ويكفي أن تشاهد فيلم "خرج ولم يعد لتكتشف الموهبة المتفجرة التي يمتلكها يحيى الفخراني والجمال الفطري الذي ينطق به جسد ليلى علوي والخبرة التي يفرضها فريد شوقي على الشاشة.



من الصعب جدا أن تتجاهل قيمة أفلام سينمائية بينها "أحلام هند وكامليا" و"سوبر ماركت" اللذان قدما نجلاء فتحي في صورة مغايرة تماما لما كانت عليه قبلهم.
الأفلام الأربعة السابقة جزء من 22 فيلما فقط حملت توقيع المخرج المبدع محمد خان واخترتها تحديدا لكونها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية إلى جانب كونها جزء من التأريخ للمجتمع المصري ضمن ما يوصف نقديا بمرحلة سينما الواقعية التي ضمت مع خان مجموعة من مخرجي جيله بينهم الراحل عاطف الطيب والمبدع خيري بشارة.
الحكاية أني دعيت من أصدقاء أعزاء للمشاركة في حملة تضم سينمائيين ومثقفين مصريين من جميع الأعمار لتوصيل رسالة واضحة من جانبنا لحكومتنا الجديدة مفادها: عار علينا أن يظل محمد خان المصري الأصيل والمبدع الكبير "باكستانيا" لا يحمل الجنسية المصرية.
بالفعل أشعر بالعار الشديد من هذا الموقف المحزن، فبينما العالم كله من شرقه إلى غربه يحتفي بالموهوبين ويسعى لتجنيس الكفاءات حتى لو لم تقدم للدولة شيئا يذكر أو حتى لا تقيم فيها إلى شهرا أو أقل في العام فإن مصر لم تمنح محمد خان حتى الأن جنسيتها رغم أنه ولد فيها لأم مصرية ونشأ وعاش وعمل وأبدع على أرضها.
قال لي المخرج محمد خان مرة إنه يتشرف بحمل الجنسية المصرية، لكني لن أكون مزايدا لو قلت إن مصر هي التي تتشرف بمبدع كبير بقيمة محمد خان، وعدم حصوله على الجنسية حتى الأن أمر مشين يجب أن ينتهي فورا مثل غيره من الأمور الشائنة التي يسعى المصريون إلى القضاء عليها.
شارك مخرج "بنات وسط البلد" و"شقة مصر الجديدة" في عشرات المهرجانات الدولية بأفلامه ممثلا لمصر رغم أنه لا يحمل جنسيتها وفازت أعماله بجوائز احتفت بها مصر لسنوات باعتبارها أعمال مصرية رغم أن الواقع السينمائي يؤكد أنها أفلام باكستانية وفقا لجنسية مخرجها.
كيف سمحت الدولة المصرية لنفسها طوال سنوات عمل محمد خان التي تجاوزت الأربعين في السينما أن نطلق على أفلامه صفة "مصرية" بينما ترفض أن تمنحه جنسيتها؟، إننا أمام إشكالية تنتمي إلى "البلاك كوميدي".
صديق مقرب لا يعرف عن السينما الكثير ضحك كثيرا عندما سمع مني عن حملة منح الجنسية لمحمد خان لأنه لم يكن يعرف أن المخرج الكبير يحمل جنسية أخرى، ثم سألني ببلاهة: هل فعل خان جرما ما نتج عنه سحب الجنسية منه؟ ولما قلت له أنه لم يحمل جنسية البلد الذي عاش وعمل فيه يوما أصابه ذهول شديد وقال "مستحيل".






يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق