ربما أكون متحيزا لمهنتي أو مغاليا في تقدير دور زملائي، لكن هل يستطيع عاقل أن ينكر الدور الذي لعبته وسائل الإعلام بكل أشكالها وتوجهاتها في قيام واستمرار ونجاح الثورات العربية في تحقيق ما يرغب فيه أحرار الشعوب؟.
أظن الأمر بات واضحا ولم يعد بالإمكان إنكار دورنا كصحفيين ودور زملاءنا الإعلاميين في التليفزيون والإذاعة في إزكاء نار الثورات ومنحها الوقود اللازم لاستمرارها من خلال الدعم الشعبي والدولي الذي ما كان يمكن أن يتحقق لولا عرض الإعلام للوقائع والأحداث وتتبعه للأخبار.
وإحقاقا للحق فإن الإعلام التقليدي كان متأخرا خطوات واسعة عن "النيو ميديا" و"السوشيال ميديا" وهما كيانات مستحدثة باتت واقعا ملموسا في العام الأخير وتحولت إلى الراصد الإعلامي الرسمي للثورات في كل الدول العربية بدءا من تونس مرورا بمصر وصولا إلى اليمن وليبيا وسوريا، والبحرين المنسية دوما في حديثنا جميعا عن الثورات العربية.
لا ينكر إلا جاحد أن "النيو ميديا" المتمثلة في شبكات الهاتف الذكية التي تتيح لمستخدميها بث الصور والفيديو على الانترنت لحظيا، و"السوشيال ميديا" المتمثلة في مواقع التواصل مثل "فيس بوك" و"تويتر" ومواقع الفيديو والصور وأشهرها "يوتيوب" كانت خير معين للثورات والثوار, ولا ينكر صحفي أو إعلامي أيضا أنها كانت وسيلته ربما الأولى للتعرف على الأحداث ومتابعة الأخبار وفقا لمصادرها الموثقة بعيدا عن البيانات الرسمية التي كانت في غالبها مضللة ومنحازة وكاذبة.
لكن وكما كانت تلك الوسائل الحديثة معينا للثورا والإعلاميين ومنبرا للرسميين وغيرهم لتوصيل ما يرغبون فيه فإنها أيضا تحولت في أوقات كثيرة، خاصة في الحالة المصرية حاليا، إلى وسيلة لبث الرعب وترويج الأكاذيب من جانب جهات تستخدمها لإظهار الأمور على غير حقيقتها وتوصيل رسائل مقصودة.
المهم الأن أن يكون لدينا الوعي لمعرفة الممكن والمنطقي من الكذب أو المدسوس، وربما أحسنت نقابة الصحفيين عندما عقدت دورة تدريبية خاصة بالسوشيال ميديا وكيفية تعاطي الصحفيين معها، لكن الأمر يحتاج لتعليم الشعب أيضا وهو أمر لا يمكن أن تقوم به نقابات ولا جمعيات.
الدور إذن منوط بوسائل الإعلام الجديدة نفسها لترتيب البيت من الداخل والتفرغ بعض الشيء لتبصير الناس بالكثير من الأمور التي يجهلونها، فجزء أهم من دور النشطاء الإلكترونيين أن يعلمو الأخرين جنبا إلى جنب مع دورهم الهام في توفير الأخبار لهم.
وعلينا جميعا كناشطون في هذا المجال أن نبدأ فورا بالمهمة العاجلة قبل أن تقع المزيد من الكوارث ونفاجأ برقيب مفروض علينا من نظام يحكمنا، على غرار ما هو قائم في وسائل الإعلام التقليدية التي بات الكثير منها ممسوخا ممجوجا بسبب الضغوط والمصالح والقيود المفروضة عليها وعلى ملاكها أو من يديرونها.عافانا الله من تسلط المصالح والضغوط على "النيو ميديا" و"السوشيال ميديا".
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق