الأخبار المتواترة التي تبثها مختلف القنوات الرسمية السورية وغير الرسمية تخبرنا عن عصابات هاجمت بانياس أو درعا أو دوما أو أو إلى آخر ما هنالك من مدن سورية تنتفض.. السؤال الذي يحكم عقلي الآن هو: لماذا يتلازم هجوم العصابات مع قطع الكهرباء والاتصالات بكل أنواعها الخليوية والأرضية والانترنت؟.
ببساطة أفسر الموضوع: لو دخل لص منزلي فإن من مصلحة هذا اللص أن يكون تحت جنح الظلام ولو استطاع سيقوم بقطع الكهرباء حتى يمارس عمله بأمان، ومن مصلحته عدم وجود أي شبكة للاتصال لأنه في حال توفرها سيقوم سكان المنزل باستدعاء الشرطة أما الضحية التي تقبع في المنزل فان أول ما ستفعله لو شعرت بأن هناك لصا هو إضاءة الأنوار ومن ثم التقاط اقرب هاتف لطلب النجدة.. قطع الاتصالات والكهرباء والإنترنت يكون لتسهيل عمل العصابات وليس للحفاظ على الأمن، هذا ما يقوله المنطق ببساطة متناهية ومن دون أدنى شك.
نعود الآن إلى روايات النظام السوري.. العصابات تطلق النار على الجيش، العصابات تقوم بترهيب المواطنين، العصابات تدور بالسيارات وتعبر الشوارع وتقوم بترهيب الأهالي، العصابات تنشر قناصتها على أسطح المباني وتقوم بقنص المتظاهرين لتثير البلبلة، وبما أن النظام السوري ينفي تماما علاقته بالعصابات أو دعمه لها، فإن السؤال الذي يبرز بقوة هو لماذا تترافق حملات العصابات مع انقطاع الكهرباء وكل أنواع الاتصالات؟ هل نعتبر هذا محاولة لحماية العصابات؟ المنطق يقودنا إلى هذا.
وبمزيد من الإبحار في حكمة المنطق.. سنؤمن أن هذه العصابات هي تبعا للروايات الرسمية عصابات فعلية تابعة لأكثر من جهة تتآمر على سوريا.. هل استطاعت هذه العصابات أن تكون بالقوة التي تتحكم بكل الاتصالات الخليوية فتقطعها وتعيدها بمزاجها ووفقا لحملاتها في القتل؟ هل استطاعت هذه العصابات بقوة بطشها أن تصل إلى مولدات الكهرباء لتوقفها متى شاءت وتعيدها متى شاءت؟ هل تستطيع العصابات أن تفعل هذا في بلدنا سوريا؟ هل امتد نفوذها إلى كل شبكات الاتصال والكهرباء؟.
في حالة الجواب "نعم" سأفهم شيئا واحدا يقوله المنطق والعقل: سوريا تحت الاحتلال الكامل، لأن العصابات انتشرت في كل الأماكن ولم يعد هناك مكان يخلو منها.. إذن سوريا الآن تقبع تحت احتلال كبير وضخم وقاهر.. لا نستطيع أن نطلق عليه اسم عصابات؟ لأن الوصول إلى شبكات تتحكم بها الدولة لا يقول سوى هذا.
السؤال الآن: هل هناك عصابات؟!
العصابات في سوريا تتواجد بكثافة شديدة، وكلما صرخ أحدهم مناديا بكلمة الحرية انطلقت عصابة تجري خلفه إما لتعتقله أو لترديه قتيلا أو على أقل تقدير لترهبه وتعيده إلى منزله.. والعصابات كما يبدو تكثف عملها في أماكن المظاهرات المحتجة وتتغاضى بشدة وتعمي عينها تماما عن المظاهرات المؤيدة.
بعد كل هذا (المنطق) أريد أن أحصل على إجابة: هل هناك عصابات في سوريا؟ وما هي ماهية تلك العصابات؟.
* كاتبة وشاعرة سورية
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق